عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 24-01-2023, 02:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ابني يسألني في العقيدة

ابني يسألني في العقيدة (6)
داليا رفيق بركات


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، عندما أنهيت المقال الخامس بفضل الله وقد ذكرت فيه المبادئ الخاصة بسؤال: مَن خلق الله؟

قدر الله أن أمر بعدها بآية من سوره الأنبياء، أدهشني فيها أن القرآن لم يترك شاردة ولا واردة إلا وقد أظهر الحق فيها، وأبانه خير بيان، وأقام به الحجة ببلاغة رائعة وكلمات موجزة حوت العظيم من المعاني، فقال تعالى: ﴿لَو كانَ فيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبحانَ اللَّهِ رَبِّ العَرشِ عَمَّا يَصِفونَ﴾ [الأنبياء: ٢٢].

فتفسير هذه الآية وإضافتها إلى سؤال: من خلق الله؟
تكتمل به رؤية الطفل وتصوره، بمعنى أن الطفل لو خطر بباله أنه ماذا لو كان هناك خالق آخر، وما المشكلة في ذلك؟

فقد قرأت في تفسير "الوسيط" للطنطاوي قوله:
( ثم ساق سبحانه دليلًا عقليًّا مستمدًّا من واقع هذا الكون، فقال: ﴿ لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا ﴾؛ أي: لو كان في السماوات والأرض آلهة أخرى سوى الله تعالى، تدبِّر أمرهما، لفسدتا ولخرجتا عن نظامهما البديع الذي لا خلل فيه ولا اضطراب، وذلك لأن تعدُّد الآلهة يلزمه التنازع والتغالب بينهم، فيختل النظام لهذا الكون، ويضطرب الأمر، ويعم الفساد في هذا العالم). ا. هـ.

فهذه مِن سنن الله تعالى التي نسير بها في حياتنا، فالله عز وجل جعل في كل شيء تابعًا ومتبوعًا، قائدًا وتابعين له، فالزوج قائد البيت والأسرة تابعة له، والمدير قائد العمل والموظفون تابعون له، وقبطان السفينة قائد والبحارون تابعون له، حتى في الدين، الرسول قائد هذه الأمة وكلنا مأمورون باتباعه، ولله عز وجل المثل الأعلى.

الكون كله تابع لإرادة الله وخاضع لمشيئته، ونحن مأمورون بتوحيده وعبادته، واتباع أوامره واجتناب نواهيه، فهذه من سنن الله عز وجل.

فانظُر في هذه الأمثلة وانظر عاقبة وجود أكثر من قائد أو متبوع، فالمثل الأول يضيع المنزل، وتتشتت الأسرة، والمثل الثاني تفشل الشركة وقد تتفكك، والمثل الثالث تغرق السفينة، والمثل الرابع نعيشه واقعًا للأسف من تمزق الأمة إلى فرقٍ كلٌّ منها تكذِّب الأخرى، وتتقاتل فيما بينها والله المستعان.

فجاء وصف الآية في منتهى الدقة والروعة، فوجود إلهين يفسد الخلق ويخل بنظام الكون كله، بل قد يؤدي إلى عدم وجوده أصلًا، فأي الإلهين نعبد، وأي منهما تسير أوامره ونواهيه ومشيئته في الكون، فصدقًا يحصل الفساد الأعظم.

إذًا لا بد من إله واحد قادر قاهر سبحانه، يفعل ما يشاء وقت ما شاء كيفما شاء، ولا نعبد إلا إياه ولا نتوجه إلا إليه عز وجل ولا نطيع إلا أوامره، فهكذا تسير الحياة ويسير الكون كله بنظام محكم وأقدار من لدن حكيم، فسبحان الله الذي تكلم بهذا الكلام، فأقام به الحجة وأزاح به الشبهة، وجعله هدى ونورًا لقوم يؤمنون.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.22 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.96%)]