عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 15-11-2021, 04:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لامية الشنفرى .. تحليل وتذوق

والشعور بالغربة يدفعه لسرد محاسنه ليثبت استغناءه عن الناس:





ولا جُبَّأٍ أكْهَى مُرِبٍّ بعِرْسِهِ

يُطَالِعُها في شَأْنِهِ كَيْفَ يَفْعَلُ




وَلاَ خَرِقٍ هَيْقٍ كَأَنَّ فؤادَهُ

يَظَلُّ به المُكَّاءُ يَعْلُو وَيَسْفُلُ







وهو في الصحاري ليس بأحمق تخادعه الصحراء فلا يهتدي لطريقه..



وَلَسْتُ بِمِحْيَارِ الظَّلاَمِ إذا انْتَحَتْ

هُدَى الهَوْجَلِ العِسّيفِ يَهْمَاءُ هؤجَلُ







ونلاحظ في أبيات القصيدة ما يمكن تسميته بـ "بعثرة الأبيات"، إذ نجد عدم تنظيم وتناسق في سرد ما يتحدث عنه الشاعر، فهو يصف عفته وترفعه عن إظهار الشره في الأكل:



وَإنْ مُدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أكُنْ

بَأَعْجَلِهِمْ إذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ







وبعده بخمسة أبيات يقول:



وَأغْدو خَمِيصَ البَطْن لا يَسْتَفِزُّنيِ

إلى الزَادِ حِرْصٌ أو فُؤادٌ مُوَكَّلُ







وكان الأجدى أن تتلوا الأبيات بعضها لتصبح متناسقة، غير أن الطبيعة الفطرية لشعر الصعاليك وبعدهم عن الكتابة التي هي مما يساعد على إعادة النظر والتنظيم أدى إلى هذه الظاهرة!



والشاعر يلجأ للوصف السريع لما يستغني له عن أهله:





ثَلاَثَةُ أصْحَابٍ : فُؤَادٌ مُشَيَّعٌ

وأبْيَضُ إصْلِيتٌ وَصَفْرَاءُ عَيْطَلُ




هَتُوفٌ مِنَ المُلْسِ المُتُونِ تَزِينُها

رَصَائِعُ قد نِيطَتْ إليها وَمِحْمَلُ




إذا زَلَّ عنها السَّهْمُ حَنَّتْ كأنَّها

مُرَزَّأةٌ عَجْلَى تُرنُّ وَتُعْوِلُ





فهو يسترسل في وصف قوسه وإظهار محاسنها الضئيلة التي لا تستحق الذكر، فهي ذات صوت حين يطلق بها السهم، وملساء لا خشونة فيها تؤذي اليدين، ومرصعة بما يزين به، وقد ذكر القوس والسيف بأوصافهما دون تصريح بالأسماء، إذ يحرص على إظهار المحاسن! إذ يبدو في وصفه حيل الدفاع النفسي تجاه بني قومه الذين استعاض عنهم بهذه الأشياء، فعمل على تقديم الوصف، وأنها تفيده أكثر منهم إذ حين تمر عليه ليلة برد شديد يصطلي بها:



إذا الأمْعَزُ الصَّوّانُ لاقَى مَنَاسِمِي

تَطَايَرَ منه قَادِحٌ وَمُفَلَّلُ








وتبدو حياة الصعلكة حين يتغلب على الجوع ويتناساه ويماطله حتى ييأس منه!



وَأَسْتَفُّ تُرْبَ الأرْضِ كَيْلا يُرَى لَهُ

عَلَيَّ مِنَ الطَّوْلِ امْرُؤٌ مُتَطَوِّلُ








ورغم سوق الشنفرى لمحاسنه فإنه يقع في التناقض، ولا عجب فالكذب لا يفلح وحتما ينكشف صاحبه، فهو إذ يؤكد أنه لولا تجنُّبه الذم وسوء السيرة لحصل على ما يريده من مأكل ومشرب بطرق غير كريمة:



وَلَيْلَةِ نَحْسٍ يَصْطَلي القَوْسَ رَبُّها

وَأقْطُعَهُ اللَّاتي بِهَا يَتَنَبَّلُ




دَعَسْتُ على غَطْشٍ وَبَغْشٍ وَصُحْبَتي

سُعَارٌ وإرْزِيزٌ وَوَجْرٌ وَأفَكَلُ



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.74 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]