فضل الوضوء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         علاقة الشيطان بالإنسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مواقف يحبها المراهق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          هجر القرآن بعد رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          سمات القارئ الجيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من قادة الفتوحات الإسلامية (القعقاع بن عمرو التميمي) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          حر الدنيا.. وحر الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          شروط الطواف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          كيف تنتصر على القلق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حديث : لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          شرح حديث: اتّق المحارم تكن أعبد الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-05-2024, 06:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,426
الدولة : Egypt
افتراضي فضل الوضوء

فضل الوضوء

د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي

الخطبة الأولى
الحمد لله الذي لا يقبل إلا طيبًا، ولا يرفع إليه إلا العمل الصالح، جميل يحب الجمال، ولا يأمر الخلق إلا بما يعود عليهم بالمصالح، أحل الحلال من الطيبات، وحرم الخبائث والقبائح، نحمده تعالى على نعمة الإسلام حمد المعترف المادح، ونشكره عز وجل، أمرنا بالطهارة والنظافة لصحة الأبدان والأرواح والقرائح، وهل يجلب الأمراض، ويفسد الذوق، ويضعف العقل، ويغضب الرب، ويؤذي الجليس إلا قباحة المنظر، وخبث الروائح؟!


وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، القائل: ((الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ))، والموحى إليه بقول الله جل ذكره: ﴿ ‌وَثِيَابَكَ ‌فَطَهِّرْ ﴾ [المدثر: 4] صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وأهل بيته المطهرين بنص القرآن، وعلى صحابته المتطهرين من الذنوب والأدران، وعلى التابعين لهم بإحسان من أهل الإيمان، أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي خير زاد، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، وهي خير لباس، ولباس التقوى ذلك خير.


أيها المؤمنون، إنَّ الله جلَّ جلاله لما ذكر وجوبَ الوضوء عند إرادة الصلاة، وشرع التيممَ للعاجز عن استعمالِ الماء، أو الفاقِد للماء أعقب ذلك بقوله: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ ‌مِنْ ‌حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 6].


أيها المسلمون، فليتأمل المسلمُ هذه الآية، وما اشتملت عليه من هذه الأمورِ الثلاثة.


ومنها: أنَّ اللهَ جلَّ جلاله بيَّن لنا أن ما فرض علينا مِن الفرائض ليس المقصودُ منه إلحاق الحرج بنا، والتضييقَ علينا؛ ولكن المراد به تطهيرنا وإتمامُ نعمته علينا، فقال: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [المائدة: 6]، فهو جلَّ وعلا يسَّر هذه الشريعة، وجعلها شريعةَ يُسر؛ لما أوجب الوضوء بالماء شرع لنا إذا عدمناه أن نعدلَ إلى التيمُّم لرفعِ الحرج عنَّا، وهو يريد أن يطهرنا، ويتمَّ نعمتَه علينا.


أيها الإخوة، إنَّ في الوضوء طهارةً للقلوب، طهارةً للنفوس، طهارةً لأعضاءِ الوضوء، فهي طهارة حسية وطهارة معنوية، ﴿ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ﴾ [المائدة: 6]؛ بما رتب على هذا الوضوء من الثوابِ العظيم والأجر الكبير، وذا داعٍ لنا إلى أن نشكرَه تعالى، ونثني عليه بما هو أهله، فهو شرع الشرائع لمصلحةِ العباد، ولينالوا بها الخير والفضل منه تعالى الله وتقدس، لا إلهَ غيره، ولا معبودَ سواه.


أيها المسلم، هذا الوضوءُ الذي تمرره على الأعضاء عند إرادةِ الصلاة فرْضها ونفلها، هذا الوضوءُ له ثوابٌ عظيم، وله فضلٌ كبير، عندما يتأمل المسلم ذلك يزداد شكرًا لله، وحمدًا لله، وثناءً على الله، لِما يسَّر وهيَّأ من فُرص الثوابِ العظيم.


ومن ثمرات الوضوء أنه من خصال الإيمان الخفية التي هي بين العبد وربه، فلو دخل رجل للمسجد، وصلى وهو على غير وضوء خوفًا من أحد، أو مراءاة لأحد لم يعلم به إلا علَّام الغيوب، فالوضوء يزيد من إيمان العبد بربه وثقته بوعده، قال صلى الله عليه وسلم: ((لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ))؛ رواه ابن ماجه، وغيره من حديث ثوبان رضي الله عنه، وحسنه الألباني.


ومِن فضائِله أنه شرطٌ لصحة الصلاة، ((لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ))؛ متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.


ومِن فضائِله أنه يكفر السيئات؛ لما كانت هذه الأطراف هي محل الكسب والعمل، وكانت هذه الأطراف والجوارح أبوابًا للذنوب والمعاصي، منها ما يكون في الوجه؛ كالسمع والبصر، واللسان والشم والذوق، ومنها ما يكون في اليد، ومنها ما يكون في الرِّجْل، وهكذا الأمر في سائر الأعضاء؛ فلذلك كان الطهور مكفرًا لهذه الذنوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فَتَمَضْمَضَ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ، فَإِذَا اسْتَنْثَرَ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ أَنْفِهِ، فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجْتِ الْخَطَايَا مِنْ وَجْهِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ يَدَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ يَدَيْهِ، فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رِجْلَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ مَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلَاتُهُ نَافِلَةً لَهُ))؛ رواه النسائي وغيره من حديث عَبْدِاللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ، وصحَّحه الألباني.


ومِن خصائص هذا الوضوءِ أنه السيمة التي تتميَّز بها أمَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم مِن بين سائر الأمم يومَ القيامة، يقول صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ))؛ متفق عليه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوَضُوءُ))؛ متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فأمة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة سيماهم أنَّهم غرٌّ محجَّلون، هذه الأعضاء التي طالما أمَرُّوا عليها الماء يومَ القيامة يخرُجون مِن قبورهم تتلألأ تلك الأعضاءُ نورًا يُرَى بالأبصار، آثار الوضوء نورٌ يوم القيامة في وجوهِهم وأيديهم، ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ ‌يُؤْتِيهِ ‌مَنْ يَشَاءُ ﴾ [المائدة: 54].


والمراد بحلية المؤمن المذكورة في الحديث الإكثار من الوضوء، وليست الزيادة على موضع الغسل في أعضاء الوضوء.


قال صلى الله عليه وسلم يومًا لأصحابه لما خرج إلى القبور، فسلم على أهل القبور فقال: ((السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِكُمْ لَاحِقُونَ))، ثُمَّ قَالَ: ((لَوَدِدْنَا أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ؟ قَالَ: ((أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانِي الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي، وَأَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ مِنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ: ((أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا؟)) قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ((فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ، قَالَ: أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ))؛ وراه ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، هكذا أخبر صلى الله عليه وسلم أنه يعرِفهم يومَ القيامة بهذه الصفة، وأنهم يرِدُون حوضَه، وأنه أمامَهم ينتظرهم صلى الله عليه وسلم.


أخي المسلم، هذا الوضوءُ مكفرٌ لسيِّئاتك، وما مضى من ذنوبك بإخبار الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، يقول صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُؤْمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنْ الذُّنُوبِ))؛ أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.


ومن ثمرات الوضوء أنه إذا انتهى العبد منه، وختمه بالشهادتين كان ذلك سببًا في أن تفتح له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء.


عن عمر بن الخطاب وعقبة رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ))؛ رواه مسلم، وزاد في رواية: ((اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِن الْمُتَطَهِّرِينَ)).


إذًا أخي المسلم فعند وضوئِك استحضِر هذه النية الصالحة، وأيقِن بما وعدَك به نبيُّك صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق فيما يخبر به صلى الله عليه وسلم.


وقد يتساهل كثير من المسلمين في هذه العبادة، وأصبحت عندهم عادة لا يستشعر ثوابها، ولا يعلم فضلها، فهذا من الخطأ الذي وقع فيه كثير من المسلمين؛ فينبغي للمسلم أن يعرف ثواب الوضوء وفضله، فذلك مما قد يحثه على أن يحسن في وضوئه، ويقبل على صلاته بعد أن طهر باطنه وظاهره، وفرغ قلبه لمولاه، وهذا مما يعين على أن يكون العبد خاشعًا في صلاته.


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين، فاستغفروه، ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحـابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.

عباد الله، ومن الطهارة أن تحضر إلى المسجد وإلى الصلاة بملابس نظيفة مطيبة، قال تعالى: ﴿ يَابَنِي آدَمَ خُذُوا ‌زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ))؛ أخرجه البخاري.


وقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد هدي النبي صلى الله عليه وسلم في لباسه، فقال: "كان صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس لباسًا؛ كانت له عمامة تسمى السحاب كساها عليًّا، وكان يلبسها ويلبس تحتها القلنسوة، وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة، ويلبس العمامة بغير قلنسوة، وكان إذا اعتمَّ أرخى عمامته بين كتفيه، كما في حديث عمرو بن حريث قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه".


وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء، فهكذا كان هديه في اللباس، فقد كان من أحسن الناس لباسًا، وهو الذي يقول صلوات ربي وسلامه عليه: ((إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ))؛ رواه مسلم من حديث عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، وثبت عنه أنه قال: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ))؛ رواه الترمذي من حديث ابن عمرو، وحسنه الألباني.


وبعض المصلين هذه الأيام يخالف هدي المصطفى في لباسه، فيهمل هذا الجانب، ويحضر إلى المسجد بملابس قد يستحي أن يقابل بها الناس، فضلًا عن أن يأتي بها إلى المسجد، ولربما أتى في ثياب نوم، أو ملابس شفافة لا تصح الصلاة فيها، أو بملابس يتأذى المصلون برائحتها، فهذا خلاف سنته صلى الله عليه وسلم.


عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كان الناس يلبسون الصوف ويعملون والمسجد ضيق، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حارٍّ، وقد عرق الناس في ذلك الصوف حتى ثارت منهم رياح وآذى بعضهم بعضًا، فأمرهم بالغسل والمس من الطيب؛ أخرجه أبو داود، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا))؛ أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((وَلَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ))؛ رواه ابن ماجه.


وكان يقول صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: ((مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبِ مِهْنَتِهِ))؛ رواه ابن ماجه من حديث عَبْدِاللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه.


وقد قال عمر رضي الله عنه بعد أن رأى حلة جميلة في السوق: يا رسول الله، ابتع هذه، فتجمل بها للجمعة والوفد؛ أخرجه البخاري ومسلم، فأقره على مشروعية التجمل، وقال صلى الله عليه وسلم: ((الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ))؛ رواه الترمذي وغيره من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وصححه الألباني.


ويستحب للمصلي أن يحضر للصلاة وهو متطيب، فالرسول كان يحب الطيب، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((حُبِّبَ إِلَيَّ مِن الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ))؛ رواه النسائي من حديث ثابت بن أنس رضي الله عنه.


وقد حَثَّ أصحابه على المس من الطيب، كما في حديث ابن عباس السابق، فهذه الأحاديث تدل على أن التجمل، ولبس الثياب النظيفة، ومس الطيب مشروع عند الحضور إلى الصلاة.


فعلى المسلم أن يحضر إلى الصلاة بملابس نظيفة معطرة؛ لأنه سيقدم على ملك الملوك سبحانه، فقد كان بعض السلف يجعلون أفضل ما عندهم من الملابس لقيام الليل، ولحضور الصلاة، ولا يلبسونها إلا عند ذلك.


ألا وصلُّوا -عباد الله- على رسول الهدَى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ ‌وَسَلِّمُوا ‌تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولك محمد، وارضَ اللهمَّ عن الخلفاءِ الأربعة الراشدين.


اللهمَّ أعِزَّ الإسلام والمسلمين.


اللهمَّ أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.


اللهمَّ اجعلنا ممن يعظم أوامرك.


اللهمَّ اجعلنا من التوَّابين، واجعلنا من المتطهرين.


اللهمَّ أمتنا على الطهارة الحسية والمعنوية، غير مشركين بك.


اللهمَّ اسقنا من حوض نبيك شربةً لا نظمأ بعدها أبدًا.


واجعلنا به يوم القيامة من الفائزين، وعند النعماء من الشاكرين.


وعند البلاء من الصابرين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهمَّ ارحم موتانا، واشفِ مرضانا، وتولى أمرنا، واهدي شبابنا.

اللهمَّ إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

اللهمَّ آتي نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكَّاها.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.77 كيلو بايت... تم توفير 1.52 كيلو بايت...بمعدل (2.56%)]