عرض مشاركة واحدة
  #562  
قديم 09-05-2021, 03:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (71)
الحلقة (294)

تفسير سورة النساء (74)


من صفات المنافقين الكذب والغدر والمخادعة، حتى إنهم لفرط جهلهم يحسبون أنهم عندما يظهرون الإيمان وينفقون في سبيل الله فإنهم بذلك يثبتون لله ولعباده المؤمنين صلاحهم وحسن حالهم، بينما هم في الحقيقة يخادعون أنفسهم ويغررون بها، فالله عز وجل محيط بهم، عالم بكذبهم ونفاقهم، ويظهر ذلك من قيامهم لصلاتهم، وحالهم عند ذكر ربهم، فهم حائرون ضائعون ليسوا إلى أهل الإيمان ولا إلى أهل الطغيان، ومصيرهم في الآخرة الدرك الأسفل من النيران.
تفسير قوله تعالى: (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم...)
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الإثنين من يوم الأحد ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال فداه أبي وأمي والعالم أجمع وصلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، حقق اللهم لنا رجاءنا هذا إنك ولينا ولا ولي لنا سواك.وما زلنا مع سورة النساء المباركة الميمونة، وها نحن مع هذه الآيات الثلاث، وتلاوتها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا [النساء:142+144].
ذكر بعض صفات المنافقين
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! من المخبر بهذا الخبر العظيم: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142]؟ أليس الله؟ بلى والله، فهذا كتابه وهذا رسوله أوحى إليه هذا الكتاب، ومن جملة آي هذا الكتاب هذه الآيات من سورة النساء، فاسمع إلى هذا الخبر العظيم، يقول الله تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142]، ولعل بين المستمعين والمستمعات من لم يعرف حقيقة النفاق والمنافقين.فأولاً: المنافق هو الذي يبطن الكفر ويخفيه ويستره في صدره، ويظهر الإسلام بلسانه وعمله، وهو لا يؤمن بالله ولا بلقائه ولا بمحمد ورسالته ولا بتوحيد الله، ولكن اضطر إلى أن يظهر الإسلام خوفاً على نفسه وماله، وقد وضع الرسول صلى الله عليه وسلم ضوابط لأصحابه حتى يعرفوا المنافق من المؤمن صادق الإيمان، وهذه الضوابط منها قوله صلى الله عليه وسلم: ( آية المنافق ثلاث )، أي: علامة المنافق من المؤمن الصادق المميزة له والمفرقة له ثلاث آيات: الأولى: ( إذا حدث كذب )، أي: إذا حدث أخاً من إخوانه أو إنساناً من الناس قريباً أو بعيداً فإنه يكذب، ويتلذذ بالكذب وخاصة إذا حدث مؤمناً صادقاً، ثانياً: ( وإذا وعد أخلف )، أي: إذا قال نلتقي ساعة كذا في مكان كذا فإنه يتأخر ولا يحضر، بل ويتلذذ بحضورك أنت هناك في الحر أو البرد؛ لأنه يرغب في أذيتك، فيعدك ثم يخلف وعده من أجل أن يؤذيك؛ لأنك ضده وعدوه، ثالثاً: ( وإذا أؤتمن خان )، أي: إذا ائتمنه إنسان على شيء ولو على كلمة فضلاً عن امرأة أو عن دينار أو درهم، فإنه يتلذذ بخيانتها؛ لأنه لا يؤمن بالله ولا يخاف الله، ولا يؤمن بالجزاء في الدار الآخرة، ويكره المؤمنين والمؤمنات.فيا رجال الإسلام خذوا هذا الضابط في نفوسكم فتستطيعون أن تعرفوا المنافقين من المؤمنين في مجتمعكم، لا بالسحر ولا بالضرب وبالعصا حتى يعترف، وإنما خذوا هذه الثلاث العلامات. مرة أخرى: ( آية المنافق )، أي: الدالة عليه، ( ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان )، ولنبرئ إلى الله جميعاً أن تكون فينا صفة من هذه الصفات.فأولاً: قد يحدث أحدنا ويكذب خطأً أو فهماً غير صحيح، لكن لا يتعمد الكذب، إذ لا يمكن أن يتعمد الكذب ويقصده ويقوله مؤمن بالله ولقائه.ثانياً: ( إذا وعد أخلف )، أي: إذا واعد أحدنا فيجب أن يفي، فإن عجز فلا حرج عليه، كأن واعدك اللقاء في مكان كذا فنسي، أو أنه نام وما استيقظ، أو حالت دون ذلك حوائل، أو يعدك بأن يعطيك كذا أو يأخذ منك كذا ثم ينسى أو يعجز، فهذا كله معفوٌ عنه؛ لعجزه ونسيانه، أما أن يعد ولا يفي وهو قادر على الوفاء، بل ويريد أن يؤذي هذا المؤمن فهذا هو المنافق، ولذا فلا ينبغي أن يوجد بين المؤمنين والمؤمنات من هذه صفاته.ثالثاً: ( إذا أؤتمن خان )، أي: إذا وِضع تحت يديك مال أو حيوان أو زرع أو امرأة أو أولاد يتامى، فيجب أن تحافظ على أمانتك، بل والله ترضى أن يضيع مالك ولا يضيع المال الذي هو أمانة عندك، وترضى أن تؤذى أنت في بدنك أو ولدك ولا ترضى أن يؤذى من أؤتمن عليه عندك وأنت المسئول عنه.فهل أنتم عازمون على صدق الحديث والوفاء بالوعد وحفظ الأمانة؟ نعم والله، فمن يوم أن قلنا: لا إله إلا الله ونحن هكذا، إذا وعدنا نفي، وإذا أؤتمنا لا نخن، وإذا حدثنا صدقنا، لكن إن وجدتم بين إخوانكم من على هذا المنهج السيئ فسببه أن إيمانه فيه شيء، إذ ما عرف الله ولا أحبه ولا خافه، ولا عرف ما عنده لأوليائه ولا ما لديه لأعدائه، وبالتالي كيف يخافه؟! عدنا من حيث بدأنا، إنه الجهل وظلمته.ويقول صلى الله عليه وسلم: ( أربع من كان فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق )، الثلاث الأولى والرابعة هي: ( وإذا خاصم فجر )، أي: إذا خاصم فإنه يخرج عن اللياقة والأدب والصدق والحق، وما يستقيم في مخاصمته، فيكذب ويزيد وينقص ويقول الباطل، ومعنى(فجر): أي: خرج عن الطريق وما استقام في خصامه، إذاً: يحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من النفاق ومن أهله؛ لأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم.
بيان كيفية مخادعة المنافقين لله تعالى
وهذا كتاب الله عز وجل بين أيدينا، فهيا نسمع عن الله ما قال في المنافقين: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ [النساء:142]، كيف يخادعون الله؟ يظهرون الإيمان والإسلام ويقولون: لا إله إلا الله، وإذا دعوا إلى المال أنفقوا، وإلى الجهاد خرجوا، فهذا خداع لله، ويظنون أن الله لا يعلم عنهم شيئاً، وهو تعالى: خَادِعُهُمْ [النساء:142]، ولذا لم يفضحهم، إذ لو شاء لأنزل: يا أيها الذين آمنوا إن عبد الله بن أبي وفلان وفلان -بأسمائهم- منافقون، فيفضحهم ويقتلون، ولكن يسترهم، وبالتالي فيظنون أن الله لا يعرف عنهم أو لا يقدر على فضحهم أو على تسليط الرسول عليهم، وهذا معنى خداع الله لهم.
من صفات المنافقين: القيام للصلاة بكسل
وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ [النساء:142]، أي: المفروضة، فإنهم يقومون كُسَالَى [النساء:142]؛ لأنهم لا يريدون أن يصلوا، إذ إنهم يقولون: لا فائدة من الصلاة! ولا لوم فهم ما آمنوا بلقاء الله وما عند الله، وهذه هي محنة وعلة الكفر وظلمة النفس.
من صفات المنافقين: مراءات الناس بأعمالهم
يُرَاءُونَ [النساء:142]، إذ لو أنهم يعرفون أن جارهم لا يطلع عليهم فإنهم لا يصلون، لكن من أجل أن يروا الناس أنهم يصلون، ولهذا فإن أثقل صلاة عليهم هي صلاة العشاء والصبح، فيكربون ويحزنون، فالعشاء وقت راحة واستجمام من الحرث أو الزراعة أو غيرها من الأعمال، وبالتالي فيشق عليهم أن يخرجوا متوضئين في الظلام، لكن لو أن هناك كهرباء فإنهم سيعرفون.إذاً: ما هو الحل؟ يخرج من يخرج منهم في أشد الألم، فيصليها وهي ثقيلة عليه كالجيل، والصبح كذلك، فيأتي المسجد في الظلام والناس نيام، لكن يخافون أن يتعهدهم المؤمنون: أين فلان؟ لمَ لم يحضر الليلة؟ هل صلى معنا؟ فهم يصلون لا لله وإنما للدفع عن أنفسهم المعرة والمذمة. يُرَاءُونَ النَّاسَ [النساء:142]، ما المراد بالناس؟ المؤمنون المسلمون حقاً، فالمنافقون يراءون بصلاتهم وبأعمالهم كلها؛ حتى يستروا على أنفسهم نفاقهم وكفرهم.ومن هنا معاشر المستمعين والمستمعات! الرياء شرك، والرياء يعني: مراءاتك الناس عبادة الله لتدفع عنك المعرة والمذمة، أو لتكتسب حمداً وثناء، أو لتدفع عنك البلاء والعذاب، فهذه العبادة باطلة وصاحبها في النار، ولذلك فاعبد الله بأي نوع من العبادات ولا تلتفت إلى أحد، بل لا هم لك إلا الله، سواء كان رباطاً أو جهاداً أو إنفاقاً أو صياماً أو صلاة، لا تلتفت إلى مخلوق أبداً، والرسول يقول: ( إياكم والشرك الأصغر )، قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: ( الرياء )، يحسن أحدنا صلاته ويزينها من أجل أن يقال: فلان صلاته حسنة. فاحذروا الرياء أيها المؤمنون! والآية واضحة في ذلك: يُرَاءُونَ النَّاسَ [النساء:142]؛ لأنهم ما عرفوا الله ولا عرفوا ما عنده ولا أحبوه ولا خافوه، وبالتالي فماذا يصنعون بهذه الصلاة؟ يروها الناس ليحمدوهم، أو حتى لا يذموهم أو يكفروهم، ولذا فلنعمل على تطهير قلوبنا من هذه الشركيات.
من صفات المنافقين: قلة ذكر الله تعالى
وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:142]، فمثلاً في الصلاة ما يقول: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، وإن ذكر فمرة واحدة في الركوع والسجود، أما خارج الصلاة فلا يذكرون الله أبداً، إذ كيف يذكرونه وهم لا يحبونه ولا يخافونه بل وما عرفوه؟! ما يريدون أن يعلموا أبداً، أما المؤمنون فلا يراءون في عبادتهم غير الله تعالى، ويذكرون الله كثيراً.روى مالك في الموطأ عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان صلاة المنافقين أنه قال: ( تلك صلاة المنافقين، ثلاث مرات )، وبينها فقال: ( يجلس أحدهم يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان )، أي: ما يصلي العصر وإنما يأكل يضحك يلعب مع أولاده حتى إذا كادت الشمس أن تغرب أو تقع على قرني الشيطان، أي: أن الشيطان يصور نفسه كأنه كبش أو ثور ويحمل الشمس على رأسه، وقد زين الشيطان للناس عبادة الشمس من دون الله تعالى، وبعيني هاتين قد رأينا عابداً للشمس في الهند وهو واقف يعبد الشمس حتى غربت، ثم أخذ يسعى كما نسعى بين الصفا والمروة!والشاهد عندنا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم كما في رواية مالك: ( يجلس أحدهم يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان أو على قرني شيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلا )، أي: نقر أربعاً كما ينقر الديك الحبَّ.وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود )، أي: لا تجزئ صلاة لا يقيم فيها المصلي صلبه وهو راكع أو ساجد، أما أن يقول: الله أكبر، الله أكبر فهي باطلة، وهذه قد تورط بها بلايين المسلمين والجهال، وخاصة قبل هذه الدعوة الإصلاحية الجديدة، فقد كانت الصلاة تؤدى بسرعة عجيبة، وليس فيها طمأنينة ولا خشوع؛ لأنهم ما عرفوا الله تعالى، والآن وبعد أن جدت هذه الصورة فلا بأس بها، وسببها هي المعرفة، فعند جماعة التبليغ الصلاة ذات الخشوع، فعلموا الناس كيف يخشعون في الصلاة.إذاً: وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:142]، في الصلاة أقل ما تسبح في الركوع تقول: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات، وفي السجود سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات، وإن رفعت قلت: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وهذا أدناه، وإن جلست بين السجدتين قلت: ربي اغفر لي وارحمني وعافني واهديني وارزقني، أما الله أكبر الله أكبر فتدخل في سلك المنافقين والعياذ بالله.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.05 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.67%)]