عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 05-05-2021, 12:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,075
الدولة : Egypt
افتراضي رد: موضوعات سورة البقرة

موضوعات سورة البقرة (7)

الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم





1- ثم عادَتِ السورةُ إلى الترغيب في الإنفاق؛ ببيان مضاعفة النفَقات وأجور المنفِقين، وحذَّرت من المنِّ والأذى، وإبطال الصدقات بذلك، وبالرِّياء، ومثَّلت سوءَ حالِ المنفِقِ مالَه رِئاءَ الناس، وحُسن حال المنفِق مالَه ابتغاءَ مرضاة الله، وبيان ما له من المضاعفة. والأمر بالإنفاق من طيِّب الكسب، والنهي عن الإنفاق من الخبيث، والتحذير من الشيطان وتخويفه لهم بالفقر، وأمره لهم بالفحشاء، والثقة بوعد الله لهم بالمغفرة والفضل.

ثم بيان أنه عز وجل يؤتي الحِكمةَ من يشاء، والتنويه بمن أوتيها؛ لقوله: ﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 269].

وبيان علمه عز وجل بكلِّ ما ينفق، وما يَنذِر، ومجازاة صاحبه، وبيان جواز إبداء الصدقة، وخاصة إذا كان في ذلك مصلحة، ورغَّب في إخفائها، وأنه خير، وأنها ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 273].


ثم ختم الآيات في الإنفاق بالوعد بالأجر العظيم للمنفِقين، فقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 274].

2- ثم انتقلت السُّورةُ للكلام عن المعاملات؛ بالتحذير من الرِّبا والتنفير عنه، وبيان قبح حال وصورة أهله في الدنيا والآخرة، ومَحْقِه، وأمر المؤمنين بتقوى الله تعالى، وترك ما بقي من الربا إن كانوا مؤمنين حقًّا، ثم بيان شدة خطره، وأنه محاربة لله تعالى، والترغيب في تركه، قال تعالى: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 279].

ورغَّب عز وجل بإنظار المُعسِر إلى المَيْسَرة، أو التصدُّق بالعفو عنه؛ فذلك خيرٌ، وأمَرَ بتقوى يومِ القيامة والاستعداد له.

3- تلا ذلك ذِكرُ أحكام الدَّيْنِ في أطول آية في القرآن الكريم، أمَرَ الله فيه المؤمنين بكتابة الدَّيْن والإشهاد عليه وضبطه وتوثيقه، ونهى عن المضارَّة من الكاتب أو الشهيد، وبيَّن مشروعية الرهان، وأمر بأداء الأمانة، ونهى عن كتمان الشهادة، وأكَّد سَعةَ مُلكِه عز وجل، ومحاسبته الخلائقَ على أعمالهم، وقُدرته التامَّة على ذلك.

4- ثم خُتمت السورة بالآيتين العظيمتين اللتين قال فيهما الرسولُ صلى الله عليه وسلم: ((مَن قرَأَ الآيتينِ مِن آخِرِ سورة البقرة في ليلة، كفَتاهُ))[1].
وقد تَضمَّنَت الآية الأولى منهما: الشهادة للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بإيمانهم بجميع أصول الإيمان، من الإيمان بما أُنزِل إلى النبي صلى الله عليه وسلم مِن ربِّه، وبملائكته عز وجل وكتبه ورسله، ولم يفرِّقوا بين أحدٍ من رسله، وقالوا: ﴿ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285].

وتضمَّنت الآية الثانية: بيان وتقرير أن الله عز وجل لا يكلِّف نفسًا إلى وسعها، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ثم خُتمت الآية بمِسكِ ختام هذه السورة العظيمة، وهو دعاء المؤمنين الجامعُ بقولهم: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286]، وفي الحديث قال الله: ((قد فعَلتُ)).

والخلاصة: أن هذه السورة فيما تناولتْه من الأحكام والآداب والأخلاق والحِكَمِ والقصص والأخبار، مما لا يمكن حصره - تُعَدُّ منهجًا متكاملًا في تربية الأمَّة في جل جوانب الحياة ومسائل الدِّين.

وقد تركَّزَ الكلام فيها – غالبًا - على أمرين هامينِ، اقتضَتْهما حالةُ الأمَّة في الحِقبة الأولى من دولة الإسلام في المدينة:
الأول: الكلام عن بني إسرائيل وكفرِهم نِعَمَ الله تعالى، وتكذيبهم لرسله ولنبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وما هم عليه من ذميم الصفات، وقدَّم هذا في النصف الأول من السورة؛ تحذيرًا للمؤمنين من مسالكهم، وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.

والأمر الثاني: التشريع للدولة الإسلامية الفَتيَّة، وهو ما تناولتْه السورةُ من قبل منتصفها إلى آخرها.



[1] سيأتي تخريجه.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]