عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-08-2022, 05:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي الحذر والمداراة وتوقع المخالفة رغم الاقتناع في الحوار الناجح

الحذر والمداراة وتوقع المخالفة رغم الاقتناع في الحوار الناجح
د. محمد بن فهد بن إبراهيم الودعان



(تأملات في الحوار من خلال سورة يوسف)


قال تعالى: ﴿ قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ﴾ [يوسف: 37-38].

إذا تأملنا ثنايا هذا الحوار الجميل مع السجينين، نجد الرفق وخفض الجناح، والقول اللين ومداراة يوسف - عليه السلام - لهما، ودخوله خطوة بعد خطوة إلى قلبيهما في حذر ولين وتحبب، مع الإشارة إلى فضل الله تعالى، وشكره على نعمة التوحيد والإيمان.

قال ابن بطال - رحمه الله -:
"المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس، وترك الإغلاظ في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة". ابن حجر، فتح الباري (10/545).

والفرق بين المداهنة والمداراة: أن المداراة مدافعة الخصم حتى تصل إلى مطلوبك، أما المداهنة: فهي موافقة الخصم والرضا بما يصدر منه من قول باطل أو عمل مكروه.

"فالمحاور الذكي الناجح هو الذي يحسن مداراة خصمه، والحذر منه، فيحتاط في ذلك، ويحترز عن كل ما يسيء إليه أو يعطِّل سير الحوار أو يعكر صفو الجوِّ بين الطرفين". زمزمي، الحوار آدابه وضوابطه (ص502).

توقع المخالفة رغم الاقتناع:
قال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِين ﴾ [يوسف: 35].

معنى الآية: ثم ظهر لعزيز مصر وأصحابه - من بعد ما رأوا الأدلة على براءة يوسف - عليه السلام - أن يسجنوه إلى زمن يطول أو يقصر؛ مصلحة لهم؛ ومنعاً للفضيحة.

فهم قرّروا حبس يوسف - عليه السلام - بعدما ظهرت براءته، مع أنهم على قناعة بأنه على الحق.


وعلى هذا "ينبغي للمحاور أن يوطن نفسه لأن يخالفه الآخرون - ولو كان مصيباً على الحق - ولو أقام الحجج والبراهين، وحشد الأدلة والشواهد، ولو لم يبق لخصمه متمسكاً من شبهة أو دليل، فربما يقتنع الطرف الآخر داخلياً، وتستيقن نفسه أن محاوره على الحق، لكنه يجحد ويعاند، بتأثير عوامل نفسية...، أو سيطرة الهوى على العقل والقلب، وعند ذلك فقد لا يجدي معه منطق ولا دليل" زمزمي، الحوار آدابه وضوابطه (ص503).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.80%)]