عرض مشاركة واحدة
  #1643  
قديم 10-08-2022, 09:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الممتحنة
الحلقة (830)

سورة الصف
مدنية وآياتها أربع عشرة آية

المجلد الخامس (صـــــــ 334الى صــــ 340)

سورة الصف
مدنية وآياتها أربع عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم
سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم (1) ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون (2) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون (3) إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص (4) وإذ قال موسى لقومه ياقوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين (5) وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين (6)

شرح الكلمات:
سبح لله ما في السموات وما: أي نزه وقدس بلسان القال والحال جميع ما في السموات وما في الأرض من
في الأرض كائنات.
وهو العزيز الحكيم: أي العزيز الغالب على أمره الحكيم في تدبيره وصنعه.
لم تقولون ما لا تفعلون: أي لأي شيء تقولون قد فعلنا كذا وكذا وأنتم لم تفعلوا؟ والاستفهام هنا لتوبيخ والتأنيب.
كبر مقتا عند الله: أي عظم مقتا والمقت: أشد البغض والمقيت والممقوت المبغوض.
أن تقولوا مالا تفعلون: أي قولكم ما لا تفعلون يبغضه الله أشد البغض.
صفا كأنهم بنيان مرصوص: أي صافين: ومرصوص ملزق بعضه ببعض لا فرجة فيه.
لم تؤذونني: أي إذ قالوا أنه آدر كذبا فوبخهم على كذبهم وأذيتهم له.
وقد تعلمون أني رسول الله إليكم: أي أتؤذونني والحال أنكم تعلمون أني رسول الله إليكم.
فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم: أي فلما عدلوا عن الحق بإيذائهم موسى أزاغ الله قلوبهم أي أمالها عن الهدى.
والله لا يهدي القوم الفاسقين: أي الذين فسقوا وتوغلوا في الفسق فما أصبحوا أهلا للهداية.
يا بني إسرائيل: أي أولاد يعقوب الملقب بإسرائيل، ولم يقل يا قوم كما قال موسى لأنه لم يكن منهم لأنه ولد بلا أب، وأمه صديقة.
مصدقا لما بين يدي: أي قبلي من التوراة.
يأتي من بعده اسمه أحمد: هو محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحمد أحد أسمائه الخمسة المذكوران والماحي، والعاقب والحاشر.
فلما جاءهم بالبينات: أي على صدق رسالته بالمعجزات الباهرات.
قالوا: هذا سحر مبين: أي قالوا في المعجزات إنها سحر.
معنى الآيات:
قوله تعالى {سبح لله 1ما في السماوات وما في الأرض} يخبر تعالى أنه قد سبحه جميع ما في السموات وما في الأرض بلسان القال والحال، وأنه العزيز لحكيم العزيز الغالب على أمره لا يمانع في مراده الحكيم في صنعه وتدبيره لملكه. بعدما أثنى تعالى على نفسه بهذا الخطب المؤمنين بقوله: {يا أيها الذين آمنوا لم 2تقولون ما لا تفعلون3} لفظ النداء عام والمراد به جماعة من المؤمنين قالوا لو نعلم أحب الأعمال إلى الله تعالى لفعلناه فلما علموه ضعفوا عنه ولم يعملوا فعاتبهم الله تعالى في هذه الآية ولتبقى تشريعا عاما إلى يوم القيامة فكل من يقول فعلت ولم يفعل فقد كذب وبئس الوصف الكذب ومن قال سأفعل ولم يفعل فهو مخلف للوعد وبئس الوصف خلف الوعد وهكذا يربي الله عباده على الصدق والوفاء. وقوله تعالى {كبر4 مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} أي قولكم نفعل ولم تفعلوا مما يمقت عليه صاحبه أشد المقت أي يبغض أشد البغض.
وقوله تعالى {إن الله يحب5 الذين يقاتلون في سبيله صفا} أي صافين متلاصقين لا فرجة بينهم كأنهم بنيان مرصوص بعضه فوق بعض لا خلل فيه ولا فرجة كأنه ملحم بالرصاص.
وقوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه6} أي اذكر إذ قال موسى لقومه من بني إسرائيل يا قوم لم تؤذوني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم والحال أنكم تعلمون أني رسول الله إليكم حقا وصدقا، وقد آذوه بشتى أنواع الأذى بألستهم السليطة وآرائهم الشاذة من ذلك قولهم إن موسى آدر ولذا هو لا يغتسل معنا، ومعنى آدر به أدرة وهي انتفاخ الخصية.
وقوله تعالى: {فلما زاغوا} أي مالوا عن الحق بعد علمه غاية العلم فآثروهم الباطل على الحق والشر على الخير والكفر على الإيمان عاقبهم الله فصرف قلوبهم عن الهدى نقمة منه تعالى عليهم، وذلك لأنه سنته تعالى فيمن عرض عليه الخبر فأباه بعد علمه به، ثم دعى إليه فلم يستجب ثم رغب فيه فلم يرغب وواصل الشر مختارا له عندئذ يصبح ما اختار من الفسق أو الكفر أو الظلم أو الإجرام طبعا له وخلقا ثابتا لا يتبدل ولا يتغير. وعلى هذا يؤول مثل قوله تعالى والله لا يهدي القوم الفاسقين، والله لا يهدي القوم الظالمين، والله لا يهدي القوم المجرمين, والله لا يهدي القوم الكافرين لأنه تعالى أضلهم حسب سنته في الإضلال فلا يستطيع أحد غيره تعالى أن يهدي عبدا أضله الله على علم وهذا معنى قوله تعالى من سورة النحل {إن الله لا يهدي من يضل} .
وقوله تعالى: {وإذ قال عيسى ابن مريم7 يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم} أي اذكر يا رسولنا للاتعاظ والعبرة قول عيسى بن مريم لليهود: يا بني إسرائيل نسبهم إلى جدهم يعقوب الملقب بإسرائيل بن اسحق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام. إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة وهذا برهان على صدقي في دعوتي إذ لم أخالف فيما أدعو إليه من عبادة الله وحده ما في التوراة كتاب الله عز وجل وهو بين أيديكم فوفاقنا دال على أن مصدر تشريعنا واحد هو الله عز وجل فكما آمنتم بموسى وهرون وداود وسليمان آمنوا بي فإني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة, ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه8 احمد, فلهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا دعوة9 أبي إبراهيم وبشارة عيسى", إذ إبراهيم لما كان يبني البيت مع إسماعيل كانا يتقاولان ما أخبر تعالى به في قوله: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك..} الآية.
وقوله تعالى {فلما جاءهم} أي محمد10 صلى الله عليه وسلم بالبينات أي بالحجج الدالة على صدق رسالته ووجوب إتباعه في العقيدة والشريعة كفروا به وقالوا في القرآن هذا سحر مبين كما قالها فرعون مع موسى. وكما قالتها اليهود مع عيسى عليه السلام.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان غنى الله تعالى عن خلقه وأنه سبح لله ما في السموات وما في الأرض وأن ما شرعه لعباده من العبادات والشرائع إنما هو لفائدتهم وصالح أنفسهم يكملوا عليه أرواحا وأخلاقا ويسعدوا به في الحياتين.
2- حرمة الكذب وخلف الوعد إذ قول القائل أفعل كذا ولم يفعل كذب وخلف وعد. ولذا كان قوله من المقت الذي هو أشد البغض، ومن مقته الله فقد أبغضه أشد البغض وكيف يفلح من مقته الله.
3- فضيلة الجهاد والوحدة والاتفاق وحرمة الخلاف والقتال والصفوف ممزقة حسيا أو معنويا.
4- التحذير من مواصلة الذنب بعد الذنب فإنه يؤدي إلى الطبع وحرمان الهداية.
5- بيان كفر اليهود بعيسى عليه السلام وازدادوا كفرا بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم.
6- بيان كفر النصارى إذ رفضوا بشارة عيسى وردوها عليه ولم يؤمنوا بالمبشر به محمد صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم.
__________

1 في جامع الترمذي عن عبد الله بن سلام قال: قعدنا نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكرنا فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملناه فأنزل الله تعالى: {سبح لله 1ما في السماوات وما في الأرض ... } الخ السورة. ورواه الحاكم وأحمد وغيره.
2 اللام حرف جر والميم حرف استفهام وهو هنا إنكاري نوبيخي.
3 النداء بوصف الإيمان فيه التعريض بأن الإيمان من شأن صاحبه أن لا يخلف إذا وعد وأن يفي إذا نذر لأنه روح وصاحبه حي قادر على الفعل والترك بخلاف الكفر وأهله.
(مقتا) : منصوب على التمييز وهو تمييز نسبة والتقدير: كبر ممقوتا قولكم ما لا تفعلون.
5 هذا جواب لقولهم: لو نعلم أحب الأعمال إلى الله تعالى لعملناه فبين لهم أحب الأعمال إليه وهو أحب العاملين عنده فله الحمد وله المنة.
6 لعل وجه المناسبة بين قصة موسى هنا وعتاب المؤمنين على فرار من فر يوم أحد هو: أن قوم موسى أيضا جبنوا عن قتال عدوهم وقالوا لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون.
7 وجه مناسبة قصة عيسى لما قبلها أن بني إسرائيل كما فسقوا عن أمر الله وعصوا رسوله موسى فسقوا كذلك عن أمر الله وعصوا عيسى وكفروا فكان هذا تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما لقيه ويلقاه من اليهود.
8 هل الاسم هو عين المسمى؟ خلاف كبير والصحيح: أن الاسم هو اللفظ الدال على ذات به تتميز عن سائر الذوات.
9 رواه ابن اسحق بسند جيد ورواه أحمد بألفاظ مختلفة.
10 جائز أن يكون الضمير في جاءهم عائد إلى عيسى عليه السلام وعلى محمد صلى الله عليه وسلم إذ كلاهما قيل فيه سحر أو ساحر قرأ الجمهور (سحرا) في الآيات وقرأ بعضهم: ساحر أي: محمد أو عيسى عليهما السلام.

*******************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.68%)]