حقوق الطريق - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ما أفضل حمية للمصابات بسكر الحمل؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          دليلك الشامل لأنواع السرطان! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          ما لا تعرفه عن أسباب العقم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          العصبية وصحة القلب: هل الغضب يدمّر صحتك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أعراض مرض الزهري: كل ما تحتاج معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أطعمة غنية بسكر الفركتوز: هل هي ضارة أم مفيدة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          7 نصائح ذكية حول كيفية الوقاية من داء القطط للحامل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أسباب وعوامل خطر الإصابة بسوء التغذية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          أطعمة تحتوي على الكربوهيدرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          إنقاص الوزن بعد الولادة: طرق آمنة وفعالة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى حراس الفضيلة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-08-2025, 10:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,335
الدولة : Egypt
افتراضي حقوق الطريق

حقوق الطريق (1)

د. أمير بن محمد المدري

الحمد لله رب العالمين الذي جعل الطاعة شعار المفلحين، وجعل المعصية عادة إخوان الشياطين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله إمام المتقين وسيد المرسلين اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين وصحابته البررة المكرمين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
و بعد:
لا زلنا مع سلسلة الحقوق في الإسلام. واليوم نقف معكم مع حقوق الطريق في الإسلام.

حقوق الطريق في الإسلام هل للطريق حقوق في الإسلام؟ نعم.

أيها الأخوة: إن دينكم دين شامل لكل جوانب الحياة فهو دين ودولة مصحف وسيف، سياسة واقتصاد، في المسجد وفي السوق، في البيت وفي الوظيفة.

دين الإسلام وشرائعه استوعبت شتى جوانب الحياة وشؤونها، واهتمت لكل ما يتعرض للإنسان من مهده إلى لحده.

حتى آداب الطريق، ومجالس الأسواق، وحقوق المارة، وأدب الجماعة.

إن للناس أندية ومجالس يجتمعون فيها، ويتحدث بعضهم إلى بعض، وما جلس قوم مجلساً في مكان لا يذكرون الله فيه إلا كان عليهم حسرة وندامة يوم القيامة، وقد كان السلف الصالح يقولون: المجالس أمانة فكل مجلس جلسه الناس سواء كانوا أفراداً أم جماعات يعتبر أمانة يحاسب عليها صاحبه يوم القيامة، فاسمَع نبيَّك حيثُ يقول: «الإيمانُ بِضعٌ وستّون ـ أو قال: ـ بضعٌ وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريق» [أخرجه البخاري في الإيمان (9)، ومسلم في الإيمان (35) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

كان أحد السلف إذا رفع أذى من الطريق يقول لا اله إلا الله، فسُئل عن ذلك فقال:" أجمع بين أعلى شعبة وأدنى شعبة من شعب الإيمان".

جاء في محكم التنزيل: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63]. وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ [القصص: 55]. وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا * وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ﴾ [الإسراء: 36، 37].

حَدِيثٌ عَظِيمٌ جَمَعَ خِصَالاً وَآدَابًا مِنْ آدَابِ السَّيرِ فِي الطَّريقِ، رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وغَيرُهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُم إِلاَّ المَجْلِسَ فَأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ»، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمرُ بِالمعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ»،


وفي حديث أخرجه الترمذي والبخاري في الأدب المفرد وابن حبان عدَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- من أبواب الخير: «تبسمك في وجه أخيك لك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك الرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة» [ أخرجه أيضا البخاري في الأدب المفرد (891)، والبزار (4070)، وصححه ابن حبان (529)، وله شواهد كثيرة أشار إليها الترمذي، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (572). ].

﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾ [الفرقان: 63].

عباد الرحمن: هم خُلاصة البشر يمشون في الطريق سواء بسياراتهم أو على أقدامهم هوناً، لا تصنُّع ولا تكلف، ولا كبر ولا خيلاء، مشية وقارٌ وسكينةٌ، وجدٌّ وقوةٌ من غير تماوتٍ أو مذلة، تأسياً بالقدوة الأولى محمد فهو غير صخَّابٍ في الأسواق حين يمشي يتكفَّأ تكفؤاً، أسرع الناس مشية وأحسنها وأسكنها، هكذا وصفه الواصفون، تلك هي مشيةُ أولي العزم والهمة والشجاعة، يمضي إلى قصده في انطلاقٍ واستقامةٍ لا يُصعر خده استكباراً، ولا يمشي في الأرض مرحاً. لا خفق بالنعال، ولا ضرب بالأقدام، لا يقصد إلى مزاحمة، ولا سوء أدب في الممازحة، يحترم نفسه في أدب جمٍّ، وخلقٍ عالٍ لا يسير سير الجبارين، ولا يضطرب في خفة الجاهلين. إنه المشي الهون المناسب للرحمة في عباد الرحمن، وحين يكون السير مع الرفاق فلا يتقدم من أجل أن يسير الناس خلفه، ولا يركب ليمشي غيره راجلاً بابي وأمي -صلى الله عليه وسلم-.

إن المجتمع الإسلامي الذي وضع القرآن الكريم قواعده المتينة الراسخة، وأرسى لبناته على يد المصطفى، مجتمع فريد في كل شيء مجتمعٌ سليم العقيدة، مجتمعٌ صحيح العبادة، مجتمعٌ نقى السريرة، مجتمعٌ طاهر اللسان، مجتمعٌ نظيف المشاعر والأخلاق، ما ترك النبي شراً للمجتمع الإسلامي في دينه ودنياه إلا وضّحه وحذّره منه فهو بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم.

ومن هذه الضمانات الوقائية التي تجلب المصالح وتدفع المفاسد والشرور قوله: « إياكم والجلوس في الطرقات» لماذا؟ لأن الطريق العام يختلط فيه الحابل بالنابل وأرجو ألا تنسوا أن في أول الوصية النبوية كانت لمجتمع الصحابة مجتمع الطهر والعفة.

فكيف لو رأى النبي مجتمعات المسلمين الآن؟

الرسول يحذر من الجلوس على الطرقات، يحذر من؟ يحذر الأطهار، يحذر الأبرار، يحذر الصحابة الأخيار، الذين زكاهم العزيز الغفار وعدلهم النبي المختار يقول لهم: « إياكم والجلوس في الطرقات» ولماذا لا نجلس في الطرقات؟ لأن الطريق العام يختلط فيه الحابل بالنابل فهو طريق للأشراف، والسفهاء، وهو طريق للعقلاء الملتزمين، وهو طريق في الوقت ذاته للتافهين والساقطين ممن لا يحملون هماً يؤرقهم ولا ديناً يحركهم فتراهم يجلسون على الطرقات من أجل النظر للنساء خرجن من بيوتهن.

من هنا حذر النبي من الجلوس على الطرقات بما فيها من هذه الفتن قال: « إياكم والجلوس في الطرقات» قالوا: يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها، وفى رواية مسلم نتحدث في ما لا بأس، إنما نجلس لنتذاكر ونتحدث يعنى: لا نجلس لمعصية فبين النبي لهم أن من اضطر لحاجة أن يجلس على الطريق فعليه أن يؤدى للطريق حقه فقالوا: ما حقه يا رسول الله قال: « غض البصر».

أول حق للطريق هو غض البصر
البصر نعمة، من أعظم النعم، ما أنعم الله بها علينا لنستخدمها في معصيته ما أنعم الله بها علينا لنطلق لها العنان، وإنما لتُستخدم هذه النعمة في مرضاة الله وطاعة الله ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [العنكبوت: 20].

. وقال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِيالْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 190، 191].

هذا البصر ستسأل عنه قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].

وانتبه فقد ينظر الرجل أو الشاب على قارعة الطريق إلى امرأة متبرجة متمايلة فاتنة، ويدفق النظر ويعاود ثم يرجع إلى بيته فيرى قلبه متقلباً على امرأته حتى لو وقف في الصلاة بين يدي الله يرى صورة المرأة أمام عينه في بيت الله، حتى لو فتح الشاب من أبنائنا كتابه للمذاكرة، والدرس رأى صورة المرأة وسط الصفحة، فإن أغمض حتى عينيه يراها وهو مغمض لعينيه. انظروا إلى خطر البصر لماذا؟

لأن البصر إن نظر ودقق تنطبع الصورة التي رأتها العين في القلب، فلا تفارق الصورة القلب بعد ذلك إلا إذا شاء من بيده القلوب.

اسمع لحبيب القلوب محمد الذي يقول كما في صحيح مسلم من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: « تُعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلبٍ أنكرها نُكتت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوب على قلبين: الأول: قلب أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، إلا ما أشرب من هواه والثاني: قلب أبيض لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض».

ففي سورة النور في آية واحدة يجمع الله عز وجل فيها بين غض البصر وحفظ الفروج.

وكأن غض البصر وحفظ الفروج خطوتان متتاليتان كلتاها قريب لا تنفصل إحداهما عن الأخرى، قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَأَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30]، وفى الآية الثانية: ﴿ وَقُلْلِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَفُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 31]، فحفظ البصر وغض البصر مقدمة حتمية طبيعية لحفظ الفرج أو حفظ الفرج نتيجة حتمية لحفظ البصر.

وفى صحيح مسلم قال المصطفى-صلى الله عليه وسلم-: «العينان تزنيان وزناهما النظر، والأذنان تزنيان، وزناهما الاستماع، واللسان يزنى وزناه الكلام، واليد تزني وزناها البطش، والرجل تزني وزناها الخطأ، والقلب يهوى ويتمنى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه». فأول حق من حقوق الطريق غض البصر.

الحق الثاني: كف الأذى
ففي الصحيحين من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: « الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أفضلها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان».


فمن الأذى أن تضع سيارتك في الطريق؛ لتعطل سير المسلمين.

نتكلم عن حقوق الطريق ونحن نسمع عن عددٍ من حوادث السير المفجعة التي تحصد الأرواح أكثر مما تحصدُ الحروب.

لا بد أن تعقد المؤتمرات واللقاءات لعلاج هذه المسألة التي من أسبابها ضيق الطريق فليس أمام السائق إلا الموت، ومن أسبابها الحفر التي تعدت المليون مطب ودخلت بلادنا موسوعة جينيس للأرقام القياسية وأصبحنا بلاد المليون مطب فأين وزارة الأشغال والطرق وعمر يقول لو عثرت بغلة ونحن يتعثر آلاف البشر بل لا يتعثرون فقط بل يموتون. ومن أسباب ذلك السرعة الزائدة والإفراط في السرعة مصدر لإلقاء الرعب والخوف في قلوب الآمنين وإفساد في الأرض وإهلاك لأنفس بريئة واعتداء على أثمن شيء يملكه الإنسان في هذا الوجود، ألا وهو حق الحياة، وليعلم الذين يتعجَّلون أن خلْفَهُم نساءً وأطفالاً هم بأشد الحاجة إليهم، وعليهم أن يفكروا في مصير أسرهِم وأولادهم. وهناك فئة من الناس ينسى نفسه عندما يقود سيارته فيسرع متكبرا متبخترا. وكأن الطريق له وحده.

وبناءً على هذا فإنه لا يحل لنا بهذه الوسائل التي سخرها اللهُ لنا أنْ نُبَدِّلَ نعمةَ اللهِ كُفْرًَا، وذلك بالتسبب في إزهاق الأرواح وترويع الآمنين، وفي الحديث الشريف يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحل لمسلم أن يروِّع مسلمًا»[ أخرجه أحمد (5/ 362)، وأبو داود في الأدب (5004) وصححه الألباني في صحيح السنن].

هل هناك ترويعٌ أشدُّ من السُّرعةِ الزائدة عن حدِّها التي تؤدي إلى قَتْل وتمزيقِ الإنسان، بالإضافة إلى ما تخلفه من جروح وعاهات وتشوهات تدمى لها القلوب. ولذلك كانت الفتوى الشرعية بأن من تجاوز الحدَّ المقرر للسرعة فتسبب في قَتْلِ نفسه أو قتْلِ غيرِه كان مسؤولاً أمام الله، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، وقال: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّابِالْحَقِّ ﴾ [الأنعام: 151].

من الأذى أن تترك ماء بيتك سواءً كان هذا الماء طاهراً أو نجساً؛ ليتسرب إلى شوارع وطرقات المسلمين ليؤذي المارة.

من الأذى أن يميل غصن من أغصان شجرتك المزروعة أمام بيتك؛ ليعطل سير المارة. فكف الأذى سواءً كان مادياً أو معنوياً من حق الطريق.

قال كما في الصحيحين من حديث أبى موسى الأشعري رضي الله عنه قال -صلى الله عليه وسلم-: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».

أخي المسلم:
إن جلست على الطريق فلا تغمز ولا تلمز لا تغتب أحداً ولا تجلس بالنميمة بين هذه المجموعة لتنتقل بكلامها إلى مجموعة أخرى.

يقول عليه الصلاة والسلام: «لقد رأيت رجلاً يتقلّب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس»[ أخرجه مسلم في كتاب البر (1914) عن أبي هريرة رضي الله عنه نحوه. ].

وحينما طلب أبو برزة رضي الله عنه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يعلمه شيئاً ينتفع به قال: «اعزل الأذى عن طريق المسلمين». وهذه بشارة لرجال المرور كتب الله أجرهم إن اخلصوا النية في عملهم وابتعدوا عن المال الحرام بشرى بأُجور عظيمة.

وفي خبر آخر: «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق، فأخَّره، فشكر الله له؛ فغفر له» [أخرج ذلك كله مسلم في صحيحه رحمه الله].

رفعَ معاذ بنُ جبل حجرًا من الطريق، فقيل له: لماذا؟ فقال: إني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ع كتب الله له به حسَنة، ومن كتب الله له به حسنة غفر له، ومن غفر له أدخله الله الجنة».


وإذا كان هذا الثواب العظيم لمن يكف الأذى، فكيف تكون العقوبة لمن يتعمد إيذاء الناس في طرقاتهم ومجالسهم، ويجلب المستقذرات، وينشر المخلفات في متنزهاتهم، وأماكن استظلالهم.

أخرج الطبراني من حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من آذى المسلمين في طرقهم؛ وجبت عليه لعنتهم» [وقال: حديث حسن صحيح].

الألفاظ البذيئة: أول ما يُصافح سمع الداخل إلى وسط أبناء الطريق قاموس طويل من السب والشتم والتجريح والعياذ بالله، وإنك لتجد أسهل شيء على لسان هؤلاء السب والشتم واللعن.

وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند مسلم قال -صلى الله عليه وسلم-: «اتقوا اللعَّانين» قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: «الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلِّهم»[ أخرجه مسلم في الطهارة (269) عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ اللّعّانين، وهذا لفظ أبي داود في الطهارة (25)].

أسأل الله تعالى أن يجعلني من الهداة المهتدين، والصلحاء المصلحين إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-08-2025, 10:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,335
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حقوق الطريق

حقوق الطريق (2)

د. أمير بن محمد المدري



الحمد لله رب العالمين، ولا عُدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مقدر الأقدار، ومصرف الأمور والأحوال. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

و بعد:
الحق الثالث من حقوق الطريق رد السلام:
قال القرطبي رحمه الله في كتابه الماتع «الجامع لأحكام القرآن الكريم»: «لقد أجمعت الأمة بلا خلاف أن الابتداء بالسلام سنة، وأن رد السلام فريضة، الابتداء بالسلام سنة أما رد السلام ففرض» [ الجامع لأحكام القرآن:5/ 298].فمن حق الطريق إن جلست أن ترد السلام.

ويتألم الإنسان إذا قال لمجموعة من الناس يجلسون على قارعة طريق من الطرق "السلام عليكم ورحمة الله" فترد المجموعة: مساء النور، مساء الفل، مساء الورد، نحن لا نكره، النور ولا نتأذى من الفل، بل نعشق الورد، لكن ما هكذا علمنا الصادق فالنبي صلى الله عليه وسلم علمنا كيف نلقى السلام، وكيف نرد السلام، دخل على النبي رجل فقال: السلام عليكم فرد النبي صلى لله عليه وسلم.

وجلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عشرا عشرا» أي: عشر حسنات فجاء رجل آخر في نفس المجلس فقال: السلام عليكم ورحمة الله فرد النبي وجلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عشرون عشرون» أي " عشرون حسنة فجاء رجل ثالث في نفس المجلس فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد النبي صلى الله عليه وسلم وجلس الرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثون ثلاثون» أي: ثلاثون حسنة.

هذا هو السلام الذي سنه لنا رسول السلام وعليك أن ترد بما ألقى عليك أو بأحسن.

قال تعالى: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 86]، وفى الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف»، يعنى: يعنى من المسلمين على من عرفت من المسلمين ومن لم تعرف من المسلمين.

وفى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولاً أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم».


وفى مسند أحمد، بسند صحيح من حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله يقول: «أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا لله بالليل والناس نيام وأفشوا السلام تدخلوا الجنة بسلام».

من حقوق الطريق أن تهدي ابن السبيل الضال بعبارة ملؤها الأدب، وإشارة كلها لطف ورقة من غير فظاظة ولا ملال، لا تقول هجراً ولا تنطق فحشاً، والبشاشة والتبسم في وجه أخيك من الصدقات.

من حقوق الطريق أن تعين صاحب المتاع في حمل متاعه ورفعه ووضعه، وإن كنت تحمل شيئاً فاحترس أن تصيب أحداً بأذى.

من حقوق الطريق في الإسلام أن تفضُّ النزاع بين المتخاصمين، وتُصلح ذات البين، وتحفظ اللقطة، وتدلُّ على الضالة تعين على رد الحقوق لأصحابها.

من حقوق الطريق في الإسلام أن تذبِّ عن أعراض المسلمين، وتأخذ على أيدي الظالمين، وتنصر المظلومين.

من حقوق الطريق أن لا تتعرض لأحدٍ بمكروه، ولا تذكر أحداً بسوء، لا تهزأ بالمارة، ولا تسخر من العابرين.. لا تشر ببنان، لا تستطل بلسان، ولا تحتقر صغيراً، ولا تهزأ من ذي عاهة. وإياك والجلوس في مضايق الطريق وملتقى الأبواب ومواطن الزحام.

الحق الرابع والخامس معاً:
حقٌ جليلٌ كبير وقليلٌ من يؤدى هذا الحق من المسلمين إلا من رحم ربك لا سيما في هذه الأيام ألا وهو.

الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر:
فهو القطب الأعظم في هذا الدين وهو أشرف المهام التي بعث الله بها النبيين والمرسلين.

إن أُهمل عمله وطُوي بساط علمه تعطّلت النبوة واضمحلّت الديانة، وعمّت الجهالة، وفشت الضلالة وهلك العباد وخربت البلاد، ولن يشعر الناس بذلك الفساد إلا في يوم التناد، فهو شرط من شروط خيرية هذه الأمة، قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، فمن يجلس على قارعة الطريق ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، إن رأى المنكر بين يديه؟.

ووالله ما استشرت المنكرات واستشرى الفساد إلا يوم أن صار المسلمين ينظرون إلى المنكرات فيهز أحدهم كتفيه، ويمضى وكأن الأمر لا يعنيه من قريب أو بعيد ينطلق المسلم ذاهباً إلى المسجد للصلاة وجاره في دكانه لا يأمره بالصلاة بمعروف.

يمر المسلم على الحرام ولا ينكر.

لقد أجمع أهل العلم على أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض عين.

لأن منا من يستطيع أن ينكر بيديه بالضوابط الشرعية ومنا من يستطيع أن ينكر بلسانه، ومنا من لا يستطيع أن ينكر بيديه أو بلسانه لكن لا عذر له بين يدي الله إن لم ينكر بقلبه، هذا يملكه كل مسلم ومسلمة.

جاء في صحيح مسلم من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان».

قد يزعم بعض الناس أنه لا ضرر عليه ولا إثم ما دامت المنكرات بعيدة عنه، ما دام لم يقع فيها هو بنفسه، ولقد خشي الصديق رضي الله عنه من هذه الشبهة قديماً فارتقى المنبر فبين الحق، وقال بعدما حمد الله وأثنى عليه:

«أيها الناس! إنكم تقرؤون آية في كتاب الله وتضعونها في غير موضعها ألا وهى قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 105].

وقال الصديق رضي الله عنه: «وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعذاب من عنده» وفى لفظ: «أن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه يوشك الله أن يعمهم جميعاً بعذاب من عنده ثم يدعونه فلا يستجاب لهم» هذا هو الواقع.

وفى الصحيحين من حديث أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يوماً من نومه عندها فزعاً أو دق عليها فزعاً وهو يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، وفتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل مثل هذا» وحلق النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعيه الإبهام والسبابة، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا فقالت زينب: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث».

فيجب على أهل الإصلاح والصلاح أن يأخذوا على أيدي السفهاء والطالحين.

إن عجزت بيدك فبكلمة رقيقة رقراقة عذبة حلوة أو برسالة مهذبة أو باتصال هاتف هادف المهم أن لا تكون سلبياً، فإن السلبية تخيم الآن على أسماع الأمة ويعلق كثير الأخطاء على غيره، على الحكام، على العلماء، على اليهود على غيرهم، وينسى أحدنا أن ينظر إلى خطته هو، وإلى تقصيره هو، وقد حذرنا الله تبارك وتعالى من هذا فقال: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165].

الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، الأمر بالمعروف بمعروف والنهى عن المنكر بغير منكر حق من أعظم حقوق الطريق قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوس في الطرقات»، قالوا: يا رسول الله ما لنا من بد من مجالسنا لنتحدث فيها قال: «إذا أتيتم إلى المجلس فأعطوا الطريق حقه» قالوا: وما حق الطريق؟ قال: «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر».

هذا و اللهَ أسأل أن يوفقنا جميعاً لخير القول والعمل، وأن يعصمنا من الضلالة والزلل، وأن يصلح ذات بيننا ويؤلف بين قلوبنا، ويأخذ بأيدينا إلى ما فيه رضاه عنّا.

وصلى الله وسلم وبارك على نبيّه محمد، وآله، وصحبه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.19 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.90%)]