عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 26-05-2021, 04:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

حكم الجهر أو الإسرار بالاستعاذة في الصلاة وفي غيرها

الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

أولًا: حكم الجهر بالاستعاذة، أو الإسرار بها في غير الصلاة:
ذهب جمهور القراء إلى أن القارئ يجهر بالاستعاذة في غير الصلاة.

قال مكي في «التبصرة»[1]: «المختار لجميع القراء المعول عليهم أن يبدأ بأعوذ بالله من الشيطان الرجيم» يعني جهرًا.

وذهب بعض القراء إلى أن القارئ يُسر بالاستعاذة.

وهو مروي عن حمزة[2]، ونافع[3]، وقيل: إن نافعًا لا يتعوذ[4].

قال مكي في «الكشف عن وجوه القراءات السبع»[5] بعدما ذكر القول بالإسرار: «لئلا يظن ظان أو يتوهم متوهم أنه من القرآن، أو أنه فرض لازم».

أما الذين اختاروا الجهر بها فقالوا: قد عُلِمَ يقينًا أنها ليست من القرآن، فلا محذور في الجهر بها، وهو أولى لإغاظة الشيطان، ودفع وساوسه، وتعليم الجاهل، وتذكير المستمع إلى غير ذلك من فوائد الجهر بها.


ثانيًا: حكم الجهر أو الإسرار بها في الصلاة:
ذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من القراء والفقهاء إلى مشروعية الإسرار بالاستعاذة في الصلاة: منهم الخلفاء الأربعة[6]، وعبدالله بن عمر[7]، وعبدالله بن مسعود[8]، وإبراهيم النخعي[9].

وبه قال أبوحنيفة[10]، وأحمد بن حنبل[11]، وهو قول للشافعي[12]، وقول مالك في قيام الليل[13].

وذهب بعض أهل العلم إلى الجهر بالاستعاذة في الصلاة وهو مروي عن أبي هريرة[14].

وهو اختيار الشافعي في «الإملاء»[15] قال: «يجهر بالتعوذ، وإن أسر فلا يضر».

وقال بعضهم بالتخيير بين الجهر والإسرار. وهو قول للشافعي[16].


قال ابن أبي ليلى: «الإسرار والجهر سواء، هما حسنان»[17].

والصحيح من أقوال أهل العلم الإسرار بها، وعدم الجهر، إلا لحاجة كتعليم ونحوه.

قال السرخسي[18]: «لأن الجهر بالتعوذ لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان يجهر به لنقل نقلاً مستفيضًا...».

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية[19]: «الجهر بالتعوذ أحيانًا للتعليم ونحوه لا بأس به، كما كان عمر بن الخطاب يجهر بدعاء الاستفتاح مدة[20]... وأما المداومة على الجهر بذلك فبدعة مخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، فإنهم لم يكونوا يجهرون بذلك دائمًا، بل لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جهر بالاستعاذة والله أعلم».

وقال ابن الجزري[21]: «المختار في الصلاة الإخفاء».

ولكن إذا جهر الإمام ولم يسكت فهل يستعيذ المأموم أو لا، فيه قولان لأهل العلم، وهما روايتان عن الإمام أحمد[22]؛ القول الأول يستعيذ، والثاني لا يستعيذ. قال ابن تيمية[23]: «وهو أصح، وهو قول أكثر العلماء كمالك والشافعي، وكذا أبوحنيفة فيما أظن».

قلت: وقد اختار القول الأول بأنه يستعيذ كما يبسمل- وإن لم يسكت الإمام- تبعًا لقراءة الفاتحة بعض أهل العلم[24].


المصدر: « عون الرحمن في تفسير القرآن »


[1] ص(246).

[2] انظر: «التبصرة» ص(245)، «الإقناع في القراءات السبع» (1 /152)، «النشر» (1 /252).

[3] انظر: «الإقناع في القراءات السبع» (1 /152).

[4] انظر: «التبصرة» ص(245)، «الكشف عن وجوه القراءات السبع» (1 /12)، «النشر» (1 /252-253).

[5] (1 /11).

[6] انظر: «المحلى» (3/249)، «مجموع الفتاوى» (22/405).

[7] أخرجه عن ابن عمر الشافعي في «الأم» (1 /107)، والبيهقي في الصلاة- باب الجهر بالتعوذ والإسرار به. من طريق الشافعي (2/36).

[8] انظر: «المحلى» (3 /249).

[9] أخرجه عن النخعي عبدالرزاق- في الصلاة- باب ما يخفي الإمام (2596-2597).

[10] انظر: «المبسوط» (1 /13)، «فتح القدير» لابن الهمام (1 /291).

[11] انظر: «مسائل الإمام أحمد» رواية ابنه عبدالله ص(76)، «المغني» (3 /146).

[12] انظر: «الأم» (1 /107)، «المهذب» (1 /79)، «المجموع» (3 /324).

[13] انظر: «النشر» (1 /254).

[14] أخرجه عن أبي هريرة- الشافعي- في «الأم» (1 /107)، والبيهقي في الصلاة- الجهر بالتعوذ والإسرار به من طريق الشافعي (2 /36).

[15] انظر: «المجموع» (3 /324)، «تفسير ابن كثير» (1 /32).

[16] انظر: «الأم» (1 /107)، «المجموع للنووي» (3 /324)، «تفسير ابن كثير» (1 /32).

[17] انظر: «المجموع» (3 /326).

[18] في «المبسوط» (1 /13).

[19] انظر: «مجموع الفتاوى» (22 /405).

[20] أخرج مسلم- في الصلاة (299)- عن عبدة أن عمر بن الخطاب كان يجهر بهؤلاء الكلمات، يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك». كما جهر ابن عباس في قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة، وقال: «لتعلموا أنها سنة» أخرجه البخاري- في الجنائز (6235).

[21] في «النشر» (1 /253-254).

[22] انظر: «المسائل الفقهية» (1 /116).

[23] انظر: «مجموع الفتاوى» (22 /341)، وانظر: (23 /280-282).

[24] انظر ما يأتي في حكم قراءة البسملة في الصلاة، وحكم قراءة الفاتحة في حق المأموم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]