عرض مشاركة واحدة
  #1246  
قديم 03-08-2022, 04:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الفرقان - (7)
الحلقة (633)
تفسير سورة الفرقان مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 627الى صــــ 634)

وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)
شرح الكلمات:
يمشون على الأرض هوناً: في سكينة ووقار.
وإذا خاطبهم الجاهلون: أي بما يكرهون من الأقوال.
قالوا سلاماً: أي قولاً يسلمون به من الإثم، ويسمى هذا سلام1 المتاركة.
سجداً وقياماً: أي يصلون بالليل سجداً جمع ساجد.
إن عذابها كان غراماً: أي عذاب جهنم كان لازماً لا يفارق صاحبه.
إنها ساءت مستقراً ومقاماً: أي بئست مستقراً وموضع إقامة واستقرار.
لم يسرفوا ولم يقتروا: أي لم يبذروا ولم يضيقوا.
وكان بين ذلك قواماً: أي بين الإسراف والتقتير وسطاً.
التي حرم الله: وهي كل نفس آدمية إلا نفس الكافر المحارب.
إلا بالحق: وهو واحد من ثلاث: كفر بعد إيمان أو زنى بعد إحصان أو قتل ظلم وعدوان.
يلق أثاماً: أي عقوبة شديدة.
يبدل الله سيئاتهم حسنات: بأن يمحو بالتربة سوابق معاصيهم، ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم.
معنى الآيات:
لما أنكر المشركون الرحمن {قالوا وما الرحمن} وأبوا أن يسجدوا للرحمن، وقالوا أن محمداً ينهانا عن الشرك وهو يدعو مع الله الرحمن فيقول يا الله يا رحمن، ناسب لتجاهلهم هذا الاسم الرحمن أن يذكر لهم صفات عباد الرحمن ليعرفوا الرحمن بعباده على حد "خيركم من إذا رُؤي ذُكر الله" فقال تعالى {وعباد الرحمن2} ووصفهم بثمان صفات وأخبر عنهم بما أعده لهم من كرامة يوم القيامة. الأولى في قوله {الذين يمشون على الأرض هوناً3} أي ليسوا جبابرة متكبرين، ولا عصاة مفسدين ولكن يمشون متواضعين عليهم السكينة والوقار، {وإذا خاطبهم الجاهلون} أي السفهاء بما يكرهون من القول قالوا قولاً يسلمون4 به من الإثم فلم يردوا السيئة بالسيئة ولكن بالحسنة.
الثانية: في قوله {والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً} أي يقضون ليلهم بين السجود
والقيام يصفون أقدامهم ويذرفون دموعهم على خدودهم خوفاً من عذاب ربهم.
والثالثة: في قوله {والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم} إنهم لقوة يقينهم كأنهم شاعرون بلهب جهنم يدنو من وجوههم فقالوا {ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما} أي مُلحاً لازماً لا يفارق صاحبه، {إنها ساءت} أي جهنم {مستقراً ومقام} أي بئست موضع إقامة واستقرار.
والرابعة: في قوله {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا} في إنفاقهم فيتجاوزوا الحد المطلوب منهم، ولم يقتروا فيقصروا في الواجب عليهم وكان إنفاقهم بين الإسراف والتقتير قواماً أي عدلاً وسطاً.
والخامسة: {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر} أي لا يسألون غير ربهم قضاء حوائجهم كما لا يشركون بعبادة ربهم أحداً {ولا يقتلون النفس التي حرم الله} قتلها وهي كل نفس آدمية ما عدا نفس الكافر المحارب فإنها مباحة القتل غير محرمة. {إلا بالحق} وهو واحدة من ثلاث خصال بينها الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث الصحيحين "لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة" {ولا يزنون} أي لا يرتكبون فاحشة الزنا والزنا نكاح على غير شرط النكاح المباح وقوله تعالى {ومن يفعل ذلك} هذا كلام معترض بين صفات عباد الرحمن. أي ومن يفعل ذلك المذكور من، الشرك بدعاء غير الرب أو قتل النفس بغير حق، أو زنا {يلق اثاماً} 5 أي عقاباً {يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه} أي في العذاب {مهاناً} مخزياً ذليلاً، وقوله تعالى {إلا من تاب} من الشرك وآمن بالله وبلقائه وبرسوله وما جاء به من الدين الحق {وعمل صالحاً} من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج بيت الله الحرام {فأولئك} المذكورون أي التائبون {يبدل الله سيئاتهم حسنات} أي يمحو سيآتهم بتوبتهم ويكتب لهم مكانها صالحات أعمالهم وطاعاتهم بعد توبتهم {وكان الله غفوراً رحيماً} ذا مغفرة للتائبين من عباده ذا رحمة بهم فلا يعذبهم بعد توبته عليهم، وقوله {ومن تاب} من غير هؤلاء المذكورين أي رجع إلى الله تعالى بعد غشيانه الذنوب
{وعمل صالحاً} بعد توبته {فإنه يتوب إلى الله متاباً} أي يرجع إليه تعالى مرجعاً مرضياً حسناً فيكرمه وينعمه في دار كرامته.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان صفات عباد الرحمن الذين بهم يعرف الرحمن عز وجل.
2- فضيلة التواضع والسكينة في المشيء والوقار.
3- فضيلة رد السيئة بالحسنة والقول السليم من الإثم.
4- فضيلة قيام6 الليل والخوف من عذاب النار.
5- فضيلة الاعتدال والقصد في7 النفقة وهي حسنة بين السيئتين.
6- حرمة الشرك وقتل النفس8 والزنى وأنها أمهات الكبائر.
7- التوبة تجب4 ما قبلها. والندب إلى التوبة وأنها مقبولة مالم يغرغر.
__________

1 سلام المتاركة: هو أن يقول قولاً يسلم به من أذى الجاهل وذلك بأن يدفعه بالتي هي أحسن من الكلمات.
2 {وعباد الرحمن} مبتدأ والخبر: إن أريد بهم أصحاب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة فالخبر: {الذين يمشون} وما بعده نعوت لهم وصفات، وإن أريد بهم عامة المؤمنين فالخبر: {أولئك يجزون الغرفة} والصلات الثمانية: صفات ونعوت لهم. وهذا الراجح.
3 الهون: اللين والرفق، والمشي الهون: هو الذي ليس فيه ضرب بالأقدام وخفق النعال فهو غير مشي المتكبرين المعجبين بنفوسهم، وعباد الرحمن يمشون وعليهم السكينة والوقار وفى الحديث: "أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالايضاع وهو السير مثل الخبب" إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا زال زال تقلعاً ويخطو تكفؤا ويمشي هونا ذريع المشية كأنما ينحط من صبب، قيل: نعم هو كما وصف فالتقلع معناه رفع الرجل بقوة حتى لا يمشي مشية المتمسكن الذليل والذريع، الواسع الخطا ومعناه أنه كان يرفع رجله بسرعة ويوسع خطوه كأنما ينحط من صبب فأين هذا الهون المحمدي في المشي من الاختيال والتمايل إعجاباً بالنفس وضرب الأرض كأنما يريد أن يخرقها بنعله. والله تعالى قال: {ولا تمش في الأرض مرحا} والمرح: هو مشيُ الخيلاء، والفجر، وقال: {إنك لن تخرق الأرض} أي بضربك إياها برجليك بشدة. {ولن تبلغ الجبال طولا} مهما حاولت العلو والارتفاع.
4 هذا كقوله تعالى: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} .
5 الأثام: قيل فيه إنه واد في جهنم: قال الشاعر:
لقيت المهالك في حربنا
وبعد المهالك نلقي أثاما
وقيل الأثام: العقاب كما في التفسير وشاهده قول الشاعر:
جزى الله ابن عروة حيث أمسى
عقوقاً والعقوق له أثام
أي: جزاء وعقوبة.
6 أنشد بعضهم الأبيات التالية في صفة أولياء الله جعلنا الله منهم: فقال:
لله قوم أخلصوا في حبه
فرضي بهم واختصهم خدّاما
قوم إذا جن الظلام عليهم
باتوا هنالك سجداً وقياما
خمص البطون من التعفف ضمرا
لا يعرفون سوى الحلال طعاماً
7 روي أن عبد الملك بن مروان سأل بنته فاطمة وهي تحت ابن أخيه عمر بن عبد العزيز وقد زارهما بالمدينة فقال لها كيف نفقتكم؟ فقالت: الحسنة بين السيئتين. تعني قول الله تعالى {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} وقيل: المسؤول زوجها عمر وهو الذي أجاب والله أعلم وفي الحديث: {إن من السرف أن تأكل كل ما تشتهي} .
8 روى مسلم أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك قال ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك قال ثم أي: قال: أن تزاني حليلة جارك" فأنزل الله تصديقها {الذين لا يدعون مع الله إله آخرا} إلى {ولا يزنون} .
9 وفي الحديث الصحيح: "اتق الله حيثما كنت وأتتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" والشاهد: {إن الحسنات يذهبن السيئات} .

*******************************
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.72 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]