عرض مشاركة واحدة
  #427  
قديم 20-01-2023, 11:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء السادس

سُورَةُ الْقَصَصِ
الحلقة (427)
صــ 221 إلى صــ 230





قوله تعالى: فذانك قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : " فذانك " بالتشديد . وقرأ الباقون : " فذانك " بالتخفيف . قال الزجاج : التشديد تثنية " ذلك " ، والتخفيف تثنية " ذاك " ، فجعل اللام في " ذلك " بدلا من تشديد النون في " ذانك " ، برهانان أي : بيانان اثنان . قال المفسرون : " فذانك " يعني [ ص: 221 ] العصا واليد ، حجتان من الله لموسى على صدقه ، إلى فرعون أي : أرسلنا بهاتين الآيتين إلى فرعون . وقد سبق تفسير ما بعد هذا [الشعراء : 14] إلى قوله : هو أفصح مني لسانا أي : أحسن بيانا ، لأن موسى كان في لسانه أثر الجمرة التي تناولها ، فأرسله معي ردءا قرأ الأكثرون : " ردءا " بسكون الدال وبعدها همزة . وقرأ أبو جعفر : " ردا " بفتح الدال وألف بعدها من غير تنوين ولا همز ; وقرأ نافع كذلك إلا أنه نون . وقال الزجاج : الردء : العون ، يقال : ردأته أردؤه ردءا : إذا أعنته .

قوله تعالى: يصدقني قرأ عاصم ، وحمزة : " يصدقني " بضم القاف . وقرأ الباقون . بسكون القاف قال الزجاج : من جزم " يصدقني " فعلى جواب المسألة : أرسله يصدقني ; ومن رفع ; فالمعنى : ردءا مصدقا لي . وأكثر المفسرين على أنه أشار بقوله : " يصدقني " إلى هارون ; وقال مقاتل بن سليمان : لكي يصدقني فرعون .

قوله تعالى: سنشد عضدك بأخيك قال الزجاج : المعنى : سنعينك بأخيك ، ولفظ العضد على جهة المثل ، لأن اليد قوامها عضدها ، وكل معين فهو عضد ، ونجعل لكما سلطانا أي : حجة بينة . وقيل للزيت : السليط ، لأنه يستضاء به ; والسلطان : أبين الحجج .

قوله تعالى: فلا يصلون إليكما أي : بقتل ولا أذى . [ ص: 222 ] وفي قوله : بآياتنا ثلاثة أقوال .

أحدها : أن المعنى : تمتنعان منهم بآياتنا وحججنا فلا يصلون إليكما .

والثاني : أنه متعلق بما بعده ، فالمعنى : بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ، أي : تغلبون بآياتنا .

والثالث : أن في الكلام تقديما وتأخيرا ، تقديره : ونجعل لكما سلطانا بآياتنا فلا يصلون إليكما . فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين . وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون

قوله تعالى: ما هذا إلا سحر مفترى أي : ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر افتريته من قبل نفسك ولم تبعث به وما سمعنا بهذا الذي تدعونا إليه في آبائنا الأولين ، وقال موسى ربي أعلم وقرأ ابن كثير : " قال موسى " بلا واو ، وكذلك هي في مصاحفهم بمن جاء بالهدى أي : هو أعلم بالمحق منا ، ومن تكون له عاقبة الدار وقرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف ، [والمفضل] : " يكون " بالياء والباقون بالتاء .وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين . واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين [ ص: 223 ] وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين

قوله تعالى: فأوقد لي يا هامان على الطين قال ابن قتيبة : المعنى : اصنع لي الآجر فاجعل لي صرحا أي : قصرا عاليا . وقال الزجاج : الصرح : كل بناء متسع مرتفع . وجاء في التفسير أنه لما أمر هامان- وهو وزيره- ببناء الصرح ، جمع العمال والفعلة حتى اجتمع خمسون ألف بناء سوى الأتباع ، فرفعوه وشيدوه حتى ارتفع ارتفاعا لم يبلغه بنيان أحد قط ، فلما تم ارتقى فرعون فوقه ، وأمر بنشابة فرمى بها نحو السماء ، فردت وهي متلطخة بالدم ، فقال : قد قتلت إله موسى ، فبعث الله تعالى جبريل فضربه بجناحه فقطعه ثلاث قطع ، فوقعت قطعة على عسكر فرعون فقتلت ألف ألف رجل ، ووقعت قطعة أخرى في البحر ، وأخرى في المغرب .

قوله تعالى: لعلي أطلع إلى إله موسى أي : أصعد إليه وأشرف عليه وإني لأظنه يعني موسى من الكاذبين في ادعائه إلها غيري . وقال ابن جرير : المعنى : أظن موسى كاذبا في ادعائه أن في السماء ربا أرسله . واستكبر هو وجنوده في الأرض يعني أرض مصر بغير الحق أي : بالباطل والظلم وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون بالبعث للجزاء . قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر : " يرجعون " برفع الياء ; وقرأ نافع ، وحمزة ، والكسائي : بفتحها .

[ ص: 224 ] قوله تعالى: وجعلناهم أي : في الدنيا أئمة أي : قادة في الكفر يأتم بهم العتاة يدعون إلى النار لأن من أطاعهم دخلها ; و " ينصرون " بمعنى : يمنعون من العذاب . وما بعد هذا مفسر في (هود : 60 ، 99) .

قوله تعالى: من المقبوحين أي : من المبعدين الملعونين ; قال أبو زيد : يقال : قبح الله فلانا ، أي : أبعده من كل خير . وقال ابن جريج : معنى الآية : وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة لعنة أخرى ، ثم استقبل الكلام ، فقال : هم من المقبوحين .ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون . وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين . وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين

قوله تعالى: من بعد ما أهلكنا القرون الأولى يعني قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم بصائر للناس أي : ليبصروا به ويهتدوا .

[ ص: 225 ] قوله تعالى: وما كنت بجانب الغربي قال الزجاج : أي : وما كنت بجانب الجبل الغربي .

قوله تعالى: إذ قضينا إلى موسى الأمر أي : أحكمنا الأمر معه بإرساله إلى فرعون وقومه وما كنت من الشاهدين لذلك الأمر ; وفي هذا بيان لصحة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم ، لأنهم يعلمون أنه لم يقرإ الكتب ، ولم يشاهد ما جرى ، فلولا أنه أوحي إليه ذلك ، ما علم .

قوله تعالى: ولكنا أنشأنا قرونا أي : خلقنا أمما من بعد موسى فتطاول عليهم العمر أي : طال إمهالهم فنسوا عهد الله وتركوا أمره ; وهذا [ ص: 226 ] يدل على أنه قد عهد إلى موسى وقومه عهودا في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمروا بالإيمان به ، فلما طال إمهالهم ، أعرضوا عن مراعاة العهود ، وما كنت ثاويا أي : مقيما في أهل مدين فتعلم خبر موسى وشعيب وابنتيه فتتلو ذلك على أهل مكة ولكنا كنا مرسلين أرسلناك إلى أهل مكة وأخبرناك خبر المتقدمين ، ولولا ذلك ما علمته . وما كنت بجانب الطور أي : بناحية الجبل الذي كلم عليه موسى إذ نادينا موسى وكلمناه ، هذا قول الأكثرين ; وقال أبو هريرة : كان هذا النداء : يا أمة محمد ، أعطيتكم قبل أن تسألوني ، وأستجيب لكم قبل أن تدعوني .

قوله تعالى: ولكن رحمة من ربك قال الزجاج : المعنى : لم تشاهد قصص الأنبياء ، ولكنا أوحينا إليك وقصصناها عليك ، رحمة من ربك .

ولولا أن تصيبهم مصيبة جواب " لولا " محذوف ، تقديره : لولا أنهم يحتجون بترك الإرسال إليهم لعاجلناهم بالعقوبة . وقيل : لولا ذلك لم نحتج إلى إرسال الرسل ومؤاثرة الاحتجاج .فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون . قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا [ ص: 227 ] لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين . ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون . وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون . وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين

قوله تعالى: فلما جاءهم يعني أهل مكة الحق من عندنا وهو محمد عليه السلام والقرآن قالوا لولا أي : هلا أوتي محمد من الآيات مثل ما أوتي موسى كالعصا واليد . قال المفسرون : أمرت اليهود قريشا أن تسأل محمدا مثل ما أوتي موسى ، فقال الله تعالى : أولم يكفروا بما أوتي موسى أي : فقد كفروا بآيات موسى ، و قالوا في المشار إليهم قولان . أحدهما : اليهود . والثاني : قريش . سحران قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : " ساحران " . تظاهرا أي : تعاونا . وروى العباس الأنصاري عن أبي عمرو : " تظاهرا " بتشديد الظاء .

وفيمن عنوا ثلاثة أقوال .

أحدها : موسى ومحمد ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وسعيد بن جبير ; فعلى هذا هو من قول مشركي العرب .

والثاني : موسى وهارون ، قاله مجاهد ; فعلى هذا هو من قول اليهود لهما في ابتداء الرسالة .

[ ص: 228 ] والثالث : محمد وعيسى ، قاله قتادة ; فعلى هذا هو من قول اليهود الذين لم يؤمنوا بنبينا .

وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي : " سحران " وفيه ثلاثة أقوال .

أحدها : التوراة والفرقان ، قاله ابن عباس ، والسدي .

والثاني : الإنجيل والقرآن ، قاله قتادة .

والثالث : التوراة والإنجيل ، قاله أبو مجلز ، وإسماعيل بن أبي خالد . ومعنى الكلام : كل سحر منهما يقوي الآخر ، فنسب التظاهر إلى السحرين توسعا في الكلام ، وقالوا إنا بكل كافرون يعنون ما تقدم ذكره على اختلاف الأقوال ، فقال الله لنبيه قل لكفار مكة فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أي : من التوراة والقرآن ، إن كنتم صادقين أنهما ساحران . فإن لم يستجيبوا لك أي : فإن لم يأتوا بمثل التوراة والقرآن ، فاعلم أنما يتبعون أهواءهم أي : أن ما ركبوه من الكفر لم يحملهم عليه حجة ، وإنما آثروا فيه الهوى ومن أضل أي : ولا أحد أضل ممن اتبع هواه بغير هدى أي : بغير رشاد ولا بيان جاء من الله . ولقد وصلنا لهم القول وقرأ الحسن ، وأبو المتوكل ، وابن يعمر : " وصلنا " بتخفيف الصاد .

وفي المشار إليهم قولان .

أحدهما أنهم قريش ، قاله الأكثرون ، منهم مجاهد .

والثاني : اليهود ، قاله رفاعة القرظي .

والمعنى : أنزلنا القرآن يتبع بعضه بعضا ، ويخبر عن الأمم الخالية كيف عذبوا لعلهم يتعظون .

الذين آتيناهم الكتاب وفيهم ثلاثة أقوال . [ ص: 229 ] أحدها : أنهم مؤمنو أهل الكتاب ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد .

والثاني : مسلمو أهل الإنجيل ، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدوا معه أحدا ، فنزلت فيهم هذه الآية .

والثالث : مسلمو اليهود ، كعبد الله بن سلام وغيره ، قاله السدي .

قوله تعالى: من قبله أي : من قبل القرآن هم به في هاء الكناية قولان . أحدهما : أنها ترجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن ذكره كان مكتوبا [عندهم] في كتبهم ، فآمنوا به . والثاني : إلى القرآن .

قوله تعالى: وإذا يتلى عليهم يعني القرآن قالوا آمنا به ، إنا كنا من قبله أي : من قبل نزول القرآن مسلمين أي : مخلصين لله مصدقين بمحمد ، وذلك لأن ذكره كان في كتبهم فآمنوا به أولئك يؤتون أجرهم مرتين في المشار إليهم قولان .

أحدهما : أنهم مؤمنو أهل الكتاب ، وهذا قول الجمهور ، وهو الظاهر [ ص: 230 ] وفيما صبروا عليه قولان . أحدهما : أنهم صبروا على الكتاب الأول ، وصبروا على اتباعهم محمدا ، قاله قتادة ، وابن زيد . والثاني : أنهم صبروا على الإيمان بمحمد قبل أن يبعث ، ثم على اتباعه حين بعث ، قاله الضحاك .

والقول الثاني : أنهم قوم من المشركين أسلموا ، فكان قومهم يؤذونهم ، فصبروا على الأذى ، قاله مجاهد .

قوله تعالى: ويدرءون بالحسنة السيئة فيه أقوال قد شرحناها في (الرعد : 22) .

قوله تعالى: وإذا سمعوا اللغو فيه ثلاث أقوال .

أحدها : الأذى والسب ، قاله مجاهد . والثاني : الشرك ، قاله الضحاك . والثالث : أنهم قوم من اليهود آمنوا ، فكانوا يسمعون ما غير اليهود من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكرهون ذلك ويعرضون عنه ، قاله ابن زيد . وهل هذا منسوخ ، أم لا؟ فيه قولان .

وفي قوله : وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم قولان .

أحدهما : لنا ديننا ولكم دينكم . والثاني : لنا حلمنا ولكم سفهكم .

سلام عليكم قال الزجاج : لم يريدوا التحية ، وإنما أرادوا : بيننا وبينكم المتاركة ، وهذا قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال . وذكر المفسرون أن هذا منسوخ بآية السيف .

وفي قوله : لا نبتغي الجاهلين ثلاثة أقوال .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.51 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.36%)]