|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة المسجد الحرام .. شفقة المؤمنين ورحمتهم بالمذنبين
ألقاها الشيخ د. بندر بن عبدالعزيز بليلة جاءت خطبة الحرم المكي بعنوان: (شفقة المؤمنين ورحمتهم بالمذنبين)، حيث تناول الشيخ د. بندر بن عبدالعزيز بليلة -في بداية خطبته- الوصية الربانية بتقوى الله والتزود منها؛ فالتقوى هي خير الزاد، وكذلك حث على عدم اليأس من روح الله، وحذّر من القنوط ورغب الناس في المبادرة بالتوبة لله -عز وجل- فقال فضيلته: اتَّقوا الله -رحمكم الله-، ولا تيأسوا من رَوْح الله، ولا تقنطوا من رحمة الله؛ فإنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- يبسُط يده بالليل ليتوب مسِيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسِيء الليل حتى تطلُع الشمس من مغربها. الابتلاء بالذنوب رحمة للتائبين ثم قال : إنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- أودَع في بني آدم من الغرائز والشهوات والمَيل والرغبات ما صيَّر ذلك مناطًا للتكليف بالأوامر والمنهيات، وكتَبَ عليهم حظَّهم من المخالَفات ابتلاءً منه واختبارًا ليعلم الله مَن يخافه بالغيب؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلُّ ابن آدم خطَّاء، وخيرُ الخطَّائين التوَّابون»(أخرجه الإمام أحمد). والغاية من ذلك: أن يرجع إليه التائبون، ويُقبل عليه المنيبون، وينطرح بين يديه الأوَّابون؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقومٍ يُذنبون فيستغفرون الله، فيغفر لهم» (أخرجه مسلم). رحمة الله بعباده في الكتاب والسنة ثم ذكر فضيلته أنَّ من أعظم صفات الله -عَزَّ وَجَلَّ- صفة الرحمة؛ قال -تعالى-: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}(الأعراف:156).، وإنَّ من أجلِّ أسمائه اسمَيِ «الرحمن، والرحيم»؛ قال -سبحانه-: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}(البقرة:163)، وحثَّ عبادَه على الرحمة بالخَلْق؛ فعن أسامة بن زيدٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وإنَّما يرحم الله من عباده الرُّحماء»(متَّفَقٌ عليه)، وعن عبدالله عن عمرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يبلُغ به النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الراحمون يرحمهم الرحمن؛ ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء»(أخرجه أحمد في مُسنده)، ومن رحمته --سُبحانه- وَتَعَالَى- بِعِبَادِهِ أن أنزل عليهم كُتبه، وأرسل إليهم رُسله، ولم يعجِّل لهم بالعقوبة؛ {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}(فاطر:45)، وانتدبهم إلى التوبة، ودعاهم إلى الأوبة فقال: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(الزمر:53)، ووعدهم -سبحانه- بمغفرة الذنوب وتكفير السيئات فقال: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(آل عمران:135). الرحمة الإلهية والرأفة النبوية ثم رغب إمام الحرم في رحمة الله فقال: ضَمِنَ -سُبحانه- لمَن تاب منهم وأناب بأن يبدِّل سيئاتهم حسنات {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}(الفرقان:70). وأمَرَ نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يعطف على الناس ويرأف بهم، ويقبل منهم فقال له: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ في الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(آل عمران:159). بل تعدَّت شفقتُه - صلى الله عليه وسلم - لتصل إلى مَن عاداه من المشركين لهول ما ينتظرهم يوم القيامة طمعًا في إسلامهم، خشية أن يموتوا على الشِّرك فيستحقُّوا عذاب الجحيم؛ قال -عَزَّ وَجَلَّ- مبيِّنًا ذلك في غير ما موضعٍ من كتابه: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}(الكهف:6)، وقال: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}(الشعراء:3)، وقال: {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}(فاطر:8)؛ قال أهل العلم بالتفسير: «أي: مُهلكٌ نفسك بحُزنك عليهم». التلطُّف بعباد الله والإحسان إليهم ثم حث د. بندر المسلمين على التلطف بالعباد فقال: اللهَ... اللهَ عبادَ اللهِ! التلطُّف بعباد الله والإحسان إليهم والشفقة عليهم تأسِّيًا بهَدْي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ أعرابيًّا بال في المسجد، فسار إليه الناس ليقعوا به؛ فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعُوه، وأهريقوا على بوله ذَنوبًا من ماء -أو سَجلًا من ماء- فإنَّما بُعثتُم ميسِّرين ولم لم تُبعَثوا مُعسِّرين»(أخرجه البخاري). وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعَثَ أحدًا من أصحابه في بعض أمره قال: «بشِّروا ولا تُنفِّروا، ويسِّروا ولا تُعسِّروا»(أخرجه مسلم)؛ والحذرَ كلَّ الحذرِ من أن يكون المؤمنُ عقبةً يصدُّ عن سبيل الله، وحجر عسرةٍ يُنفِّر عن دِين الله، وحاجزًا يحُول دول الوصول إلى الله وهو لا يشعُر؛ فالقلوب بيديه -سُبحانه-، وهو الذي يعلم ما فيها من الإيمان واليقين والصِّدق والمحبَّة مهما تلبَّس به العبد من المعاصي، ومهما قارَفَ من المنكَرات. ضوابط الإنكار وحدود النهي عن المنكر ثم بين فضيلته أنه قد تَحمِل الغَيرةُ على الدِّين والغضبُ على شرع الله طائفةً من أهل الإسلام، ونفرًا من أهل الإيمان، إن هُم رأوا المنكَرات أو صادفوا المخالَفات على مجاوزة الحد في النَّهي، والتعدِّي المشروع في الإنكار، ولربما وصل الحال بالبعض إلى الدخول فيما هو من سِمات الخالق، وخصائص الربوبية! وهذا لَعَمرُ اللهِ زللٌ كبيرٌ ومزلقٌ خطيرٌ؛ فعن ضمضم بن جوسٍ اليماميِّ قال: قال لي أبو هريرة: يا يماميُّ، لا تقولنَّ لرجلٍ: واللهِ لا يغفر الله لك أو لا يُدخلك الجنة! قلتُ: يا أبا هريرة، إنَّ هذه لَكلمةٌ يقولها أحدُنا لأخيه وصاحبه إذا غضب؛ قال: فلا تقُلها؛ فإنِّي سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كان في بني إسرائيل رجلانِ كان أحدهما مجتهدًا في العبادة، وكان الآخر مُسرفًا على نفسه، فكانا متآخيَيْنِ، فكان المجتهد لا يزال الآخر على جنب فيقول: يا هذا، أقصِر. فيقول: خلِّني وربِّي؛ أبُعثْتَ عليَّ رقيبًا؟ قال: إلى أن رآه يومًا على جنبٍ استعظمه فقال له: ويحك! أقصِر. قال: خلِّني وربِّي، أبُعثْتَ عليَّ رقيبًا؟ قال: فقال: والله لا يغفر الله لك أو لا يُدخلك الله أبدًا. قال: فبَعَثَ الله إليهما ملكًا فقبَضَ أرواحهما واجتَمَعَا عندَه، فقال للمُذنب: اذهب فادخُل الجنة برحمتي. وقال للآخَر: أكُنتَ بي عالِمًا؟ أكنتَ على ما في يديَّ قادرًا؟! اذهبوا به إلى النار. قال: فوالذي نفس أبي القاسم بيده لتكلَّم بكلمةٍ أوبقت دُنياه وآخرته»(أخرجه أحمد في مُسنده، وأبو داود في سُننه). اعلموا -عباد الله- أنَّ بُغض المعصية وإنكار المنكر لا يتعارض مع الشفقة بالمذنب والرحمة بالعاصي؛ بل اجتماعهما دليل كمال الإيمان كما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. اعداد: المحرر الشرعي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |