الموضوع: وقفات فقهية
عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 23-02-2024, 12:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وقفات فقهية

وقفات فقهية (23)

التعريف بالولي وعلاقته بالدعاء والوسيلة والشفاعة



يقول الله تعالى: {وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير} (الشورى: 31).
- أولاً: كلمة (الولي) مثل كلمة المولى تعني السيد والمسود؛ فإذا أطلقت كلمة الولي: فهو الله الخالق الحي القيوم؛ فالولاية لله وحده، يقول الله تعالى: {أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير} (الشورى: 9)، ويقول الله تعالى: {إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون} (الأعراف: 196 - 197)، ويقول الله تعالى: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون} (الأنعام: 51).
- ثانياً: أما إذا أضيفت كلمة (الولي) إلى الله (ولي الله) أو جمعت (أولياء): فهي تعني المخلوق، وولي الله هو: من يأتي بالاعتقاد الصحيح المبني على الدليل وبالأعمال الصالحة وفق ما وردت به الشريعة، يقول الله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم} (يونس: 62 - 64)، فهؤلاء هم أولياء الله فلنكن أولياء لله مثلهم بالإيمان والتقوى؛ لكي نأمن ولا نخاف ولا نحزن ولنتلقى البشرى من الله، ليس بعبادة الأولياء أو دعائهم أو التبرك بأضرحتهم أو الطواف حولها، فالله لم يأمرنا بذلك، فهم عباد أمثالنا فلندع الله لنا ولهم، ولا ندعوهم {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} (الحشر: 10).
- ثالثاً: أولياء الله قد يكون لبعضهم كرامة من الله ولاشك في ذلك، فلنسأل الله أن يكرمنا كما أكرمهم وذلك بتوحيد الله والاستقامة على طاعته، ولا نتخذ من دونه وليا: {قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أُمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين} (الأنعام: 14)، بل أمرنا أن نسأله من فضله، يقول الله: {واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما} (النساء: 32)، فلم الإصرار على دعاء الموتى العاجزين، وترك دعاء الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم؟!
- رابعاً: علاقة الولي بالدعاء والوسيلة والشفاعة والاتباع:
1 - الدعاء: لله وحده؛ لقوله تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} (الجن: 18)، وقوله تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون} (الأحقاف: 5)، فلا علاقة للولي بالدعاء!
2 - أما الوسيلة: فنبتغيها إلى الله وحده؛ لقوله تعالى: {يأيها الذين آمنوا أتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون} (المائدة: 35)، ولقد امتدح الله الأولياء والصالحين بذلك: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا} (الإسراء: 57) ولقد مر بنا بيان الوسيلة، وخلاصتها: قول الله تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا} (النساء: 36)، فلا علاقة للولي بالوسيلة!
3 - أما الشفاعة: فلله وحده، يقول الله تعالى: {قل لله الشفاعة جميعا له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون} (الزمر: 44)، وبإذنه لقوله تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم}، {ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون} (الأنعام: 51)، أي نسأل الله وحده أن يشفع فينا من يقبل الله شفاعته لنا ولا نسأل غير الله، قال الله تعالى: {ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون} (الزخرف: 86)، أي شهد بتوحيد الله، فما علاقة الولي بالشفاعة؟!
4 - وأما الاتباع: فلكتاب الله وليس للأولياء، يقول الله تعالى: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون} (الأعراف: 3)، ويقول الله تعالى: {قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمّن لا يهدِّي إلا أن يُهدَى فما لكم كيف تحكمون} (يونس: 35)، فاتخاذ الأولياء من دون الله مجرد وهم، يلقيه الشيطان، والله تعالى يقول: {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا} (الكهف: 102)، والخلاصة علينا أن نقول: {قل أفغير الله تأمرونّي أعبد أيها الجاهلون} (الزمر: 64)؛ لتحقيق قول الله تعالى: {هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا} (الكهف: 44).
التعريف بالضريح والصنم والوثن والجامع بينها
يقول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} (إبراهيم: 35)، وهذا دعاء يجب أن يدعو به كل مؤمن، وللبيان:
أولاً: يقصد بالضريح هنا: قبر الميت الذي يقصده (بعضهم) للشفاعة أو لطلب قضاء الحاجة أو للتبرك به، روى الإمام مالك في «الموطأ: أن رسول الله [ قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله[ ألا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرقا إلا سويته»(2)، وفي الصحيحين أن عائشة وعبدالله بن عباس - رضي الله عنهم - قالا: «لما نُزل برسول الله [ طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا».
ثانياً: الصنم هو: الصورة المجسمة الذي يقصده (الوثني) لعبادته أو لشفاعته، أو لقضاء حاجاته أو التبرك به، أو لدفع الضرر عنه، بزعمهم، وهو ما طلبه بنو إسرائيل من نبيهم موسى \ لجهلهم، يقول الله تعالى: {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين} (الأعراف: 138 - 140)، وما الاعتكاف على الأضرحة ببعيد من طلب بني إسرائيل، فهؤلاء طلبوا وهؤلاء نفذوا!
ثالثاً: التماثيل هي أيضا الأصنام، وهي صور يراد بها مماثلة مجسم لأموات يعتقد بولايتهم يقصدها المشرك لقضاء حاجاته بزعمه أو التبرك بها وغير ذلك، يقول الله تعالى عن إبراهيم - عليه السلام: {إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين} (الأنبياء: 54 - 56).
رابعاً: الوثن وهو: كل ما يدعى أو يعبد من دون الله من ضريح أو صنم أو تمثال أو حجر أو شجر أو أثر في موقع لم يشرع فيه عبادة لله، يقول الله تعالى: {إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه وأشكروا له إليه ترجعون} (العنكبوت: 17)، فالضريح بهذه الصورة إذا قصد للدعاء والبركة فهو وثن يعبد من دون الله.
خامساً: عجز تلك الأوثان في عمومها، يقول الله تعالى: {ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدونِ فلا تُنظرونِ} (الأعراف: 195)، وهذا كله ينطبق أيضا على الأموات (في أضرحتهم)؛ لفقدهم تلك الحواس والأعضاء بعد وفاتهم وإن كانوا من عباد الله الصالحين.
سادساً: الموحد يعبد الله إلها واحدا، وغيره له أرباب متفرقة وطرق مختلفة (هذا الولي فلان وهذا السيد فلان...) والله تعالى يقول: {...أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (يوسف: 39 - 40).


اعداد: د. حسين بن محمد بن عبدالله آل الشيخ




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.70 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]