عرض مشاركة واحدة
  #1650  
قديم 10-08-2022, 09:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون (5) سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين (6) هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون (7) يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون (8)
شرح الكلمات:
وإذا قيل لهم تعالوا: أي معتذرين.
لووا رؤوسهم: أي رفضوا الاعتذار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورأيتهم يصدون: أي يعرضون عما دعوا إليه وهم مستكبرون.
سواء عليهم استغفرت لهم: أي يا رسولنا.
أم لم تستغفر لهم:
لن يغفر الله لهم: أي إيأس من مغفرة الله لهم.
إن الله لا يهدي القوم الفاسقين: أي لأن من سنة الله أنه لا يهدي القوم الفاسقين المتوغلين في الفسق عن طاعة الرب تعالى وهم كذلك.
يقولون: أي لأهل المدينة.
لا تنفقوا على من عند رسول الله: أي من المهاجرين.
حتى ينفضوا: أي يتفرقوا عنه.
لئن رجعنا إلى المدينة: أي من غزوة كانوا فيها هي غزوة بني المصطلق.
ليخرجن الأعز منها الأذل: يعنون بالأعز أنفسهم، وبالأذل المؤمنين.
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين: أي الغلبة والعلو والظهور.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في الحديث عن المنافقين فقوله تعالى في الآية (5) {وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله} وذلك عندما قال ابن أبي ما قال من كلمات خبيثة منها قوله في المهاجرين: سمن كلبك يأكلك. وقوله لصاحبه: لا تنفقوا على المهاجرين حتى يتفرقوا عن محمد صلى الله عليه وسلم، وقوله مهددا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز يعني نفسه ورفاقه المنافقين الأذل يعني الأنصار والمهاجرين. فلما قال هذا كله وأكثره في غزوة بني1 المصطلق وأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فحلف بالله ما قال شيئا من ذلك أبدا وذهب فنزلت هذه السورة الكريمة تكذبه. ولما نزلت هذه السورة بفضيحته جاءه من قال له: يا أبا الحباب (كنية ابن أبي) إنه قد نزل فيك آي شداد فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك فلوى رأسه أي عطفه إلى جهة غير جهة من يخاطبه وقال: أمرتموني أن أؤمن فآمنت وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فأعطيت فما بقي إلا أن أسجد لمحمد صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآيات الثلاث وإذا قيل لهم تعالوا أي معتذرين يستغفر لكم رسول الله. لووا رؤوسهم أي رفضوا العرض ورأيتهم يصدون عنك وهم مستكبرون والمراد بهم ابن أبي عليه لعائن الله قال تعالى لرسوله: سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم فأيأس رسوله من المغفرة لهم، وعلل تعالى ذلك بقوله: إن الله لا يهدي القوم الفاسقين 2 وابن أبي من أكثر الفاسقين فسقا! إذ جمع بين الكذب والحلف الكاذب والنفاق والشقاق والعداء والكبر والكفر الباطني وذكر تعالى قولات هذا المنافق واحدة بعد واحدة فقال هم الذين يقولون: لا تنفقوا على من عند رسول الله أي قال لإخوانه لا تنفقوا على المهاجرين حتى يتفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرعه رب العزة وأدبه ببيان فساد ذوقه ورأيه فقال تعالى: {ولله خزائن السماوات3 والأرض} فجميع الأرزاق بيده وهو الذي يرزق من يشاء والمنافق نفسه رزقه على الله فكيف يدعي أنه إذا لم ينفق على من عند رسول الله يجوعون فيتفرقون يطلبون الرزق بعيدا عن محمد صلى الله عليه وسلم. ولكن المنافقين لعماهم وظلمة نفوسهم ومرض قلوبهم لا يفقهون هذا ولا يفهمونه، ولذا قال رئيسهم كلمته الخبيثة. تلك كانت القولة الأولى. والثانية هي قوله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
قالها في غزوة بني المصطلق وهي غزوة سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم أن بني المصطلق يجتمعون لحربه وقائدهم الحارث بن أبي ضرار وهو أبو جويريه زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى أمهات المؤمنين. فلما سمع بذلك خرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل فوقع القتال فهزم الله بني المصطلق وأمكن رسوله من أبنائهم ونسائهم وأموالهم وأفاءها على المؤمنين، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه جويرية بوصفها بنت سيد القوم إكراما لها ثم عتقها وتزوجها فرأى المؤمنون أن ما بأيديهم من السبي لا ينبغي لهم وقد أصبحوا أصهار نبيهم فعتقوا كل ما بأيديهم فقالت عائشة رضي الله عنها ما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها من جويرية بنت الحارث فقد أعتق بتزويج رسول الله لها مائة أهل بيت من بني المصطلق.
في هذه الغزاة قال ابن أبي قولته الخبيثة وذلك أن رجلين4 أنصاريا ومهاجرا تلاحيا على الماء5 6فكسع المهاجر الأنصاري برجله فصاح ابن أبي قائلا عليكم صاحبكم، ثم قال: والله ما مثلنا ومحمد إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل وغاب عن ذهن هذا المنافق أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين أي الغلبة والظهور والعلو لا للمنافقين والمشركين الكافرين ولكن المنافقين لا يعلمون ذلك ولا غيره لعمى بصائرهم ولما
بلغ الغزاة المدينة وقف عبد الله بن عبد الله بن أبي في عرض الطريق واستل سيفه فلما جاء أبوه يمر قال له والله لا تمر حتى تقول: محمد الأعز وأنا الأذل، فلم يبرح حتى قالها: وكان ولد مؤمنا صادقا من خيرة الأنصار.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- لا ينفع الاستغفار للكافر ولا الصلاة عليه بحال.
2- ذم الإعراض والاستكبار عن التوبة والاستغفار. فمن قيل له استغفر الله فليستغفر ولا يتكبر بل عليه أن يقول: استغفر الله أو اللهم اغفر لي.
3- مصادر الرزق كلها بيد الله تعالى فليطلب الرزق بطاعة الله ورسوله لا بمعصيتهما.
4- العزة الحقة لله ولرسوله وللمؤمنين، فلذا يجب على المؤمن أن لا يذل ولا يهون لكافر.
__________

1 سبب نزول هذه السورة والآيات منها أن النبي صلى الله عليه وسلم (غزا بني المصطلق على ماء يقال له (المريسيع) من ناحية قديد إلى الساحل فازدحم أجير لعمر يقال له: جهجاه مع حليف لابن أبي يقال له: سنان على ماء بالمشلل فصرخ جهجاه بالمهاجرين وصرخ سنان بالأنصار فجاء ابن أبي وقال كلماته الخبيثة التي هي في التفسير. ونزلت السورة.
2 وهم كل من يسبق في علم الله أنه لا يتوب لما أحاط به من الذنوب.
3 (الخزائن) جمع خزانة وهي البيت الذي يخزن فيه الطعام. وروى الترمذي أن عمر رضي الله عنه قال للرسول صلى الله عليه وسلم إشفاقا عليه ورحمة به: ما كلفك الله يا رسول الله مالا تقدر عليه، عندما قال لرجل سأله عطاء ابتع علي فإذا جاء شيء قضيته فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف في وجهه البشر وقال: بهذا أمرت) .
4 تقدم ذكر اسميهما وهما: جهجاه، وسنان.
5 تقدم أن هذا الماء كان بالمشلل.
6 كسعه: ضربه في دبره.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.85 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.22%)]