عرض مشاركة واحدة
  #193  
قديم 13-08-2021, 03:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث الوديعة]
صـــــ 223 الى صــــــــ
236
الحلقة (151)

[مبحث حكم الوديعة وما تضمن به وما لا تضمن]
-الأصل في الوديعة الإباحة فالناس أحرار في حفظ ما يملكونه بأنفسهم أو بواسطة من يأتمنونه على حفظها وقد تكون واجبة، كما إذا خاف صاحب المال هلاك ماله أو تلفه إن بقي معه ووجد أينا يحفظه له فإنه يجب عليه أن يودعه في هذه الحالة ويجب على الأمين أن يقبله فإن حفظ المال واجب.وقد وردت نصوص كثيرة صريحة في النهي عن إضاعة المال فمن خاف على ماله من سرقة أو تلف فإنه يجب عليه إيداعه بأي مكان أمين.وهي عقد جائز من الطرفين كالوكالة فلكل منهما التخلي عنها متى شاء وعلى المودع حفظها كما له. وليس عليه بعد ذاك ضملنها إن فقدت أو تلفت. وإذا اشترط المودع - بالكسر - ضمانها على المودع كان الشرط باطلا وإنما يضمنها إذا قصر في حفظها أو تعدى عليها وفي ذلك تفصيل في المذاهب (1) .
(1) (الحنفية - قالوا: يضمن الوديعة الوديع إذا ضاعت في أمور:
منها: أن يدفعها لأجنبي عنه ليحفظها عنده فتصح أو تتلف عند ذلك الأجنبي وفي هذه الحالة يلزم الوديع الأول بها إلا إذا فعل ذلك لضرورة كما إذا وقع داره الذي به الوديعة حريق ينقلها إلى داره جاره خوفا من حرقها فإذا ضاعت في هذه الحالة فإنه لا يضمنها بل يجب عليه في مثل هذه الحالة نقلها حتى لا تحترق فإذا أهملها مع قدرته على النقل حتى احترقت ضمنها. وإذا لم يستردها عقب انتهاء الحريق وتركها فضاعت عند الثاني فقبل: يضمن الأول وقيل لا يضمن.
على أن للوديع أن يحفظ الوديعة عند من يساكنه عادة من عياله وإن لم يكن معه بالفعل أو ينفق عليه فيجوز أن يحفظها عنده ولده وزوجه، كما يجوز له أن يحفظها عند والديه وإن لم يحسبا من عياله لأنه يصح أن يساكنهما فإذا دفع الوديعة لولده ونحوه ممن يساكنه من عياله فهلكت عند الثاني فإن الأول لا يضمن لأنه دفعها لمن يصح أن يحفظ عنده ماله إنما يشترط أن يكون الولد ونحوه قادرا على حفظ الوديعة، وأن يكون معروفا بالأمانة ويشترط في الولد أن يكون مميزا.
فإذا اختل شرط من هذه الشروط كان الوديع الأول ملزما بالوديعة، وإذا نهاه المودع عن دفع الوديعة إلى بعض عياله فدفعها إليه فضاعت فإن الوديع يضمنها بشرطين:
الشرط الأول: أن يكون لع عيال غير ذلك الذي بهي عن حفظ الوديعة عنده.
فإذا كان له ولدان مثلا، فنهاه عن الإيداع عند أحدهما فلم ينفذ ذلك الني وأودعها عنده، كان ضامنا لها، إذا كان من الممكن أن يدفعها لولده الثاني.
أما إذا لم يكن له سوى ولد واحد، ولم يكن له بد من دفع الوديعة إليه لحفظها فإنه لا يضمن.
الشرط الثاني: أن تكون الوديعة مما لا يصح حفظه في يد من نهي عن دفعها إليه، مثال ذلك أن يودع شخص عند آخر فرسا وينهاه عن دفعها لزوجه، وليس له من عياله سواها فحفظها عندها فضاعت فإنه في هذه الحالة يضمنها، لأنه وإن كان ليس له عيال سواها، ولكن الفرس لا يصح حفظها في يد المرأة، فإذا ضاعت كان الوديع ضامنا لها على أي حال بخلاف ما إذا أودع عنده عقدا من الجواهر ونهاه عن دفعه لزوجه وليس له أحد من عياله فدفعه إليها لتحفظه، كما يحفظ ماله فإنه لا يضمنه لأنه لا بد له من حفظها سواه فخالف وفقدت فإنه لا يضمن.
أما إذا نهاه عن حفظ عقد الجوهر عنده وليس له غيره فدفعه فإنه يضمن لأن عقد الجوهر لا يصح حفظه عند الخادم.
ويجوز للوديع أن يحفظ الوديعة له ماله من غير عياله، ****له وشريكه شركة مفاوضة أو عنان على المفتى به.
وليس على الوديع الثاني ضمان، فإذا أودع شخص عند آخر فرسا مثلا، فدفعها الوديع لأجنبي ليحفظها عنده، ثم تركها وانصرف فهلكت، كان الوديع الأول ضامنا لها ولا شيء على الثاني.
أما إذا دفعها إليه فهلكت قبل انصرافه، فإنه لا يضمنها أحد لأنها هلكت بحضرة الوديع، وهو أمين فلا شيء عليه، وإذا ادعى صاحب الفرس أنها هلكت عند الثاني وقال الوديع بل ردها إلي وهلكت عندي، فإنه لم يصدق إلا بالبينة، وذلك لأنه اعترف بالضمان بإيداعها عند الأجنبي وادعى البراءة فلا يصدق إلا إذا أقام على دعواه.
ومن الأمور التي توجب على الوديع ضمان الوديعة أن يخلط الوديعة بماله أو بمال غيره بغير إذن مالكها، ويشمل ذلك صورا أربعا:
إحداها: أن يخلطها خلط مجاورة كخلط الحنطة بالحنطة.
ثانيها: أن يخلط ممازجة بجنسها أيضا كخلط ماء الورد أو خلط السمن بالسمن وحكم هاتين الضورتين أن المالك مخيرا بين أمرين:
الأول: أن يعتبر وديعته مستهلكة بذلك فيلزم الوديع بها ولا يكون له عليها سبيل.
الثاني: أن يعتبرها موجودة فيقسم الجميع ويأخذ ما يخصه بالقسمة لأنه وإن لم يكن قد وصل إلى غير حقه في الصورة، ولكنه قد وصل إليه بالقسمة في المعنى، لأن القسمة فبما يكال أو بوزن إفراز.
ثالثها: أن يخلط الوديعة بغير جنسها خلطا يتعسر معه تمييزها خلط مجاورة كخلط القمح بالشعير فإنه وإن لم يتعذر فرز القمح من الشعير وبكنه يحصل بعسر ومشقة.
وفي هذه الحالة تعتبر الوديعة مستهلكة بالخلط ويضمها الوديع فيلزم بها ومتى ضمنها اصبح مالكا لها ولكن لا يباح له التصرف قبل قبل أداء الضمان، ولا سبيل للمالك الأصلي عليها في هذه الحالة وإذا أبرأه المالك الأصلي سقط حقه من العين المودعة والدين.
رابعها: أن يخلطها بغير جنسها لا يعتبر معه التمييز، كخلط الجوز بالوز، وفي هذه الحالة تعتبر قائمة كما هي ولا ينقطع صاحبها عنها.
أما إذا خلط الوديعة بماله أو مال غيره بإذن مالكها، فإن ذلك يكون شركة ملك بينهما. وقد انهارت عرفت أحكام شركة الملك في أول مبحث الشركة، ومثل ذلك ما إذا حصل الخلط قهرا كأن انهارت صبرة قمح الوديعة فاختلطت بغيرها.
ومن الأشياء التي توجب الضمان على الوديع أن يموت ولم يبين الوديعة التي عنده فإذا مات الوديع مجهلا (لم يبين حال الوديعة) صارت الوديعة دينا في تركته بشرطين:
الأول: ألا تعرف الوديعة بعينها ولم توجد في تركته بعد موته.
الصثاني: أن لا يكون أحد من ورثته عالما بها فإذا أخبر الوديع الورثة بها، وسئل قبل موته عنها، فقال: إن فلانا يعرفها، فلا يضمنها وحل الوارث الذي محل الوديع المتوفي.
وإذا أنكر صاحبها علم الوارث بها وقال: إن الوديع مات، ولم يبين الوديعة لأحد كان على الوارث أن يفسر حال الوديعة، فإذا فسرها فإنه يصدق، وإذا قال الوارث إن الوديع ردها في حياته فإنه لا يصدق إلا بالنية.
أما إذا برهن على أن الوديع قال في حياته: إنه ردها يقبل قوله، وإذا قال الوارث: إن الوديعة كانت معلومة وموجودة يوم موته ثم هلكت بعد ذلك، وقال صاحبها: إنها كانت مجهولة فإنه يصدق قوله لا قول الوارث لأن الوديعة صارت تركة في الظاهر فلا يصدق الورثة إلا بالنية.
ومن الأمور الموجبة لضمان الوديعة على الوديع أن يتعدى الوديع عليها بالتصرف فيها واستعمالها فإذا أودعه دابة فركبها فهلكت كان ضامنا لأنه قد تعدى باستعمالها، أما إذا هلكت من غير استعمال فإنه لا يضمن وإذا استعملها مرة ثم ترك استعمالها فإن كان ينوي العودة إلى استعمالها ثانيا فسرقت كان ضامنا لها.
أما إذا لم ينو استعمالها ثانيا فإن التعدي يكون قد زال فلا ضمان عليه، ومثل ذلك ما إذا أودعه ثوبا فلبسه في النهار، ثم خلعه ليللا فإن كان ينوي لبسه في النهار ثانيا وسرق الثوب ليلا كان ضامنا لأن التعدي لا يزال قائما.
أما إذا لم يكن ينوي لبسه بانهار، وعزم على عدم استعماله، فإن التعدي يكون قد زال فلا ضمان عليه، على أنه يضمن ما نقصته الوديعة بالاستعمال على أي حال.
ومن هذا تعلم أن تعدي الوديع يزول برجوعه عنه، ويرتفع عنه الضمان بينة عدم العودة إليه، وكذلك الحال في كل أمين، كالوكيل في البيع والإجارة.
فإذا وكل شخصا على أن يشتري له دابة فاشتراها وركبها، ثم ترك ركوبها، لا يضمنها إذالا هلكت، وكذا إذا وكله على أن يبيع له ثوبا فلبسه لا يضمن، وكذا المضارب فإنه إذا استعمل ما لا يصح له استعماله ثم رجع لا يضمن، والشريك شركة مفاوضة أو عنان على ما تقدم إيضاحه في بابه.
ويستثنى من ذلك المستعير والمستأجر فإن من استعار دابة ليركبها فتوى
أنه لا يردها لصاحبها ثم ندم وهلكت الدابة وهو سائر فإنه يضمنها وندمه لا ينفع.
أما إذا كان واقفا وترك نية عدم ردها فإنه يعود أمينا ومثله الدابة إذا نوى عدم ردها لصاحبها ثم عدل عن نيته فإن كان سائرا فإن عدوله لا ينفعه.
أما إذا كان واقفا فإنه ينفعه، وإذا استأجر دابة إلى مكان معين ثم جاوزه ورجع إليه ثانيا لا يبرأ.
ومما يوجب الضمان على الوديع أن ينكر الوديعة فإذا أودع شخص مالا عند آخر وطلبه منه فأنكره ثم سرق كان الوديع ضامنا له ملزما به حتى ولو عدل عن إنكاره وأقر به ثانيا. وإنما يجب عليه الضمان بثلاثة شروط:
الأول: أن ينكرها بعد أن يطلبها أما إذا أنكرها قبل أن يطلبها أو سأله صاحبها عن حالها فأنكرها فإنه لا يخرج بذلك الإنكار عن كونه وديعا فلا يضمنها.
الشرط الثاني: أن ينقلها من مكانها التي هي فيه إن كانت من المنقولات وقت الإنكار فلو لم ينقلها وقته وهلكت فإنه لا يضمن. وبعضهم يقول: إن كانت الوديعة وجحدها بعد طلبها فإنه يضمنها ولو لم ينقلها بالفعل وذلك لأن العقد ينفسخ يطلب صاحبها وبذلك يكون الوديع قد عزل نفسه عن الحفظ وبقي مال الغير في يده بغير إذنه فيكون مضمونا وهو وجيه.
الشرط الثالث: أن لا يحضرها لصاحبها بعد إنكاره فإذا أحضرها لصاحبها ومكنه من استلامها فردها إليه صاحبها ثانيا فهلكت فإنه لا يضمن لأنها تكون وديعة جديدة في هذه الحالة.
ومما يوجب الضمان على الوديعة الضمان على الوديعة أن يسافر بالوديعة. وإنما يضمن بالسفر بها بشروط أن ينهاه صاحبها عن السفر بها فإذا نهاه وخالف فإن سافر بها في البحر فغرقت يضمن بلا نزاع وإن سافر بها في البر كان السفر ضروريا له وأخذ معه أهله فهلكت لا يضمن. فإذا سافر فإنه لا يضمن أما إذا لم ينهه صاحبها عن السفر فإن سافر بها إلى جهة مخوفة يخشى منها ضياع الوديعة وإلا لم ينهه صاحبها عن السفر فإن سافر بها إلى جهة مخوفة منها على ضياع فإنه يضمن وإلا فلا.
الماكية - قالوا: يضمن الوديع التي عنده بأمور:
منها: أن يسقط على الوديعة شيء من يده فيكسرها أو ينقلها ولو سقط من يده خطأ بدون قصد.
فإذا أودع شخص عند آخر إناء من البلور فأيقط عليه حديدة كان يعبث بها فكسرته فإنه يضمنه ولو لم يكن معتمدا إسقاطها لأن أموال الناس وودائعهم يجب صانتها والاحتياط في أمرها فلا فرق بين إتلافها عمدا أو خطأ.
ومنها: أن ينقلها من مكان إلأى آخر من غير حاجة إلى نقلها فتكسر أو تتلف فإنه يضمنها في هذه الحالة، أما إذا كانت الحاجة ماسة إلى نقلها فكسرت فإنه لا يضمن بشرط أن لا يفرط في الاحتياط بها أن ينقلها كما ينقل مثلها عادة فإن كان مثلها ينقل على حمل فنقلها على حمار أو كانت تحمل على أعناق الرجال كالمرأة مثلا فنقلها على جمل فكسرت فإنه يضمن لأنه فرط في صيانتها.
ومنها: أن يخلط الوديعة بغيرها فإنه يضمنها بشروط:
أحدهما: أن يتعذر تمييزها أو يعسر كما إذا خلط بدهن أو زيت فإنه تعذر فزرها في الدهن ويتعسر في الزيت الذي لا يجمد إذ من الممكن تخليص السمن منه بعد أن يجمد ولكن مع شائبة لا يمكن تخليصها. ومن المتعسر أن يخلط قمحا بقوله فإنه وإن كان يمكن فرز القمح من الفول ولكن بصعوبة. ومثل هذا الخلط يوجب الضمان وإن لم تتلف الوديعة وقيل لا يوجبه إلا إذا تلف.
ثانيها: أن لا تكون الوديعة مماثلة لما خلطت به جنسا وصفة، أما إذا كانت مثل ما خلطت به في الجنس والصفة كخلط قمح هندي أو صعيدي (بعلي) بمثله فإنه لا يضمن بشرط أن يكون الخلط للحفظ أو للمصلحة، أما الخلط بدون سبب فإنه يوجب الضمان إذا فقدت الوديعة أو تلف لاحتمال أنها تركت وحدها سلمت. وإذا تلف بعض القمح بعد خلطه يقسم التالف بحسب الأنصباء فإذا كانت الوديعة ثمانية أرادب والقمح المخلوط بها مثلها قسم التالف مناصفة وإذا كانت الوديعة ثلاثة أرادب والمخلوط بها ستة قسم التالف بينهما أثلاثا وهكذا.
ومنها: أن ينتفع الوديع فإذا أودع شخص عند آخر دابة فاستعملها بالركوب أو الحمل عليها بدون إذن صاحبها فهلكت كان الوديع ضامنا لها وملزما ومثل ذلك ما إذا أصابها عطب على تفصيل وهو أنه إذا ركبها وقطع بها مسافة كبيرة من شأنها أن تعطب الدواب من قطعها فإنه يضمنها سواء كان عطبها بسبب سماوي أو كان بسبب استعمالها ومثل ذلك ما إذا لم يعمل إن كانت المسافة تعطب من قطعها الدواب غالبا أو لا وكذا إذا استوى الأمران. أما إذا قطع بها مسافة من شأنها أن لا تعطب الدواب بقطعتها عادة فإنه لا يضمن سواء كان عطبها بسبب استعمالها. وبعضهم يقول: إذا كان العطب بسبب الاستعمال فإنه يضمن حتى ولو كان مثله ممن يأخذ أجرة وإلا فلا. وإذا تنازعا فقال المودع: إنها عطبت
بالاستعمال. وقال الوديع كلا، صدق المودع لأن القول قوله في هذه الحالة.
ومن الأشياء الموجبة لضمان الوديعة أن يسافر بها فتتلف منه فإنه يضمنها بشرطين:
أحدهما: أن يقدر على ردها لصاحبها أو يجد أمينا بودعها عنده أما إذا عجز عن ردها لصاحبها لسبب من الأسباب كغايبه ولم يجد أينا يودعها عتده قبل سفره فإنه لا يضمن.
ثانيهما: أن لا يرجع بها إلى محلها سالمة فإن رجع بها ثم تلف عقب ذلك فإنه لا يضمنها وذلك لأن موجب الضمان هو هلاطها في حال المخالفة لا مجرد السفر بها كما تقدم في مسألة الانتفاع. وإذا ادعى الوديع أنه سافر بها إلى محلها وهي سالمة وتلفت بعد ذلك فإنه يصدق بدون إشهاد عليه.
ومنها: أن ينساها الوديع في موضع إيداعها أو في غيره فتضيع فإنه يضمنه وكذا إذا نسيها في موضع غير المكان الذي أودع فيه أولا. مثال ذلك أن يعطي شخص مالا لآخر ليشتري له به بضاعة من بلدة أخرى
فوضعه في جراب فوق دابته ثم نزل ليقضي حاجته فخاف على المال فأخذه معه ولما قضى حاجته نسيه وقام ذكره ونسي المكان الذي وضعه فيه فإنه يضمنه وقيل لا يضمنه.
ومنها: أن يدخل بها الحمام ونحوه فتضيع فإنه يضمنها بشرطين:
الأول: ان لا يجد أمينا يضعها عنده قبل دخوله.
الثاني: أن لا يعلم صاحبها عند الإيداع أن الوديع ذاهب إلى الحمام أو المفلس فإذا كان عاما بذلك فإن الوديع لا يضمن إلا إذا كانت العادة أن الوديع لا يدخل الحمام أو المغطس قبل أن يودع ما معه أمين فإن كان كذلك فإن الوديع يضمن. ومثل الحمام والمغطس في ذلك السوق.
ومنها: أن يودعها الوديع عند أمين آخر بدون إذن صاحبها فإذا فعل وضاعت أو تلفت كان ضامنا لها بشرطين:
الشرط الأول: أن يودعها عند أجنبي عنه أما إذا أودعها عند زوجة وأمة أو شخص استأجره لخدمته أو ابنه فإنه لا يضمن إذا اعتاد الإبداع عندهم بأن تطول بأن تطول مدة إقامتهم معه ويثق معه ويثق أما إذا كانت الزوجة جديدة أو الأمة أو الأجير كذلك ولم يعرف أمنتهم فإنه يضمن إذا ضاعت الوديعة عندهم كما يضمن بإيداعها عند الأجنبي. وإذا عها عند أجنبي ثم رجعت إليه سالمة وضاعت عنده بعد ذلك فإنه لا يضمن.
الشرط الثاني: أن يودعها عند الأجنبي بغير عذر. أما إذا أودعها لعذر فإنه لا يضمنها فإذا كانت في منزل وقد يقط بعض حيطانه وخاف عليها من السرقة ولم يستطع ردها لصاحبها لغيابه أو لسجنه فأودعها عند أمين غيرهفإنه لا يضمنها إذا ضاعت أو تلف. ومثل ذلك ما إذا وقع حريق في المنزل الذي هي فيه أو أراد الوديع السفر إلى جهة ولم يستطع ردها لصاحبها فإن له إيداعها عند أجنبي ولا ضمان عليه. ولكن لا بد من الشهود على العذر فإذا ادعى الوديع أنه أودعها لسقوط داره أو لسفره بدون أن تشهد البينة على ذلك فإنه لا يصدق ولا بد أن تكون البينة قد شاهدت نفس العذر فلا يكفي أن يقول للشهود: اشهدوا أنني أودعتها عند فلان لسقوط حيطان المنزل من غير أن يروا ذلك.
فإذا زال العذر وجب عليه أن يسترجعها فإذا لم يسترجعها وذاعت كان عليه ضمانها إلا إذا كان العذر السفر فإنه لا يجب عليه استرجاعها إلا إذا كان ناويا العودة إلى البلدة التي سافر منها.
أما إذا نوى الارتحال ليقيم في بلدة أخرى ولا يعود ينو شيئا ثم عاد بعد ذلك فإنه لا يجب عليه استرجاعها وإنما يستحب له ذلك ولا يجب على الوديع الثاني أن يردها إلى الأول إلا في الحالة الأولى وهي حالة ما إذا كان ينوي العودة أما في الحالة الثانية فإنه لا يجب عليه ردها إليه فإذا حصل تنازع في نية العودة فقال الوديع الأول: إنه كان ينوي العودة وقال الثاني: إنه ينوي عدم العودة فإنه ينظر إلى السفر فإن كان الغالب في مثله العودة فيقضي بها للوديع الأول وإن كان الغالب فيه عدم العودة
أو استوى الأمران فيقتضي بها للوديع الثاني ويكون ضمانها على الثاني ويبرأ الأول منها.
ومن الأمور التي توجب ضمان الوديعة أن يرسلها الوديع إلى صاحبها بدون إذنه فتضيع من الرسول أو تتلف فإنه يضمنها. وكذا إذا ذهب الوديع بنفسه بها صاحبها فهلكت في الطريق أو تلفت فإنه يضمنها. ومثل ذلك الوديع في ذلك الوصي على مال فإذا أو صى شخص آخر على ماله ثم مالت صاحب المال فبعث المال للورثة بدون إذنهم أو سافر به إليهم فضاع أو تلف فإنه يكون ضامنا له على الراجح. وبعضهم يقول: لا يضمن وبعضهم يقول: إن سافر بها في وقت مخوف ضمن وإلا فلا.
ومنها: أن تكون الوديعة دابة ونحوها فيطلق عليها الوديع الفحل بقصد إحبالها بدون إذن صاحبها فتموت بسبب وطء الحمل أو تحبل ثم تموت بسبب الولادة فإن الوديع يضمنها. أما إذا أذنه صاحبها بذلك فلا ضمان عليه.
أما الراعي الذي يرعى بقرة ونحوها فإنه إذا طلب فحلا على أنثى من الحيوانات التي يرعاها لغرض إحبالها فماتت فإنه لا يضمنها وإذا كان المتعارف أن الرعاة يعملون مثل ذلك حتى لا تفوت مدة حمل الحيوان فتضيع ثمرته في هذه الحالة يكون مأذونا حكما.
أما إذا كان العرف على خلاف ذلك أو اشترط صاحبها عدم ذلك فإنه يضمن وهذا القول هو الظاهر:

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.88 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.66%)]