|
استراحة الشفاء , وملتقى الإخاء والترحيب والمناسبات هنا نلتقي بالأعضاء الجدد ونرحب بهم , وهنا يتواصل الأعضاء مع بعضهم لمعرفة أخبارهم وتقديم التهاني أو المواساة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التوحيد أساس الإسلام وشعاره
إن أهم ما نحتاجه في تزكية نفوسنا ونفوس أبنائنا، هو التوحيد الذي هو أساس دعوة الرسل؛ فينبغي أن نرسّخ هذا المعنى في نفوسنا، فإذا كنت تريد أن ترى نفسك زاكية مقبلة على الله مدبرة عن معصيته، فراجع توحيدك بالله في قلبك وفي لسانك وعملك، تريد من ابنك أن يحافظ على الصلاة ويبرّك، يسعى في خيريّ الدنيا والآخرة، اغرس شجرة التوحيد في قلبه، وإن ما نراه اليوم، من كثرة ظهور المنكرات وضعف الأمة وانهزامها لهو علامة ومؤشر على خلل في التوحيد والعقيدة. إن لكل أمة من الأمم، ولكل أهل حضارة من الحضارات قيمًا ومبادئ تتفاخر بها، وهذه القيم والثوابت التي تمتثلها الأمم، وترتكز عليها، وترفعها شعارًا، وتجعلها دثارًا؛ إنما هي قلب حضارتها النابض، فإذا ضعفت هذه الثوابت والأسس وتلك القيم، كان ذلك إيذانًا بسقوط تلك الأمة وتلك الحضارة. أساس الإسلام الأول وشعاره والناظر لأمة الإسلام يجد بعض الناس يريد أن يجعل العلم هو قيمة الإسلام الأولى وأساس محكماته، وآخرون يجعلون الأخلاق، وطائفة أخرى ترى أن العدل أساس الإسلام، وكل ما ذُكِرَ لا شك أنه قِيَم إسلامية صحيحة ومحكمات واضحة وبينة، لكن أساس الإسلام الأول وشعاره البيِّن، وحقيقته الأولى ومحكمه الأساس، هو التوحيد، هذا المُحْكَم الذي لأجله خرج الصحابة -رضوان الله عليهم- ينشرونه ويدعون الناس إليه شرقًا وغربًا، هذه العقيدة التي غيَّرت العرب من أمة همجية جاهلية إلى أمة العدل والعلم والأخلاق. إنَّ الله حيّ لا يموت لما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - وكادت أن تموت أُمته، وشعر أصحابه لبُرْهَة بالضياع، حتى ركز أبو بكر عصاه على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونادى مُذكِّرًا أمة الإسلام بشعارها وأساسها فقال: «من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت»؛ فاستيقظت تلك القلوب، وهدأت تلك النفوس، ثم استقام لها الطريق واستنارت لها الدروب، فما هي إلا أيام حتى رفرفت راية التوحيد على كثير من البلاد شرقا وغربا. ركن الإسلام الأول ومتى ما ضعف التوحيد في نفوس أهل الإسلام، كان ذلك علامةً على ضعفهم، وقرب انهيارهم؛ ولهذا كان قول لا إله إلا الله ركن الإسلام الأول، بل كان مجرد النطق بكلمة التوحيد عصمة لدم المرء وعرضه. مضامين محكّمة واضحة وكلمة التوحيد لها مضامين محكمة واضحة منها: المُحكِّم الأول إن التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، فلا يجوز الشرك بالله، ولا أن تتخذ الأنداد من دون الله، فلا تُصرف عبادة من العبادات إلى غير الله -تعالى-، فالمسلم لا يدعو أحدًا من دون الله؛ قال -تعالى- {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا}(الجن:20)، بل إن هذا التوحيد هو غاية الوجود {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}(الذاريات)، وحينما أشار ابن عباس إلى آيات المحكمات جاء في أول مضامينها قوله -تعالى-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}(الإسراء:23)؛ فالتوحيد أمر وفرض إلهي، فهو أساس هذا الدين، فلا يُعرَف المسلم بلباس معين، ولا بهيئة معينة، ولا بلون معين، إنما يعرف المسلم بالتوحيد، ولهذا كان الشرك بالله أعظم الظلم، قال -تعالى-: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}(لقمان:13)؛ لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، والعبادة والخضوع والتذلل لا يكون إلا لله -تعالى-؛ فصرفه لغيره ظلم شنيع وقبح شديد. المحكّم الثاني من مضامين التوحيد أن يُطاع الله فلا يُكْفَر، وأن حقيقة هذا التوحيد أن يكون المسلم عبدًا خاضعًا ذليلاً، وهذا شرف وعزٌّ للمؤمن؛ فالإسلام إنما أراد أن تكون خاضعًا لله، عبدًا له منيبًا إليه، فلا خضوع ولا ذل ولا انكسار ولا طاعة إلا لله -تعالى-، وإنما وجبت طاعة غير الله لإيجاب الله -تعالى- ذلك، كطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقد قرنها بطاعته، وطاعتهما طاعة مطلقة، فلا يأمر الله ورسوله إلا بخير ومصلحة، أما طاعة العلماء والأمراء والآباء والأمهات والأزواج إنما هي طاعة مقيدة بغير معصية الله -تعالى-. وبهذا المضمون وجب العدل، وبه يتحقق، فإذا أطاع الخلق -إنسهم وجنهم ملوكهم وعبيدهم صغارهم وكبارهم- اللهَ -عزوجل- تحقق العدل والأمن {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (الأنعام:82)، روى البخاري في صحيحه عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: لما نزل قوله: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}، قال أصحابه: يا رسول الله وأينا لم يظلم نفسه؟ فنزل قوله -تعالى-: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان:13). المحكّم الثالث إن حقيقة هذا التوحيد تنطلق من اعتقاد العبد بقلبه وحدانية الله، فإنه كما يوحّد الله بلسانه وبأركانه، فكذلك بقلبه، فلا يحب أحدا مثل محبة الله، ولا يتوكل إلا على الله، ولا يخاف العبد إلا الله، قال -تعالى- {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}(البقرة:165)، فالقلب مثل البدن، تجب عليه من العبادات كما يجب على سائر الجوارح، كالصبر والرضا واليقين، والحب والخوف، فمن الناس مَن لا يشرك ببدنه وإنما بقلبه، فيحبّ ويُعظِّم ويخاف غير الله، ويصرف هذه العبادات لغير الله. ومن هنا إذا ضعف التوحيد في القلب، وقصَّر العبد في طاعة ربه، واستهين بالشرك، فإنه يُفضي بالمرء أن يعصي الله، وأن يحيد عن طريق الاستقامة، كما يفعل بعض المسلمين من تصديق الكهانة والسحرة والمشعوذين، إما محبةً لهم أو خوفًا منهم، أو يعتقد -والعياذ بالله- أن لهم من القدرة ما توازي قدرة الله، وهذا من أعظم الكفر والشرك، أو يوالي غير الله، أو يعادي أهل التوحيد، وكل هذا من أعظم الكفر والشرك والعصيان. التوحيد أصل الإسلام ولابد أن نعلم أنَّ التوحيد هو أصل الإسلام؛ شجرته ثابتة وفرعها في السماء {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا}(إبراهيم)، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً} شهادة أن لا إله إلا الله {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} وهو المؤمن {أَصْلُهَا ثَابِتٌ} يقول لا إله إلا الله في قلب المؤمن {وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} يقول يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء، فالتوحيد هو كلمة طيبة ثابتة في قلب المؤمن ترفع عمله إلى السماء. خلل في التوحيد والعقيدة وإن ما نراه اليوم، من كثرة ظهور المنكرات وشيوع الفواحش وضعف الأمة وانهزامها لهو علامة خلل في التوحيد والعقيدة، وما نراه اليوم من مظاهر الشرك في بلاد المسلمين، ومن إقبال بعض المسلمين على السحرة والكهنة والمشعوذين دليل على رقة التوحيد وضعفه في نفوسهم، روى مسلم في صحيحه عن بعض أزاوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدّقه لم تقبل له صلاة أربعين يومًا»، وفي الحديث الصحيح: «مَن أتى كاهنًا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد»، فلنعظِّم الله -تعالى-، ولْنَعْتَنِ بكلمة التوحيد وننطلق منها في تزكية نفوسنا وفي تفكيرنا وفي دعوتنا، وفي مناهجنا التعليمية والتربوية. اعداد: المحرر الشرعي
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |