عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 02-06-2021, 04:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

حكم البسملة من حيث الجهر بها والإسرار،
في الصلاة، أو خارجها


أ - حكم الجهر بها في غير الصلاة:
أكثرُ القُرَّاءِ على الجهر بها خارج الصلاة[1]، ورُوي عن بعضهم إخفاؤها، منهم حمزة، ونافع[2]، ورُويَ عنهما الجهر بها[3].

وأخذ بعض أهل الأداء بالتسمية جهرًا لجميع القراء، وأخذ بعض أهل الأداء لهم إخفاءها[4].

ب - حكم الجهر بها في الصلاة:
اختلَفَ أهل العلم في حكم الجهر بالبسملة في الصلاة على أقوال:
القول الأول:
أنه يُسَنُّ الجهر بها في الصلاة الجهريَّة، والإسرارُ بها في الصلاة السِّريَّة.

وهو مرويٌّ عن عمر، وعليٍّ، وعبدالله بن الزبير[5]، وابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان[6]، وشداد بن أوس[7]؛ رضي الله عنهم.

ومن التابعين: سعيد بن جبير[8]، ومحمد بن شهاب الزهري[9]، ومجاهد، وعطاء، وطاوس[10].

وحكاه ابن كثير - أيضًا [11]ــ عن عكرمة، وأبي قلابة، وعلي بن الحسين، وابنِه محمد، وسعيد بن المسيَّب، وسالم، ومحمد بن كعب القُرَظي، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وأبي وائل، وابن سيرين، ومحمد بن المنكدر، ونافع مولى ابن عمر، وعمر بن عبدالعزيز، والأزرق بن قيس، وحبيب بن أبي ثابت، وأبي الشعثاء، وعبدالله بن معقل بن مقرن، وعبدالله بن صفوان، ومحمد بن الحنَفيَّة، وعمرو بن دينار.

وهو المشهور من مذهب الشافعي[12]، ونُسِب لأحمد في رواية له[13]، ولكن قال ابن قدامة[14]: "ولا تختلف الرواية عن أحمد أن الجهر بها غير مسنون".

وقال ابن تيمية[15]: "وقد حكى القول بالجهر عن أحمد وغيره، بناء على إحدى الروايتين عنه من أنها من الفاتحة، فيجهر بها كما يجهر بسائر الفاتحة، وليس هذا مذهبَه، بل يُخافت بها عنده".

وروي عن الليث بن سعد[16]، وأبي عبيد[17]، وداود الظاهري[18].

وقد سبقت الإشارة إلى أن أدلة القائلين بوجوب قراءة البسملة في الصلاة هي نفسُها أدلة القائلين بالجهر بها، ومنها ما يلي:
1 - أن الصحابة كتَبوها في المصحف، مع أنهم جرَّدوه عما ليس من القرآن[19]، مما يدل على وجوب قراءتها والجهر بها.

والجواب عن هذا: أنه إنما تجب قراءتها والجهرُ بها لو كانت من السورة، وبخاصة مع الفاتحة، والصحيح أنها آية مستقلة من القرآن، كما تَقدَّم بيان ذلك.

2 - ما رواه نعيمٌ المُجْمِرُ قال: "صلَّيتُ وراء أبي هريرة، فقرأ: ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، ثم قرأ بأمِّ القرآن، حتى بلغ ï´؟ وَلَا الضَّالِّينَ ï´¾، فقال: آمين، فقال الناس: آمين، ويقول كلما سجد: الله أكبر، وإذا قام من الجلوس في الاثنتين، قال: الله أكبر، وإذا سلَّم قال: والذي نفسي بيده، إني لَأشبَهُكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم"[20].

قالوا: فهذا الحديث يدل على مشروعية الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن قوله: "فقرأ ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ يؤخذ منه أنه قرأها جهرًا، وإلا فكيف يعلم أن أبا هريرة قرأها؟ وحيث قال أبو هريرة في نهاية الحديث: "والذي نفسي بيده، إني لَأشبَهُكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم"، فهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم يجهر بها.

وقد أجاب أهل العلم من القائلين بعدم الجهر عن هذا الحديث بجوابين:
الأول: من حيث صحة سنده، فقد ضعَّفه جمعٌ من أهل العلم.
وقد أطال الزيلعي في "نصب الراية"[21] في ذكر كلام الأئمة في تضعيفه، وأجاب عنه، وأعَلَّه من وجوه عدة، وكذا أعَلَّه وأجاب عنه من وجوه عدة الزبيديُّ[22]، كما ضعَّف إسنادَه الألباني[23].

الجواب الثاني: أن دلالته على الجهر ليست صريحة - على فرض صحته - فيحتمل أن أبا هريرة أسَرَّ بها، ويحتمل أنه قصد تعليمهم، أو غير ذلك.

قال الجصاص[24]: "حديث نعيمٍ المُجمرِ لا دلالة فيه على الجهر بها؛ لأنه إنما ذكر أنه قرأها، ولم ينقل عنه أنه جهر بها".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية[25]: "فإن العارفين بالحديث يقولون: إنه عمدتهم في هذه المسألة، ولا حجة فيه... فقد يكون أبو هريرة قصد تعريفهم أنها تُقرَأُ في الجملة، وإن لم يجهر بها، وحينئذٍ فلا يكون هذا مخالفًا لحديث أنس الذي في الصحيح وحديث عائشة الذي في الصحيح، هذا إذا كان الحديث دالًّا على أنه جهر بها، فإن لفظه ليس صريحًا بذلك من وجهين؛ أحدهما: أنه قال: قرأ ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ فيحتمل أنه قرأها سرًّا... الثاني: أنه لم يُخبِر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها، وإنما قال في آخر الصلاة: "إني لأشبَهُكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم".

وفي الحديث: أنه أمَّنَ، وكبَّر في الخفض والرفع، وهذا ونحوه مما كان يتركه الأئمة، فيكون أشبَهَهم برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الوجوه التي فيها ما فعَلَه الرسول صلى الله عليه وسلم وتركوه هم، ولعل قراءتها مع الجهر أشبَهُ بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من تركها".

3 - ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن معاوية لما قدم المدينة صلَّى بهم، فلم يجهر بالبسملة، فأنكر عليه المهاجرون والأنصار، فأعاد بهم الصلاة وجهر بها"[26].

قالوا: فإنكار المهاجرين والأنصار على معاوية ترْكَ الجهر بالبسملة، وإعادتُه الصلاة بهم، والجهر بها، يدلُّ على أن السُّنة الجهر.

وهذا الحديث ضعَّفه من حيث سنده ومتنُه عددٌ من المحققين، منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية[27]، فقد ضعَّفه من وجوه ستة، ثم قال بعدها: "فهذه الوجوه وأمثالها، إذا تدبَّرَها العالِمُ، قطع بأن حديث معاوية إما باطل لا حقيقة له، وإما مغيَّر عن وجهه، وأن الذي حدَّث به بلغه من وجه ليس بصحيح، فحصلت الآفة من انقطاع إسناده. وقيل: هذا الحديث لو كان تقوم به حجة، لكان شاذًّا؛ لأنه خلاف ما رواه الناس الثقاتُ الأثبات عن أنس وعن أهل المدينة وأهل الشام، ومن شرط الحديث الثابت ألا يكون شاذًّا، ولا معلَّلًا، وهذا شاذ معلل، وإن لم يكن من سوء حفظ بعض رُواته...".

كما ضعَّفه الزيلعي[28] والزبيدي[29] من حيث سنده ومتنه من وجوه عدة، وذكرا كلامَ الأئمة في تضعيفه.

4 - ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سُئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "كانت مدًّا يمُدُّ (بسم الله)، ويمُدُّ بـ(الرحمن)، ويمُدُّ بـ(الرحيم)"[30].

5 - ما روتْه أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقطِّع قراءته تقطيعًا: ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾... الحديث"[31].

قالوا: فهذان الحديثان يدلانِ على أنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالبسملة.

والصحيح أنه لا حجة في هذين الحديثين؛ لأنه ليس فيهما ما يدل صراحة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في الصلاة[32].

6 - ما رواه المعتمر بن سليمان عن أبيه عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة ببسم الله الرحمن الرحيم"[33].

وهذا الحديث - وإن صحَّحه الحاكم - ففيه نظر؛ لأنه يعارض ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أنس وغيره، من عدم جهر الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه بها - كما سيأتي في أدلة القول الثاني.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية[34]: "يعلم أولًا أن تصحيح الحاكم وحده وتوثيقه وحده لا يوثق به فيما دون هذا، فكيف في مثل هذا الموضع الذي يعارض فيه بتوثيق الحاكم، وقد اتفق أهل العلم بالصحيح على خلافه، ومن له أدنى خبرة في الحديث وأهله، لا يعارض بتوثيق الحاكم ما قد ثبت في الصحيح خلافُه...".

إلى غير ذلك من الأحاديث التي استدلوا بها[35] وهي بين ضعيفٍ، أو موضوع، أو مما لا حجة لهم فيه، كما بيَّن ذلك جمع من المحققين.

قال الدارقطني[36]: "كل ما رُويَ عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهر، فليس بصحيح، وأما عن الصحابة فمنه صحيح ومنه ضعيف".

وقال ابن الجوزي في "التحقيق"[37] بعد أن ذكر الأحاديث التي استدل بها الشافعية على الجهر وبيَّن ضعفها: "وهذه الأحاديث في الجملة لا يحسُن بمن له علم بالنقل أن يعارض بها الأحاديث الصحاح... ويكفي في هجرانها إعراضُ المصنفين للمسانيد والسنن عن جمهورها".

وذكر قول الدارقطني السابق، ثم قال: "ثم إنَّا بعد ذلك نحمل أحاديثهم على أحد أمرين: إما أن يكون جهر بها للتعليم، كما رُويَ أنه كان يصلي بهم الظهر فيُسمِعهم الآية والآيتين بعد الفاتحة أحيانًا...".

وقال ابن قدامة[38]: "وسائر أخبار الجهر ضعيفة؛ فإن رواتها هم رواة الإخفاء، وإسناد الإخفاء صحيح ثابت بغير خلاف فيه، فدلَّ على ضعف رواية الجهر".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية[39]: "وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أنه ليس في الجهر بها حديثٌ صريح، ولم يروِ أهل السنن المشهورة؛ كأبي داود والترمذي والنسائي، شيئًا من ذلك، وإنما يوجد الجهر بها صريحًا في أحاديث موضوعة يرويها الثعلبي والماوردي وأمثالهما في التفسير، أو في بعض كتب الفقهاء، الذين لا يميِّزون بين الموضوع وغيره، بل يحتجون بمثل حديث الحُمَيْراء".

وقال - أيضًا[40] - بعدما ذكر مذهب القائلين بالجهر بالبسملة: "واعتمدوا على آثار منقولة بعضها عن الصحابة، وبعضها عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأما المأثور عن الصحابة كابن الزبير ونحوه، ففيه صحيح، وفيه ضعيف، وأما المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو ضعيف أو موضوع، كما ذكر ذلك حفاظ الحديث، كالدارقطني وغيره...".

وقال - أيضًا[41] ــ: "وإنما كثر الكذب في أحاديث الجهر؛ لأن الشيعة ترى الجهر، وهم أكذَبُ الطوائفِ، فوضَعوا في ذلك أحاديث لبسوا بها على الناس دينَهم؛ ولهذا يوجد في كلام أئمة السنة من الكوفيين كسُفيان الثوري أنهم يذكُرون من السنة المسحَ على الخفين، وترك الجهر بالبسملة، كما يذكرون تقديمَ أبي بكر وعمر، ونحو ذلك؛ لأن هذا كان من شعار الرافضة؛ ولهذا ذهب أبو علي بن أبي هريرة أحد الأئمة من أصحاب الشافعي إلى ترك الجهر بها، قال: لأن الجهر بها صار من شعار المخالفين".

وقال ابن القيم[42] مشيرًا إلى أحاديث الجهر: "فصحيح تلك الأحاديث غير صريح، وصريحُها غير صحيح".

وقد أطال الزيلعي في "نصب الراية"[43] في ذكر كلام أهل العلم في تضعيف الأحاديث والآثار الواردة في الجهر بالبسملة، ثم قال[44]:
"وبالجملة هذه الأحاديث كلُّها ليس فيها صريح، ولا صحيح، بل فيها عدمهما، أو عدم أحدهما، وكيف تكون صحيحة وليست مخرجةً في شيء من الصحيح، ولا المسانيد، ولا السنن المشهورة، وفي روايتها الكذَّابون والضعفاء والمجاهيل...".

كما ضعَّف أحاديثَ الجهر الزبيديُّ[45].

القول الثاني:
أنه يسنُّ الإسرار بالبسملة في الصلاة مطلقًا، وهو قول جمهور أهل العلم من المحدِّثين والفقهاء وغيرهم[46].

وهو الثابت عن الخلفاء: أبي بكر وعمر وعثمان[47]، وعلي[48] رضي الله عنهم، وعن أنس[49]، وعائشة رضي الله عنهما[50]، ورُويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما[51]، وبه قال ابن مسعود، وعبدالله بن الزبير، وعمَّار بن ياسر رضي الله عنهم، وعروة بن الزبير، وأبو وائل، ومحمد بن سيرين، والحكم بن عتيبة، وإبراهيم النخعي[52]، والحسن وقتادة وعمر بن عبدالعزيز[53]، وعكرمة[54]، والأوزاعي، وسفيان الثوري[55]، وسعيد بن جبير والأعمش والشعبي[56]، وأبو حنيفة وأصحابه[57]، وأحمد بن حنبل[58]، وعبدالله بن المبارك، وإسحاق بن راهويه[59]، وأبو عبيد[60]، وجماعة من أصحاب الشافعي[61]، وغيرهم كثير[62].


واستدل أصحاب هذا القول بأحاديث صحيحة صريحة، منها:
1 - ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أنهم كانوا لا يجهرون بـ"بسم الله الرحمن الرحيم".

وقد أخرجه الأئمة عن أنس رضي الله عنه بروايات وألفاظ متعددة، منها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما، كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين"[63].

وفي لفظ عن أنس رضي الله عنه قال: "صليتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ في أول قراءة، ولا في آخرها".

وفي لفظ: "صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ: ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾"[64].

وفي لفظ قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يُسمِعْنا قراءة ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، وصلى بنا أبو بكر وعمر، فلم نَسمَعْها منهما"[65].

وفي لفظ قال: "صليتُ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، فلم أسمع أحدًا منهم يجهر بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾"[66].

وفي لفظ: "صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر، فلم يجهروا بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾"[67]، وفي لفظ بزيادة: "وعثمان"[68].

وفي لفظ: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجهر بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان"[69].

وفي لفظ: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُسِرُّ بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ في الصلاة وأبو بكر وعمر"[70].

وفي لفظ: "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما، يجهرون بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾"[71].

فحديث أنس هذا برواياته كلِّها، يدل على أن الثابت من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الإسرارُ بالبسملة، وعدم الجهر بها[72].

قال الدارمي في "سننه"[73] مُبَوِّبًا: "باب كراهية الجهر بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، ثم أخرج حديث أنس بلفظ: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين"، قال الدارمي: وبهذا نقول، ولا أرى الجهر بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾.

وقال ابن خزيمة في "صحيحه"[74] مبوبًا: باب ذكر الدليل على أن أنسًا إنما أراد بقوله: "لم أسمع أحدًا منهم يقرأ: ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾؛ أي: لم أسمع أحدًا منهم يقرأ جهرًا ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، وأنهم كانوا يُسِرُّونَ بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ في الصلاة".

وقال الطحاوي في "شرح معاني الآثار"[75] بعد أن ذكر روايات حديث أنس: "ففي ذلك دليل على أنهم يقولونها من غير طريق الجهر، ولولا ذلك لما كان لذِكرِهم نفيَ الجهر معنى، فثبت بتصحيح هذه الآثار تركُ الجهر بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية[76]: "أما حديث أنس في نفي الجهر، فهو حديث صريح.. فإنه قد رواه مسلم في صحيحه، فقال فيه: "صليتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ في أول قراءة، ولا في آخرها"، وهذا النفي لا يجوز إلا مع العلم بذلك، لا يجوز بمجرد كونه لم يسمع مع إمكان الجهر بلا سماع.

واللفظ الآخر في صحيح مسلم: "صليتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر وعثمان، فلم أسمع أحدًا منهم يجهر، أو قال: يصلي بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾"، فهذا نفى فيه السماع، ولو لم يرو إلا هذا اللفظ لم يجز تأويلُه بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ جهرًا ولا يسمع أنس؛ لوجوه... - وبعد أن ذكر ابن تيمية هذه الوجوه - قال: فتبيَّن أن هذا تحريف لا تأويل.

وقال أيضًا[77]: "وأما اللفظ الآخر "لا يذكرون"، فهو إنما ينفي ما يمكن العلم بانتفائه، وذلك موجود في الجهر، فإنه إذا لم يسمع مع القرب، علم أنهم لم يجهروا".

وقال ابن حجر في "بلوغ المرام"[78] بعد أن ذكر حديث أنس، من رواية البخاري ومسلم، وبعد أن أشار إلى أن في رواية أحمد والنسائي وابن خزيمة "لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم"، وإلى الرواية الأخرى لابن خزيمة: "كانوا يُسِرُّونَ"، قال: "وعلى هذا يحمل النفي في رواية مسلم"؛ يعني قوله: "لا يذكُرون اسم الله في أول قراءة، ولا في آخرها".
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.40 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.70%)]