عرض مشاركة واحدة
  #42  
قديم 01-04-2024, 05:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,788
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(42)

من نِعم الله على المؤمنين

اعداد: الفرقان



الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
سورة الفتح
باب في قوله تعالى {وهو الذي كف أيدهم عنكم} الآية
2165. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ [ مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ مُتَسَلِّحِينَ، يُرِيدُونَ غِرَّةَ النَّبِيِّ [ وَأَصْحَابِهِ، فَأَخَذَهُمْ سِلْمًا فَاسْتَحْيَاهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}.
الشرح:
في سورة الفتح ذكر حديث عن أنس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ} (الفتح: 24)، وقد رواه الإمام مسلم رحمه الله في التفسير.
- يقول أنس رضي الله عنه : «إن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم متسلّحين» ثمانون رجلا هبطوا عليه يعني نزلوا عليه، وكانوا من جبل التنعيم، وهم متسلحون بالسلاح، جاءوه «يريدون غرته» أي: أن يأخذوه وأصحابه على حين غرة، يعني على حين غفلة، يريدون بذلك قتل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لكن الله سبحانه وتعالى كفّ أيديهم عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، وامتن الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالعافية والسلامة من شرّ الكفار، فقال في الآية {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ...} أي: فلم ينالوكم بسوء، ولم يقتلوا منكم أحدا، بل لم يجرحوا ولم يصيبوا أحدا منكم بسوء، بل وجدوهم منتبهين، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
{وأيديكم عنهم} وأيضا فإنّ الله عز وجل لم يسلط الرسول وأصحابه على المشركين، فما قتلوا منهم أحداً.
وقوله «فأخذهم سلما» بفتح السين واللام، وفي وجه: سلما بإسكان اللام وفتح السين وكسرها، ومعناه أنهم أخذوهم سلما من غير قتال، وبالفتح في الوجه الأول أي: أخذوهم أسرا، أي أسروهم جميعا فلم يقتلوا منهم أحدا، والسَلَم معناه الاستسلام، والاستسلام يكون عند الأسر، كما قال الله عز وجل {وألقوا إليكم السلم} النساء: 90. أي الانقياد وأسلموا أنفسهم. والسلم يطلق على الواحد والاثنين والجماعة، فهذا يدل على أنهم أُخذوا سلما وصلحا، ولم يأخذوا قهراً ولا قتالا، وقد يكون صولحوا على ذلك، أي: قيل لهم: ألقوا السلاح ولا نمسكم بسوء، فحصلت مفاوضة بينهم وأخذهم النبي صلى الله عليه وسلم سلما.
وقوله: «فاستحياهم» يعني أبقاهم أحياء، كما في قوله تعالى {ويستحيي نساءهم} فالله تعالى كفّ أيدي المشركين عن المسلمين، وأيدي المسلمين عن المشركين، لما جاؤوا يصدون رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه عام الحديبية عن البيت الحرام والعمرة، وهو المراد بقوله {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم}.
{بِبَطْنِ مَكَّةَ} ببطن مكة أي بالحديبية؛ لأن الحديبية منطقة قريبة من الحرم، بل أكثرها داخل في الحرم، وكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا حانت الصلاة يذهب إلى الجزء الواقع في الحرم ليصلي فيه، لأن الصلاة في الحرم أكثر أجرا من الصلاة في الحل طبعا، وهذا غير الأجر الذي يكون لمن صلى بالمسجد الحرام بمسجد الكعبة، فإن الصلاة فيه بمائة ألف كما صح في الحديث، أما الصلاة بالحرم فهي أكثر أجرا، وإن كانت هي أقل من مائة ألف على الراجح.
{مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} من بعد أن أقدركم عليهم وسلّطكم، وكانت الغلبة لكم.
- وقيل: إن الآية في يوم فتح مكة، واستدل بها أبو حنيفة رحمه الله على أن فتح مكة كان عنوة لا صلحاً.
{وكان الله بما تعملون بصيرا} فيجازي كل عامل بعمله، ويدبر أموركم أيها المؤمنون بتدبيره الحسن.
من توقير النبي صلى الله عليه وسلم
سورة الحجرات
باب في قوله تعالى: {لا تَرفعوا أصواتَكم فوقَ صوتِ النبي} الآية.
2166. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، جَلَسَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فِي بَيْتِهِ وَقَالَ: أَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَاحْتَبَسَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَقَالَ: «يَا أَبَا عَمْرٍو، مَا شَأْنُ ثَابِتٍ، أشْتَكَى؟» قَالَ سَعْدٌ: إِنَّهُ لَجَارِي، وَمَا عَلِمْتُ لَهُ بِشَكْوَى. قَالَ: فَأَتَاهُ سَعْدٌ فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ ثَابِتٌ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْفَعِكُمْ صَوْتًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ! فَذَكَرَ ذَلِكَ سَعْدٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ».
الشرح:
سورة الحجرات وفيها حديث أنس أيضا رضي الله عنه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية (الحجرات: 2).
وهذا الحديث رواه الإمام مسلم في كتاب: صفة الإيمان، وبوب عليه النووي رحمه الله باب: مخافة المؤمن أن يحبط عمله.
يقول أنس بن مالك لما نزلت هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} (الحجرات: 2)
جلس ثابت بن قيس من صحابة رسول الله، وهو ابن شماس الأنصاري، وكان خطيب رسول الله من الأنصار، رفيع الصوت، وكان يتكلم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءته الوفود، فيخطب ويبين بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وبأمره، فلما نزلت هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} قال ثابت بن قيس: أنا من أهل النار! لأني كنت أرفع صوتي عنده، والله تعالى قال {أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}.
- أي: الذين يرفعون أصواتهم عند رسول الله تحبط أعمالهم، وهو تهديدٌ ووعيد من الله عز وجل للمؤمنين.
قال الإمام النووي: كان ثابت رضي الله عنه جهير الصوت، فكان يرفع صوته، وكان خطيب الأنصار، لذلك اشتدّ حذره أكثر من غيره، لأنه كان يرفع صوته بالخطابة.
لذلك قال: أنا من أهل النار، فاحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، يعني: انقطع عن المجيء، فلا يحضر مجالسه ولا يصلي معه، من شدة خوفه من الله، وحيائه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلذلك افتقده النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنه سعد بن معاذ وهو سيد الأوس، فقال له: «يا أبا عمرو، ما شأن ثابت أشتكى؟» يعني: انقطع عنا فلم نره، فهل هو مريض؟ أو هل به شكوى؟!
فقال سعد: «إنه لجاري، وما علمت له بشكوى» أي ما علمتُ أنه مريض، فهو جار لي وقريب.
قال: فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام سأل عنه وافتقده، فقال ثابت: أنزلت هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} (الحجرات: 2) ولقد علمتُ أني من أرفعكم صوتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي رواية أنه قال: قد حبط عملي وأنا من أهل النار؟!
فقال صلى الله عليه وسلم لسعد: «بل هو من أهل الجنة» يعني أخبره أنه من أهل الجنة وليس من أهل النار.
قال النووي: وفي هذا الحديث أيضا منقبة عظيمة لثابت بن قيس ]، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أنه من أهل الجنة، النبي صلى الله عليه وسلم بشّره أنه من أهل الجنة، وهذه فضيلة عظيمة لثابت بن قيس، وهو أحد المبشّرين بالجنة.
وفي هذه الآية دلالة على أن المسلمين يجب عليهم أن يحترموا رسول الله [ ويوقروه ويعظموه، فلا يرفعوا أصواتهم في مجلس حديثه وكلامه إذ كان حياً، وهكذا بعد موته، فلا يرفعوا صوتهم عند قبره، لأن هذا من الاحترام الواجب حتى بعد موته، وقد ورد في الصحيح: أن أمير المؤمنين عمر ] سمع رجلين يرفعان أصواتهما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال للسائب بن يزيد: ائتني بهذين! فقال لهما: من أين أنتما؟ فقالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضرباً، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله؟!
وهذا يدل على بقاء الاحترام والتوقير للنبي صلى الله عليه وسلم حتى عند قبره في مسجده وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، لأن رفع الصوت من ترك الاحترام.
وأيضا قد ورد في الآية حديث آخر: وهو ما رواه الإمام البخاري في صحيحه: من حديث ابن أبي مليكة قال: كادَ الخيّران أن يهلكا - يقصد أبا بكر وعمر - وذلك لما قدم وفد بني تميم فقال أبو بكر: يا رسول الله، استعمل عليهم الأقرع بن حابس، فقال عمر: لا بل استعمل عليهم آخر، فارتفعت أصواتهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي؟! فقال عمر: والله ما أردتُ خلافك؟! فعند ذلك نزلت هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} (الحجرات: 2) فكان عمر ] بعد ذلك إذا كلّم النبي صلى الله عليه وسلم يستفهمه من خفضه لصوته، يعني كان عمر بعد ذلك يُبالغ في خفض الصوت إذا تكلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول له: «ماذا قلت؟».
وذلك أنه تأدّب بهذا الأدب الرباني، الذي أدّب الله تعالى به المؤمنين.
وهذا الأدب هو الأدب الثاني في سورة الحجرات، أما الأدب الأول فيقول الله سبحانه وتعالى فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(الحجرات: 1).
{لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} يعني: لا تقدموا رأياً ولا حكما ولا شيئا إلا بعد أن تعلموا كلام الله ورسوله، ولا تقولوا هذا حلال وهذا حرام إلا بعد معرفة الشرع، هذا هو الأدب الأول.
- ثم ذكر الأدب الثاني: وهو خفض الصوت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أيضا يدل على وجوب احترام المؤمنين لرسولهم ونبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا كما قلنا في الحياة وبعد الممات، وفي حضوره وغيابه، فلا يجوز لإنسان أن يعارض حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، بعلمه أو بعقله ورأيه، أو بشك أو تردد في قبوله، أو تأويل باطل أو تحريف، أو أن يرفع صوته على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
- ثم قال الله تعالى بعد ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (الحجرات: 3).
أي أن الله سبحانه وتعالى قد امتحن القلوب بأنواع الشهوات وأنواع الشبهات، فالذي يغلّب جانب الشرع وجانب الأمر لله تعالى والنهي، فهذا الذي يكون قد امتحن الله قلبه فنجح في الامتحان، وحصلت له التقوى، أما من امتُحن فغلبته شهواته وغلبه هواه، فهذا الذي يكون من الخاسرين والعياذ بالله تعالى. ولا شك أن الإنسان الذي يغالب شهوته ويجاهد نفسه حتى يلزمها الشرع، ويجعلها تلزم الصراط المستقيم، ولا تحيد عنه، هذا أفضل من الإنسان الذي لم تعرض له شهوة، ولا شبهة فلم يجاهد نفسه، فالذي يجاهد نفسه على الحق، أرفع درجة من الذي لم يجاهدها على ما يحب الله سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى, فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}(النازعات:40- 41)
- وفي الحديث أيضا: أن المؤمنين ممنوعون من كثرة الكلام والقيل والقال، إذا جاءهم الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ إذ يجب عليهم السكوت والرضا والانقياد وعدم المعارضة، هذا هو الواجب، فالمؤمن ينقاد ويستسلم لأمر الله تعالى وأمر رسوله وهذا هو حقيقة الإسلام.
فالمؤمن المتبع يقول: بم أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وأما المتشكك فيقول: لِمَ أمر الله بذلك؟!
- وأيضا في هذا الحديث: سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحابه، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يتفقد أصحابه ويسأل عمن غاب منهم، فلما افتقد ثابت قال: ما فعل ثابت، أين ثابت؟ هل هو يشتكي؟ هل هو مريض؟ فمن هديه صلى الله عليه وسلم تفقده لأصحابه إذا غابوا، فإن كان أحدهم مريضاً، زاره وعاده في بيته ودعا له، وإن كان حصل له شيء منعه أعانه، وهذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم وحبه لهم.
- وأيضا: في هذه الآية وجوب الخوف والحذر من خاتمة السوء، لأن الله تعالى قال {أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} (الحجرات: 2).
فعلى المسلم أن يخاف من الأمور التي تحبط الأعمال، كالرياء أو الشرك أو المنّ بالصدقات والأذى، ونحوها، فقد يكون له عمل صالح لكن قد يعرض له أمر من الأمور، تهلك فيه أعماله الصالحة، فالمؤمن يخاف على عمله أن يحبط، ولا يثق بنفسه، وإنما يثق بربه سبحانه وتعالى ويستعين به ويسأله الثبات، ولا يقول: أنا واثق بنفسي؟! أو أنا واثق بأعمالي؟!.. لا، بل يجب أن يثق بالله سبحانه وتعالى، فالإنسان ضعيف، كما قال عنه ربه سبحانه {وخلق الإنسان ضعيفا}
هذا وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.94 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.28%)]