عرض مشاركة واحدة
  #198  
قديم 18-11-2022, 11:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الخامس

الحلقة (198)
صــــــــــ 69 الى صـــــــــــ 75



صداق الشيء بعينه لا يدفع حتى يزيد أو ينقص ( أخبرنا الربيع ) قال ( قال الشافعي ) ولو أصدقها أمة أو ماشية فلم يدفعها إليها حتى تناتجت في يديه ثم طلقها قبل أن يدخل بها كان لها النتاج كله دونه لأنه نتج في ملكها ونظر إلى الماشية فإن كانت بحالها يوم أصدقها إياها وأزيد فهي لها ويرجع عليها بنصف الماشية دون النتاج ، وإن كانت ناقصة عن حالها يوم أصدقها إياها كان لها الخيار فإن شاءت أخذت منه أنصاف قيمتها يوم أصدقها إياها وإن [ ص: 69 ] شاءت أخذت أنصافها ناقصة ، وهكذا لو كانت أمة فولدت أو عبيدا فأغلوا ( قال الربيع ) وللشافعي قول آخر أنها إن شاءت أخذت نصفها ناقصة وإن شاءت رجعت بنصف مهر مثلها وهو أصح قوليه وآخر قوليه ( قال الشافعي ) وإن كان النتاج أو ولد الجارية هلك في يديه أو نقص وقد سألته دفعه فمنعها منه فهو ضامن لقيمته في أكثر ما كانت قيمة قط وضامن لنقصه ويدفعه كضمان الغاصب لأنه كان عليه أن يدفعه فمنعه ولم يدفعه ( قال الشافعي ) ولو عرض عليها أن يدفع إليها الأمة فأقرتها في يديه قبل أن تقبضها منه أو لم يمنعها دفعها ولم تسأله إياها كان فيها قولان أحدهما أنه لا يضمن الجارية إن نقصت وتكون بالخيار في أن تأخذها ناقصة أو تدعها فإن ماتت رجعت بمهر مثلها والآخر أن يكون كالغاصب ولكنه لا يأثم إثم الغاصب لأنه ضامن له ولا يخرجه من الضمان إلا أن يدفعه إليها أو إلى وكيل لها بإذنها فإن دفعه إليها أو إلى وكيل لها بإذنها ثم ردته إليه بعد فهو عنده أمانة لا يضمن شيئا منه بحال .

( قال الشافعي ) وإذا لم يدفعه إليها فترده إليه فما أنفق عليه لم يرجع به وهو متطوع به ومتى جنى عليه في يديه إنسان فأخذ له أرشا فلها الخيار إن أحبت فلها الأرش لأنه ملك بمالها وإن أحبت تركته عليه لأنه ناقص عما ملكته عليه وإن كان منعها منه فأحبت ضمنت الزوج ما نقص في يديه قال وما باع الزوج منه أو من نتاج الماشية فوجد بعينه فالبيع مردود وإن فات فلها عليه قيمته لأنه كان مضمونا عليه ولا يكون له أن يأخذ الثمن الذي باع به لأنه متعد فيه وأن الشيء بعينه لو وجد كان البيع فيه مردودا ولو أرادت إجازة البيع فيه إن كان قائما لم يجز البيع ولا يحل له هو أن يملكه لأنه ما لم يكن له فلا يخرجه منه إلا رده على صاحبه الذي باعه أو أن يهبه له صاحبه الذي ابتاعه منه .

( قال الشافعي ) وإذا لقي صاحبه وقد فاتت السلعة في يديه فالمشتري ضامن لقيمتها يقاصه بها من الثمن الذي تبايعا به ويترادان الفضل عند أيهما كأن كان ثمنها مائة دينار وقيمتها ثمانون فيرجع المشتري على البائع بعشرين وكذلك لو كان ثمنها ثمانين وقيمتها مائة رجع البائع على المشتري الذي هلكت في يديه بعشرين قال وإنما فرقت بين ثمن ما باع من مالها وبين أرش ما أخذ فيما جنى على مالها من قبل أنها هي لم يكن لها فيما جنى على مالها إلا الأرش أو تركه ولها فيما بيع من مالها أن ترده بعينه وإن فات فلها عليه قيمته ولا يكون لها أن تملك ثمنه إن كان أكثر من ثمنه لأنه لم يكن لها إجازة بيعه ، والفضل عن ثمنه لمبتاعه البيع الذي لا يجوز لأنه ضامن له بالقيمة قال ولو أصدقها نخلا أو شجرا فلم يدفعه إليها حتى أثمرت في يديه فجعل الثمر في قوارير جعل عليه صقرا من صقر نخلها أو جعله في قرب كان لها أخذ الثمر بالصقر وأخذه محشوا وله نزعه من القوارير والقرب لأنها له إن كان نزعه لا يضر بالثمر فإن كان إذا نزع من القرب فسد ولم يكن سقي بشيء عمل به كان لها أن تأخذه وتنزع عنه قربه وتأخذ منه ما نقصه لأنه أفسده إلا أن يتطوع بتركها وهكذا كل ثمرة رببها أو حشاها على ما وصفت وإن كان ربب الثمرة برب من عنده كان لها أن تأخذ الثمرة وتنزع عنها الرب إن كان ذلك لا يضر بها ولا ينقصها شيئا وإن كان ينقصها شيئا نزعت عنها الرب وأخذت قيمة ما نقصها بالغة ما بلغت وأجرة نزعها من الرب لأنه المتعدي فيه .

( قال الشافعي ) وكل ما أصيبت به الثمرة في يديه من حريق أو جراد أو غيره فهو ضامن له إن كان له مثل [ ص: 70 ] فمثله وإن لم يكن له مثل فمثل قيمته وإن بقي منه شيء فقيمة ما نقصه وهو كالغاصب فيما لا يضمن لا يخالف حاله في شيء إلا في شيء واحد يعذر فيه بالشبهة إن كان ممن يجهل أو تأول فأخطأ ذلك ولو كان أصدقها جارية فأصابها فولدت له ثم طلقها قبل الدخول وقال كنت أراها لا تملك إلا نصفها حتى تدخل فأصبتها وأنا أرى أن لي نصفها قوم الولد عليه يوم يسقط ويلحق به نسبه وكان لها مهر مثل الجارية وإن شاءت أن تسترق الجارية فهي لها وإن شاءت أخذت قيمتها أكثر مما كانت قيمتها يوم أصدقها أو يوم أحبلها وكانت الجارية له ولا تكون أم ولد بذلك الولد ولا تكون أم ولد له إلا بوطء صحيح وإنما جعلت لها الخيار لأن الولادة تغيرها عن حالها يوم أصدقها إياها قبل أن تلد ( قال الشافعي ) ولو أصدقها أرضا فدفعها إليها فزرعتها أو أزرعتها أو وضعت فيها حبابا ثم طلقها قبل أن يدخل بها وفيها زرع قائم رجع عليها بنصف قيمة الأرض لا أجعل حقه في الأرض مستأخرا وهو حال ولا أجعل عليه أن ينتظر الأرض حتى تفرغ ثم يأخذ نصفها لأنها إن كانت مشغولة في ملكها فصار حقه في قيمة لم يتحول في غيرها إلا أن يجتمعا على ذلك جميعا فيجوز ما اجتمعا عليه فيه وكذلك إن كانت حرثتها ولم تزرعها ولو كانت غرستها أو بنت فيها كان له قيمتها يوم دفعها إليها .

( قال الشافعي ) ولو كانت زرعتها وحصدتها ثم طلقها وهي محصودة فله نصف هذه الأرض إلا أن يكون الزرع فيها زائدا لها فلا يكون له أن يأخذها زائدة إلا أن تشاء هي فلا يكون له غيرها وإن كان الزرع نقصها فله نصف قيمتها ولا يكون عليه أن يأخذها ناقصة إلا أن يشاء هو أخذها فإذا شاء هو أخذها وهي ناقصة لم يكن لها منعه من نصفها .
المهر والبيع

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ولو نكحها بألف على أن تعطيه عبدا يسوى ألفا فدفعت إليه ودفع إليها الألف ثم طلقها قبل أن يدخل بها ففيها قولان أحدهما أن المهر المسمى كالبيع فلا يختلف في هذا الموضع ومن قال هذا قال لأنه يجوز في شرطه مسمى ما يجوز في البيع ويرد فيه ما يرد في البيع فبهذا أجزنا أن يكون مع النكاح مبيع غيره ولم نرده لأنه يملك كله فإن انتقض الملك في الصداق بالطلاق فقد ينتقض في البيع بالشفعة ثم لا نمنع ما فيه الشفعة أن يكون كالبيوع فيما سوى هذا قال وهذا جائز لا نفسخ صداقها ولا نرده إلى صداق مثلها وهو على ما تراضيا عليه والثاني أنه لا يكون مع الصداق بيع وإذا وقع مثل هذا أثبتنا النكاح وكان لها صداق مثلها ورد البيع إن كان قائما .

وإذا كان مستهلكا فقيمته وبه يقول الشافعي قال وأصل معرفة هذا أن تعرف قيمة العبد الذي ملكته هي زوجها مع تمليكها إياه عقد نكاحها فإن كان قيمة العبد ألفا وصداق مثلها ألفا فأقسم المهر وهو ألف على قيمة العبد وعلى صداق مثلها فيكون العبد مبيعا بخمسمائة ويكون صداقها خمسمائة فينفذ العبد مبيعا بخمسمائة فإن قبض العبد ودفع إليها الألف ثم طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها من الصداق بمائتين وخمسين وذلك نصف ما أصدقها ولو مات العبد في يدها قبل يقبضه انتقض فيه البيع ورجع عليها بقيمة خمسمائة وكان الباقي صداقها فإن طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها من الصداق بمائتين وخمسين وإن لم يكن دفع الصداق دفع إليها مائتين وخمسين ولو لم يمت العبد ولكنه دخله العيب كان له الخيار في أخذه معيبا بجميع الثمن أو نقض البيع فيه .

قال ولو كان أصدقها عبدا بعينه على أن زادته [ ص: 71 ] ألف درهم كانت كالمسألة الأولى ينظر فإن كانت قيمة العبد ألفا ومهر مثلها ألفا وزيادتها إياه ألفا فلها نصف العبد بالصداق ونصفه الآخر بالألف فإن طلقها قبل الدخول بها رجع عليها ربع العبد وكان لها ثلاثة أرباعه نصفه بالألف وربعه بنصف المهر قال ومن أجاز هذا قال إنما منعني أن أنقض البيع كله إذا انتقض بعضه بالطلاق أني جعلت ما أعطاها مقسوما على الصداق والبيع فما أصاب الصداق ونصف الصداق كالمستهلك لأن النكاح لا يرد كما ترد البيوع فلم يكن لي أن أرد البيع كله وبعضه مستهلك إنما أرد البيع كله إذا كان المبيع قائما بعينه فإذا ذهب بعضه لم أرد الباقي منه بحال فأكون قد نقضت البيعة ورددت بعضها دون بعض .

قال ولو تزوجها بعبد بعينه وألف درهم على أن تعطيه عبدا بعينه ومائة دينار وتقابضا قبل أن يتفرقا كان النكاح جائزا وينظر إلى قيمة العبد الذي تزوجها عليه مع الألف فإن كان ألفا فالصداق ألفان فيقسم الألفان على مهر مثلها والعبد الذي أعطته والمائة الدينار فإن كان صداق مثلها ألفا وقيمة العبد الذي أعطته ألفا وقيمة المائة الدينار ألفين فالعبد الذي أعطته مبيع بخمسمائة والمائة الدينار مبيعة بألف وصداقها خمسمائة لأن ذلك كله في العبد الذي أصدقها والدراهم الألف يملك بكل شيء فما أعطته من عقدتها والعبد والمائة الدينار بقدر قيمته من العبد والألف فإن طلقها قبل أن يدخل بها سلمت له المائة والعبد ورجع عليها بمائتين وخمسين في كل ما أعطاها من العبد بحصته ومن الألف بحصتها ، فيكون له من الألف التي أعطاها مائة وخمسة وعشرين ، ومن العبد قيمة مائة وخمسة وعشرين وذلك ثمنه ، وإن كانا لم يتقابضا قبل أن يتفرقا فسد الصداق لأن فيه صرفا مستأخرا وما كان فيه صرف لم يصلح أن يتفرقا حتى يتقابضا ولها صداق مثلها ، قال : ولو أصدقها ألفا على أن ردت إليه ألفا أو خمسمائة كان النكاح ثابتا والصداق باطلا ولها مهر مثلها لا تجوز الدراهم بالدراهم إلا معلومة ومثلا بمثل ، وأقل ما في هذا أن الخمسمائة وقعت من الألف بما لا يعرف عند عقد البيع ألا ترى أن مهر مثلها يكون ألفا فتكون الخمسمائة بثلث الألف ويكون مائة فتكون الخمسمائة بتسعمائة ، ولو كان مهر مثلها خمسمائة لم يجز من قبل أن الصفقة وقعت ولا يدرى كم حصة الدراهم التي أعطته من الدراهم التي أعطاها ولا يصلح فيهما حتى يفرق فيه عقد الصرف من عقد البيع فتكون الدراهم بدراهم مثلها وزنا بوزن ويكون الصداق معلوما غيرها .

قال وإذا كانت الدنانير بدراهم فكانت نقدا يتقابضان قبل أن يتفرقا فلا بأس بذلك لأنه لا بأس بالفضل في بعضها على بعض يدا بيد ، قال : ولو تزوجها على ثياب تسوى ألفا على أن زادته ألفا وكان صداق مثلها ألفا فكان نصف الثياب بيعا لها بالألف ونصفها صداقها فإن طلقها قبل الدخول فلها ثلاثة أرباع الثياب نصفها بالبيع ونصف النصف بنصف المهر ( قال الربيع ) هذا كله متروك لأن الشافعي رجع عنه إلى قول آخر .

قال : ولو طلقها قبل الدخول ولم يكن دفع الثياب إليها حتى هلكت في يديه ورد عليها الألف التي قبض منها إن كان قبضها وإن لم يكن قبضها لم يدفع إلي منها شيء لأنه قد هلك ما اشترت منه قبل قبضه فلا يلزمها ثمنه وأعطاها نصف مهر مثلها من قيمة الثياب وذلك ربع قيمة الثياب مائتان وخمسون درهما فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه . قال : ولو تزوجها على أبيها وأبوها يسوى ألفا أو على ابنها وابنها يسوى ألفا على أن زادته ألفا ومهر مثلها ألف فدفع إليها أباها أو لم يدفعه فسواء والنكاح ثابت والمهر جائز وأبوها ساعة ملكته حر لأن ملكها إياه ساعة ملك عقدة نكاحها وكذلك ابنها إن كان هو [ ص: 72 ] الصداق ويلزمها أن تعطيه الألف التي زادته فإن طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بمائتين وخمسين وذلك نصف صداقها لأن أباها كان بيع بخمسمائة فسلم لها حين عتق فصار صداقها خمسمائة فرجع عليها بنصفها وهو مائتان وخمسون .

فإن قال قائل : فأراك أنزلت صدقات النكاح منزلة البيوع وأنت تقول المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا فيكون المرأة والرجل بالخيار في الصداق ما لم يتفرقا ، قيل لا ، فإن قال قائل : فما فرق بينهما ؟ قيل إنا لما جعلنا - ولم يخالفنا أحد علمناه - النكاح كالبيوع المستهلكة فقلنا إذا كان الصداق مجهولا فللمرأة مهر مثلها ولا يرد النكاح كما قلنا في البيع بالشيء المجهول يهلك في يدي المشتري وفي البيع المعلوم فيه الخيار لصاحبه فيه قيمته حكمنا في النكاح إذا كان حكمه لا يرد عقده أنه كبيع قد استهلك في يد مشتريه ، ألا ترى لو أن رجلا اشترى من رجل عبدا على أنه بالخيار يومه أو ساعته فمات قبل مضي وقت الخيار لزمه بالثمن لأنه ليس ثم عين ترد والنكاح ليس بعين ولا يكون للمتناكحين خيار لما وصفت .

قال : ولو تزوج الرجل المرأة فأصدقها ألفا وردت عليه خمسمائة درهم فالنكاح ثابت والصداق باطل ولها مهر مثلها تقابضا قبل أن يتفرقا أو لم يتقابضا لأن حصة الخمسمائة درهم من الألف مجهولة لأنها مقسومة على ألف وصداق مثلها . وهكذا لو تزوجها بألف على إن ردت عليه ألفا كان الصداق باطلا وهي مثل المسألة قبلها وزيادة أنها لو كانت ألفا بألف وزيادة كان الربا في الزيادة أو النكاح بلا حصة من المهر فيكون لها صداق مثلها ويبطل البيع في الألف .

وهكذا لو نكحها بمائة إردب حنطة على أن ردت عليه مائة إردب حنطة أو أقل أو أكثر . وهكذا كل شيء أصدقها إياه وردت عليه شيئا منه مما في الفضل في بعضه على بعض الربا لم يجز فلا يجوز من هذا شيء حتى يسمي حصة مهرها مما أصدقها وحصة ما أخذ منها ، فإذا أصدقها ألفا على أن حصة مهرها خمسمائة وردت عليه خمسمائة بخمسمائة وكان هذا فيما في بعضه على بعض الربا ففيها قولان أحدهما : أن هذا جائز . ومن قال هذا القول قال لو أصدق امرأتين ألفا كان النكاح ثابتا وقسمت الألف بينهما على مهور مثلهما فكان لكل واحدة منهما فيها بقدر مهر مثلها كان مهر مثل إحداهما ألفا ومهر الأخرى ألفين فيكون لصاحبة الألف ثلث الألف ولصاحبة الألفين ثلثا الألف ، ولو أصدقها أباها عتق ساعة عقد عليها عقد النكاح ولم يحتج إلى أن يتفرقا كما يحتاج إليه في البيع ويتم تملكها الصداق بالعقد ، وإن كان به عيب ينقصه عشر قيمته رجعت عليه بعشر مهر مثلها ، ولو طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بنصف قيمة أبيها يوم قبضته منه .

وكذا لو مات أبوها رجع بنصف قيمته يوم قبضته منه ولا يرد عتقه ، وكذلك لو أفلست أو أصدقها أباها وهي مفلسة ثم طلقها لم يكن له نصفه ولا للغرماء منه شيء لأنه يعتق ساعة يتم ملكه بالعقد ، ولو أصدقها أباها وهي محجورة كان النكاح ثابتا وصداق أبيها باطلا لأنه لا يثبت لها عليه ملك وكان لها عليه مهر مثلها .

وكذلك لو كانت محجورة فأمهرها أمها بأمر أبيها وهو وليها أو ولي لها غيره لأنه ليس لأبيها ولا لولي غيره أن يعتق عنها ولا يشتري لها ما يعتق عليها من ولد ولا والد ، قال ولو كانت غير محجورة فأصدقها أباها وقيمته ألف أو ألفان ثم طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بنصف قيمة أبيها وهي خمسمائة وخمسمائة نصف الألف ، ولو أصدقها أباها وهو يسوى ألفا على أن تعطيه أباه وهو يسوى ألفا وصداق مثلها ألف فأبوه بيع له بصداق مثلها وبأبيها ونصف أبيها لها [ ص: 73 ] بالصداق ونصفه بأبيه فيعتق أبواهما معا ، وإن طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بربع قيمة أبيها وذلك مائتان وخمسون وهو نصف حصة صداق مثلها ، قال ولو أصدقها عبدا يسوى ألفا وصداق مثلها ألف على أن زادته عبدا يسوى ألفا فوجد بالعبد الذي أعطته عيبا كان فيها قولان .

أحدهما : يرده بنصف عبده الذي أعطاها لأنه مبيع بنصفه وكان لها نصف العبد الذي أعطاها فإن طلقها رجع عليها بربع العبد الذي أصدقها وهو نصف صداقه إياها وكان لها ربعه لأنه نصف صداقها . والقول الثاني : أنه إذا جاز أن يكون بيعا أو نكاحا أو بيعا أو إجارة لم يجز لو انتقص الملك في العبد الذي أصدقها بعيب يرد به أو بأن يستحق أو بأن يطلقها فيكون له بعضه إلا أن تنتقض الصفقة كلها فترد عليه ما أخذت منه ويرد عليها ما أخذ منها ويكون لها مهر مثلها ، كما لو اشترى رجل عبدين فاستحق أحدهما انتقض البيع في الثاني أو وجد بأحدهما عيبا فأبى إلا أن يرد انتقض البيع في الثاني إذا لم يرد أن يحبس العبد على العيب .

والقول الثاني أنه لا يجوز أن يعقد الرجل نكاحا بصداق على أن تعطيه المرأة شيئا قل ولا كثر من بيع ولا كراء ولا إجارة ولا براءة من شيء كان لها عليه من قبل أنه إذا أصدقها ألفين ومهر مثلها ألف فأعطته عبدا يسوى ألفا ثم طلقها قبل أن يدخل بها انتقض نصف حصة مهر مثلها وثبت نصفها ، فإن جعلت البيع منها نقضت نصفه ولم أجد شيئا جمعته صفقة ينتقض إلا معا ولا يجوز إلا معا فإن جعلته ينتقض كله فقد انتقض بغير عيب ولا انتقاض لنصف حصة عقدة النكاح فدخله ما وصفت أولى من أن ينتقض بعض الصفقة دون بعض .

وإن لم أجعله ينتقض بحال فقد أجزت بيعا معه بغير ملك قد انتقض بعضه ووقع البيع عليه بحصة من الثمن غير معلومة لأن مهر مثلها ليس بمعلوم حتى يسأل عنه ويعتبر بغيرها . فإن قال قائل : قد تجمع الصفقة بيع عبدين معا ؟ قيل نعم : يرقان فيسترقان معا وتنتقض الصفقة في أحدهما فتنتقض في الآخر حين لم يتم البيع وليس هكذا النكاح ( قال الربيع ) وبهذا يأخذ الشافعي وبه أخذنا . قال ومن قال هذا القول لم يجز أن ينكح الرجل امرأتين بألف ولا يبين كم لكل واحدة منهما من الألف ، وأثبت النكاح في كل ما وصفت وأجعل لكل منكوحة على هذا صداق مثلها إن مات أو دخل بها ونصف صداق مثلها إن طلقها قبل أن يدخل بها .

وكذلك لا يجوز أن ينكح الرجل المرأة بألف على أن تبرئه من شيء كان لها عليه قبل النكاح ولا ينكحها بالألف على أن تعمل له عملا ولا ينكحها بالألف على أن يعمل لها عملا لأن هذا نكاح وإجارة لا تعرف حصة النكاح من حصة الإجارة ونكاح وبراءة لا تعرف حصة النكاح من حصة البراءة . فعلى هذا ، هذا الباب كله وقياسه ( قال الربيع ) وبه يقول الشافعي ( قال الشافعي ) وإذا أصدقت المرأة العبد أو الأمة فكاتبتهما أو أعتقتهما أو وهبتهما أو باعتهما أو دبرتهما أو خرجا من ملكها ثم طلقت قبل أن يدخل بها لم ترد من ذلك شيئا إذا طلقها الزوج قبل أن يدخل بها ويرجع عليها بنصف قيمة أي ذلك أصدقها يوم دفعه إليها ، ولو دبرت العبد أو الأمة فرجعت في التدبير ثم طلقها والعبد بحاله رجع في نصفه .

وإن طلقها قبل أن ترجع في التدبير لم يجبر على أخذه وإن نقضت التدبير لأن نصف المهر صار له والعبد أو الجارية محول دونه بالتدبير لا يجبر مالكه على نقض التدبير فلما لم يكن يجبر عليه كان حقه مكانه في نصف قيمته فلا يتحول إلى عبد قد كان في ثمن بمشيئتها إذا لم تكن مشيئته في أن يأخذ العبد أو الأمة ويقال له انقض التدبير .
[ ص: 74 ] التفويض

أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي رحمه الله تعالى : التفويض الذي إذا عقد الزوج النكاح به عرف أنه تفويض في النكاح أن يتزوج الرجل المرأة الثيب المالكة لأمرها برضاها ولا يسمي مهرا أو يقول لها أتزوجك على غير مهر فالنكاح في هذا ثابت فإن أصابها فلها مهر مثلها وإن لم يصبها حتى طلقها فلا متعة ولا نصف مهر لها وكذلك أن يقول أتزوجك ولك علي مائة دينار مهر فيكون هذا تفويضا وأكثر من التفويض ولا يلزمه المائة فإن أخذتها منه كان عليها ردها بكل حال وإن مات قبل أن يسمي لها مهرا أو ماتت فسواء وقد روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى في بروع بنت واشق ونكحت بغير مهر فمات زوجها فقضى لها بمهر نسائها وقضى لها بالميراث } فإن كان ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو أولى الأمور بنا ولا حجة في قول أحد دون النبي صلى الله عليه وسلم وإن كثروا ولا في قياس فلا شيء في قوله إلا طاعة الله بالتسليم له وإن كان لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لأحد أن يثبت عنه ما لم يثبت ولم أحفظه بعد من وجه يثبت مثله وهو مرة يقال عن معقل بن يسار ومرة عن معقل بن سنان ومرة عن بعض أشجع لا يسمى وإن لم يثبت فإذا مات أو ماتت فلا مهر لها وله منها الميراث إن ماتت ولها منه الميراث إن مات ولا متعة لها في الموت لأنها غير مطلقة وإنما جعلت المتعة للمطلقة .

قال وإن كان عقد عليها عقدة النكاح بمهر مسمى أوبغير مهر فسمى لها مهرا فرضيته أو رفعته إلى السلطان ففرض لها مهرا فهو لها ولها الميراث ( قال الشافعي ) أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال سمعت عطاء يقول سمعت ابن عباس يسأل عن المرأة يموت عنها زوجها وقد فرض صداقها قال لها الصداق والميراث أخبرنا مالك عن نافع أن ابنة عبيد الله بن عمر وأمها ابنة زيد بن الخطاب وكانت تحت ابن لعبد الله بن عمر فمات ولم يدخل بها ولم يسم لها صداقا فابتغت أمها صداقها فقال لها ابن عمر ليس لها صداق ولو كان لها صداق لم نمنعكموه ولم نظلمها فأبت أن تقبل ذلك فجعلوا بينهم زيد بن ثابت فقضى أن لا صداق لها ولها الميراث أخبرنا سفيان عن عطاء بن السائب قال سألت عبد خير عن رجل فوض إليه فمات ولم يفرض فقال ليس لها إلا الميراث ولا نشك أنه قول علي .

( قال الشافعي ) قال سفيان لا أدري لا نشك أنه من قول علي أم من قول عطاء أم من قول عبد خير ( قال الشافعي ) وفي النكاح وجه آخر قد يدخل في اسم التفويض وليس بالتفويض المعروف نفسه وهو مخالف للباب قبله وذلك أن تقول المرأة للرجل أتزوجك على أن تفرض لي ما شئت أو ما شئت أنا أو ما حكمت أنت أو ما حكمت أنا أو ما شاء فلان أو ما رضي أو ما حكم فلان لرجل آخر فهذا كله وقع بشرط صداق ولكنه شرط مجهول فهو كالصداق الفاسد ، مثل الثمرة التي لم يبد صلاحها على أن تترك إلى أن تبلغ .

ومثل الميتة والخمر وما أشبهه مما لا يحل ملكه ولا يحل بيعه في حاله تلك أو على الأبد فلها في هذا كله مهر مثلها وإن طلقها قبل أن يدخل بها فلها نصف مهر مثلها ولا متعة لها في قول من ذهب إلى أن لا متعة للتي فرض لها إذا طلقت قبل أن تمس ولها المتعة في قول من قال المتعة لكل مطلقة .

( قال الشافعي ) وإذا كان الصداق تسمية بوجه لا يجوز إلى أجل أو غير أجل ، أو يذكر فيه شيء فهو صداق فاسد لها فيه مهر مثلها ونصفه إن طلقت قبل الدخول ولو أصدقها بيتا أو خادما لم يصفه ولم تعرفه بعينه كان لها صداق مثلها لا يكون الصداق لازما إلا بما تلزم به البيوع ألا ترى لو أن رجلا باع بيتا غير موصوف أو خادما غير موصوف . ولا يرى واحدا منهما ولا يعرفه بعينه لم يجز وهكذا لو قال [ ص: 75 ] أصدقتك خادما بأربعين دينارا لم يجز لأن الخادم بأربعين دينارا قد يكون صبيا وكبيرا وأسود وأحمر فلا يجوز في الصداق إلا ما جاز في البيوع .

ولو قال أصدقتك خادما خماسيا من جنس كذا أو صفة كذا جاز كما يجوز في البيوع قال ولو أصدقها دارا لا يملكها أو عبدا لا يملكه أو حرا فقال هذا عبدي أصدقتكه فنكحته على هذا ثم علم أن الدار والعبد لم يكونا في ملكه يوم عقد عليها فعقدة النكاح جائزة ولها مهر مثلها ولا يكون لها قيمة العبد ولا الدار ولو ملكهما بعد فأعطاها إياهما لم يكونا لها إلا بتجديد بيع فيهما لأن العقدة انعقدت وهو لا يملكهما كما لو انعقدت عليهما عقدة بيع لم يجز البيع ولو ملكهما بعد البيع أو سلمهما مالكهما للبائع بذلك الثمن لم يجز حتى يحدث فيهما بيعا وإنما جعلت لها مهر مثلها لأن النكاح لا يرد كما لا ترد البيوع الفائتة النكاح كالبيوع الفائتة قال وسيد الأمة في تزويج الرجل بغير مهر مثل المرأة البالغ في نفسها إذا زوجها بغير أن يسمي مهرا أو زوجها على أن لا مهر لها فطلقها الزوج قبل المسيس فلها المتعة وليس لها نصف المهر فإن مسها فلها مهر مثلها وإذا زوج الأمة سيدها وأذنت الحرة في نفسها بلا مهر ثم أرادت الحرة وأراد سيد الأمة أن يفرض الزوج لها مهرا فرض لها المهر .

وإن قامت عليه قبل أن يطلقها فطلبته فطلقها قبل أن يفرض لها أو يحكم عليه الحاكم بمهر مثلها فليس لها إلا المتاع لا يجب لها نصف المهر إلا أن يفرض الحاكم أو بأن يفرضه هو لها بعد علمها صداق مثلها فترضى كما وقع عليه العقد فيلزمهما جميعا .

( قال الشافعي ) وإن نكحها بغير مهر ففرض لها مهرا فلم ترضه حتى فارقها كانت لها المتعة ولم يكن لها مما فرض لها شيء حتى يجتمعا على الرضا فإذا اجتمعا على الرضا به لزم كل واحد منهما ولم يكن لواحد منهما نقض شيء منه كما لا يكون لواحد منهما نقض ما وقعت عليه العقدة من المهر إلا باجتماعهما على نقضها أو يطلق قبل المسيس فينتقض نصف المهر ولا يلزمها ما فرض لها بحال حتى يعلما كم مهر مثلها لأن لها مهر مثلها بالعقد ما لم ينتقض بطلاق فإذا فرض وهما لا يعلمان مهر مثلها كان هو كالمشتري وهي كالبائع ما لم يعلم أو يعلم أحدهما ( قال الشافعي ) وليس أبو الجارية الصغيرة ولا الكبيرة البكر كسيد الأمة في أن يضع من مهرها ولا يزوجها بغير مهر فإن قيل فما فرق بينهما فهو يزوجهما معا بلا رضاهما ؟ قيل ما يملك من الجارية من المهر فلنفسه يملكه لا لها فأمره يجوز في ملك نفسه وما ملك لابنته من مهرها فلها يملكه لا لنفسه ومهرها مال من مالها فكما لا يجوز له أن يهب مالها فكذلك لا يجوز له أن يهب صداقها ولا يزوجها بغير صداق كما لا يجوز له إتلاف ما سواه من مالها .

وإذا زوجها أبوها ولم يسم لها مهرا أو قال لزوجها أزوجكها على أن لا مهر عليك فالنكاح ثابت لها ولها على الزوج مهر مثلها لا يرجع به على الأب فإن ضمن له الأب البراءة من مهرها وسماه فللزوجة على الزوج صداقها في ماله عاش أو مات أو عاشت أو ماتت وإن طلقها فلها عليه نصف مهر مثلها ولا يرجع به الزوج على الأب لأنه لم يضمن له في ماله شيئا فيلزمه ضمانه إنما ضمن له أن يبطل عنه حقا لغيره فإن قال قائل وكيف جعلت عليه مهر مثل الصبية إنما زوجه إياها أبوها وهو لم يرض بالنكاح إلا بغير مهر ؟ قيل له أرأيت إن كانت المرأة الثيب المالك لأمرها التي لو وهبت مالها جاز تنكح الرجل على أن لا مهر لها ثم تسأل المهر فأفرض لها مهر مثلها ولا أبطل النكاح كما أبطل البيع ولا أجعل للزوج الخيار بأن طلبت الصداق وقد نكحت بلا صداق وكيف ينبغي أن أقول في الصبية ؟ .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.59 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.39%)]