عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-08-2022, 08:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اختلاف العلماء في أي الأيام أفضل: الجمعة، النحر، عرفة، القر؟

فقد سئل ابن تيمية: "أيما أفضل: يوم عرفة، أو الجمعة، أو الفطر أو النحر؟
فأجاب: يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، ويوم النحر أفضل أيام العام"[38].

وقال أيضًا: " أفضل أيام الأسبوع: يوم الجمعة باتفاق العلماء. وأفضل أيام العام هو يوم النحر. وقد قال بعضهم: يوم عرفة، والأول هو الصحيح؛ لأن في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " (أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر)؛ لأنه يوم الحج الأكبر في مذهب مالك والشافعي وأحمد كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يوم النحر هو يوم الحج الأكبر). وفيه من الأعمال ما لا يعمل في غيره: كالوقوف بمزدلفة، ورمي جمرة العقبة وحدها، والنحر، والحلق، وطواف الإفاضة، فإن فعل هذه فيه أفضل بالسنة، واتفاق العلماء، والله أعلم"[39].

وقال ابن القيم: " وفصل النزاع: أن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، ويوم النحر أفضل أيام العام، فيوم النحر مفضل على الأيام كلها التي فيها الجمعة وغيرها، ويوم الجمعة مفضل على أيام الأسبوع. فإن اجتمعا في يوم تظاهرت الفضيلتان، وإن تباينا فيوم النحر أفضل وأعظم لهذا الحديث"[40].

وقال أيضًا: "والصواب أن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، ويوم عرفة ويوم النحر أفضل أيام العام، وكذلك ليلة القدر، وليلة الجمعة"[41].

وقد ذهب بعض العلماء، وبعض علماء الشافعية إلى أن أفضل أيام الأسبوع: يوم الجمعة، وأفضل أيام العام: يوم عرفة.

قال الطيبي: " وأما إذا أريد أيام السنة فتعين يوم عرفة، وإذا أريد أيام الأسبوع تعين الجمعة"[42].

وقال النووي: " وأصحهما يوم عرفة للحديث المذكور في هذا الباب ويتأول حديث يوم الجمعة على أنه أفضل أيام الأسبوع"[43].

وقال زين الدين العراقي: "وصرح أصحابنا الشافعية بأنه أفضل أيام الأسبوع، وأن يوم عرفة أفضل أيام السنة"[44].

وقال السيوطي: " وفي الحديث دليل لمن قال: إن يوم الجمعة أفضل من يوم عرفة، وعبارة بعضهم: أفضل أيام الأسبوع يوم الجمعة، وأفضل أيام السنة يوم عرفة"[45].

ثمرة الخلاف:
تظهر ثمرة الخلاف في هذه المسألة في الأحكام التي تعلق بأفضل الأيام؛ كالطلاق والنذر:
فمن قال لزوجته: أنت طالق في أفضل الأيام، فإن كان لديه أو لدى مفتيه أنه يوم الجمعة طلقت في يوم الجمعة، وإن كان يوم عرفة طلقت في يوم عرفة، وإن كان يوم النحر طلقت في يوم النحر.

قال النووي: " ولو قال رجل: امرأتي طالق في أفضل الأيام، فلأصحابنا وجهان: أحدهما: تطلق يوم الجمعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) كما سبق في صحيح مسلم وأصحهما يوم عرفة؛ للحديث المذكور في هذا الباب"[46].

وقال الزيلعي: " لو قال: امرأته طالق في أفضل الأيام تطلق يوم عرفة، وقيل: يوم الجمعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة)، والأصح أنها تطلق يوم عرفة"[47].

وقال العيني: "وتظهر فائدة ذلك فيمن نذر الصيام، أو علق عملاً من الأعمال بأفضل الأيام، فلو أفرد يومًا منها تعين يوم عرفة؛ لأنه على الصحيح أفضل أيام العشر"[48].

الترجيح:
وبعد النظر والتتبع فيما قيل في فضل هذه الأيام الأربعة: يوم الجمعة، يوم عرفة، يوم النحر، يوم القر، وتباين أقوال أهل العلم في المفاضلة بينها؛ يتبين لنا الآتي:
1- أن يوم القر ورد فضله تبعًا ليوم النحر لا استقلالاً، ولم يرد له من الفضائل ما ورد للأيام الثلاثة.

2- أن الأيام الثلاثة- يوم الجمعة، يوم عرفة، يوم النحر- ورد فيها الفضل بأسلوب اسم التفضيل-كما في يومي الجمعة والنحر-، أو بأسلوب النكرة في سياق النفي التي تفيد العموم كما في يوم عرفة.

3- أن الوارد في حق يوم الجمعة من الأفضلية باسم التفضيل أكثر من يوم النحر؛ فقد جاء بأنه: (خير يوم طلعت فيه الشمس)، و(أفضل أيامكم يوم الجمعة)، و(سيد الأيام يوم الجمعة، وأعظمها عنده).

4- يتبقى معنا أن نقول بعد هذا: إن أفضل الأيام على الإطلاق هو: يوم الجمعة؛ لأسباب منها ما تقدم، ومنها:
1- أن فضائل يومي عرفة والنحر لا تداني فضائل يوم الجمعة؛ فقد ورد في يوم الجمعة فضائل كثيرة، حتى ألف العلماء والباحثون قديمًا وحديثًا مؤلفات خاصة في فضائل يوم الجمعة، ومن ذلك كتاب السيوطي:" فضائل يوم الجمعة"، وقد قال في أوله: " ذكر ابن القيم في الهدي ليوم الجمعة، خصوصيات تبلغ بضعًا وعشرين. وتتبعتها فتحصلت فبلغت: مائة"[49].

2- أن حديث فضل يوم الجمعة الوارد باسم التفضيل وهوخير يوم طلعت فيه الشمس) جاء في صحيح مسلم، والأحاديث الواردة في بقية الأيام جاءت خارج الصحيحين: في السنن والمسانيد والمعاجم.

وقد تعارف العلماء عند التعارض أن ما كان في الصحيحين أو أحدهما يقدم على ما كان خارجهما.

قال ابن بدران: " ويقدم من النصين ما تلقاه العلماء بالقبول، ولم يلحقه إنكار من أحد منهم على ما فيه الإنكار من بعضهم. وهذه القاعدة تقضي بتقديم ما روي في الصحيحين أو أحدهما على ما لم يرو فيهما؛ لتلقي الأمة لهما بالقبول"[50].

وقال الشنقيطي: " ويقدم ما في الصحيحين أو أحدهما على ما ليس فيهما "[51].

والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمئاب.

[1] رواه مسلم (854).

[2] رواه أحمد (15548)، والطبراني في الكبير (4510)، وابن ماجه (1084)، والبيهقي في فضائل الأوقات (250)، وابن أبي شيبة (5516)، والبزار (3738).
قال البزار عَقِبه: " وهذا الكلام لا نعلمه يروى، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وإسناده صالح".
وقال البوصيري: " هذا إسناد حسن".
وقال أيضًا: " رواه أبو بكر بن أبي شيبة والحارث، وأبو يعلى والطبراني مختصرا بسند جيد".
وقال المنذري: " رواه أحمد وابن ماجه بلفظ واحد وفي إسنادهما عبد الله بن محمد بن عقيل وهو ممن احتج به أحمد وغيره، ورواه أحمد أيضًا والبزار من طريق عبد الله أيضًا من حديث سعد بن عبادة، وبقية رواته ثقات مشهورون".
وقال الهيثمي: " رواه أحمد والبزار إلا أنه قال فيه: " «سيد الأيام يوم الجمعة» " والطبراني في الكبير وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل وفيه كلام وقد وثق، وبقية رجاله ثقات".
وقال الحافظ العراقي: " إسناده حسن".
ينظر: مصباح الزجاجة (1/ 165)، إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (2/ 260)، الترغيب والترهيب (1/ 281)، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (2/ 163)، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (16/ 89).
وقال الأرناؤوط: "إسناده ضعيف؛ عبد الله بن محمد بن عقيل: هو ابن أبي طالب القرشي، مختلف فيه، قال الحافظ في "التلخيص الحبير (2/108): "هو سيئ الحفظ، يصلح حديثه للمتابعات، فأما إذا انفرد فيحسن، وأما إذا خالف فلا يقبل". قلنا: وقد خالف هو رواية نفسه كما سيأتي في التخريج، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح..". ثم قال: " وقوله: "سيد الأيام يوم الجمعة" له شاهد من حديث أبي هريرة عند الحاكم (1/277)، وإسناده حسن". مسند أحمد (24/ 315).
وقد حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (2279)، وصحيح الترغيب والترهيب (3761)، وصحيح وضعيف سنن ابن ماجة (1084)، وفي مشكاة المصابيح (1363)، لكنه تراجع عن ذلك في السلسلة الضعيفة (3726).

[3] رواه البيهقي في الكبرى (5993)، والطبراني في الأوسط (4780)، والكبير (589)، والدارمي (1613)، والبزار (3485).
قال ابن حجر: "وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم". فتح الباري لابن حجر (11/ 370).

[4] عند أحمد (16162)، والبيهقي في الصغرى (605)، والنسائي في الكبرى (1678)، وأبي داود (1047)، وابن ماجه (1085)، وابن حبان (910)، وابن خزيمة (1733)، والحاكم (1029)، وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.

[5] رواه مسلم (1348).

[6] ضاحين- بالضاد المعجمة والحاء المهملة-: أي: بارزين للشمس غير مستترين منها. مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (9/ 145).

[7] رواه ابن حبان (3853)، وأبو يعلي (2090).
قال الهيثمي: "رواه أبو يعلى، وفيه محمد بن مروان العقيلي وثقه ابن معين وابن حبان، وفيه بعض كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح".
= وقال الأرناؤوط: " حديث صحيح، إسناده قوي لولا عنعنة أبي الزبير، رجاله ثقات رجال الصحيح غير محمد بن مروان العقيلي، فقد روى له ابن ماجه، وهو مختلف فيه".
وقال حسين سليم أسد: رجاله ثقات".
وأما الألباني فقد ضعفه، وقال: " إنما علة الحديث أبو الزبير، فإنه مدلس، وقد عنعنه في جميع الطرق عنه".
ينظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (3/ 253)، صحيح ابن حبان (9/ 164)، مسند أبي يعلى الموصلي (4/ 69)، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (2/ 126)، ضعيف الترغيب والترهيب (1/ 366).

[8] رواه أحمد (19075)، وأبو داود (1765)، وابن خزيمة (2966)، والبيهقي في الكبرى (10239)، والنسائي في الكبرى (4083)، والحاكم (7522) وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني والأرناؤوط.

[9] عند البيهقي في الكبرى (10214)، والطبراني في الأوسط (2421)، والبغوي (1958)، وابن حبان (2811)، وإسناده صحيح.

[10] حاشية السيوطي على سنن النسائي (3/ 90).

[11] نيل الأوطار (3/ 286).

[12] الإفصاح عن معاني الصحاح (8/ 41).

[13] التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 497).

[14] المرجع السابق (2/ 585).

[15] المرجع السابق (4/ 126).

[16] ينظر: فيض القدير (2/ 3).

[17] المجموع شرح المهذب (6/ 381).

[18] طرح التثريب في شرح التقريب (3/ 217).

[19] حاشية السيوطي على سنن النسائي (3/ 90).

[20] تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (2/ 25).

[21] شرح الزرقاني على الموطأ (1/ 394).

[22] منتهى الإرادات (2/ 40). وينظر: بداية العابد وكفاية الزاهد في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل (ص: 67)، وكشف المخدَّرات (1/ 285).

[23] الفروع وتصحيح الفروع (5/ 129).

[24] شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (4/ 1263).

[25] الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (2/ 619).

[26] شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (6/ 2006)، وينظر: مرقاة المفاتيح شرح= مشكاة المصابيح (5/ 1826).

[27] مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 432).

[28] نيل الأوطار (5/ 154).

[29] الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (2/ 619).

[30] عون المعبود وحاشية ابن القيم (5/ 128).

[31] الفروع وتصحيح الفروع (5/ 129).

[32] التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 585).

[33] مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح (ص: 281).

[34] سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (7/ 137).

[35] فتح الباري لابن حجر (8/ 271).

[36] الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية (3/ 1127).

[37] زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 60) بتصرف.

[38] الفتاوى الكبرى لابن تيمية (2/ 477).

[39] مجموع الفتاوى (25/ 288).

[40] عون المعبود وحاشية ابن القيم (5/ 128).

[41] زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 60).

[42] شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (4/ 1263).

[43] شرح النووي على مسلم (9/ 117).

[44] طرح التثريب في شرح التقريب (3/ 217).

[45] شرح السيوطي على مسلم (2/ 437).

[46] شرح النووي على مسلم (9/ 117).

[47] تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (2/ 25).

[48] عمدة القاري شرح صحيح البخاري (6/ 291).

[49] كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1278).

[50] المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (ص: 399).

[51] مذكرة في أصول الفقه (ص: 379).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.90 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.20%)]