الموضوع: قواعد
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 27-03-2021, 12:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,529
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قواعد

قواعد: (4)

أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ..


أسماء محمد لبيب




مَا إن يبدأُ ولدُكِ في إدراكِ مفاهيمَ الحياةِ مِن حَولِهِ، فإنَّ أولَ مَطلُوبٍ تُلَقِّنينَهُ إياهُ بَعدَ التوحيدِ هو: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}
وربما ذلكَ قَدْ يَبدأُ بعدَ إتمامِه لعامِه الثانِي واللُه أعلم، فهذا الشَّطرُ من الآيةِ قد جاءَ بعدَ: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْن}
ولكن إنِ استوعبَ الأمرَ قبلًها فبادرٍي، فالعِبرَةُ بالاستيعاب..
فما إنْ يَعقِلُ مَفاهِيمَ التواصُلِ والامتنانِ، لَقِّنِيهِ شُكرَ أصحابِ الإنعامِ الأكبرِ عليهِ في حياتِه:
-ربِّه تباركَ وتعالَى أولًا، خالقِه ورازِقِه،
-ثم أمِهِ وأبيهِ ثانيًا، مَنْ جَعَلَهُما اللهُ سببًا في وُجُودِه ورِزقِهِ وعافيتِه وسعادتِه..

وكما هو معروفٌ أنَّ الشكرَ أصلُ العبادةِ للهِ عز وجل وأَصلٌ في تَحَقُّقِها حيث قال تعالى: {وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }
فهو كذلك من أسبابِ ((التعلقِ والارتباطِ الشعوري)) عمومًا، بولِيِّ الفَضلِ والنِّعمَةِ،
ومن أقوَى أسبابِ الإحساسِ بالسكنِ معَهُ وحُبِّ الانقيادِ لَه،
بسببِ الشعورِ العميقِ بالامتنانِ والتقديرِ تجاهَه..


ولا شكَّ أن هذا يكونُ مِن أقوَى الأسبابِ المُحَفِّزَةِ للنفسِ على البِرِّ والطاعةِ والتسليمِ بينَ يَدَيِ المُرَبِّي عُمومًا،
وبالتالي يُقَوِّي من الاستجابةِ للتقويمِ والتوجِيهِ والتربيةِ على الإسلامِ والاستقامةِ،
وتسليمِ الزِّمامِ طواعيةً بسَهُولةٍ ولِينٍ ويقينٍ وثِقَةٍ وحُبّ..

فمَنْ يَشكُرْ للهِ = سيَعبُدُه ويُطيعُه ويَبَرُّهُ ويَستسلِم لَهُ ويَخضَعُ بين يَدَيهِ..
ومن يشكرْ لوالديهِ = سيُطُيعُهُما ويَبَرُّهُما ويَنقادُ لهما بالمعروفِ ويَخفِضُ لهما الجناحَ ويَلِينُ بينَ يَديهِما..

ولذلكَ نجدُ التفكُكَ المُجتَمَعِيَّ في أعلَى صُوَرِه مَوجُودًا في المجتمعاتِ الغربيةِ الحديثة،
إذْ إنَّ من أقوَى أسبابِ انهيارِ المُجْتمَعات:
هَدمُ مَفهومِ بِرِّ الوالدينِ في الأُسرةِ،
والتسخيفُ مِن قِيمةِ الالتزامِ نحوَهُما بِشَيْء،
وكَسْرُ هيبتِهِما في عُيونِ الأبناء،
وانتشارُ ثقافةِ الاستغناءِ عن أبيكَ وأمِّكَ ودعواتِ التخلُّصِ من هيمنةِ الكِبارِ والسُّلطَةِ الأَبَوِيَّة،
والتهوينُ من قُبحِ جُحُودِ نِعمَتِهِمْ أو مِن كَربِ العَيْشِ بِدُونِهِمْ،
وبالتالي تَمَرُّدُ الأبناءِ على توجِيهاتِ الآباءِ وقُيُودِهم..
ولا يَخفَى على كُلِّ عاقلٍ ما نَتَجَ عن ذَلِكَ مُجْتَمَعِيًّا ودِينيًا وإنسانيًّا، ولا حَولَ ولا قوةَ إلا بالله..

فالحمدُ للهِ على نِعمةِ الإسلامِ، الذي قَرَنَ بِرَّ الوالِدَينِ، والامتنانَ لنِعَمِهِمَا، وطاعتَهُمَا في المَعروف،
بتمامِ العُبودِيَّةِ للمُنْعِمِ الأعظمِ وشُكرِهِ عَزّ وجَل، وخَوَّفَ من التفريطِ في ذلك،بِيَوْمِ الجَزَاءِ والحِسابِ قائلًا:
{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ... إليَّ المصير}

لكن أيتها الأمُّ الطيبة،،،
أهَمُّ ضامِنٍ لفعاليةِ هذهِ القاعدةِ مَعَكِ بإذن الله، هو ألا تُلَقِّنِيها لوَلَدِكِ بطريقةٍ فيها ((مَنٌّ وأذَى))..
وإنما بطريقةٍ تُنَشِّؤُهُ على أنَّ الأدبَ، والمُرُوءةَ، والخُلُقَ القَوِيمَ، وعَيْنَ الإسلامِ والإيمانِ:
-الامتنانُ لِرَبِكَ،
-والامتنانُ لوالِديْكَ..

وهنا يأتِي سؤالٌ: ألَا يجلِبُ امتنانُهم لنا وإجلالُهم إيانا، التَروِيضَ المُمَيْكِنَ، بدلًا من التربيةِ التَزكَوِيَّة؟
والإجابةُ في القاعدة القادمةِ بإذن الله..



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.76 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.80%)]