عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-06-2022, 04:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي قيادة التغيير.. تغيير القناعات

قيادة التغيير.. تغيير القناعات (1)




عبيد سليمان











إن صناعة الحضارة تستلزم صناعة الفرد القادر على قيادة نفسه للنجاح أولاً، والمستعد بعدها على إحداث التغيير الإيجابي في سلوكياته ثانياً، والمتمكن عندها من صناعة الحضارة في عناصرها الثمانية.







قوة القناعة:



لبث الرسول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في مكة المكرمة 13 عاماً يدعو فيها الناس إلى التوحيد، ولم يؤمن معه إلا 150 شخصاً عظيماً تَوَزعوا بين مكة والحبشة، ثم لبث في المدينة يدعو حتى وصل عدد من جاؤوا إلى الحديبية سنة 6 للهجرة 1400 شخصاً إضافة إلى مَن بقُوا في المدينة، وبعدها بـ 3 سنوات وفي حجة الوداع شاهد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - من أهل الجزيرة أكثر من مائة ألف غير الذين لم يأتوا إلى الحج، في ارتفاع مدهش لعدد الذين أسلموا.. ولكن ماذا حصل لهذا الجمع الغفير من الناس بعد سنة واحدة؟ ارتد معظمهم عند وفاة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ولم يَثبُت على الإسلام إلا أهل مكة والمدينة والطائف، والسؤال: لماذا لم يَثبت الناس؟ الجواب: لأنهم لم تتجذّر فيهم قناعات الإسلام الأساسية.







القناعات:



للعامل في صناعة الحضارة قناعات خاصة يحتاج أن يجذّرها في نفسه وفي نفوس مَن معه، والقناعات هي القيم والمبادئ التي يتبناها الإنسان، من مثل:



قناعات شخصية:



أ- المرجعية الثابتة: إن الضابط والحاكم على كل تصرفاتنا ومقوِّمها صواباً أم خطأ هو المرجع الشرعي الثابت: القرآن الكريم وسُنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، والأمل المتراود في كل نفس في كل حين أن كل ثانية تُبذل في هذا الاتجاه (اتجاه العمل الحضاري) محسوب أجره.







ب- العمل الحضاري ضرورة: وفي الوقت الذي تعاني أمة الإسلام تخلفاً لا مثيل له في التاريخ البشري يكون العمل لإعادة مجد الأمة وإعادة صناعة حضارتها هو من أفضل العبادات.







جـ- فضيلة السبق: كرّم الله أول سيدة آمنت ببيت في الجنة من قصب وكانت خديجة، وأول رجل آمن بالصحبة الخالصة وكان أبا بكر، وأول جيش في إحدى الغزوات بغفران السابق واللاحق فكان جيش بدر، فمَن يسبق الآخرين في صناعة الحضارة فلعله يكسب ما لا يكسبه الآخرون (أجره وأجرَ مَن أتى بعده).







د- الإتقان: قِيمة قَيِّمة لا يتحلّى بها إلا الإنسان العظيم ينال بها محبة المولى عز وجل "إنّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه".







هـ- الطموح: إن كان التوحيد والشعائر كافيَين لدخول الجنة فلماذا خلقها الله درجات؟ ولماذا اجتهد السابقون في كل أبواب الحياة؟ ومن أين تعلموا قيمة الطموح؟ اقتداءً بالمصطفى.







قناعات العمل الجماعي:



أ- المشاركة جماعية والقيادة إسلامية: يشترك في العمل الحضاري الإسلامي كل الناس من كل المذاهب والأديان، ولكن برؤية وقيادة إسلامية نابعة من المنهج القويم.







ب- الاستفادة: إن الاستفادة سُنة أصيلة في العمل الإسلامي الحضاري.







جـ- المرأة: العمل الحضاري يحتاج إلى زوجة داعمة كالسيدة خديجة، وإلى سيدة عالمة كالصديقة بنت الصديق، وإلى سيدة عاملة كالممرضة رفيدة الأسلمية، وإلى سيدة داعية كالكويتية نسيبة المطوع، وإلى سيدة ناشطة كاليمنية توكّل كرمان، وإلى قيادية كالأمريكية راكبة الباص روزا باركس.







د- القِيَم المشتركة: أعدّت مؤسسة اليونسكو قائمة بالأشياء التي لها قيمة عند شعوب العالم في قارّاتها الست ويبحثون عنها: (الحب + التعاون + السعادة + الصدق + السلام + التواضع + الحرية + الاحترام + البساطة + الوحدة) فأي مشروع يشمل هذه القيم أو بعضها فإنه سيكون متقبَّلاً من قبل كل الناس.







هـ- ما لا يُدرك كله لا يترك جُلّه: ليس بمقدور أي مجموعة منّظمة - وان كانت وزارة دولة - أن تصل إلى الغاية في كل عنصر من العناصر الثمانية للحضارة فضلاً عن تمكُّنها من الإحاطة بها كلها، وهو أمر مستبعد من مجموعة تشكّل نسبة محدودة في الشارع، لذا فإن اختيار عدد من العناصر والتركيز عليها أو تحديد السقف الممكن في كل عنصر للعمل به هي أفضل استراتيجية ممكنة للمجموعة.







اختبار القناعات:



هَب أنك تقود سيارتك إلى مبنى التلفزيون للمشاركة في أهم مناظرة في حياتك خلال نصف ساعة مع خصمك السياسي، وإذ بك ترى من بعيد دخان الحريق يخرج من منزلك فماذا ستفعل؟







هل تعود إلى بيتك وتحاول إنقاذ أسرتك وتترك المناظرة؟ (نعم/لا).







وإن قلت (لا) واكتشفت أن البيت المحترق هو بيت شيخك الذي أوصلك إلى هذا المقام.. فهل سترجع؟







وإن اكتشفت أن البيت هو بيت خصمك السياسي وبه أفراد أسرته؟







وإن كنت تمتلك أصلاً مفاتيح الفناء الخلفي وهو المَنفذ الوحيد للنجاة، فماذا ستفعل؟







إن أسئلة كهذه تبين مدى تمسُّكك بقناعة ومدى قتالك من أجلها، إن كنت تتمسك بالقناعات السابقة (الشخصية والجماعية) بقدر تمسكك بأولوياتك التي ظهرت في الاختبار السابق... فأنت في الطريق الصائب.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.64 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.07%)]