عاشوراء وطلب العلم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1009 - عددالزوار : 122880 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 121 - عددالزوار : 77572 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 62 - عددالزوار : 48994 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 191 - عددالزوار : 61485 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 76 - عددالزوار : 42875 )           »          الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن الظلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          تجديد الحياة مع تجدد الأعوام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          المرأة بين حضارتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          رجل يداين ويسامح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20-07-2025, 06:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,564
الدولة : Egypt
افتراضي عاشوراء وطلب العلم

عاشوراء وطلب العلم

د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري

الحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا؛ القائل في كتابه الكريم: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89]، والصلاة والسلام على البشير النذير، قائد الغرِّ المحجلين محمد بن عبدالله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله الأطهار، وصحابته الكرام، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فأوصيكم أيها المؤمنون ونفسي بتقوى الله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ثم اعلموا - عباد الله - أن نبيكم الكريم صلوات ربي وسلامه عليه رغَّب في صيام يوم عاشوراء؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله))، ويوم عاشوراء يومٌ عظيم، أنجى الله تعالى فيه موسى وقومه من فرعون وقومه؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾ [البقرة: 49، 50]، فبعدما أيقن فرعون أن زوال ملكه يكون على يدَي رجلٍ من بني إسرائيل، أمر بقتل كل ذَكَر يُولد، فلما ظهر صيت موسى عليه السلام، فأخذ يدعو قومه إلى الإيمان بالله وحده، وأظهر الله على يده تسع آيات معجزات، وحين أدرك فرعون موسى عليه السلام، فكان هو وقومه من خلف موسى ومتبعيه، والبحر من أمامهم فلا مفر في مثل هذه المواقف إلا إلى الله تعالى وحده، ولا يوقن بالله في وقت الأزمات إلا أولياء الله الصالحين: ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 61، 62]، الله أكبر، هذا هو اليقين الذي يعتز به ويفخر كل مؤمن بالله، أن الله ناصره ومُعينه ومُنجِّيه، حتى لو ﴿ ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ ﴾ [التوبة: 118]، فيأتي الفرج من حيث لا تحتسب، وتأتي النجاة من حيث لا تتخيل ولا تتصور ولا تتوقع، فالله ناصر أوليائه مهما طال الزمن، والله ممكِّن لدين الإسلام الذي ارتضاه في الأرض، مهما بطش فرعون بموسى وقومه: ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾ [الشعراء: 63]، ينفلق البحر اثني عشر طريقًا كالجبل العظيم، مما دفع فرعون إلى الإقدام للحاق بموسى وقومه: ﴿ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ ﴾ [الشعراء: 64]، فيكون الفرج من عند الله، وتتحقق النجاة: ﴿ وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشعراء: 65 - 68]، فكان يوم النجاة هو يوم عاشوراء، فشكر الله موسى عليه السلام ربَّه، فصار يصوم هذا اليوم شكرًا لله تعالى؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((فنحن أحق وأولى بموسى منكم))، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بصيامه، وصيام يوم قبله أو يوم بعده مخالفةً لليهود، لكن لماذا وصَّانا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نخالف اليهود؟ وصانا نبينا صلى الله عليه وسلم بمخالفة اليهود؛ لأن الله ذكر فيهم من الصفات التي لا تليق بالمؤمن الذي يتصف بالخِلال الحميدة؛ فمن صفات اليهود في كل زمان ومكان كما ذكر القرآن: معرفة الحق وكتمانه، والتواصي فيما بينهم على ذلك؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ [البقرة: 14]، ومن صفاتهم أيضًا الإكثار من أكل أموال الناس بغير حقٍّ من ربًا واحتيال وخداع بشتى صوره؛ قال تعالى: ﴿ وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 62]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 34]، وقد وصفهم القرآن بأنهم خائنون للعهود، ناقضون لها، وغادرون؛ قال تعالى: ﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 100]، وقد وصفهم أيضًا أنهم أشد الناس عداوةً للذين آمنوا؛ قال الله تبارك وتعالى: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المائدة: 82]؛ قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى: "لتجدن يا محمد أشد الناس عداوةً للذين صدَّقوك واتبعوك، وصدَّقوا بما جئتهم به من أهل الإسلام؛ اليهودَ والذين أشركوا"، ومن شدة العداء أنهم يعرفون الحق لكنهم لا يتبعونه، فهم يعرفون أن النبي صلى الله عليه وسلم حق، وأنه من عند الله، ولكنهم لم يتبعوه، ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ووصل إلى المدينة، نظر إليه اليهود فعرفوه، وأكنُّوا له العداوة؛ كما روت ذلك أم المؤمنين صفية بنت حُيَيِّ بن أخطب زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها، فإنها ذكرت أن حييَّ بن أخطب أحد زعماء يهود لما قدم النبي عليه الصلاة والسلام المدينةَ، رآه فعرف أنه نبي مما قرأ عنه في التوراة؛ تقول صفية رضي الله عنها: "إن أباها وعمها التقيا بعد أن رأيا النبي عليه الصلاة والسلام، فقال عمها لأبيها: أهو هو؟ قال: نعم، أعرفه بوجهه أو بنعتِه، قال: فما في صدرك له؟ قال: عداوته ما بقيت"؛ وهذا مصداق قول الله جل وعلا: ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ﴾ [البقرة: 89]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ﴾ [البقرة: 146]، ولقد ورد في القرآن الكريم أنه من شدة عداوتهم للمؤمنين: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32]، ومن أبرز صفاتهم التي ذكرها القرآن: أنهم جبناء، ومحبون للحياة، بل حريصون عليها: ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [الحشر: 14]، ومن صفاتهم أيضًا أنهم قوم مغرورون، ومتكبرون، وكذابون، وهذه الصفات من أقبح الصفات، ومن كِبرهم قالوا: إنهم أبناء الله وأحباؤه؛ كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [المائدة: 18]، وقالوا: لا يدخل الجنة إلا من كان منهم؛ كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 111]، ومن صفاتهم الذميمة: عصيانهم لله تعالى، واعتداؤهم على الخلق، وأنهم لا يتناهَون عن المنكرات فيما بينهم؛ قال الله تعالى: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79]، هذه بعض صفاتهم في كتاب ربنا، وعمومًا فإن اليهود قد جمعوا كل صفة قبيحة فاتصفوا بها؛ لذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم وعدم التشبه بهم، وصوم يومٍ قبل عاشوراء أو صوم يوم بعده.

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من آيات وحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات من كل ذنب وخطيئة، استغفروه؛ إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم؛ الحمد لله القائل: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، حثَّنا على طلب العلم، فقال: ((من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا، سلك الله به طريقًا من طُرُق الجنة، وإن الملائكة لَتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإن العالم لَيستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر))، فالعلم نور للعقول، وضياء للحضارات، وقد حثَّ الإسلام على طلب العلم النافع بكل فروعه؛ لِما فيه من إعمار للأرض، وإقامة الدين الحق على الهدى والنور والبيِّنات، وجعل لطلاب العلم وللعلماء منزلةً رفيعةً بين الناس.

أيها الكرام: وإن طريق العلم الذي نسلكه في الأيام القادمة بسبب هذا الوباء الذي نعيشه، هو التعلم عن بُعد، فاللهَ اللهَ في الجدِّ والاجتهاد، وتهيئة الأجواء لتكون محفِّزةً لطلب العلم، فما أحوجنا - أيها الكرام - في تحفيز أبنائنا وتشجيعهم على المثابرة في تحصيل العلوم! فما سَمَتِ الأمم إلا لتقدُّمها علميًّا؛ فلنأخذ بأيديهم لنحبِّبهم في طلب العلم، وخصوصًا أن التقنية ساهمت في تذليل الصعاب، فها هي منصة "مدرستي" تسهِّل طريق العلم، جزى الله خيرًا كل من ساهم في تأسيسها وتطويرها، والمؤمن حين تُسهَّل له الأمور، لا بد أن يستثمرها ويشكر الله أن سخَّر له وسائل للارتقاء العلمي، كان سلفنا الصالح يقطعون الفيافيَ، ويتكبَّدون المشاقَّ، ويواجهون الصِّعاب، ويسافرون البلدان ليحصدوا العلم، وها هو العلم الآن يتوفَّر لكل طالبٍ له بين يديه عبر الوسائل الحديثة، فلا عذرَ لمتكاسل، ولا لمتقاعس، ولا لمتهاون، والمؤمَّل في أبنائنا طلاب العلم أن يتسابقوا لإذكاء عقولهم، ويتنافسوا لحصاد علمٍ زكَّى الله أصحابه؛ فقال: ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9].

صلوا على سيد العلماء والأنبياء والمرسلين، فقد أمركم الله تعالى بذلك؛ فقال في كتابه الحكيم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلَّى عليَّ صلاةً، صلَّى الله عليه بها عشرًا)).

اللهم صلِّ على محمدٍ عبدك ورسولك النبي الأمي، وعلى آل محمد وأزواجه وذريته، كما صلَّيت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا رب العالمين.

اللهم أعزَّ الإسلام وانصر المسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا يا رب العالمين، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم واجعلهم سبيلًا للعز والسؤدد، والخير والصلاح.

اللهم يا من قلت وقولك الحق: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]، اجعلنا من عبادك المتقين، وعلِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدْنا علمًا وعملًا، وفقهًا وإخلاصًا في الدين، اللهم إنا نسألك علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملًا متقبَّلًا.

اللهم يا معلِّم موسى علِّمنا، ويا مُفهم سليمانَ فهِّمنا، ويا مؤتيَ لقمانَ الحكمةَ وفصل الخطاب، آتنا الحكمة وفصل الخطاب، اللهم أغنِنا بالعلم، وزيِّنَّا بالحِلم، وأكرمنا بالتقوى، وجمِّلنا بالعافية، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 77.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 75.39 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]