هذا أسعد يوم في حياتي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         هجر القرآن بعد رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          سمات القارئ الجيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          من قادة الفتوحات الإسلامية (القعقاع بن عمرو التميمي) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حر الدنيا.. وحر الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          شروط الطواف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          كيف تنتصر على القلق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حديث : لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          شرح حديث: اتّق المحارم تكن أعبد الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          المرأة والمحرم في السفر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4451 - عددالزوار : 878563 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-05-2024, 06:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,424
الدولة : Egypt
افتراضي هذا أسعد يوم في حياتي

خطبة: هذا أسعد يوم في حياتي!

حسان أحمد العماري


الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي خلق الأرض والسماوات، الحمد لله الذي علِمَ العَثَرَات، فسترها على أهلها وأنزل الرحمات، ثم غفرها لهم ومحا السيئات، فله الحمد مِلءَ خزائن البركات، وله الحمد ما تتابعت بالقلب النَّبضات، وله الحمد ما تعاقبت الخطوات، وله الحمد عددَ حبات الرمال في الفَلَوات، وعدد ذرات الهواء في الأرض والسماوات، وعدد الحركات والسكنات، وأشهد أن لا إله إلا الله، لا مُفرِّج للكربات إلا هو، ولا مُقِيل للعثرات إلا هو، ولا مُدبِّر للملكوت إلا هو، ولا سامع للأصوات إلا هو، ما نزل غيث إلا بمداد حكمته، وما انتصر دين إلا بمداد عزَّتِهِ، وما اقشعرت القلوب إلا من عظمته، وما سقط حجر من جبل إلا من خشيته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله قام في خدمته، وقضى نحبه في الدعوة لعبادته، وأقام اعوجاج الخلق بشريعته، وعاش للتوحيد ففاز بخُلَّتِهِ، وصبر على دعوته فارتوى من نهر محبته، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه واستنَّ بسنته، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين؛ أما بعد:
عباد الله: ما هو أسعد يوم في حياة الإنسان؟
قد يقول قائل: إن أسعد يوم في حياتي وهو يوم العمر بالنسبة لي هو يوم التخرج من الثانوية العامة، ويقول آخر: أسعد يوم هو يوم الزفاف عندما أكملت نصف ديني، ويقول ثالث: إنه يوم التخرج من الجامعة وإتمام الدراسة، وهناك من يقول: إن أسعد يوم في حياتي عندما رزقني الله بولد، أو بحصولي على فيزة للسفر إلى دولة خارجية، ولا شكَّ أنها أحداث عظيمة وتُدخِل البهجة والفرح إلى نفوس أصحابها، لكنها سعادة زائلة، وفرحٌ يعقبُه حزن، فما هو أسعد يوم في حياتك؟

معاشر المسلمين: لم يكن ذلك الرجل يعلم أن اليوم الذي أماط فيه الشوك عن طريق الناس كان أفضل أيام حياته وأسعدَها؛ إذ غفر الله له به؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما رجل يمشي بطريقٍ، وَجَدَ غصن شوك في الطريق، فأخَّره، فشكر الله له فغفر له))؛ [متفق عليه].


هذا الرجل ﺩﺧﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﻏﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﻏﺼﻦ ﺃﺯﺍﻟﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﺼﻦ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ، ﻳﺆﺫﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ، ﺃﻭ ﻣﻦ ﺃﺳﻔﻞ ﻳﺆﺫﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺭﺟﻠﻬﻢ، ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺃﻧﻪ ﻏﺼﻦ ﺷﻮﻙ ﻳﺆﺫﻱ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻓﺄﺯﺍﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﺃﺑﻌﺪﻩ ﻭﻧﺤَّﺎﻩ، ﻓﺸﻜﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ، ﻭﺃﺩﺧﻠﻪ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻣﻊ ﺃﻥ هذا الغصن إذا آذى المسلمين، فإنَّما يؤذيهم في أبدانهم، ومع ذلك غفر الله لهذا الرجل، وأدخله الجنة.


فكيف بمن يُزيل مشاكل المسلمين وقضاياهم التي أرَّقتهم في بيوتهم وأُسَرِهم، ومجتمعاتهم ودولهم، وسبَّبت لهم الشقاء والضَّنك وسوءَ الحال، فيكون أسعد يوم في حياته وهو يوم العمر بالنسبة له يوم أن يتقبل الله منه، ويكتب له المغفرة والرضوان.

ولم تكن المرأة البغِيُّ تتوقع أن يكون أسعد أيام حياتها ذلك اليوم الذي سَقَتْ فيه كلبًا أرهقه العطش، فشكر الله صنيعها وغفر لها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بينما كلب يُطيف بِرَكِيَّة قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغيٌّ من بغايا بنى إسرائيل، فنزعت مَوقَها، فاستقت له به، فسقَتْهُ إياه، فغُفر لها به))؛ [مسلم].

بينما هي تسير لحاجتها في يوم شديد الحر، إذ لاح أمامها كلب قد أخرج لسانه من شدة الإعياء، واللُّعاب يتقاطر منه، يقف بالقرب من بئر عميقة، وينظر إلى قعره، فيتمنى لو حظِيَ بشربة تُطفئ عطشه، وتَروِي ظمأه.


حينها أدركتها الرحمة بهذا المخلوق البائس اليائس، وفكرت في نفسها: كيف يمكنها أن تقدم لهذا الكلب قليلًا من الماء، يدفع عنه ما نزل به من عطش؟ فلم تجد أمامها سوى خُفِّها تملأ به الماء، فنزلت البئر، ومَلَأتِ الخُفَّ ماءً، ثم صعِدت إلى أعلى البئر، وشرب ذلك الكلب، لكن الله سبحانه وتعالى لن يضيع أجر من أحسن عملًا، فكان صنيعها مع الكلب سببًا للتجاوز عن سيئاتها ومغفرة ذنوبها، كرمًا منه وفضلًا، فكان أسعد يوم في حياتها.


أيها المؤمنون: وهذا نبي الله يوسف عليه السلام، كان أسعد يوم في حياته ويوم العمر بالنسبة له يوم أن وقف في وجه امرأة العزيز؛ قائلًا: ﴿ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23]، فترقَّى في معارج القُرْب، وحظِيَ بجائزة: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24].


فالعفيف المستعفف أسعدُ الناس؛ لأنه عامَلَ الله بالإخلاص والمراقبة، فرفعه الله إلى درجة المحبة والمعية؛ لأنه لم يستسلم لشهواته، ولم يسقط في مستنقع الرذيلة، رغم توفر جميع الأسباب، فأصبح مثالًا للعَفافِ والطُّهر إلى قيام الساعة.

عباد الله: وهذه نسيبة بنت كعب أم عمارة رضي الله عنها وأرضاها، أسلمت في بيعة العقبة الثانية، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنها حبيب بن زيد ما زال صغيرًا بجانبها، فقدمت للدين وللرسول أعظمَ الحب والوفاء والتضحية، خرجت يوم أُحُدٍ مع جيش المسلمين؛ لتَسقِيَ الجَرحى، وتُضمِّد جراحهم، فلما رأت النبي صلى الله عليه وسلم في أرض المعركة قد تكالب عليه الأعداء عن يمينه وشماله، وقد كُسِرت رباعيته، والدماء تنزف منه، رَمَتِ القِراب التي كانت تسقي بها جرحى المسلمين، وأخذت سيفًا تدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى منها هذه البطولة وهذه الشجاعة؛ قال لها صلى الله عليه وسلم في أرض المعركة: ((من يُطيق ما تُطِيقين يا أمَّ عمارة؟ سَلِيني يا أم عمارة، قالت: أسألك مرافقتك في الجنة يا رسول الله، قال: أنتم رفقائي في الجنة))، لم تكن تعلم أن أسعدَ أيام حياتها هو ذلك اليوم، عندما بشَّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرافقته بالجنة.

بل انظروا إلى ذلك التاجر الذي لم يكن له من أعمال الخير إلا القليل، عاش حياته بيعًا وشراءً، واستيراد وتصدير وصفقات هنا وهناك، لكن كان فيه خصلة عظيمة؛ عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تلقَّت الملائكة روحَ رجلٍ ممن كان قبلكم، فقالوا: أعمِلت من الخير شيئًا؟ قال: لا، قالوا: تذكَّر، قال: كنت أُداين الناس، فآمُرُ فتياني أن يُنْظِروا الْمُعْسِر، ويتجوَّزوا عن الْمُوسِر، قال: قال الله عز وجل تجوَّزوا عنه)).


وفي رواية عند مسلم: ((فقال الله: أنا أحقُّ بذا منك، تجاوزوا عن عبدي))؛ [مسلم ح: 1560، البخاري ح: 2077].


لقد كان يوم السعد في حياته يوم أن تجاوز الله عنه؛ لأنه تجاوز عن عباده، لم يغِشَّ ولم يحتكر، ولم يظلم، ولم يُصَب بالجشع والطمع، ولم يُضيِّق على عباد الله.

أيها المسلمون، عباد الله: إن أسعد يوم في حياة المسلم هو ذلك اليوم الذي يبتغي بأعماله وجه الله، لا يريد جزاءً ولا شكورًا، ولا يعمل نفاقًا ولا رياءً، ويثبت عليها حتى يلقى بها ربَّه.


إن العبد قد يُكتَب له عزُّ الدهر وسعادة الأبَدِ، بموقف يهيئ الله له فرصته، ويقدر له أسبابه، حينما يطَّلع على قلب عبده، فيرى فيه قيمةً إيمانية أو أخلاقيةً يحبها، فتُشرِق بها نفسه، وتنعكس على سلوكه بموقف يمثل نقطةً مضيئةً في مسيرته في الحياة، وفي صحيفة أعماله إذا عُرِضَت عليه يوم العرض الأكبر.


إن يوم العمر وأسعد أيامك هو ذلك اليوم الذي تقف فيه مع الحق والخير، ولا تتنازل فيه عن القيم والمبادئ العظيمة، مهما كانت الشُّبُهات والشهوات والإغراءات، ففي لحظة غفلة قد يتحول هذا اليوم إلى أشقى يوم في حياتك؛ لأن هناك مَن يستسلم للرغبات والشهوات، فيبيع دينه بعَرَضٍ من الدنيا قليلٍ، وهناك من تشتاق نفسه إلى الهداية، لكن يمنعه حب الدنيا وزينتها، وقول فلان وعلان، ومن الناس من يرى الحق أمامه واضحًا جليًّا، ومع ذلك لا يتبعه؛ هذا الأعشى بن قيس كان شيخًا كبيرًا شاعرًا، خرج من اليمامة، من نجد، يريد النبي عليه الصلاة والسلام، راغبًا في دخول الإسلام، مضى على راحلته، مشتاقًا للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كان يسير وهو يردد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا:
ألم تغتمَّ عيناك ليلةَ أرمدا
وبِتَّ كما بات السَّلِيم مُسهَّدا
ألَا أيُّهذى السائلي أين يمَّمت
فإن لها في أهل يثرب موعدا
وآليتُ لا آوي لها من كلالة
ولا من حفًى حتى تُلاقي مُحمَّدا
نبيٌّ يرى ما لا ترون وذِكْرُهُ
أغار لَعمري في البلاد وأنجدا
أجدك لم تسمع وصاة محمد
نبي الإله حيث أوصى وأشهدا
إذ أنت لم ترحل بزاد من التقى
ولاقيت بعد الموت من قد تزوَّدا
ندِمت على ألَّا تكون كمثله
فترصَّد للأمر الذي كان أرصدا



وما زال يقطع الفيافيَ والقِفار، يحمله الشوق والغرام، إلى النبي عليه السلام، راغبًا في الإسلام، ونبذ عبادة الأصنام، فلما كان قريبًا من المدينة، اعترضه بعض المشركين، فسألوه عن أمره، فأخبرهم أنه جاء يريد لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُسْلِم، فخافوا أن يُسْلِمَ هذا الشاعر، فيقوى شأن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فشاعرٌ واحد وهو حسَّان بن ثابت قد فعل بهم الأفاعيل، فكيف لو أسلم شاعر العرب الأعشى بن قيس، فقالوا له: يا أعشى، دينك ودين آبائك خير لك، قال: بل دينه خير وأقوم، قالوا: يا أعشى، إنه يحرِّم الزنا، قال: أنا شيخ كبير، ما لي في النساء حاجة، فقالوا: إنه يحرِّم الخمر، فقال: إنها مُذْهِبة للعقل، مذلَّة للرجل، ولا حاجة لي بها، فلما رأوا أنه عازم على الإسلام، قالوا: نعطيك مائة بعيرٍ وترجع إلى أهلك، وتترك الإسلام، قال: أما المال، فنعم، فجمعوها له، فارتدَّ على عَقِبَيه، وكرَّ راجعًا إلى قومه بكفره، واستاق الإبل أمامه، فرحًا بها مستبشرًا، فلما كاد أن يبلغ دياره، سقط من على ناقته فانكسرت رقبته ومات، فكان يوم التعاسة والشقاء أبد الآبدين؛ ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [النحل: 107 - 109].


أيها المؤمنون: إن يوم العمر وأعظم أيام حياتنا، ويوم السعد بالنسبة لنا كمسلمين هو ذلك اليوم الذي نُقبِل على الله تائبين مستغفرين، ويوم العمر يمكن أن يكون ذلك اليوم الذي أسعدتَ فيه والديك، يوم العمر يمكن أن يكون ذلك اليوم الذي فرّجت فيه على محتاج، أو مشيت مع أخيك المسلم إلى أن قضيتَ حاجته له، وقد يكون ذلك اليوم الذي جلست تفكر في حال الأمة وما وصلت إليه، ثم بدأت بخطوات لاسترداد كرامتها وصون دمائها، كل واحد حسب قدرته، وهو ذلك اليوم الذي حفظت فيه دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، ولم تلطِّخ لسانك ولا يدك في دم امرئ مسلم، أو أي إنسان، دون وجه حق، وقد يكون يوم السعد في حياتك يوم أن نصرت مظلومًا، وقلت كلمة حق، وأشبعت جائعًا، وكسوت عاريًا، ورحِمتَ يتيمًا، ولم تجامل في دينك أحدًا من الناس؛ لذا ينبغي أن يكون لنا أعمالنا تكون سببًا للسَّعْدِ والنجاة، وعلينا أن نُكْثِرَ من الدعاء بأن يهيئ الله لنا أسبابها، ويستعملنا فيها، ويتقبلها منا، ولا تحقِرُوا من المعروف شيئًا ولو كان بسيطًا، فهو عند الله عظيم، اللهم استعملنا ولا تستبدلنا، قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه.

الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
عباد الله: إن أسعد الأيام على الإطلاق، يوم أن تكون من أصحاب الجنة؛ قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [فصلت: 40]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الأحقاف: 13]، وقال تعالى: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ﴾ [النمل: 89].


ولن يتحقق هذا اليوم السعيد إلا بأعمال خالصة لله سبحانه، وموافقة لِما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم، وعندما تكون قلوبنا سليمة من الحقد والغل والحسد، وتكون ألسنتنا وأيدينا نظيفة من الحرام والدماء والفتن.


عباد الله: اتقوا الله رحمكم الله، وأصلحوا ذات بينكم، وقدموا المعروف تُفلحوا، ولْتَكُنِ النفوس سخية، والأيدي بالخير نديَّة، وادفعوا عن أنفسكم البلاءَ والمصائب والشرور ببذل المعروف، واستمسكوا بعُرى الإيمان، وقِيَمِ السماحة والأُخوة، وسارعوا إلى كل خير.


اللهم لا تجعل الدنيا أكبرَ همِّنا، ولا مبلغَ علمنا، ولا غاية رغبتنا، واجعل الحياة زيادة لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، برحمتك يا أرحم الراحمين.


هذا، وصلوا وسلموا - رحِمكم الله - على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة؛ نبيِّنا وإمامنا وقدوتنا محمدِ بن عبدالله؛ فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنِّك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.61 كيلو بايت... تم توفير 1.52 كيلو بايت...بمعدل (2.53%)]