عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 28-01-2020, 07:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

الجزء رقم5
يحيى بن إبراهيم اليحيى
توظيف جميع الطاقات والاستفادة من جميع القدرات :


إن أي دعوة تهمل شريحة من المجتمع تعتبر ناقصة ومآله إلى الانحسار ، وقد تميزت الدعوة الإسلامية باحتوائها جميع طبقات المجتمع ، وتوظيف جميع طاقات ، فليس في المجتمع المسلم عنصر مهمل أو مبعد أو مركون مهما كان.

(( لكن قد يصح أن يقال : أنه - أي فرض الكفاية - واجب على الجميع على وجه من التجوز، لأن القيام بذلك الفرض قيام بمصلحة عامة ، فهم مطلوبون بسدها على الجملة ، فبعضهم هو قادر عليها مباشرة وذلك من كان أهل لها ، والباقون وإن لم يقدروا عليها قادرون على إقامة القادرين ، فمن كان قادراً على الولاية فهو مطلوب بإقامتها ، ومن لا يقدر عليها مطلوب بأمر آخر ، وهو إقامة ذلك القادر وإجباره على القيام بها ، فالقادر إذن مطلوب بإقامة الغرض ، وغير القادر مطلوب بتقديم ذلك القادر ، إذاً لا يتوصل إلى قيام إلا بإقامة ، من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ))

كبوة الجواد وهفوة العالم لا تقدح فيه .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود ))
وقصة حاطب بن أبي بلتعة من الشواهد الصريحة في ذلك .

فيحفظ لمثل هؤلاء منزلتهم ، ويقدر جهدهم في عمل الخير ، ويحتفظ لهم بأعماله التي قدموها في نصرة الإسلام ، ولا تنبذ أعمالهم وتنكر جهودهم لزلة حصلت منهم .

التناسب بين الأعداد والكوادر
يجب أن يتناسب العدد مع الطاقة العلمية والتربوية ، ولا ينظر في قضية الحماس ، أو يعتمد على الطاقة المادية فحسب ، فما يجتمع بخطبة ينفض بخطبة !!

لا يسعى بالتطوير إلا من ذاق التعب والمعاناة :
الجالسون والخاملون لا ننتظر منهم أفكار جديدة في تطوير الأساليب والوسائل الدعوية ، ومن ظن ذلك فقد اعتمد على الأوهام والأحلام ، إن الذي لا يعيش هم الدعوة وينام ويستيقظ عليها محال أن ترد عليه أفكار في تطويرها والرفع من شأنها . (( ليست الثكلى كالمستأجرة )) .

الاهتمام بالثقات والمحافظة عليهم فهم عماد الدعوة :
وفي الصحيح : (( الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا )) .

الثقات هم صمام الأمان للدعوة ، وهم السبب الرئيس في بقائها ودوامها ، وهم المرجع عندما تعصف الفتن ، ويتساقط الناس على جنبات الطريق صرعى الفتنة .

فلا ينبغي التوسع والانفتاح قبل التأكد من وجود عدد كاف للذود عنها وحمايتها والمحافظة عليها .

الأسلوب التربوي بطيء لكنه مضمون :
إن نجاح السلف في تربية الرجال يشهد له تلك النخب العديدة التي تخرجت من تلك المدرسة ، فمجرد مطالعة لكتب التراجم ترى قائمة عظيمة من رجال تلك العصور : العلماء الربانيون ، المجاهدون الصادقون ، الزهاد المتعبدون الواعون ، رجال الحسبة ...

فهل ترى أن ذلك تم في خطبة أو محاضرة أو موعظة عابرة كلا !

لقد تخرج أولئك الأجيال من مدارس طويلة يرعاها أولئك الأفذاذ من العلماء ، ولكن الكثير يرغب عن هذا المسلك ويستعجل الثمرة .

وطريق التربية صعب ... طويل .... بطيء ... لكنه طريق مأمون ، ثابت ، مضمون .

التحسب لجميع الخطوات :
شتان ما بين سلوك العالم المربي وسلوك الفائر ، المربي له موازين محددة ، يزن ويقيس ويمحص ويستنتج قبل أن يخطو ، والفائر يغضب ويندفع ، ويتسرع ويستعجل فيتورط .

صعود الثقات رأس الوقاية :
تبوء الثقات منابر التوجيه والتعليم هو الضمان في تحقيق استمرارية الدعوة ، والنجاة بها إلى بر الأمان ، وتحقق مجتمع يلتزم بالعقيدة علماً وعملاً ، ورسم الخطوات البعيدة المدى في إصلاح الناس وتوجيههم ، مع وضوح الرؤية فيما يتخذونه من وسائل وأساليب .

كن ربانياً :
الابتداء قبل الانتهاء ، يجب حمل النفس على الطريق المستقيم ومجاهدتها على ذلك ، حتى تتأهل لإصلاح الناس والبداية بصغار العلم قبل كبارها كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما- :

قال ابن المتكدر : (( كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت ))

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في شرح معنى : كُونُوا رَبَّانِيِّنَ : (( قال مجاهد : (( هم الذين يربون الناس بصغار العلم قبل كباره ، فهم أهل الأمر والنهي ... )) قال : وذلك المنقول عن السلف في الرباني .

نقل عن علي قال : (( هم الذين يغذون الناس بالحكمة ويربونهم عليها )) .

وعن ابن عباس قال : (( هم الفقهاء المعلمون )) .

قلت : أهل الأمر والنهي هم الفقهاء المعلمون .

وقال قتادة وعطاء : (( هم الفقهاء العلماء الحكماء )) .

قال ابن قتيبة : (( وأحدهم رباني ، وهم العلماء المعلمون )) .

قيل : إن الرباني منسوب إلى الرب ، فزيادة الألف والنون كاللحياني ، وقيل : إلى تربيته الناس ، وقيل : إلى ربان السفينة ، وهذا أصح فإن الأصل عدم الزيادة في النسبة ، لأنهم ( منسوبون إلى التربية )
والى لقاء قادم ان شاء الله
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.22 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.01%)]