عرض مشاركة واحدة
  #52  
قديم 21-03-2022, 09:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد


المحرر في أسباب نزول القرآن
المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الاول

سُورَةُ البَقَرَة
من صــ 279 الى صـ 283
الحلقة (52)

وكذلك فعل أبو الطيب شمس الحق أبادي حيث قال: والمنزل قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ).
ولعل اختيارهما لهذه الآية عائد إلى الغالب، إذ عامّة المطلقات إنما يُطلقن بعد الدخول بهن، وقبل إياسهن من المحيض، وهنّ حوائل.
وإلا فإن عِدَدَ المطلقات متفاوتة، فمن المطلقات من تعتد بوضع الحمل، فيما إذا كانت حاملاً، ومنهن من تعتد ثلاثة أشهر كالآيسة، والصغيرة التي لم تحض، ومنهن من لا عدة عليها كالتي طُلقت قبل الدخول.
وإذا نظرنا إلى الحديث، ومدى مناسبته لنزول الآية وجدنا المطابقة بينهما تامة من جميع الوجوه، مما يدل على أنه سبب نزولها.
* النتيجة:
أن الحديث الذي معنا سبب نزول الآية الكريمة لصحة سنده، وموافقته للفظ الآية، وسياق الآيات وتصريحه بالنزول والله أعلم.
* * * * *

21 - قال الله تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج الترمذي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان الناس، والرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها، وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة أو أكثر حتى قال رجل لامرأته: واللَّه لا أطلقك فتبيني مني، ولا آويكِ أبداً. قالت: وكيف ذاك؟ قال: أُطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها فسكتت عائشة حتى جاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبرته، فسكت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى نزل القرآن: ((الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) قالت عائشة: فاستأنف الناس الطلاق مستقبلاً من كان طلق ومن لم يكن طلق.
وأخرجه مالك عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلاً.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة وهذا الذي عليه جمهور المفسرين كالطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والطاهر بن عاشور فقد ذكروا هذا الحديث عند سياقهم لتفسيرها.
قال الطبري: (ذِكر من قال إن هذه الآية أُنزلت لأن أهل الجاهلية، وأهل الإسلام قبل نزولها لم يكن لطلاقهم نهاية تبين بالانتهاء إليها امرأته منه ما راجعها في عدتها منه، فجعل اللَّه تعالى ذكره لذلك حداً حرم بانتهاء الطلاق إليه على الرجل امرأته المطلقة إلا بعد زوج وجعلها حينئذٍ أملك بنفسها منه) اهـ.
وقال ابن العربي: (ثبت أن أهل الجاهلية لم يكن عندهم للطلاق عدد، وكان عندهم العدة معلومةً مقدرة) اهـ.
وقال ابن كثير: (هذه الآية رافعة لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام من أن الرجل كان أحق برجعة امرأته وإن طلقها مئة مرة ما دامت في العدة فلما كان هذا فيه ضرر على الزوجات قصرهم اللَّه إلى ثلاث طلقات وأباح الرجعة في المرة والثنتين وأبانها بالكلية في الثالثة) اهـ.
وقال السعدي: (كان الطلاق في الجاهلية واستمر أول الإسلام هو أن يطلق الرجل زوجته بلا نهاية، فكان إذا أراد مضارتها طلقها، فإذا شارفت انقضاء عدتها راجعها، ثم طلقها، وصنع بها مثل ذلك أبدًا، فيحصل عليها من الضرر ما اللَّه به عليم. فأخبر تعالى أن الطلاق الذي تحصل به الرجعة مرتان) اهـ.
وعندي - واللَّه أعلم - أن اتفاق جمهور المفسرين على المعنى الذي دلَّ عليه حديث عروة المرسل يدل على أن لهذا أصلاً ثابتاً حملهم على القول بمقتضاه واللَّه أعلم.
* النتيجة:
أن الحديث الذي معنا، وإن كان الصحيح فيه الإرسال، هو سبب نزول الآية لصحة سنده إلى عروة، وتصريحه بالنزول، واحتجاج المفسرين به وتعويلهم عليه واللَّه أعلم.

22 - قال اللَّه تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج مالك عن ثور بن زيد الديلي، أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها. كيما يُطول بذلك عليها العدة ليضارها فأنزل الله تبارك وتعالى: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) يعظهم الله بذلك.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول الآية وهو المروي عن ابن عبَّاسٍ ومجاهد والحسن وقتادة والضحاك والربيع والزهري، والسدي وغيرهم.
قال الطبري: (أي لا تراجعوهنّ إن راجعتموهن في عددهن مضارةً لهن لتطولوا عليهن مدة انقضاء عددهن أو لتأخذوا منهن بعض ما آتيتموهن بطلبهن الخلع منكم لمضارتكم إياهن بإمساككم إياهن ومراجعتكم إياهن ضراراً واعتداءً) اهـ.
وقال القرطبي: (وهذا الخبر موافق للخبر الذي نزل بترك ما كان عليه أهل الجاهلية من الطلاق والارتجاع حسب ما تقدم بيانه عند قوله تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ) فأفادنا هذان الخبران أن نزول الآيتين المذكورتين كان في معنى واحد متقارب وذلك حبس الرجل المرأة ومراجعته لها قاصداً إلى الإضرار بها وهذا ظاهر) اهـ.
* النتيجة:
أن السبب المذكور في نزول الآية ضعيف لا يصلح للاحتجاج لكنه معتضد بما يروى عن ابن عبَّاسٍ والتابعين في ذلك، وظاهر السياق القرآني يؤيد ذلك ويدل على أن له أصلاً لأن قوله: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) يدل على وجود شيء من ذلك وأن العلة لفعلهم هذا هي الاعتداء والظلم ولهذا كرر اللَّه في هذه الآية النهي والتذكير والعظة وختمها ببيان علمه بكل شيء وهذا يدل على تحذير بليغ وزجرٍ شديد.
فلولا وجوده ما بلغ الله في التحذير هذا المبلغ واللَّه أعلم.
* * * * *



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.02 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.12%)]