|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من سيرة خالد بن الوليد رضي الله عنه عبدالله بن عبده نعمان العواضي كان يوم فتح مكة يومًا عظيمًا من أيام الإسلام، وزمنًا مشرقًا في أفق الزمان، ففي هذا اليوم المجيد هُدمت الأوثان والأصنام، ومُزقت عقيدة الاستسقام بالأزلام من البيت الحرام، وطهرت مكة وما حولها مِن دنس الشرك والوثنية، وأعلنتْ أم القرى مدينة خالية من معبودات الجاهلية، وعُمِّرت بتوحيد الله رب البرية. ومن نظر في القرآن الكريم وجَد كثرة الحديث عن بطلان عبادة الأصنام، وتتابُع الدعوة إلى توحيد الله تعالى، ونبذ كل معتقد يباين ذلك، وكان من ضمن تلك الآلهة المعبودة من دون الله تعالى عند أهل مكة: العزى؛ يقول ربُّنا تبارك وتعالى: ï´؟ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ï´¾ [النجم: 19-23]؛ قال ابن كثير: العُزَّى من العزيز، وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف، كانت قريش يعظمونها، كما قال أبو سفيان يوم أحد: لنا العزى ولا عزَّى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم)، وروى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حلف، فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقَامرْك، فليتصدَّق)، وهذا محمول على مَن سبق لسانه في ذلك، كما كانت ألسنتهم قد اعتادته في زمن الجاهلية، هذه الثلاثة التي نص عليها في كتابه العزيز، وإنما أفرد هذه بالذكر - يعني العزى - لأنها أشهر من غيرها؛ قال ابن إسحاق في السيرة: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيتَ، وهي بيوت تُعظمها كتعظيم الكعبة، بها سدنة وحجَّاب، وتُهدي لها كما يهدى للكعبة، وتطوف بها كطَوْفَاتِها بها، وتنحر عندها، وهي تعرف فضل الكعبة عليها؛ لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم عليه السلام، ومسجده، فكانت لقريش وبني كنانة العُزَّى بنخلة، وكانت سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم حلفاء بني هاشم [1]. ولخمس بقين من رمضان من السنة الثامنة عقب فتح مكة، بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه لهدم العزى فهدَمها [2]. وقال ابن الكلبي: كان الذي اتخذ العزى ظالم بن أسعد، وكانت بوادٍ من نخلة، وكانت أعظم الأصنام عند قريش، وكانوا يزورونها، ويهدون لها ويتقربون عندها بالذبح، وكانت قريش قد حمت لها شعبًا من وادي حراض يقال له: سقام، يضاهون به حرم الكعبة، وكانت قريش تخصها بالإعظام؛ فلذلك يقول زيد بن عمرو بن نفيل - وكان قد تألَّه في الجاهلية وترك عبادتها وعبادة غيرها من الأصنام -: تركتُ اللاتَ والعزى جميعًا ![]() كذلك يفعل الجلد الصبورُ ![]() فلا العزى أدينُ ولا ابنتيها ![]() ولا صنمي بني غنمٍ أزور.. ![]() فلما كان عام الفتح دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم خالد بن الوليد، فقال: انطلق إلى شجرةٍ ببطن نخلة، فاعضدها، فانطلق خالد فلما رآه سادنها دبية قال دبية للعزى: أعزاء شدي شدةً لا تكذبي ![]() على خالدٍ ألقي الخمار وشمري ![]() فإنك إلا تقتلي اليوم خالدًا ![]() تبوئي بذلٍّ عاجلًا وتنصري ![]() فقال خالد: يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك ثم ضربها ففلق رأسها، فإذا هي حممة، ثم عضد الشجرة، وقتل دبية السادن. ثم أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأخبره، فقال: تلك العزى، ولا عزى بعدها للعرب، أما إنها لن تعبد بعد اليوم [3]. وفي الوقت نفسه من رمضان من ذلك العام بعث رسول الله عليه الصلاة والسلام عمرو بن العاص لهدم سواع برهاط من بلاد هذيل، وبعث سعد بن زيد الأشهلي لهدم مناة، وكانت بالمشلل للأوس والخزرج وغسان [4]. شذرات من سيرة خالد بن الوليد رضي الله عنه: إن خالد بن الوليد نموذج فريد من الرجال النبلاء الذين نقشوا بأفعالهم الجليلة أسماءهم في جدار الزمان، وأبقوا الثناء عليهم مشرقًا في ذاكرة الخلود، سنوات قليلة من حياة العظمة أدخلت خالدًا رضي الله عنه خالدًا كاسمه في تاريخ العظماء؛ ليبقى مدرسة متقدمة تتخرج من عبقريتها عقول كبيرة، وتنهل من آثار أعمالها العسكرية الفذة الأجيال تلو الأجيال. لقد كان أبو سليمان رضي الله عنه مثالًا للقائد المحنك الذي يتقن فن القيادة، ويجيد رسم خطط الحرب، ويعرف كيف يديرها، وكان قدوة حسنة للرجل الكبير الذي يتواضع للحق وينحني له، ويدع صلف الكبرياء، ويستجيب لداعي العقل الحصيف، ودعوة الدين الحنيف. وكان نموذجًا مضيئًا للقائد المؤمن الذي يطلب أجره من الله فحسب، ويحتسب عمله عنده، ولا يبحث عن الرتب العسكرية وترقياتها، ويحرص على التمسك بالمرتبة التي وصل إليها، ولم يكن يستغل مركزه للوصول إلى طاعة أهوائه، وتلبية حاجات شهواته. وكان سيفًا صقيلًا على هامات الباطل، رفع الله به راية الحق، وأزاح عن امتداد نور الإسلام حجبًا كثيفة من الظلم والظلمات كانت تقف أمامه، حتى وصل بسنابك خيل الإسلام إلى بلاد الروم والفرس. دعونا نقترب من حياته قليلًا؛ لنعرف هذا الرجل العظيم الذي أطلَّ على الدنيا مولودًا في مكة، واحتضنت جسده الطاهر ميتًا بقعةٌ من بقاع الشام. اسمه ونسبه رضي الله عنه: هو القائد العظيم والصحابي الجليل: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبدلله بن عمرو بن محزوم القرشي المخزومي سيف الله أبو سليمان، أحد الشجعان المشهورين، لم يقهر في جاهلية ولا إسلام، كان أحد أشراف قريش في الجاهلية [5]. إسلامه رضي الله عنه: اختلف في وقت إسلامه وهجرته؛ فقيل: في سنة سبع بعد خيبر، وقيل: قبلها، وقيل: في أول يوم من صفر سنة ثمان [6]، ورجَّح ابن حجر أنه أسلم بين الحديبية والفتح [7]. تخصصه رضي الله عنه: كان قائدًا عسكريًّا من الطراز الأول في الجاهلية والإسلام، وكانت خططه الحربية وتكتيكاته العسكرية سببًا من أسباب النصر في معاركه. ففي الجاهلية كانت إليه القبة وأعنَّة الخيل، فأما القبة فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهزون به الجيش، وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدم على خيول قريش في الحروب [8]. شهد مع كفار قريش الحروب إلى عمرة الحديبية، وموقفه في قلب دفة المعركة في أُحد معلوم، وفي الإسلام كان له القدح المعلَّى في فتوحاته ومعاركه، كما سيأتي. ولانشغاله بهذا التخصص لم يروِ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الأحاديث إلا القليل؛ كحديث أكله الضب في بيت خالته ميمونة رضي الله عنها على سفرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [9]، وحديثه القائل فيه: "ندقَّ في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما صبرت معي إلا صفيحة يمانية" [10]. حتى لقد قال: "لقد شغلني الجهاد عن تعلُّم كثير من القرآن"[11]. بعض مهماته العسكرية الإسلامية رضي الله عنه: لقد كان لسيف الله خالد جهد عظيم في الحروب والبعثات العسكرية التي أرسله بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم أبو بكر رضي الله عنه من بعده، فكان سهمهما الذي لا يخيب، وسيفهما الذي لا يفل، ورمحهما النافذ إلى أكباد الباطل. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |