عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14-09-2021, 12:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قواعد لحل المشكلات التربوية

قواعد لحل المشكلات التربوية


د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري





قاعدة: اتفق مع أبنائك على ما يجوز لهم فعله وما لا يجوز:
وذلك بوضع أنظمة منزلية، يضعها الوالدان بالاتفاق مع أبنائهم، فمن الظلم أن تعاقبهم قبل أن تخبرهم بما يستحق العقاب، فمثلاً:
ضع أنظمة محددة للثواب والعقاب؛ مثل: كل فرد يحفظ جزءًا من القرآن فله كذا، كل فرد يؤدي أربعين صلاة دون أن تفوته تكبيرة الإحرام فله كذا، كل فرد أتلف شيئا ثمينًا فعليه كذا أو يحرم من كذا، كل من رفع صوته على أحد والديه أو أساء الأدب مع الجيران فعليه كذا أو يحرم من كذا.


وضع قائمة أخرى بالممنوعات: من أكلٍ أو شربٍ أو لعبٍ أو غيرها؛ لا تأكلوا هذه الأصناف، ولا تشربوا كذا، وهكذا.


وضع نظامٍ لحل المنازعات بين الأولاد، فمثلا: في حالة اعتداء واحد على آخر عليه أن لا يرد بالمثل بل يوصل الموضوع إلى أحد والديه مصحوبًا بالسبب في الحادثة، وعلى الوالدين في هذه الحالة المبادرة بحل المشكلة بعد التحري والتثبت، وينبغي الإصلاح بينهم بعد ذلك وينبههم على مغبة الاعتداء والظلم.


ومما يساعدك على هذا: وضع لوحة إرشادية (سبورة) في مكان بارز من البيت، توضع فيها هذه التعليمات؛ حتى تكون بمرأى الجميع، ويضاف إليها مثلاً: حكمة اليوم، وجدول الأعمال اليومية، والمسابقات، وإعلان الفائزين ونوع الهدايا والمكافآت.


قاعدة: هدّده بالعقاب أكثر مما تعاقب:
فقل له: أنا قادر على معاقبتك، وأنت تعرف كيف أعاقب، وتذكر يوم عاقبتك بكذا، ونحو ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " علقوا السوط حيث يراه أهل البيت؛ فإنه أدب لهم"، رواه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما، ويقول أيضًا: " ولا ترفع عصاك عن أهلك وخوّفهم في الله"، رواه البخاري في الأدب المفرد عن أبي الدرداء رضي الله عنه، وفي حديث معاذ رضي الله عنه: " ولا ترفع عنهم عصاك أدبًا، وأخفهم في الله"، رواه أحمد.


ومن أخطائنا أننا نعد بالعقاب ثم لا نفي، وهذه ليست تربية إلا على تحدي الأوامر وتعلم نقض العهود.


قاعدة: لا تعاقب ابنك وأنت غاضب:
بل عدّه أنك ستعاقبه بعد ذلك، ثم فكر جليًا: كيف تقنعه بخطئه، وكيف تعاقبه حتى يترك خطأه، فالهدوء وتدارس الأمر بعيدًا عن الغضب والطيش؛ يأتي بحلول جيدة ومؤثرة في التربية.


فمثلاً: لو بدأ يلعن أخاه، فعدّه بالعقاب، ثم فكر كيف ستقنعه أن هذا خطأ؛ لأن الله يبغض اللعانين، ولأن هذا أخوك، ولأن الناس يكرهونك بذلك، وهكذا، ثم قل له: لذلك قررت لأنك عصيت الله وآذيت أقرب الناس إليك، وسيسوء خلقك وسيكرهك الناس لهذا الأمر، أن تحرم من النزول للعب مع الجيران الذين لعلهم هم الذين علموك هذا اللعن لمدة كذا، فإن حسنت توبتك أذنت لك باللعب معهم.


واعلم أيها الأب الكريم: أن الصراخ لا ينفع، وأن "لكل فعل، رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه"؛ لذا يجب أن نتفهم الابن ونستمع إليه إلى أن يتم حديثه ونعامله برفق قدر الإمكان.


قاعدة: اجعله يختار بنفسه عقوبة الخطأ لو فعله مرة أخرى:
فمثلاً: سامحتك هذه المرة لأنك جاهل أو غير قاصد، لكن لو كررتها مرة أخرى، فبماذا أعاقبك؟ اختر لنفسك، وهذه تربية عظيمة؛ حتى لا يشعر بالظلم إن عاقبته بما اختاره هو، وحتى تكون أعظم زاجرًا له من العودة للفعل الخاطئ، وحتى يتعلم مبدأ المشاورة وتحمل مسئوليات أفعاله، وحتى نربي أبنائنا على الاقتناع الذاتي حتى في العقوبة.

قاعدة: لا تنسَ التنبه للعوائق والمفسدات:
فمهما أصلح المربي الخطأ، فلا بد عليه أن يراقب ويتابع أن لا يقع مرة أخرى، وأن لا يتعلم المتربي من غيره خلاف ما يريد المربي، ومن تلك المفسدات: الصحبة السيئة، والتلفاز، وبرامج الأطفال، والألعاب الإلكترونية، والمثيرات الجنسية، والأفكار الغربية، والتشبه بأعداء الله، وتسلط الشياطين عليه، وما قد يراه من فعل كثير من الناس للمحرمات، وما يفسده من فضول الطعام، والكلام، والمنام، ومخالطة الأنام.


فعلى المربي أن لا يغفل عن وسائل الهدم؛ بانشغاله بوسائل البناء، بل لا بد من تكامل العلمية التربوية بين ذلك؛ ولذا وجهنا الله تعالى في كتابه إلى تعليم الأطفال أدب الاستئذان إذا دخلوا علينا، في أوقاتٍ يكثر فيها كشف العورات؛ لئلا تقع أبصارهم على ما يخدش خلقهم وحياءهم، لما لهذه المشاهد السريعة من أثر بالغ في تكوين شخصيتهم، فقل لي بربك: كيف بالذين يجمعون زبالة الإعلام بأطباقهم ليفرغوها في أذهان أطفالهم؟!.


وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " وفرقوا بينهم في المضاجع "، وهذه تربية وقائية حذرًا من مغبة بعض الأفعال التي قد تقع.


ومن المناسب هنا إيجاد البدائل لهذه الشرور: فحبذا لو سعيت إلى تمديد شبكة من المكبرات والسماعات تتصل بإذاعة القرآن الكريم، وتصل إلى كل مكانٍ في البيت؛ خصوصًا، أماكن تواجد الأسرة بكثرة؛ مثل المطبخ وغرفة الجلوس، وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل دينار ينفقه الرجل دينار على عياله.. )، رواه مسلم.


واحرص أيها الأب على تنبيههم إلى إتلاف المحرمات التي يرونها، ويقعون فيها؛ كطمس الصور المحرمة التي تأتي على المستهلكات اليومية، وكنقض الصلبان التي يرونها ويطلعون عليها، فهذه وسيلة كبيرة الأثر في خلق الكراهية في نفوسهم تجاه هذه المنكرات وحذرهم منها، فعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته، ولا صورًا إلا طمستها).


ومن أخطائنا المشهورة في ذلك: أن نترك الأولاد في الشارع أو تحت القنوات أو مع المجلات الهدامة ليتربوا على ما فيها من حثالة أفهام الناس وزيف حضارتهم، والله المستعان.

قاعدة: لا تفتر عن الدعاء لابنك، ولا تدعُ عليه قط:
مع بذل كل ما تستطيع مما قرأت أو مما تعرف، لا تفتر عن دعاء الله بأن يصلح لك ولدك، فما هذه إلا أسباب يُبرئ العبد بها ذمته عند الله، والهداية على الله تعالى، ألم تسمع ماذا قال الله لنوحٍ عليه السلام: ﴿ قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [هود: 46، 47].



فأكثر من دعائك: رب هبِ لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا، وما أجمل أن ترفع أحيانًا صوتك بالدعاء حتى يسمعك أبناؤك.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.55 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.57%)]