عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 12-12-2020, 06:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

  1. شرح سنن أبي داود
    (عبد المحسن العباد)

    ما جاء في كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

    صــ 1إلى صــ7
    الحلقة (10)


    شرح سنن أبي داود [005]
    من آداب قضاء الحاجة:
    ألا تستقبل القبلة أو تستدبر عند البول أو الغائط، إلا إذا وجد حائط، وألا يستنجى باليد اليمنى، أو بأقل من ثلاثة أحجار، وألا يستنجي برجيع أو عظم.
    ما جاء في كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة
    [شرح حديث: (نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول)]
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة.حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان قال: قيل له: (لقد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة! قال: أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، وألا نستنجي باليمين، وألا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو عظم)].
    أورد أبو داود رحمه الله تعالى: باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة،
    والمقصود من هذه الترجمة:
    بيان أن القبلة
    -وهي: الجهة التي يستقبلها الناس في صلاتهم ودعائهم- لا تستقبل ببول ولا بغائط، بل الإنسان يتجه إلى جهة أخرى غير جهة القبلة، لا من حيث استقبالها ولا من حيث استدبارها فلا يجعلها أمامه ولا وراءه، ولكن يجعلها عن يمينه أو شماله، فإذا كان الإنسان في جهة المدينة أو كانت مكة من جهة الشمال أو الجنوب فإنه يشرق أو يغرب وبذلك يسلم من استقبال القبلة واستدبارها.
    قوله: [باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة].
    أورد أبو داود رحمه الله تحت هذه الترجمة حديث سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه أنه قيل له:
    (علمكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة)،
    يعني:
    حتى الهيئة التي تفعلونها عند قضاء الحاجة،
    والمقصود بذلك:
    بيان كيفية التصرف وكيفية العمل عند قضاء الحاجة، والآداب التي تفعل عند قضاء الحاجة.
    قوله: [قيل له: (علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة)].
    الذين قالوا له هم المشركون،
    ولهذا قالوا:
    نبيكم،
    وما قالوا:
    النبي، فأضافوه إليهم.
    وقوله: (الخراءة) وهي الفعل عند قضاء الحاجة،
    يعني:
    علمهم كيف يفعل الإنسان عند قضاء حاجته، فعلمهم أنه لا يستقبل ولا يستدبر القبلة، ولا يستنجي بيمينه، ولا برجيع أو عظم، ولا بأقل من ثلاثة أحجار.فهذه آداب بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يريد قضاء الحاجة.
    قوله: [(لقد نهانا صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أو بول)].
    يعني: عند قضاء الحاجة سواء الغائط أو البول أو هما جميعا، فما دام أنه يقضي حاجته فإنه لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها.وهذا فيه توقير القبلة واحترامها، وأن الإنسان لا يستقبلها ولا يستدبرها وهو يقضي حاجته.
    قوله: [(وألا نستنجي باليمين)].
    يعني:
    عندما نريد أن ننظف السبيلين من الخارج لا نستعمل اليمين في التنظيف وإنما نستعمل اليسار؛ لأن اليمين تستعمل في الأمور الطيبة المحترمة المحمودة، وأما الأمور التي فيها امتهان كتنظيف السبيلين بعد الخارج منهما فإنه يكون باليسار لا باليمين.
    قوله: (نهانا أن نستنجي باليمين) هذه من الآداب من حيث الجلوس لا نستقبل ولا نستدبر بل نشرق ونغرب، وإذا كنا في شرق مكة أو غربها فنستقبل الجنوب أو الشمال ولا نشرق ولا نغرب؛ لئلا نستقبل القبلة أو نستدبرها،
    ولكن هذا الذي قيل فيه:
    يشرق أو يغرب إنما يراد به من كان عن مكة من جهة الشمال كالمدينة، أو من كان عن مكة من جهة الجنوب كاليمن، فإن هؤلاء يشرقون ويغربون.وأما من كان عن مكة من جهة الغرب أو من جهة الشرق فإنهم يجنبون ويشملون فيتجهون إلى جهة الجنوب وإلى جهة الشمال ولا يشرقون ولا يغربون.وهذا من الآداب عند إرادة الجلوس.
    وكذلك ينبغي عند بناء موضع قضاء الحاجة في المراحيض:
    أن توجه إلى غير جهة القبلة، فلا يكون فيها استقبال ولا استدبارها، فالذي ينبغي أنه عندما يراد وضع الكراسي التي يقضى عليها الحاجة في المراحيض أن يلاحظ في اتجاهها أن تكون ليست في استقبال القبلة ولا استدبارها.ثم إذا جلس الإنسان على الهيئة المشروعة لا مستقبل ولا مستدبر القبلة فإن الهيئة التي يتصرف فيها عند قضاء الحاجة ألا يستنجي باليمين،
    يعني:
    لا يستعملها في الاستنجاء بل يستعمل اليسار وهذا من الآداب.
    قوله: ((وألا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار)).
    يعني: إذا لم يستعمل الماء؛ لأن الماء إذا وجد فاستعماله هو الأصل، لكن إذا لم يوجد ماء فإنه يستنجى بالحجارة أو غيرها مما يقوم مقامها من الأشياء التي ليس فيها شيء محذور بأن يستعمل حجارة أو مناديل أو ورقا ليس فيه كتابة، وكذلك لا يستعمل الأشياء المحترمة كالأطعمة أو ما إلى ذلك.وإذا استنجى الإنسان بالحجارة فيستنجي بثلاثة أحجار، وإن استعمل حجرا واحدا كبيرا وله ثلاث شعب فإنه يقوم مقام الثلاثة الأحجار؛ لأن المقصود هو استعمال هذا العدد أو ما يقوم مقام هذا العدد؛ من أن يكون حجرا له ثلاث شعب؛ لأن الثلاث الشعب مثل الثلاثة الأحجار.
    قوله: ((أو نستنجي برجيع أو عظم)).
    والرجيع هو:
    الروث، والروث قد يكون نجسا كرجيع بني آدم أو الحمير أو غيرها، فكل ما يكون محرم الأكل فإن رجيعه نجس، ومن المعلوم أن إزالة النجاسة بنجاسة لا يزيدها إلا شدة، فكون الإنسان يأتي بعذرة ويستنجي بها فمعناه أنه زاد الطين بلة، وزاد السوء سوءا والنجاسة نجاسة،
    ولكن المقصود هنا هو: الروث أو الرجيع من مأكول اللحم كالإبل والبقر والغنم؛ لأن هذه أرواثها طاهرة وليست بنجسة، ولكن لا يجوز أن يستنجى بها.وكذلك العظم لا يستنجى به، وقد جاء في بعض الروايات بيان الحكمة في ذلك، وأنها طعام إخواننا من الجن، والروث علف دوابهم، وأن الله تعالى يجعل في تلك العظام والأرواث ما فيه الفائدة لهم ولدوابهم.فإذا: السنة جاءت مبينة أن الحكمة في ذلك عدم تقذيرها وإفسادها على من هي طعام لهم؛ لأنها إذا استعملت فيها النجاسة ففيها إفساد.
    وقيل أيضا: إن فيها لزوجة، ومعنى ذلك أنه لا يحصل بها التنظيف والإنقاء تماما.لكن العلة التي جاءت مبينة سبب ذلك هي أن في ذلك تقذيرا لها على الجن، وأنها طعام لهم، والأرواث علف لدوابهم.هذه هي العلة المعتبرة في قضية المنع؛ لأنها جاءت مبينة في السنة.
    [تراجم رجال إسناد حديث: (نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول)]
    قوله: [حدثنا مسدد بن مسرهد].مسدد بن مسرهد ثقة أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.[حدثنا أبو معاوية].أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته (أبو معاوية).[عن الأعمش].الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.[عن إبراهيم].هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة،
    وهو الذي جاء عنه العبارة المشهورة عند الفقهاء:
    ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه.
    ومعنى ما لا نفس له سائلة:
    أي ليس فيه دم كالذباب وكالجراد وما إلى ذلك مما لا دم فيه، فهذا إذا وقع في الماء ومات فيه لا ينجسه.
    وهذه قاعدة عند الفقهاء فإنهم يقولون:
    ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه.
    ويستدلون على ذلك بحديث الذباب الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه في الماء؛ فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء)، وهو عندما يقع ينزل بالذي فيه الداء ويرفع الذي فيه الشفاء، فإذا غمس جاء الدواء بعد الداء.
    فالفقهاء قالوا: إن قوله صلى الله عليه وسلم: (فليغمسه) يعني: ثم يستعمله ويشرب،
    قالوا:
    قد يكون الماء حارا فإذا غمس فيه مات، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر باستعماله.
    إذا:
    هذا دليل على أن ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه.وقد قال ابن القيم في كتابه (إعلام الموقعين عن رب العالمين): (إن أول من عرف عنه في الإسلام أنه عبر بهذه العبارة فقال: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه هو إبراهيم النخعي، وعنه تلقاها الفقهاء من بعده)، وهي عبارة تشتمل على قاعدة من القواعد الفقهية في الطهارة،
    وهي:
    أن ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، وكل شيء لا دم فيه أو ليس مشتملا على دم إذا مات في ماء فإن ذلك الماء يكون طاهرا.[عن عبد الرحمن بن يزيد].هو عبد الرحمن بن يزيد النخعي، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.[عن سلمان].سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [بيان النبي صلى الله عليه وسلم لأصول الشريعة وفروعها]
    هذا الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بين آداب قضاء الحاجة، ويستدل به العلماء على أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أصول الدين كما بين فروعه، وأن أمور العقيدة مبينة من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
    ويحتجون بهذا على من يقولون: إن أحاديث وآيات الصفات من قبيل المتشابه الذي لا يعرف معناه، وأنه ما حصل بيان للمراد به.
    ويقولون:
    إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم بين آداب قضاء الحاجة فكيف يغفل أصول الدين، ولا يبين أمور العقيدة، ويجعل الناس في حيرة فواحد يؤول وواحد يفوض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما بين؟! فالناس خوطبوا بكلام يفهمون معناه؛ لأنهم عرب يفهمون ما خوطبوا به؛ ولهذا ما احتاجوا إلى أن يسألوه عن معاني هذه الصفات؛ لأنهم يعرفون معناها لكن لا يعرفون كيفيتها،
    كما قال الإمام مالك بن أنس رحمة الله عليه:
    الاستواء معلوم
    -يعني: معناه معلوم- والكيف مجهول.فالاستواء معلوم أي: أن معناه الارتفاع والعلو، ولكن كيفية ذلك الارتفاع والعلو الله تعالى أعلم به.
    فبعض هؤلاء قالوا: إن معناها لا يعرف، وإن معناها مجهول،
    وإن الناس لا يعرفون معاني الصفات ويقولون:
    إن قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} [طه:5] مثل (آلم) و (حم) وغيرها من الحروف المقطعة في أوائل السور التي يقال فيها: الله أعلم بالمراد بها،
    لكن لا يقال:
    إن قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} [طه:5] الله أعلم بمراده، بل الرحمن ارتفع على عرشه، فهو عال على خلقه وهو فوق كل شيء وعال على كل شيء سبحانه وتعالى، له علو الذات وعلو القدر وعلو القهر.فأنواع العلو الثلاثة كلها له سبحانه وتعالى، فهو عال في ذاته وقدره ومنزلته، كما أن له علو القهر، فهو قاهر غالب لكل أحد، وهو القاهر لكل شيء سبحانه وتعالى ولا يغلبه غالب، ولا يرد حكمه سبحانه وتعالى راد.
    فإذا: هذا مما يستدل به علماء أهل السنة والجماعة على الذين يقولون: إن آيات وأحاديث الصفات هذه ما بينت معانيها ولهذا إما نفوضها وإما نؤولها، والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ما جاء عنهم لا التفويض ولا التأويل بما يتعلق بالنسبة لمعانيها؛ لأنهم خوطبوا بكلام يفهمون معناه.فهذا من الأدلة التي يذكرونها على أن الذي بين آداب قضاء الحاجة كيف لا يبين للناس أصول دينهم ويجعلهم في حيرة يترددون بين التفويض والتأويل؟
    [حكم الاستنجاء باليمين]
    جاء في قول سلمان رضي الله عنه النهي عن الاستنجاء باليمين،
    والكثير من العلماء يقولون:
    هذا نهي تأديب وإرشاد، وإنه للكراهة، ولو أن الإنسان استنجى بيمينه حصل المقصود.
    وبعض أهل الظاهر يقول:
    لو استنجى بيمينه لا يحصل المقصود؛ لمجيء النهي عن الاستنجاء باليمين، فلا يحصل الاستنجاء والطهارة إلا باليسار.وسواء قيل بحمله على التنزيه أو التحريم فالإنسان يحرص على أن يبتعد عن شيء نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ولو كان نهي تنزيه.
    وقول الإمام أبي داود عندما قال:
    كراهية استقبال القبلة، فإن الكراهية أحيانا يأتي إطلاقها عند المحدثين وعند المتقدمين ويريدون بها التحريم،
    فالمتقدمون يطلقون الكراهية على التحريم بخلاف الفقهاء الذين قسموا الأحكام إلى خمسة:
    واجب ومندوب ومحرم ومكروه ومباح.وجعلوا المكروه هو كراهة التنزيه،
    والمندوب: هو المأمور به ليس على سبيل الوجوب.
    [شرح حديث: (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم)]
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا ابن المبارك عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه، وكان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرمة)].
    أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم)، وهذا من كمال وحسن خلقه صلى الله عليه وسلم، ورفقه بأمته، وحرصه على إفادتها والنصح لها، فهو أنصح الناس للناس، وهو أكمل الناس نصحا، وأكملهم بيانا، وأفصحهم لسانا عليه الصلاة والسلام.وهذا الكلام الذي قاله فيه التبسط معهم، وأنهم لا يتوقفون عن سؤاله عما يريدون معرفته، فكما أن الولد من السهل عليه أن يسأل أباه عما يعن له ويعرض من الأمور لقوة ولكثرة الاتصال فيما بين الوالد والولد،
    فكذلك قال عليه الصلاة والسلام:
    (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد).وهذا فيه بيان أن الأبناء عليهم أن يطيعوا الآباء فيما يأمرون به ويرشدون إليه في غير معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إذا كان في ذلك مصلحة، وأن على الآباء أن يعلموا أبناءهم؛ لأن هذا فيه إشارة إلى التعليم من الآباء للأبناء، وإشارة إلى أن الأبناء يطيعون الآباء، وهو عليه الصلاة والسلام خير من الوالدين، ويجب أن يكون في كل نفس مسلم أحب من والديه وأولاده والناس أجمعين،
    كما قال عليه الصلاة والسلام:
    (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)؛ لأن النعمة التي ساقها الله تعالى للمسلمين على يديه -وهي نعمة الإسلام- أعظم وأجل نعمة، ولهذا كانت محبته يجب أن تكون في القلوب والنفوس أعظم من محبة الوالد والولد والزوجة والصديق والقريب والحميم وكل من تربطه بالإنسان رابطة؛ لأن النعمة التي ساقها الله للمسلمين علي يدي النبي صلى الله عليه وسلم أعظم وأجل نعمة؛ لأنها نعمة الإسلام، والهداية إلى الصراط المستقيم، والخروج من الظلمات إلى النور.
    ثم بين عليه الصلاة والسلام أمورا تتعلق بقضاء الحاجة فقال:
    (إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها)،
    يعني:
    إذا ذهب لقضاء الحاجة لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها.
    قوله: [(ولا يستطب بيمينه)].
    يعني:
    لا يستنج؛ لأن بالاستنجاء يصير الموضع طيبا، فبدل ما كان سيئا فيه نجاسة يكون فيه نظافة ونزاهة وطيب.
    فقوله: (لا يستطب بيمينه) يعني: لا يقطع أثر الخارج بيمينه، ولا يستنج بيمينه، وإنما يستعمل الشمال،
    كما جاء في الرواية السابقة:
    (وألا نستنجي باليمين)، فلا تستعمل اليمين في ذلك؛ لأن اليمين تستعمل للمصافحة وللأخذ والإعطاء وللأمور الطيبة الحسنة، أما الأشياء التي فيها قبح أو عدم نظافة فيستعمل لها الشمال.
    قوله: [(وكان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرمة)].
    يعني: أن الاستنجاء يكون بثلاثة أحجار، وأما الروث والرمة فنهى عن الاستنجاء بهما،
    والرمة هي:
    العظام البالية،
    ولكن في الحديث السابق:
    (برجيع أو عظم) وهو يشمل أي عظم سواء كان جديدا حديث العهد أو كان قديما قد بلي وصار رميما.فذكر الرمة هنا وهو العظم البالي لا يعني أن العظم إذا كان حديث عهد ولم يكن باليا فإنه يستنجى به؛ لأن الحكمة من النهي أنه طعام إخواننا من الجن، فلا يستعمل استعمالا يقذره عليهم بوضع النجاسة عليه أو بمباشرته النجاسة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.11 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.09%)]