كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله - الصفحة 28 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 274 - عددالزوار : 94873 )           »          كتاب (الوصايا المنبرية شرح أربعين حديثاً من الوصايا النبوية ) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الغنائم المحققة للمطلوب في الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          {قد أفلح من زكاها} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          كلمة التوحيد في الكتاب والسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 30 )           »          شرح حديث: من حجَّ هـذا البيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          حديث: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          مناجاة.. وثناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          كيف نتوب كما ينبغي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          آثار مواسم الطاعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #271  
قديم اليوم, 05:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,769
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (271)
صــــــــــ 221 الى صـــــــــــ 226








مسائل القاضي وكيف العمل عند شهادة الشهود.


(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا شهد الشهود عند القاضي فإن كانوا مجهولين كتب حلية كل واحد منهم ورفع في نسبه إن كان له نسب أو ولائه إن كان يعرف له ولاء. وسأله عن صناعته إن

كان له صناعة وعن كنيته إن كان يعرف بكنية وعن مسكنه وموضع بياعاته ومصلاه. وأحب له إن كان الشهود ليسوا ممن يعرف بالحال الحسنة المبرزة والعقل معها أن يفرقهم ثم يسأل كل واحد منهم على حدته عن شهادته واليوم الذي شهد فيه والموضع الذي شهد فيه ومن حضره وهل جرى ثم كلام. ثم يثبت ذلك كله وهكذا أحب إن كان ثم حال حسنة ولم يكن سديد العقل أن يفعل به هذا ويسأل من كان معه في الشهادة على مثل حاله عن مثل ما يسأل ليستدل على عورة إن كانت في شهادته أو اختلاف إن كان في شهادته وشهادة غيره فيطرح من ذلك ما لزمه طرحه ويلزم ما لزمه إثباته وإن جمع الحال الحسنة والعقل لم يقفه ولم يفرقهم، وأحب للقاضي أن يكون أصحاب مسائله جامعين للعفاف في الطعمة والأنفس وافري العقول برآء من الشحناء بينهم وبين الناس أو الحيف على أحد بأن يكونوا من أهل الأهواء والعصبية والمماطلة للناس وأن يكونوا جامعين للأمانة في أديانهم وأن يكونوا أهل عقول لا يتغفلون بأن يسألوا الرجل عن عدوه ليخفي حسنا ويقول قبيحا فيكون ذلك جرحا عندهم أو يسألوه عن صديقه فيخفي قبيحا ويقول حسنا فيكون ذلك تعديلا عندهم.

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ويحرص الحاكم على أن لا يعرف له صاحب مسألة فيحتال له. (قال): وأرى أن يكتب لأهل المسائل صفات الشهود على ما وصفت وأسماء من شهدوا له ومن شهدوا عليه وقدر ما شهدوا فيه ثم لا يسألون أحدا عنهم حتى يخبره بمن شهدوا له، وشهدوا عليه وقدر ما شهدوا فيه فإن المسئول عن الرجل قد يعرف ما لا يعرف الحاكم من أن يكون الشاهد عدوا للمشهود عليه أو حنقا عليه أو شريكا فيما شهد فيه وتطيب نفسه على تعديله في اليسير ويقف في الكثير، ولا يقبل تعديله إلا من اثنين ولا المسألة عنه إلا من اثنين ويخفي على كل واحد منهما أسماء من دفع إلى الآخر لتتفق مسألتهما أو تختلف فإن اتفقت بالتعديل قبلها وإن اختلفت أعادها مع غيرهما فإن عدل رجل وجرح لم يقبل الجرح إلا من شاهدين وكان الجرح أولى من التعديل لأن التعديل يكون على الظاهر والجرح يكون على الباطن.

(قال): ولا يقبل الجرح من أحد من خلق الله فقيه عاقل دين ولا غيره إلا بأن يقفه على ما يجرحه به فإذا كان ذلك مما يكون جرحا عند الحاكم قبله منه وإذا لم يكن جرحا عنده لم يقبله فإن الناس يختلفون ويتباينون في الأهواء فيشهد بعضهم على بعض بالكفر فلا يجوز لحاكم أن يقبل من رجل وإن كان صالحا أن يقول لرجل ليس بعدل ولا رضا ولعمري إن من كان عنده كافرا لغير عدل، وكذلك يسمى بعضهم بعضا على الاختلاف بالفسق والضلال فيجرحونهم فيذهب من يذهب إلى أن أهل الأهواء لا تجوز شهادتهم فيجرحونهم من هذا المعنى وليس هذا بموضع جرح لأحد، وكذلك من يجرح من يستحل بعض ما يحرم هو من نكاح المتعة ومن إتيان النساء في أدبارهن وأشباه ذلك مما لا يكون جرحا عند أهل العلم فلا يقبل الجرح إلا بالشهادة من الجارح على المجروح وبالسماع أو بالعيان كما لا يقبلها عليه فيما لزمه من الحق وأكثر من نسب إلى أن تجوز شهادته بغيا حتى يعتد اليسير الذي لا يكون جرحا لقد حضرت رجلا صالحا يجرح رجلا مستهلا بجرحه فألح عليه بأي شيء تجرحه؟ فقال ما يخفى على ما تكون الشهادة به مجروحة فلما قال له الذي يسأله عن الشهادة لست أقبل هذا منك إلا أن تبين قال رأيته يبول قائما قال وما بأس بأن يبول قائما؟ قال ينضح على ساقيه ورجليه وثيابه ثم يصلي قبل أن ينقيه قال أفرأيته فعل فصلى قبل أن ينقيه وقد نضح عليه؟ قال لا ولكني أراه سيفعل. وهذا الضرب كثير في العالمين والجرح خفي فلا يقبل لخفائه ولما وصفت من الاختلاف إلا بتصريح الجارح ولا يقبل التعديل إلا بأن يوقفه المعدل عليه فيقول عدل علي ولي ثم لا يقبل ذلك هكذا

حتى يسأله عن معرفته به فإن كانت معرفته به باطنة متقادمة قبل ذلك منه وإن كانت معرفته به ظاهرة حادثة لم يقبل ذلك منه.

ما تجوز به شهادة أهل الأهواء

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ذهب الناس من تأويل القرآن والأحاديث أو من ذهب منهم إلى أمور اختلفوا فيها فتباينوا فيها تباينا شديدا واستحل فيها بعضهم من بعض ما تطول حكايته وكان ذلك منهم متقادما منه ما كان في عهد السلف وبعدهم إلى اليوم فلم نعلم أحدا من سلف هذه الأمة يقتدى به ولا من التابعين بعدهم رد شهادة أحد بتأويل وإن خطأه وضلله ورآه استحل فيه ما حرم عليه ولا رد شهادة أحد بشيء من التأويل كان له وجه يحتمله وإن بلغ فيه استحلال الدم والمال أو المفرط من القول وذلك أنا وجدنا الدماء أعظم ما يعصى الله تعالى بها بعد الشرك ووجدنا متأولين يستحلونها بوجوه وقد رغب لهم نظراؤهم عنها وخالفوهم فيها ولم يردوا شهادتهم بما رأوا من خلافهم فكل مستحل بتأويل من قول أو غيره فشهادته ماضية لا ترد من خطأ في تأويله وذلك أنه قد يستحل من خالفه الخطأ إلا أن يكون منهم من يعرف باستحلال شهادة الزور على الرجل لأنه يراه حلال الدم أو حلال المال فترد شهادته بالزور أو يكون منهم من يستحل أو يرى الشهادة للرجل إذا وثق به فيحلف له على حقه ويشهد له بالبت ولم يحضره ولم يسمعه فترد شهادته من قبل استحلاله الشهادة بالزور أو يكون منهم من يباين الرجل المخالف له مباينة العداوة له فترد شهادته من جهة العداوة فأي هذا كان فيهم أو في غيرهم ممن لا ينسب إلى هوى رددت شهادته وأيهم سلم من هذا أجزت شهادته وشهادة من يرى الكذب شركا بالله أو معصية له يوجب عليها النار أولى أن تطيب النفس عليها من شهادة من يخفف المأثم عليها.

وكذلك إذا كانوا مما يشتم قوما على وجه تأويل في شتمهم لا على وجه العداوة وذلك أنا إذا أجزنا شهادتهم على استحلال الدماء كانت شهادتهم بشتم الرجال أولى أن لا ترد لأنه متأول في الوجهين والشتم أخف من القتل فأما من يشتم على العصبية أو العداوة لنفسه أو على ادعائه أن يكون مشتوما مكافئا بالشتم فهذه العداوة لنفسه وكل هؤلاء ترد شهادته عمن شتمه على العداوة. وأما الرجل من أهل الفقه يسأل عن الرجل من أهل الحديث فيقول كفوا عن حديثه ولا تقبلوا حديثه لأنه يغلط أو يحدث بما لم يسمع، وليست بينه وبين الرجل عداوة فليس هذا من الأذى الذي يكون به القائل لهذا فيه مجروحا عنه لو شهد بهذا عليه إلا أن يعرف بعداوة له فترد بالعداوة لا بهذا القول، وكذلك إن قال إنه لا يبصر الفتيا ولا يعرفها فليس هذا بعداوة ولا غيبة إذا كان يقوله لمن يخاف أن يتبعه فيخطئ باتباعه وهذا من معاني الشهادات وهو لو شهد عليه بأعظم من هذا لم يكن هذا غيبة إنما الغيبة أن يؤذيه بالأمر لا بشهادته لأحد يأخذ به منه حقا في حد ولا قصاص ولا عقوبة ولا مال ولا حد لله ولا مثل ما وصفت من أن يكون جاهلا بعيوبه فينصحه في أن لا يغتر به في دينه إذا أخذ عنه من دينه من لا يبصره فهذا كله معاني الشهادات التي لا تعد غيبة

(قال): والمستحل لنكاح المتعة والمفتي بها والعامل بها ممن لا ترد شهادته، وكذلك لو كان موسرا فنكح أمة مستحلا لنكاحها مسلمة أو مشركة

لأنا نجد من مفتي الناس وأعلامهم من يستحل هذا وهكذا المستحل الدينار بالدينارين والدرهم بالدرهمين يدا بيد والعامل به لأنا نجد من أعلام الناس من يفتي به ويعمل به ويرويه، وكذلك المستحل لإتيان النساء في أدبارهن فهذا كله عندنا مكروه محرم وإن خالفنا الناس فيه فرغبنا عن قولهم ولم يدعنا هذا إلى أن نجرحهم ونقول لهم إنكم حللتم ما حرم الله وأخطأتم لأنهم يدعون علينا الخطأ كما ندعيه عليهم وينسبون من قال قولنا إلى أنه حرم ما أحل الله عز وجل.

شهادة أهل الأشربة

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): من شرب من الخمر شيئا وهو يعرفها خمرا، والخمر: العنب الذي لا يخالطه ماء ولا يطبخ بنار ويعتق حتى يسكر هذا مردود الشهادة لأن تحريمها نص في كتاب الله عز وجل سكر أو لم يسكر ومن شرب ما سواها من الأشربة من المنصف والخليطين أو مما سوى ذلك مما زال أن يكون خمرا وإن كان يسكر كثيره فهو عندنا مخطئ بشربه آثم به ولا أرد به شهادته وليس بأكثر مما أجزنا عليه شهادته من استحلال الدم المحرم عندنا والمال المحرم عندنا والفرج المحرم عندنا ما لم يكن يسكر منه فإذا سكر منه فشهادته مردودة من قبل أن السكر محرم عند جميع أهل الإسلام إلا أنه قد حكي لي عن فرقة أنها لا تحرمه وليست من أهل العلم فإذا كان الرجل المستحل للأنبذة يحضرها مع أهل السفه الظاهر ويترك لها الحضور للصلوات وغيرها وينادم عليها ردت شهادته بطرحه المروءة وإظهاره السفه، وأما إذا لم يكن ذلك معها لم ترد شهادته من قبل الاستحلال.

شهادة أهل العصبية

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): من أظهر العصبية بالكلام فدعا إليها وتألف عليها وإن لم يكن يشهر نفسه بقتال فيها فهو مردود الشهادة لأنه أتى محرما لا اختلاف بين علماء المسلمين علمته فيه الناس كلهم عباد الله تعالى لا يخرج أحد منهم من عبوديته وأحقهم بالمحبة أطوعهم له وأحقهم من أهل طاعته بالفضيلة أنفعهم لجماعة المسلمين من إمام عدل أو عالم مجتهد أو معين لعامتهم وخاصتهم وذلك أن طاعة هؤلاء طاعة عامة كثيرة فكثير الطاعة خير من قليلها وقد جمع الله تعالى الناس بالإسلام ونسبهم إليه فهو أشرف أنسابهم.

(قال): فإن أحب امرؤ فليحب عليه وإن خص امرؤ قومه بالمحبة ما لم يحمل على غيرهم ما ليس يحل له فهذا صلة ليست بعصبية وقل امرؤ إلا وفيه محبوب ومكروه فالمكروه في محبة الرجل من هو منه أن يحمل على غيره ما حرم الله تعالى عليه من البغي والطعن في النسب والعصبية والبغضة على النسب لا على معصية الله ولا على جناية من المبغض على المبغض ولكن بقوله أبغضه لأنه من بني فلان فهذه العصبية المحضة التي ترد بها الشهادة فإن قال قائل ما الحجة في هذا؟ قيل له: قال الله تبارك وتعالى: {إنما المؤمنون إخوة} وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «وكونوا عباد الله إخوانا»، فإذا صار رجل إلى خلاف أمر الله تبارك وتعالى اسمه وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلا سبب يعذر به يخرج به من العصبية كان مقيما على معصية لا تأويل فيها ولا اختلاف بين المسلمين فيها ومن أقام على مثل هذا كان حقيقا أن يكون مردود الشهادة.

شهادة الشعراء

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): الشعر كلام حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام غير أنه كلام باق سائر فذلك فضله على الكلام فمن كان من الشعراء لا يعرف بنقص المسلمين وأذاهم والإكثار من ذلك، ولا بأن يمدح فيكثر الكذب لم ترد شهادته. ومن أكثر الوقيعة في الناس على الغضب أو الحرمان حتى يكون ذلك ظاهرا كثيرا مستعلنا، وإذا رضي مدح الناس بما ليس فيهم حتى يكون ذلك كثيرا ظاهرا مستعلنا كذبا محضا ردت شهادته بالوجهين، وبأحدهما لو انفرد به، وإن كان إنما يمدح فيصدق، ويحسن الصدق أو يفرط فيه بالأمر الذي لا يمحض أن يكون كذبا لم ترد شهادته، ومن شبب بامرأة بعينها ليست ممن يحل له وطؤها حين شبب فأكثر فيها وشهرها وشهر مثلها بما يشبب، وإن لم يكن زنى ردت شهادته، ومن شبب فلم يسم أحدا لم ترد شهادته لأنه يمكن أن يشبب بامرأته، وجاريته، وإن كان يسأل بالشعر أو لا يسأل به فسواء. وفي مثل معنى الشعر في رد الشهادة من مزق أعراض الناس، وسألهم أموالهم فإذا لم يعطوه إياها شتمهم.

فأما أهل الرواية للأحاديث التي فيها مكروه على الناس فيكره ذلك لهم، ولا ترد شهادتهم لأن أحدا قلما يسلم من هذا إذا كان من أهل الرواية فإن كانت تلك الأحاديث عضة بحر أو نفي نسب ردت بذلك شهادتهم إذا أكثروا روايتها أو عمدوا أن يرووها فيحدثوا بها، وإن لم يكثروا.

وأما من روى الأحاديث التي ليست بمحض الصدق ولا بيان الكذب، وإن كان الأغلب منها أنها كذب فلا ترد الشهادة بها، وكذلك رواية أهل زمانك من الإرجاف، وما أشبهه

وكذلك المزاح لا ترد به الشهادة ما لم يخرج في المزاح إلى عضة النسب أو عضة بحر أو فاحشة فإذا خرج إلى هذا، وأظهره كان مردود الشهادة.

شهادة أهل اللعب

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): يكره من، وجه الخير اللعب بالنرد أكثر مما يكره اللعب بشيء من الملاهي، ولا نحب اللعب بالشطرنج، وهو أخف من النرد، ويكره اللعب بالحزة، والقرق، وكل ما لعب الناس به لأن اللعب ليس من صنعة أهل الدين ولا المروءة. ومن لعب بشيء من هذا على الاستحلال له لم ترد شهادته والحزة تكون قطعة خشب فيها حفر يلعبون بها إن غفل به عن الصلوات فأكثر حتى تفوته ثم يعود له حتى تفوته رددنا شهادته على الاستخفاف بمواقيت الصلاة كما نردها لو كان جالسا فلم يواظب على الصلاة من غير نسيان ولا غلبة على عقل. فإن قيل فهو لا يترك الصلاة حتى يخرج وقتها للعب إلا وهو ناس؟ قيل فلا يعود للعب الذي يورث النسيان، وإن عاد له، وقد جربه يورثه ذلك فذلك استخفاف. فأما الجلوس والنسيان فمما لم يجلب على نفسه فيه شيئا إلا حديث النفس الذي لا يمتنع منه أحد، ولا يأثم به، وإن قبح ما يحدث به نفسه، والناس يمتنعون من اللعب. فأما ملاعبة الرجل أهله وإجراؤه الخيل، وتأديبه فرسه، وتعلمه الرمي، ورميه فليس ذلك من اللعب، ولا ينهى عنه. وينبغي للمرء أن لا يبلغ منه، ولا من غيره من تلاوة القرآن، ولا نظر في علم ما يشغله عن الصلاة حتى يخرج

وقتها، وكذلك لا يتنفل حتى يخرج من المكتوبة لأن المكتوبة أوجب عليه من جميع النوافل.

شهادة من يأخذ الجعل على الخير

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أن القاضي والقاسم والكاتب للقاضي وصاحب الديوان وصاحب بيت المال والمؤذنين لم يأخذوا جعلا، وعملوا محتسبين كان أحب إلي، وإن أخذوا جعلا لم يحرم عليهم عندي، وبعضهم أعذر بالجعل من بعض، وما منهم أحد كان أحب إلي أن يترك الجعل من المؤذنين (قال): ولا بأس أن يأخذ الرجل الجعل عن الرجل في الحج إذا كان قد حج عن نفسه، ولا بأس أن يأخذ الجعل على أن يكيل للناس ويزن لهم، ويعلمهم القرآن والنحو، وما يتأدبون به من الشعر مما ليس فيه مكروه (قال الربيع) سمعت الشافعي يقول لا تأخذ في الأذان أجرة، ولكن خذه على أنه من الفيء.

شهادة السؤال

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): لا تحرم المسألة في الجائحة تصيب الرجل تأتي على ماله، ولا في حمالة الرجل بالديات والجراحات، ولا في الغرم لأن هذه مواضع ضرورات، وليس فيها كبير سقاطة مروءة. وهكذا لو قطع برجل ببلد فسأل لم أر أن هذا يحرم عليه إذا كان لا يجد المضي منها إلا بمسألة، ولا ترد شهادة أحد بهذا أبدا فأما من يسأل عمره كله أو أكثر عمره أو بعض عمره، وهو غني بغير ضرورة، ولا معنى من هذه المعاني، ويشكو الحاجة فهذا يأخذ ما لا يحل له، ويكذب بذكر الحاجة فترد بذلك شهادته (قال): ومن سأل، وهو فقير لا يشهد على غناه لم تحرم عليه المسألة، وإن كان ممن يعرف بأنه صادق ثقة لم ترد شهادته، وإن كان تغلبه الحاجة، وكانت عليه دلالات أن يشهد بالباطل على الشيء لم تقبل شهادته، وهكذا إن كان غنيا يقبل الصدقة المفروضة من غير مسألة كان قابلا ما لا يحل له فإن كان ذلك يخفى عليه أنه محرم عليه لم ترد شهادته، وإن كان لا يخفى عليه أنه محرم عليه ردت شهادته. فأما غير الصدقة المفروضة يتصدق بها على رجل غني فقبلها فلا يحرم عليه، ولا ترد بها شهادته.

شهادة القاذف

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): من قذف مسلما حددناه أو لم نحدده لم نقبل شهادته حتى يتوب فإذا تاب قبلنا شهادته فإن كان القذف إنما هو بشهادة لم تتم في الزنا حددناه ثم نظرنا إلى حال المحدود فإن كان من أهل العدل عند قذفه بشهادته قلنا له تب، ولا توبة إلا إكذابه نفسه فإذا أكذب نفسه فقد تاب حد أو لم يحد، وإن أبى أن يتوب، وقد قذف، وسقط الحد عنه بعفو أو غيره مما لا يلزم المقذوف اسم القذف لم تقبل شهادته أبدا حتى يكذب نفسه. وهكذا قال عمر للذين شهدوا على من شهدوا عليه حين حدهم فتاب اثنان فقبل شهادتهما، وأقام الآخر على القذف فلم يقبل شهادته، ومن كانت حاله

عند القذف بشهادة أو غير شهادة حال من لا تجوز شهادته بأنه غير عدل حد أو لم يحد فسواء، ولا تقبل شهادته حتى تحدث له حال يصير بها عدلا، ويتوب من القيل بما وصفت من إكذابه نفسه، وتجوز شهادة المحدود في القذف إذا تاب على رجل في قذف

وتجوز شهادة ولد الزنا على رجل في الزنا، وشهادة المحدود في الزنا إذا تاب على الحد في الزنا، وهكذا المقطوع في السرقة، والمقتص منه في الجراح إذا تابوا ليس ههنا إلا أن يكونوا عدولا في كل شيء أو مجروحين في كل شيء إلا ما يشركهم فيه من لا عيب فيه من هذه العيوب فشهدوا فيكونون خصماء أو أظناء أو جارين إلى أنفسهم أو دافعين عنها أو ما ترد به شهادة العدول

وهكذا تجوز شهادة البدوي على القروي، والقروي على البدوي، والغريب على الآهل، والآهل على الغريب ليس من هذا شيء ترد به الشهادة إذا كانوا كلهم عدولا، وإذا كان معروفا أن الرجلين قد يتبايعان فلا يحضرهما أحد، ويتشاتمان، ولا يحضرهما أحد، ويقتل أحدهما الآخر، ولا يحضرهما أحد فحضور البدوي القروي، والقروي البدوي حتى يشهد على ما رأى، واستشهد عليه جائز، وقد لا يشهد لأنه حاضر يشهد غيره ثم ينتقل المشهد أو يموت أو يطمئن إلى صاحبه فلا يكون له شاهد غير بدوي أو بدويين. وكذلك قد يكون له شهود غيره يغيبون أو يموتون فلا يمنع ذلك البدوي أن تجوز شهادته إذا كان عدلا

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): في الرجل يغني فيتخذ الغناء صناعته يؤتى عليه ويأتي له، ويكون منسوبا إليه مشهورا به معروفا، والمرأة، لا تجوز شهادة واحد منهما؛ وذلك أنه من اللهو المكروه الذي يشبه الباطل، وأن من صنع هذا كان منسوبا إلى السفه وسقاطة المروءة، ومن رضي بهذا لنفسه كان مستخفا، وإن لم يكن محرما بين التحريم، ولو كان لا ينسب نفسه إليه، وكان إنما يعرف بأنه يطرب في الحال فيترنم فيها، ولا يأتي لذلك، ولا يؤتى عليه، ولا يرضى به لم يسقط هذا شهادته، وكذلك المرأة

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): في الرجل يتخذ الغلام والجارية المغنيين وكان يجمع عليهما، ويغشى لذلك فهذا سفه ترد به شهادته، وهو في الجارية أكثر من قبل أن فيه سفها ودياثة، وإن كان لا يجمع عليهما ولا يغشى لهما كرهت ذلك له، ولم يكن فيه ما ترد به شهادته

(قال): وهكذا الرجل يغشى بيوت الغناء، ويغشاه المغنون إن كان لذلك مدمنا، وكان لذلك مستعلنا عليه مشهودا عليه فهي بمنزلة سفه ترد بها شهادته. وإن كان ذلك يقل منه لم ترد به شهادته لما وصفت من أن ذلك ليس بحرام بين.

فأما استماع الحداء ونشيد الأعراب فلا بأس به قل أو كثر، وكذلك استماع الشعر أخبرنا ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة «عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء؟ قلت: نعم قال: هيه فأنشدته بيتا. فقال: هيه فأنشدته حتى بلغت مائة بيت».

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحداء، والرجز، وأمر ابن رواحة في سفره فقال حرك القوم فاندفع يرتجز «، وأدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركبا من بني تميم معهم حاد فأمرهم أن يحدوا، وقال إن حادينا وني من آخر الليل قالوا يا رسول الله نحن أول العرب حداء بالإبل قال وكيف ذلك؟ قالوا كانت العرب يغير بعضها على بعض فأغار رجل منا فاستاق إبلا فتبددت فغضب على غلامه فضربه بالعصا فأصاب يده فقال الغلام: وايداه، وايداه قال فجعلت الإبل تجتمع قال فقال هكذا فافعل قال والنبي - صلى الله عليه وسلم - يضحك فقال ممن أنتم؟ قالوا نحن من مضر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونحن من مضر» فانتسب تلك الليلة حتى بلغ في النسبة إلى مضر



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #272  
قديم اليوم, 06:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,769
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (272)
صــــــــــ 227 الى صـــــــــــ 232




(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فالحداء مثل الكلام، والحديث المحسن باللفظ، وإذا كان هذا هكذا في الشعر كان تحسين الصوت بذكر الله والقرآن أولى أن يكون محبوبا فقد روي عن

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما أذن الله لشيء أذنه لنبي حسن الترنم بالقرآن» وأنه «سمع عبد الله بن قيس يقرأ فقال لقد أوتي هذا من مزامير آل داود»

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا بأس بالقراءة بالألحان وتحسين الصوت بها بأي وجه ما كان، وأحب ما يقرأ إلي حدرا وتحزينا

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ومن تأكدت عليه أنه يغشى الدعوة بغير دعاء من غير ضرورة، ولا يستحل صاحب الطعام فتتابع ذلك منه رددت شهادته لأنه يأكل محرما إذا كانت الدعوة لرجل بعينه. فأما إن كان طعام سلطان أو رجل يتشبه بالسلطان فيدعو الناس إليه فهذا طعام عام مباح، ولا بأس به. ومن كان على شيء مما وصفنا أن الشهادة ترد به فإنما ترد شهادته ما كان عليه فأما إذا تاب ونزع قبلت شهادته

(قال): وإذا نثر على الناس في الفرح فأخذه بعض من حضر لم يكن هذا مما يجرح به شهادة أحد لأن كثيرا يزعم أن هذا مباح حلال لأن مالكه إنما طرحه لمن يأخذه. فأما أنا فأكرهه لمن أخذه من قبل أنه يأخذه من أخذه، ولا يأخذه إلا بغلبة لمن حضره إما بفضل قوة، وإما بفضل قلة حياء، والمالك لم يقصد به قصده إنما قصد به قصد الجماعة فأكرهه لآخذه لأنه لا يعرف حظه من حظ من قصد به بلا أذية، وأنه خلسة وسخف.

كتاب القاضي

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وما ينبغي عندي لقاض، ولا لوال من ولاة المسلمين أن يتخذ كاتبا ذميا، ولا يضع الذمي في موضع يتفضل به مسلما. وينبغي أن نعرف المسلمين بأن لا يكون لهم حاجة إلى غير أهل دينهم، والقاضي أقل الخلق بهذا عذرا، ولا ينبغي للقاضي أن يتخذ كاتبا لأمور المسلمين حتى يجمع أن يكون عدلا جائز الشهادة، وينبغي أن يكون عاقلا لا يخدع، ويحرص على أن يكون فقيها لا يؤتى من جهالة، وعلى أن يكون نزها بعيدا من الطمع فإن كتب له عنده في حاجة نفسه وضيعته دون أمر المسلمين فلا بأس، وكذلك لو كتب له رجل غير عدل.

القسام

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): والقسام في هذا بمنزلة ما وصفت من الكتاب لا ينبغي أن يكون القاسم إلا عدلا مقبول الشهادة مأمونا عالما بالحساب أقل ما يكون منه، ولا يكون غبيا يخدع، ولا ممن ينسب إلى الطمع.

الكتاب يتخذه القاضي في ديوانه

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا شهد الشهود عند القاضي فينبغي أن يكون له نسخة بشهادتهم عنده، وأن يتولى ختمها ورفعها، ويكون ذلك بين يديه، ولا يغيب عنه، ويليه بيديه أو يوليه أحدا بين يديه. وأن لا يفتح الموضع الذي فيه تلك الشهادة إلا بعد نظره إلى خاتمه أو علامة له عليه، وأن لا

يبعد منه، وأن يترك في يدي المشهود له نسخة تلك الشهادة إن شاء، ولا يختم الشهادة، ويدفعها إلى المشهود له، وليس في يديه نسختها لأنه قد يعمل على الخاتم، ويحرف الكتاب، وإن أغفل، ولم يجعل نسختها عنده، وختم الشهادة، ودفعها إلى المشهود له ثم أحضرها، وعليها خاتمه لم يقبلها إلا أن يكون يحفظها أو يحفظ معناها فإن كان لا يحفظها، ولا معناها فلا يقبلها بالخاتم فقد يغير الكتاب، ويغير الخاتم، وأكره قبوله أيضا توقيعه بيده للشهادة، وإيقاع الكاتب بيده إلا أن يجعل في إيقاعه وإيقاع كاتبه شهد فلان عند القاضي على ما في هذا الكتاب، وهي كذا وكذا دينار لفلان على فلان أو هي دار كذا شهد بها فلان لفلان حتى لا يدع في الشهادة موضعا في الحكم إلا أوقعه بيده فإذا عرف كتابه، وذكر الشهادة أو عرف كتاب كاتبه، وذكر الشهادة جاز له أن يحكم به، وخير من هذا كله أن تكون النسخ كلها عنده فإذا أراد أن يقطع الحكم أخرجها من ديوانه ثم قطع عليه الحكم فإن ضاعت من ديوانه، ومن يدي صاحبها الذي أوقع له فلا يقبلها إلا بشهادة قوم شهدوا على شهادة القوم كتابه كانوا أو غير كتابه

(قال): وكذلك لو شهد قوم على أنه حكم لرجل، ولا يذكر هو حكمه له فسألوه أن يستأنف حكما جديدا بما شهدوا به عليه لم يكن ذلك لهم لأنهم يشهدون على فعل نفسه، وهو يدفعه، ولكنه يدعه فلا يبطله، ولا يحقه، وإذا رفع ذلك إلى حاكم غيره أجازه كما يجيز الشهادة على حكمه الحاكم الذي يلي بعده لأن غيره لا يعرف منه ما يعرف من نفسه، وإذا جاء الذي يقضي عليه ببينة على أن الحاكم، وهو حاكم أنكر أن يكون حكم بما شهد به هؤلاء عليه، ودفعه فلا ينبغي له أن ينفذه إنما ينفذه إذا علم أنه لم يدفعه.

كتاب القاضي إلى القاضي

(قال): ويقبل القاضي كتاب كل قاض عدل، ولا يقبل إلا بشاهدين عدلين، ولا يقبله بشاهدين عدلين حتى يفتحه، ويقرأه عليهما، ويشهدا على ما فيه، وأن القاضي الذي أشهدهما عليه قرأه بحضرتهما أو قرئ عليهما، وقال اشهدا أن هذا كتابي إلى فلان فإذا شهدا على هذا قبله، وإذا لم يشهدا على هذا، ولم يزيدا على أن يقولا هذا خاتمه، وهذا كتابه دفعه إلينا لم يقبله. وقد حضرت قاضيا جاءه كتاب قاض مختوم فشهد عنده شاهدان أن هذا كتاب فلان بن فلان إليك دفعه إلينا، وقال اشهدوا عليه ففتحه، وقبله فأخبرني القاضي المكتوب إليه أنه فض كتابا آخر من هذا القاضي كتب إليه في ذلك الأمر بعينه، ووقف عن إنفاذه، وأخبرني هو أو من أثق بخبره أنه رد إليه الكتاب يحكي له كتابا فأنكر كتابه الآخر، وبلغه أو ثبت عنده أنه كتب الكتاب، وختمه فاحتيل له فوضع كتابا مثله مكانه، ونحى ذلك الكتاب، وأشهد على ذلك الكتاب، وهو يرى أنه كتابه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فلما كان هذا موجودا لم يجز أن يقبل من الشهود حتى يقرأ عليهم الكتاب، ويقبضوه قبل أن يغيب عنهم، وينبغي للقاضي أن يأمرهم أن يأخذوا نسخة كتابه في أيديهم، ويوقعوا شهادتهم فيه فلو انكسر خاتمه أو ذهب بعض كتابه شهدوا أن هذا كتابه قبله، وليس في الخاتم معنى إنما المعنى فيما قطعوا به الشهادة كما يكون معاني في إذكار الحقوق، وكتب التسليم بين الناس

(قال): وإذا كتب القاضي إلى القاضي بما ثبت عنده ثم مات القاضي الكاتب أو عزل قبل أن يصل كتابه إلى القاضي المكتوب إليه ثم وصل قبله، ولم يمتنع من قبوله

بموته، ولا عزله لأنه يقبل ببينته كما يقبل حكمه ألا ترى أنه لو حكم ثم عزل أو مات قبل حكمه هكذا يقبل كتابه

(قال): ولو كتب القاضي إلى القاضي فترك أن يكتب اسمه في العنوان أو كتب اسمه بكنيته فسواء، وإذا قطع الشهود أن هذا كتابه إليه قبله ألا ترى أني إنما أنظر إلى موضع الحكم في الكتاب، ولا أنظر إلى الرسالة، ولا الكلام غير الحكم، ولا الاسم فإذا شهد الشهود على اسم الكاتب والمكتوب إليه قبلته.

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): كتاب القاضي كتابان أحدهما كتاب يثبت فهذا يستأنف المكتوب إليه به الحكم، والآخر كتاب حكم منه فإذا قبله أشهد على المحكوم له أنه قد ثبت عنده حكم قاضي بلد كذا وكذا فإن كان حكم بحق أنفذه له، وإن كان حكم عنده بباطل لا يشك فيه لم ينفذه له، ولم يثبت له الكتاب، وإن كان حكم له بشيء يراه باطلا، وهو مما اختلف الناس فيه، فإن كان يراه باطلا من أنه يخالف كتابا أو سنة أو إجماعا أو قياسا في معنى واحد منها فهذا من الباطل الذي ينبغي له أن يرده، وإن كان مما يحتمله القياس، ويحتمل غيره، وقلما يكون هذا أثبته له، ولم ينفذه، وخلى بينه وبين حكم الحاكم يتولى منه ما تولى، ولا يشركه بأن يكون مبتدئا للحكم به، وهو يراه باطلا، ويقبل القاضي كتاب القاضي في حقوق الناس في الأموال والجراح وغيرها، ولا يقبلها حتى تثبت إثباتا بينا والقول في الحدود اللاتي لله عز وجل واحد من قولين أحدهما أنه يقبل فيها كتاب القاضي، والآخر لا يقبله حتى تكون الشهود يشهدون عنده فإذا قبلها لم يقبلها إلا قاطعة

(قال): وإذا كتب القاضي لرجل بحق على رجل في مصر من الأمصار فأقر ذلك الرجل أنه المكتوب عليه بذلك الكتاب رفع في نسبه أو لم يرفع أو نسبه إلى صنعته أو لم ينسبه إليها أخذ به، وإن أنكر لم يؤخذ به حتى تقوم بينة أنه هو المكتوب عليه بهذا الكتاب فإذا رفع في نسبه أو نسبه إلى صناعة أو قبيلة أو أمر يعرف به فأنكره فقامت عليه بينة بهذا الاسم والنسب والقبيلة والصناعة أخذ بذلك الحق، وإن كان في ذلك البلد أو غيره رجل يوافق هذا الاسم والنسب والقبيلة والصناعة فأنكر المكتوب عليه، وقال قد يكتب بهذا في هذا البلد على غيري ممن يوافق هذا الاسم، وقد يكون به من غير أهله ممن يوافق هذا الاسم والنسب والقبيلة والصناعة لم يقض على هذا بشيء حتى يباين بشيء لا يوافقه غيره أو يقر أو تقطع بينة على أنه المكتوب عليه فإن لم يكن هذا لم يؤخذ به

(قال): وإذا كان بلد به قاضيان كبغداد فكتب أحدهما إلى الآخر بما يثبت عنده من البينة لم ينبغ له أن يقبلها حتى تعاد عليه إنما يقبل البينة في البلد الثانية التي لا يكلف أهلها إتيانه، وكتاب القاضي إلى الأمير والأمير إلى القاضي والخليفة إلى القاضي سواء لا يقبل إلا ببينة كما وصفت من كتاب القاضي إلى القاضي.

أجر القسام

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ينبغي أن يعطى أجر القسام من بيت المال، ولا يأخذون من الناس شيئا لأن القسام حكام فإن لم يعطوه خلي بين القسام وبين من يطلب القسم، واستأجروهم بما شاءوا قل أو كثر، وإن كان في المقسوم لهم أو المقسوم عليهم صغير فأمر بذلك وليه فإذا جعلوا له معا جعلا على قسم أرض فذلك صحيح فإن سموا على كل واحد منهم شيئا معلوما أو على كل نصيب شيئا معلوما، وهم بالغون يملكون أموالهم فجائز، وإن لم يسموه وسموه على الكل فهو على قدر الأنصباء لا على العدد، ولو جعلته على العدد أوشكت أن آخذ من قليل النصيب مثل جميع ما قسمت له فإذا أنا أدخلت عليه

بالقسم إخراجه من ماله، ولكنه يؤخذ منه القليل من الجعل بقدر القليل، والكثير بقدر الكثير، وإن في نفسي من الجعل على الصغير، وإن قل شيئا إلا أن يكون ما يستدرك له بالقسم أغبط له مما يخرج من الجعل فإن لم يكن كذلك كان في نفسي من أن أجعل عليه شيئا، وهو ممن لا رضا له شيء

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا شهد القسام على ما قسموا قسموا ذلك بأمر القاضي أو بغير أمره لم تجز شهادتهم لشيئين أحدهما أنهم يشهدون على فعل أنفسهم، والآخر أن المقسوم عليهم لو أنكروا إنهم لم يقسموا عليهم لم يكن لهم جعل، ولا بد للقسام من أن يأتوا بشهود غير أنفسهم على فعلهم

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا تراضى القوم بالقاسم يقسم بينهم كان بصيرا بالقسم أو لم يكن بصيرا به فقسم فلا أنفذ قسمه إذا كان بغير أمر الحاكم حتى يتراضوا بعدما يعلم كل واحد منهم ما صار له فإذا رضوا أنفذته بينهم كما أنفذ بينهم لو قسموا من أنفسهم فإن كان فيهم صغير أو غائب أو مولى عليه لم أنفذ من القسم شيئا إلا بأمر الحاكم فإذا كان بأمر الحاكم نفذ، وإذا تداعى القوم إلى القسم، وأبى عليهم شركاؤهم فإن كان ما تداعوا إليه يحتمل القسم حتى ينتفع واحد منهم بما يصير إليه مقسوما أجبرتهم على القسم، وإن لم تنتفع البقية بما يصير إليهم إذا بعض بينهم، وأقول لمن كره القسمة إن شئتم جمعت لكم حقوقكم فكانت مشاعة تنتفعون بها، وأخرجت لطالب القسم حقه كما طلبه، وإن شئتم قسمت بينكم نفعكم ذلك أو لم ينفعكم، وإن طلب أحدهم القسم، وهو لا ينتفع بحقه، ولا غيره لم أقسم ذلك له، وكأن هذا مثل السيف يكون بينهم أو العبد، وما أشبهه فإذا طلبوا مني أن أبيع لهم فأقسم بينهم الثمن لم أبع لهم شيئا، وقلت لهم تراضوا في حقوقكم فيه بما شئتم كأنه كان ما بينهم سيف أو عبد أو غيره.

السهمان في القسم

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ينبغي للقاسم إذا أراد القسم أن يحصي أهل القسم، ويعلم مبلغ حقوقهم فإن كان منهم من له سدس وثلث ونصف قسمه على أقل السهمان، وهو السدس فجعل لصاحب السدس سهما، ولصاحب الثلث سهمين، ولصاحب النصف ثلاثة أسهم ثم قسم الدار ستة أجزاء، وكتب أسماء أهل السهمان في رقاع من قراطيس صغار ثم أدرجها في بندق من طين ثم دور البندق فإذا استوى درجه ثم ألقاه في حجر رجل لم يحضر البندقة ولا الكتاب أو حجر عبد أو صبي ثم جعل السهمان فسماها أولا وثانيا وثالثا ثم قال أدخل يدك وأخرج على الأول بندقة واحدة، فإذا أخرجها فضها فإذا خرج اسم صاحبها جعل له السهم الأول، فإن كان صاحب السدس فهو له، ولا شيء له غيره، وإن كان صاحب الثلث فهو له، والسهم الذي يليه، وإن كان صاحب النصف فهو له، والسهمان اللذان يليانه، ثم يقال أدخل يدك فأخرج بندقة على السهم الفارغ الذي يلي ما خرج، فإذا خرج فيها اسم رجل فهو كما وصفت حتى تنفذ السهمان، وإذا قسم أرضا فيها أصل أو بناء أو لا أصل فيها ولا بناء فإنما يقسمها على القيمة لا على الذرع فيقومها قيما ثم يقسمها كما وصفت، وإن كان المقسوم عليهم بالغين فاختاروا أن نقسمها على الذرع ثم نعيد عليها القيمة ثم يضرب عليها بالسهمان فأيهم خرج سهمه على

موضع أخذه، وإذا فضل رد فيه عليه، وأخذ فضلا إن كان فيه لم نجز القسم بينهم حتى يلزم على هذا إلا بعدما يعرف كل واحد منهم بموقع سهمه، وما يلزمه، ويسقط عنه فإذا علمه كما يعلم البيوع ثم رضي به أجزته في ذلك الوقت لا على الأول كما كنت ألزمهم القرعة الأولى، ولهم أن ينقضوه متى شاءوا، وإن كان فيهم صغير أو مولى عليه لم يجز هذا القسم، وإنما يجوز القسم حتى يجبر عليه إذا كان كما وصفت في القسم الأول يخرج كل واحد منهم لا شيء له، ولا عليه إلا ما كان خرج عليه سهمه

(قال): ولا يجوز أن يقسم الرجل الدار بين القوم فيجعل لبعضهم سفلا، ولبعضهم علوا لأن أصل الحكم أن من ملك السفل ملك ما تحته من الأرض، وما فوقه من الهواء فإذا أعطي هذا سفلا لا هواء له، وأعطي هذا علوا لأسفل له فقد أعطي كل واحد منهما على غير أصل ما يملك الناس، ولكنه يقسم ذلك بالقيمة، ولا يعطي أحدا بقعة إلا ما ملكه ما تحتها، وهواءها، وإن كان في الناس قسام عدول أمر القاضي من يطلب القسم أن يختاروا لأنفسهم قساما عدولا إن شاءوا من غيرهم، وإن رضوا بواحد لم يقبل ذلك حتى يجتمعوا على اثنين، ولا ينبغي له أن يشرك بين قسامه في الجعل فيتحكموا على الناس، ولكن يدع الناس حتى يستأجروا لأنفسهم من شاءوا.

ما يرد من القسم بادعاء بعض المقسوم

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قسم القسام بينهم فادعى بعض المقسوم بينهم غلطا كلف البينة على ما يقول من الغلط فإن جاء بها رد القسم عنه

(قال): وإذا قسمت الدار بين نفر فاستحق بعضها أو لحق الميت دين فبيع بعضها انتقض القسم، ويقال لهم في الدين والوصية إن تطوعتم أن تعطوا أهل الدين، والوصية أنفذنا القسم بينكم، وإن لم تطوعوا، ولم نجد للميت مالا إلا هذه الدار بعنا منها ونقضنا القسم

(قال): فإذا جاء القوم فتصادقوا على ملك دار بينهم، وسألوا القاضي أن يقسمها بينهم لم أحب أن يقسمها، ويقول إن شئتم أن تقسموا بين أنفسكم أو يقسم بينكم من ترضون فافعلوا، وإن أردتم قسمي فأثبتوا البينة على أصول حقوقكم فيها، وذلك أني إن قسمت بلا بينة فجئتم بشهود يشهدون أني قسمت بينكم هذه الدار إلى حاكم غيري كان شبيها أن يجعلها حكما مني لكم بها، ولعلها لقوم آخرين ليس لكم فيها شيء فلا نقسم إلا ببينة، وقد قيل يقسم، ويشهد أنه إنما قسم على إقرارهم، ولا يعجبني هذا القول لما وصفت فإذا ترك الميت دورا متفرقة أو دورا، ورقيقا أو دورا، وأرضين فاصطلح الورثة، وهم بالغون من ذلك على شيء يصير لبعضهم دون بعض لم أردده، وإن تشاحوا فسأل بعضهم أن يقسم له دارا كما هي، ويعطي غيره بقيمتها دارا غيرها بقيمتها لم يكن ذلك له، ويقسم كل دار بينهم فيأخذ كل رجل منهم حقه، وكذلك الأرضين، والثياب، والطعام، وكل ما احتمل أن يقسم

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): العدل يجب على القاضي في الحكم، وفي النظر في الحكم فينبغي أن ينصف الخصمين في المدخل عليه، والاستماع منهما، والإنصات لكل واحد منهما حتى تنفد حجته، وحسن الإقبال عليهما، ولا يخص واحدا منهما بإقبال دون الآخر، ولا يدخل عليه دون الآخر، ولا بزيارة له دون الآخر، ولا ينهره، ولا ينهر الآخر

وينبغي أن يكون من أقل عدله عليهما أن يكف كل واحد منهما عن عرض صاحبه، وأن يغير على من نال من عرض صاحبه بقدر ما يستوجب بقوله لصاحبه، ولا ينبغي له أن يلقن واحدا منهما حجة، ولا بأس إذا جلسا أن يقول تكلما أو يسكت حتى يبتدئ أحدهما، وينبغي أن يبدأ الطالب فإذا أنفد حجته تكلم المطلوب، ولا ينبغي له أن يضيف الخصم إلا وخصمه معه، ولا ينبغي له أن يقبل منه هدية، وإن كان يهدي له قبل ذلك حتى تنفد خصومته

(قال الشافعي): - رحمه الله -، ولا بأس إذا حضر القاضي مسافرون ومقيمون فإن كان المسافرون قليلا فلا بأس أن يبدأ بهم، وإن جعل لهم يوما بقدر ما لا يضر بأهل البلد، ويرفق بالمسافرين فلا بأس، وإن كثروا حتى يساووا أهل البلد أسا بهم، لأن لكلهم حقا

وينبغي للقاضي أن يجلس في موضع بارز، ويقدم الناس الأول فالأول لا يقدم رجلا جاء قبله غيره، وإذا قدم الذي جاء أولا وخصمه، وكان له خصوم فأرادوا أن يتقدموا معه لم ينبغ له أن يسمع إلا منه، ومن خصم واحد فإذا فرغا أقامه، ودعا الذي جاء بعده إلا أن يكون عنده كثير أخر، ويكون آخر من يدعو، ولا يقضي القاضي إلا بعدما يتبين له الحق بخبر متبع لازم أو قياس، فإن لم يبن ذلك له لم يقطع حكما حتى يتبين له، ويستظهر برأي أهل الرأي

(قال): وإذا أشاروا عليه بشيء ليس بخبر فلم يبن له من ذلك أنه الحق عنده لم ينبغ له أن يقضي، ولو كانوا فوقه في العلم لأن العلم لا يكون إلا موجودا إما خبر لازم، وإما قياس يبينه له المرء فيعقله فإذا بينه له فلم يعقله فلا يعدو أن يكون واحدا من رجلين إما رجل صحيح العقل غلط عليه من أشار عليه فقال له أنت تجد ما لا نجد فلا ينبغي أن يقبل من مخطئ عنده، وإما رجل لا يعقل إذا عقل فهذا لا يحل له أن يقضي، ولا لأحد أن ينفذ حكمه، وإذا كنا نرد شهادة المرء على ما لا يعقل مما يشتبه عليه فحكم الحاكم فيما لا يعقل أولى بالرد إلا أن يجده من رفع إليه صوابا فينفذ الصواب حيث كان

(قال): ولا يلقن القاضي الشاهد ويدعه يشهد بما عنده، ولكنه يوقفه، والتوقيف غير التلقين (قال): ولا ينبغي للقاضي أن ينتهر الشاهد، ولا يتعنته

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وينبغي للقاضي أن يقف الشاهد على شهادته، ويكتب بين يديه أو ناحية ثم يعرض عليه، والشاهد يسمع، ولا يقبلها في مجلس لم يوقع فيها بيده أو كاتبه حيث يراه، ولا ينبغي له أن يخلي الكاتب يغيب على شيء من الإيقاع من كتاب الشهادة إلا أن يعيده عليه فيعرضه، والشاهد حاضر ثم يختم عليها بخاتمه، ويرفعها في قمطره (قال): فإن أراد المشهود له أن يأخذ نسختها أخذها، وينبغي له أن يضم الشهادات بين الرجلين، وحجتهما في موضع واحد ثم يكتب ترجمتهما بأسمائهما، والشهر الذي كانت فيه ليكون أعرف لها إذا طلبها فإذا مضت السنة عزلها، وكتب خصومة سنة كذا، وكذا حتى تكون كل سنة معروفة وكل شهر معروفا.

(قال الشافعي): - رضي الله تعالى عنه - ويسأل عمن جهل عدله سرا فإذا عدل سأل تعديله علانية ليعلم أن المعدل سرا هو هذا بعينه لأنه يوافق اسمه اسمه، ونسبه نسبه.

(قال): وإذا وجد القاضي في ديوانه شهادة، ولا يذكر منها شيئا لم يقض بها حتى يعيد الشهود أو يشهد شهود على شهادتهم فإن خاف النسيان، والإضرار بالناس تقدم إذا شهد عنده شهود إليهم بأن يشهد على شهادتهم من حضرهم من كتابه، ويوقع على شهادتهم كما وصفت، وإذا ذكر شهاداتهم حكم بها، وإلا شهد عليها من تقبل شهادته فيقبله لأنه قد يحتال لكتاب فيطرح في ديوانه الخط فيشبه الخط الخط، والخاتم الخاتم، وهكذا لو كان شاهد يكتب شهادته في منزله، ويخرجها لم يشهد بها حتى يذكرها

(قال): وما وجد في ديوان القاضي بعد عزله من شهادة أو قضاء غير مشهود عليه لم يقبل




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #273  
قديم اليوم, 06:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,769
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (273)
صــــــــــ 233 الى صـــــــــــ 238






(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وينبغي للإمام أن يجعل مع رزق القاضي شيئا لقراطيسه وصحفه فإذا فعل ذلك لم

يكلف الطالب أن يأتي بصحيفة، وإن لم يفعل قال القاضي للطالب إن شئت جئت بصحيفة بشهادة شاهديك، وكتاب خصومتك، وإلا لم أكرهك، ولم أقبل منك أن يشهد عندي شاهد الساعة بلا كتاب، وأنسى شهادته
(قال): وأحب أن لا يقبل القاضي شهادة الشاهد إلا بمحضر من الخصم المشهود عليه فإن قبلها بغير محضر منه فلا بأس، وينبغي إذا حضر أن يقرأها عليه ليعرف حجته فيها، وكذلك يصنع بكل من شهد عليه ليعرف حجته في شهاداتهم، وحجته إن كانت عنده ما يجرحهم به
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو قبل القاضي شهادة على غائب، وكتب بها إلى قاض ثم قدم الغائب قبل أن يمضي الكتاب لم يكلف الشهود أن يعودوا، وينبغي له أن يقرأ عليه شهادتهم، ونسخة أسمائهم، وأنسابهم، ويوسع عليه في طلب جرحهم أو المخرج مما شهدوا به عليه فإن لم يأت بذلك حكم عليه (قال): ولو مضى الكتاب إلى القاضي الآخر لم ينبغ له أن يقضي عليه حتى يحضره إن كان حاضرا، ويقرأ عليه الكتاب، ونسخة أسماء الشهود، ويوسع عليه في طلب المخرج من شهاداتهم فإن جاء بذلك، وإلا قضى عليه
(قال): وإذا أقام الرجل البينة على عبد موصوف أو دابة موصوفة له ببلد آخر حلفه القاضي أن هذا العبد الذي شهد لك به الشهود لعبدك أو دابتك لفي ملكك ما خرجت من ملكك بوجه من الوجوه كلها، وكتب بذلك كتابا من بلده إلى كل بلد من البلدان، وأحضر عبدا بتلك الصفة أو دابة بتلك الصفة، وقد قال بعض الحكام يختم في رقبة كل واحد منهما، ويبعث به إلى ذلك البلد، ويأخذ من هذا كفيلا يقيمها فإن قطع عليه الشهود بعدما رأيا سلم إليه، وإن لم يقطعوا رد، وهذا استحسان، وقد قال غيره إذا وافق الصفة حكمت له، والقياس أن لا يحكم له حتى يأتي الشهود الموضع الذي فيه تلك الدابة فيشهدوا عليها، وكذلك العبد، ولا يخرج من يدي صاحبه الذي هو في يديه بهذا إذا كان يدعيه أو يقضي له بالصفة كما يقضي على الغائب يشهد عليه باسمه ونسبه، وهكذا كل مال يملك من حيوان، وغيره
(قال): وما باع القاضي على حي أو ميت فلا عهدة عليه، والعهدة على المبيع عليه، واختلف الناس في علم القاضي هل له أن يقضي به، ولا يجوز فيه إلا واحد من قولين أحدهما أن له أن يقضي بكل ما علم قبل الحكم وبعده في مجلس الحكم، وغيره من حقوق الآدميين، ومن قال هذا قال إنما أريد بالشاهدين ليعلم أن ما ادعى كما ادعى في الظاهر فإذا قبلته على صدق الشاهدين في الظاهر كان علمي أكثر من شهادة الشاهدين أو لا يقضي بشيء من علمه في مجلس الحكم، ولا في غيره إلا أن يشهد شاهدان بشيء على مثل ما علم فيكون علمه، وجهله سواء إذا تولى الحكم فيأمر الطالب أن يحاكم إلى غيره، ويشهد هو له فيكون كشاهد من المسلمين، ويتولى الحكم غيره، وهكذا قال شريح، وسأله رجل أن يقضي له بعلمه فقال ائت الأمير، وأشهد لك.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فأما علمه بحدود الله التي لا شيء فيها للآدميين فقد يحتمل أن تكون كحقوق الناس، وقد يحتمل أن يفرق بينهما لأن من أقر بشيء للناس ثم رجع لم يقبل رجوعه، ومن أقر بشيء لله ثم رجع قبل رجوعه، والقاضي مصدق عند من أجاز له القضاء بعلمه، وغير مقبول منه عند من لم يجزه له فأما إذا ذكر بينة قامت عنده فهو مصدق على ما ذكر منها، وهكذا كل ما حكم به من طلاق أو قصاص أو مال أو غيره (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أنفذ ذلك، وهو حاكم لم يكن للمحكوم عليه أن يتبعه بشيء منه إلا أن تقوم بينة بإقرار القاضي بالجور أو ما يدل على الجور فيكون متبعا في ذلك كله
(قال): وإذا اشترى القاضي عبدا لنفسه فهو كشراء غيره لا يكون له أن يحكم لنفسه ولو حكم رد حكمه، وكذلك لو حكم لولده أو، والده، ومن لا تجوز له شهادته، ويجوز قضاؤه لكل من جازت له شهادته من أخ، وعم، وابن عم، ومولى
(قال الشافعي):- رحمه الله تعالى - وإذا عزل القاضي عن القضاء، وقال قد كنت قضيت لفلان على فلان لم يقبل ذلك منه حتى يأتي المقضي له بشاهدين على أنه حكم له قبل أن يعزل
(قال): وأحب للقاضي إذا أراد القضاء على رجل أن يجلسه، ويبين له، ويقول له احتججت عندي بكذا، وجاءت البينة عليك بكذا، واحتج خصمك بكذا فرأيت الحكم عليك من قبل كذا ليكون أطيب لنفس المحكوم عليه، وأبعد من التهمة، وأحرى إن كان القاضي غفل من ذلك عن موضع فيه حجة أن يبينه فإن رأى فيها شيئا يبين له أن يرجع أو يشكل عليه أن يقف حتى يتبين له فإن لم ير فيها شيئا أخبره أنه لا شيء له فيها، وأخبره بالوجه الذي رأى أنه لا شيء له فيها، وإن لم يفعل جاز حكمه غير أن قد ترك موضع الأعذار إلى المقضي عليه عند القضاء
(قال): وأحب للإمام إذا ولي القضاء أن يجعل له أن يولي القضاء في الطرف من أطرافه، والشيء من أموره الرجل فيجوز حكمه، وإن لم يجعل ذلك له فمن رأى أنه لا يجوز إلا بأمر وال قال لم ينبغ للقاضي أن ينفذ حكم ذلك القاضي الذي استقضاه ولم يجعل إليه، وإن أنفذه كان إنفاذه إياه باطلا إلا أن يكون إنفاذه إياه على استئناف حكم بين الخصمين فإذا كان إنما هو لإنفاذ الحكم فليس بجائز، وإذا كان الأمر بينا عند القاضي فيما يختصم فيه الخصمان فأحب إلي أن يأمرهما بالصلح، وأن يتحللهما من أن يؤخر الحكم بينهما يوما أو يومين فإن لم يجتمعا على تحليله لم يكن له ترديدهما، وأنفذ الحكم بينهما متى بان له، وإن أشكل الحكم عليه لم يحكم بينهما طال ذلك أو قصر عليه الأناة إلى بيان الحكم، والحكم قبل البيان ظلم، والحبس بالحكم بعد البيان ظلم، والله أعلم.
الإقرار والمواهب
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال إذا قال الرجل لفلان علي شيء ثم جحد قيل له أقر بما شئت مما يقع عليه اسم شيء تمرة أو فلس أو ما أحببت ثم أحلف ما هو إلا هذا، وما له عليك شيء غير هذا، وقد برئت فإن أبى أن يحلف ردت اليمين على المدعي المقر له فقيل له سم ما شئت فإذا سمى قيل للمقر إن حلفت على هذا برئت، وإلا رددنا عليه اليمين فحلف فأعطيناه، ولا نحبسه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا إذا قال له على مال قيل له أقر بما شئت لأن كل شيء يقع عليه اسم مال، وهكذا إذا قال له علي مال كثير أو مال عظيم فإن قال قائل ما الحجة في ذلك؟ قيل قد ذكر الله عز وجل العمل فقال {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره - ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} فإذا كوفئ على مثقال ذرة في الخير والشر كانت عظيما، ولا شيء من المال أقل من مثقال ذرة فأما من ذهب إلى أنه يقضي عليه بما تجب فيه الزكاة فلا أعلمه ذهب إليه خبرا، ولا قياسا ولا معقولا أرأيت مسكينا يرى الدرهم عظيما فقال لرجل علي مال عظيم ومعروف منه أنه يرى الدرهم؟ عظيما أجبره على أن يعطيه مائتي درهم، ورأيت خليفة أو نظيرا للخليفة يرى ألف ألف قليلا أقر لرجل فقال له علي مال عظيم كم ينبغي أن أعطيه من هذا؟ فإن قلت مائتي درهم فالعامة تعرف أن قول هذا عظيم مما يقع في القلب أكثر من ألف ألف درهم فتعطى منه التافه فتظلم في معنى قولك المقر له إذا لم يك عندك فيه محمل إلا كلام الناس، وتظلم المسكين المقر الذي يرى الدرهم عظيما.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قال له علي دراهم فقال كثيرة أو عظيمة أو لم يقلها فسواء، وأجبره على أن يعطيه ثلاثة دراهم إلا أن يدعي المقر له أكثر من ذلك فأحلف المقر فإن حلف لم أزده على ثلاثة، وإن نكل قلت للمدعي إن شئت فخذ ثلاثة بلا يمين، وإن شئت فاحلف على أكثر من ثلاثة، وخذ
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قال له علي ألف ودرهم، ولم يسم الألف قيل له أقر بأي ألف إن شئت فلوسا، وإن شئت تمرا، وإن شئت خبزا، وأعطه درهما معها، واحلف أن الألف التي أقررت له بها هي هذه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو قال هذا الخاتم لفلان، وفصه لي أو لفلان فهو مثل قوله هذا الخاتم إلا فصه لفلان أو لفلان فالخاتم لفلان، والفص له أو لفلان، ولو أوصى فقال خاتمي هذا لفلان، وفصه لفلان كان لفلان الخاتم، ولفلان الموصى له الفص، وذلك أن الفص يتميز من الخاتم حتى يكون ثم اسم خاتم لا فص فيه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا يجوز إقرار رجل، ولا امرأة حتى يكونا بالغين رشيدين غير محجور عليهما ومن لم يجز بيعه لم يجز إقراره

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وسواء كان له أب أو لم يكن، وسواء أذن له في التجارة أو لم يؤذن له، وهو مخالف للعبد البالغ يؤذن له في التجارة العبد إنما لا تجوز تجارته لأن المال لغيره، وإذا أذن له رب المال جاز شراؤه، وبيعه، وإقراره في البيع، والشراء، وغير البالغ من الرجال، والنساء إذا كان مالكا لمال، وكان في حكم الله عز وجل أن لا يخلى بينه وبين ماله، وأن يولى عليه حتى يبلغ حلما ورشدا لم يكن للآدميين أن يطلقوا ذلك عنه، ولا يجوز عليه بإذنهم ما لا يجوز عليه لنفسه، وهو حر مالك (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا لم يجز إقرار غير البالغ بجناية عمدا، ولا خطأ، وإقراره في التجارة غير جائز، والعبد يجوز إقراره على نفسه في القتل، والحد، والقطع فهو مفارق له بخلافه له، ولزوم حدوده له، ولا حد على غير بالغ

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أقر العبد بجناية خطأ لم يلزم مولاه من إقراره شيء لأنه إنما أقر به عليه، ويلزمه ذلك إذا عتق
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): والعارية كلها مضمونة الدواب، والرقيق، والدور، والثياب لا فرق بين شيء منها فمن استعار شيئا فتلف في يده بفعله أو بغير فعله فهو ضامن له، والأشياء لا تخلو أن تكون مضمونة أو غير مضمونة فما كان منها مضمونا مثل الغصب، وما أشبهه فسواء ما ظهر هلاكه أو خفي فهو مضمون على الغاصب، والمستسلف جنيا فيه أو لم يجنيا أو غير مضمون مثل الوديعة فسواء ما ظهر هلاكه، وما خفي، والقول فيها قول المستودع مع يمينه، ولا يضمن منها شيئا إلا ما فرط فيه أو تعدى.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وقد خالفنا بعض الناس في العارية فقال لا يضمن منها شيئا إلا ما تعدى فيه فسئل من أين قاله؟ فزعم أن شريحا قاله فقيل له قد تخالف شريحا حيث لا مخالف له قال فما حجتكم في تضمينها؟ قلنا «استعار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صفوان فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - عارية مضمونة مؤداة» قال أفرأيت لو قلنا فإن شرط المستعير الضمان ضمن، وإن لم يشرطه لم يضمن؟ قلنا فأنت إذا تترك قولك قال وأين؟ قلنا أليس قولك إنها غير مضمونة إلا أن يشترط؟ قال بلى قلنا فما تقول في الوديعة إذا اشترط المستودع أنه ضامن أو المضارب أنه ضامن؟ قال لا يكون ضامنا في واحد منهما قلنا فما تقول في المستسلف إذا شرط أنه غير ضامن قال لا شرط له، ويكون ضامنا قلنا، وترد الأمانة إلى أصلها، والمضمون إلى أصله، ويبطل الشرط فيهما جميعا؟ قال نعم قلنا، وكذلك ينبغي لك أن تقول في العارية، وبذلك شرط النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها مضمونة، ولا يشترط أنها مضمونة إلا لما يلزم قال فلم شرط؟ قلنا لجهالة المشروط له كان مشركا لا يعرف الحكم، ولو عرفه ما ضر الشرط له إذا كان أصل العارية أنها مضمونة بلا شرط كما لا يضر شرط العهدة، وخلاص عبدك في البيع، ولو لم يشترط كان عليك العهدة، والخلاص أو الرد.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فقال: وهل قال هذا أحد؟ قلنا في هذا كفاية، وقد قال أبو هريرة وابن عباس - رضي الله عنهم - إن العارية مضمونة وكان قول أبي هريرة في بعير استعير فتلف أنه مضمون.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو اختلف رجلان في دابة فقال رب الدابة أكريتكها إلى موضع كذا وكذا فركبتها بكذا وكذا، وقال الراكب ركبتها عارية منك كان القول قول الراكب مع يمينه، ولا كراء عليه.
(قال أبو محمد) وفيه قول آخر أن القول قول رب الدابة من قبل أنه مقر بركوب دابتي مدع علي أني أبحت ذلك له فعليه البينة، وإلا حلفت، وأخذت كراء المثل.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو كانت المسألة بحالها فماتت الدابة كان الكراء ساقطا، وكان عليه ضمان الدابة في العارية لأن أصل ما نذهب إليه تضمين العارية، وسواء كان رب الدابة ممن يكري الدواب أو لا يكريها لأن الذي يكريها قد يعيرها، والذي يعيرها قد يكريها.
(قال الربيع) للشافعي قول آخر أن القول قول رب الدابة مع يمينه، وعلى الراكب كراء مثلها.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ومتى قلت القول قول رب الدابة ألزمته الكراء وطرحت عنه الضمان إذا تلفت.
(قال الربيع) وكل ما كان القول فيه قول رب الدابة، ولم يعرها فتلفت الدابة فلا ضمان على من جعلناه مكتريا إلا أن يتعدى.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا لو قال أعرتنيها، وقال رب الدابة بل غصبتنيها كان القول قول المستعير، ولا يضمن فإن ماتت الدابة في يديه ضمن لأن العارية مضمونة ركبها أو لم يركبها، وإذا ردها إليه سالمة فلا شيء عليه ركبها أو لم يركبها.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وسواء قال أخذتها منك عارية أو قال دفعتها إلي عارية، وإنما أضاف الفعل في كليهما إلى صاحب الدابة، وكذلك كلام العرب.
(قال الربيع) رجع الشافعي فقال القول قول رب الدابة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فإن قال تكاريتها منك بكذا، وقال رب الدابة اكتريتها بكذا لأكثر من ذلك فإن لم يركب تحالفا وترادا، وإن ركب تحالفا ورد عليه كراء مثلها كان أكثر مما ادعى رب الدابة أو أقل مما أقر به لأني إذا أبطلت أصل الكراء، ورددتها إلى كراء مثلها لم أجعل ما أبطلت عبرة بحال.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا يضمن المستودع إلا أن يخالف فإن خالف فلا يخرج من الضمان أبدا إلا بدفع الوديعة إلى ربها، ولو ردها إلى المكان الذي كانت فيه لأن ابتداءه لها كان أمينا فخرج من حد الأمانة فلم يجدد له رب المال أمانة، ولا يبرأ حتى يدفعها إليه، وهكذا الرهن إذا قضى المرتهن ما فيه ثم تعدى فيه ثم رده إلى بيته فهلك في يديه فهو ضامن له حتى يرده إلى صاحبه، وسواء كل عارية انتفع بها صاحبها أو لم ينتفع بها فهي مضمونة مسكن أو ما أشبهه أو دنانير أو دراهم أو طعام أو عين أو ما كان
(قال): ولو قال الرجل هذا الثوب في يدي بحق لفلان أو في ملكه أو في ميراثه أو لحقه أو لميراثه أو لملكه أو لوديعة أو بعارية أو بوديعة أو قال عندي فهو سواء، وهو إقرار لفلان به إلا أن يبين لفظا غير هذا فيقول هو عندي بحق فلان مرهون لفلان آخر فيكون ملكه للذي أقر له بالملك، ولا يكون لهذا على الآخر فيه رهن إلا أن يقر الآخر، ولو قال قبضته على يدي فلان أو هو عندي على يدي فلان أو في ملكي على يدي فلان لم يكن هذا إقرارا منه به لفلان لأن ظاهره إنما هو قبضته على يدي فلان بمعونة فلان أو بسببه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قال لفلان علي ألف دينار أو مائة درهم ثم قال هي نقص أو هي زيف لم يصدق، ولو قال هي من سكة كذا، وكذا صدق مع يمينه كانت تلك السكة أدنى الدراهم أو وسطها أو جائزة في غير ذلك البلد أو غير جائزة كما لو قال له علي ثوب أعطيناه أي ثوب أقر به، وإن كان ذلك الثوب مما لا يلبسه أهل ذلك البلد، ولا مثل الرجل المقر له، ولو قال له علي ألف درهم من ثمن هذا العبد فتداعيا فيه فقال البائع، وضح، وقال المشتري غلة تحالفا، وترادا، وهذا مثل نقص الثمن.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كان لأهل البلد وزن معلوم ينقص ما شاء أو ينقص عن وزن العامة في دنانير أو دراهم فاشترى رجل سلعة بمائة درهم فله نقد البلد إلا أن يشترط شرطا فيكون له شرطه إذا كان المشتري والبائع عالمين بنقد البلد فإن كان أحدهما جاهلا فادعى البائع الوازنة قيل أنت بالخيار بين أن تسلمه بنقد البلد أو تنقض البيع بعد أن تتحالفا فإذا قال له علي دراهم سود فوصل الكلام فهي سود فإن وصل الكلام فقال ناقص فهو ناقص فإن قطع الكلام ثم قال ناقص فهو وازن فإن قال له علي درهم كبير قيل له عليك الوازن إلا أن تكون أردت ما هو أكبر منه، فإذا قال له علي درهم فهو وازن، وإن قال درهم صغير قيل له إن كانت للناس دراهم صغار فعليك درهم صغير وازن من الصغار مع يمينك ما أقررت بدرهم واف، وكذلك ما أقر به من غصب أو وديعة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أقر الرجل لميت بمائة درهم، وقال هذا ابنه، وهذه امرأته حامل فإن ولدت ولدا حيا، ورث المرأة والولد الذي ولدت، والابن حقوقهم من هذه المائة، وإذا ولدت ولدا لم تعرف حياته لم يرث من لم تعرف حياته، ومعرفة الحياة للولد أن يستهل صارخا أو يرضع أو يحرك يدا أو رجلا تحريك الحياة، وأي شيء عرف به الحياة فهي حياة، وإذا أوصى الرجل للحبل فقال لحبل هذه المرأة من فلان كذا، والأب حي فإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم أوصى به فالوصية له، وإن جاءت به لستة أشهر أو أكثر بطلت وصيته لأنه قد لا يكون بها حين أوصى لها حبل ثم يحبلها من بعد ذلك، ولو كان زوجها ميتا حين أوصى بالوصية فجاءت بالولد لأقل من ستة أشهر أو أكثر لما يلزم له النسب كانت الوصية جائزة لأنا نحكم أن ثم يومئذ حملا، وإن جاءت بولد ميت فلا وصية له حتى تعرف حياته بعد خروجه من بطنها، وإذا قال له علي مائة درهم عددا فهي وازنة، ولو قال له علي مائة كل عشرة منها وزنها خمسة كان كما قال إذا وصل الكلام، وإذا قال له علي درهم ينقص كذا وكذا كان كما قال إذا وصل الكلام، ولكنه لو أقر بدرهم ثم قطع الكلام ثم قال بعد هو ناقص لم يقبل قوله، ولو كان ببلد دراهمهم كلها نقص ثم أقر بدرهم كان له درهم من دراهم البلد، ولو قال له علي دراهم أو دريهمات أو دنانير أو دنينيرات أو دراهم كثيرة أو عظيمة أو دراهم قليلة أو يسيرة لزمه الثلاثة من أي صنف كان أقر به من دنانير أو دراهم، وحلف على ما هو أكثر منها
(قال الشافعي): وإذا قال وهبت له هذه الدار، وقبضها أو وهبت له هذه الدار، وحازها ثم قال لم يكن قبضها ولا حازها، وقال الموهوب له قد قبضت وحزت فالقول قول الموهوب له، ولو مات الموهوب له كان القول قول ورثته، وكذلك لو قال صارت في يديه، وسواء كانت حين يقر في يد الواهب أو الموهوبة له، ولكن لو قال وهبتها له أو خرجت إليه منها نظرت فإن كانت في يدي الموهوبة له فذلك قبض بعد الإقرار وهي له، وإن كانت في يدي الواهب أو يدي غيره من قبله سألته ما قوله خرجت إليه منها؟ فإن قال بالكلام دون القبض فالقول قوله مع يمينه، وله منعه إياها لأنها لا تملك إلا بقبض، وهو لم يقر بقبض، والخروج قد يكون بالكلام فلا ألزمه إلا اليقين، وكذلك لو قال وهبتها له وتملكها لأن الملك قد يكون عنده بالكلام.
(قال الشافعي): ولو قال وهبتها له أمس أو عام أول، ولم يقبضها، وقال الموهوبة له بل قد قبضتها فالقول قول الواهب مع يمينه، وعلى الآخر البينة بالقبض.
ولو وهب رجل لرجل هبة، والهبة في يدي الموهوبة له فقبلها تمت لأنه قابض لها بعد الهبة. ولو لم تكن الهبة في يدي الموهوبة له فقبضها بغير إذن الواهب لم يكن ذلك له، وذلك أن الهبة لا تملك إلا بقول وقبض، وإذا كان القول لا يكون إلا من الواهب فكذلك لا يكون القبض إلا بإذن الواهب لأنه المالك، ولا يملك عنه إلا بما أتم ملكه، ويكون للواهب الخيار أبدا حتى يسلم ما وهب

إلى الموهوب له، وكذلك إن مات كان الخيار لورثته إن شاءوا، سلموا، وإن شاءوا لم يمضوا الهبة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو وهب رجل لرجل هبة، وأقر بأنه عنه قبضها ثم قال الواهب له إنما أقررت له بقبضها، ولم يقبضها فأحلفه أحلفته لقد قبضها فإن حلف جعلتها له، وإن نكل عن اليمين رددت اليمين على الواهب فأحلفته ثم جعلتها غير خارجة عن ملكه.
ولو قال رجل لرجل وهبت لي هذا العبد وقبضته، والعبد في يدي الواهب أو الموهوب له فقال الواهب صدقت أو نعم كان هذا إقرارا، وكان العبد له، ولو كان أعجميا فأقر له بالأعجمية كان مثل إقراره بالعربية، وإذا قال له علي درهم في عشرة سألته فإن أراد الحساب جعلت عليه ما أراد، وإن لم يرد الحساب فعليه درهم، وعليه اليمين، وهكذا إن قال درهم في ثوب سألته أراد أن يقر له بدرهم أو بثوب فيه درهم فإن قال لا فعليه الدرهم، وإن قال له علي درهم في دينار سألته: أراد درهما مع دينار فإن قال نعم جعلتهما عليه، وإن قال لا فعليه درهم، ولو قال له علي درهم في ثوب مروي فهكذا لأنه قد يقول له علي درهم في ثوب لي أنا مروي، ولو قال له علي درهم في ثوب مروي اشتريته منه إلى أجل سألنا المقر له فإن أقر بذلك فالبيع فاسد لأنه دين في دين، ولم يقر له بهذا الدرهم إلا بالثوب فإذا لم يجز له إعطاء الثوب لأنه دين بدين لم يعطه الدرهم كما لو قال بعتك هذا العبد بهذه الدار لم أجعل له العبد إلا أن يقر الآخر بالدار
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو قال له علي ثوب مروي في خمسة دراهم ثم قال أسلم إلي الثوب على خمسة دراهم إلى أجل كذا وصدقه صاحب الثوب كان هذا بيعا جائزا، وكانت له عليه الخمسة الدراهم إلى أجل إنما عنى أسلمت إليك في كذا بعتك كذا بكذا إلى أجل كما تقول أسلمت إليك عشرة دراهم بصاع تمر موصوف إلى أجل كذا أو بعتك صاع تمر بعشرة دراهم إلى أجل كذا.
(قال): ولو جاء المقر بثوب فقال هو هذا فصدقه المدعي المقر له أو كذبه فسواء إذا رضي الثوب بخمسة دراهم فالخمسة عليه إلى أجل، ولو لم يسم أجلا فكان السلم فاسدا فاختلفا في الثوب فإن القول قول المقر مع يمينه، ويرد الثوب على صاحب الثوب، وإن سأل المقر له يمين المقر أعطيته إياها، وكل من سأل اليمين في شيء له وجه أعطيته إياه
ولو أقر رجل لرجل بثوب ثم جاء بثوب فقال هو هذا، وقال المقر له ليس هذا فالقول قول المقر مع يمينه، وكذلك لو قال له علي عبد فأي عبد جاء به فالقول قوله مع يمينه، ولا أنظر إلى دعواه، وكذلك لو قال هذا عبدك كما أودعتنيه، وهو الذي أقررت لك به، وقال المقر له بل هذا عبد كنت أودعتكه، ولي عندك عبد غصب فالقول قول المقر، وعلى المدعي البينة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أقر له فقال لك عندي ألف درهم ثم جاءه بألف درهم فقال هي هذه الألف التي كنت أقررت لك بها كانت عندي وديعة فقال المقر له هذه الألف كانت عندك وديعة لي ولي عندك ألف أخرى كان القول قول المقر مع يمينه لأن من أودع شيئا فجائز أن يقول لفلان عندي، ولفلان علي لأنه عليه ما لم يهلك، وكذلك هو عنده، وقد يودع فيتعدى فتكون دينا عليه فلست ألزمه شيئا إلا باليقين
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قال الرجل لفلان علي درهم ودرهم فعليه درهمان، وإذا قال له علي درهم فدرهم، قيل له: إن أردت درهما ودرهما فدرهمان، وإن أردت فدرهم لازم لي أو درهم جيد فليس عليك إلا درهم، وإن قال له علي درهم تحت درهم أو درهم فوق درهم فعليه درهمان إلا أن يقول علي درهم فوق درهم في الجودة، وتحت درهم في الرداءة أو يقول له علي درهم بعينه هو الآن فوق درهم لي، ولو قال له علي درهم مع درهم كان هكذا.
(قال الربيع) الذي أعرف من قول الشافعي أن لا يكون عليه إلا درهم لأنه يحتمل أن يكون فوق درهم أو تحت درهم لي.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #274  
قديم اليوم, 06:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,769
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (274)
صــــــــــ 239 الى صـــــــــــ 244








(قال): وكذلك لو قال له علي درهم على درهم ثم قال عنيت درهما واحدا ولو قال له علي درهم قبله درهم

أو بعده درهم أو قبله دينار أو بعده دينار فالاثنان كلاهما عليه، ولكنه لو قال له علي درهم ثم دينار أو بعده درهم أو دينار أو درهم قبله دينار فهما عليه معا، ولو قال له علي درهم فدينار كان عليه درهم إلا أن يكون أراد ودينار
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو قال له علي دينار قبله قفيز حنطة كان عليه دينار، ولم يكن عليه القفيز، وهكذا لو قال له علي دينار فقفيز حنطة لم يكن عليه إلا الدينار لأن قوله فقفيز حنطة محال قد يجوز أن يقول قفيز من حنطة خير منه، وإذا قال له علي درهم ثم قفيز حنطة فهما عليه، ولو قال درهم لا بل قفيز حنطة كان مقرا بهما ثابتا على القفيز راجعا عن الدرهم فلا يقبل رجوعه إن ادعاهما الطالب معا، ولو قال له علي درهم لا بل درهمان أو قفيز حنطة لا بل قفيزان لم يكن عليه إلا درهمان أو قفيزان لأنه أقر بالأولى ثم كان قوله لا بل زيادة من الشيء الذي أقر به، وقوله ثم لا بل استئناف شيء غير الذي أقر به، ولو قال له علي درهم ودرهمان فهي ثلاثة دراهم أو درهم بعده درهمان أو درهم قبله درهمان فسواء، وهي ثلاثة في هذا كله.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا شهد شاهدان على رجل أنه أقر لفلان بدرهم يوم السبت، وآخران أنه أقر لذلك الرجل بعينه يوم الأحد فهو درهم إلا أن يقولا درهم من ثمن كذا وكذا، ويقول الآخران درهم من ثمن شيء غيره أو من وجه غيره من وديعة أو غصب أو غيره فيدلان على ما يفرق بين سببي الدرهمين، وعليه اليمين أن هذا الدرهم الذي أقر به يوم الأحد هو الدرهم الذي أقر به يوم السبت فإن حلف برئ، وإن نكل حلف الآخر أنهما درهمان، وأخذهما.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا لو شهدا عليه في أيام متفرقة أو واحد بعد واحد.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا لو أقر عند القاضي بدرهم، وجاء عليه بشاهدين يشهدان بدرهم فقال الدرهم الذي أقررت به هو الذي يشهد به هذان الشاهدان كان القول قوله. وإذا قال له علي ألف درهم وديعة فهي وديعة، وإن قال له علي ألف درهم ثم سكت ثم قال بعد هي وديعة أو قال هلكت لم يقبل ذلك منه لأنه قد ضمن ألف درهم بإقراره ثم ادعى ما يخرجه من الضمان فلا يصدق عليه، وإنما صدقناه أولا لأنه وصل الكلام، وكذلك لو قال له قبلي ألف درهم فوصل الكلام أو قطعه كان القول فيها مثل القول في المسألة الأولى إذا وصل أو قطع، ولو قال له عندي ألف درهم وديعة أو أمانة أو مضاربة دينا كانت دينا عليه أمانة كانت أو وديعة أو قراضا إن ادعى ذلك الطالب لأنها قد تكون في موضع الأمانة ثم يتعدى فتصير مضمونة عليه وتنض فيستسلفها فتصير مضمونة عليه، ولكنه لو قال دفع إلي ألف درهم وديعة أو أمانة أو مضاربة على أني لها ضامن لم يكن ضامنا بشرطه الضمان في شيء أصله الأمانة حتى يحدث شيئا يخرج به من الأمانة إما تعديا، وإما استسلافا، ولو قال له في مالي ألف درهم كانت دينا إلا أن يصل الكلام فيقول وديعة فتكون وديعة، ولو قال له في هذا العبد ألف درهم سئل عن قوله فإن قال نقد فيه ألفا قيل فكم لك منها فما قال إنه منه اشتراه به فهو كما قال مع يمينه فإن زعم أنهما اشترياه قيل فكم لك فيه؟ فإن قال ألفان فللمقر له الثلث، وإن قال ألف فللمقر له النصف، ولا أنظر إلى قيمة العبد قلت أو كثرت لأنهما قد يغبنان أو يغبنان، وكذلك لو قال له فيه شركة ألف كان القول فيها مثل القول في المسألة قبلها، ولو قال له من مالي ألف درهم سئل فإن قال من هبة قيل له إن شئت أعطه إياها، وإن شئت فدع، وإن قال من دين فهي من دين، وإن مات قبل أن يبين شيئا فهي هبة لا تلزمه إلا أن يقر ورثته بغير ذلك، وإن قال له من مالي

ألف درهم بحق عرفته أو بحق لزمني أو بحق ثابت أو بحق استحقه فهذا كله دين، ولو قال له من هذا المال، ولم يضف المال إلى نفسه ألف درهم فله ألف درهم فإن لم يكن المال إلا ألفا فهي له، وإن كان أكثر من ذلك فليس له إلا الألف، وإن كان المال أقل من ذلك فليس له إلا ذلك الذي هو أقل، وإن ادعى الآخر أنه استهلك من المال شيئا استحلف
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قال له من هذه الدار النصف فله النصف لأنه أقر له بشيء لم يضف ملكه إلى نفسه فإن ادعى النصف الباقي، وهو في يده فهو له، ولو بدأ فأضاف الدار إلى نفسه فقال له من داري هذه نصفها كانت هذه الدار هبة إذا زعم أنها هبة منه أو مات قبل أن يبين، وإن لم يمت سألناه أي شيء أراد؟ فإن كان أراد إقرارا ألزمناه إياه، والفرق بين هذين إضافة الملك إلى نفسه وغير إضافته، ولو قال له من داري هذه نصفها بحق عرفته له كان له نصفها، ولو قال له من ميراث أبي ألف درهم كان هذا إقرارا على أبيه بدين، ولو قال له في ميراثي من أبي كانت هذه هبة إلا أن يريد بها إقرارا لأنه لما أقر في ميراث أبيه أقر بأن ذلك على الأب، ولم يضف الملك إلى نفسه، وزعم أن ما أقر له به خارج من ملكه، ولو قال له من ميراث أبي ألف بحق عرفته أو بحق له كان هذا كله إقرارا على أبيه، ولو قال له علي ألف عارية أو عندي فهي دين، ولو كان هذا في عرض فقال له عندي عبد عارية أو عرض من العروض فهي عارية، وهي مضمونة حتى يؤديها لأن أصل ما نذهب إليه أن العارية مضمونة حتى يؤديها، ولو قال له في داري هذه حق أو في هذه الدار حق فسواء، ويقر له منها بما شاء، ويحلف إن ادعى الآخر أكثر منه، وكذلك إن مات أقر له الورثة بما شاءوا، ويحلفون ما يعلمون أكثر منه، ولو قال له فيها سكنى أقر به بما شاء من السكنى، وإلى أي مدة إن شاء يوما، وإن شاء أقل، وإن شاء أكثر
ولو قال هذه الدار لك هبة عارية أو هبة سكنى كانت عارية وسكنى، وله منعه ذلك أو يقبضه إياها فإن أقبضه فله أن يخرجه منها متى شاء لأن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة، ولم يقبض كل ذلك حتى أخبر أنه إنما معنى قوله عارية أو هبة السكن، ولو قال لك سكنى إجارة بدينار في شهر فإن قبل ذلك المؤاجر فهي له، وإلا فلا شيء له، ولو لم يسم شيئا قلنا له سم كم مدة الإجارة؟ وبكم هي؟ فإذا سمى قليلا أو كثيرا فله الخيار في قبوله ذلك ورده
ولو قال لك علي ألف درهم إن شئت أو هويت أو شاء فلان أو هوي فلان فإن شاء فلان أو هوي أو شاء هو أو هوي لم يكن عليه فيها شيء لأنه لم يقر له بشيء إلا أنه جعله له إن شاء أن يكون له، وهو إذا شاء لم يكن له ذلك إلا بأن يشاء هو
ولو قال لك علي ألف درهم إن شهد بها علي فلان أو فلان، وفلان فشهدوا لم يلزمه من جهة الإقرار، وهذه مخاطرة، ويلزمه من جهة الشهادة إن كان ممن تجوز شهادتهما أو أحدهما، وحلف الآخر مع شاهده، وهذا مثل قوله لك علي ألف درهم إن قدم فلان أو خرج فلان أو كلمت فلانا أو كلمك فلان فهذا كله من جهة القمار، ولا شيء عليه
ولو قال هذا لك بألف درهم إن شئت فشاء كان هذا بيعا لازما، ولكل واحد منهما الخيار ما لم يتفرقا لأن هذا بيع لا إقرار
ولو قال لعبده أنت حر بألف درهم إن شئت فقال قد شئت فهو حر، وعليه ألف درهم. وهكذا لو قال لامرأته أنت طالق بألف إن شئت فشاءت فهي طالق، وعليها ألف درهم، ولو لم تشأ هي، ولا العبد لم يكن العبد حرا، ولا هي طالقا، ولو قال هذا الثوب لك بألف درهم فقبله المشتري كان هذا بيعا، ومعناه أنه إن شاء، وكذلك كل مشتر إنما يلزمه ما شاء
ولو قال لامرأته أنت طالق بألف ولعبده أنت حر بألف فاختار ذلك لزمه الطلاق والعتق.
(قال الربيع) أنا أشك في سماعي من ها هنا إلى آخر الإقرار، ولكني أعرفه من قول الشافعي، وقرأه الربيع علينا.
فإذا قال له علي ألف درهم، ولم يسم الألف قيل له أقر بأي ألف شئت إن شئت فلوسا، وإن شئت تمرا، وإن شئت خبزا، وأعطه درهما معها، وأحلف له أن الألف التي أقررت له بها هذه الألف التي بينتها فإنه ليس في قولك، ودرهم ما يدل على أن ما مضى دراهم، ولو زعمنا أن ذلك كذلك ما أحلفناك لو ادعى ألف دينار، ولكن لما كان قولك محتملا لما هو أعلى من الدراهم وأدنى لم نجعل عليك الأعلى دون الأدنى، ولا الأدنى دون الأعلى، وهكذا لو قال ألف وكر حنطة أو ألف وعبد أو ألف وشاة لم نجعل ها هنا إلا ما وصفنا بأن الألف ما شاء وما سمى، ولو جاز لنا أن نجعل الكلام الآخر دليلا على الأول لكان إذا أقر له بألف وعبد جعلنا عليه ألف عبد وعبدا. وهكذا لو أقر له بألف وكر حنطة جعلنا عليه ألف كر وكرا حنطة، ولا يجوز إلا هذا، وما قلت من أن يكون الألف ما شاء مع يمينه، ويكون ما سمى كما سمى، ولو أنه قال ألف وكر كان الكر ما شاء إن شاء فنورة، وإن شاء فقصة، وإن شاء فمدر يبني به بعد أن يحلف، ولو قال له علي ألف إلا درهما قيل له أقر بأي ألف شئت إذا كان الدرهم يستثنى منها ثم يبقى شيء قل أو كثر كأنك أقررت له بألف فلس، وكانت تسوى دراهم فيعطاها منك إلا درهما منها، وذلك قدر درهم من الفلوس، وهكذا إذا قلت ألف إلا كر حنطة، وألف إلا عبدا أجبرت على أن تبقي بعد الاستثناء شيئا قل أو كثر، ولو قال له علي ثوب في منديل قيل له قد يصلح أن تكون أقررت بثوب ومنديل ويصلح أن تكون أقررت له بثوب فجعلته في منديل لنفسك فتقول له: علي ثوب في منديل لي فعليك ثوب، وتحلف ما أقررت له بمنديل. وأصل ما أقول من هذا أني ألزم الناس أبدا اليقين، وأطرح عنهم الشك، ولا أستعمل عليهم الأغلب. وهكذا إذا قال تمر في جراب أو ثمر في قارورة أو حنطة في مكيال أو ماء في جرة أو زيت في وعاء، وإذا قال له علي كذا كذا أقر بما شاء واحدا، وإن قال كذا وكذا أقر بما شاء اثنين، وإن قال كذا وكذا درهما أعطاه درهمين لأن كذا يقع على درهم فإن قال كذا وكذا درهما قيل له أعطه درهما، أو أكثر من قبل أن كذا يقع على أقل من درهم فإن كنت عنيت أن كذا وكذا التي بعدها أوفت عليك درهما فليس عليك أكثر منه، والله تعالى الموفق للصواب.
باب الشركة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا شركة مفاوضة وإذا أقر صانع من صناعته لرجل بشيء إسكاف أقر لرجل بخف أو غسال أقر لرجل بثوب فذلك عليه دون شريكه إلا أن يقر شريكه معه، وإذا كانا شريكين فالشركة كلها ليست مفاوضة وأي الشريكين أقر فإنما يقر على نفسه دون صاحبه وإقرار الشريك، ومن لا شريك له سواء، وإذا أقر رجل في مرضه بدين لأجنبي، وقد أقر في صحته أو قامت بينة بديون فسواء إقراره في صحته ومرضه، والبينة في الصحة، والمرض والإقرار سواء يتحاصون معا لا يقدم واحد منهم على الآخر فإذا أقر لوارث فلم يمت حتى حدث وارث يحجب المقر له فإقراره لازم وإن لم يحدث فمن أجاز الإقرار للوارث وخالف بينه وبين الوصية أجازه له ومن رده رده له، ولو أقر لغير وارث ثم مات وارثه فصار المقر له وارثا أبطل إقراره، وكذلك كل ما أقر به بوجه من الوجوه فهو على هذا المثال، وإذا كان الرجلان شريكين فأوصى أحدهما أو أعتق أو دبر أو كاتب فذلك كله في مال نفسه كهيئة الرجل غير الشريك، وإذا أقر الرجل للحمل بدين كان إقراره باطلا حتى يقول كان لأبي هذا الحمل أو لجده علي مال فيكون ذلك إقرارا للذي أقر له به، وإن كان هذا الحمل وارثه أخذه، وإن كان له وارث معه أخذ معه حصته لأن الإقرار للميت، وإنما لهذا منه حصته، وإذا أوصى للحمل بوصية فالوصية جائزة إذا ولد لأقل من ستة أشهر من يوم وقعت الوصية حتى يعلم أنه كان ثم حمل ولو وهب

لحمل نخلة أو تصدق عليه بصدقة غير موقوفة لم تجز بحال قبلها أبوه أو ردها إنما تجوز الهبات، والبيوع، والنكاح على ما زايل أمه حتى يكون له حكم بنفسه، وهذا خلاف الوصية في العتق، ولو أعتق حمل جاريته فولدت لأقل من ستة أشهر من يوم أعتقه كان حرا لأنا علمنا أنه قد كان ثم حمل، ولو ولد لستة أشهر فأكثر لم يقع عليه ثم عتق لأنه قد يمكن أن يكون هذا حادثا بعد الكلام بالعتق فلا يكون المقصود قصده بالعتق، ولو أقر بحمل لرجل لم يجز إقراره إذا كان هو مالك رقبة أمه، وكذلك لو وهبه له فإذا لم تجز فيه الهبة لم يجز فيه الإقرار، ولو قال مع إقراره: هذا الحمل لفلان أوصى لي رجل برقبة أمه، وله بحملها جاز الإقرار إذا ولدته لأقل من ستة أشهر من يوم تقع الوصية، وكل إقرار من صلح، وغير صلح كان فيه خيار من المقر فهو باطل، وذلك أن يقول أقر لك بكذا على أني بالخيار يوما أو أكثر أو أصالحك على كذا على أني أقر لك بكذا على أني بالخيار يوما أو أكثر أو أصالحك على كذا، على أني أقر لك بكذا، على أني بالخيار فلا يجوز حتى يقطع الإقرار، ولا يدخل فيه الاستثناء من المقر، وهكذا كل إقرار كان فيه استثناء، وذلك أن يقول لك علي ألف أو لك عندي إن شاء الله أو إن شاء فلان فلا يلزم حتى يكون الإقرار مقطوعا لا مثنوية فيه.
(قال): ولو أقر لرجل أنه تكفل له بمال على أنه بالخيار، وأنكر المكفول له الخيار، ولا بينة بينهما فمن جعل الإقرار واحدا أحلفه ما كفل له إلا على أنه بالخيار وأبرأه، والكفالة لا تجوز بخيار، ومن زعم أنه يبعض عليه إقراره فيلزمه ما يضره، ويسقط عنه ما ادعى المخرج به ألزمه الكفالة بعد أن يحلف المكفول له لقد جعل له كفالة لا خيار فيه، والكفالة بالنفس على الخيار لا تجوز، وإذا جازت بغير خيار فليس يلزم الكافل بالنفس مال إلا أن يسمي مالا كفل به، ولا تلزم الكفالة بحد، ولا قصاص، ولا عقوبة، ولا تلزم الكفالة إلا بالأموال.
(قال): ولو كفل له بما لزم رجلا في جرح، وقد عرف الجرح، والجرح عمد فقال أنا كافل لك بما لزمه فيه من دية أو قصاص فإن أراد المجروح القصاص فالكفالة باطلة لا يجوز أن يقتص من المتكفل، وإن أراد أرش الجراح فهو له، والكفالة لازمة لأنها كفالة بمال
وهكذا إذا اشترى رجل دارا من رجل فضمن له رجل عهدتها وخلاصها فاستحقت الدار رجع المشتري بالثمن على الضامن إن شاء لأنه ضمن له خلاصها أو مالا، والخلاص مال يسلم له
وإذا أقر رجل لرجل بشيء مشاع أو مقسوم فالإقرار جائز، وسواء قال لفلان نصف هذه الدار ما بين كذا إلى كذا أو لفلان نصف هذه الدار يلزمه الإقرار كما أقر، وكذلك لو قال له هذه الدار إلا نصفها كان له النصف، ولو قال له هذه الدار إلا ثلثيها كان له الثلث شريكا معه، وإذا قال له هذه الدار إلا هذا البيت كانت له الدار إلا ذلك البيت، وكذلك لو قال له هذا الرقيق إلا واحدا كان له الرقيق إلا واحدا فله أن يعزل أيهم شاء، وكذلك لو قال هذه الدار لفلان، وهذا البيت لي كان مثل قوله إلا هذا البيت إذا كان الإقرار متصلا لأن هذا كلام صحيح ليس بمحال، ولو قال هذه الدار لفلان بل هي لفلان كانت للأول، ولا شيء للثاني، ولو قال غصبتها من فلان، وملكها لفلان غيره فهي للذي أقر أنه غصبها منه، وهو شاهد للثاني، ولا تجوز شهادته لأنه غاصب، ولو قال غصبتها من فلان لا بل من فلان جاز إقراره للأول، ولم يغرم للثاني شيئا، وكان الثاني خصما للأول، وإذا أقر بشيء بعينه لواحد أو أكثر لم يضمن شيئا إذا كان الآخر لا يدعي عليه إلا هذه الدار فليس في إقراره لغيره، وإن حكم له بشيء بعينه لواحد أو أكثر لم يضمن شيئا إذا كان الآخر لا يدعي عليه إلا هذه الدار فليس في إقراره لغيره، وإن حكم له بشيء يكون حائلا دونه يضمنه، وإنما يضمن ما كان حائلا دونه، ولا يجد السبيل إليه، ومثل هذا لو قال أودعنيها فلان لا بل فلان.

إقرار أحد الابنين بالأخ
(أخبرنا الربيع) قال: (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا هلك الرجل فترك ابنين، وأقر أحدهما بأخ، وشهد على أبيه أنه أقر أنه ابنه لم يثبت نسبه، ولم يكن له من الميراث شيء لأن إقراره جمع أمرين أحدهما له، والآخر عليه، فلما بطل الذي له بطل الذي عليه، ولم يكن إقراره له بدين، ولا، وصية إنما أقر له بمال، ونسب فإذا زعمنا أن إقراره فيه يبطل لم يأخذ به مالا كما لو مات ذلك المقر له لم يرثه ألا ترى أن رجلا لو قال لرجل لي عليك مائة دينار فقال بعتني بها دارك هذه، وهي لك علي فأنكر الرجل البيع أو قال باعنيها أبوك، وأنت وارثه فهي لك علي، ولي الدار كان إقراره باطلا لأنه إنما يثبت على نفسه بمائة يأخذ بها عوضا فلما بطل عنه العوض بطل عنه الإقرار، وما قلت من هذا فهو قول المدنيين الأول.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): قال محمد بن الحسن - رحمه الله تعالى - ما ورد علينا أحد قط من أهل المدينة إلا، وهو يقول هذا: قال محمد بن الحسن - رحمه الله تعالى - وأخبرني أبو يوسف - رضي الله تعالى عنه - أنه لم يلق مدنيا قط إلا، وهو يقول هذا حتى كان حديثا فقالوا خلافه فوجدنا عليهم حجة، وما كنا نجد عليهم في القول الأول حجة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولسنا نقول بحديث عمر بن قيس عن عمر بن الخطاب لأنه لا يثبت، وإنما تركناه لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «ليس لعرق ظالم حق» والعروق أربعة عرقان ظاهران وعرقان باطنان فأما العرقان الباطنان فالبئر والعين وأما العرقان الظاهران فالغراس والبناء فمن غرس أرض رجل بغير إذنه فلا غرس له لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «ليس لعرق ظالم حق»، وهذا عرق ظالم (وقال) لا يقسم نضح مع بعل، ولا بعل مع عين، ويقسم كل واحد من هذا على حدته (وقال) لا تضاعف الغرامة على أحد، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها، والضمان على أهلها بقيمة واحدة لا قيمتين (وقال) لا يدخل المخنثون على النساء، وينفون (وقال) الجد أحق بالولد.
(قال): وإذا أبى المرتد التوبة قتل لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «من بدل دينه فاقتلوه»، وهذا مبدل لدينه، وأن لنا أن نقتل من بلغته الدعوة، وامتنع من الإجابة من المشركين بلا تأن، وهذا لا يثبته أهل الحديث عن عمر، ولو فعله رجل رجوت أن لا يكون بذلك بأس، يعني في حديث عمر هل كان من مغربة خبر، وقال عمر لك ولاؤه في اللقيط.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وأنه لا ولاء له لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «فإنما الولاء لمن أعتق» وهذا غير معتق، وأما قوله: فهو حر، فهو كما قال، وأما إنفاقه عليه من بيت المال فكذلك نقول والله أعلم.
إقرار الوارث
ودعوى الأعاجم
أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي إملاء، قال أخبرني محمد بن الحسن أن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه -، قال في الرجل يهلك، ويترك ابنين، ويترك ستمائة دينار فيأخذ كل واحد منهما ثلثمائة دينار ثم يشهد أحدهما أن أباه الهالك أقر بأن فلانا ابنه أنه لا يصدق على هذا النسب، ولا يلحق به، ولكنه يصدق على ما ورث فيأخذ منه نصف ما في يديه، وكذلك قال أهل المدينة إلا أنهم قالوا نعطيه ثلث ما في يديه

قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وأخبرني محمد بن الحسن أن ابن الماجشون عبد العزيز بن أبي سلمة، وجماعة من المدنيين كانوا عندهم بالعراق لا يختلفون في هذه المسألة أنه لا يكون للذي أقر له شيء من الميراث.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإنه لقول يصح، وذلك أنهم يقولون إنما زعم أن له حقا في يديه، ويدي أخيه بميراثه من أبيهما، وزعم أنهما يرثانه كما يرث أباهم فإذا حكمنا بأن أصل هذا الإقرار لا يثبت به نسب، وإنما زعمنا أنه يأخذ بالنسب لا بدين ولا وصية، ولا شيء استحقه في مال الميت غير النسب زعمنا أن لا يأخذ شيئا، قلت لمحمد بن الحسن كأنك ذهبت به إلى أنه قال بعتك هذا العبد بمائة دينار فهي لي عليك أو هذه الدار، ولك هذا العبد أو الدار فأنكرت، وحلفت لم يكن لك العبد، ولا الدار فإني إنما أقررت لك بعبد أو دار، وفي إقراري شيء يثبت عليك كما يثبت لك فلما لم يثبت عليك ما ادعيت لم يثبت لك ما أقررت به قال إن هذا الوجه يقيس الناس بما هو أبعد منه، وإنه ليدخل قلت وكيف لم تقل به؟ قال اخترنا ما قلت لما سمعته (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا يثبت نسب أحد بنسبة رجل إلى غيره، وذلك أن الأخ إنما يقر على أبيه فإذا كان معه من حقه من أبيه كحقه فدفع النسب لم يثبت، ولا يثبت النسب حتى تجتمع الورثة على الإقرار به معا أو تقوم بينة على دعوى الميت الذي إنما يلحق بنفسه فيكتفى بقوله، ويثبت له النسب، واحتج بحديث ابن أمة زمعة، «وقول سعد كان أخي عهد إلي أنه ابنه، وقال عبد بن زمعة أخي، وابن وليدة أبي ولد على فراشه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - هو لك يا ابن زمعة الولد للفراش»
. دعوى الأعاجم
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي - رحمه الله تعالى - قال وإذا ادعى الأعاجم بولادة الشرك أخوة بعضهم لبعض فإن كانوا جاءونا مسلمين لا ولاء لأحد عليهم بعتق قبلنا دعواهم كما قبلنا دعوى غيرهم من أهل الجاهلية الذين أسلموا فإن كانوا مسبيين عليهم، ورقوا أو عتقوا فيثبت عليهم ولاء لم تقبل دعواهم إلا ببينة تثبت على ولاد ودعوى معروفة كانت قبل السبي، وهكذا من قل منهم أو كثر. أهل حصن كانوا أو غيرهم.
الدعوى والبينات
أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي - رحمه الله تعالى - قال ما كان بيد مالك من كان المالك من شيء يملك ما كان المملوك فادعاه من يملك بحال فالبينة على المدعي فإن جاء بها أخذ ما ادعى، وإن لم يأت بها فعلى المدعى عليه الشيء في يديه اليمين بإبطال دعواه فإن حلف بريء، وإن نكل قيل للمدعي لا نعطيك بنكوله شيئا دون أن تحلف على دعواك مع نكوله فإن حلفت أعطيناك دعواك، وإن أبيت لم نعطك دعواك، وسواء ادعاها المدعي من قبل الذي هي في يديه أنها خرجت إليه منه بوجه من الوجوه أو من قبل غيره أو باستحقاق أصل أو من أي وجه ما كان، وسواء كانت بينهما مخالطة أو لم تكن.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #275  
قديم اليوم, 06:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,769
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (275)
صــــــــــ 245 الى صـــــــــــ 250







(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): أصل معرفة المدعي والمدعى عليه أن ينظر إلى الذي الشيء في

يديه يدعيه هو وغيره فيجعل المدعي الذي نكلفه البينة، والمدعى عليه الذي الشيء في يديه، ولا يحتاج إلى سبب يدل على صدقه بدعواه إلا قوله، وهكذا إن ادعى عليه دينا أو أي شيء ما كان كلف فيه البينة ودعواه في ذمة غيره مثل دعواه شيئا قائما بعينه في يدي غيره قال، وقاله أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه -.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار أو أي شيء ما كان لرجل فادعى أنه باعه من رجل، وأنكر الرجل فعلى المدعي البينة، لأنه مدع في ذمة الرجل وماله شيئا هو له دونه، والرجل ينكره فعليه اليمين، ولو كان الرجل يدعي شراء الدار، ومالك الدار يجحده كان مثل هذا، وعلى مدعي الشراء البينة لأنه يدعي شيئا هو في ملك صاحبه دونه، ولا يأخذ بدعواه دون أن يقيم بينة، وعلى الذي ينكر البيع اليمين وقاله أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه -
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا لو ادعى رجل دينا أو غصبا أو شيئا على رجل فأنكر الرجل لم يكن له أن يأخذه إلا ببينة، وعلى المنكر اليمين، ولو أقر له بدعواه، وادعى أنه قضاه إياه ففيها قولان أحدهما أن الدعوى لازمة له، ودعواه البراءة غير مقبولة منه إلا ببينة، ومن قال هذا فسواء عنده كان دعواه البراءة موصولا بإقراره أو مقطوعا منه، والقول الثاني أنه إذا كان لا يعلم حقه إلا بإقراره فوصل بإقراره دعواه المخرج كان مقبولا منه، ولا يكون صادقا كاذبا في قول واحد، ولو قطع دعواه المخرج من الإقرار فلم يصلها به كان مدعيا عليه البينة، وكان الإقرار له لازما، ومن قال هذا القول الآخر فينبغي أن تكون حجته أن يقول أرأيت رجلا قال لرجل لك علي ألف درهم طبرية أو لك عندي عبد زنجي، وادعى الرجل عليه ألفا وازنة أو ألفا مثاقيل أو عبدا بربريا أليس يكون القول قول المدعى عليه؟ وسواء في هاتين المسألتين أن يقر له بدين، ويزعم إلى أجل في القول الأول الدين حال، وعليه البينة أنه إلى أجل، والقول الثاني أن القول قوله إذا وصل دعواه بإقراره.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): إذا كان الشيء في يد اثنين عبدا كان أو دارا أو غيره فادعى كل واحد منهما كله فهو في الظاهر بينهما نصفان، ويكلف كل واحد منهما البينة على ما في يدي صاحبه فإن لم يجد واحد منهما بينة أحلفنا كل واحد منهما على دعوى صاحبه فأيهما حلف بريء، وأيهما نكل رددنا اليمين على المدعي فإن حلف أخذ، وإن نكل لم يأخذ شيئا ودعواه النصف الذي في يد صاحبه كدعواه الكل ليس في يديه منه شيء لأن ما في يد غيره خارج من يديه، وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقيم كل واحد منهما البينة على ما في يدي صاحبه، ولكل واحد منهما اليمين على صاحبه فأيهما حلف بريء، وأيهما نكل حبس حتى يحلف، وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - إذا نكل عن اليمين قضينا عليه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): إذا تداعى الرجلان البيع فتصادقا عليه، واختلفا في الثمن فقال البائع بعتك بألفين، وقال المشتري اشتريت منك بألف والسلعة قائمة بعينها، ولا بينة بينهما تحالفا معا فإن حلفا معا فالسلعة مردودة على البائع، وأيهما نكل رددت اليمين على المدعى عليه، وإن نكل المشتري حلف البائع لقد باعه بالذي قال ثم لزمته الألفان فإن حلف البائع ثم نكل المشتري عن اليمين أخذ البائع الألفين لأنه قد اجتمع نكول المشتري، ويمين البائع على دعواه، وهكذا إن كان الناكل هو البائع، والحالف هو المشتري كانت بيعا له بالألف، ولو هلكت السلعة ترادا قيمتها إذا حلفا معا، وإذا كانت السنة تدل على أنهما يتصادقان في أن السلعة مبيعة، ويختلفان في الثمن، فإذا حلفا ترادا، وهما يتصادقان أن أصل البيع كان حلالا فلا يختلف المسلمون فيما علمت أن ما كان مردودا لو وجد بعينه في يدي من هو في يديه ففات أن عليه قيمته إذا كان أصله مضمونا، ولو جعلنا القول قول المشتري إذا فاتت السلعة كنا قد فارقنا السنة، ومعنى السنة، وليس لأحد فراقهما، وقد صار بعض المشرقيين إلى أن رجع إلى هذا القول فقال به، وخالف

صاحبه فيه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أقام أحدهما البينة على دعواه أعطيناه ببينته
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى رجل أنه نكح امرأة لم أقبل دعواه حتى يقول نكحتها بولي وشاهدين عدلين، ورضاها فإذا قال هذا، وأنكرت المرأة أحلفناها، فإن حلفت لم أقض له بها، وإن نكلت لم أقض له بها بالنكول حتى يحلف، فإذا حلف قضيت له بأنها زوجته، وأحلف في النكاح، والطلاق، وكل دعوى، وذلك أني وجدت من حكم الله تبارك وتعالى ثم سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن الله عز وجل قضى أن يحلف الزوج القاذف، وتحلف الزوجة المقذوفة ثم دلت السنة على أن الحد يسقط عن الزوج، وقد لزمه لولا اليمين، والإجماع على أن الحد يسقط عن المرأة باليمين، والسنة تدل على أن الفرقة بينهما، وعلى نفي الولد فالحد قتل، ونفي الولد نسب فالحد على الرجل يمين فوجدت هذا الحكم جامعا لأن تكون الأيمان مستعملة فيما لها فيه حكم، ووجدت النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الأنصار أن يحلفوا، ويستحقوا دم صاحبهم فأبوا الأيمان فعرض عليهم أيمان يهود فلا أعرف حكما في الدنيا أعظم من حكم القتل، والحد، والطلاق، ولا اختلاف بين الناس في الأيمان في الأموال، ووجدت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول «، واليمين على المدعى عليه» فلا يجوز أن يكون على مدعى عليه دون مدعى عليه إلا بخبر لازم يفرق بينهما بل الأخبار اللازمة تجمع بينهما.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا لو ادعت عليه المرأة النكاح وجحد كلفت المرأة البينة فإن لم تأت بها أحلف فإن حلف بريء، وإن نكل رددت اليمين على المرأة، وقلت لها احلفي فإن حلفت ألزمته النكاح، وهكذا كل شيء ادعاه أحد على أحد من طلاق، وقذف، ومال، وقصاص، وغير ذلك من الدعوى
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى رجل أن امرأته خالعته بعبد أو دار أو غير ذلك، وأنكرت المرأة كلف الزوج البينة فإن جاء بها ألزمته الخلع، وألزمتها ما اختلعت به، وإن لم يأت بها أحلفتها فإن حلفت برئت من أن يأخذ منها ما ادعى، ولزمه الطلاق، وكان لا يملك فيه الرجعة من قبل أنه يقر بطلاق لا يملك فيه رجعة، ويدعي مظلمة في المال فإن نكلت عن اليمين رددت اليمين على الزوج فإن حلف أخذ ما ادعى أنها خالعته عليه، وإن نكل لم أعطه بدعواه شيئا، ولا بنكولها حتى يجتمع مع نكولها يمينه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى العبد على مالكه أنه أعتقه أو كاتبه، وأنكر ذلك مالكه فعلى العبد البينة فإن جاء بها أنفذت له ما شهد له به من عتق أو كتابة، وإن لم يأت بها أحلفت له مولاه فإن حلف أبطلت دعوى العبد، وإن نكل المولى عن اليمين لم أثبت دعوى العبد إلا بأن يحلف العبد فإن حلف أثبت دعواه فإن ادعى العبد التدبير فهو في قول من لا يبيع المدبر هكذا، وفي قول من يبيع المدبر هكذا إلا أنه يقال لسيد العبد لا يصنع اليمين شيئا، وقل قد رجعت في التدبير، ويكون التدبير مردودا، ولو أن مالك العبد قال قد أعتقتك على ألف درهم فأنكر العبد المال، وادعى العتق أو أنكر المال والعتق كان المالك المدعي فإن أقام السيد البينة أخذ العبد بالمال، وإن لم يقمها أحلف له العبد فإن حلف بريء من المال، وكان حرا في الوجهين لأن المولى يقر بعتقه فيهما فإن نكل العبد عن اليمين لم يثبت عليه شيء حتى يحلف مولاه فإن حلف ثبت المال على العبد، وإن نكل السيد عن اليمين فلا مال على العبد، والعتق ماض
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو تعلق رجل برجل فقال أنت عبد لي، وقال المدعى عليه بل أنا حر الأصل فالقول قوله فأصل الناس الحرية حتى تقوم بينة أو يقر برق، وكلف المدعي البينة فإن جاء بها كان العبد رقيقا، وإن أقر العبد له بالرق كان رقيقا له، وإن لم يأت بالبينة أحلف له العبد فإن حلف كان حرا، وإن نكل لم يلزمه الرق حتى يحلف المدعي على رقه فيكون رقيقا له.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا الأمة مثل العبد سواء، وهكذا

كل ما يملك إلا في معنى واحد فإن رجلا أو امرأة لو كانا معروفين بالحرية فأقرا بالرق لم يثبت عليهما الرق
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى الرجل على الرجل دما أو جراحا دون الدم عمدا أو خطأ فسواء، وعليه البينة فإن جاء بها قضي له فإن لم يأت بها، ولا بما يوجب القسامة في الدم دون الجراح أحلف المدعى عليه فإن حلف بريء، وإن نكل عن اليمين لم ألزمه بالنكول شيئا حتى يحلف المدعي فإن حلف ألزمت المدعى عليه جميع ما ادعى عليه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وأيمان الدماء مخالفة جميع الأيمان الدم لا يبرأ منه إلا بخمسين يمينا، وما سواه يستحق، ويبرأ منه بيمين واحدة إلا اللعان فإنه بأربعة أيمان، والخامسة التعانه، وسواء النفس، والجرح في هذا يقبله بالذي نقصه به من نكوله عن اليمين، ويمين صاحبه المدعى عليه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وخالفنا بعض الناس رحمة الله عليه في هذا فزعم أن كل من ادعى جرحا أو فقأ عينين أو قطع يدين، وما دون النفس أحلف المدعى عليه فإن نكل اقتص منه ففقأ عينيه، وقطع يديه، واقتص منه فيما دون النفس، وهكذا كل دعوى عنده سواء، وزعم أن في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «واليمين على المدعى عليه» دليل على أنه إذا حلف بريء فإن نكل لزمته الدعوى ثم عاد لما احتج به من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فنقضه في النفس فقال إن ادعى عليه قتل النفس فنكل عن اليمين استعظمت أن أقتله، وحبسته حتى يقر فأقتله أو يحلف فأبرئه قال مثل هذا في المرأة يلتعن زوجها وتنكل.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا أعلمه إلا خالف في هذا ما زعم أنه موجود في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم نحقه، ولم نبطله كان ينبغي إذا فرق بين النفس، وما دونها من الجراح أن يقول لا أحبسه إذا نكل عن اليمين، ولا أجعل عليه شيئا إذا كان لا يرى النكول حكما، وهو على الابتداء لا يحبس المدعى عليه إلا ببينة فإن كان للنكول عنده حكم فقد خالفه لأن النكول عنده يلزمه ما نكل عنه، وإن لم يكن للنكول حكم في النفس فقد ظلمه بحبسه في قوله لأن أحدا لا يحبس أبدا بدعوى صاحبه، وخالفه صاحبه، وفر من قوله فأحدث قولا ثانيا محالا كقول صاحبه فقال ما عليه حبس، وما ينبغي أن يرسل، واستعظم الدم، ولكن أجعل عليه الدية فجعل عليه دية في العمد، وهو لا يجعل في العمد دية أبدا، وخالف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أنه يخير ولي الدم في القصاص أو الدية ثم يقول ليس فيه إلا القصاص إلا أن يصطلحا فأخذ لولي الدم ما لا يدعي، وأخذ من المدعى عليه ما لا يقر به، وأحدث لهما من نفسه حكما محالا لا خبرا، ولا قياسا، وإذا كان يأخذ دماء الناس في موضع بشاهدين حتى يقتل النفس، وأكثر ما نأخذ به موضحة من شاهدين أو إقرار فما فرق بين الدم والموضحة، وما هو أصغر منها
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى رجل على رجل كفالة بنفس أو مال فجحد الآخر فإن على المدعي الكفالة البينة فإن لم تكن له بينة فعلى المنكر اليمين فإن حلف بريء، وإن نكل عن اليمين ردت اليمين على المدعي فإن حلف لزمه ما ادعى عليه، وإن نكل سقط عنه غير أن الكفالة بالنفس ضعيفة، وقال أبو حنيفة رحمه الله على مدعي الكفالة البينة فإن لم تكن له بينة فعلى المنكر اليمين فإن حلف بريء، وإن نكل لزمته الكفالة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى على رجل أنه أكراه بيتا من دار شهرا بعشرة، وادعى المكتري أنه اكترى الدار كلها ذلك الشهر بعشرة فكل واحد منهما مدع على صاحبه، وعلى كل واحد منهما البينة فإن لم تكن بينة فعلى كل واحد منهما اليمين على دعوى صاحبه فإن أقام كل واحد منهما البينة على دعواه فالشهادة باطلة، ويتحالفان، ويترادان، وإن كان سكن الدار أو بيتا منها فعليه كراء مثلها بقدر ما سكن، وهكذا لو أنه ادعى أنه اكترى منه دابة إلى مكة بعشرة، وادعى رب الدابة أنه أكراه إياها إلى أيلة بعشرة كان الجواب

فيها كالجواب في المسألة قبلها، ولو أقام أحدهما بينة، ولم يقم الآخر أجزت بينة الذي أقام البينة، وقاله أبو حنيفة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا تداعى الرجلان الدار كل واحد منهما يقول هي لي في يدي، وأقاما معا على ذلك بينة جعلتها بينهما نصفين من قبل أنا إن قبلنا البينة قبلنا بينة كل واحد منهما على ما في يده، وألغيناها عما في يدي صاحبه فأسقطناها، وجعلناها كدار في يدي رجلين ادعى كل واحد منهما كلها فيقضى لكل واحد منهما بنصفها، ونحلفه إذا ألغينا البينة على دعوى صاحبه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كان العبد في يدي رجل فادعاه آخر، وأقام البينة أنه كان في يديه أمس فإنه لا تقبل منه البينة على هذا لأنه قد يكون في يديه ما ليس له، ولو أقام البينة أن هذا العبد أخذه هذا منه أو انتزع منه العبد أو اغتصبه منه أو غلبه على العبد، وأخذه منه أو شهدوا أنه أرسله في حاجته فاعترضه هذا من الطريق فذهب به أو شهدوا أنه أبق من هذا فأخذه هذا فإن هذه الشهادة جائزة، ويقضى له بالعبد فإن لم تكن له بينة فعلى الذي في يديه العبد اليمين فإن حلف بريء، وإن نكل عن اليمين ردت اليمين على المدعي فإن حلف أخذ ما ادعى، وإن نكل سقط دعواه، وإنما أحلفه على ما ادعى صاحبه.
(قال أبو يعقوب) - رحمه الله تعالى - تقبل بينته، ويترك في يديه كما كان.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار، وغيرها من المال في يدي رجل فادعاه رجل أو بعضه فقال الذي هو في يديه ليس هذا بملك لي، وهو ملك لفلان، ولم يقم بينة على ذلك فإن كان فلان حاضرا صير له، وكان خصما عن نفسه، وإن كان فلان غائبا كتب إقراره له، وقيل لهذا المدعي أقم البينة على دعواك، وللذي هو في يديه ادفع عنه فإن أقام المدعي البينة عليه قضي له به على الذي هو في يديه، وكتب في القضاء إني إنما قبلت بينة فلان المدعي بعد إقرار فلان الذي هو في يديه بأن هذه الدار لفلان، ولم يكن فلان المقر له، ولا وكيل له حاضرا فقالت البينة لفلان المدعي هذه الدار على ما حكيت في كتابي، ويحكي شهادة الشهود، وقضيت له بها على فلان الذي هي في يديه، وجعلت فلانا المقر له بها على حجته يستأنفها فإذا حضر أو وكيل له استأنف الحكم بينه وبين المقضي له، وإن أقام الذي هي في يديه البينة أنها لفلان الغائب أودعه إياها أو أكراه إياها فمن قضى على الغائب سمع بينته، وقضى له، وأحلفه لغيبة صاحبه أن ما شهد به شهوده لحق، وما خرجت من ملكه بوجه من الوجوه، وكتب له في كتاب القضاء إني سمعت بينته، ويمينه، وفلان الذي ذكر أن له الدار غائب لم يحضر، ولا وكيل له فإذا حضر جعله خصما، وسمع بينته إن كانت، وأعلمه البينة التي شهدت عليه فإن جاء بحق أحق من حق المقضي له قضى له به، وإن لم يأت به أنفذ عليه الحكم الأول، وإن سأل المحكوم له الأول القاضي أن يجدد له كتابا بالحكم الثاني عند حضرة الخصم كان عليه أن يفعل فيحكي ما قضى به أولا حتى يأتي عليه ثم يحكي أن فلانا حضر، وأعدت عليه البينة، وسمعت من حجته وبينته ثم يحكيها ثم يحكي أنه لم ير له فيها شيئا، وأنه أنفذ عليه الحكم الأول، وقطع حجته بالحكم الآخر.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وليس في القضاء على الغائب إلا واحد من قولين إما لا يقضى على غائب بدين، ولا غيره، وإما يقضى عليه في الدين وغيره، ونحن نرى القضاء عليه بعد الأعذار، وقد كتبنا الأعذار في موضع غير هذا، وسواء كان إقرار الذي الدار في يديه قبل شهادة الشهود أو بعدها، وسواء هذا في جميع الأحوال.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى رجل أنها له آجرها إياه، وادعى آخر أنها له، وأنه أودعها إياه فكل واحد منهما مدع، وعلى كل واحد منهما البينة فإن أقاما بينة فإنه يقضي بها نصفين، وقاله أبو حنيفة - رضي الله عنه -.
(قال الربيع) حفظي عن الشافعي أن الشهادتين باطلتان، وهو أصح القولين.
(قال

الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار أو العبد في يدي رجل فادعى رجل أنه غصبه إياه في وقت وأقام بينة على ذلك، وادعى آخر أنه أقر أنه وديعة له في وقت بعد الغصب، وأقام على ذلك بينة فإنه يقضي به لصاحب الغصب، ولا يقضي لصاحب الإقرار بشيء، ولا يجوز إقراره فيما غصب من هذا وصاحب الغصب هو المدعي، وعليه البينة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى رجل أنه اشترى من رجل عبدا، وأمة بألف درهم، ونقده الثمن، وهما في يدي البائع فقال البائع إنما بعتك العبد وحده بألف درهم فإنهما يتحالفان، ويتفاسخان، والله أعلم.
باب الدعوى في الميراث
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت دار في يد رجل فادعاها رجلان كل واحد منهما يقيم البينة على أنها له من وقت كذا إلى وقت كذا، وأنه ورثها عن أبيه في وقت كذا حتى يحيط العلم أن إحدى البينتين كاذبة بغير عينها فهذا مثل الشهادة على النتاج فمن زعم في النتاج أنه يبطل البينتين لأن إحداهما كاذبة بالإحاطة، ولا نعرفها، ويجعل النتاج للذي هي في يديه لإبطال البينة أبطل هاتين البينتين، وأقر الدار في يدي صاحبها، ومن زعم أنه يحق البينة التي معها السبب الأقوى فيجعل كينونة النتاج في يدي صاحبها بسبب أقوى ففي هذا قولان أحدهما أن تكون بينهما نصفين، والآخر أن يقرع بينهما فأيهما خرجت القرعة له كانت له كلها، ولو كانت البينة شهدت على وقتين مختلفين لم يكن فيه إلا أن يقرع بينهما أو تكون الدار بينهما نصفين لأنه قد يمكن في هذا أن تكون البينتان صادقتين، وكل ما أمكن أن تكون البينتان صادقتين فيه مما ليس في يدي المدعيين هكذا، وكل ما لم يمكن إلا أن تكون إحدى البينتين كاذبة فكالمسألة الأولى، وسواء هذا في كل شيء ادعى، وبأي ملك ادعى الميراث، وغيره في ذلك سواء
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت أمة في يدي رجل فادعاها رجل أنها كانت لأبيه وأقام بينة أن أباه مات، وتركها ميراثا لا يعلمون له وارثا غيره، وأقام آخر بينة أنه اشتراها من أبي هذا، ونقده الثمن فإنه يقضي بها للمشتري، وشهادة الشراء تنقض شهادة الميراث، وهكذا لو شهدوا على صدقة مقبوضة من الميت في صحته أو هبة أو نحل أو بعطية أو عمرى من قبل أن شهود الميراث قد يكونون صادقين على الظاهر أن يعلموا الميت مالكا، ولا يعلمونها خرجت من يديه فيسعهم على هذا الشهادة، ولو توقوا فشهدوا أنها ملك له، وأنهم لا يعلمونها خرجت من يديه حتى مات كان أحب إلي، وإن كانت الشهادة فيه على البت فهي على العلم، وليس هؤلاء يخالفون شهود الشراء، ولا الصدقة، وشهود الشراء، والصدقة يشهدون على أن الميت أخرجها في حياته إلى هذا فليس بينهم اختلاف إلا أنه خفي على هؤلاء ما علم هؤلاء
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت دار أو أرض أو بستان أو قرية في يدي رجل، وادعى رجل أنها له، وأقام بينة أنها لأبيه ولم يشهدوا أنه مات، وتركها ميراثا فإنه لا يقضي له، ولا تنفذ هذه الشهادة إلا أن يشهدوا أنها لم تزل لأبيه حتى مات، وإن لم يذكروا أنه تركها ميراثا، وكذلك لو شهدوا أنها كانت لجده.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يدي رجل فأقام رجل شاهدين أن أباه مات، وتركها ميراثا فأقام آخر شاهدين أن أب هذا المدعي تزوج عليها أم هذا وأن أمه فلانة ماتت، وتركتها ميراثا فإنه يقضي بها لابن المرأة لأن الرجل قد خرج منها حيث تزوج عليها، وهذا مثل خروجه منها بالبيع، وشهادة النساء في ملك الأموال كلها مع شهادة الرجال جائزة، ولا تجوز على أن

فلانا مات، وترك فلانا وفلانا لا وارث له غيرهما من قبل أن هذا يثبت نسبا، وشهادتهن لا تجوز إلا في الأموال محضة، وما لا يراه الرجال من أمر النساء.
باب الشهادة على الشهادة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا شهد رجلان على شهادة رجلين فقد رأيت كثيرا من الحكام والمفتين يجيزه فمن أجازه فينبغي أن يكون من حجته أن يقول ليسا بشاهدين على شهادة أنفسهما، وإنما يشهدان على شهادة رجلين فهما رجلان كل واحد منهما على رجل ورجل، وأدل من هذا على امرئ كأنه يشبه أن يجوز أن يقول رجل ألا ترى أنهما لو شهدا على شهادة رجلين أن هذا المملوك لهذا الرجل بعينه، وشهدا على شهادة رجلين آخرين أن هذا المملوك بعينه لآخر غيره لم يكونا شاهدي زور، وإنما أديا قول غيرهما، ولو كانا شاهدين على الأصل كانا شاهدي زور، وقد سمعت من يقول لا أقبل على رجل إلا شهادة رجلين، وعلى آخر شهادة آخرين غيرهما، ومن قال هذا ينبغي أن يكون من حجته أن يقول أنا أقيمهما مقام الشاهد نفسه فلم يكن لهما أكثر من حكمه فهو لو شهد مرتين على شيء واحد لم يكن إلا مرة فكذلك إذا شهدا هما على الآخر لم يكن إلا مرة فلا تجوز شهادتها، وينبغي أن يقول من قال هذا أنهما إنما كانا غير مجروحين في شهادتهما على أربعة مختلفين لأنهما لم يشهدا على العيان، وهما لا يقومان إلا مقام من شهدا على شهادته فلا يجوز أن يقوم اثنان إلا مقام واحد إذ لم يجز أن يجوز على الواحد إلا اثنان
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا يجوز على شهادة المرأة إلا رجلان، ولا يجوز عليها رجل وامرأتان لأن هذا ليس بمال.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فإذا كانت دار في يدي رجل فأقام رجل عليها بينة أن أباه مات وتركها ميراثا، ولم يشهدوا على الورثة، ولا يعرفونهم فإن القاضي يكلف الورثة البينة أنهم أولاد فلان بأعيانهم، وأنهم لا يعلمون له وارثا غيرهم فإن أقاموا البينة على ذلك دفع الدار إليهم، وإن لم يقيموا البينة على ذلك، وقف الدار أبدا حتى يأتوا ببينة أنهم ورثته، ولا وارث له غيرهم، ولا يؤخذ من الوارث كفيل بشيء مما يدفع إليه بعد أن يستحقه، ولو أخذته منه أخذته ممن قضيت له على آخر بدار أو عبد، وأخذته ممن قضيت له على رجل بدين، وممن حكمت له بحكم ما كان، وقاله أبو حنيفة - رحمه الله تعالى -.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يدي رجل، وادعاها آخر، وأقام بينة أن أباه مات، وتركها ميراثا منذ سنة لا يعلمون له وارثا غيره، وأقام الذي هي في يديه البينة أن أباه مات، وتركها ميراثا منذ سنة فإنها للذي هي في يديه، وقال أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه - أقضي بها للمدعي.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أن الذي في يديه الدار أقر أن الدار كانت لأبي المدعي، وأن أباه اشتراها منه، ونقده الثمن، وأقام على ذلك بينة قبل منه ذلك لأن الدار في يديه، وهو أقوى سببا، وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - مثله إلا أنه يجعله المدعي في هذه المنزلة



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 1 والزوار 11)
ابوالوليد المسلم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 204.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 200.53 كيلو بايت... تم توفير 3.55 كيلو بايت...بمعدل (1.74%)]