عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 16-03-2022, 08:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,464
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان


شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 451الى صــ 465
(30)
المجلد الاول
كتاب الصيام






557 - كما روت عائشة وابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالاً يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذن لكم ابن أم مكتوم». متفق عليه.
وفي رواية لأحمد والبخاري: «فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر». قال ابن شهاب: وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت.

فقد أجاز الأكل إلى حين يؤذن ابن أم مكتوم, مع قوله: «إنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر» , ومعلوم أن من أكل حين تأذينه؛ فقد أكل بعد طلوع الفجر؛ لأنه لا بد أن يتأخر تأذينه عن طلوع الفجر ولو لحظة.
558 - وعن أبي سلمة, عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده؛ فلا يضعه حتى يقضي حاجته». رواه أبو داوود بإسناد جيد.
ومعلوم أنه أراد النداء الثاني الذي أخبر أنه بعد طلوع الفجر.
559 - وعن قيس بن طلق, عن أبيه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلوا واشربوا, ولا يهدينكم الساطع المصعد, وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر». رواه أبو داوود والترمذي وقال: حسن غريب من هذا الوجه وقد اعتمده أحمد.

560 - وعن حذيفة؛ قال: كان بلال يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر, وإني لأبصر مواقع نبلي. قلت: أبعد الصبح؟ قال: «بعد الصبح؛ إلا أنها لم تطلع الشمس». رواه أحمد والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح.
561 - وعن حكيم بن جابر؛ قال: جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر, فقال: الصلاة. فذهب ثم رجع, فقال: الصلاة. ثم ذهب ثم رجع, فقال: يا رسول الله! لقد أصبحنا. فقال: «يرحم الله بلالاً, لولا بلال؛ لرجونا أن يرخص لنا إلى طلوع الشمس». رواه سعيد وأبو داوود في «مراسيله».
562 - وعن مسروق؛ قال: لم يكونوا يعدون الفجر فجركم, إنما يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق.
563 - وعن إبراهيم التيمي, عن أبيه, عن حذيفة؛ قال: «خرجت معه في رمضان إلى الكوفة, فلما طلع الفجر؛ قال: هل كان أحد منكم آكلاً أو شارباً؟ قلنا: أما رجل يريد الصوم؛ فلا. فقال لكني. ثم سرنا, حتى إذا استبطأته بالصلاة, فقال: هل كان منكم أحد آكلاً أو شارباً؟ قلنا: أما رجل يريد الصوم؛ فلا. قال: لكني, فنزل فتسحر ثم صلى».
564 - وعن حبان بن الحارث؛ قال: «أتيت عليّاً وهو معسكر بدير أبي موسى, فوجدته يطعم, فقال: ادن فاطعم. قال: قلت: إني أريد الصيام. قال: وأنا أريد الصيام: قال: فطعمت معه, فلما فرغ؛ قال: ابنَ التياح! أقم الصلاة».
والصحيح الأول, وأنه إذا دخلت الصلاة؛ حرم الطعام؛ لأن الله تعالى قال: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}.
[فمنه أدلة:
أحدها: قوله: {الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ}] , ولو كان المراد به انتشار الضوء؛ لقيل الخيط الأحمر؛ فإن الضوء إذا انتشر ظهرت الحمرة.
الثاني: أن الخيط الأبيض يتبين منه الأسود بنفس طلوع الفجر, فينتهي وقت جواز الأكل والشرب حينئذ.
الثالث: تسميته لبياض النهار وسواد الليل بالخيط الأبيض والخيط الأسود دليل على أنه أول البياض الذي يبين في السواد مع لطفه ودقته؛ فإن الخيط يكون مستدقاً.
الرابع: قوله: {مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}: دليل على أنه يتميز أحد الخيطين من الآخر, وإذا انتشر الضوء؛ لم يبق هناك خيط أسود.
وأيضاً؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعدي: «إنما هو بياض النهار وسواد الليل» , فعلم أنه أول ما يبدو البياض الصادق يدخل النهار, كما أنه أول ما يقبل من المشرق السواد يدخل الليل.
وأيضاً؛ فإنهم كانوا أولاً يربط أحدهم في رجليه خيطاً أبيض وخيطاً أسود, فنزل قوله: {مِنَ الْفَجْرِ}؛ لرفع هذا التوهم.
ثم إن عديّاً رضي الله عنه جعل تحت وسادته عقالين أبيض وأسود, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن وسادك لعريض» , وهو كناية عن عرض القفا الذي يكنى به عن قلة الفهم.

وفي رواية: أنه قال له: «يا ابن حاتم! ألم أقل لك: من الفجر, إنما هو بياض النهار وسواد الليل».
فهذا نص من النبي صلى الله عليه وسلم: أن الانتظار إلى أن يتبين مواقع النبل وينتشر الضوء حتى يتبين العقال الأبيض من الأسود غير جائز, وأن بعض المسلمين كان قد غلط أولاً في فهم قوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} ثم نزل قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} , وغلط بعضهم في فهمها بعد ذلك.
وأيضاً قوله: «ولكن يقول هكذا» وفرق بين السبابتين. وقوله: «لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل في الأفق».
وفي لفظ: «نداء بلال وهذا البياض حتى ينفجر (أو: يطلع) الفجر»:
دليل على أنه متى ظهر البياض المعترض المنتشر الذي به ينفجر الفجر؛ فقد حرم الطعام.
وقد بين ذلك قوله: «وأما الذي يأخذ الأفق؛ فهو الذي يحل الصلاة ويحرم الطعام». فبين أن الذي به تحل الصلاة ويحرم الطعام.
وأما حديث حذيفة ومسروق:
ففيهما ما يدل على أن عامة المسلمين كانوا على خلاف ذلك.
والحديث المرفوع يحتمل أحد شيئين:
أحدهما: أن تلك الليلة كانت مقمرة, فكان يبصر مواقع النبل لضوء [القمر] , فاعتقد أنه من ضوء النهار, وهذا يشتبه كثيراً في الليالي التي يقمر آخرها, وتقدم ذكر أحمد ونحو هذا.

قال حرب: سألته؛ قلت: رجل يأكل بعد طلوع الفجر في رمضان وهو لا يعلم؟ قال: يعيد يوماً مكانه. قلت: فالأحاديث التي رويت في هذا, وذكرت له حديث حذيفة؟ قال: إنه ليس في الحديث أن الفجر كان قد طلع.
الثاني: أن يكون هذا منسوخاً, وكان هذا في الوقت الذي كان رجال يربط أحدهم في رجليه خيطاً أبيض وخيطاً أسود, ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما, حتى نزل قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} , ويكون هذا كان الواجب عليهم كما فهموه من الآية, ثم نسخ ذلك بقوله: {مِنَ الْفَجْرِ}.
وكذلك قوله في الحديث المرسل: «لولا بلال؛ لرجونا أن يرخص لنا إلى طلوع الشمس»: دليل على أن التحديد بالفجر لم يكن مشروعاً إذْ ذاك.
وأما حديث: «فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم» , وقوله: «إذا سمع أحدكم النداء والإِناء على يده؛ فلا يضعه حتى يقضي حاجته»؛ فقد قال أحمد في الرجل يتسحر فيسمع الأذان؛ قال: يأكل حتى يطلع الفجر. فهو دليل على أنه لا يستحب إمساك جزء من الليل, وأن الغاية في قوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}: داخلة في المغيَّى؛ بخلافها في قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} , ولهذا جاءت هذه بحروف (حتى) , ولا ريب أن الغاية المحدودة بـ (حتى) تدخل فيما قبلها؛ بخلاف الغاية المحدودة بـ (إلى).

قال أحمد في رواية الميموني في رجل أخذ في سحوره, ثم نظر إلى الفجر: فإن كان قد أكل بعد طلوعه؛ فعليه القضاء, وإن لم يعلم أنه أكل بعد طلوع الفجر؛ فليس عليه شيء.
قال القاضي: وظاهر هذا من كلامه أن الأكل إذا اتصل عند طلوع الفجر؛ لم يضره, ولم يؤثر في النية.

لكن الذي ذكر القاضي في «خلافه» وغيره من أصحابنا: أنه يجب الإِمساك قبل طلوع الفجر؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به؛ فهو واجب, ولا يتم صوم جميع النهار إلا بصوم آخر جزء من الليل, ولهذا وجب عليه غسل جزء من الرأس يستوعب الوجه, وغسل رأس العضد يستوعب المرفق.
وإما إذا شك في طلوع الفجر؛ فيجوز له الأكل؛ لقوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ. . .} , والشاك لم يتبين له شيء, ولحديث ابن أم مكتوم وأبي هريرة, وقد تقدم عن ابن عباس قوله: «إذا تسحرت فقلت: إني أرى ذلك الصبح؛ فكل واشرب. وإن قلت: إني أظن ذلك الصبح؛ فكل واشرب, وإذا تبين لك؛ دع الطعام».

565 - وعن أبي الضحى؛ قال: جاء إلى ابن عباس, فسأله عن السحور, فقال رجل من جلسائه: حتى تشك. فقال ابن عباس: «إن هذا لا يقول شيئاً, كل ما شككت حتى لا تشك».
566 - وعن عطاء؛ قال: قال ابن عباس لرجل: «طلع الفجر؟». قال: لا. فقال لآخر: «طلع الفجر؟». قال: نعم. قال: «اختلفتما اسقني». رواهما سعيد.
والشك تارة يكون مع رعايته للفجر؛ فلا يدري أطلع الضوء أم لا؟ وتارة لاختلاف المخبرين به, وتارة لكونه في موضع محجوب عن الفجر وليس عليه أن يبحث.
567 - عن أبي قلابة؛ قال: قال أبو بكر الصديق وهو يتسحر: «يا غلام! أجف الباب لا يفجأنا الصبح». رواه سعيد.

* فصل:
ويكره الوصال الذي يسميه بعض الناس: الطي. نص عليه في رواية المروذي والأثرم.
قال في رواية حنبل: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفطر على تمرات أو شربة ماء, فيستحب له أن يفطر على تمرات أو ماء, ولا يعجبني أن يواصل,نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
[عن ثابت] , عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل, فواصل ناس من الناس, فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: «لو مد لي الشهر؛ لواصلت وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم, إني لست كهيئتكم, إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني».
568 - وابن الزبير كان يواصل من الجمعة إلى الجمعة؛ لقوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}
569 - قالت ليلى امرأة بشير بن الخصاصية: أردت أن أصوم يومين متواصلة, فنهاني عن ذلك, وقال: إنما يفعل ذلك النصارى, صوموا كما أمركم الله؛ فإذا كان الليل فأفطروا.
570 - وعن أبي العالية: أنه قال في الوصال في الصيام, فعابه, ثم قال: قال الله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}؛ فإذا جاء الليل؛ فهو مفطر, فإن شاء أكل, وإن شاء ترك. رواهما سعيد.
571 - وعن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال, فقالوا: إنك تفعله. فقال: «إني لست كأحدكم, إني أظل يطعمني ربي ويسقيني».
572 - وعن أنس نحوه.
573 - وعنه قال: واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر شهر رمضان, فواصل ناس من المسلمين, فبلغه ذلك, فقال: «لو مد لنا الشهر؛ لواصلنا وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم, إنكم لستم مثلي (أو: لست مثلكم) , إني أظل يطعمني ربي ويسقين». متفق عليهما.
574 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «إياكم والوصال». فقيل: إنك تواصل. قال: «إني أبيت يطعمني ربي ويسقين, فاكلفوا من العمل ما تطيقون». متفق عليهما.
575 - وعن عائشة رضي الله عنها؛ قال: نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم, فقالوا: إنك تواصل. فقال: «إني لست كهيئتكم, إني يطعمني ربي ويسقين». أخرجاه.
576 - وعن أبي سعيد الخدري: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ى تواصلوا؛ فأيكم أراد أن يواصل؛ فليواصل حتى السحر». قالوا: إنك تواصل يا رسول الله! قال: «لست كهيئتكم, إني أبيت لي مطعم يطعمني وساقٍ يسقيني». رواه البخاري.
[وتفسيره] في أظهر الوجهين: أن الله يغذيه بما يغنيه عن الأكل والشرب المعتاد من العلم والإيمان؛ لقوله: «أظل عند ربي» , وذاك إنما يكون بالنهار, ولو أكل الأكل المعتاد بالنهار؛ لأفطر, [ولأنه بيَّن] أنه يواصل, ولو كان يأكل؛ لم يكن مواصلاً.
وأطلق أصحابنا الكراهة, وهذه كراهة تنزيه فيما ذكر أصحابنا؛ لأن أصحاب رسول واصلوا بعد نهيهم, ولو فهموا منه التحريم؛ لما استجازوا أن يعصوا الله ورسوله, بل فهموا أنه نهى رحمة ورفقاً بهم, فظنوا أن بهم قوة على الوصال, وأنهم لا حاجة بهم إلى الفطر, فغضب صلى الله عليه وسلم من هذا الظن المخطئ, ولأنه مجرد ترك الأكل بغير نية الصوم على وجه لا يخاف معه التلف ولا ترك واجب, ومثل هذا لا يكون محرماً.
فإن واصل إلى السحر؛ جاز له من غير كراهة لما تقدم.
وتعجيل الفطر أفضل لما تقدم أيضاً.
وقد روى حنبل عن أحمد: أنه واصل بالعسكر ثمانية أيام, ما رآه طعم ولا شرب حتى كلمه في ذلك, فشرب سويقاً, لما طلبه المتوكل.
فقال أبو بكر: قوله: ما أكل فيها ولا شرب: يحتمل أنه ما رآه أكل ولا شرب, ويكون قد أكل وشرب بحيث ر يراه. قال: لأن أحمد لا يرى أن يخالف النبي صلى الله عليه وسلم, وقد روى المروذي عنه أنه كان إذا واصل؛ شرب شربة ماء. . . .

* فصل:
فإن أكل أو شرب ما يرويه وإنْ قل؛ خرج عن حكم النهي.
قال القاضي وابن عقيل: وهو مقتضى ما ذكره المروذي عن أحمد: أنه كان إذا واصل؛ شرب شربة ماء.
* فصل:
وصيام الدهر منهي عنه.
577 - قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: فسر مسدود قول أبي موسى:«من صام الدهر؛ ضيقت عليه جهنم فلا يدخلها». فضحك وقال: من قال هذا؟ فأين حديث عبد الله بن عمرو: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كره ذلك» وما فيه من الأحاديث.
وهو إن سرد الصوم يدخل فيه الأيام المنهي عن صيامها: يوم العيدين, وأيام التشريق, وإذا ترك ذلك؛ لم يكن صائماً للدهر المنهي عنه.
هكذا قال أحمد في رواية صالح: إن صام رجل وأفطر أيام التشريق والعيدين؛ رجوت أن لا يكون بذلك بأس, وليس بصائم الدهر.
وقال في رواية حنبل: إذا أفطر العيدين. . . فليس ذلك صوم الدهر.
578 - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «هن أيام عيد, وأيام أكل وشرب».
قال: ويعجبني أن يفطر منه أياماً.
قال القاضي: وظاهر قوله: الأفضل أن يفطر مع هذه الأيام الخمسة أياماً أخر لا بعينها, أفضل من سردها بالصيام, فإن سرد لم يكن منهياً عنه.
وقال أبو محمد: عندي أن صوم [الدهر] مكروه, وإنْ لم يصم هذه الأيام, فإن صامها؛ فقد فعل محرماً. . . .
وهذا في شهر رمضان أعظم لحرمة الشهر.
قال ابن أبي موسى: ينبغي له أن يحفظ لسانه وجوارحه ويعظم من شهر رمضان ما عظم الله تعالى.

* فصل:
وما كان مكروهاً أو محرماً من الأقوال والأعمال في غير زمن الصوم؛ [ففيه] أشد تحريماً وكراهة.
فيجب على الصائم أن يحفظ صومه من قول الزور والعمل به, ويجتنب الغيبة والرفث والجهل وغير ذلك من خطايا اللسان, وينبغي له أن يترك من المباح ما لا يعنيه من الألفاظ.
قال أصحابنا: يستحب للصائم أن ينزه صيامه عن اللغو والرفث والكذب والنميمة والمشاتمة والمقاتلة وعن كل لفظ لا يعنيه.
قال أبو عبد الله في رواية حنبل: ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه ولا يماري, ويصون صومه.
579 - كانوا إذا صاموا؛ قعدوا في المساجد وقالوا: نحفظ صومنا.
والغيبة تكره للصائم؛ فلا يغتاب أحداً, ولا يعمل عملاً يجرح به صومه, ولا تفطر الغيبة للصائم.
ولذلك قال في رواية. . . .
ونقل عنه حرب التوقف في الفطر بالغيبة, فقال: قلت لأحمد: الرجل وهو صائم يعيد الصوم؟ قال: لا أدري كيف هذا وأمسك عنها, وقال: ما أدري.

580 - وذكر أن عبد الرحمن بن مهدي كان يأمر بالوضوء من الغيبة.
581 - وقال إسحاق بن راهوية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور في صيامه؛ فليس له من صيامه شيء».
582 - وقال عدة من أهل العلم من التابعين: إن الكذب يفطر الصائم, والغيبة كذلك؛ لقوله سبحانه وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

583 - وعن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». رواه الجماعة؛ إلا مسلم وابن ماجه.

584 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان يوم صوم أحدكم؛ فلا يرفث يومئذٍ ولا يصخب؛ فإن شاتمه أحد أو قاتله؛ فليقل: إني امرؤ صائم, والذي نفس محمد بيده؛ لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك, للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر؛ فرح بفطره, وإذا لقي ربه؛ فرح بصومه». متفق عليه.
اللهم اغفر لي وارحمني.
*******
انتهى المجلد الأول من كتاب الصيام
ويليه
المجلد الثاني
وأوله باب صيام التطوع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.77 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.21%)]