|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() كتاب الحج من العرف الشذي شرح سنن الترمذي تأليف: محمد أنور شاه ابن معظم شاه الكشميري الهندي، وتحقيق: محمود أحمد شاكر، وتدقيق مؤسسة ضحى للنشر والتوزيع*1*كتاب الحج الحج في اللغة: قصد الشيء العظيم الفخيم، قيل: إنه فُرض في السنة السادسة بعد الهجرة، وقيل: في السنة التاسعة، ويرد على أهل المقالة الأولى: < أنه لم يحج حين وجب عليه في السادسة >، ولهم أن يقولوا: لأنه لا يجب الأداء في الفور. *2*باب ما جاء في حرم مكة- الحديث رقم: 809 قال الحجازيون: إن المدينة حرماً مثل حرم مكة، وأما حكم الجزاء في حرم المدينة ؛ فقيل: جزاء صيد مثل جزاء صيد حرم مكة، وقيل: إن الرجل يسلب ثيابه، وقال أبو حنيفة: ليس حرم المدينة مثل حرم مكة، وأما حرم مكة ففيه مسألتان: أحدهما: قطع شجرة حرم مكة، والضابطة عند أبي حنيفة أن لزوم الجزاء إنما هو بقطع شجرة نابتة بنفسها لا منبتة ولا من جنس المنبتة، ولا تكون جافة ولا منكسرة، ولا إذخراً ولا حشيشاً. وثانيتهما: إن الملتجئ بالحرم إن جنى في ما دون النفس في خارج الحرم والتجأ بالحرم فلا يأمنه الحرم لأن الأطراف جارية بمنزلة الأموال فيقتص بخلاف الحدود، كمن سرق ثم التجأ بالحرم، وأما الذي قتل النفس خارج الحرم ثم لجأ إليه فلا يتعرض له ولا يرزق الماء والطعام ليلجأ إلى الخروج، وإن فعل شيئاً من ذلك في الحرم يقام عليه بقتل نفس لا يعيذه الحرم، ويتعرض له حديث الباب لأبي حنيفة في هذه المسألة. ج2ص212 قوله: ( ساعة من نهار إلخ ) في مسند أحمد أن تلك الساعة من الصبح إلى العصر. قوله: ( عادتها حرمتها إلخ ) هذه الحرمة إلى أبد الآباد. قوله: ( عمرو بن سعيد إلخ ) لا يتمسك بقوله هذا فإنه عامل يزيد ويزيد فاسق بلا ريب، وفي شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري: روي عن أحمد بن حنبل أن يزيد كافر، وكان عمرو بن سعيد جمع العساكر ليكرّ على ابن الزبير، معاوناً ليزيد على عبد اللّه بن الزبير وفي تذكرة ابن سعيد هذا أن رجلاً اشتراه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من جده وأعتقه، وكان لهذا المعتق حفيد فدعاه عمرو بن سعيد وسأله: لمن أنت المولى؟ قال: أنا مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقام عليه عمرو بسوطه وضربه ثم دعاه بعد مدة، وسأله كما كان سأل، فأجاب بما كان أجاب، فقام عليه بالسوط فإذا كان حال هذا الرجل هذا فكيف يستدل بقوله. قوله: ( أنا أعلم منك إلخ ) كلامه هذا كاذب لأن أبا شريح يروي خطبته لفظاً لفظاً وأنه صحابي، وكيف يبلغ عمرو بن سعيد مرتبته فلا يمكن الاحتجاج بقوله. قوله: ( عاصياً إلخ ) لم يكن عبد اللّه بن الزبير عاصياً ـ عياذاً بالله ـ ولا فاراً بدم ولا فاراً بخربة، والخربة سرقة الإبل ثم استعمل في الجناية مطلقاً. ج2ص213 *2*باب ما جاء في ثواب الحج والعمرة- الحديث رقم: 810 قال صاحب البحر: إن الحج مكفر السيئات والكبائر أيضاً ظنّاً، الكير الزق، والكور موضع إيقاد الفحم، وقيل: بالعكس، وقيل: لا فرق. قوله: ( الحج المبرور إلخ ) قالوا: إن الحج المبرور هو السالم عن الجنايات. قوله: ( ولم يرفث إلخ ) الكلام الفحش في حضور النسوان. قوله: ( حديث حسن إلخ ) حسَّن الترمذي رحمه الله حديث إبراهيم بن يزيد وهو متكلم فيه عند الأكثر، ولذا قيل: إن تحسين الترمذي ليّن ولعله يحسن الحديث نظراً إلى متابعاته وشواهده، وحديث الباب تنهى عن الفسق في الحج، والحال أن الفسق منهي عنه في كل حال، والوجه أن في الحج زيادة تأكيد في النهي عن الفسق، والفسق الفتق وفي الإصلاح المعاصي. ( ف ) التاء في الراحلة ليست تاء التأنيث بل تاء النقل، وقال ابن قتيبة إمام اللغة وغريب الحديث: إن الراحلة لا يستعمل إلا في الأنثى. *2*باب ما جاء كم فرض الحج- الحديث رقم: 814 اتفقوا على أن الفرض حجة واحدة في العمر. ج2ص214 قوله: ( البختري إلخ ) بفتح الباء وبالخاء المعجمة، وأما البحتري بضم الباء وبالحاء المهملة فشاعر إسلامي مشهور. قوله: ( لو قلت: نعم لوجب إلخ ) وليعلم أن الفرض والحرام يثبت بالحديث أيضاً كما يدل حديث الباب بل يثبتان بالقياس أيضاً، وأما التعريف بأنه ما ثبت بدليل قطعي لا شبهة فيه فهو ما ثبت بالكتاب، وليس هذا تعريف ما ثبت بالحديث أو القياس. ج2ص215 *2*باب ما جاء كم حج النبي - صلّى الله عليه وسلّم -؟- الحديث رقم: 815 حجته بعد الهجرة إلى المدينة واحدة، وأما قبل الهجرة وبعد النبوة فواحدة أيضاً وأما قبل النبوة فالحج ثابتة بدون تعيين العدد، كما يقول صحابي: إن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأيته قبل البعثة قائماً بعرفات حين كنت أطلب ناقة لي فقدت، ولعل عمله هذا كان عملاً بفطرته، فإنه كانت قريش يحجون كل عام، وكانوا يقفون بمبزدلفة ولا يخرجون إلى عرفات، وكان سائر العرب يذهب إلى عرفات. قوله: ( معها عمرة إلخ ) رواية الباب عن جابر تدل صراحة على كونه قارناً وهذا يفيدنا عن قريب. وقوله: ( ثلاثة وستين بدنة إلخ ) وسرُّ هذا ما ذكروا أن عمره كان ثلاثة وستين سنة، وكان علي جاء بسبع وثلاثين إبلاً من اليمن وذبح منها علي ثنتين وثلاثين بدنة، وقيل: إن عمره في ذلك الحين كان ثنتين وثلاثين سنة وخمسة منها ذبحها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان كل إبل تسعى إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليذبحه، وهذا من المعجزات، وفي رواية أبي داود أنه ذبح خمسة إبل، وتعرض المحدثون إلى إعلالها، وعندي لا تعل، بل يقال: إنه ذبح ثلاثة وستين في مجلس، وخمسة في مجلس آخر فلا تنافي. قوله: ( فشرب من مرقها إلخ ) هذا يدل صراحة على أنه كان قارناً لأنه لا يجوز للمُهدي أن يأكل من دم الجناية، ويفيدنا هذا في أن دم القران والتمتع دم شكر، ويجوز له أكله لا دم جبر كما قال الشافعي، وقال: إنه لا يجوز له أن يأكل من دم الجبر. ج2ص216 قوله: ( أربع عمرة إلخ ) ثلاث عمرات كانت في ذي القعدة مع إحرامها وأفعالها، وأما عمرة حجة الوداع فكان إحرامها في ذي القعدة وأفعالها في ذي الحجة. *2*باب ما جاء كم اعتمر النبي - صلّى الله عليه وسلّم -؟- الحديث رقم: 816 خرج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معتمراً عام الحديبية فأحصر عنها فذبح الهدي ثمة وحلق وأحل، ثم قال الأحناف: من أحرم بالعمرة فأحصر يهدي ويذبح ويقضي عاماً مقبلاً، وقال الحجازيون: لا قضاء في العذر السماوي إذا أحصر به، وأما ما مر من الشافعي من أن الحج والعمرة يلزم بالشروع ولو نفلاً فذلك حكمه إذا شرع فيهما، ثم قال العراقيون: إن عمرة القضاء إنما سميت بعمرة القضاء لأنها قضاء ما حل عنها عاماً ماضياً، وقال الحجازيون: إن التسمية بعمرة القضاء إنما هي لوقوع القضاء أي الصلح فيها، فالقضاء بمعنى المصالحة، ويفيدهم ما في البخاري: أنه قاضاهم، إلخ، أي صالحهم. قوله: ( عمرة القصاص إلخ ) الصحيح عمرة القضاء وكانت في السنة السابعة. قوله: ( الجعرانة إلخ ) هذه العمرة وقعت بعد الرجوع من حنين في السنة الثامنة، فالتام من العمرات ثلاثة، ولم يخرج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في السنة التاسعة، بل جعل أبا بكر أمير موسم الحج. ج2ص217 *2*باب ما جاء من أي موضع أحرم النبي - صلّى الله عليه وسلّم - الحديث رقم: 817 واعلم أن حقيقة الإحرام عندنا ليست النية فقط، بل يجب بها مع ضم القول أو الفعل، وهو أن يسوق الهدي هدي القران أو التمتع أو دم الجزاء فإذا لحقه صار محرماً، وأما القول فهي التلبية ولا يجب في التلبية ذكر الحج أو العمرة فإذن يجوز للقارن أن يذكر الحج أو العمرة أو كلاهما لا يذكرهما في تلبية، وليحفظ هذا التعميم فإنه يفيدنا، ثم السنة في صيغة التلبية ما هو في الحديث وهو هذا: < لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك > ويسن الوقف في هذه المواضع الأربعة، ويكفي في التلبية كلُّ ذكرٍ مُشعرٍ بالتعظيم ولا يتأدى به السنة، وأما حقيقة الإحرام عند الشافعية فمترددة فيها ومضطربة لا يمكن تحديدها كما أقرَّ به الشيخ عز الدين بن عبد السلام ملك العلماء الشافعي صاحب الشرح على أبي داود في ثلاثين مجلداً، ثم الحج فرائضه عندنا ثلاثة ؛ وقوف عرفة، والطواف، وهما ركنان، والإحرام وهذا شرط، وأما الواجبات فكثيرة تزيد على عشرين وسائرها سنن وآداب، وأما عند الشافعية فالفرائض خمسة تلك الثلاثة مع وقوف مزدلفة، والسعي بين الصفا والمروة، وأقروا بالواجبات في الحج وأنكروها في الصلاة. قوله: ( أحرم بالبيداء إلخ ) قال العراقيون: يلبي بعد ركعتي الطواف في الفور في ذلك الموضع، وقال الحجازيون: يلبي عند الركوب، والروايات مختلفة، حديث الباب للحجازيين، ولنا ما في الباب عن ابن عمر، ولنا ما في أبي داود ص ( 246 ) قال ابن عباس: أيم اللّه أوجب في مصلاه وأهلَّ حين استقلت به الناقة وأهلَّ حين أشرف على البيداء. إلخ، فحديث ابن عباس يفيد زيادة العلم وهو مثبت، فإن بعض الروايات تدل على أنه لبى في مصلاه، وبعضها على أنه لبى حين ركب الناقة، وبعضها على أنه لبى حين جاء على شرف البيداء فنقول: إنه حين لبى في مصلاه رآه بعض الصحابة، ثم البعض الآخرون حين استقلت الناقة، ثم حين جاء على البيداء، وفي هذا رووه أكثرهم بل جميعهم وقال الواقدي: كان الصحابة قريب سبعين ألفاً، والبيداء موضع مرتفع على ستة أميال من مدينة في طريق مكة، وفي سند حديث الباب خصيف، وهو متكلم فيه، ولعله من رواة الحسان. ج2ص218 قوله: ( الشجرة إلخ ) اسم بالغلبة لذي الحليفة على قريب من ستة أميال من المدينة، وأما اسمها اليوم فبير علي، وليس هذا علي أمير المؤمنين بل هذا علي آخر بدوي. *2*باب ما جاء في إفراد الحج- الحديث رقم: 820 واعلم أن الحج والإحرام على أقسام كثيرة مذكورة في الفقه أحدها العمرة فقط، وثانيها الحج فقط، وثالثها الحج ثم العمرة بعده، وهذه الصورة صورة إفراد الحج، وأما القران فله أيضاً أقسام، والقران أن يحرم للحج والعمرة من الميقات وهذا أعلى، ولو أدخل العمرة على الحج في القران فهو مكروه، وقسم آخر للقران وهو أن يدخل الحج على العمرة، ثم إحرام العمرة وإحلالها يدخلان في إحرام الحج وإحلاله للقارن اتفاقاً، ثم قالت الشافعية بتداخل الأفعال أيضاً، أي تداخل السعي والطواف أيضاً، فلم يبق إلا النية وقالوا: إن تعدد السعي للقارن بدعة، وتعدد السعي للقارن واجب عندنا، وكذلك الطواف ولكنهم لم يحكموا بالبدعة على تعدد الطواف. واختلف في أن عمرة القارن تصح قبل أشهر الحج أم لا؟ والقوي الصحة، وأما المتمتع فيشترط فيه أن تكون العمرة في أشهر الحج، ثم التمتع إما أن يكون بسوق الهدي أو بغيره فإن كان متمتعاً بسوق الهدي فلا يتحلل في الوسط بل يوم النحر، وإن كان متمتعاً بغير سوق الهدي فيستحل بعد أداء أفعال العمرة ثم يهل إهلال الحج، وظاهر الهداية وعامة كتبنا أن التحلل في الوسط واجب، ولكن في مبسوط شيخ الإسلام خواهر زاده أن التحلل لمن لم يسق الهدي جائز لا واجب، وأقسام أخر للحج، وهاهنا معركة الآراء وهو أن التمتع والقران والإفراد كلها عبادات علينا، والخلاف في الأفضلية ج2ص219 فالأفضل عند الشافعي ومالك الإفراد ثم التمتع ثم القران، وقال أحمد: الأفضل التمتع بغير سوق الهدي ثم الإفراد ثم القران، وقال أبو حنيفة: الأفضل القران ثم التمتع ثم الإفراد ثم هاهنا اختلاف في أن الإفراد الفاضل من القران هو الإفراد بالحج محض أو الإفراد بالحج ثم العمرة، ويسمى هذا إفراداً في الاصطلاح، وأما الإفراد الذي يكون فيه الحج والعمرة في سفرين فنص محمد في موطئه على أن هذا الإفراد أفضل من القران، فإنه قال: حجة كوفية وعمرة كوفية أفضل عندنا، ثم لمصنفينا كلام في أن هذا المذكور هو مختار محمد فقط أو هو قول شيخيه أيضاً، ومبنى الاختلاف في الأفضلية الاختلاف في حجته فقال الشافعي ومالك: إنه كان مفرداً. وقال أبو حنيفة: إنه كان قارناً، وقال أحمد بن حنبل: إنه كان قارناً إلا أنه تمنى التمتع بغير سوق الهدي لما في الصحيحين: < لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي >، وأما أتباع الشافعي فقالوا: إنه كان قارنا، مآلاً أي أفرد بالحج أولاً ثم قارن لرد زعم الجاهلية من أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، وسيأتي كلامنا في هذا إن شاء الله تعالى، وإنما قال الشافعية: بأنه كان قارناً لأنه لا يمكن لهم إنكاره بسبب وفور الروايات، وإنما قالوا بالتداخل أي إدخاله العمرة على الحج، والحال أن الروايات الدالة على قرانه آبية عن هذا أشد إباءٍ، والعجب من الحافظ أنه قال بإدخاله العمرة على الحج وقرانه في المآل لا من بدء الإحرام، وأغمض عن كثير من الروايات، ومثل هذا عن مثل هذا الجبال بعيد، ثم للشافعية فيما بينهم اختلاف في أن الإفراد الأفضل على القران هو الحج الواحد أو الحج وبعده العمرة، ولعلهم يفضلون القسم الثاني من الإفراد، ثم حجته مختلفة فيما بين الصحابة فإن بعضهم يقول: إنه كان قارناً، وبعضهم: أنه متمتع، وبعضهم: أنه مفرد، بل اختلف الرواة على صحابي واحد مثل عائشة، فإنها تقول في حديث الباب: إنه أفرد بالحج وفي بعض الروايات عنها تصريح القران أنه اعتمر مع حجته، وكذلك اختلف على جابر وغيره، وأسانيد كلها صحاح وحسان وصنف الطحاوي في حجته أزيد من ورقة كما في منهاج النووي شرح مسلم ص ( 386 ) نقلاً عن القاضي عياض، وتكلم في معاني الآثار في عدة أوراق، وذهل الحافظ في إدراك مراده في معاني الآثار فإنه نسب إلى الطحاوي بأنه قائل بإدخاله العمرة على الحج كما تقول الشافعية، وأقول: إن هذه النسبة خلاف الواقع وخلاف تصريح الطحاوي بأنه كان قارناً من أول الأمر، نعم لكلام الطحاوي قطعتان الأولى في الجمع بين روايات الصحابة في حجته وقال فيه بإدخال، والقطعة الثانية في تحقيق إحرامه في الواقع وصرح في هذه القطعة بأنه كان قارناً من أول الإحرام وبدء الأمر، ثم قال علماء المذاهب الأربعة منهم الشيخ ابن همام والحافظ ابن حجر وابن قيم وبعض الموالك: إن التمتع المذكور في آية { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ } [ البقرة: 196 ] تمتع لغوي أي تحصيل النفع وهو أداء الأمرين في سفر واحد، وهذا أعم من التمتع المصطلح والقران المصطلح، وقال البعض: إن التمتع الذي نسبه بعض الصحابة إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأحاديث أيضاً تمتع لغوي، وفي التفسير المظهري للقاضي ثناء الله ج2ص220 الحنفي رحمه الله صاحب كتاب منار الأحكام في الحديث لبيان المذاهب الأربعة، وطريقه في منار الأحكام طريق المحدثين وهو من الكبار المحققين، اختار أن الأفضل التمتع بغير سوق الهدي ثم القران ثم التمتع بسوق الهدي ثم الإفراد، وظني أن التمتع المذكور في القران لعله مصطلح الفقهاء، وإليه تشير ألفاظ القرآن { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ } [ البقرة: 196 ] إلخ، وأقول في اختلاف روايات الصحابة في حجه أن من قال: إنه كان متمتعاً، فمراده التمتع اللغوي كما قال بعض العلماء، وأما إثبات أنه كان قارناً فعلينا، وذخيرته كثيرة، منها ما مر عن جابر في أول الأبواب، ومنها ما في آخر البخاري تصريح: أنه اعتمر مع حجته إلخ، لا أنه وقع في غير موضع الحج، ومنها ما في تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي الحنبلي عن ستة عشر رجلاً ثقة قال أنس: إني سمعت بأذناي تلبية النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه لبى بحجة وعمرة وكنت آخذ بلجام ناقته، وفي مسلم ( 405 ) عن أنس قال: سمعت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يلبي بالحج والعمرة جميعاً، قال بكر: فحدثت بذلك ابن عمر فقال: لبى بالحج وحده، فلقيت أنساً فحدثته بقول ابن عمر فقال أنس: ما تعدونا إلا صبياناً سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: لبيك عمرة وحجاً، فلا يمكن إنكار قرانه أصلاً، ثم الإفراد الذي رواه بعض الصحابة لا يجب أولاً جوابه بعد إثبات قرانه ولأن القران مثبت والإفراد نفي، والمثبت مقدم على المنفي، وقد روى الزيلعي قرانه عن اثنين وعشرين صحابياً، والرجل قادر على أزيد منهما، فجواب الإفراد منا ليس إلا تبرع، فنقول قال بعض الأحناف: إنه أفرد بالحج، أي شرع الإفراد، لا أنه كان مفرداً بنفسه، وعندي مراد أنه أفرد بالحج أنه اعتمر وحج بإحرام واحد بدون الحلال في الوسط مثل المتمتع بغير سوق الهدي فإنه يحل في الوسط، ولم يحل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثل ما أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهدايا، فاستنكر الصحابة أن يحلوا أو يروحون إلى منى ومذاكيرهم تقطر منياً، ووجه استنكاف الصحابة سيأتي عن قريب، ويمكن أن يقال في أنه أفرد بالحج وتمتع بالحج وقارن: بأن اختلاف الصحابة ليس في إحرامه بل الإحرام كان إحرام القارن وإنما اختلافهم في تلبية النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أي لفظها أنه ذكر لفظ الحج أما الحج والعمرة أو غيرهما، لمولانا هاهنا لطيفة، وهو أن الشافعية قالوا في رواية سراقة بن مالك: < إن العمرة دخلت في الحج إلخ > إن المراد به أن أفعال العمرة دخلت في أفعال الحج فينبغي لنا أن نقول في أفرد بالحج إلخ: إنه جعل الحج والعمرة مفرداً مفرداً، وهاهنا شيء آخر وهو أن ابن الهمام كان يقول: إن المكي لا يجوز له العمرة في أشهر الحج، أراد الحج من عامه أم لا؟ وهذا خلاف الأحناف فإنهم يقولون: إن من أراد الحج من أهل مكة لا يجوز له العمرة في أشهر الحج، ولا يجوز للآفاقي في خمسة أيام وهي التاسع والعاشر الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، وذكر بحثه في فتح القدير، ودعواه أن زعم عدم جواز العمرة في أشهر الحج لم يكن محض زعم الجاهلية بل كان ملة إبراهيم ثم صار جائزاً في الشريعة الغرّاء للآفاقي، وأما المكي فالنهي في حقه باق فإنه لا يجوز له القران والتمتع، ثم في هوامش فتح القدير أنه رجع عن تحقيقه هذا بعد خمسة وثلاثين سنة، ثم هذه الحاشية في كتب هذا العصر في بعض النسخ (ج2ص221) مفقودة، وفي بعضها في الهوامش كما كانت، وفي بعضها في حوض الكتاب ثم تردد ابن الهمام في التمتع والقران للمكي أنهما غير جائزان فقط أو باطلان أيضاً، وقال ابن عابدين: إن القران صحيح ومكروه تحريماً والتمتع باطل، أقول: الصواب إلى ابن عابدين فإن الوجه يساعده، وهو أن الإلمام الصحيح مبطل للتمتع لا للقران، وقال الشافعي: إن المكي يجوز له القران والتمتع ولكنه لا دم عليه، واختلف الشافعي وأبو حنيفة في تفسير آية: { ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَام } [ البقرة: 169 ] إلخ، قال الشافعي: إن المشار إليه بذلك هو الدم، وقال أبو حنيفة: إن المشار إليه القران والتمتع. قوله: ( عن عائشة إلخ ) روت عائشة إفراد الحج وفي بعض الروايات عنها أنه أهل بالعمرة والحج. قوله: ( وفي الباب عن جابر إلخ ) روى جابر في حديث الباب أنه أفرد بالحج، وقد روى في باب كم حج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ أنه أهل بالعمرة والحج، إلا أن البخاري صوب إرساله ولا يضرنا، وما حسنه الترمذي مع أن رجاله ثقات، وأما ابن عمر فروى الإفراد هاهنا وصرح في مسلم والبخاري أنه كان متمتعاً، وأيضاً روى ابن عمر أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وعمر وعثمان أفردوا بالحج إلخ. ج2ص222 *2*باب ما جاء في التمتع- الحديث رقم: 822 قال أكثر العلماء: إن التمتع المذكور في القرآن تمتع لغوي لا اصطلاحي، وظني أنه أيضاً اصطلاحي. قوله: ( صنعها رسول الله إلخ ) من قال بأفضلية التمتع استدل بحديث الباب، وادعى أنه حل في الوسط، وأقول: لا مسكة لهذا القائل أصلاً إلا ما في النسائي رواية، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما حلقه في منى، وأيضا كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد ساق الهدي فكيف يحل في الوسط فما في حديث الباب من التمتع قيل: إنه أجاز التمتع، وقيل: إن المراد بالتمتع التمتع اللغوي. قوله: ( نهى أبي إلخ ) ثبت نهي عمر وعثمان عن القِران والتمتع، وتمسك به الشافعية على أفضلية الإفراد، وحمل النووي النهي على الكراهة تنزيهاً، ولعله أراد المفضولية لأن الأقسام الثلاثة للحج عبادات عظمى إجماعاً، ثم أجاب الحنفية عن نهي عمر كما أجاب الطحاوي لكنه لم يبحث عن نهي عثمان، وأما عامة الأحناف فأجابوا عن نهي عمر إجمالاً ويجب التفصيل في الجواب عن نهيه عن القران والتمتع، فأقول: إن مشار النهي عن القران ليس ما زعموا بل غرضه أن يسافروا إلى بيت الله مرتين فالأفضل من القران الإفراد الذي في سفرين ولا يخالفنا هذا لأنه قد نص محمد في موطئه أن حجة كوفية وعمرة كوفية أفضل عندنا، وأما دليل أن مطمح نظر عمر تعدد السفر فما أخرجه الطحاوي ص ( 375 ) قال عمر: < افصلوا بين حجكم وعمرتكم > إلخ، وفيه قال عمر: < أتموا الحج والعمرة لِلّه > إلخ أي الإتمام أن يكون الحج والعمرة في سفرين، وأقول: إن عمر بن الخطاب يقول بأفضلية القران فإنه يتمناه كما في معاني الآثار ص ( 375 ) بسندين عن ابن عباس. قال: قال عمر: لو اعتمرت في عام مرتين ثم حججت لجعلتها مع حجتي إلخ، وفي السند الأول سليمان بن شعيب وهو الكيساني ووثقه ابن يونس والسمعاني، وأما نهي عمر عن التمتع ففي مسلم: أنه كان لا يرضى الحل في الوسط، فمنشأ النهي عدم الرضاء بالحل في الوسط، وقال الأئمة الثلاثة: إن الحل في الوسط للمفرد الذي لم يسق الهدي كان خاصاً بعهده ولا يجوز لغيره، وقال أحمد: يجوز الحل في الوسط الآن أيضاً، وقال ابن تيمية: إن التحلل في الوسط واجب ويكون جبراً من جانب الشارع من حين يرى بيت الله طاف ونسبه إلى ابن عباس أيضاً، وأقول: إن منشأ نهي عمر عن التمتع هو وجه إنكار الصحابة من الحل في الوسط كما قالوا: نروح إلى منى ومذاكيرنا تقطر منياً، وأحبوا أن يتمادوا في العبادة أي الإحرام، وزعموا أن أمره بالتحلل (ج2ص223) إنما هو إبقاءً علينا، وزعم الزاعمون كافة أن وجه إنكار الصحابة من الحل في الوسط كان زعم الجاهلية من أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، ولم أر أحداً عدل عن هذا الوجه، ولكني أقول: إن هذا الوجه لا يلصق فإنه كان الصحابة قد اعتمروا قبل هذه الحجة ثلاث عمرات الحج أي ذي القعدة وما أنكر أحدهم على تلك العمرات فليس باعث استنكاف الصحابة من الإحلال إلا أنهم أحبوا التمادي في حال الإحرام، ولم يرضوا بالحل في الوسط، وقالوا: نذهب إلى منى ومذاكيرنا تقطر منياً، وأما نهي عثمان فوجهه لم أجده بالروايات إلا ما في مسند أحمد، هذا والله أعلم. قوله: ( ليث إلخ ) أي ابن أبي سليم وهو راوي حديث: < من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة > في معاني الآثار ص ( 128 )، وحسن له الترمذي، ومسلم في المقدمة عده من رواة الحسان، ثم أقول: الحق أنه من رواة الحسان. قوله: ( تمتع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وعمر إلخ ) روى ابن عباس هاهنا: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبا بكر وعمر تمتعوا، وروى ابن عمر سابقاً أنهم أفردوا بالحج. قوله: ( معاوية إلخ ) قد ثبت النهي عن عمر وعثمان أيضاً. ج2ص224 قوله: ( دم استيسر إلخ ) قال الشافعي: إن دم التمتع والقران دم جبر أي جبر ما فاته من إفراد الإحرام فلا يجوز له أن يأكل منه، وقال أبو حنيفة: إنه دم شكر فيجوز له أكله، ونقول: قد ثبت أكله. قوله: ( في الحج إلخ ) يستحب الصوم عندنا يوم السابع والثامن والتاسع لمن لم يجد الهدي، ولو تأخر عن التاسع فتحتم الدم. قوله: ( إذا رجع إلخ ) قال أبو حنيفة: إنه كناية من الفراغ عن الحج، وقال الشافعي: لا كناية بل يعمل بظاهره. ( تتمة ): إن لي إشكالاً في آية: { ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَام } [ البقرة: 196 ] إلخ على ما قال الأحناف من أنها للنهي عن التمتع والقران للمكي بأن مشار النهي إما العمرة في أشهر الحج أي عدم جوازها في أشهر الحج فصار المآل ما قال الشيخ ابن الهمام ثم رجع عنه، وذلك خلاف جميع الأحناف وإما مشار النهي ضم الحج والعمرة في السفر والإحرام فدل على أفضلية الإفراد، وهذا أيضاً يخالفنا في أفضلية القران، والإشكال قوي ولم يذكره أحد من الأحناف؟ وأما الجواب فليس بذلك القوي وهو أن مشار النهي غير هذين الأمرين وهو أن المرضي ومطمح النظر تحقيق السفرين فلا إيراد، وإن قيل: إن الإفراد الذي يكون فيه الحج ثم العمرة يجب أن يكون أفضل من القران في سفر لأن في القران أتى المحرم بشيئين أي الحج والعمرة من ميقات واحد، وأما في هذا الإفراد فأتى بمزية أي تعدد الميقات لأنه أحرم للحج من الميقات التي له، وأحرم للعمرة من خارج مكة فإذا تعدد الميقات فيفضل على الذي ميقاته واحد، قلت: إن المفرد بهذا الإفراد اعتمر بعمرة هي في قدرته ومكنته، وليست بلازمة من جانب الشريعة، وأما القارن فالعمرة عليه واجبة لا في مكنته فما يكون لازماً من جانب الشارع يكون أفضل. ج2ص225 *2*باب ما جاء في التلبية- الحديث رقم: 825 الوقف في أربعة مواضع في ألفاظ التلبية مستحب، ويسن الجهر بالتلبية لهم لا لهنّ. قوله: ( لبيك إلخ ) هذا مفعول مطلق يجب حذف عامله لضابطة ذكرها الرضي وذكرناها في ابتداء الكتاب تحت < غفرانك > إلخ، وتقدير العبارة هكذا: ألب، لك إلباباً بعد إلباب، والمثنى للتكرار كما صرح النحاة، ومثل هذا قال السيوطي في آية { ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ } [ الملك: 4 ] أي كرة بعد كرة، وكذلك في آية: { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } [ قّ: 24 ] إلخ أي ألق ألق. قوله: ( الحمد إلخ ) ذكر في الهداية: قال أبو حنيفة: < أن الحمد > بفتح الهمزة وكنت متحيراً في أن المستحسن ذوقاً هو كسر < إن > كما قال محمد، فاستقريت حتى أن رأيت في الكشاف رواية الكسر أيضاً عن أبي حنيفة. ( زائدة ): ذكر في دلائل الإعجاز أن شاعراً قرأ قصيدته على آخر وكان فيها: ~ بَكِّرا صاحبيَّ قبل الهجير... إن ذاك النجاح في التكبير فقال: ينبغي في المصراع الثاني: بكراً فالنجاح في التكبير، فقال الشاعر: إنك بليد وحشي. ج2ص226 قوله: ( وكان يزيد في التلبية إلخ ) في الكنز: إن من أراد الزيادة في التلبية يزيد في عجزها آخرها لا في وسطها، وليكن هذه الضابطة في كل من الأدعية المأثورة، والأَوْلى الاقتصار على ما هو مأثور، فإن الروح في المسنون، قال الفقهاء: إن المحرم يكثر التلبية مهما أمكن، ويختمها الحاج عند رمي الجمار، ويختمها المعتمر عند استلام الحجر. ج2ص227 *2*باب ما جاء في الاغتسال عند الإحرام- الحديث رقم: 830 يسن الغسل عند الإحرام ولكنه ليس للتطهير بل للتنظيف، وفرعوا على هذا أن الحائضة تغتسل للتنظيف ولا تطهر به. ج2ص228 يتبع
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() *2*باب ما جاء في مواقيت الإحرام للآفاقي- الحديث رقم: 831 قال الحنفية: إن خمسة مواقيت مرفوعات مع ذات عرق العراقيين وهي خامسة، وكانت حملت في عهده ثم أعلن بها عمر، وقال الشافعية: إن ابتداءها من عمر لا منه، وأبعد المواقيت ميقات المدنيين ذو الحليفة، وأقربها ذات عرق للعراقيين وهذه المواقيت لمن مر عليها، ومن مرّ بين الميقاتين يحرم من محاذاة أبعدهما، ولو مرَّ بلا إحرام يجوز، ولا يجوز المرور بلا إحرام من أقربهما إلى مكة، ولو تجاوز بلا إحرام يكون جانياً، وقال محمد في موطئه ص ( 194 ): وقد رخص لأهل المدينة أن يحرموا من الجحفة إلخ، وهذه الميقات أقرب إلى مكة من ذي الحليفة، ثم أتى محمد بمرفوع على هذا وهذه المسألة لم أجدها في غير الموطأ من كتب الأحناف إلا أنه قال صاحب البحر: سألني ابن حجر المكي الشافعي: من مر بين الميقاتين من أي موضع يحرم؟ فقلت: إنه يقدّر بأقربهما ولا يتجاوز من مسافة المرحلتين من مكة لأن أقرب المواقيت ذات عرق على مرحلتين، ثم قال أبو حنيفة: من مرَّ على الميقات مريداً مكة يجب عليه الإحرام أراد الحج أو العمرة أو لا إلا الحطابين أو الحشاشين، وقال الشافعي: لا يجب الإحرام إلا على من يريد أحدهما، وقَرْنُ المنازل بسكون الراء وأخطأ الجوهري حيث قال: إن قرن المنازل بفتح الراء. قوله: ( لأهل المشرق العقيق إلخ ) هذه الميقات عند ذات عرق، وبين ذات عرق وعقيق جبل فاصل، وهذا عقيق غير وادي عقيق على ستة أميال من المدينة. ج2ص229 *2*باب ما جاء ما لا يحرم لبسه للمحرم- الحديث رقم: 833 مذهب الحنفية أنه لا يجوز لبس الثوب المخيط الذي يتمسك على البدن بلا الشد، وأما غرز الشوكة في الإزار فجائز، ويجوز ضم القطعتين في الإزار والرداء، ذكره الشيخ رحمة الله السندهي في لباب المناسك وكتاب المنسك الكبير. قوله: ( القميص إلخ ) القميص ما يكون شقه على الصدر، والدرع ما يكون شقه على الكتفين، ذكره في فتح القدير من التفقه. قوله: ( السراويلات ) معرب شلوار، والبرانس جمع برنس الجبة التي يستر به الرأس أيضاً، والسراويل لم يكن في العرب بل جاء من الإيران، أثبت المحدثون اشتراءه السراويل وما أثبتوا لبسه. قوله: ( الخفين إلخ ) قطع الخفين واجب عند الثلاثة، وقال أحمد: إنه مستحب وتمسك بما روى ابن عباس في حديث الباب فإن القطع ليس بمذكور فيه، وقال الجمهور: إنه ساكت ثم قال الثلاثة: من وجد السراويل ولا إزار له يجوز له لبسه، وقال أبو حنيفة: لا يجوز إلا بعد فتقه، ولم أجد هذه مسألة أبي حنيفة إلا في معاني الآثار، ولعله قاس أبو حنيفة السراويل على الخفين، وظني أن من وجد السراويل الذي لا يمكن الإزار منه بعد فتقه يجوز له لبسه وتلزم الجناية. قوله: ( مسه الزعفران إلخ ) مناط النهي عندنا في الإحرام الريح أي الطيب، وفي الإحداد اللون. قوله: ( متنقب المرأة إلخ ) يجوز لها النقاب الذي لا يمس وجهاً، وأما القفازان فيجوزان عندنا مع الكراهة ويحمل حديث الباب على الكراهة، وأيضاً قطعة < ولا تنقب المرأة > إلخ مندرجة من ابن عمر وأشار إليه البخاري. ج2ص230 *2*باب ما جاء في الذي يحرم وعليه قميص وجبّة- الحديث رقم: 835 في رواية في الطحاوي أن المحرم إذا أحرم وكان لبس القميص فلا يخرجه بل يشقه ويخرقه فإنه لو أخرجه من جانب رأسه يستر رأسه ويصير جانياً ثم أعلها الطحاوي. قوله: ( أعرابي إلخ ) وهو يعلى بن أمية، ويقال: يعلى بن منية ج2ص231 *2*باب ما يقتل المحرم من الدواب- الحديث رقم: 837 قوله: ( خمس فواسق إلخ ) بالإضافة أو الرفع مع التنوين، وقال ابن دقيق: إن بين التركيبين فرقاً فإن فك الإضافة تبادر التعليل بالفسق لا تبادر المفهوم، وفي الإضافة تبادر المفهوم ثم في بعض الروايات < ستة > وفي بعضها < سبعة >، والمذكور في حديث الباب ثلاثة أنواع أي حشرات الأرض، وسباع الطيور، والدواب، ونقح الشافعي المناط، وقال: إن المناط كون الحيوان غير مأكول اللحم فلا شيء في قتل حيوان مما لا يؤكل لحمه، وقال مالك: مناط الحكم كونه سبعاً عادياً، ونقح أبو حنيفة في بعض الأجزاء أي في الفأرة والعقرب، وجوز قتل كل من حشرات الأرض، ثم الظاهر أن مناط مالك أرجح من مناط الشافعي فإن الإيذاء في هذه المذكورات معروف بخلاف عدم مأكولية اللحم فإنه غير معروف في هذه الخمسة، ويؤيد مالكاً رواية العادي الثانية في الباب، ونسب أرباب الأصول إلى صاحب الهداية أنه قائل بمفهوم العدد، ومنشأ النسبة هذا المقام الذي ذكر فيه < خمس فواسق >. إلخ ولعله اعتبره في هذا الموضع لا أنه أخذه في كل موضع. ( اطلاع ) في كتبنا أكثرها لو ابتدأ السبع بالصولة على المحرم فقتله المحرم لا شيء عليه، ولو ابتدأ المحرم بقتل السبع فعليه جزاء ولا يجاوز الشاة، والغراب عندنا المراد به الأبقع لصراحته في النسائي وابن ماجه، والغراب في كتبنا أنه على ثلاثة أقسام: أحدها: الذي يأكل الحبوب فقط وهو حلال اتفاقاً. والثاني: الذي يأكل الجيف فقط وهو حرام اتفاقاً. والثالث: هو الذي يخلط بين أكلهما وهو مكروه عند أبي يوسف وحلال عندهما. قوله: ( الكلب العقور إلخ ) قال ابن الهمام: إن مدلول لفظ الحديث ومراده الكلب الوحشي وإن دخل الإنسي في حكمه، وقال: إن المحرم منهي عنه عن الصيد والإنسي ليس بصيد والمتبادر من لفظ الكلب الإنسي وإن دخل في حكمه الوحشي، وفي البداية قال أبو يوسف: من قتل الذئب لا شيء عليه، وعندي أنه ليس بتنقيح المناط بل يلحقه الذئب لأنه أيضاً عقور ويشبهه في الصوت والهيأة، وفي الهداية قال زفر: الأسد مثل الكلب، أقول: لم ينقح المناط بل جعله من مصداق الكلب، ومن شواهده أنه دعا على رجل: ( باللهم سلط عليه كلباً ) فأكله أسد. ج2ص232 *2*باب ما جاء في الحجامة للمحرم- الحديث رقم: 839 إن اضطر إلى حلق الشعر عند الحجامة فكفارة وإلا فلا شيء، وفائدة العذر رفع المعصية، وثبت احتجامه في حجة الوداع كما صرح به الشافعي، والله أعلم. *2*باب ما جاء في كراهية تزويج المحرم- الحديث رقم: 840 قال الثلاثة: نكاح المحرم باطل، وقال أبو حنيفة: نكاحه صحيح والوطئ ودواعيه منهية عنها، والإنكاح صحيح عندنا وعندهم، وحديث الطرفين صحيح إلا أن حديثنا أعلى سنداً، فإنه أخرجه البخاري واختاره وأخرجه مسلم، وأما حديثهم فأخرجه مسلم لا البخاري، والواقعة واقعة نكاح ميمونة خالة ابن عباس ويزيد بن الأصم وخالد بن وليد. ج2ص233 قوله: ( ينكح وينكح إلخ ) أحدهما مجرد والآخر مزيد وكلاهما معلومان وحملناه على الكراهة، فإن الحجازيين أيضاً قائلون بجواز الإنكاح المذكور في حديث الباب ثم أجرى الطرفان باب المقائيس ولكن كلامنا في النص، وتمسك الحجازيون بحديث أبي رافع ويزيد بن الأصم فنقول: أولاً: إن حديث أبي رافع مختلف في إسناده وانقطاعه، وأما ثانياً: فسيأتي جوابه في الباب اللاحق، وأما حديث يزيد فنقول: إنه مضطرب فإن في بعض الروايات رواية من ميمونة قالت: نكحني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو حلال، وفي بعضها أنه يقول من جانبه فإن كان من جانبه فلا يصلح لمعارضة ابن عباس سيما حديث الصحيحين، وإن كان يروي عن ميمونة فسيأتي جوابه في الباب اللاحق. ج2ص234 *2*باب ما جاء في الرخصة في ذلك- الحديث رقم: 842 حديث الباب للعراقيين، وتأول فيه الشافعية فقال الترمذي: إنه أرسل أبا رافع إلى ميمونة في مكة للخطبة، ثم نكحها في طريق مكة بالوكالة والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حلال بحل قبل الإحرام ثم فشا أمر تزوجه وهو محرم، أقول: يلزم عليه قول أنه تجاوز عن الميقات بلا إحرام وهو يريد الحج لأن في الروايات أنه نكح بسرف وهو بين مكة وذي الحليفة، فقالوا: إن توقيت المواقيت كان في حجة الوداع وواقعة نكاح ميمونة في السنة السابعة في عمرة القضاء، أقول: إن تصريح الراوي في البخاري ص ( 600 ) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قلد وأشعر وأحرم من ذي الحليفة في عام الحديبية، وهو قبل عام عمرة القضاء يخالفهم، فكيف يقول الشافعية بأن توقيتها في حجة الوداع؟ ثم عارض الأحناف الشافعية بأنا نقول بعكس ما قلتم أي نكح وهو محرم وظهر أمر تزوجه وهو حلال، وقال ابن حبان في توجيه حديثنا: بأنه نكح وهو حلال أي بحل بعد الإحرام وكان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - داخل الحرم فالمحرم بمعنى داخل الحرم مثل أعرق وأشأم وأيمن أي ذهب إلى العراق والشام واليمن، وقال: إن هذه المحاورة صحيحة وأتى عليه بشاهد من الأشعار: ~ قتلوا ابن عفان الخليفة محرماً... فدعا فلم أر مثله مخذولاً وقال: إن عثمان لم يكن في الإحرام بل في حرم المدينة، أقول: لا ينحصر المحرم في هذا المعنى بل بمعنى ذي حرمة ؛ أي قتلوه بغير وجه وسفكوا دماً ذا حرمة كما في: ~ قتلوا كسرى بليل محرماً... فتولى لم يمتّع بالكفن ويدل على ما قلت ما في تاريخ الخطيب البغدادي أن في مجلس الرشيد اجتمع الكسائي والأصمعي وجرى الكلام في: ~ قتلوا ابن عفان الخليفة محرماً... فقال الكسائي: إنه بمعنى الداخل في حرم مدينة، قال الأصمي: إنك لا تدري، بل معناه قتلوه وهو ذو دمٍ محقون ذي حرمة، وأتى بشعر: قتلوا كسرى بليل محرماً إلخ. والأصمعي هو عبد الملك بن قريب من رواة مسلم، وكان حافظ اللغة، وأقول: إنه ثبت ج2ص235 بالروايات أنه نكح ميمونة بسَرِف، فإذن لا يصدق أنه داخل الحرم، وأيضاً يخالف قول ابن حبان قرائن أخر منها ما في مسلم ص ( 453 ) قال يزيد بن الأصم: نكحها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو حلال، وقال ابن عباس: إنه نكحها وهو محرم إلخ، فجعل الراوي بين محرم وحلال مقالة ولم يثبت الحلال بمعنى الداخل في الحل، ومنها أن الطحاوي ص ( 442 ) روى عن عائشة وأبي هريرة: < أنه تزوجها وهو محرم > فكيف اجتمع ابن عباس وأبو هريرة وعائشة على لغة غريبة أي المحرم بمعنى الداخل في الحرم؟ وأسانيد روايات الطحاوي قوية، ومنها أن راوياً يقول متعجباً: إن ميمونة زُوجت في سرف وبني بها في سرف، وماتت في سرف، وكلامه في صدد التعجب يقتضي أن يكون الوقائع الثلاثة المتفرقة أزمنة اجتمعت في مكان واحد، وأما على ما قال ابن حبان فلا تعجب، وأطنب الطحاوي الكلام في المسألة في مشكل الآثار وقال في تحقيق الواقعة وتعينها: إنه أرسل أبا رافع من المدينة إلى مكة لخطبة ميمونة ثم أحرم بنفسه خارجاً إلى مكة، فأحالت ميمونة أمرها إلى عباس وجعلته وكيلاً فلما ولته خرج العباس لاستقباله ونكحها إياه بسرف، وكان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محرماً فأقول: إن رواية ابن عباس أعلى من رواية ابن الأصم إسناداً واعتباراً، لأن مرتبة ابن عباس أعلى من مرتبة يزيد بن الأصم، حتى أن قال بعض الرواة: ما يزيد بن الأصم عند ابن عباس أنه بوال على عقبيه، وأيضاً كان ابن عباس في بيت العباس فيكون أعلم بحال النكاح من أبي رافع وكذلك من ميمونة أيضاً لأنها لما ولت العباس نكاحها فلا تكون مباشرة النكاح بنفسها. ج2ص236 *2*باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم- الحديث رقم: 846 قال بعض السلف: لا يجوز للمحرم أكل الصيد وإن لم يُصد بدلالته وإشارته أو إعانته أو بنيته، والأخص منه مذهب العراقيين، أي لا اعتبار لنية من صاد، والشرط أن لا يصاد بدلالته أو إشارته أو إعانته، واختار البخاري مذهب العراقيين، ثم الأخص منه مذهب الحجازيين فإنهم جوزوا له أكله إذا لم يكن فيه دلالته وإشارته أو نيته، وغرض هذا الباب بيان خلاف ذلك السلف. ( ف ) قال صاحب البحر: إن إشارة المحرم في الشاهد والدلالة في الغائب، وقال علماء اللغة: إن المستعمل في المعاني الدلالة بفتح الأول وفي الأعيان الدلالة بكسره. قوله: ( يصد لكم إلخ ) تمسك الحجازيون بهذا، وأجاب العراقيون بوجوه منها ما قال صاحب العناية على الهداية: إن الرواية < أو يصاد لكم > بالألف و < أو > بمعنى إلا أن، وقال: في بعض الألفاظ تصريح < أو يصاد لكم > أقول: إن عامة الطرق خالية عن الألف أي < يصاد لكم > وأيضاً إن كان الألف موجوداً فيصاد لكم مرفوع من عطف الجملة على الجملة لا منصوب والقرينة رواية الباب بالجزم وغيرها من عامة الطرق، ومنها إن لكم في ( يصاد لكم ) بمعنى بإعانتكم أو إشارتكم، ولكن التأويل هذا تأويل لا يشفي ما في الصدور، والحق أن يقال: إن مراد الحديث هو ما قاله الحجازيون ولكنه يحمل على الكراهة، ويقال: إن النهي لسد الذرائع كما أنه أخذ صيد أبي قتادة للدلالة على الجواز ولم يأخذ صيد صعب بن جثامة. قوله: ( أحسن حديث روي إلخ ) أقول: إن الأحسن إسناداً حديث أبي قتادة حديث الصحيحين، وأخذ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لحم صيد أبي قتادة، وفي رواية في الزيلعي أنه لم يأخذ لحم صيد أبي قتادة وحكم عليها الزيلعي بأنه وهم الراوي قطعاً وواقعة عدم الأخذ واقعة صعب بن جثامة. ج2ص237 قوله: ( وهو غير محرم إلخ ) مرور أبي قتادة عن الميقات بلا إحرام وارد على الأحناف، ونقول: إنه وارد على الشافعية أيضاً، وأما قولهم من أن واقعة أبي قتادة واقعة لم تكن المواقيت إذ ذاك معينة فيرد عليه ما في البخاري في الموضعين إحرامه من ذي الحليفة في عمرة الحديبية، وأما الجواب من الأحناف فهو أن محمداً صرّح في موطئه أن المدني يجوز له التجاوز من ذي الحليفة بلا إحرام ويحرم من جحفة وليس هذا قول الشافعية، وفي الروايات: أنه أرسل أبا قتادة إلى سيف البحر للتجسس أو لتحصيل الصدقات، وأراد أبو قتادة أن يلحقه في الطريق ورافقه بعض الصحابة فصال على حمار وحش وهو حلال وكان رفقاؤه محرمين فأكل بعضهم صيده ولم يأكله بعضهم، ثم سألوا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أكلهم فأجاز لهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسألهم عن إشارتهم ودلالتهم كما في الروايات، ولم يرد سؤاله عن نيته لهم مع أنه كان ضرورياً محتاجاً إليه عند الحجازيين، فترك الاستفصال في وقائع الأحوال ينزل منزلة عموم المقال، فواقعة أبي قتادة دليل العراقيين، ولينظر إلى ألفاظ مسلم أيضاً فإن فيه: < أن أبا قتادة لم ير الحمار الوحشي بل رآه أصحابه فجعلوا يضحك بعضهم إلى بعض > إلخ، وكان ضحكهم على أنهم محرمون ولا يجوز لهم الاصطياد فلما رأى أبو قتادة ضحكهم فهم الكلام فصاد الحمار، وفي بعض ألفاظ مسلم: < فجعلوا يضحك بعضهم إليّ > وهذا اللفظ يشير إلى حثهم إياه على صيده وذهاب أبي قتادة لأجلهم، وقال القاضي عياض: إن في لفظ يضحك بعضهم إلي سقطاً والأصل بعضهم إلى بعض، ثم يبحث في ضحكهم هل هو داخل في الإعانة أو خارج منه، فإني لم أجد تصريح أن هذا إعانة أو لا. *2*باب ما جاء في كراهية لحم الصيد للمحرم- الحديث رقم: 849 هذا الباب على مذاق بعض السلف فإن لفظ اللحم أعم، وقصة الباب قصة حجة الوداع ج2ص238 وحديث الباب يخالف الحجازيين والعراقيين، وأجابوا بأنه محمول على سد الذرائع ومسألة سد الذرائع من أهم مسائل أصول الفقه وما ذكرها الشافعية والأحناف وذكرها الموالك وابن تيمية، وسد الذرائع أن لا يكون الشيء منهياً عنه في الشريعة إلا أن المكلف ينهى عنه كيلا يكون مؤدياً إلى ما هو منهي عنه، مثل نهي عمر وابن مسعود من التيمم للجنب كيلا يكون مؤدياً إلى المنهي عنه من التيمم في أدنى البرد. قوله: ( حماراً وحشياً إلخ ) ظاهر حديث الباب أنه أتى به وهو حي، واختاره البخاري ص ( 245 ) فإذن رده فإنه لا يجوز له ذبح الصيد، ومذبوح المحرم عندنا ميتة لكن طرق مسلم تدل على أنه أتي به عنده مذبوحاً لأن في بعضها ذكر العجز، وفي بعضها ذكر الورك، وفي بعضها ذكر اللحم فيكون رده لسد الذرائع. *2*باب ما جاء في صيد البحر للمحرم- الحديث رقم: 850 جائز عند الكل لنص القرآن، وأما قتل الجراد فعند أبي حنيفة فيه جزاء خلافاً للثلاثة والجزاء عندنا على أربعة أنواع: البدنة، وهي عندنا بقرة وناقة، وقال الشافعية: إنها ناقة، والدم، والطعام (ج2ص239) بثلاثة أصوع، والتصدق بما شاء، وحديث الباب ليس بحجة علينا لسقوط سنده، ولنا أثر عمر في موطأ مالك ص ( 162 ) قال عمر: أطعم قبضة من الطعام، وفيه ص (161): تمرة خير من جرادة، وقال الحجازيون: إن راوياً يقول في ابن ماجه: إني رأيت سمكاً عطس فخرجت الجرادة من أنفه، لكنه لا يدل على أنها من خلق البحر لأنه لعله أخذها من الخارج ولم يقل أحد من كتاب حالات الحيوانات بأنها من خلق البحر، ولعل السمك إن كان بيضه داخل الماء يخرج السمك وإن كانت خارجة تخرج الجراد فإذا عاشت في البر صارت برية، وقالوا: إن سقنقور ( ريك ما هي ) يعيش في البر ومن نسل السمك، والله أعلم. *2*باب ما جاء في الضبع يصيبها المحرم- الحديث رقم: 851 الضبع في الفارسية يقال لها ( كفتار )، وفي الهندية ( بهندار )، والضبع حلال يؤكل عند الشافعي وذكر أرباب التذكرات أن الضبع من أخبث الحيوانات، ويقال: إنها تحفر حفرة تحت رأس الرجل النائم فإذا يقع الرأس في الحفرة تقطعها، ونقول: إنها من السباع وذات أنياب، وقال الشوكاني: إنها ليست بذات ناب بل لها فك ( جبر ) أقول: كلامه لا يجدي شيئاً، وتمسك الشافعي بحديث الباب لفظ الصيد والصيد يطلق على ما يؤكل لحمه، ولا نسلم هذا فإنه يطلق الصيد على صيد الأسد أيضاً، نعم يرد علينا قول الراوي نعم ورفعه إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فالجواب أطول، وأطنبه الطحاوي في مشكل الآثار على أوراق في الحصة المطبوعة، ولكن الأغلاط في النسخة المطبوعة، كثيرة وحاصل ما ذكر الطحاوي: أنه روي عن يحيى بن سعيد القطان بإسناده أنه من وهم الراوي ( وابن أبي عمار ) في رفعه، فإنه كان يروي عن عمر موقوفاً برهة من الزمان ثم بعده رفعه، وابن سعيد أول من صنف في الجرح والتعديل وهو حنفي مذهباً بتصريح ابن خلكان، وأشار الترمذي إلى أن الحديث موقوف نقلاً عن (ج2ص240) يحيى بن سعيد، وأما فتوى عمر وجابر فأخرجها مالك في موطؤُه ص ( 161 ) ثم في خارج الستة ما يخالفنا في حديث الباب وهو زيادة: < أن في قتل الضبع شاة وتؤكل إلخ > بصيغة المؤنث وإني متردد في أنه صيغة المذكر أو المؤنث، ثم أقول: إن المرجع هو الشاة أي تؤكل الشاة والقرينة عليه ما في الترمذي في المجلد الثاني ص ( 1 ) عن خزيمة بن جزء قال: < سألت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أكل الضبع؟ فقال: أوَ يأكل الضبع أحد >، وسألته عن أكل الذئب؟ فقال: أو يأكل الذئب أحد! إلخ > إلا أن سند هذا الحديث ضعيف من جانب عبد الكريم بن أبي أمية، وهو ابن أبي المخارق وهو ضعيف، وأما عبد الكريم بن مالك فثقة، وأخطأ المولويّ محمد حسن السنبهلي في حاشية الهداية حيث قال: إنه عبد الكريم بن مالك وهو ثقة، والحال أنه ابن أبي المخارق، وحديث الباب ما أعله الطحاوي عن يحيى بن سعيد رحمه الله، ثم أقول: فتوى عمر ليست في جواز أكلها بل في جزاء قتل إياها، وأما فتوى جابر ففي أكلها كما في موطأ مالك ص ( 161 )، ومن أدلتنا ما رواه الزيلعي عن مسند أحمد ووجدت سنده قوياً، وفيه أن بعض المشائخ أفتى بحرمة الضبع بين يدي سعيد بن المسيب، فلم ينكر عليه ابن المسيب ورجح ابن قيم مسألة الأحناف من حرمة الضبع في إعلام الموقعين. ج2ص241 *2*باب ما جاء في دخول النبي - صلّى الله عليه وسلّم - من أعلى مكة وخروجه من أسفلها- الحديث رقم: 854 أعلى مكة جانبها الشرقي ويسمى: بكداء، وأسفلها جانبها الغربي ويسمى: بكدى، وقال ابن همام: إن الأدب وهو استقبال في هذا الطريق أي طريقه. *2*باب ما جاء في كراهية رفع اليد عند رؤية البيت- الحديث رقم: 855 قال بعض العلماء: يرفع يديه حين رؤية البيت، ولهم رواية عند الطحاوي إلا أنها ليست بقوية، وهذا الرفع عندنا مكروه، نقول: مراده أن يرفع عند استلام الحجر كما في الحديث أنه يرفعهما في ثمانية مواضع، ورفعهما عند الأشواط ـ أي لاستلام الحجر ـ ضروري في الشوط الأول والأخير، وفي سائر الأشواط مستحب. ج2ص242 *2*باب ما جاء في الرّمل من الحجر إلى الحجر- الحديث رقم: 857 كان ابتداء الرمل أنه لما أتى مكة للعمرة عام القضاء وأراد الطواف خرج الكفار مستكرهين طواف الصحابة، وكانوا ينظرون من أعلى الجبل، وقالوا: أضناهم حمى يثرب، فأمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه بالرَّمل، فكانوا يرملون في ثلاثة جوانب لأنها كانت منظر الكفار، وأما الجانب الرابع فلم يكونوا فيه، وكانت الصحابة يمشون فيه ثم صار حكم الرَّمل في الجوانب الأربعة، وقال ابن عباس: الرَّمل ليس بسنة، وإنما كان لغرض إظهار الجلادة والصحة في أعين كفار مكة، وارتفع الغرض خلافاً لجمهور الأمة، ونقول: إن واقعة إظهار الجلادة كانت واقعة عمرة القضاء، وقد رمل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حجة الوداع بعد فتح مكة فعلم أن الرمل سنة، والرمل سنة في كل طواف بعده سعي، وللقارن عندنا طوافان والرمل مرتين. ج2ص243 *2*باب ما جاء في استلام الحجر الأسود والركن اليماني دون ما سواهما- الحديث رقم: 858 استلام الحجر الأسود مستحب عند الكل، وأما استلام الركن اليماني فمروي عن محمد بن الحسن رحمه الله. قوله: ( الركن اليماني إلخ ) ياء اليماني ليست بمشددة، بل عوض عن التنوين، وكان في الأصل يمانٍ، وأما وجه تخصيص الاستلام بالحجر الأسود والركن اليماني دون الركن العراقي والشامي فهو أن الأوليين باقيين على البناء الإبراهيمي بخلاف الآخرين، وكان بيت الله احترقت في زمان فجمع القريش الأموال الطيبة لبناء بيت الله الكعبة فبنوها وأخرجوا الحطيم لأن الأموال الطيبة كانت قليلة، والحطيم على شكل نصف الدائرة، ودوران الحطيم ستة وثلاثون ذراعاً وأبعد الحطيم عن بيت الله ستة أذرع، وقال الشافعية: إن بناء البيت من الجانب المقابل أيضاً ضيق فيه شيء تضييق ولذا جعل بعض سلاطين الشافعية موضعاً مرتفعاً من الأرض مسمناً في أصل جدار الكعبة ليقع الطواف خارجاً ويسمى ذلك الموضع المرتفع ( شاذروان )، وورد في حديث: < أن الحجر الأسود بمنزلة يمين الله تعالى فيبايع به كما يبايع على يد الرجل >. ج2ص244 *2*باب ما جاء أنه يبدأ بالصفا قبل المروة- الحديث رقم: 862 تفصيل الفروع في الفقه ومن بدأ بالمروة قبل الصفا لا يعتبر الشوط الذي إلى الصفا قوله: ( شعائر الله إلخ ) قال السيوطي: إن المراد بالشعائر العلامات ( ياوگارين )، والسعي بين الصفا والمروة واجب عند أبي حنيفة، فرض عند الشافعي. ج2ص245 يتبع
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() *2*باب ما جاء في إشعار البدن- الحديث رقم: 906 الإشعار هو الكشط برمح في سنام البعير، وقيل: أن الإشعار سنة الملة الإبراهيمية، والإشعار سنة عند الجمهور ونسب إلى أبي حنيفة كراهته، وأنه مثلَة. قوله: ( أهل الرأي إلخ ) لفظ أهل الرأي ليس للتوهين بل يطلق على الفقيه، وسمى أبو عمر كتابه الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار مما تضمنه الموطأ في معاني الرأي والآثار، وأطلق ابن تيمية في تصانيفه على الفقهاء إلا أن أول إطلاق هذا اللفظ على أبي حنيفة وأصحابه فإنه أول من دون الفقه، (ج2ص267) ومحمد بن حسن أول من أفرز الفقه من الحديث بخلاف غيره من مالك وأبي يوسف وغيرهما، فإنهم كانوا يجمعون بين الأحاديث والآثار والفقه ثم يستعمل لفظ أهل الرأي في كل فقيه، ثم إن أعلم الناس بمذهب أبي حنيفة وهو الإمام الطحاوي نقل: إنما كرهه أبو حنيفة فإن أهل عصره كانوا يعدون في الأشعار ويتجاوزون عن حد السنة. قوله: ( بدعة إلخ ) لم يصرح وكيع بأن هذا قول أبي حنيفة، وإذا ذكر قوله لم يقله بدعة إلا أنه لم يرض به، وأما غضب وكيع فإنما كان على هذا الرجل حيث عارض السنة بقول إبراهيم صورة كما أمر أبو يوسف بقتل رجل عارض قوله عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله حيث قال أبو يوسف: إنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يحب الدباء، فقال رجل: إني لا أحب كما في تكملة الطوري، نقول: إن وكيعاً حنفي كان يفتي بمذهب أبي حنيفة كما في عقود الجواهر ومثله في كتاب الضعفاء لأبي الفتح الأزدي إمام الجرح والتعديل، وكان وكيع شيخ أحمد بن حنبل تلميذ أبي حنيفة، وفي الميزان للشعراني قال وكيع: لو لم ألق ثلاثة رجال: ابن المبارك وأبا حنيفة والثوري لكنت من عوام الناس، فعلم أن وكيعاً ممن يعتقد في حق أبي حنيفة. *2*باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة- الحديث رقم: 863 في رواية البخاري في كتاب الأنبياء وجه السعي بين الصفا والمروة غير ما في هذا الحديث وذلك قصة هاجر وكانت هاجر، تمشي من الصفا إلى الميل الأخضر، وتسعى من الميل إلى الميل الثاني لغيبوبة إسماعيل عن نظرها ثم تمشي من الميل إلى المروة وجرت سنتها إلى قيام القيامة. ج2ص246 *2*باب ما جاء في الطواف راكبا- الحديث رقم: 865 المشي المقابل للركوب واجب عند أبي حنيفة، ولو ركب وترك الواجب لعذر فلا دم عليه كما أن ستة واجبات لآدم على تركها بعذر كما في هذا الشعر: ~ سعي وحلق ومشي عند طوفهما... صدر وجمع وزور قبل المساء من واجبات ولكن حيث ما تركت، وأما سوى هذه الستة فتوهم عبارات البعض إلى الدم وعبارات بعضهم إلى عدم وجوب الدم. قوله: ( على راحلته إلخ ) ركوبه كان لعذر، والعذر في مسلم أنه ركب ليراه الناسُ يسألوه وفي أبي داود: أنه كان مشتكياً، إلا أن في إسناد ما في أبي داود يزيد بن أبي زياد المتكلم فيه، وذكر البخاري في الترجمة أنه ركب لمرض، وقال الشارحون: إن بناء ترجمة البخاري على ما في أبي داود والله أعلم. قوله: ( انتهى إلي الركن إلخ ) أي الحجر الأسود، وتمسك الموالك بهذا على طهارة أبوال ما يؤكل لحمه وأزباله، فإنها لو لم تكن طاهرة لما أدخل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ناقته في المسجد الحرام. وقال الحافظ في الفتح: إن ناقة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعلها كانت مُدَرَّبَةً، لكن جواب الحافظ ليس بذاك القوي، وهناك بحث في تمسك الموالك بأن جوانب البيت في عهده كانت مطافاً ولم يكن ثمة بناءً، وأما بناء الحائط وتحديد المسجد الحرام فمن عهد عمر، كما في البخاري في باب بنيان الكعبة، فلم يكن المسجد الحرام حين طوافه فرق استدلال المالكية ثم فيه نظر بأن القرآن العظيم يخبر بالمسجد الحرام، ويسمي فلا بد من كون المسجد الحرام في عهده، فيبحث أن العرصة إذا كانت لا تعمير فيها فهل تأخذ أحكام المسجد أم لا؟ فعاد نظر الموالك فأقول: إنه يبحث في أن مطافه كان خارج البيت متصلها أو منفصلاً عنها، والبحث بقدر الضرورة مر سابقاً. واعلم أن أطوفة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد الهجرة ستة ؛ طواف عمرة القضاء، وطواف فتح مكة بلا عمرة، وطواف في عمرة الجعرانة، وثلاثة أطوفة في حجة الوداع اتفاقاً، والاختلاف في النظر ؛ فعندنا أولها: طواف العمرة، وثانيها: طواف الزيارة، وثالثها: طواف الوداع، وقال الشافعية: طواف طواف (ج2ص247) القدوم، وأما طواف العمرة فدخل في طواف الحج، وأما سوى هذه الستة فأشار إليها البخاري تمريضاً، ومن المعلوم أن البخاري إذا أتى في الترجمة بالتمريض فلا يكون مختاره، وبات النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، وطاف البيت في هذه الليالي ولكن عددها غير معلوم، وأما حال كونها ركوباً وماشياً ففي كتب السير أن طواف عمرة القضاء وطواف الزيارة كانا في حال الركوب، ونقل الواقدي أن طواف فتح مكة أيضاً كان راكباً ولكن الواقدي متكلم فيه، ويأتي في تصانيفه بالرطبة واليابسات وطواف عمرة جعرانة وطواف عمرة الحج في حجة الوداع والوداع كانت ماشياً. *2*باب ما جاء في فضل الطواف- الحديث رقم: 866 قوله: ( خمسين مرة إلخ ) أي طواف النافلة لا الحج خمسين مرة، وقالوا: إن أعلى العبادات للآفاقي الطواف فليكثره مهما أمكن، وأما في الحج فللمفرد ثلاثة أطوفة، وللقارن أربعة أطوفة، وللمتمتع ثلاثة أطوفة. ج2ص248 *2*باب ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح في الطواف لمن يطوف- الحديث رقم: 868 ركعتا الطواف واجبتان عندنا ومع هذا لا يصح أداؤهما بعد العصر والصبح كذا في الهداية، وقال: إنهما واجبتان لغيرهما لا يصح أداؤهما في هذا الوقت المكروه، وأما الواجب لغيره فمر، وقال الشافعية: تصح صلاة الطواف في الوقت المكروه، وقال الشافعية: إن حديث: < صلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار > إلخ عام، ونقول: إنه يخصص بأحاديث تدل على كراهة الصلاة في الأوقات المكروهة وقيل: إن حديث الباب لا يدل على مذهب الشافعية بل مراده أن بني عبد مناف لاحقّ لهم بالمنع كما مر نظيره من حديث: < لا تمنعوا إماء الله من المساجد > إلخ أي لاحق لكم في المنع، ولنا أثر الفاروق الأعظم أخرجه الطحاوي ص ( 396 )، والبخاري ص ( 220 ) في الترجمة، وللطرفين آثار ويمكن لأحد من الأحناف أن يستدل بما في البخاري ص ( 220 ): عن أم سلمة كانت مريضة وقت طواف الوداع فسألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كيف تفعل؟ فقال: طوفي وراء الناس راكبة، فطافت ولم تصل حتى خرجت إلخ، ولعل عدم صلاتها كانت بأمره، ولكني هناك متردد في خروجها أنها خرجت من مكة أو حتى خرجت من المسجد الحرام، وعلى التقدير الثاني لا يكون الحديث المرفوع حجة لنا. ج2ص249 *2*باب ما جاء في كراهية الطواف عريانا- الحديث رقم: 871 ستر العورة في الحج واجب، وإن قيل: إن ستر العورة فرض في نفسه فكيف يكون واجباً للحج؟ قلت: لا تنافي بينهما فإنه قد يكون الشيء فرضاً في نفسه وواجباً للغير. ( ف ) واعلم أن دلالة ظنية الدليل على الوجوب وقطعية الدليل على الفرضية إنما يظهر في دواخل الحقيقة لا في خارج الحقيقة من الأحكام والشروط، فإنهم لا يبحثون في الأحكام والشروط ظناً وقطعاً والموانع أيضاً من باب الأحكام والشروط فعلى هذا ما زدنا على نص آية السرقة من عشرة دراهم بأخبار الآحاد فلا إشكال فيه بل عشرة دراهم شرط قطع اليد، وكذلك المهر في النكاح من عشرة دراهم زيادة على نص آية تدل على أن يكون النكاح بمال، فهذه الزيادة بأخبار الآحاد زيادة (ج2ص)250 الحكم لأن المهر حكم فلا إشكال، وقال صاحب الهداية: إن < أخرجوهن من حيث أخرجهن الله > إلخ خبر مشهور، وجعله مبنى مسكة المحاذاة، أقول: إنه ليس بمشهور بل ليس بمرفوع أيضاً، بل أثر، وقد علمت بالاستقراء أن الواجبات الداخلية ليست إلا في الحج والصلاة هذا عندنا، وأما عند الشافعية ففي الحج فقط. *2*باب ما جاء في الصلاة في الكعبة- الحديث رقم: 874 إنه دخل في الكعبة في فتح مكة وخرب الأصنام، وفي كتب السِّير أنه كان يشير بأصبعه إلى الأصنام ويقرأ: [ الإسراء: 81 ] وكانت تنكب الأصنام بأنفسها، ثم محا التماثيل على جدران الكعبة، فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعلي كرم الله وجه: إن يبلَّ الثوب ويمحو التصاوير، فقال علي للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ضع قدميك على كتفي وامحها، فقال: إنك لا تستطيع أن تحملني بل ضع قدميك على كتفي، وقال زيد بن ثابت لما نزل قطعة [ النساء: 95 ] وكان فخذه على فخذي فخشيت أن ترض فخذي ولا كانت تحمل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ناقة إلا ناقته القصواء، وفي بعض الروايات أنه دخل الكعبة في حجة الوداع لكن البعض الآخر تخالفها كما أشار البخاري إلى اختلاف الرواة، وكانت التوفيق بين الروايتين ممكناً لكن المحدثين لم يتوجهوا إلى التوفيق، وأما الصلاة في الكعبة فروى بلال أنه صلى في عام فتح مكة وروى ابن عباس بأنه لم يصلِّ بل كبَّر وسبَّح في جوانبه، ورجح المحدثون رواية بلال على ابن عباس لأنه (ج2ص251) مثبت والمثبت مقدم كما صرح البخاري في أبواب الزكاة، وكان التوفيق بين روايتهما ممكناً بالحمل على الواقعتين لكن المحدثين لم يتوجهوا إلى التوفيق بل إلى الترجيح، وقال البخاري: إن ابن عباس أيضاً مثبت لشيء آخر أي التكبيرات. قوله: ( المكتوبة في الكعبة إلخ ) لأن في داخل الكعبة تكون بعض أجزاء الكعبة مستقبلة إليها وبعضها مستدبرة إليها. قوله: ( وقال الشافعي لا بأس إلخ ) مذهب الشافعي عدم جواز الصلاة متوجهاً إلى باب الكعبة أو على أسقف الكعبة بدون السترة فإن الكعبة عنده البناء لا الهواء، ولم يفرق بين المكتوبة والنافلة. قيل: باني الكعبة إبراهيم، وقيل: آدم ورفعت إلى السماء في طوفان نوح حذاء هذا البناء، أقول: ثبت في حديث البخاري أن في حذاء كعبتنا كعبة الملائكة في السماء الرابعة المسمى بالبيت المعمور، ويسجد فيها كل يوم سبعون ألف ملك، وأما بناء الكعبة فقيل: بنيت الكعبة اثنين وعشرين مرة، وقيل: ست مرات، وأما البناء في الحال فبناء حجاج الثقفي مبير ثقيف، فإن ابن الزبير كان بناها على ما تمنى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين سمع الحديث عن خالته عائشة، فهدم حجاج المبير بناءه رضي الله تعالى عنه، وحكي أن الرشيد سأل مالك بن أنس أن يبني الكعبة على ما كان بناء ابن الزبير ومتمنى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فما أجاز له مالك لسد الذرائع. ج2ص252 *2*باب ما جاء في الصلاة في الحجر- الحديث رقم: 876 الحِجر بالكسر الحطيم، وغرض المصنف بيان أن الصلاة في الحطيم متوجهاً إلى الكعبة توجب ثواب الصلاة في الكعبة أم لا؟ وقال الفقهاء الأربعة: من صلى مستقبل الحطيم بلا استقبال جزء من البيت صلاته غير صحيحة، فإن استقبال البيت في الصلاة ثابت بالقرآن أي النص القاطع، وجزئية الحطيم من البيت ثابتة بأخبار الآحاد فلا تصح الصلاة هذه. أقول: إن مرجع هذه المسألة مسألة عدم جواز الزيادة بخبر الواحد، وهذه المسألة مسألة الأحناف، وينكر عليها غيرنا ثم أخذ بها هاهنا، ثم قال الفقهاء بالأخذ بما هو أحوط في الصلاة والطواف. *2*باب ما جاء في فضل الحجر الأسود والركن والمقام- الحديث رقم: 877 مقام إبراهيم أصله ما قيل: إنه كان حجر بنى إبراهيم الكعبة قائماً عليه، وقالوا: إنه كان يرتفع وينخفض حسب الضرورة عند البناء ثم نادى إبراهيم بعد بناء الكعبة قائماً على ذلك الحجر: يا أيها الذين في أصلاب أبائكم وأرحام أمهاتكم حجوا البيت، فسمع كل من كان حجه مقدراً وأجاب نداءه، وكان أكثر مجيبي النداء أهل اليمن، كذا ذكره المفسرون. قوله: ( سودته خطايا إلخ ) قيل: سودته خطاياهم وكيف لا تبيضه حسناتهم؟ أقول: إن الاعتراض من الجاهل الغبي والنتيجة للأخس الأرذل، وقيل: إنا لم نجد من التواريخ أن الحجر الأسود ج2ص253 كان أبيض في حال ما، أقول: إن مبدء التاريخ من الإسلاميين والتاريخ ليس بمتصل إلى آدم، وأيضاً لما أخبر الحديث القوي المسند: بأنه ( سودته الخطايا ) فما رتبة التاريخ في مقابلة الحديث؟ ومن ينتظر إلى ثبوته بالتاريخ، والحال أن مدار التاريخ على الحكايات بلا أسانيد، وبناء الأحاديث على الأسانيد مع نقدها. *2*باب ما جاء في الخروج إلى منى والمقام بها- الحديث رقم: 879 لفظ منى منصرف أو غير منصرف، يسن الخروج إلى منى يوم التروية ويصلي ظهر يوم التروية وعصرها وعشائيها وصبح التاسع في منى ثم يرتحل إلى عرفات ج2ص254 *2*باب ما جاء في تقصير الصلاة بمنى- الحديث رقم: 882 التقصير عند مالك ليس للسفر بل من النسك، وقال أبو حنيفة: إن القصر للسفر فلا قصر لأهل مكة عند أبي حنيفة خلاف مالك، واختار ابن تيمية قول مالك، وقال: لم يثبت أمره أهل مكة بالإتمام وقد كان أمرهم حين جاء لعمرة القضاء، لكنه ما أتى بما يكون حجة علينا، ونقول: إن عدم الذكر لا يوجب النفي في الواقع. ج2ص255 *2*باب ما جاء في الوقوف بعرفات والدعاء بها- الحديث رقم: 883 وقوف عرفات عندنا أعظم ركن من أركان الحج، حتى لو فات لا يتلافاه شيء إلا القضاء عاماً مقبلاً، والطواف أيضاً ركن لكنه له تلافٍ لو فات، ووقت وقوف عرفات بعد زوال شمس يوم عرفة إلى صبح يوم النحر، فمن وقف في جزء من أجزاء هذا الوقت أجزأه وإلا فلا، ويخطب الإمام خطبة طويلة ويلبي الناس وقتاً فوقتاً أو يدعون بالمأثورات، وعرفات في الحل والمزدلفة في الحرم، وكان ينبغي لمن تعرض لأسرار الحج أن يبني كلامه على أثر علي رضي الله عنه، وعرفات قريب من وادي نعمان التي فيها نشرت الأرواح لآدم، وتعرض العلماء إلى تعيين موقف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعرفات فأول من عين هو القاضي بدر الدين أبو عبد اللّه الشبلي الحنفي رحمه الله تلميذ الذهبي. قوله: ( وهم الحمس إلخ ) التفسير المذكور في الحديث ليس التفسير اللغوي، بل الحمس في اللغة جمع أحمس بمعنى الشجاع. ج2ص256 *2*باب ما جاء أن عرفة كلها موقف- الحديث رقم: 885 العرفات كلها موقف إلا وادي عرنة، والمزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر، ثم بحث ابن الهمام في من قام بعرنة أو محسراً أجزأه أم لا؟ فقال: إنه مجزئ مع ارتكاب الكراهة تحريماً. قوله: ( على هيئة إلخ ) في نسخة على هنية وكلا اللفظين في نسخ الهداية. قوله: ( إلا وادي محسّر إلخ ) خسف فيه أصحاب الفيل، قالوا: إن أبرهة ملك اليمن بنى الكعبة اليمانية في مقابلة بيت الله الكعبة المكية فتغوط رجل من قريش في الكعبة اليمانية فغضب أبرهة وأراد أن يكسر بيت الله ويهدمها، فجاء ونزل بأصحابه في وادي محسّر فقضى عليهم أمر الله، ورأيت في مشكل الآثار رواية تدل على أن وجه عدم وقوف أهل الجاهلية بعرفة أنهم كانوا يعتقدون من وقف به يطير به الجنات. قوله: ( أحج عنها إلخ ) هذه المسألة تسمى في الفقه بمسألة المغصوب، وفي حديث الباب في بعض الألفاظ: < أن أبي لا يثبت على الراحلة >، قال أبو حنيفة: من عنده الزاد والراحلة ويمكن له الثبات على الراحلة ثم عجز وتمادى عجزه فعليه الإحجاج أو الوصية، ثم إن قدر بعد العجز بطل إحاجه ويحج بنفسه. ج2ص257 قوله: ( احلق فلا حرج إلخ ) واعلم أن في يوم النحر أربعة نسك، رمي ونحر وحلق وطواف على ترتيب ما ذكرت، والترتيب في الثلاثة الأول هذا واجب والأسولة المذكورة في الأحاديث في سوء الترتيب سبعة، وأما الفروع الفقهية فكثيرة، ثم مذهب الشافعي وصاحبي أبي حنيفة عدم الجزاء في سوء الترتيب وتمسكوا بحديث الباب، وعند أحمد لو أساء الترتيب عمداً فجزاء، وإن كان سهواً فلا جزاء، وعند أبي حنيفة جزاء بلا فرق عمد وسهو، وعند مالك أيضاً أجزاء في بعض الجزئيات كما يدل مُوطَؤُه ص ( 158 )، ثم الطواف فلا شيء في تقديمه أو تأخيره فإنه عبادة في كل حال، وأما الثلاثة الباقية فالنحر لازم على القارن والمتمتع فيكون ترتيبه واجباً في حقهما، وأما المفرد بالحج فالنحر ليس بواجب في حقه ولم يبق في حقه وجوب الترتيب إلا في الرمي وأما الصور الواردة في الأحاديث في سوء الترتيب فسبعة وليس فيها ذكر أن السائل كان قارناً أو متمتعاً أو مفرداً فلو حملناها على المفرد لا تكون الجناية فيها عند أبي حنيفة إلا في صورة فإنها لا مناص فيها من الجناية وجزائها، وإن حملت على المفرد أيضاً لأنها مشتملة على سوء الترتيب في الحلق فعلينا جوابها فنقول: قد بوب الطحاوي ص ( 444 ) على المسألة لأبي حنيفة، وقال ابن عباس راوي حديث المرفوع: ( لا حرج ). وفتواه بإهراق الدم والجزاء فيكون مراد الحديث المرفوع: ( لا حرج ) إلخ، نفي الحرج في أحكام الآخرة، أي نفي الإثم مع وجوب الجزاء، ومر الحافظ على فتوى ابن عباس فأعلَّها في موضع، وسكت في موضع، وأقول: إن فتواه قوية السند بلا ريب، ثم أتى الطحاوي بقرائن أن النفي في ( لا حرج ) نفي الإثم بأنه لما كثر عليه تساؤل الناس جلس وقال: < إنما الحرج في تعرض عرض الأخ المسلم > كما في معاني الآثار ( 444 ) وأبي داود، وأشار الطحاوي إلى الجواب في موضع آخر حيث قال: إن الشريعة الغراء إذا أجازت عمل شيء في الصلاة لا يجعل ذلك العمل مفسد الصلاة ومضراً لها بخلاف الحج فإن الشيء ربما يكون مجازاً في الحج ومع ذلك يكون ذلك العمل مضراً للحج في أحكام الدنيا لا في أحكام الآخرة، مثل أن نص القرآن أجاز الحلق لعذر للمحرم وأوجب عليه الجزاء لآية من كان به أذى إلخ، وكذلك المحصر يجب عليه القضاء عاماً مقبلاً مع أن الخروج عن الإحرام مجاز له وكلام الطحاوي هذا قوي في الجواب فحاصل الجواب أن لفظ لا حرج لا ينفي الجزاء بل الإثم، وأما نفي الإثم فلأن السائلين كانوا غير عالمين بالمسألة كما صرحوا في أسولتهم، و ( إني لم أشعر ) كما ذكره ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام. ج2ص258 قوله: ( يجمع بين الظهر والعصر إلخ ) قال أبو حنيفة: إن لجمع الظهر والعصر بعرفة وجمع العشائين بمزدلفة شروطاً، أما جمع العصرين فيشترط له الإمام والإحرام والعرفات، وأما جمع العشائين فله الإحرام والمزدلفة ولا يشترط الإمام، وأما جمع العصرين فبأذان وإقامتين وجمع العشائين بأذان وإقامة، وروي عن زفر إقامتان في العشائين أيضاً، واختاره الطحاوي وابن الهمام وهو مذهب الشافعي رحمه الله، وأما وجه مذهب أبي حنيفة فهو أن ابن عمر يروي مثل مذهب أبي حنيفة، وأما جابر بن عبد اللّه فيروي موافقاً للجمهور، وأما وجه الفرق بين إقامة بمزدلفة وإقامتين بعرفة عند أبي حنيفة فذكروا أن العصر يقدم عن وقته فيحتاج إلى اطلاع جديد، وأما في تأخير العشاء الأولى فتأخيرها معلوم لا يحتاج إلى الاطلاع، وعندي أن وجه الفرق هو التفقه بأن وقت الظهر للعصر مستعار للعصر ليس وقته أصالة، وأما في المغرب فلا استعارة بل هذا الوقت وقت المغرب أصالة في هذا اليوم خاصةً فيكون الإقامة الواحدة كافية، لأن المغرب واقعة في وقتها في ذلك اليوم وهذا الوجه يؤيده مسائل أبي حنيفة عنه منها أن تقديم العصر بعرفة ليس بواجب وتأخير المغرب إلى العشاء واجب، ومن صلى المغرب في الوقت المتعارف يجب الإعادة عليه إلى طلوع الصبح ولو لم يعدها وطلع الصبح عادت الصلاة صحيحة، وأما وجه الوجه فهو أن تقديم العصر كان لصرف الوقت جميعه بعد أدائها في استماع الخطبة، والوقوف بعرفة وأما تأخير المغرب فلا داعي فيه بل ذلك الوقت وقت المغرب في هذا اليوم، وأما الأحاديث في تعدد الأذان والإقامة في الجمع بمزدلفة فستة متعارضة صحاح ذكرها العيني في العمدة والواقعة واقعة واحدة. ج2ص259 *2*باب ما جاء في الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة- الحديث رقم: 887 حديث الباب عن ابن عمر حديث أبي حنيفة، وتأول فيه النووي بأن المراد بإقامة إقامة ولكن التأويل غير ظاهر، ويمكن لنا أن نتأول في حديث جابر بأن تعدد الإقامة إنما هو عند الفصل بين المغرب والعشاء بالأكل ونحوه كما هو مذكور في فقهنا من تعدد الإقامتين عند الفصل، كذا في الهداية. ج2ص260 *2*باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج- الحديث رقم: 889 ظاهر الحديث هذا موافق للشافعي في ركنية الوقوف بمزدلفة لأن نسق الوقوفين في حديث الباب واحد وأما وقوف عرفة فركن اتفاقاً فإنه توراث العمل به وإن كان ثابتاً بخبر الواحد. قوله: ( من جبلي طيء إلخ ) وهو سلمى وأجاء، وطيء على وزن سيّد. ج2ص261 قوله: ( صلاتنا هذه إلخ ) أي صلاة الصبح بمزدلفة. *2*باب ما جاء في تقديم الضعفة من جمع بليل- الحديث رقم: 892 وقوف مزدلفة واجب، ووقته من الليل إلى طلوع الشمس، وإن قدموا الضعفة إلى منى بالليل جاز، ولا شيء على فوت وقوف مزدلفة بعذر، وأما العذر ووجه تقديم الضعفة إلى منى فهو أن يفرغوا من الرمي قبل ازدحام الناس، ووقت الرمي بعد طلوع الصبح عند أبي حنيفة إلى طلوع الذكاء وهذا وقت الإجزاء، وأما وقت السنة فبعد طلوع الشمس، ولا يجوز عندنا أن يرمي الضعفة قبل طلوع الصبح، وإن قيل: كان غرض التقديم الاحتراس من الازدحام وإذا رموا بعد الصبح يأتي سائر الناس أيضاً، نقول: إنهم يفرغون من الرمي قبل أن يأتي الناس ويزدحموا، وقال الشافعي: يجوز الرمي بالليل، ولنا ما في الطحاوي ص ( 414 ) عن ابن عباس مرفوعاً، وللشافعي ما في البخاري عمل صحابية ثم رفعها وقولها: < كنا نفعل هكذا في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - >، ولنا قولي. ج2ص262 *2*باب ما جاء في رمي النحر ضحى- الحديث رقم: 894 وقت رمي الجمار فأما رمي يوم النحر أي عاشر ذي الحجة فبعد طلوع الشمس إلى الزوال ويجزي بعد الصبح إلى طلوع اليوم الثاني، وقال الشافعي: يجزي بعد نصف الليل وأما رمي اليوم الحادي عشر والثاني عشر فظاهر الرواية لنا أن يرمي بعد زوال الشمس إلى طلوع الفجر من اليوم الثاني عشر، أو الثالث عشر، وأما وقت الجواز فمن طلوع الفجر، إلى طلوع الفجر، وأما رمي يوم الثالث عشر فمن طلوع الشمس إلى غروبها، والمسنون بعد زوالها إلى غروبها وتفصيل المسائل والفروع يطلب من الفقه. ج2ص263 *2*باب ما جاء في رمي الجمار راكبا وماشيا- الحديث رقم: 899 الرمي الذي بعده رمي الأفضل فيه المشي لأن بعده دعاءً، والذي لا رمي بعده فالأفضل فيه الركوب، ذكر في البحر أن أبا يوسف كان مريضاً فأتاه بعض أصحابه عيادة ففتح أبو يوسف عينيه ونظر إليه وسأله كيف الرمي أفضل ماشياً أو راكباً؟ قال راكباً قال: لا، قال: ماشياً، قال: لا، وقال: كل رمي بعده رمي الأفضل فيه المشي، وكل رمي لا رمي بعده فالأفضل فيه الركوب، فقال: خرجت من عنده فما بلغت الباب إلا أدركتني جارية تقول: قد ارتحل الإمام رحمه الله تعالى. ج2ص264 *2*باب كيف ترمى الجمار؟- الحديث رقم: 901 يرمي الجمرة الأولى والوسطى مستقبل القبلة ويقوم جانب الشرق من الجمرتين، وأما في العقبة فيرمي مستقبل الجمرة ويجعل البيت عن يساره، وفي حديث الباب استقبال القبلة عند رمي العقبة، وفي الصحيحين عن ابن مسعود: أن يستقبل الجمرة ويجعل البيت عن يساره خلاف حديث الباب، وكلا الحديثين عن ابن مسعود فأعل الحافظ حديث الباب وحسنه الترمذي، ولا بد من إعلال حديث الترمذي ولا احتياج إلى التأويل. ج2ص265 *2*باب ما جاء في الاشتراك في البدنة والبقرة- الحديث رقم: 904 البدنة عندنا تعم البقر والجزور، وقال الشافعية: إنها مختصة بالجزور ومذهب الأئمة الأربعة اشتراك السبعة في الناقة، وعند إسحاق بن راهويه يجوز اشتراك عشرة في ناقة، وله أيضاً حديث في هذا الباب وأجاب أتباع الأئمة الأربعة بأنها واقعة حال ولا نعلم تفصيلها فليؤخذ بالضابطة العامة. والرواية تدل على أن الواقعة واقعة السفر ولا أضحية على المسافر فيكون الذبح ذبح تبرع أو يكون الذبح للأكل أو يقال: إن اشتراك عشرة رجال لعله كان في زمان ثم استقر الأمر على سبعة رجال في الناقة، ومرَّ الحافظ على حديث ابن عباس متمسك إسحاق وأشار إلى الإعلال لكنه لم يفصح بالإعلال. قوله: ( نحرنا إلخ ) أطلق النحر على ذبح البقرة وليس هذا أصل استعماله، والمستحب في البقرة الذبح وفيما هو طويل عنقه مثل الناقة والبط النحر ج2ص266 يتبع
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() *2*باب ما جاء في تقليد الهدي للمقيم- الحديث رقم: 908 سوق الهدي لمن يكون مقيماً في بيته لأن يذبح في منى مستحب وقربة، ثم هل يجري عليه (ج2ص268) أحكام المحرم أم لا؟ فمختلف فيه ؛ بعض السلف إلى أنه في حكم المحرم ما لم يذبح هديه خلاف الفقهاء الأربعة وابن عباس من ذلك البعض. *2*باب ما جاء في تقليد الغنم- الحديث رقم: 909 تقليد الغنم ليس بمذكور في كتبنا نفياً وإثباتاً، وأما ما في كتبنا من نفي تقليد الغنم فمراده نفي التقليد بالنعل لا من الخيط، فأقول: لما لم يكن التقليد بالخيط مذكوراً وصح في الحديث فلا بد من جوازه. وفي بعض ألفاظ حديث الباب الوبر الأحمر. *2*باب ما جاء إذا عطب الهدي ما يصنع به- الحديث رقم: 910 العطب الهلاك، قال أبو حنيفة: إن كان الهدي نفلاً فيذبحه ويلطخ نعلها بدمها ليعلمه الفقراء ويأكلوه ولا يجوز للمهدي أكله، وإن كان الهدي واجباً فعلى المهدي بدله ويفعل بهذا المعطوب ما يشاء ويجوز له أكله، وقال الشافعي: الهدي الذي لا يجوز أكله للمهدي لا يجوز لرفقائه أيضاً، وله حديث الباب ونحمله على أنه نهي لسد الذرائع. ج2ص269 *2*باب ما جاء في ركوب البدنة- الحديث رقم: 911 يجوز الركوب عند أبي حنيفة عند الاضطرار، وعند الشافعي عند الحاجة، والاضطرار أشد من الحاجة، ثم الاضطرار والحاجة موكولان إلى رأي من ابتلي بهما، وظاهر حديث الباب للشافعي ولكن في مسلم ص ( 436 ) تصريح: إذا ألجئت فيؤيدنا. *2*باب ما جاء بأي جانب الرأس يبدأ في الحلق- الحديث رقم: 912 الجمهور إلى أنه يبدأ من اليمين ونسب إلى أبي حنيفة أن يبدأ من اليسار، وهذه الرواية عن أبي حنيفة أخذها النووي واعترض على أبي حنيفة وقال: إنه خالف النص، ونقل بعض من يتصدى إلى الطعن في حق أبي حنيفة حكاية ؛ وهي أن أبا حنيفة لما ذهب حاجاً ففرغ عن حجته وأراد الحلق فاستدبر القبلة، قال الحالق: استقبلها، ثم بدأ أبو حنيفة باليسار، قال الحالق: ابدأ باليمين ثم بعد (ج2ص270) الحلق أخذ أبو حنيفة أن يقوم وما دفن الأشعار، قال الحالق: ادفنها فقال أبو حنيفة: أخذت ثلاثة مسائل من الحالق، أقول: إن هذه الحكاية ثبوتها لا يعلم وبعد فرض تسليمها تدل على جلالة قدره وقبوله الشيء ممن دونه إذا وقع ذهول، وأقول: قد ثبت الروايتان عن أبي حنيفة التيامن والتياسر كما في غاية السروجي، وأيضاً يمكن للمجتهد أن يبحث أن التيامن المذكور في الحديث يمين الحالق أو المحلوق. قوله: ( ابن حسان إلخ ) حسان إن اشتق من الحسن فمنصرف، وإن اشتق من الحس فغير منصرف. قوله: ( أقسمة بين الناس إلخ ) أي للتبرك، وهذا يدل على أخذ التبركات، وتبركاته كثيرة منها البردة العباسية هذه البردة أعطى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كعب بن الزهير حين قرأ قصيدة بانت سعاد في حضرته واشتراها العباسيون. *2*باب ما جاء في الحلق والتقصير- الحديث رقم: 319 الاختلاف في قدر حلق رأس المحرم مثل الاختلاف في مسحه في الوضوء، وبحث ابن الهمام في الحلق وقال: ليس بين المسح والحلق جامع يقاس الحلق على المسح وإنه قياس شبه لا قياس علة، والمقبول قياس العلة وأطنب الكلام وهو من تفرداته، أقول: زعم الشيخ أن في قدر حلق الرأس قياساً والحال أنه لا قياس في هذا بل هاهنا أصل مختلف فيه وهو أنه كم يجب أداء حصة المحل إذا أمر الشارع بالفعل المتعدي المتعلق بالمحل لصدق قول: إنه امتثل الأمر الشرعي فقال الشافعي: يكفي بعض المحل، وقال أبو حنيفة: يجب القدر المعتد به أي ربع المحل، وقال مالك بالاستيعاب، فكأن الاحتمالات ثلاثة، ذهب ذاهب إلى كل واحد منها وما ذكرت أشار إليه ابن رشد في القواعد، وأخذ أبو حنيفة بربع الشيء في مواضع منها ما في المسألة ومنها مسألة بطلان الصلاة بكشف العضو، ومنها نجاسة الثوب، ومنها قطع أذان الأضحية، ومسائل أخر فمدار الاختلاف في مسألة الباب أصولية لا ما زعم الشيخ ثم اختار مسألة مالك. ج2ص271 قوله: ( مرة أو مرتين إلخ ) دعا للمحلقين مرتين وللمقصرين مرة ثابت في واقعتين أحدهما في عام الحديبية وثانيتها في حجة الوداع. *2*باب ما جاء في كراهية الحلق للنساء- الحديث رقم: 914 الحلق للنسوان حرام عند كافة العلماء، ولا يجوز لهن عند التحلل إلا القصر قدر ما يلف حول أنملة، وهاهنا إشكال قوي لم يتوجه إليه أحد، وهو ما في المسلم ص ( 148 ): إن بعض أزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قصر الأشعار وجعلت مثل الوفرة إلخ، وما حله النووي والقاضي عياض المازري والقرطبي وأبو عبد اللّه المالكي الأُبِّيُّ، وسألت مولانا مد ظله العالي عن حل الإشكال؟ وقال: لعلها قلت الأشعار حالة الشيب، وعندي أن قصر بعض أزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كان عند التحلل من الإحرام لا في غيره من الأوقات، ولي في هذا الجواب قرائن، وأشكل من حديث مسلم ما أخرجه الزيلعي في التخريج أن ابن عباس ويزيد بن الأصم لما دفنا ميمونة في القبر وجدا.. اه. ج2ص272 *2*باب ما جاء في من حلق قبل أن يذبح أو نحر قبل أن يرمي- الحديث رقم: 916 تفصيل المسألة مر سابقاً، كلا السؤالين لو حملناهما على المفرد فلا جزاء عند أبي حنيفة أيضاً ولا جناية. *2*باب ما جاء في الطيب عند الإحلال قبل الزيارة- الحديث رقم: 917 المحلل عندنا اثنان الحلق وطواف الزيارة هذا هو المشهور في عامة كتبنا، وقال صاحب الهداية إن المحلل هو الحلق فقط لكن أثره في تحليل النساء موقوف على طواف الزيارة، والوجه يؤيد قول الهداية بأن المحلل إنما يكون ما كان محظوراً، والطواف ليس بمحظور في الإحرام وفي قاضي خان رواية شاذة عن أبي حنيفة أن الطيب أيضاً في حكم النساء أي لا يحل إلا بعد طواف الزيارة، أقول: تحمل الرواية الشاذة على الكراهة على وفاق ما في ابن ماجه فإن فيه أيضاً: حلال كل شيء في ما بعد الحلق إلا النساء والطيب، وأقول: لا بد من تسليم الرواية الشاذة أيضاً وإلا فلا جواب عن حديث ابن ماجه، وأيضاً نسب الترمذي إلينا هذا القول أي عدم حل الطيب بعد الحلق قبل طواف الزيارة. ج2ص273 *2*باب ما جاء متى تقطع التلبية في الحج- الحديث رقم: 918 يقطع الحاج التلبية عند رمي الجمرة العقبة، ويقطع المعتمر عند استلام الحجر، فإن العمرة الإحرام وطواف البيت والسعي والحلق. وإن قيل في محل النكات: إن التلبية شعار الحج فإذا انقطعت ختم الحج فإذا ختم الحج لا يكون الترتيب بعده واجباً أي في الأشياء الأربعة، خلاف ما قال أبو حنيفة فإنه يقول بوجوب الترتيب، وقال صاحباه والجمهور بالسنية فتفيد النكتة الجمهور، قلت: إن هذا الاستنباط إنما هو مني ولا يكون حجة على الأئمة. ج2ص274 *2*باب ما جاء في طواف الزيارة بالليل- الحديث رقم: 920 قال أبو حنيفة: يطوف للزيارة عاشر ذي الحجة، ولو أخره إلى غروب شمس الثاني عشر من ذي الحجة فلا جناية ولو أخره إلى ما بعده فجناية وأما طوافه ففي الصحيحين أنه طاف بعد الزوال وصلى الظهر بمنى أو مكة على اختلاف الروايتين، وفي حديث الباب أنه أخره إلى الليل فلما يسقط حديث الباب لخلافه حديث الصحيحين، وأما أن يوجه في حديث الترمذي بأن المراد أخر إلى الليل أنه طاف في النصف الثاني من النهار، ويدل على هذا التوجيه ما أخرجه أبو داود وأحمد في مسنده، وأقول: يمكن أن يقال في حديث الباب بأن هذا الطواف ليس طواف الزيارة بل طواف نفل، وصح أطوفته في الأيام التي أقام بمنى كما أخرجه البخاري إلا أنه مرَّضه وقد صح بسند صحيح قوي، وتمسك الشافعية برواية أنه: صلى الظهر بمكة ومنى على صحة اقتداء المفترض خلف المتنفل، وقالوا بالجمع بين حديث ابن عمر أنه: صلى بمنى إلخ وحديث جابر أنه: صلى بمكة إلخ، فتكون صلاته بمنى نفلاً، أقول: إن المحدثين أكثرهم إلى الترجيح فرجحوا حديث جابر على حديث ابن عمر، وأيضاً يمكن أن يقال: إنه صلى بمنى مقتدياً خلف رجل مع أصحابه. *2*باب ما جاء في نزول الإبطح- الحديث رقم: 921 الإبطح في اللغة ( وامن كوه )، وكذلك البطحاء، ثم صار علماً بالغلبة للمحصَّب، ويقال لها: خيف بني كنانة أيضاً، والتحصيب أي النزول بالمحصب مستحب، وقال ابن عباس: لا استحباب بل كان نزوله اتفاقاً، وهذا هو الموضع الذي قام فيه بنو هاشم بعدما أخرج قريش آل هاشم من مكة، وقال قريش لأبي طالب: ادفع إلينا ابن أخيك محمداً وخذ عنا بدله ومالاً كثيراً، فلم يقبل أبو طالب. ج2ص275 قوله: ( قال الشافعي إلخ ) في كتب الشافعية استحباب التحصيب، وأما ما ذكر الترمذي فلعله رواية عن الشافعي رحمه الله، ولا بد منه فإن الترمذي من أوثق ناقلي مذهب الشافعي *2*باب ما جاء في حج الصبي- الحديث رقم: 924 حج الصبي والرقيق صحيح عندنا بلا ريب إلا أنه لا يكفي عن حجة الإسلام إذا وجب عليهما الحج، وسها النووي حين نسب عدم صحة حجهما إلى أبي حنيفة، والحال أنه يقول بأنه لا ينوب عن(ج2ص276)حجة الإسلام كما قال غيره أيضاً، قال الفقهاء: إن الولي يأمر الصبي أن يتجرد عن ثيابه المخيطة، ويحرم ويلبي عنه الولي ويكفه من الجنايات. قوله: ( يلبي من النساء إلخ ) لم يقل أحد بأن ينوبوا عن تلبيتهن فيتأول في الحديث بأنا نجهر وهن يسررن ولكن حديث الباب معلول. ج2ص277 *2*باب ما جاء في الحج عن الشيخ الكبير والميت- الحديث رقم: 928 إن عجز الشيخ عن الحج يأمر الغير يحج عنه، ولو مات يوصي بالحج عنه، والشرائط مذكورة في الفقه، وأما استطاعة البدن شرط أم لا؟ ثم الشرط هل لنفس الوجوب كما قال أبو حنيفة أو لوجوب الأداء كما قال صاحباه، فمذكورة في الكتب، وأما الحديث فلا بد فيه من جانب أبي حنيفة تسليم أنه كان قادراً على الحج مثل ثباته على الدابة ثم فقد القدرة. ج2ص278 *2*باب ما جاء في العمرة أواجبة هي أم سنة؟- الحديث رقم: 931 في عامة كتبنا أنها سنة مؤكدة، وفي البدائع وفي الدر المختار ( 143 ) قول الوجوب أيضاً واختار الشيخ ابن الهمام السنية في الفتح ص ( 577 )، والوجوب اختاره البخاري والأدلة قوية ولكنها منحطة من أن يأتي بها البخاري، وقال أصحابنا الذين قالوا بالسنية: إن الآية لا تدل على الوجوب فإن معنى { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } [ البقرة: 196 ] إلخ ليس ما زعم بل تعرض الآية إلى مسألة أن القضاء واجب، لأن العمرة والحج يلزمان بالشروع، أقول: إن مراد الآية الصحيح أتموا الحج والعمرة تامين، واحتج ابن الهمام على السنية بحديث الباب وفي سنده حجاج بن أرطاة وهو متكلم فيه، وقال ابن دقيق العيد: لم أجد تصحيح الترمذي حديث الباب إلا في نسخة الكروخي لا غيره. ج2ص279 *2*باب منه- الحديث رقم: 932 قوله: ( دخلت العمرة في الحج الخ ) قال الشافعية: إن أفعال عمرة القارن تدخل في أفعال حجه ولا فرق إلا في النية، وفي أن القارن والمتمتع يجب عليه الدم بخلاف المفرد، وقال كافة الأحناف: مراد حديث الباب ردّ زعم الجاهلية أي عدم جواز العمرة في أشهر الحج، وأقول: إن مراده ليس ما قال عامة الناس بل مراد الحديث بيان انضمام العمرة بالحج وربطها به من حيث القران والتمتع. قوله: ( أشهر الحج الخ ) قالوا: إن للحج ميقاتين زماني ومكاني وتقديم الإحرام على الميقات الزماني مكروه خلاف الميقات المكاني فإن التقديم عليها مستحب عند أبي حنيفة خلاف الجمهور، ثم تعرض المفسرون إلى أن المذكور في الآية الأشهر بلفظ الجمع، والحال أن الميقات الزماني لا يزيد على شهرين وبعض الثالث، وإن قيل بإطلاق الجمع على ما فوق الواحد نقول: إنه خلاف ما عليه جمهور أهل العربية، وإن قيل بالتخصيص نقول: إن في الآية يلزم أن يكون استثناءاً لا تخصيصاً، نعم تصدق الآية على ما قال مالك صدق شيء فإنه قال بجواز الأضحية إلى آخر ذي الحجة، ثم في عامة كتبنا أن أيام الحج عشر ليالي ذي الحجة مع الشهرين السابقين، وإن قيل: إن أكثر أفعال الحج يكون في اليوم العاشر من ذي الحجة، قلت: إن مدار الحج على وقوف عرفة وذلك دون صبح الليلة العاشرة. ج2ص280 قوله: ( أشهر حرم إلخ ) كان الحرب في ما قبل الإسلام حراماً في أربعة أشهر وكذلك في بدء الإسلام ثم نسخ الحرمة، وقال ابن تيمية وتلميذه ابن القيم: إن بدء الجهاد من المسلمين الآن أيضاً غير جائز مثل ما كان في ملة إبراهيم غير جائز. *2*باب ما جاء في العمرة من التنعيم- الحديث رقم: 934 من أراد العمرة من مكة فيخرج لإحرام العمرة إلى الحل ليتحقق نوع سفر، والأفضل عندنا من التنعيم لأمره عائشة أن تعتمر من التنعيم، وما قال الشافعية من التنعيم. *2*باب العمرة من الجعرانة- الحديث رقم: 935 ودخل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام فتح مكة بلا إحرام وهذا من خصوصيته، وأما عمرته فيثبتها بعض الصحابة وينفيها بعضهم لوقوعها بالليل. ج2ص281 قوله: ( حتى جاء مع الطريق إلخ ) في بعض الكتب لفظ: < حتى جامع الطريق >، وفي بعضها: < جاء مع الطريق > ولعل < جامع > تصحيف. *2*باب ما جاء في عمرة رجب- الحديث رقم: 936 قال التفتازاني: إن الرجب معدول من الرجب وقال: رأيت في الأصول البزدوي لفخر الإسلام بقلمه لفظ رجب بنصب رجب بلا تنوين حال الجر، فدل على عدم انصرافه. قوله: ( في رجبٍ قط إلخ ) هذا رجب منصرف لأنه نكر هاهنا لأنه في حيز العموم. ج2ص282 *2*باب ما جاء في الذي يهل بالعمرة ثم يعرج أو يكسر- الحديث رقم: 940 عَرج إن كان من باب عَلِمَ فمعناه ( لنگ شدن )، وإن كان من ضَرَبَ فمعناه ( بتكلف لنگ شدن ). اختلفوا في الإحصار: قال العراقيون: إنه عام من كونه بالعدو أو المرض وانقطاع النفقة، وعند الحجازيين مختص بالعدو، ثم حكم الإحصار عندنا أن يرسل هدياً ليذبح في الحرم وليس وقت ذبحه مؤقتاً إلا أنه يؤقت بمن أرسل معه ليحل في ذلك الوقت المقدر بينهما، ويقضي عاماً مقبلاً وإن لم يهد (ج2ص283) فلا يمكن له الخروج وإن كثرت الجنايات، وحكم الإحصار عند الحجازيين أن يذبح الدم، وأما الحصر بالمرض أو انقطاع النفقة عندهم فحكمه أنه لا يجوز له التحلل إلا إن كان اشترط عند الإحرام، ثم اختلف المفسرون الحنفية والشافعية أيضاً حتى أن قال بعض الحنفية: إن الحصر في العدو، والإحصار في المرض وغيره، لكنه يرد عليهم لفظ إحصار القران مع أن الواقعة واقعة الحبس بالعدو، ووافقنا البخاري في أن الإحصار عام، وحديث الباب لنا. *2*باب ما جاء في الاشتراط في الحج- الحديث رقم: 941 أي يشترط عند الإحرام: اللهم إن عوقتني عارضة فأحلل، وهذا سبيل الإحلال عند الحجازيين، وقال العراقيون: إنه قال لضباعة لتسلية نفسها، ولا أثر للاشتراط إلا هذا، وضباعة هذه بنت عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أي ضباعة بنت زبير بن عبد المطلب لا ابن العوام، ووافقنا البخاري فإنه لم يخرج حديث ضباعة في الاشتراط في الحج مع كونه أصرح فيه، وأخرجه في النكاح وهذه عادته أي عدم (ج2ص284) إخراجه الحديث في باب إذا كان صريحاً فيه، وإخراجه في موضع آخر وما نبه أحد على هذه العادة، ونظيره أنه أخرج حديث الركعتين بعد الوتر جالساً ولم يبوب الترجمة عليهما، ولم يخرجه في أبواب الوتر بل في السنتين قبل الفجر، ولنا ما قال ابن عمر لا معنى للاشتراط في الحج، وقال العراقيون: إن المحصر المعتمر عليه قضاء، وقال الحجازيون: لا قضاء. *2*باب ما جاء في المرأة تحيض بعد الإفاضة- الحديث رقم: 943 أي بعد طواف الزيارة وهو واجب ويسقط بهذا العذر، وأما لو طمثت قبل طواف الزيارة الفريضة تنتظر إلى أن طهرت وطافت، في فتاوى ابن تيمية أنه سأله رجل عن امرأة طمثت قبل الطواف؟ قال في الجواب: يقال لتلك المرأة: قال أبو حنيفة: إنها تهرق الدم وتحلل. ج2ص285 *2*باب ما جاء ما تقضي الحائض من المناسك- الحديث رقم: 945 لا تمنع من الحج إلا الطواف، وأما السعي فمترتب على الطواف ويستحب لها الاغتسال عند الإحرام للنظافة، قال شارح الوقاية: إن النهي عن طواف الحائض بسبب المسجد الحرام والحق أن الدخيل هو الطواف بأنه يشترط له الطهارة ولا دخل للمسجد الحرام، والحائضة إن كانت قارنة فعند الشافعي دخلت أفعال العمرة في الحج فتأتي بالمناسك وتنتظر الطواف، وأما عندنا فترفض العمرة إلى الحج وتقضيها بعده، واختلف العلماء في حجة عائشة الصديقة قلنا: إنها كانت مفردة وقضت العمرة بعد الحج لإنهاء فضتها إلى الحج بسبب الحيض وقالت الشافعية: إنها كانت قارنة والعمرة التي أدتها بعد الحج كانت لتطييب الخاطر أي لتقع العمرة مستقلة. ج2ص286 *2*باب ما جاء من حج أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت- الحديث رقم: 946 اتفقوا على أن طواف الوداع ليس للمعتمر، فما تمشى الترمذي في ترجمته هذا الباب، إلا على ظاهر حديث الباب، والحال أن الحديث ليس بذاك القوي من حجاج بن أرطاة، وكان الأولى له باب < من حج فليكن آخر عهده بالبيت > بلا ذكر العمرة، وحديث الباب أخرجه أبو داود ص ( 281 ) بسند غير حجاج بن أرطاة وليس فيه ذكر العمرة أصلاً. قوله: ( خررت من يديك إلخ ) كان عمر يأمر بطواف الوداع للحاج ولم يكن عنده نص على هذا، فلما سمعه عن هذا الرجل قال له هذا القول بسبب أنه ما كان أخبره بهذا. *2*باب ما جاء أن القارن يطوف طوافا واحدا- الحديث رقم: 947 مذهبنا أن القارن يطوف طوافين وسعيين خلاف الشافعية فإنهم قالوا بالتداخل، وللقارن عندنا أربعة أطوفة ؛ طواف العمرة، وطواف القدوم وهو سنة، وطواف الزيارة وهو فرض، وطواف الوداع وهو واجب، واتفقوا على أن أطوفته في حجة الوداع كانت ثلاثة وتتابع الروايات على هذا، والخلاف في التخريج وأول أطوفته يوم دخل مكة لرابع من ذي الحجة، والثاني لعاشر ذي الحجة، والثالث للرابع عشر من ذي الحجة، ولم يثبت طواف نفل بين الرابع والعاشر، ثم ثبتت بعد العاشر إلى الرابع عشر برواية قوية عندي، ثم شرح الشافعية في أطوفته بما يوافقهم في مسألة تداخل أفعال العمرة في الحج، فقالوا: إن الأول طواف القدوم، والثاني طواف واحد عن الحج والعمرة، ج2ص287 والثالث طواف الوداع، فمراد حديث الباب أنه طاف طوافاً الذي يجزئ عن النسكين الحج والعمرة، وأما على مذهبنا فنقول: إن الأول للعمرة ودخل فيه طواف القدوم، والثاني للزيارة، والثالث للوداع، ولكني ما وجدت أحداً قال بإدراج طواف القدوم في طواف العمرة، إلا أنهم قالوا: إنه لو ترك طواف القدوم لا شيء عليه لأنه ترك سنة، وفي عبارة في معاني الآثار أنه لم يطف طواف القدوم، أقول: إن أحسن ما يجاب عن الحديث الوارد علينا ما ذكره مولانا مد ظله العالي أن المراد أنه طاف لهما طوافاً واحداً أنه طاف للإحلال عن الحج والعمرة واحداً وهكذا المسألة عندنا أي الإحرام والإحلال للقارن واحد عن النسكين، ويشير إلى ما قال مولانا دام ظله العالي حديث ابن عمر الآتي: < حتى يحل منهما > إلخ، وفي سنده عبد العزيز بن محمد الدراوردي وهو من رواة مسلم وقال الأكثرون: إنه من رواة معلقات البخاري أقول: وفي ص (737)، ج ( 2 ) من كتاب التفسير مرفوعاً أخرج له موصولاً في أبواب الجمعة في موضع واحد فاكتفى على جواب مولانا، ولا أذكر جواب غيره لقلة الجدوى فيه. وهاهنا دقيقة: وهو أن رواية جابر موقوفة فإنه وإن رضي فعله لكنه يروي ما خرّج بنفسه من فعله، وأما ابن عمر فحديثه قولي مرفوع فإذاً صار حديث جابر موقوفاً، فلنا أيضاً موقوفات منها ما أخرجه في معاني الآثار ص ( 406 )، ج ( 1 ). بأسانيد قوية عن ابن مسعود ومجاهد وعلي وفيه: القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين، وفي بعض الأسانيد حجاج وهو الأعور لا ابن أرطاة، ومر الحافظ على ما في الطحاوي وقال: إن الآثار صالحة للاحتجاج إذا ضم بعضها إلى بعض وقال: أمثلها ما فيه عبد الرحمن بن أذينة، وأقول: أمثلها ما فيه أبو نصر السلمي، وقال البيهقي: إن أبا نصر مجهول وأخذه الحافظ في اللسان العرب ونقل توثيقه من العجلي، وأما أنا فوجدته في طبقات ابن سعد وأنه من أصحاب علي فالحاصل أن ما فيه أبا نصر أعلى مما فيه ابن أذينة، واختلفوا في تعدد سعيه، وقال الشاه ولي الله رحمه الله في شرح الموطأ بما حاصله: إن اختلاف الصحابة في طوافه في التخريج وما اختلفوا فيما شاهدوه بأعينهم من أفعاله، وعُدّ من هذه الأفعال السعي أيضاً، وقال: لم يثبت تعدد سعيه أصلاً لرواية جابر، أقول: لا بد من سعي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنه كان قارناً على مختارنا، فأخرج الزيلعي روايتين لتعدد السعي إلا أنهما ضعيفتان وفي سند أحدهما رجل ما حسنه أحد إلا ابن حبان، ثم تصدى ابن الهمام فحسن الرواية ومر القسطلاني على ما في فتح القدير، وقال: إن الاستدلال في مقابلة الصحيحين بما ليس على رسمهما خارج من الإنصاف، وأما إثبات تعدد السعي فأول من أتى به هو القاضي ثناء الله رحمه الله في منار الأحكام وذكر بعض كلامه في التفسير المظهري، وتمسك على التعدد بوجه صحيح، وقال: وإن لم يصرح أحد بتعدد السعي ولكنه لازم وطريق لزومه أن في بعض الروايات ذكر سعيه راكباً وفي بعضها (ج2ص288) ماشياً كما في مسلم، فيكون السعي اثنان: الأول راجلاً وهو بعد طوافه للقدوم عند الشافعية، وطوافه للقدوم والعمرة عندنا ما < طاف طوافاً واحداً راجلاً > كما في مسلم ص ( 396 )، وأخرجه أبو داود أيضاً في الحديث الطويل عن جابر، وفيه: حتى انصبت قدماه في بطن الوادي حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة إلخ، فهذه المذكور شأن المشي راجلاً صراحة، وأما الطواف الثاني راكباً فأخرجه مسلم ص (413 ) عن جابر: طاف في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجن ليراه الناس إلخ، باب جواز الطواف على بعير وغيره واستلام الحجر بمحجن ونحوه للراكب ولكني لا أعلم تاريخ هذا السعي الثاني أنه كان قبل يوم النحر أو بعده؟ والأليق بمسائل الأحناف أن يكون يوم النحر فإن السعي يكون بعد الطواف، وما طاف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد طوافه للعمرة أو القدوم على خلاف المذهبين إلا هذا الطواف أي يوم النحر، ولما مرَّ ابن حزم على ما في مسلم تأول بتأويلين، وقال بأن المراد حتى انصبت قدماه أنه انصبت قدماه وهو على راحلته والنزول والصعود إنما هو نزول الناقة وصعودها، أقول: إن هذا التأويل غير مقبول فإن ألفاظ الحديث وتبادرها يخالفه، وأيضاً: من كان راكباً لا يسعى بين الميلين الأخضرين بل يمشي، وعندي قرائن كثيرة تدل على خلاف قول ابن حزم منها ما في الدارقطني عن حبيبة بنت أبي تجرات أنه رأيته أنه يسعى ويدور إزاره من شدة السعي حتى رأيت ركبتيه.. إلخ وإسناده قوي لكنه ليس فيه تصريح أنه واقعة حجة الوداع أو عمرة من العمرات وليست بعمرة الجعرانة لأنها وقعت بالليل فلا يكون إلا عمرة القضاء أو حجة الوداع، وظني الموثق بالقرائن أنه واقعة حجة الوداع ولكني لم أجد تصريحه في متن الحديث، وأما التأويل الثاني من ابن حزم في رواية مسلم فقال: إن بعض الأشواط كانت راجلاً وبعضها كانت سعيها راكباً، أقول: يرده حديث أخرجه أبو داود ص (266 ): طاف سبعاً على راحلته.. إلخ، باب الطواف الواجب، مصرح فيه أنه طاف سبع أشواط راكباً، وحديث أبي داود عن أبي الطفيل أخرجه مسلم أيضاً إلا أنه ليس فيه ما تمسكت به، ثم فيما في أبي داود كلام في أنها واقعة عمرة القضاء أو الجعرانة أو حجة الوداع وليست واقعة عمرة الجعرانة فإنه سعى فيها بالليل مضطجعاً، وليست واقعة عمرة القضاء فإن الرجال كانوا معه قليلاً قريب أربعة عشر مائة، وفي البخاري كنا نحفظه كيما يصيبه كافر بحجارة، فإذن كيف كثرة الناس وتسأل الصحابة الذي في رواية مسلم وأبي داود، وأما في حجة الوداع فكانوا أربعين أيضاً إلى سبعين ألفاً فعلم أن الواقعة واقعة حجة الوداع، ومما يدل على هذا أن أبا الطفيل من آخر الصحابة موتاً، وفي مسند أحمد أنه قال: ولدت عام أحد، فإذن يكون عمره في عمرة القضاء خمسة سنين، وفي حجة الوداع قريب ثمانية سنين، ومما يدل على قصر عمره في عهده ما أخرجه أبو داود ص ( 352 ) ج ( 2 )، قال أبو الطفيل: وأنا يومئذٍ غلام أحمل عظم الجزور.. إلخ، باب بر الوالدين، ومما يدل على أن ما في أبي داود واقعة حجة الوداع ما أخرجه (ج2ص289) مسلم ص ( 411 ): أراني قد رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: < صفه لي > قال: قلت رأيته عند المروة على ناقة وكثر عليه الناس.. إلخ، وهذه الواقعة واقعة حجة الوداع، لأن كثرة الناس فيها، ومصداق ما في أبي داود وما في مسلم واحد هذا ما وفق لي، والكلام أطول منه. وأما أدلة الشافعية وجوابها من جانبنا فأقول: لا أتعرض إلى كل لفظ لفظ، بل أذكر أجوبة يجري كل واحد منها في نوعها من الذي يقربه في ألفاظ الحديث، فمنها ما أخرجه مسلم في صحيحه ص ( 414 ) عن جابر، لم يطف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا أصحابه إلا طوافاً واحداً بين الصفا والمروة.. إلخ، قال النووي: إنه دليلنا على وحدة السعي، أقول: العجب من النووي أنه تصدى للاستدلال على وحدة السعي للقارن قبل أن يستقيم الحديث على مذهبه ؛ فإن المتمتع يجب عليه السعيان اتفاقاً إلا في رواية عن أحمد. وقد ثبت أن الصحابة كانوا أكثرهم متمتعين، وفي مسلم منهم مفرد ومنهم متمتع ومنهم قارن، وقالوا: إن القارن هو النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والخلفاء الأربعة وطلحة والزبير فإذن لا يصدق حديث مسلم إلا على أقل من الحجاج على شرح النووي، وأقول في شرح حديث مسلم: فقد سنح لي قبل ثم وجدت إليه إشارة خفية من الطحاوي، والمراد أن السعي الواحد لنسك واحد كاف وهذا من المتفق عليه، فمراد حديث جابر وما يضاهيه أن السعي الواحد لنسك واحد كاف، ومنها ما في البخاري فعل ابن عمر: أنه حج في فتنة الحجاج المبير ودخل ابن عمر مكة وطاف طوافاً واحداً ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول إلخ، ومر عليه الحافظ ولم يأت بشاف فإنه غير مستقيم على مذهبهم أيضاً وشرحه على مذهب أبي حنيفة أنه طاف طواف العمرة وأدرج فيه طواف القدوم للحج لا طواف الزيارة، ومما يرد علينا ما في أبي داود ص ( 256 ) عن جابر ما يدل على وحدة سعي المتمتعين في حجة الوداع فإن فيه: وطافوا بالبيت ولم يطوفوا بين الصفا والمروة.. إلخ باب إفراد الحج، وأخرجه الطحاوي أيضاً ولا يستقيم هذا الحديث إلا على رواية عن أحمد فتمسك ابن قيم على وحدة السعي للمتمتع بذاك الحديث أقول: كيف يتمسك بما في أبي داود والحال أنه يخالف صريحاً حديث البخاري ص (213 ) عن ابن عباس؟ ورواية البخاري تفيدنا في أن إشارة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام إلى القران والتمتع فإذن إما أن يسقط ما في أبي داود لخلافه حديث البخاري أو يتأول فيه بأن مراد ما في أبي داود أن بعض الصحابة سعوا سعياً واحداً كلهم، ومما يرد علينا ما أخرجه مسلم ص ( 386 ) عن عائشة: وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً إلخ، وتمسك الشافعية بذلك على الطواف الواحد للقارن، وأما شرحنا في حديث عائشة ج2ص290 فمثل شرحنا في حديث الباب على ما شرح مولانا مد ظله العالي فيجري هذه الأجوبة الأربعة في ما يضاهيها في الألفاظ، وأما أدلتنا فكثيرة ذكرت بعضها أولاً من معاني الآثار ص ( 406 ) ج ( 1 ). *2*باب ما جاء أن يمكث المهاجر بمكة بعد الصدر ثلاثا- الحديث رقم: 949 الصدر بفتح الوسط وسكونه الرجوع، والحكم المذكور في حديث الباب كان ثم نسخ والمراد في حديث الباب من طواف الصدر طواف الوداع. *2*باب ما جاء ما يقول عند القفول من الحج والعمرة- الحديث رقم: 950 قد اعتنى أرباب متون الشافعية إلى الأذكار الواردة في الصلاة والحج بخلاف الأحناف فإنهم ما اعتنوا بها، ويزعم الناظر عدم الاعتداد عندهم، وصنف صاحب الهداية في أذكار الحج وسماه عدة الناسك في عدة من المناسك قال النووي: إن الوقف على ثلاثة مواضع في دعاء الباب مستحب أي على وعده، ووحده، وعبده. ج2ص291 *2*باب ما جاء في المحرم يموت في إحرامه- الحديث رقم: 951 حال المحرم الميت عند الشافعي حال المحرم الحي حتى لا يستر رأسه ووافقه أحمد، وقال أبو حنيفة ومالك: إن حال الموتى كلهم سواءٌ ويستر الوجه والرأس، واحتج الأولون بحديث الباب وهذا الرجل مات في عرفات، وحمله الآخرون على خصوصية هذا الرجل بشارة ثم اعترض الآخرون بأن في مسلم: < لا تخمروا رأسه ولا وجهه > والحال أنكم قلتم بجواز ستر الوجه عند الحياة فتمسك الأولون بما في الهداية أن إحرام الرجل في الرأس وإحرام المرأة في الوجه، ثم اعترض الأولون بوجه آخر وهو أن في حديث الباب الغسل بالسدر فالحال إن المحرم الحي لا يجوز له الغسل بالسدر فلا يكون حكم الحي والميت سواءً، بل المذكور في حديث الباب البشارة لهذا الرجل وخاص به. ج2ص292 *2*باب ما جاء في الرخصة للرعاة أن يرموا يوما ويدعوا يوما- الحديث رقم: 954 الرعاة مرخصون في رمي الجمار جمعاً في يوم واحد رمي يومين ولا جناية عند مالك وأحمد والشافعي ومحمد وأبي يوسف رحمهم الله، وقال أبو حنيفة: إن التأخير عن الوقت الذي ذكرنا أولاً يوجب الجزاء والجناية، وأما الجمهور فيجوزون جمع رمي يومين في يوم واحد ثم الجمع جمع تقديم وتأخير ولم يذهب أحد من الأئمة إلى جمع التقديم إلا ما توهم إليه رواية مالك وسيأتي شرحها، وأما كتب الموالك ففيها نفي الجمع تقديماً، وأما جواب حديث الباب من جانب أبي حنيفة فأقول: إن في كتب الحنفية انتشاراً في البدائع لا يلزم الجزاء بترك واجب، وكذلك نسب صاحب البحر إلى البدائع وهذا مفهوم من البدائع ولم أجد التصريح فيه، وفي بعض الكتب أنه لا جزاء إلا في البعض وهي ست واجبات جمعتها: ~ سعي وحلق ومشي عند طوفهما... صدر وجمع وزور قبل إمساءٍ ~ من واجبات ولكن حيثما تركت... من العوارض قد قالوا بإجزاءٍ ثم قالوا: إن ترك هذه الستة منصوص فلا يكون فيها الجزاء، أقول: فعلى هذا تأخير الرمي أيضاً منصوص فيستثنى، وفي الهداية تصريح أنه لو أخر الرمي إلى الغد بعذر أو بدونه فجناية عند أبي حنيفة وإلى هذا تشير عبارة محمد في موطئه ص ( 233 ) فإنه ذكر الحديث المرفوع عن عاصم بن عدي ثم ذكر مذهبهما ومذهب أبي حنيفة ونسب لزوم الجزاء إليه، وما فصل العذر أو بدونه فظاهر الموطأ تؤيد قول الهداية، فلا يجري الجواب بناءً على ما قال في البدائع والبعض الآخرون فلم أجد أحداً أجاب عن حديث الباب، وأما في حاشية الموطأ نقلاً عن البناية للعيني فلا يخرج ما نقله من كلام العيني، (ج2ص293) وكلام العيني ليس تحت هذا الحديث، فأقول في الجواب: إن الرعاة مرخصون في جمع رمي يومين ولكنه عند العذر، وأما ما نقل محمد في موطئه عن أبي حنيفة فمراده أن الرخصة للرعاة ليست بناءً على رعي الإبل بهذا القدر فقط بل مدار الرخصة هو ضياع المال، فالعذر هو ضياع المال لا رعي الإبل فقط، فإنه إذا كانوا كثيراً فالعذر يسير فإنه يمكن لهم أن يرعى بعضهم، ويرمي بعضهم، فيقال: إن الحديث يرخص لعذر ضياع المال لا لعذر رعي الإبل، أو يقال: إن التأخير عنده أن يؤخر رمي الحادي عشر مثلاً إلى طلوع فجر الثاني عشر ويرمي له بعد طلوع الفجر لأنه وقت جواز على ما روى حسن بن زياد رواية عن أبي حنيفة، والشريعة تعتبر الأيام اللاحقة مع الليالي الماضية إلا في أيام الرمي. قوله: ( ورواية مالك أصح إلخ ) أي الآتية، أقول كيف الفرق بين رواية مالك وابن عينية، وإن قيل: إن في مسند مالك بيان أن عدياً جد أبي البداح لا في سند ابن عينية لكن هذا لا يصلح مدار للأصحية، وإن كان التصحيح باعتبار المتن فمتن رواية مالك هاهنا موهم إلى خلاف الجمهور ولا موهم في رواية ابن عينية، فإذن يكون الترجيح لرواية ابن عينية، اللهم إلا أن يقال: إن الأصح متن مالك الذي في موطئه الذي في الترمذي ولكنه أيضاً بعيد، فالحاصل أني لم أجد وجهاً شافياً لترجيح رواية مالك على رواية ابن عينية. قوله: ( في الأول منهما إلخ ) ظاهر هذا خلاف الكل فإنه يشير إلى جمع تقديم ولا يقول به أحد فيتأول فيه، ويقال بأن المراد أن يكون الترك في الأول والأداء في الثاني، لا الرمي في الأول منهما، وفي مسند أحمد عن مالك: وظننت أنه قال في الآخر منهما فصح الحديث بمعناه، وإني أقطع بصحة ما في المسند. قوله: ( البيتوتة إلخ ) أي كان السنة البيتوتة في منى فرخص لهم أن يبيتوا في إبلهم. ج2ص294 *2*باب ما جاء في يوم الحج الأكبر- الحديث رقم: 956 أحرم علي إحراماً مبهماً، ونسب النووي إلى أبي حنيفة بطلان الإحرام المبهم، والحال أنه خلاف ما في كتبنا نعم يجب عليه التعيين قبل الشروع في أفعال الحج. قوله: ( الحج الأكبر إلخ ) الحج الأكبر في عرف الحديث هو الحج، وأما الحج الأصغر فالعمرة، لا ما هو متعارف في عامة الناس من أن الحج الأكبر الذي يكون يوم عرفة فيه يوم الجمعة. ج2ص295 *2*باب ما جاء في استلام الركنين- الحديث رقم: 959 استلام الركن اليماني مستحب عندنا لما صرح محمد رحمه الله. قوله: ( مثل الصلاة إلخ ) هكذا عند الفقهاء في بعض الأحكام مثل ستر العورة والطهارة، وفي مشكل الآثار: إن المرور بين يدي مصلي يصلي حول الكعبة جائز للطائف لأن الطواف مثل الصلاة. ج2ص296 قوله: ( بطيب غير المقتت إلخ ) أي الذي لم تلق فيه الرياحين، وحديث الباب يخالف أبا حنيفة فإنه يقول بعدم جواز الزيت الخالص أيضاً، وأما الوجه فقيل: إن فيه طيباً، وقيل: إنه مادة العطريات وأصلها في العرب فله طيب في نفسه أيضاً، وأصلها في العرب دهن الزيت، وفي قديم عهد الهند كان دهن السمسم والصندل، والجواب من الحديث بأنه لعله دهن قبل الإحرام وبقي إلى داخل الإحرام، ويجوز للمحرم أن يطيب قبل الإحرام بطيب يبقى جرمه بعد الإحرام أيضاً عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد ولا يجوز عند محمد رحمه الله ومالك رحمه الله، ويبحث من حيث الحديث فنقول: إن المصنف غرب الحديث والغريب يجتمع مع الحسن والصحيح، ولكن الظاهر من كتاب المصنف أنه إذا غرب حديثاً ولم يحسنه لا يكون الحديث صالح التحسين عنده، ومر الحافظ على حديث الباب فأعله وقال: ليس بمرفوع. *2*باب- الحديث رقم: 963 ذكر من فضائل ماء زمزم أنه إذا دعى بدعوة حين شربه بمكة تستجاب تلك الدعوة، وعليه واقعة ابن حجر حافظ الدنيا وواقعة السيوطي وواقعة ابن الهمام، وأتى ابن الهمام بحديث في فتح القدير ص ( 495 ) بحديث فضل ماء زمزم، وعبر عن الحافظ بقوله: شيخنا فهل له تلمذ منه أم لا؟. والله أعلم. ج2ص297
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |