فخ استعجال النتائج - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تعريف بكتاب المدخل إلى علم السيرة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام: النظائر في السير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          جوانب من عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الهوية في حالة صيرورة وتشكّل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          تأملات مرتحل مسلم .. السفر محطة للإثراء الثقافي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تأملات مرتحل مسلم .. الأسرة ومدرسة السفر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          كيف تتقلب النفس البشرية بين رغبة المدح وخشية النقد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الزينة في القرآن الكريم والكشف عن مفهوم الجمال الحقيقي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تفنيد دعوى وجود رواة أعاجم رووا الحديث بالمعنى فأفسدوه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          حين يلتقي الجهل بالتعصب: كيف يولد التطرف الفكري؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          30 طريقة لإحلال الهدوء في فصول المرحلة الثانوية الصاخبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 10:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,066
الدولة : Egypt
افتراضي فخ استعجال النتائج

فخ استعجال النتائج

سمر سمير

في زمن السرعة والوجبات السريعة الذي نعيشه، أصبحنا نلهث وراء كل شيء وأي شيء يحقق لنا ما نريده بكل سرعة ومتعة دون انتظار، وفي أسرع وقت ممكن.

لم نعُد نستطيع الصبر حتى نقطف الثمار الناضجة في موسمها، بل نأكل الثمار السريعة وإن لم تكن ناضجة.

وأكبر دليل على ذلك انتشار عناوين مثل:
كيف تصبح ثريًّا في سبعة أيام؟

كيف تنقص وزنك 20 كيلو في أسبوع؟

كيف تحصلين على بشرة نقية في خمس دقائق؟

كيف تحصل على قوام ممشوق في أسبوع؟

كيف تكون مثقفًا في يومين؟

أسرع ثلاث خطوات للنجاح... كيكة العشر دقائق.

وغيرها الكثير من العناوين الجذابة، التي إن دلَّت على شيء، فإنما تدلُّ على انتشار آفة الاستعجال، وعدم الصبر على الأمور حتى تتم وتكتمل.

وهذه صفة مذمومة وصف الله بها الإنسان في كتابه؛ قال تعالى: ﴿ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ ﴾ [الأنبياء: 37]، وقال سبحانه: ﴿ وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا ﴾ [الإسراء: 11].

حتى في إجابة الدعاء، نستعجل فيه ونريده سريعًا كما نحن؛ ففي الحديث عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يزال يُستجابُ للعبد ما لم يدعُ بإثم، أو قطيعة رحِم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أُرَ يُستجابُ لي، فيستحسر عند ذلك ويدَع الدعاء))؛ [رواه مسلم].

حتى الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستعجلون النصر والتمكين للدين، ويشتكون للنبي ما يلاقونه من تعذيب، فيرشدهم النبي إلى الصبر وعدم الاستعجال.

روى البخاري وغيره، عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: ((شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسدٌ بردةً له في ظل الكعبة، فقلنا: ألَا تستنصر لنا؟! ألَا تدعو لنا؟! فقال: قد كان مَن قبلكم يُؤخذُ الرجلُ فيُحفَرُ له في الأرض، فيُجعل فيها، ثم يُؤتى بالمنشار، فيُوضع على رأسه، فيُجعل نصفين، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يرده ذلك عن دينه، والله ليُتمنَّ الله هذا الأمر، حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)).

والعجَلةُ مذمومة في كل شيء، إلا في أمور الآخرة والطاعات.

ولو تأملنا في سنن الله في الكون والأمم، والدعوات والرسالات، لعلِمنا وتيقَّنا أن كل تغيير وتطور ونموٍّ يأخذ وقتًا وزمنًا معينًا، مقدَّرًا من عند الله وأجلًا مسمى؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، ولا يعجل الله بعجلة أحدنا، بل كل شيء محدد وقته وقدره عند الله، قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.

ولا يحدث تغيير جذري مفاجئ إلا في النادر، فالوقت والزمن كما قيل: "جزء من العلاج"، فالشجرة تأخذ وقتًا حتى تُخرج ثمارها وتنضَج، وبعض الأشجار كشجرة البامبو أو الخيزُران تظل تنمو تحت التربة لمدة أربع سنوات، دون أي نمو ظاهر، حتى إذا ثبتت جذورها نمت بمعدل سريع جدًّا يصل إلى 100 سم في اليوم، حتى تصل إلى ارتفاع 30 مترًا.

سيدنا نوح ظل يدعو قومه 950 عامًا، ولم ينصره الله على قومه إلا بعد تلك المدة الطويلة، ورغم ذلك كانت النتائج قليلة، فقد قيل: إن الذين آمنوا معه كانوا 80 شخصًا فقط.

ورؤيا سيدنا يوسف كان بينها وبين تحققها وقت طويل، قال بعض العلماء: إنه ما يقارب 40 عامًا، وقيل: 80 عامًا.

ورُزق سيدنا زكريا بيحيى على كبر: ﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [آل عمران: 40].

وكذلك سيدنا إبراهيم رُزق بإسحاق وإسماعيل على كبر: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 39].

وكذلك دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم للإسلام لم تتمكن وتنتصر إلا بعد جهاد طويل، ووقت كبير، أقله 13 عامًا حتى انتقلت من مكة إلى المدينة.

وكان بين بداية الرسالة: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1]، وبين: ﴿ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ﴾ [النصر: 2] ما يقارب 23 عامًا.

هذه سُنة ماضية في الأمم والدعوات وفي الكون، فلماذا لا نُنزلها على أهدافنا وحياتنا؟ التغيير يأخذ وقتًا، والحمية الغذائية تأخذ وقتًا ليظهر أثرها، والرياضة كذلك، والغذاء الصحي لا يظهر أثره على الصحة والبشرة إلا بعد وقت، وتربية الأولاد تحتاج إلى وقت وصبر حتى يتغيروا للأفضل وهكذا.

ولكن من يستعجل النتائج، فقد يُعاقب بخلاف قصده، أو يُحرم مما يريد.

تخيل أنك أكلت الطعام قبل أن ينضج لأنك مستعجل، أو أنك قطفت ثمار الفاكهة قبل أن تنضج، هل ستستمتع بطعمها؟

تخيل أنك كسرت بيضة الطائر لتُخرج الطائر الصغير قبل أوانه، هل سيظل حيًّا؟

تخيل أن الأم الحامل أرادت أن تضع طفلها قبل الشهر التاسع؛ لأنها تعِبت من الحمل، أو لأنها اشتاقت لرؤية طفلها.

ماذا لو استعجلت الأم أن يمشي طفلها الرضيع قبل أن تقوى عضلات ساقه؟

في كل هذه الأمثلة، ستكون النتائج غير مرضية بالمرة، وإن لم تكن كارثية في بعض الأحيان.

لذلك، عليك أن تتخلص من هذا الفخ وهذه الآفة بأن تصبر وتصابر وتثابر، وتعطي كل شيء حقه من الوقت، وتنتظر ولا تمل من الانتظار.

وتأنَّ في أمورك ولا تستعجل، فالتأني من الله والعجَلة من الشيطان، فأيهما ستتصف به؟

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((التأني من الله، والعجَلة من الشيطان))؛ [رواه أبو يعلى].

وإذا كان التأني من الله، فإن الله يحبه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبدالقيس: ((إن فيك لَخصلتين يحبهما الله ورسوله: الحِلم والأناة))؛ [البخاري ومسلم].

واعلم أن النصر مع الصبر، واعلم أن ما يأتي سريعًا يذهب سريعًا، واعلم أن كل تقدم هو تراكم لآثار صغيرة مع مرور الزمن.

بل أزيدك من الشعر بيتًا: لا تنتظر النتائج أصلًا، بل استمتع برحلة السعي كأنها هي النتيجة والهدف، وإن لم تصل إلى النتائج المرجوة.

فمن رحمة الله بنا أنه يحاسبنا بالسعي وليس بالنتيجة: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ﴾ [النجم: 39 - 41].

أنت ستُحاسب على سعيك فقط، وإن لم تحصل على نتيجة، فلا تهتم إلا بالسعي، وتوكل على الله في حصول النتائج.

بعض الأنبياء سيأتي يوم القيامة ومعه رجل أو رجلان، أي نتائج ضعيفة جدًّا، وبعضهم يأتي وليس معه أحد، أي لم يحصل أي نتائج ملموسة من دعوته، رغم اجتهاده، ولكنه سيكون عند الله في منزلة عظيمة.

والله عز وجل قال للنبي في أكثر من آية: إنه قد يريه عذاب الكفار من قومه، أو يتوفاه قبل أن يريه عذابهم: ﴿ وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ﴾ [الرعد: 40]، ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾ [غافر: 77].

فقد يرى النبي نجاح دعوته وهلاك مخالفيه في حياته، وقد لا يحصل له ذلك، بل يُتوفَّى قبل ذلك.

هل تعرف سبب نزول هذه الآية: ﴿ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 100]؟ ذكر الطبري في سبب نزول الآية: عن سعيد بن جبير في قوله: ﴿ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [النساء: 100]، قال: كان رجل من خزاعة يُقال له: ضمرة بن العيص - أو العيص بن ضمرة بن زنباع - قال: فلما أُمروا بالهجرة كان مريضًا، فأمر أهله أن يفرشوا له على سريره، ويحملوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ففعلوا، فأتاه الموت وهو بالتنعيم، فنزلت هذه الآية.

نوى أن يهاجر لله ورسوله رغم مرضه، وبدأ في الهجرة بالفعل، فخرج من مكة إلى أن وصل للتنعيم، وهي بعد مكة بقليل، فمات، فكتب الله أجره، وهو لم يبلغ غايته التي خرج إليها.

وهذا من رحمة الله بنا، أنه يحاسبنا على نوايانا الحسنة، ويكتبها لنا حسنة، ما دمنا عزمنا عليها وشرعنا فيها، وإن لم نصل إليها.

كما في الحديث القدسي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بيَّن ذلك، فمن همَّ بحسنة فلم يعملها، كتبها الله له عنده حسنة كاملة)).

أيتها الأم، الله يكتب أجركِ على تربية أبنائكِ، وإن لم ترَي نتيجة تربيتكِ في حياتكِ.

أيتها الزوجة، الله يكتب لكِ أجر حسن تبعلكِ لزوجكِ، وإن لم يتغير.

أيتها الداعية، الله يكتب لكِ أجركِ على دعوتكِ، وإن لم يهتدِ على يديكِ أحد.

فاستمتع برحلة السفر وجمال الطريق، وركِّز فيه، حتى ولو لم تصل إلى وجهتك التي تريد.

اغرس الفسيلة ولا تنتظر نتاجها.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.23 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.09%)]