|
|||||||
| الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
التآلف بين قلوب أهل الإيمان
التآلف بين قلوب أهل الإيمان أمرٌ غاية في الأهمية لقيام الدين ونصرة الحق، وقد مَنَّ الله على أهل الإسلام الأُوَل من المهاجرين والأنصار بأُلْفة كانت سببًا- بأمر الله- في قيام الدولة والدعوة ونشر الإسلام، فالألفة هي الاجتِماع مع المحبَّة، قال ابنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عنهما-: «إنَّ الرَّحِمَ تُقطَعُ، وإنَّ النِّعَمَ تُكفَرُ، ولم أرَ مِثلَ تقارُبِ القُلوبِ»، وقد عظم الله الألفة والاجتماع بأمر رباني لأهل الإيمان، فقال -تعالى-: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}؛ فالفرقة هلاك، والجماعة نجاة من الفتن. معنى الألفة لغة الألفة مشتقة من مادة (أ ل ف)، وتدل على الاجتماع والأنس ودوام الاعتياد. الألفة اصطلاحًا الألفة هي اجتماع القلوب على المحبة والأنس، أما التآلف فهو مداراة ضعاف الإيمان أو حديثي العهد بالإسلام؛ لتثبيتهم عليه وترغيبهم فيه، وقال العلماء: الألفة ميل القلب إلى من يألفه، واتفاق الآراء على التعاون في مصالح المعاش. الألفة من أسباب صلاح الإنسان جعل الماوردي الألفة الجامعة من أهم ما يصلح به حال الانسان؛ لأن المرء عرضة للأذى ومحسود على النعمة، فإذا لم يكن إلفا مألوفا تكاثرت عليه عداوات الناس، وتعرض لأذى الحاسدين، أما إذا كان حسن المعاشرة مألوفًا بين الناس سلمت نعمته واعتدل عيشه، وإن كان صفو الزمان نادرًا. أَسْبَابُ الألفة وَأَسْبَابُ الألفة عشرة وَهِيَ: الدِّينُ وَالنَّسَبُ، وَالْمُصَاهَرَةُ، والمؤاخاة، وَالْبِرُّ، وإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وإِفْشَاء السَّلَامِ، ولين الكلمة، وحُسْن الْمُعَامَلَة، وحُسْنُ الْخُلُقِ. أولاً: الدِّين إن الدِّين يبعث على التناصر، ويمنع من التقاطع والتدابر، وهو أول أسباب الألفة؛ لذا أمر الله -سبحانه وتعالى- المؤمنين بالألفة، ونهاهم عن الفرقة، قال -تعالى-: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (آل عمران: 103)، أي في دينكم كما افترقت اليهود والنصارى في أديانهم، وأمرهم -سبحانه وتعالى- بأن يكونوا في دين الله إخوانا؛ فيكون ذلك منعا لهم عن التقاطع والتدابر، وليس فيه دليل على تحريم الاختلاف في الفروع؛ فإن ذلك ليس اختلافا؛ إذ الاختلاف ما يتعذر معه الائتلاف والجمع الذي هو سبب الفساد، وقال -تعالى-: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ}(آل عمران: 105)، وبمثل ذلك وصى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، فقال: «لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام»، وهذا وإن كان اجتماعهم في الدين يقتضيه، فهو على وجه التحذير من تذكر تراث الجاهلية وإحن الضلالة. فقد بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والعرب أشد تقاطعا وتعاديا، وأكثر اختلافا وتماديا، حتى إن بني الأب الواحد يتفرقون أحزابا؛ فتثار بينهم أحقاد الأعداء، وكانت الأنصار أشدهم تقاطعا وتعاديا، وكان بين الأوس والخزرج من الاختلاف والتباين أكثر من غيرهم إلى ان أسلموا؛ فذهبت إحنهم وانقطعت عداواتهم، وصاروا بالإسلام إخوانا متواصلين، وبألفة الدين أعوانا متناصرين، قال الله -تعالى-: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} (آل عمران: 103)، يعني أعداء في الجاهلية فألف بين قلوبكم بالإسلام. وقال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} (مريم: 96) يعني حبا، وعلى حسب التآلف على الدين تكون العداوة فيه إذا اختلف أهله؛ فإن الإنسان قد يقطع في الدين من كان به بارا وعليه مشفقا. هذا أبو عبيدة بن الجراح، وقد كانت له المنزلة العالية في الفضل والأثر المشهور في الإسلام، قتل أباه يوم بدر وأتى برأسه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاعة لله -عز وجل- ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، حين بقي على ضلاله، وانهمك في طغيانه، فلم تمنعه عنه رحمة، ولا كفه عنه شفقة، وهو من أبر الأبناء، تغليبًا للدين على النّسب، ولطاعة الله -تعالى- على طاعة الأب، وفيه أنزل الله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (المجادلة: 22)، وقد يختلف أهل الدين على مذاهب شتى وآراء مختلفة؛ فيحدث بين المختلفين فيه من العداوة والتباين مثل ما يحدث بين المختلفين في الأديان؛ وعلة ذلك أن الدين والاجتماع على العقد الواحد فيه لما كان أقوى أسباب الألفة، كان الاختلاف فيه أقوى أسباب الفرقة. ثانيا: النسب النسب هو الثاني من أسباب الألفة؛ إذ إن تعاطف الأرحام، وحمية القربة، يبعثان على التناصر والألفة، وتمنعان من التخاذل والفرقة؛ ولذلك حفظت العرب أنسابها لما امتنعت عن سلطان يقهرها ويكف الأذى عنها لتكون به متظافرة على من ناوأها، متناصرة على من شاقها وعاداها، حتى بلغت بألفة الأنساب تناصرها على القوي. ثالثا: المصاهرة المصاهرة هي ثالث أسباب الألفة؛ فالمصاهرة استحداث مواصلة، وتمازج مناسبة، صدرا عن رغبة واختيار، وانعقدا على خبرة وإيثار، فاجتمع فيها أسباب الألفة والمودة، قال الله -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: ٢١). يعني بالمودة المحبة، وبالرحمة الحنوّ والشفقة، وهما من أوكد أسباب الألفة، ولم تزل العرب تجتذب البعداء، وتتألف الأعداء بالمصاهرة، حتى يرجع النافر مؤانسًا، ويصير العدو مواليا، وقد تصير ألفة بين القبيلتين، وموالاة بين العشيرتين، حكى عن خالد بن يزيد بن معاوية أنه قال: كان أبغض خلق الله -عز وجل- إلي آل الزبير، حتى تزوجت منهم «رملة» فصاروا أحب خلق الله -عز وجل- إلي. رابعا: المؤاخاة أما المؤاخاة بالمودة: وهي الرابع من أسباب الألفة، فلأنها تكسب بصادق الود إخلاصًا ومصافاة، وتحدث بخالص المصافاة وفاء ومحاماة، وهذا أعلى مراتب الألفة، ولذلك آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه، لتزيد ألفتهم، ويقوى تضافرهم وتناصرهم. خامسا: البر البِرّ هو الخامس من أسباب الألفة؛ لأنه يوصل إلى القلوب ألطافا، ويثنيها محبة وانعطافا؛ ولذلك ندب الله -تعالى- إلى التعاون به، وقرنه بالتقوى له، فقال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (المائدة: 2)؛ لأن له في التقوى رضا الله -تعالى-، وفي البر رضا الناس، ومن جمع بين رضا الله -تعالى- ورضا الناس فقد تمت سعادته وعمّت. سادسا: إجابة الدعوة ومن أسباب الألفة إجابة دعوة المسلم ما لم يكن منكرًا أو يجرّ إلى منكر؛ فتلك من أسباب الألفة والمحبة بين المسلمين، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ومن دعاكم فأجيبوه»، أي: من دعاكم إلى طعام فأجيبوه، والحديث أعم من الوليمة وغيرها، وهو يدل على الوجوب إلى وليمة العرس وغيرها، وإن كانت وليمة العرس أوكد وأوجب، وإن كان يقصد إلزامه بالقسم وجبت إجابته، او إكرامه فلا تجب عليه. قال - صلى الله عليه وسلم -: «ولو دعيت إلى كراع لأجبت». ولهذا السبب شروط ستة وهي: أن يكون الداعي ممن لا يجب هجره، وألا يكون هناك منكر في مكان الدعوة؛ فإن كان هناك منكر فإن أمكن إزالته وجب عليه الحضور، وأن يكون الداعي مسلما، وألا يكون كسبه حراما، وألا يتضمن إجابته إسقاط واجب أو ما هو أوجب منه، وألا تتضمن ضررا على المجيب؛ فإن تحققت الشروط وجبت إجابة الدعوة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله». سابعًا: إفشاء السلام ومن أسباب الألفة إفشاء السلام التي هي تحية أهل الإسلام في الدنيا والآخرة، فبه ينعم المسلم بالأمن والطمأنينة والسلام، والتحية معناها: دعاء الله بطلب السلامة من الشرور للمسلم عليه، وقد أمرنا بإفشائها؛ لأن ذلك من أسباب الألفة والمحبة بيننا، وهي تحية الرب -جل جلاله- لأهل الجنة. ثَامِنًا: لين الكلمة مِنْ أَسْبَابِ الألفة، تَرْكِ الإغلاظ مِنْ الْقَوْلِ وَحُسْنُ الْقَوْلِ لِغَّيَّرِكَ، وَسُّهُولَةِ الْأُسْلُوبِ، بالكلمة الطيبة وَبَسِطَ الْوَجْهِ، قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)، وَيَقُولُ - صلى الله عليه وسلم -: «قَتْلُ الْمُسْلِمِ كُفْرٌ وَسِبَابُهُ فُسُوقٌ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» رَوَاهُ الطبراني، وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ-رَضِيَ اللهُ عنهما-، قَالَ: «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، سَبَّابًا، وَلَا فَحَّاشًا، وَلَا لَعَّانًا، وَكَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْمَعْتَبَةِ مَا لَهُ تَرِبَتْ جَبِينُهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وعَنْ عَبْدَ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه -، قُالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فِسْقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» (متفق عليه)، فمن من سره مودة الناس له ومعونتهم إياه وحسن القول منهم فيه حقيق بأن يكون على مثل ذلك لهم. تاسعاً: حُسْن الْمُعَامَلَة وَمِنْ أَسْبَابِ الألفة حُسَنَ الْمُعَامَلَة مَعَ الآخر؛ فيَجبُ عَلى المُسلِم أن يُحْسِنَ الْمُعَامَلَة مَعَ جَمِيع الْخلق فِي جَمِيع أُمُور الدُّنْيَا وَالدِّينِ؛ لِيَكُونَ سَّلِيم الْعَاقِبَة إِذْاَ لَقِي اللهَ -تعالى-؛ حَيْثُ إِنَ حُسَنَ الْمُعَامَلَة يَجْلُبُ الْمَحَبَّة، وَالْمَوَدَّة، وَتِلْكَ مِنْ أَسْبَابِ الألفة. عَاشرًا: حُسْنُ الْخُلُقِ فَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بأحبكم إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَسَكَتَ الْقَوْمُ فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ الْقَوْمُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا» (رواه أحمد)،؛ وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستفتاح قولهك « وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ» رواه النسائي. اعداد: محمد مالك درامي
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |