عرض مشاركة واحدة
  #154  
قديم 29-07-2022, 07:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله




كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الرابع

الحلقة (154)
صــــــــــ 71 الى صـــــــــــ77




( قال الشافعي ) وإذا التقط العبد اللقطة فعلم السيد باللقطة فأقرها بيده فالسيد ضامن لها في ماله في رقبة العبد وغيره إذا استهلكها العبد قبل السنة أو بعدها دون مال السيد ; لأن أخذه اللقطة عدوان ، إنما يأخذ اللقطة من له ذمة يرجع بها عليه [ ص: 71 ] ومن له مال يملكه والعبد لا مال له ، ولا ذمة ، وكذلك إن كان مدبرا ، أو مكاتبا ، أو أم ولد ، والمدبر والمدبرة كلهم في معنى العبد إلا أن أم الولد لا تباع ويكون في ذمتها إن لم يعلمه السيد ، وفي مال المولي إن علم .

( قال الربيع ) وفي القول الثاني إن علم السيد أن عبده التقطها ، أو لم يعلم فأقرها في يده فهي كالجناية في رقبة العبد ، ولا يلزم السيد في ماله شيء
( قال الشافعي ) والمكاتب في اللقطة بمنزلة الحر ; لأنه يملك ماله والعبد بعضه حر وبعضه عبد يقضي بقدر رقه فيه فإن التقط اللقطة في اليوم الذي يكون لنفسه فيه أقرت في يديه وكانت مالا من ماله ; لأن ما كسب في ذلك اليوم في معاني كسب الأحرار ، وإن التقطها في اليوم الذي هو فيه للسيد أخذها السيد منه ; لأن ما كسبه في ذلك اليوم للسيد ، وقد قيل : إذا التقطها في يوم نفسه أقر في يدي العبد بقدر ما عتق منه وأخذ السيد بقدر ما يرق منه ، وإذا اختلفا فالقول قول العبد مع يمينه ; لأنها في يديه ، ولا يحل للرجل أن ينتفع من اللقطة بشيء حتى تمضي سنة ، وإذا باع الرجل الرجل اللقطة قبل السنة ثم جاء ربها كان له فسخ البيع ، وإن باعها بعد السنة فالبيع جائز ويرجع رب اللقطة على البائع بالثمن ، أو قيمتها إن شاء فأيهما شاء كان له .

( قال : الربيع ) ليس له إلا ما باع إذا كان باع بما يتغابن الناس بمثله ، فإن كان باع بما لا يتغابن الناس بمثله ، غله ما نقص عما يتغابن الناس بمثله .

( قال الشافعي ) وإذا كانت الضالة في يدي الوالي فباعها فالبيع جائز ولسيد الضالة ثمنها فإن كانت الضالة عبدا فزعم سيد العبد أنه أعتقها قبل البيع قبلت قوله مع يمينه إن شاء المشتري يمينه وفسخت البيع وجعلته حرا ورددت المشتري بالثمن الذي أخذ منه .

( قال : الربيع ) وفيه قول آخر أنه لا يفسخ البيع إلا ببينة تقوم ; لأن بيع الوالي كبيع صاحبه فلا يفسخ بيعه إلا ببينة أنه أعتقه قبل بيعه ; لأن رجلا لو باع عبدا ثم أقر أنه أعتقه قبل أن يبيعه لم يقبل قوله فيفسخ على المشتري بيعه إلا ببينة تقوم على ذلك
( قال الشافعي ) وإذا التقط الرجل الطعام الرطب الذي لا يبقى فأكله ثم جاء صاحبه غرم قيمته وله أن يأكله إذا خاف فساده ، وإذا التقط الرجل ما يبقى لم يكن له أكله إلا بعد سنة مثل الحنطة والتمر وما أشبهه
( قال الشافعي ) والركاز دفن الجاهلية فما وجد من مال الجاهلية على وجه الأرض فهو لقطة من اللقط يصنع فيه ما يصنع في اللقطة ; لأن وجوده على ظهر الأرض ، وفي مواضع اللقطة يدل على أنه ملك سقط من مالكه ، ولو تورع صاحب فأدى خمسه كان أحب إلي ، ولا يلزمه ذلك
( قال الشافعي ) وإذا وجد الرجل ضالة الإبل لم يكن له أخذها فإن أخذها ثم أرسلها حيث وجدها فهلكت ضمن لصاحبها قيمتها والبقر والحمير والبغال في ذلك بمنزلة ضوال الإبل وغيرها ، وإذا أخذ السلطان الضوال فإن كان لها حمى يرعونها فيه بلا مؤنة على ربها رعوها فيه إلى أن يأتي ربها ، وإن لم يكن لها حمى باعوها ودفعوا أثمانها لأربابها ، ومن أخذ ضالة فأنفق عليها فهو متطوع بالنفقة لا يرجع على صاحبها بشيء ، وإن أراد أن يرجع على صاحبها بما أنفق فليذهب إلى الحاكم حتى يفرض لها نفقة ويوكل غيره بأن يقبض لها تلك النفقة منه وينفق عليها ، ولا يكون للسلطان أن يأذن له أن ينفق عليها إلا اليوم واليومين وما أشبه ذلك مما لا يقع من ثمنها موقعا ، فإذا جاوز ذلك أمر ببيعها .
ومن التقط لقطة فاللقطة مباحة فإن هلكت منه بلا تعد فليس بضامن لها والقول قوله مع يمينه ، وإذا التقطها ثم ردها في موضعها فضاعت فهو ضامن لها ، وإن رآها فلم يأخذها فليس بضامن لها وهكذا إن دفعها إلى غيره فضاعت أضمنه من ذلك ما أضمن المستودع وأطرح عنه الضمان فيما أطرح عن المستودع
( قال الشافعي ) وإذا حل الرجل دابة الرجل فوقفت ثم مضت ، أو فتح قفصا لرجل عن طائر ثم خرج بعد لم يضمن ; لأن الطائر والدابة أحدثا الذهاب والذهاب غير فعل الحال والفاتح وهكذا الحيوان كله وما فيه روح وله عقل يقف فيه [ ص: 72 ] بنفسه ويذهب بنفسه فأما ما لا عقل له ، ولا روح فيه مما يضبطه الرباط مثل زق زيت وراوية ماء فحلها الرجل فتدفق الزيت فهو ضامن إلا أن يكون حل الزيت ، وهو مستند قائم فكان الحل لا يدفقه فثبت قائما ثم سقط بعد فإن طرحه إنسان فطارحه ضامن لما ذهب منه ، وإن لم يطرحه إنسان لم يضمنه الحال الأول ; لأن الزيت إنما ذهب بالطرح دون الحل وأن الحل قد كان ، ولا جناية فيه
( قال الشافعي ) ولا جعل لأحد جاء بآبق ، ولا ضالة إلا أن يكون جعل له فيه فيكون له ما جعل له وسواء في ذلك من يعرف بطلب الضوال ومن لا يعرف به ومن قال : لأجنبي إن جئتني بعبدي الآبق فلك عشرة دنانير ثم قال : لآخر إن جئتني بعبدي الآبق فلك عشرون دينارا ثم جاءا به جميعا فلكل واحد منهما نصف جعله ; لأنه إنما أخذ نصف ما جعل عليه كله كان صاحب العشرة قد سمع قوله لصاحب العشرين ، أو لم يسمعه ، وكذلك لو قال لثلاثة فقال لأحدهم : إن جئتني به فلك كذا ولآخر ولآخر فجعل أجعالا مختلفة ثم جاءوا به جميعا فلكل أحد منهم ثلث جعله .
، وفي اختلاف مالك والشافعي اللقطة .

( قال : الربيع ) سألت الشافعي رحمه الله عمن وجد لقطة قال : يعرفها سنة ثم يأكلها إن شاء موسرا كان ، أو معسرا ، فإذا جاء صاحبها ضمنها له فقلت : له وما الحجة في ذلك ؟ فقال : السنة الثابتة وروى هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأكلها وأبي من مياسير الناس يومئذ وقبل وبعد ( أخبرنا ) مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أنه قال : { جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال : اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها } .

( أخبرنا ) مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر أن أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام فوجد صرة فيها ثمانون دينارا فذكر ذلك لعمر بن الخطاب فقال : له عمر عرفها على أبواب المساجد واذكرها لمن يقدم من الشام سنة ، فإذا مضت السنة فشأنك بها .

( قال الشافعي ) فرويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم عن عمر أنه أباح بعد سنة أكل اللقطة ثم خالفتم ذلك فقلتم يكره أكل اللقطة للغني والمسكين .

( أخبرنا الربيع ) قال : أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا وجد لقطة فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال : إني وجدت لقطة فماذا ترى ؟ فقال : له ابن عمر عرفها ، قال : قد فعلت ، قال فزد قال : فعلت قال : لا آمرك أن تأكلها ، ولو شئت لم تأخذها .

( قال الشافعي ) وابن عمر لم يوقت في التعريف وقتا وأنتم توقتون في التعريف سنة وابن عمر كره للذي وجد اللقطة أكلها غنيا كان أو فقيرا وأنتم ليس هكذا تقولون وابن عمر يكره له أخذها وابن عمر كره له أن يتصدق بها وأنتم لا تكرهون له أخذها بل تستحبونه وتقولون : لو تركها ضاعت .
وترجم في كتاب اختلاف علي وابن مسعود رضي الله عنهما اللقطة

( أخبرنا الربيع ) قال : أخبرنا الشافعي قال دخل علي ابن قيس قال : سمعت هزيلا يقول رأيت عبد الله أتاه رجل بصرة مختومة فقال : عرفتها ، ولم أجد من يعرفها قال : استمتع بها ، وهذا قولنا إذا عرفها سنة فلم يجد [ ص: 73 ] من يعرفها فله أن يستمتع بها وهكذا السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث ابن مسعود يشبه السنة ، وقد خالفوا هذا كله ورووا حديثا عن عامر عن أبيه عن عبد الله أنه اشترى جارية فذهب صاحبها فتصدقوا بثمنها وقال : اللهم عن صاحبها فإن كره فلي وعلي الغرم ، ثم قال : وهكذا نفعل باللقطة فخالفوا السنة في اللقطة التي لا حجة فيها ، وخالفوا حديث ابن مسعود الذي يوافق السنة ، وهو عندهم ثابت واحتجوا بهذا الحديث الذي عن عامر وهم يخالفونه فيما هو بعينه يقولون : إن ذهب البائع فليس للمشتري أن يتصدق بثمنها ، ولكنه يحبسه حتى يأتي صاحبها متى جاء .
كتاب اللقيط

( أخبرنا الربيع بن سليمان ) قال : سمعت الشافعي رحمه الله يقول في المنبوذ : هو حر ولا ولاء له ، وإنما يرثه المسلمون بأنهم قد خولوا كل مال لا مالك له ، ألا ترى أنهم يأخذون مال النصراني ، ولا وارث له ؟ ولو كانوا أعتقوه لم يأخذوا ماله بالولاء ، ولكنهم خولوا ما لا مالك له من الأموال ، ولو ورثه المسلمون وجب على الإمام أن لا يعطيه أحدا من المسلمين دون أحد وأن يكون أهل السوق والعرب من المسلمين فيه سواء ثم وجب عليه أن يجعل ولاءه يوم ولدته أمه لجماعة الأحياء من المسلمين الرجال والنساء ثم يجعل ميراثه لورثته من كان حيا من المسلمين من الرجال دون النساء كما يورث الولاء ، ولكنه مال كما وصفنا لا مالك له ويرد على المسلمين يضعه الإمام على الاجتهاد حيث يرى .
وترجم في سير الأوزاعي الصبي يسبى ثم يموت

سئل أبو حنيفة رحمه الله عن الصبي يسبى وأبوه كافر وقعا في سهم رجل ثم مات أبوه ، وهو كافر ثم مات الغلام قبل أن يتكلم بالإسلام فقال : لا يصلى عليه ، وهو على دين أبيه ; لأنه لا يقر بالإسلام وقال الأوزاعي : مولاه أولى من أبيه يصلى عليه وقال : لو لم يكن معه أبوه وخرج أبوه مستأمنا لكان لمولاه أن يبيعه من أبيه وقال : أبو يوسف إذا لم يسب معه أبوه صار مسلما ليس لمولاه أن يبيعه من أبيه إذا دخل بأمان ، وهو ينقض قول الأوزاعي إنه لا بأس أن يبتاع السبي ويرد إلى دار الحرب في مسألة قبل هذا فالقول في هذا ما قال أبو حنيفة : إذا كان معه أبواه ، أو أحدهما فهو على دينه حتى يقر بالإسلام ، وإذا لم يكن معه أبواه أو أحدهما فهو مسلم .

( قال الشافعي ) { سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء بني قريظة وذراريهم فباعهم من المشركين فاشترى أبو الشحم اليهودي أهل بنت عجوز ولدها من النبي صلى الله عليه وسلم وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بما بقي من السبايا أثلاثا ثلثا إلى تهامة وثلثا إلى نجد وثلثا إلى طريق الشام } فبيعوا بالخيل والسلاح والإبل والمال ، وفيهم الصغير والكبير ، وقد يحتمل هذا أن يكونوا من أجل أن أمهات الأطفال معهم ويحتمل أن يكون في الأطفال من لا أم له ، فإذا سبوا مع أمهاتهم فلا بأس أن يباعوا من المشركين ، وكذلك لو سبوا مع آبائهم ، ولو مات أمهاتهم وآباؤهم قبل أن يبلغوا فيصفوا الإسلام لم يكن لنا أن نصلي عليهم ; لأنهم على دين الأمهات والآباء إذا كان النساء بلغا فلنا بيعهم بعد موت أمهاتهم من المشركين ; لأنا قد حكمنا عليهم بأن حكم الشرك ثابت عليهم إذا تركنا الصلاة عليهم كما حكمنا به وهم مع آبائهم لا فرق بين ذلك إذا لزمهم حكم الشرك كان لنا بيعهم من المشركين [ ص: 74 ] وكذلك النساء البوالغ قد { استوهب رسول الله صلى الله عليه وسلم جارية بالغا من أصحابه ففدى بها رجلين }
وترجم في اختلاف مالك والشافعي باب المنبوذ ( أخبرنا ) مالك عن ابن شهاب عن سنين أبي جميلة رجل من بني سليم أنه وجد منبوذا في زمان عمر بن الخطاب فجاء به إلى عمر فقال : ما حملك على أخذ هذه النسمة ؟ قال وجدتها ضائعة فأخذتها فقال عريفي يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح فقال : أكذلك ؟ قال : نعم قال : عمر اذهب فهو حر وولاؤه لك وعلينا نفقته قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا في المنبوذ أنه حر وأن ، ولاءه للمسلمين فقلت : للشافعي فبقول مالك نأخذ .

( قال الشافعي ) فقد تركتم ما روي عن عمر في المنبوذ فإن كنتم تركتموه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الولاء لمن أعتق } ، فقد زعمتم أن في ذلك دليلا على أن لا يكون الولاء إلا لمن أعتق ، ولا يزول عن معتق ، فقد خالفتم عمر استدلالا بالسنة ثم خالفتم السنة فزعمتم أن السائبة لا يكون ولاؤه للذي أعتقه ، وهو معتق فخالفتموهما جميعا وخالفتم السنة في النصراني يعتق العبد المسلم فزعمتم أن لا ولاء له ، وهو معتق وخالفتم السنة في المنبوذ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول { فإنما الولاء لمن أعتق } فهذا نفى أن يكون الولاء لمن أعتق والمنبوذ غير معتق ولا ولاء له فمن أجمع ترك السنة وخالف عمر فيا ليت شعري من هؤلاء المجمعين لا يسمون فإنا لا نعرفهم ، وهو المستعان ، ولم يكلف الله أحدا أن يأخذ دينه عمن لا يعرفه ، ولو كلفه أفيجوز له أن يقبل عمن لا يعرف ؟ إن هذه لغفلة طويلة فلا أعرف أحدا عنه هذا العلم يؤخذ عليه مثل هذا في قوله واحد يترك ما روي في اللقيط عن عمر للسنة ثم يدع السنة فيه في موضع آخر في السائبة والنصراني يعتق المسلم .

( قال الشافعي ) وقد خالفنا بعض الناس في هذا فكان قوله أشد توجيها من قولكم قالوا : يتبع ما جاء عن عمر في اللقيط ; لأنه قد يحتمل أن لا يكون خلافا للسنة وأن تكون السنة في المعتق فيمن لا ولاء له ويجعل ولاء الرجل يسلم على يديه الرجل للمسلم بحديث عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : في السائبة والنصراني يعتق المسلم قولنا فزعمنا أن عليهم حجة بأن قول النبي صلى الله عليه وسلم { فإنما الولاء لمن أعتق } لا يكون الولاء إلا لمعتق ، ولا يزول عن معتق فإن كانت لنا عليهم بذلك حجة فهي عليكم أبين ; لأنكم خالفتموه حيث ينبغي أن توافقوه ووافقتموه حيث كان لكم شبهة لو خالفتموه .
[ ص: 75 ] باب الجعالة وليس في التراجم

وفي آخر اللقطة الكبيرة .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ولا جعل لأحد جاء بآبق ، ولا ضالة إلا أن يكون جعل له فيه فيكون له ما جعل له وسواء في ذلك من يعرف بطلب الضوال ومن لا يعرف به ومن قال لأجنبي : إن جئتني بعبدي الآبق فلك عشرة دنانير ثم قال الآخر : إن جئتني بعبدي الآبق فلك عشرون دينارا ثم جاءا به جميعا فلكل واحد منهما نصف جعله ; لأنه إنما أخذ نصف ما جعل عليه كان صاحب العشرة قد سمع قوله لصاحب العشرين ، أو لم يسمعه ، وكذلك لو قال لثلاثة فقال : لأحدهم إن جئتني به فلك كذا ، ولآخر ولآخر . فجعل أجعالا مختلفة ثم جاءوا به معا فلكل واحد منهم ثلث جعله
كتاب الفرائض

" باب المواريث " من سمى الله تعالى له الميراث وكان يرث ، ومن خرج من ذلك .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فرض الله تعالى ميراث الوالدين والإخوة والزوجة والزوج فكان ظاهره أن من كان والدا ، أو أخا محجوبا وزوجا وزوجة ، فإن ظاهره يحتمل أن يرثوا وغيرهم ممن سمي له ميراث إذا كان في حال دون حال فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقاويل أكثر أهل العلم على أن معنى الآية أن أهل المواريث إنما ورثوا إذا كانوا في حال دون حال .

قلت للشافعي : وهكذا نص السنة ؟ قال : لا ، ولكن هكذا دلالتها ، قلت وكيف دلالتها ؟ قال : أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال : قولا يدل على أن بعض من سمي له ميراث لا يرث . فيعلم أن حكم الله تعالى لو كان على أن يرث من لزمه اسم الأبوة والزوجة وغيره عاما لم يحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد لزمه اسم الميراث بأن لا يرث بحال . قيل : للشافعي فاذكر الدلالة فيمن لا يرث مجموعة . قال : لا يرث أحد ممن سمي له ميراث حتى يكون دينه دين الميت الموروث ويكون حرا ، ويكون بريئا من أن يكون قاتلا للموروث ، فإذا برئ من هذه الثلاث الخصال ورث ، وإذا كانت فيه واحدة منهن لم يرث ، فقلت : فاذكر ما وصفت ، قال : أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم } وأخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم } وأخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن الحسين قال : إنما ورث أبا طالب عقيل وطالب ، ولم يرثه علي ، ولا جعفر . قال : فلذلك تركنا نصيبنا [ ص: 76 ] من الشعب .

( قال الشافعي ) فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وصفت لك من أن الدينين إذا اختلفا بالشرك والإسلام لم يتوارث من سميت له فريضة ، أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من باع عبدا له مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع } .

( قال الشافعي ) فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مال العبد إذا بيع لسيده دل هذا على أن العبد لا يملك شيئا ، وأن اسم ماله إنما هو إضافة المال إليه ، كما يجوز في كلام العرب أن يقول الرجل لأجير في غنمه وداره وأرضه هذه أرضك وهذه غنمك على الإضافة لا الملك ، فإن قال قائل : ما دل على أن هذا معناه ، وهو يحتمل أن يكون المال ملكا له ؟ قيل : له قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ماله للبائع دلالة على أن ملك المال لمالك الرقبة وأن المملوك لا يملك شيئا ، ولم أسمع اختلافا في أن قاتل الرجل عمدا لا يرث من قتل من دية ، ولا مال شيئا .

ثم افترق الناس في القاتل خطأ ، فقال : بعض أصحابنا يرث من المال ، ولا يرث من الدية وروي ذلك عن بعض أصحابنا عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث ، وقال غيرهم : لا يرث قاتل الخطأ من دية ، ولا مال ، وهو كقاتل العمد ، وإذا لم يثبت الحديث فلا يرث قاتل عمد ، ولا خطأ شيئا أشبه بعموم أن لا يرث قاتل ممن قتل .
باب الخلاف في ميراث أهل الملل ، وفيه شيء يتعلق بميراث العبد والقاتل .

( قال الربيع ) ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فوافقنا بعض الناس ، فقال : لا يرث مملوك ، ولا قاتل عمدا ، ولا خطأ ، ولا كافر شيئا ، ثم عاد فقال : إذا ارتد الرجل عن الإسلام فمات على الردة ، أو قتل ورثه ورثته المسلمون .

( قال الشافعي ) فقيل لبعضهم : أيعدو المرتد أن يكون كافرا أو مسلما ؟ قال : بل كافر ، قيل : فقد قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يرث الكافر المسلم } ، ولم يستثن من الكفار أحدا فكيف ورثت مسلما كافرا ؟ فقال : إنه كافر قد كان ثبت له حكم الإسلام ثم أزاله عن نفسه ، قلنا فإن كان زال بإزالته إياه ، فقد صار إلى أن يكون ممن قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يرثه مسلم ، ولا يرث مسلما ، وإن كان لم يزل بإزالته إياه ، أفرأيت أن من مات له ابن مسلم ، وهو مرتد أيرثه ؟ قال : لا ، قلنا : ولم حرمته ؟ قال : للكفر ، قلنا : فلم لا يحرم منه بالكفر كما حرمته ؟ هل يعدو أن يكون في الميراث بحاله قبل أن يرتد فيرث ويورث أو يكون خارجا من حاله قبل أن يرتد فلا يرث ، ولا يورث ، وقد قتلته ؟ وذلك يدل على أن قد زالت بإزالته وحرمت عليه امرأته وحكمت عليه حكم المشركين في بعض وحكم المسلمين في بعض قال : فإني إنما ذهبت إلى أن عليا رضي الله عنه ورث ورثة مرتد قتله من المسلمين ماله قلنا : قد رويته عن علي رضي الله عنه وقد زعم بعض أهل العلم بالحديث قبلك أنه غلط على علي كرم الله وجهه ، ولو كان ثابتا عنه كان أصل مذهبنا ومذهبك أنه لا حجة في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فيحتمل أن يكون لا يرث الكافر الذي لم يزل كافرا قلنا فإن كان حكم المرتد مخالفا حكم من لم يزل كافرا فورثه فورثته المسلمون إذا ماتوا قبله فعلي لم ينهك عن هذا قال : هو داخل في جملة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت : فإن كان داخلا في جملة الحديث [ ص: 77 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم لزمك أن تترك قولك في أن ورثته من المسلمين يرثونه ( قال الشافعي ) وقد روي عن معاذ بن جبل ومعاوية ومسروق وابن المسيب ومحمد بن علي بن الحسين أن المؤمن يرث الكافر ، ولا يرثه الكافر وقال : بعضهم كما تحل لنا نساؤهم ، ولا تحل لهم نساؤنا فإن قال لك قائل : { قضاء النبي صلى الله عليه وسلم كان في كافر من أهل الأوثان } وأولئك لا تحل ذبائحهم ، ولا نساؤهم وأهل الكتاب غيرهم فيرث المسلمون من أهل الكتاب اعتمادا على ما وصفنا ، أو بعضهم ; لأنه يحتمل لهم ما احتمل لك بل لهم شبهة ليست لك بتحليل ذبائح أهل الكتاب ونسائهم قال : لا يحل له ذلك قلنا ولم ؟ قال ; لأنهم داخلون في الكافرين وحديث النبي صلى الله عليه وسلم جملة . قلنا : فكذلك المرتد داخل في جملة الكافرين


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.54 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.42%)]