شرح كتاب الحج من صحيح مسلم - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 515 - عددالزوار : 24619 )           »          كتاب مداخل إعجاز القرآن للأستاذ محمود محمد شاكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 26 - عددالزوار : 1895 )           »          الوابل الصيب من الكلم الطيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 1247 )           »          الصوم في الشرع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          المرأة وبيت الزوجية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          "المَقامة الكروية": (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          حِكَمُ الطنطاوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          دعِ العوائقَ .. وانطلقْ ..!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          في رمضان ماذا لو حصل...؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 13-06-2024, 02:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,728
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الحج من صحيح مسلم

شرح كتاب الحج من صحيح مسلم – باب: الطِّيبُ للمُحْرم قبلَ أنْ يُحْرِم




  • كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الطِّيبَ ويَستكثِرُ منه في كلِّ حالٍ وهو مِن الأُمورِ التي حُبِّبَت إليه مِن الدُّنيا
  • الطِّيبَ مِن مَحظوراتِ الإحْرامِ ولكنَّه مشروعٌ قبْلَ الإحْرامِ حتّى لو بقِيَ أثَرُه بَعدَ الإحرامِ
عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ، ولِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وعن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ المِسْكِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُحْرِمٌ. في هذا الحَديثِ تُخبِرُ عائشةُ -رضي الله عنها- أنَّها كانت تُطيِّبُ بيَدَيْها النبيَّ -صلى الله عليه وسلم - لِإحْرامِه قبْلَ أنْ يُحرِمَ للحجِّ أو العُمرةِ، ولحِلِّه بعْدَ أنْ يَتحلَّلَ التَّحلُّلَ الأوَّلَ في الحجِّ، وهو بَعدَ رَميِ جَمرةِ العَقَبةِ والحَلْقِ، وقبْلَ طَوافِ الإفاضةِ، والتَّحلُّلُ الأولُ يَحِلُّ بَعده كُلُّ شَيءٍ إلَّا الاستِمتاعَ بالنِّساءِ، وذلك كما في رِوايةٍ لِلنَّسائيِّ: «ولِحِلِّه بَعدَما رَمى جَمرةَ العَقَبةِ، قَبلَ أنْ يَطوفَ بالبَيتِ».
وقال رَاوي الحديثِ- واصفًا فِعْلَ عائِشةَ -رضي الله عنها-: «وبَسَطَتْ يَدَيْها» كأنَّها تُحاكي ما فَعَلَتْ مِن قبْلُ بالفِعلِ معَ القولِ، وقيل: فعلَتْ ذلِك مُبالَغةً في الوُقوعِ، ردًّا على مَن أنْكَرَ ذلك، فإنَّ ابنَ عُمَرَ كان يُنكِرُ التَّطيُّبَ قبْلَ الإحرامِ، والصحيح: أنّ هذا لا إشْكالَ فيه، أنْ يتطيب في رأسه وبدنه، لا في ثوبه الذي يُحْرم فيه، والممنوع هو: أنْ يَمَسَّ الطِّيبَ حالَ الإحْرامِ.
حديثٌ صحيحٌ ثابتٌ
وللحافظ أبي عُمر بن عبدالبر في (التمهيد) بحثٌ مطوّل في هذا، فقال: هذا حديثٌ صحيحٌ ثابتٌ، لا يختلف أهلُ العلم بالحديثِ في صِحّته وثُبوته، ولكن الفُقهاء اخْتلفوا في القَولِ به على حسَب ما ذكرناه في باب حميد بن قيس من كتابنا هذا، وذكرنا اعتلال كل طائفةٍ لمذهبها في ذلك، مِنْ جِهة الأثر والنظر هناك، وسنذكر هاهنا فيه منْ جهة الأثر، ما لمْ يقع هناك إنْ شاء الله. وهذا الحديث رُوي عن عائشة من وجوه، فممن رواه عنها: القاسم، وسالم، وعروة، والأسود، ومسروق، وعمرة، وممن رواه عن القاسم ابنه عبدالرحمن، وأفلح بن حميد، ورواه عن عروة ابن شهاب وعثمان بن عروة وهشام بن عروة، ولم يسمعه هشام من أبيه، إنّما سمعه من أخْيه عثمان، عن أبيه، ثم روى بإسناده: عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: كنتُ أطيّبُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بأطيبِ ما أجِدُ لحَرمه ولحِلّه، وحين يُريدُ أنْ يَزُورَ البيتَ. وعنه أيضاً: قالت عائشة: طيّبتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - قبلَ أنْ يُحْرِم، ويوم النّحر قبل أنْ يَطُوفَ بالبيت بطيبٍ فيه مِسْك. وروى: عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة: أنّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يَتطَيّب قبلَ أنْ يُحْرم، فتَرَى أثرَ الطّيب في مفْرقه بعد ثلاث.
المَنْهيُّ عنه: التّطيب بعد الإحْرام
قال أبو عمر: فذهبَ قومٌ إلى القول بهذه الآثار، وقالوا: لا بأسَ أنْ يَتطيّب المُحْرِم قبل إحْرامه بما شاءَ من الطيب ومِسْكا كان أو غيره ممّا يبقى عليه بعد إحْرامه، ولا يضرّه بقاؤه عليه بعد إحْرامه، إذا تطيّب قبل إحْرامه؛ لأنّ بقاءَ الطّيب عليه، ليسَ بابتداءٍ منه، وليسَ بمتطيّبٍ بعد الإحْرام، وإنّما المَنْهيُّ عنه: التّطيب بعد الإحْرام. قالوا: ولا بأس أنْ يَتطيّبَ أيضاً إذا رَمَى جَمرة العَقَبة، قبلَ أنْ يَطُوفَ بالبيت، وحُجّتهم فيما ذهبوا إليه من ذلك كله، حديث عائشة هذا، وهو حديثٌ ثابت، وقد عَمِلت به عائشة -رضي الله عنها-، وجماعة منَ الصحابة، منهم: سعد بن أبي وقاص، وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن الزبير، وعبدالله بن جعفر، وأبو سعيد الخدري، وجماعة من التابعين بالحجاز والعراق، وإليه ذهب الشافعي وأصحابه، والأوزاعي، والثوري، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، وزُفَر، وبه قال أحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وكل هؤلاء يقول: لا بأسَ أنْ يَتطيّبَ قبلَ أنْ يُحْرم، وبعد رمي جمرة العقبة. ثمّ روى بسنده: عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه قال: رأيتُ عائشةَ تَنْكتُ في مفارقها الطِّيبَ قبلَ أنْ تُحْرم، ثم تُحْرم. وعن الشعبي قال: كان سعد يتطيّب عند الإحْرام بالذّريرة، وعن ابن عباس، وابن الزبير: أنّهما كانا لا يَريان بالطِّيب عند الإحْرام بأسَا، وعن ابن الحنفية: أنّه كان يُغلّف رأسه بالغالية الجيّدة، إذا أراد أنْ يُحرم. ثمّ قال ابنُ عبدالبر: وقال آخرون، منهم مالك وأصحابه: لا يجوز أنْ يَتطيّب المُحْرم قبل إحْرامه بما يبقى عليه رائحته بعد الإحرام، وإذا أحْرم حَرُم عليه الطيب حتّى يطوف بالبيت، وهذا مذهب عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبدالله بن عمر، وعثمان بن أبي العاص، وبه قال عطاء، والزهري، وسعيد بن جبير، والحسن، وابن سيرين، وإليه ذهب محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، وهو اختيار الطحاوي.
حُجّة مَنْ ذَهَب هذا المذهب
قال: وحُجّة مَنْ ذَهَب هذا المذهب من جهة الأثر: حديث يعلى بن أمية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنّه أمَرَ الرجل الذي أحْرَم بعُمْرةٍ وعليه طِيب خَلُوق أو غيره، وعليه جُبّة، أنْ يَنْزعَ عنه الجُبّة، ويغسلَ الطّيب، وادّعوا الخُصُوص في حديث عائشة؛ لأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان أمْلَك الناس لأربه، ولأنّ ما يُخاف على غيره مِنْ تَذكّر الجِمَاع المَمنوع منه في الإحرام، مأمونٌ منه - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: لو كان على عُمومه للناس عامة، ما خَفِي على عمر، وعثمان، وابن عمر، مع علمهم بالمَناسك وغيرها، وجلالتهم في الصّحابة، وموضع عطاء من عِلْم المناسك موضعه، وموضع الزهري من علم الأثر موضعه. قال ابن جريج: كان عطاء يَأخذ في الطّيب للمُحرم بهذا الحديث، قال ابن جريج: وكان عطاء يكره الطيب عند الإحْرام، ويقول: إنْ كان به شيءٌ منه فليغسله ولينقه، وكان يأخذ بشأن صاحب الجبة، قال ابن جريج: وكان شأن صاحبِ الجُبّة قبلَ حَجّة الوداع، والآخرُ فالآخر مِنْ أمْرِ رسُول الله -صلى الله عليه وسلم - أحقُّ أنْ يُتّبع.
مذهب ابن جريج
قال أبو عمر: مذهب ابن جريج في هذا الباب خلاف مذهب عطاء، وحُجّته أنّ الآخر ينسخ الأول، حُجةٌ صحيحة، ولا خلافَ بين جماعة أهلِ العلمِ بالسّير والأثر، أنّ قصة صاحب الجُبّة كانت عام حُنين بالجِعْرانة سنة ثمان، وحديث عائشة عام حَجّة الوداع، وذلك سنة عشر، فإذا لمْ يَصح الخُصُوص في حديث عائشة، فالأمر فيه واضح جدا. وروى بسنده: عن محمد بن المنتشر قال: سألتُ ابن عمر عن الطّيب عند الإحْرام؟ فقال: لأنْ أطّلى بالقَطِران أحبّ إليّ مِن ذلك، فذكرت ذلك لعائشة فقالت: يَرْحمُ الله أبا عبدالرحمن، قد كنتُ أطيّبُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فيَطُوف على نسائه، ثمّ يُصْبح يَنْضخ طِيبًا. قال أبو عمر: قد أجْمعوا على أنّه لا يجوزُ للمُحرم بعد أنْ يُحْرم، أنْ يَمسّ شيئاً مِنَ الطّيب، حتّى يَرْمي جمرة العَقَبة، واختلفوا في ذلك إذا رمى الجمرة قبل أنْ يطوف بالبيت على ما ذكرنا، وأجْمعوا أنه إذا طافَ بالبيت طواف الإفاضة يوم النّحر، بعد رمي جَمرة العقبة، أنه قد حَلّ له الطّيبُ، والنّساء، والصّيد، وكل شيء، وتمَّ حِلّه، وقضى حجه.
إذا طافَ طوافَ الإفاضة فقد تمّ حَجّه
قال أبو عمر: فإذا طافَ طوافَ الإفاضة، فقد تمّ حَجّه، وحلّ له كلَّ شيء بإجْماع، وإنّما رخّص الشافعي، ومن تابعه في الطّيب، لمَن رَمَى جَمْرة العقبة، لحديث عائشة: طيبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أنْ يُحرم، ولحِلّه قبل أنْ يطوفَ بالبيت. تُريد بعد رَمْي جمرة العقبة، ورخص في الصيد منْ أجل قول عمر: إلا النّساء، والطّيب، ولم يقل: «والصيد». وقد قال الله -عز وجل-: {وإذا حَلَلْتُم فاصْطَادُوا}. ومَنْ رَمَى جَمْرة العقبة فقد حلّ له الحلاق والتفث كلُّه بإجماع، فقد دخل تحت اسم الإحْلال، وفي هذه المسألة ضروب من الاعتلال تركتها، والله المستعان. (التمهيد).
فوائد الحديث
  • أنَّ الطِّيبَ مِن مَحظوراتِ الإحْرامِ، ولكنَّه مشروعٌ قبْلَ الإحْرامِ، حتّى لو بقِيَ أثَرُه بَعدَ الإحرامِ.
  • وقد كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- يُحِبُّ الطِّيبَ، ويَستكثِرُ منه في كلِّ حالٍ، وهو مِن الأُمورِ التي حُبِّبَت إليه مِن الدُّنيا.
  • بَيَّنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- لأمته أحكامَ الحَجِّ والعُمرةِ، وسُننَهما، وآدابَهما بالقَولِ والفِعلِ، ونقَلَ الصَّحابةُ ما سَمِعوه وما رَأوْه مِنه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.
  • وفيه: خِدمةُ المرأةِ لزَوْجِها وتَطييبُها له.
اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم يوم أمس, 11:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,728
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الحج من صحيح مسلم

شرح كتاب الحج من صحيح مسلم – باب: المِسْكُ أطْيبُ الطِّيب



  • فِتنةُ النِّساءُ أعظَمُ الفِتنِ وقدْ زُيِّن للنَّاسِ حُبُّ الشَّهواتِ وقُدِّمَت شَهوةُ النِّساءِ على جَميعِ الشَّهواتِ لأنَّ المِحنةَ بهنَّ أعظَمُ المِحنَ على قَدْرِ الفِتنةِ بهنَّ
  • بَذلُ الهديَّةِ وقَبولُها بابٌ مِن أبْوابِ الخَيرِ وسَبَبٌ مِن أسْبابِ التَّحابِّ والتَّرابُطِ بيْنَ النَّاسِ وقدْ حَثَّ عليها الإسلامُ وبارَكَها
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، حَشَتْ خَاتَمَهَا مِسْكًا، وَالْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ. الحديث رواه مسلم (4/1765-1766) في كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها. باب: استعمال المسك وأنّه أطيب الطيب، وكراهة ردّ الريحان والطيب، الحديث ذكره المنذري هنا مختصرًا، ونصه في مسلم: «كانَتِ امْرَأَةٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ قَصِيرَةٌ، تَمْشِي مع امْرَأَتَينِ طَوِيلَتَيْنِ، فاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِن خَشَبٍ، وخاتَمًا مِن ذَهَبٍ مُغْلَقٌ مُطْبَقٌ، ثُمَّ حَشَتْهُ مِسْكًا، وهو أطْيَبُ الطِّيبِ، فَمَرَّتْ بيْنَ المَرْأَتَيْنِ، فَلَمْ يَعْرِفُوها، فقالَتْ بيَدِها هَكَذا. ونَفَضَ شُعْبَةُ يَدَهُ.
يَحكي النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديثِ: أنَّ امْرأةً قَصيرةً مِن بني إسرائيلَ كانت تَمشي معَ امرأتَينِ طوِيلتَينِ، والمرادُ: أنَّها إذا مَشتْ معَ صاحبِتَيْها الطَّويلتينِ بانَ قِصرُها، فلَبِستْ في قدَمَيها رِجلَينِ مُزوَّرتينِ من خَشبٍ، أو اتَّخذتْ كعبَينِ طَويلينِ عاليَينِ لنَعلَيْها، فكأنَّهما لطُولِهما رِجْلانِ، وذلِك حتَّى تكونَ طويلةً مِثلَهما، فلا يَتفاضلانِ ولا يَتميَّزانِ ولا يَتباهيانِ عَلَيها. واتَّخَذت خاتمًا مِن ذَهبٍ، وجَعَلَت هذا الخاتمَ مُغلَقًا مُطْبَقًا، أي: جعَلَتْ له غَلَقًا، والمُطْبَقُ هو الَّذي دَاخلُه فارغٌ، ثمَّ وَضَعَتْ داخلَ الخاتمِ مِسْكًا وأحكَمتْهُ وأغلَقتْ عليهِ، والمسكُ أفضلُ الطِّيبِ وأطيبُه وأحسَنُه، وأصْل المِسكِ دمٌ يَجتمِعُ في سُرَّةِ الغَزالِ إلى وَقتٍ مَعلومٍ مِن السَّنةِ، وعندَ حُصولِه تَمرَض الظِّباءُ، فيَتساقطُ منها فيُؤخَذ ويُصنع من الطِيب. فمَرَّت تلكَ المرأةُ بيْن المرأتينِ الطَّويلتينِ وهي لابسةٌ للرِّجْلِ الخشبِ والخاتمِ، فلم يَعرِفاها، لأنَّها غيَّرتْ هيئتَها وطال جِسمُها بالرِّجلَينِ المزوَّرتَينِ، «فقالتْ بِيدِها هَكذا» أي: وعندَ مُرورِها عليهنَّ أشارتْ بيَدِها الَّتي فيها الخاتمُ المحشُوُّ مِسكًا وحرَّكتْها بعْدَ أنْ فَتَحَتْه، ففاحَ ريحُ المسكِ، وكأنَّها تَتفاضَلُ عليهِما. قال الرَّاوي -وهو أبو أُسامةَ حمَّادُ بنُ أُسامةَ-: «ونَفَضَ شُعبةُ يدَه»، أي: حَاكى شُعبةُ حرَكةَ اليدِ كما فعَلَت المرأةُ، وفي روايةٍ لأحمدَ: «فكانتْ إذا مرَّتْ بالمجلسِ حَرَّكتْه، فنَفَخَ رِيحُه»، أي: إذا مرّت بمجالِسِ النَّاسِ والرِّجالِ، تَعمَّدتْ تَحريكَ الخاتمِ ليَفوحَ رِيحُه، فيَشَمَّه الناسُ، فتَنجذِبَ الأنظارُ إليها، كأنَّها تَتفاخَرُ على قَرِينتَيها اللَّتين معها.
التَّحذيرُ مِن فِتنة الدُّنيا وفِتنة النِّساءِ
ورواه أحمدُ في مُسنَدِه، وفي أوَّلِه التَّحذيرُ مِن فِتنة الدُّنيا وفِتنة النِّساءِ خاصَّةً، قال النَّبيُّ -[-: «إنَّ الدُّنيا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فاتَّقوها واتَّقوا النِّساءَ» أي: فاحْذُروا الدُّنيا وخافوا الوقوعَ في فِتنتِها، ومِن أشدِّ فِتنِها النِّساءُ، ثمَّ ذَكَر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قِصَّةَ النِّسوةِ الثَّلاثِ، وكيف تَفنَّنتْ إحداهنَّ في إظهارِ مَفاتنِها وإغواءِ النَّاسِ.
من فوائد الحديث
  • فيه: بَيانُ فَضلِ المِسكِ على سائرِ الطِّيبِ.
  • وأنّ فِتنة النِّساء أعظَمُ الفِتنِ، وقدْ زُيِّن للنَّاسِ حُبُّ الشَّهواتِ، وقُدِّمَت شَهوةُ النِّساءِ على جَميعِ الشَّهواتِ، لأنَّ المِحنةَ بهنَّ أعظَمُ المِحنَ على قَدْرِ الفِتنةِ بهنَّ.
  • الحَثُّ على مُلازمَةِ التَّقوَى، وعَدمِ الانْشِغالِ بظَواهرِ الدُّنيا وزِينَتِها.
باب: الْأَلُوَّة والكَافُور
عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اسْتَجْمَرَ، اسْتَجْمَرَ بِالْأَلُوَّةِ غَيْرَ مُطَرَّاةٍ، وبِكَافُورٍ يَطْرَحُهُ مَعَ الْأَلُوَّةِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ يَسْتَجْمِرُ رَسُولُ اللَّهِ -[-. الحديث رواه مسلم في الباب السابق. يَرْوي التَّابعيُّ نافعٌ مَولى ابنِ عُمرَ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- كان إذا اسْتَجْمَرَ، أي: إذا أرادَ أنْ يُطيِّبَ المكانَ، أو نفْسَه، أو الضِّيفانَ، استَعْمَل المِجمَرَ، وهو أنْ يُوضَعَ شَيءٌ مِن الطِّيبِ والبخور على تلكَ الأحْجارِ المُجمرة المُشْتعلة، فإذا احتَرَق نَفَذَ مع دُخَانِه رَوائحُ طَيِّبةٌ، فالاسْتِجمار هنا: استعمالُ الطّيب والتبخّر به، مأخوذٌ من المجمر، وهو البُخور، وأمّا «الألُوّة» فقال الأصمعي وأبو عبيد وسائر أهل اللغة والغريب: هي العود يتبخّر به. قال الأصمعي: أراها فارسية معربة، وهي بضم اللام وفتح الهمزة وضمها، لغتان مشهورتان. وقوله: «غيرَ مُطرّاة» أي غير مخلوطة بغيرها من الطّيب. لكنَّه كان في بعضِ الأوقاتِ يَستخدِمُ مع بَخورِ العُودِ كافُوراً، فإنَّه يَزِيدُه طِيبًا، والكافورُ نَبتٌ وشَجرٌ مَعروفٌ. وكان ابنُ عُمرَ -رضي الله عنهما- يُخبِرُ أنَّ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كان يَستجمِرُ ويَتبخَّرُ بمِثلِ فِعلِه هذا.
فوائد الحديث
  • أنّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُحِبُّ الرَّوائحَ الطَّيِّبةَ والعِطور والبُخُور، ويُقرِّبُها إليه، ويَحرِصُ على الأخذِ منها.
  • اسْتحبابُ الطّيب للرجال كما هو مُستحب للنساء، لكنْ يستحب للرجال من الطيب ما ظهر ريحه، وخفي لونه، وأمّا المرأة فيستحبّ لها ما ظهر لونه، وخَفي ريحه، لا سيما إذا أرادت الخروج إلى المَسجد أو غيره، كُرِه لها كلّ طيبٍ له ريحٌ يظهر.
  • ويتأكد اسْتحباب الطّيب للرّجال يوم الجُمعة، والعيد ونحوها، عند حُضور مجامع المسلمين، ومجالس الذّكر والعلم، وكذا عند إرادته معاشرة زوجته ونحو ذلك.
  • وفيه: فَضلُ الصحابي عبدِ الله بنِ عُمَرَ - رضي الله عنه -، واعتِنائِه بالسُّنَّةِ، ومُلازمتُه لاتِّباعِ النبي - صلى الله عليه وسلم - والاقتداء به.
باب: في الرّيْحان
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -» «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ فَلَا يَرُدُّهُ، فَإِنَّهُ خَفِيفُ المَحْمِلِ، طَيِّبُ الرِّيحِ». الحديث رواه مسلم في الباب السابق. في هذا الحديثِ يُرشِدُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى أنَّ «مَنْ عُرِض عليه» يعني مَنْ أُعْطِيَ رَيْحَانًا هَديَّةً، وهو كلُّ نَبْتٍ مَشمُومٍ طيِّبِ الرِّيحِ، فلا يَرُدَّ المُعْطيَ ولْيَأْخُذْه منه، والمرادُ به في هذا الحديثِ الطِّيبَ كلَّه، فعندَ أبي داودَ: «مَن عُرِض عليه طِيبٌ». وفي صَحيحِ البُخاريِّ: «كان النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم - لا يَرُدُّ الطِّيبَ». ويُعلِّلُ - صلى الله عليه وسلم - سَببَ النَّهيِ عن ردِّ الرَّيحانِ: بكَونِه «خَفِيفُ المَحْمِلِ» أي: خَفِيفَ الحَمْلِ، ورائحتُه جَميلة، فهو هَديَّةٌ نافعةٌ جميلة، ولا مُؤْنةَ فيها ولا مِنَّةَ، لِجرَيانِ عادةِ النَّاسِ بذلكَ، ولِسُهولتِه عليهم، ولقِلَّةِ ما يَتناوَلُ منه عندَ العَرْضِ، ولأنَّه ممَّا يَسْتطيبُه الإنسانُ مِن نَفسِه ويَسْتطيبُه مِن غَيرِه، فلا تُرَدُّ مِثلُ هذه الهديَّةُ، كيْ لا يَتأذَّى المُعطي بِرَدِّه، فرَدُّها لا وَجْهَ له إلَّا مِن عُذرٍ، والحديثُ فيه إشارةٌ إلى حِفظِ قُلوبِ النَّاسِ بقَبولِ هَداياهُم.
من فوائد الحديث
  • في الحديثِ: بَيانُ فضْلِ الرَّيْحانِ، والتَّرغيبُ للمسلم في اسْتعمالِ الطِّيبِ.
  • استحباب قبول هدية الرّيحان، فإنّه لا منّةَ بأَخْذِه، وقد جرت العادة بالتسامح في بذله.
  • بَذلُ الهديَّةِ وقَبولُها بابٌ مِن أبْوابِ الخَيرِ، وسَبَبٌ مِن أسْبابِ التَّحابِّ والتَّرابُطِ بيْنَ النَّاسِ، وقدْ حَثَّ عليها الإسلامُ وبارَكَها، ولا سيَّما إنْ كانتِ الهديَّةُ خَفيفةً سَهلةً لا تُكلِّفُ المانحَ ولا الآخِذَ كَثيرَ جَهدٍ وعَناءٍ، وهذا ما يَنطبِقُ على الطِّيبِ عمومًا.
  • استحباب عرض المسلم الطيب على إخوانه، ولا سيما عند حضور الجُمع والجماعات.



اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.78 كيلو بايت... تم توفير 2.18 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]