عرض مشاركة واحدة
  #189  
قديم 01-07-2022, 11:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,981
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(175)
الحلقة (189)
صــ 14إلى صــ 20




1932 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال : سمعت الشعبي - وسأله أبو إسحاق عن قول الله : "وإذ ابتلى [ ص: 14 ] إبراهيم ربه بكلمات" - قال : منهن الختان ، يا أبا إسحاق .

وقال آخرون : بل ذلك الخلال الست : الكوكب ، والقمر ، والشمس ، والنار ، والهجرة ، والختان ، التي ابتلي بهن فصبر عليهن .

ذكر من قال ذلك :

1933 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : قلت للحسن : "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن" . قال : ابتلاه بالكوكب ، فرضي عنه ؛ وابتلاه بالقمر ، فرضي عنه ؛ وابتلاه بالشمس ، فرضي عنه ؛ وابتلاه بالنار ، فرضي عنه ؛ وابتلاه بالهجرة ، وابتلاه بالختان .

1934 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان الحسن يقول : إي والله ، ابتلاه بأمر فصبر عليه : ابتلاه بالكوكب والشمس والقمر ، فأحسن في ذلك ، وعرف أن ربه دائم لا يزول ، فوجه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما كان من المشركين ؛ ثم ابتلاه بالهجرة فخرج من بلاده وقومه حتى لحق بالشام مهاجرا إلى الله ؛ ثم ابتلاه بالنار قبل الهجرة ، فصبر على ذلك ؛ فابتلاه الله بذبح ابنه وبالختان ، فصبر على ذلك .

1935 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عمن سمع الحسن يقول في قوله : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات " قال : ابتلاه الله بذبح ولده ، وبالنار ، وبالكوكب ، والشمس ، والقمر .

1936 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا سلم بن قتيبة قال : حدثنا أبو هلال ، عن الحسن : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات قال : ابتلاه بالكوكب ، وبالشمس والقمر ، فوجده صابرا .

وقال آخرون بما :

1937 - حدثنا به موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا [ ص: 15 ] أسباط ، عن السدي : الكلمات التي ابتلى بهن إبراهيم ربه : ( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ربنا وابعث فيهم رسولا منهم ) [ سورة البقرة : 127 - 129 ]

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله عز وجل أخبر عباده أنه اختبر إبراهيم خليله بكلمات أوحاهن إليه ، وأمره أن يعمل بهن فأتمهن ، كما أخبر الله جل ثناؤه عنه أنه فعل . وجائز أن تكون تلك الكلمات جميع ما ذكره من ذكرنا قوله في تأويل "الكلمات" ، وجائز أن تكون بعضه . لأن إبراهيم صلوات الله عليه قد كان امتحن فيما بلغنا بكل ذلك ، فعمل به ، وقام فيه بطاعة الله وأمره الواجب عليه فيه . وإذ كان ذلك كذلك ، فغير جائز لأحد أن يقول : عنى الله بالكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم شيئا من ذلك بعينه دون شيء ، ولا عنى به كل ذلك ، إلا بحجة يجب التسليم لها : من خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو إجماع من الحجة . ولم يصح في شيء من ذلك خبر عن الرسول بنقل الواحد ، ولا بنقل الجماعة التي يجب التسليم لما نقلته . غير أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نظير معنى ذلك خبران ، لو ثبتا ، أو أحدهما ، كان القول به في تأويل ذلك هو الصواب . أحدهما ، ما : -

1938 - حدثنا به أبو كريب قال : حدثنا رشدين بن سعد قال : حدثني زبان بن فائد ، عن سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله : ( الذي وفى ) ؟ [ سورة النجم : 37 ] لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى : ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ) [ سورة الروم : 17 ] حتى يختم الآية . [ ص: 16 ]

والآخر منهما ما : -

1939 - حدثنا به أبو كريب قال : حدثنا الحسن بن عطية قال : حدثنا إسرائيل ، عن جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وإبراهيم الذي وفى" قال : أتدرون ما "وفى" ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : وفى عمل يومه ، أربع ركعات في النهار .

[ ص: 17 ] قال أبو جعفر : فلو كان خبر سهل بن معاذ عن أبيه صحيحا سنده ، كان بينا أن الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم فقام بهن ، هو قوله كلما أصبح وأمسى : " فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون " - أو كان خبر أبي أمامة عدولا نقلته ، كان معلوما أن الكلمات التي أوحين إلى إبراهيم فابتلي بالعمل بهن : أن يصلي كل يوم أربع ركعات . غير أنهما خبران في أسانيدهما نظر .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في معنى "الكلمات" التي أخبر الله أنه ابتلى بهن إبراهيم ، ما بينا آنفا .

ولو قال قائل في ذلك : إن الذي قاله مجاهد وأبو صالح والربيع بن أنس ، أولى بالصواب من القول الذي قاله غيرهم ، كان مذهبا . لأن قوله : " إني جاعلك للناس إماما ، وقوله : " وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين وسائر الآيات التي هي نظير ذلك ، كالبيان عن الكلمات التي ذكر الله أنه ابتلى بهن إبراهيم .
القول في تأويل قوله تعالى ( فأتمهن )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "فأتمهن" ، فأتم إبراهيم الكلمات . وإتمامه إياهن إكماله إياهن ، بالقيام لله بما أوجب عليه فيهن ، وهو الوفاء الذي [ ص: 18 ] قال الله جل ثناؤه : ( وإبراهيم الذي وفى ) [ سورة النجم : 37 ] ، يعني وفى بما عهد إليه بالكلمات ، بما أمره به من فرائضه ومحنته فيها ، كما : -

1940 - حدثني محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : "فأتمهن" ، أي فأداهن .

1941 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "فأتمهن" ، أي عمل بهن فأتمهن .

1942 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : "فأتمهن" ، أي عمل بهن فأتمهن .
القول في تأويل قوله تعالى ( قال إني جاعلك للناس إماما )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "إني جاعلك للناس إماما" ، فقال الله : يا إبراهيم ، إني مصيرك للناس إماما ، يؤتم به ويقتدى به ، كما : -

1943 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : "إني جاعلك للناس إماما" ، ليؤتم به ويقتدى به .

يقال منه : "أممت القوم فأنا أؤمهم أما وإمامة" ، إذا كنت إمامهم .

وإنما أراد جل ثناؤه بقوله لإبراهيم : "إني جاعلك للناس إماما" ، إني مصيرك تؤم من بعدك من أهل الإيمان بي وبرسلي ، تتقدمهم أنت ، ويتبعون هديك ، ويستنون بسنتك التي تعمل بها ، بأمري إياك ووحيي إليك .
[ ص: 19 ] القول في تأويل قوله تعالى ( قال ومن ذريتي )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بذلك : قال إبراهيم - لما رفع الله منزلته وكرمه ، فأعلمه ما هو صانع به ، من تصييره إماما في الخيرات لمن في عصره ، ولمن جاء بعده من ذريته وسائر الناس غيرهم ، يهتدى بهديه ويقتدى بأفعاله وأخلاقه - : يا رب ، ومن ذريتي فاجعل أئمة يقتدى بهم ، كالذي جعلتني إماما يؤتم بي ويقتدى بي . مسألة من إبراهيم ربه سأله إياها ، كما : -

1944 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قال : قال إبراهيم : "ومن ذريتي" ، يقول : فاجعل من ذريتي من يؤتم به ويقتدى به .

وقد زعم بعض الناس أن قول إبراهيم : "ومن ذريتي" ، مسألة منه ربه لعقبه أن يكونوا على عهده ودينه ، كما قال : ( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) [ سورة إبراهيم : 35 ] ، فأخبر الله جل ثناؤه أن في عقبه الظالم المخالف له في دينه ، بقوله : "لا ينال عهدي الظالمين" .

والظاهر من التنزيل يدل على غير الذي قاله صاحب هذه المقالة . لأن قول إبراهيم صلوات الله عليه : "ومن ذريتي" ، في إثر قول الله جل ثناؤه : "إني جاعلك للناس إماما" . فمعلوم أن الذي سأله إبراهيم لذريته ، لو كان غير الذي أخبر ربه أنه أعطاه إياه ، لكان مبينا . ولكن المسألة لما كانت مما جرى ذكره ، اكتفى بالذكر الذي قد مضى ، من تكريره وإعادته ، فقال : "ومن ذريتي" ، بمعنى : ومن ذريتي فاجعل مثل الذي جعلتني به ، من الإمامة للناس .
[ ص: 20 ] القول في تأويل قوله تعالى ( قال لا ينال عهدي الظالمين ( 124 ) )

قال أبو جعفر : هذا خبر من الله جل ثناؤه عن أن الظالم لا يكون إماما يقتدي به أهل الخير . وهو من الله جل ثناؤه جواب لما يتوهم في مسألته إياه أن يجعل من ذريته أئمة مثله . فأخبر أنه فاعل ذلك ، إلا بمن كان من أهل الظلم منهم ، فإنه غير مصيره كذلك ، ولا جاعله في محل أوليائه عنده ، بالتكرمة بالإمامة . لأن الإمامة إنما هي لأوليائه وأهل طاعته ، دون أعدائه والكافرين به .

واختلف أهل التأويل في العهد الذي حرم الله جل ثناؤه الظالمين أن ينالوه .

فقال بعضهم : ذلك العهد هو النبوة .

ذكر من قال ذلك :

1945 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " قال لا ينال عهدي الظالمين " ، يقول : عهدي ، نبوتي .

فمعنى قائل هذا القول في تأويل الآية : لا ينال النبوة أهل الظلم والشرك .

وقال آخرون : معنى "العهد" : عهد الإمامة .

فتأويل الآية على قولهم : لا أجعل من كان من ذريتك بأسرهم ظالما ، إماما لعبادي يقتدى به .

ذكر من قال ذلك :




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]