عرض مشاركة واحدة
  #564  
قديم 09-05-2021, 03:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (72)
الحلقة (295)

تفسير سورة النساء (75)


إن موالاة الكافرين ونصرتهم على المؤمنين لهو علامة بارزة من علامات النفاق، وقد بين الله عز وجل ما أعده في الآخرة للمنافقين، حيث جعل منزلهم في الدرك الأسفل من النار، فمن تاب منهم وأناب واعتصم بحبل الله وأخلص دينه له ووالى عباده المؤمنين فإن الله يتوب عليه ويؤتيه من لدنه أجراً عظيماً؛ لأن الله عز وجل القاهر فوق عباده لا حاجة له بعذابهم إن آمنوا وشكروا، فهو سبحانه الشاكر العليم.
مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة النساء
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والتي بعدها ندرس إن شاء الله كتاب الله القرآن العظيم؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، حقق اللهم لنا هذا الرجاء، إنك ولينا وولي المؤمنين.وما زلنا مع سورة النساء المدنية المباركة الميمونة، وها نحن مع هذه الآيات الأربع، والآية الأولى قد درسناها بإجمال في الليلة السالفة، وتلاوة الآيات الأربع بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا * إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا [النساء:144-147].هيا نكرر تلاوة الآيات ونتدبر؛ لأننا مأمورون بأن نفهم مراد الله من كلامه، بل لا بد وأن نحاول أن نفهم ما يريده الله منا، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا * إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا [النساء:144-147].
مناداة الله تعالى لعباده بعنوان الإيمان
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [النساء:144]، هذا نداء الله لنا معشر المؤمنين والمؤمنات! فالحمد لله، رب السموات والأرض، ورب العرش العظيم، ومن بيده كل شيء، ينادينا؟! الله أكبر، كيف فزنا بهذا الكمال حتى أصبحنا أهلاً لأن ينادينا الله؟! أما تذوقون المعنى الحقيقي لذلك؟ نضرب لكم مثلاً: لو أن الرئيس ناداك: أي فلان! فهل تفرح أم لا؟ أحسبك تنتفش ونغتر بذلك، فكيف بملك الملوك؟ برب السموات والأرض، ورب كل شيء؟! أما نفرح ونفتخر؟ فلبيك اللهم لبيك وسعديك، والخير بيديك، والشر ليس إليك.والذي شرفنا الله به حتى نادانا هو الإيمان بالله والتصديق الجازم بوجوده تعالى رباً وإلهاً، فلا رب غيره ولا إله سواه، كذلك والإيمان بأن محمداً رسول الله ونبي الله وخاتم الأنبياء، والإيمان بلقاء الله في الدار الآخرة، والإيمان بالملائكة والكتب وبكل ما أمرنا الله أن نؤمن به، ومن هنا جاء الشرف، ومن هنا جاء شرفنا وأصبحنا أهلاً لأن ينادينا رب العالمين؛ لأن الإيمان كما عرفتم صاحبه حي يسمع ويبصر ويعقل وينطق ويأخذ ويعطي.وأما الكافر فاقد الإيمان فهو في عداد الموتى، فهل تكلم ميتاً؟! قف على قبر وناد: يا عمر! يا عمر! افعل كذا، هل يسمع دعاءك؟ لا والله، ومن هنا تقرر عندنا يقيناً أن الإيمان بمثابة الروح، فمن آمن فهو حي، وأصبح أهلاً لأن يكلف بالأمر والنهي، ومن كفر فهو ميت، فهل تكلف ميتاً بأن يقوم فيتوضأ، أو أن تأمره بالصوم؟! لا والله، والدليل الشرعي العلمي المنطقي: أن أهل الذمة من أهل الكتاب تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله في دولة القرآن، لا يكلفون بصيام رمضان ولا بالصلاة، فإن قيل: كيف وهم مواطنون؟ قلنا: وإن كانوا مواطنين، فلا يكلفون بالصيام ولا بالصلاة، فإذا مر صاحب الهيئة، أي: الآمر بالمعروف وقال للذمي: صل! يقول له: أنا مسيحي، أنا يهودي، فهم أموات غير أحياء وما يشعرون، فهل عرفتم هذه الحقيقة أم لا؟كما أن هذا أيضاً يتوقف على كون الإيمان الذي حواه القلب هو الإيمان الصحيح الذي أراده الله تعالى من عباده وطالبهم به، لا مجرد إيمان مهزوز مدخول فيه الباطل، إذ صاحبه مريض يقوى على أن يقول مرة ويعجز مرة فلا يستطيع أن يقول، ويقدر على أن يفعل يوماً ويوماً آخر ما يستطيع، ولهذا يجب على المؤمنين أن يصححوا إيمانهم بالله تعالى.
الغرض من مناداة الله للمؤمنين
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [النساء:144]، من يجيب نداء الله؟ المؤمنون فقط، ولماذا ناداهم؟ قد تعلمنا وبينا للمؤمنين والمؤمنات: أن الله تعالى منزه عن اللهو واللعب، وأنه إذا نادى عباده فلا بد وأن ينادي لغرض سامٍ وشريف، وقد وجدنا بالتتبع أن نداءات الرحمن لأوليائه تسعون نداء، وتتبعناها فما وجدنا نداءً إلا ليأمرنا تعالى بما يعزنا ويسعدنا ويكملنا في الدارين، أو ينادينا لينهانا عما يشقينا ويذلنا ويخزينا في الدنيا والآخرة، أو نادانا ليبشرنا فتنشرح صدورنا وتطمئن نفوسنا ونثبت في مسيرتنا إلى دار السلام، أو ينادينا لينذرنا وليحذرنا من مواقف إذا لم نتنبه لها نسقط والعياذ بالله، أو يحذرنا من مواقف صاحبها لا ينجو إن وقع فيها، أو ينادينا ليعلمنا ما نحن في حاجة إلى معرفته. وقد جمعت هذه النداءات كلها ودرسناها هنا في بيت الله في ظرف ثلاثة أشهر أو يزيد، ووزع منها الآلاف، والآن وقف توزيعها؛ لأننا ما عملنا بما فيها، إذ لو انتفع بها المؤمنون لانتشرت في العالم الإسلامي بكامله؛ لأنها نداءات الله تعالى، أيناديك سيدك ولا تسمع؟! أيناديك سيدك ويطلب منك وتقول: لا؟ أأنت أقوى منه؟ أيناديك وينهاك وتقول: بل نفعل؟ مستحيل هذا لمن عرف سيده.كما قلنا: يجب أن يكون هذا الكتاب في بيت كل مسلم، بله يوجد في كل فنادق العالم، إذ اليهودي كالمسيحي كلاهما يعرف أن له رباً وإلهاً ينبغي أن يسمع منه، ويرى ما يطلب إليه وما يريده منه، والفنادق كلها كل سرير عنده كتاب مترجم بلغته العامة والخاصة، فهل فعل المسلمون هذا؟ والجواب: لا، لم؟ لأننا ميتون، وصدق الشاعر إذ يقول: لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
حرمة اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [النساء:144]، ينهانا ربنا فيقول: لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [النساء:144]، والكافرون جمع كافر، والكافر هو الجاحد لوجود الله رباً وإلهاً، ولرسالة محمد صلى الله عليه وسلم للعالمين، وللقاء الله والبعث الآخر، ولدار النعيم أو دار الشقاء.الكافر هو الذي لا يعترف بوجود الله رباً وإلهاً، ولا بالقرآن كتاب الله الحاوي لشرعه وما يريده من عباده، والكافر برسوله وما جاء به، والكافر بالبعث الآخر والدار الآخرة، والكافر بملائكة الله، فهذا الكافر ميت لا يُنادى، وهذا الكافر الذي يحذر الله عباده المؤمنين من أن يتخذوه ولياً لهم من دون المؤمنين.وعلى سبيل المثال القريب: يوجد في قريتكم بعض المسيحيين أو اليهود أو الكفار، فهل يجوز لك أن تتخذ كافراً ولياً تحبه وتهاديه وتجلس معه وتكره المؤمنين وتبتعد عنهم؟! وهل هذا الفعل دل على إيمان أو على كفر؟ والله على كفر؛ لأن الكافر ميت، فهل تنتفع بالميت؟! الميت لا ينفعك، وأيضاً الكافر يبغضه ربك ويكرهه، وأنت تحب من يكره سيدك؟! أيعقل هذا؟ مولاك وسيدك يكره فلان وأنت تحبه؟ قد أعلنت الحرب على الله وخرجت عن طاعته، وشيء آخر: أن هذا الكافر وسخ، فماذا تستفيد منه؟ هو لا يذكر الله تعالى، ولا يصلي على نبيه، ولا يعرف حلالاً ولا حراماً، ولا أدباً ولا أخلاقاً، فكيف إذاً تواليه؟! قد تنصبغ بصبغته وتصبح مثله والعياذ بالله، ولكن الموالاة الكبرى هي أن يتخذ المؤمنون كفاراً يوالونهم ويحبونهم ويقاتلون معهم إخوانهم المؤمنين، وهذا قد حدث في ظروف أيام الأندلس، فقد انقسم المسلمون وتفرقوا وأخذوا يستعينون بالكافرين على إخوانهم المؤمنين! ومن ثم هبط العالم الإسلامي.
الوعيد الشديد لمن اتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين
قال تعالى: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا [النساء:144]، فيا من يوالون الكافرين فيحبونهم وينصرونهم ويطلعونهم على أسرارهم، ويجلسونهم في ديارهم وبين إخوانهم، والمؤمنون بعيدون لا يحبونهم ولا يساعدونهم ولا ينصرونهم ولا يقفون إلى جنبهم، فهؤلاء يهددهم الرب تعالى بقوله: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا [النساء:144]، أي: سلطاناً واضحاً وحجة قوية؛ ليسلطهم عليكم أو ينزل بكم بلاءه وعذابه، فلا إله إلا الله إن هذا الاستفهام عجيب! أَتُرِيدُونَ [النساء:144]، يا من يوالون الكافرين ويعادون المؤمنين، يا من يحبون الكافرين ويكرهون المؤمنين، يا من يقفون إلى صفوف الكافرين ويخلون صفوف المؤمنين، يهددهم الرب تعالى فيقول: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا [النساء:144]، أي: حجة قاطعة بتعذيبكم وتدميركم وتسليط الكافرين عليكم، وقد فعل، أما حكمنا الشرق والغرب وأذلونا؟ من سلط بريطانيا على ممالك الهند فداستها برجليها؟ من سلط فرنسا على شمال إفريقيا فأذلوهم؟ حتى هولندا العجوز، ثلاثة عشر مليوناً من الكافرين يسودون مائة مليون من إندونيسيا. أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا [النساء:144]، بأن يسلط عليكم الكافرين فيذلونكم، وما أنتم بالسامعين، بل ما زلتم مستمرين على موالاة الكافرين ومعاداة المؤمنين، فهذا القرآن كلام الله لا زلتم تقرءونه على الموتى! فهل ينفع ذلك؟! اجلس على القبر واقرأ له شيئاً من القرآن هل يستمع أو ينتفع؟! ومرة أخرى أقول: الموالاة هي أنك تحب الكافر وتنصره على أخيك المؤمن، فتحبه بقلبك والله يكرهه، وأولياء الله يكرهونه وأنت تحبه لمنفعة مادية أو وسخ دنيوي، ثم تنصره على إخوانك المؤمنين! فإذا أنت استجبت لله وتركت وقلت: آمنا بالله، انتهينا، نجوت وفزت، وإن أصررت فالله عز وجل سيسلط ذلك الكافر وأهله عليك.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.77 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.68%)]