عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 12-12-2007, 04:58 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع ... الموضوع >>>

8- جواب المستشارين ( يمدخونه ويضعونه في مصاف الآلهة ):
إنك (رع) الشمس، وجسمك جسمه، ولا يوجد قط ملك يشابهك، فأنت وحدك مثل ابن أوزير حورس ابن إيزيس، ولم يفعل أي ملك هكذا منذ عهد (رع) إلا أنت، وإن ما فعلته أعظم مما فعله أحد قبلك، لقد عملتَ ما لم يعمل من قبل، فأي مثال فضيلة يوجد في استطاعتنا أن نأتي به لنذكره أمامك، ومن ذا الذي يأتي لينصحك عندما تفكر بمحض عبقريتك!
لم يُرَ مثلك وجه، ولم يُسمع مثل قولك، ولا أحد اعتلى العرش مثلك قد حافظ بصلاح على ذكرى والده إذ كان كل واحد يعمل لما فيه فائدة اسمه إلا أنت وحورس، لذلك فأنت وابن أوزير سيان، إنك وارث ممتاز مثله إذ تدير ملكه بنفس طريقته وتفعل ما فعله الآلهة وقد نفس طول عمر الآهلة، إن قلب (رع ) في السماء لفرح والآلهة مبتهجون منذ تتويجك ملكاً على الأرضيين..
ويستمرون قائلين: إنك ستكون على الأرض مثل (آتون) لقد جددت آثاراً في الجبانة والمشروعات التي كانت مهملة قد أنجزتها على الوجه الأكمل، الأجيال تمر ويحل غيرها وجلالتك ملك الوجه القبلي والوجه البحري لأنك أنت الذي تعمل الخير وقلبك مرتاح لإقامة العدل، وعندما تُرفع إلى السماء ستصعد أعمالك الصالحة حتى الأفق، والأعين ترى أعمالك العظيمة التي أنجزت أمام الآلهة والناس.. ويبلغ النفاق مداه إذ يقولون: اسمك في كل بلد من أول بلاد النوبة جنوباً وشمالاً، من أول شواطئ البحر وكل الأماكن تعرف أنك إله لكل الموجودات والناس يسهرون ليقوموا بتقديم البخور لك على حسب أمر والدك ( آتون) !!
وتستمر الوثائق المسجلة على جدران المعابد على هذا النحو، ولا يتبادر إلى الذهن أن بعض هذه الرسائل كان يسجل دون علمه، أو أنه لم يكن راضياً تمام الرضا عن كل المديح الذي جاء بها لأن كل ما كان يسجل على جدران المعابد كان لا بد أن يعرض على الفرعون وينال موافقته وقد سبق أن ذكرنا ما قاله رجال البلاط في خطاب موجه إليه، ولم ينفذ أثر إذا لم يكن تحت سلطانك ولم يقطع بأمر إلا كنت تعلمه !! فجميع هذه الخطابات قد حظيت بموافقته قبل تسجيلها، وعرف كاتبوها سواء كانوا من رجال البلاط أو غيرهم – كيف ينفذون إلى قلبه وينالون رضاه بترديد عبارات النفاق الواضح أو المقنع، وكلهم تدور في معنيين اثنين – أنه الابن البار بوالده، فأقام المعابد تكريماً له، ثم كيف اختاره أبوه ليشركه معه في الحكم وفي هذا معنى مستتر أنه استحق ذلك لأنه كان (عبقرياً) منذ صغره بل ويمنّ على والده بما بناه له من آثار، كذلك فإنه يسجل ما معناه أنه الابن البار للآلهة يقيم لها المعابد، وأنها ترسل له الرسائل تشكره على صنعه هذا وتنظر إليه على أنه ابن لها.. بل وتعتبره نِداً لها ومساوياً لها في المكانة وطول العمر..
ويتضح ذلك أكثر ما يتضح في الخطاب التالي:
9- خطاب (رمسيس الثاني ) لوالده ( سيتي) يقول فيه:
كلام ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وسر ما عت رع ستبن رع ) ابن الشمس، سيد التيجان. محبوب (آمون) رعمسيس معطي الحياة، عندما أعلن ما فعله لوالدك الملك ( من ماعت رع ) صادق القول: تنبه وولّ وجهك قِبَل السماء لترى (رع) يا والدي. أنت يا من أصبحت إلهاً. انظر لقد جعلت اسمك يحيا وإني أرعى صلاح ذكراك إذ أعتني بمعبدك وقربانك ثابت دائم، وإنك تثوي في العالم السفلي مثل (أوزير) في حين أني أشرق مثل (رع) على الإنسانية وأجلس على عرش ( أتوم) مثل (حورس ) ابن (أوزير) ما أجمل ما فعلته لك ! فإنه مضاعف الحسن. لأنك عدت به إلى الحياة من جديد !! فقد صنعت لك تمثالاً. وبنيت مثواك الذي كنت ترغب فيه والذي في صورتك في إقليم الأبدية (جبانة العرابة ) وإني أضع قرابين لتماثيلك. وأعين لك خدماً للمائدة ليحملوا الطعام لروحك، وليصبوا الماء على الأرض من خبز وماء، ولقد أتيت بنفسي !! مرتين لأزور معبدك الذي بجوار (وننفر) ملك الأبدية، ولقد عكفتُ على أعمال هذا المعبد فبنيتُ رقعته. وغطيتها بالبلاط. وأقمت كل مساكنك التي نبت فيها اسمك سرمدياً. ويستمر في سرد ما فعله لوالده – والمن عليه – فيقول وقد جعلتُ خزانتك فاخرة إذ ملأتها بالخيرات وإني أهديك سفينة نقل بحمولتها على البحر المتوسط مشحونة بالذخائر العظيمة من ذهب وفضة ونحاس. ودونت من أجلك قوائم حقول. وإني أمدّها بملاحظين ومزارعين لحصد الحبوب للقرابين المقدسة، وقد جمعتُ لك قطعاناً من كل نوع من الحيوان الصغير لإمداد قرابينك بطريقة منظمة وخصصت لك أوزاً مجلوباً من حظائر التسمين و.. و.. ثم يصل في النهاية إلى هدفه من كل هذا فيكتب ليتك تقول ( لرع) امنح الحياة بقلب محب وأعطِ حياة طويلة فوق حياة طويلة موحدة في أعياد ثلاثينية للملك (ورس ماعت رع ستين رع ) (أي رمسيس الثاني ) معطي الحياة وكل شيء سيصير على ما يرام لك ما دمت أحيا عمراً طويلاً بوصفي محبوب (آمون) معطي الحياة مثل (رع ) ابن (رع) !
10- ونختم هذه الخطابات بخطاب كتبه على لسان والده:
خطاب شكر من (سيتي الأول) لابنه (رمسيس الثاني) يقول فيه: إن الملك (من ماعت رع ) صادق القول (أي المرحوم سيتي الأول ) ذو روح سامية كأوزير مبتهج بالسرور من أجل كل ما فعله ابنه منفذا الأشياء الممتازة ملك الوجه القبلي والوجه البحري، ورئيس الأقواس التسعة سيد الأرضيين (وسر ماعت رع ستين رع ) ابن الشمس رب التيجان محبوب (آمون) رعمسيس، مخلداً وسرمدياً، وقد أعلن كل أعماله الصالحة أمام ( رع حوارختي) وأمام الآلهة الذين في العالم السفلي، إنه تكلم بقوة كما يتكلم والد على الأرض لابنه قائلاً: فليبتهج قلبك كثيراً يا بني العزيز، إن (رع) يمنحك ملاين السنين والأبدية على عرش (حور) الأحياء وإن أوزير يرجو لك بقاء السماء التي تشرق فيها مثل (رع) كل صباح، إن الحياة والصحة معك والصدق والقوة وابتهاج القلب هي من عمل غنى بالسنين وإن القوة والنصر ملكك أنت يا عظيم الانتصار والصحة ملك أعضائك مثل ما هي ملك أعضاء (رع) في السماء، والفرح والسرور في كل الأماكن التي توجد فيها يا أيها الملك يا حامي مصر وهازم الأقوام الأجنبية وإن الأبدية قد عملت لتكون عمرك ما قلته لرع بقلب محب امنحه الخلود على الأرض وقد كررت على (أوزير) عندما دخلت أمامه ضاعف له عمر ابنك (حور) وعلى ذلك فقد أجاب (رع ) في أفق السماء، ليت الخلود والسرمدية وملايين السنين تكون لك في صورة أعياد ثلاثينية وقد وهبك (أتوم) مدى عمره بوصفك ملكاً، وقد تجمعت القوة والانتصارات في ركابك إن (رع) في سفينته وعيناه تريان ما فعلتهُ من الأشياء الممتازة، عندما يخترق السماء في ريح رخاء كل يوم وهو في بهجة عظيمة عندما يستذكر أعمالك الصالحات، وحبك في صدره كل يوم، ويستمر الخطاب.. إن (رع) يذكر أفعالك الطيبة وسيكون لك بقاء طويل في الحياة وإن (رع) قد منحك ملكاً أبدياً، وإنك تأتي بوصفك (رع) منبع الحياة للناس، فالجنوب والشمال تحت قدميك.. والآلهة ترجوا أعياداً ثلاثينية (وسر ماعت رع ستين رع ) في خلود سرمدي.
تتويج رمسيس الثاني:
في عام 1290 ق.م تولى رمسيس الثاني الحكم منفرداً، وقد حدد البعض يوم 27 من الشهر الثالث المسمى ( شمو) (يونيو) تاريخاً للتتويج الرسمي ( كتاب رمسيس العظيم – ريتافرد. ص 29). وتم التتويج في منف عاصمة مصر السياسية والإدارية والتي تقع عند التقاء مصر العليا والسفلى، وتسلم من الآلهة العصا المعقوفة والسوط وهما رمزا الحكم ووضع التاج على رأسه ( شكل 127) والكوبرا الملكية على جبهته تحميه وتدمر أعداءه وبذلك أصبح رمسيس الثاني هو(حورس) الجديد والإله المجسد حاكم البلاد. وفي شكل 128 يرى الإله حورس والإله تحوت يربطان نبات مصر العليا والسفلى علامة على تسليمه مقاليد الحكم في مصر كلها. كما قامت الآلهة بكتابة اسمه على شجرة الخلود ) دلالة على منحة حياة خالدة (شكل 129) وفي شكل 130 يقدم رمسيس الثاني ( ماعت ) علامة الحق إلى ( حوراختي) وفي المقابل يتلقى حياة أبدية وسلطاناً دائماً وبعد ذلك أعلنت أسماء رمسيس الثاني الشرفية في كل أنحاء البلاد.
- حورس الثور القوي. محبوب (ماعت)
- سليل الآلهة. حامي مصر. قاهر البلاد الأجنبية.
- حورس الذهبي. ذو السنوات العديدة. عظيم الانتصارات.
- ملك مصر العليا والسفلى. القوي في الحق (أوسر. ماعت. رع).
- ابن (رع) رمسيس. محبوب (آمون).
وفي السنة الثانية من حكمه أضيف لفظ ستين رع أي (المختار من رع ) فصار اسمه الكامل (أوسر ماعت رع – ستين رع) وبعد ذلك أضيفت ألقاب أخرى تمجيدية تفصح عن نزعته التعاظمية (رمسيس العظيم – ريتا فرد. ص 31).
ولما تميز به من طموح ونشاط ودهاء سياسي فقد بدأ منذ توليه العرش – وحتى قبل ذلك – في أن يضع بصمته على كل مكان كما سنرى فيما بعد من إنشاءاته التي انتشرت في كل مدن مصر والنوبة.



الإلهان (حورس) و(ست) يتوجان رمسيس الثاني








الإلهحورسوالإله نحتوت يربطان نبات مصر العليا والسفلى تحت صورة رمسيس الثاني






الآلهة تكتب اسم رمسيس الثاني على شجرة الخلد بما يعني حياة أبدية


رمسيس الثاني كاهنا أكبر للإله آمون:
لم يكن قد مضى على توليه الحكم إلا شهران حتى حل موعد الاحتفال بعد ( أويت) وفيه يقام احتفال كبير إذ يقوم أتباع ( آمون) بزيارة معبد الأقصر المجاور. وكانت مدينة الأقصر. تعتبر من الوجهة الدينية المصرية القديمة هي المكان الذي بدأ منه خلق الكون، ويعبّر احتفال (أوبت) عن إحياء ذكرى لحظة الخلق هذه إذ أن الإله يجدد نفسه في هذا اليوم وكذلك فإن روح الملك الجديد تجدد نفسها،وكانت الاحتفالات تقام لمدة 3 أسابيع وفيها يقوم المغنون والراقصون والراقصات بتقديم عروض مبهجة وتزدحم الشوارع بباعة الطعام والشراب والهدايا التذكارية وعندما يعود ( آمون) إلى الكرنك يترك الفرعون طيبة وغالباً ما يكون الفرعون قد أضاف إلى المعبد بوابة ببرجين ضخمين Pylon وتمثالاً أو تماثيل ضخمة لنفسه وعدة مسلات تخليداً لهذا الاحتفال.
كان الفرعون – بصفته حاكماً للبلاد – يعتبر الكاهن الأكبر للإله ( آمون ) وباقي الآلهة، ولكن لم يكن ذلك يعدو أن يكون صفة شرفية بينما يتولى أحد الكهنة القيام بالشعائر التي تتطلبها وظيفة كاهن أول للإله ( آمون ) في الاحتفال إلا أن رمسيس الثاني قام في هذا الاحتفال بدور الكاهن الأكبر بنفسه، وهو شيء لم يفعله أحد من الفراعين من قبل فقد حدث أن كان منصب الكاهن الأكبر للإله (آمنون) خالياً، ولم يقم بتعيين أحد في الكرسي الخالي، وأدى المراسم الدينية التي يتطلبها هذا الاحتفال ولبس رداء الكهنة والفراء الخاص فوق الملابس الملكية، وعمل على تسجيل ذلك في نقش كتب فوقه: الكاهن الأول للإله (آمون) ملك الجنوب والشمال رعمسيس الثاني معطي الحياة ( سليم حسن مصر القديمة جـ 2 ص 477) وبعد أن أتم مراسم الاحتفال اختار الكاهن ( ذنب ونتف ) ليشغل منصب الكاهن الأول للإله آمون بالرغم من أنه لم يكن من طائفة آمون في طيبة بل كان كبير كهنة مصر الوسطى، وأرجع رمسيس هذا الاختيار لرغبات الإله (آمون) نفسه ثم عاد من طيبة في قاربه الملكي وتوقف ليزف الخبر بنفسه إلى الكاهن ( نب وننف ) ثم تابع سيره في النيل حتى وصل العاصمة ورعمسيس وسجل نب وننف – امتنانه في متن يقول فيه موجهاً الكلام إلى الفرعون.
لقد امتدح رجال البلاط ومجلس الثلاثين معاً تعطف جلالته وسجدوا مرات عدة أمام هذا الإله الطيب مصلين له ومتعبدين أمام وجهه، وقد مجّدوا أرواحه حتى عنان السماء قائلين: أنت يا من سيبقى حتى السرمدية ليتك تحتفل بأعياد ثلاثينية بالملايين وليت سنيك تكون عديدة مثل رمال شاطئ البحر، وإنك تولد كل صباح وتجدد لنا مثل الشمس وتصير صبياً كالقمر، وإنك تحكم بوصفك ملكاً على الأرضيين، والأقواس التسعة تحت أوامرك ونهاية حدودك تمتد حتى حدود السماء، ودائرتها تحت سلطانك وما تحيط به الشمس تحت أوامرك ونهاية حدودك تمتد حتى حدود السماء، ودارتها تحت سلطانك وما تحيط به الشمس تحت نظرك، وما يغمره المحيط خاضع لك وإنك على الأرض فوق عرش (حور) حيث تظهر بوصفك رئيساً للأحياء، وإنك كقرص الشمس في السماء ووجودك مثل وجوده.
وفي رأينا أن رمسيس الثاني. أراد بهذا التصرف – ومنذ الأيام الأولى من حكمه _ إشعار كهنة آمون بطيبة أنه عازم على أن يكون له النفوذ الديني الأول في البلاد وسيمارس سلطانه إلى أقصى حدودها، فيكون الكاهن الأكبر لمن يشاء من الآلهة، وبعين كبار الكهنة كما يشاء حتى من خارج أقاليمهم ولعل الكهنة – في طول البلاد وعرضها – قد فهموا الرسالة وآثروا السلامة وأصبحوا يمتثلون لرغباته وأوامره، ولم يعودوا يطمعون في زيارة نفوذهم عن طريق أي مؤامرات بل أصبح كل همهم إرضاؤه ليبقى عليهم في مناصبهم.
زواج رمسيس الثاني:
كان رمسيس الثاني في السادسة عشرة من عمره حين تزوج من ( نفرتاري مونموت ) وكانت من أجل جميلات مدينة طيبة يجري في عروقها الدم الملكي أو من أسرة لا تقل عراقة عن أسرة رمسيس الثاني وظلت هي الزوجة الرئيسية حتى بعد أن تزوج بغيرها، وكانت تلقب بـ( الأميرة الوراثية ) و(سيدة مصر العليا والسفلى ) و(سيدة الأرضيين ) أي على قدر المساواة بالملك الذي كان يطلق عليه لقب ( سيد الأرضيين).
وكانت زوجته تحمل وتلد ويعطى للمولد اسم ولكنه لا يلبث أن يموت، تكرر هذا عدة مرات، ففي التاسعة عشرة رزق بولد سماه ( خعموا ست الأول ) ولم يعش إلا أشهراً قليلة ثم توفى، ثم ولد له بعد عام ( آمون خرخبشف الأول ) لم يلبث إلا أن توفى أيضاً، وتكرر هذا عدة مرات.



الملكة نفرتاري زوجة رمسيس الثاني (ملحوظة: ليست هي التي تبنت موسى)


ذلك وهو لا يزال ولياً للعهد. ثم تولى الحكم رسمياً وعمره 23 عاماً، وتكررت الولادات ووفاة المواليد، ويحدث ذلك طبياً إذ كان الأم حاملة للفيروس Cytomegalo virus CMV، إذ يولد الأطفال وقد انتقل إليهم الفيروس من الأم ويتسبب في وفاة الأطفال في سن مبكرة، ومن المحتمل انه فسر ذلك بأن ( هواء طيبة ) لا يلائم زوجته ولعل ذلك كان أحد أسباب تفكيره في نقل العاصمة إلى الوجه البحري، أو أنه تصور أن ( لعنة شريرة ) قد أصابته في أولاده. وكأي أب في مثل هذه الحالة فقد لجأ إلى الآلهة يستعطفها ويركع أمامها ويقدم القرابين ويرجوها أن يعيش أبناؤه فنراه يركع أمام الإله (تحوت) يقدم له البخور، ونقارن هذا (التواضع ) بصورته أثناء تتويجه ) بواسطة الإلهين (حورس) و(ست) وقد رسم نفسه بنفس حجم الآلهة، وعمد إلى أن يجعل الآهلة تقف على قطعة حجر حتى لا يضطر لأن يحني رأسه أثناء وضع التاج عليه ! وفي أحد المنحوتات نراه يقدم الزهور للآلهة( حورس ميعام وحورس باكي وحورس بوهن ) (الإله حورس منتسباً إلى ثلاثة أقاليم مختلفة ) وفي منحوتة أخرى نراه راكعاً يقدم الخبز والطيور والنبيذ قرابين للإله (آمون ) على هيئة رجل برأس صقر. وفي منحوتة أخرى نراه يقدم تمثال ( ماعت) إلى الإله (تحوت ) رب الأشمونين، وهكذا لم يترك إلهاً في الشمال أو الجنوب إلا وطلب منه أن يحافظ عليه أبناءه.
ثم بدأت زوجته نفرتاري تتردد على المعابد تترجى الآلهة هي الآخرة كي يعيش أبناؤها. فنراها في شكل (136) تقدم الزهور والفواكه للآلهة ( خنوم وسانت وعنفت ). وفي منحوتة أخرى نرها أمام أله ( تحوت ) وفي آخر نراها تقدم الزهور للإلهة (حتحور) على هيئة البقرة وفي منحوتة أخرى رُسمت وهي تقوم برقصة طقسية ويقدم أحد الكهنة حزمة من سنابل القمح للثور ( كاحج) (أحد مظاهر الإله "مين" ) ثم تماثيل الملوك الأسلاف في أسفل الصورة والثور كاحج يمثل القوة والفتوة والشباب، وليس من تفسير لوضع هذه الرسوم في لوحة واحدة إلا أنها تترجى الآلهة أن يكون أبناؤها في مثل قوة وفتوة الثور كاحج ليعيشوا ويصبح لها من أبنائها ملوكاً مثل ما كان للأسلاف.



رمسيس الثاني يقوم بقتل أحد الأسرى بالبلطة


ونلاحظ في كل هذه الصور أن رمسيس الثاني كان يتخير هو وزوجته الآلهة التي لها علاقة بالخصوبة والأمومة والشباب والقوة وهي التي يمكن أن تحقق لهما مطلبهما، فالإله (مين) هو الإله الأكبر الذي كان يعبد في منطقة أخميم وطيبة وأرمنت، وكان يمثّل وعلى رأسه ريشتان عاليتان، رافعاً ذراعه الأيمن وقابضاً على السوط المثلث الفروع ويمثل واقفاً منتصباً إذ كان يعتبر إله الإخصاب الذي يسرق النساء وسيد العذارى كما أن الأساطير تروي أنه قد أخصب أمه !! وكان يعتبر أيضاً إلهاً لخصوبة الأرض ويُعبد ليكون المحصول وافراً، كذلك كان اختيار نفرتاري للإلهة (حاتحور) لتتعبد لها، فهي سيدة الإلهات، وهي إلهة الحب وهي الإلهة الطروب المحببة عند النساء وكانوا يسمونها (الذهبية ) ودعاها اليونانيون ( إفروديت). وكانت النسوة يحتفلن بها بإقامة حفلات الرقص والغناء واللعب بالصاجات والشخشخة بقلائدهن وبالعزف على الدفوف، وهي أم لابن إلهي هو (إيجي) بل وهي أيضاً رمز للأمومة وكثرة الأبناء، وقد أطلق الشعب على بناتها (الحاتحورات السبع) واللاتي كن يحمين الأطفال ويتنبأن بمستقبل كل مولود جديد.
كذلك كان تعبّد رمسيس الثاني للإلهين ( تحوت ) و(أمون) ولعله باختياره هذين الإلهين كان يتمثل في ذهنه قصة ولادة الملكة حتشبسوت والقصة تقول ( أدولف إرمان. ديانة مصر القديمة ص 64) إن الإله آمون أراد أن ينجب ملكاً وطلب من الآلهة أجمعين حماية الملك المرتقب.. وتخيّر آمون المرأة التي يريد الإنجاب منها وهي زوجة تحتمس الثالث فتقمص شكل زوجها الملك تحتمس وقاده تحوت إلى الملك فحبلت منه وأعلن (آمون) أن ابنته حتشبسوت ستشغل أعلى منصب في البلاد وتستمد من روحه وقوته وسوف تحكم القطرين.
وقصة أخرى مكتوبة تقول بأن (بتاح تاتنن) قد أكد لرمسيس الثاني، " لقد تقمصت صورة تيس منديس، واضطجعت بجانب أمك الجميلة لكي تلدك وأصبحت أعضاؤك كلها إلهية" ، وهذه القصة مدونة فوق جدران معبد أبي سمبل الذي بناه رمسيس الثاني، و(التيس ) هنا رمز الخصوبة ولعل رمسيس الثاني كان يطلب من الآلهة أن يتقمص أحدها جسده، حتى ينجب من زوجته نفرتاري ابناً إلهياً لا يموت ويعيش حتى يصبح الوريث للعرش ويعتليه !
مقبرة نفرتاري:
ولعل رمسيس الثاني شعر بما تعانيه زوجته المحبوبة ( نفرتاري ) من آلام نفسية نتيجة وفاة أولادها المتكرر. الواحد وراء الآخر، فأراد أن يخفف عنها ويعوضها عن ذلك فزاد من حنانه بها، وأراد أن يشعرها أن هذا الأمر لا دخل لها به ولم ينتقض من قدرها عنده فبنا لها ما يمكن اعتباره أجمل مقبرة بنيت لملكة من الملكات فهي تمثل إبداعات الفنان المصري القديم، فليس هناك مقبرة في مصر كلها على درجة من التفوق الفني تقارن بمقبرة الملكة نفرتاري، فالرسوم الرائعة تزين حوائطها، وقام الرسامون بالإبداع في استخدام الظلال وإبراز الأضواء. ورسموا الملكة في وقفة أنيقة بقوامها الرشيق ترتدي رداء شفافاً فضفاضاً، من اللون الأبيض يكشف عن ساعديها وقد ربطت الرداء بشريط معقود يتدلى طرفه أسفل صدرها، وتضع الملكة على رأسها تاجاً من الذهب على هيئة طائر، وقد تزينت بالعديد من الحلي مثل الإفراط والأساور والعقود، ووضعت مساحيق الزينة على وجهها.
وقد تم الكشف عن مقبرتها عام 1904 بواسطة الإيطالي (إسكيا باريللي) الذي حالفه الحظ بالعثور عليها بعد أن طمرت تحت الرمال بفعل الزمن وكان لصوص المقابر قد سبقوه إليها وسرقوا كنوزها ولم يتركوا وراءهم سوى غطاء التابوت الذي يحمل اسم (نفرتاري) – وقلادة الملكة وحذائها وبعض التماثيل الصغيرة، وجزءاً من جثمانها عبارة عن الساقين - ولعل الكهنة قد أهملوا في عملية التحنيط فتحللت الجثة ولم يبق منها غير الساقين إذ ليس من المعقول سرقة أجزاء من الجثة، وقد شحن هذا كله في باخرة إلى تورينو، حيث بُني هناك ما يعتبر أول متحف للآثار المصرية في العالم ( متحف تورينو) وإذا عدنا إلى المقبرة ذاتها نجد أن سقف المقبرة يمثل القبة الزرقاء، وما فيها من نجوم لامعة، وقبل الوصول إلى حجرة الدفن توجد قاعة فيها منضدة ليوضع عليها القربان، وعلى الجدران نقوش دينية من كتاب الموتى، ثم صورة الملكة راكعة تتعبد للشمس، كما يُشاهد الإله ( تحوت ) في صورة الطائر مالك الحزين، وعلى جدران أخرى نشاهد صوراً للملكة أمام عدد من الآلهة: الإله (أوزير) إله الآخرة، و(حوارختيى) إلهة الغرب. وتُرى الإلهة (إيزيس) تأخذ بيدها وتقودها أمام الإله (خبر) إله الشمس، وصورت الملكة تتعبد للعجل المقدس وللبقرات السبع الإلهية.
وفي متحف بروكسل توجد قطعة من تمثال لهذه الملكة مكتوب عليها بعض ألقاب نادرة مثل الأميرة الممدوحة كثيراً، سيدة الرشاقة، راحة الحب، ماهرة اليدين في الضرب الصاجات، الحلوة الحديث والغناء، زوجة الملك العظيمة ومحبوبته ( نفر تاري مرنموت) العائشة مثل الشمس أبداً ( مصر القديمة – سليم حسن: جـ 6 ص 433).
ثاني الزوجات:
تزوج رمسيس الثاني – بعد حوالي 8 سنوات من زواجه بنفرتاري وكان قد بلغ 24 عاماً تقريباً – تتزوج من ثاني زوجاته وهي (إست نفرت ) ولعله كان يرجو منها الولد، ولكن تكررت المأساة معها هي الأخرى، يولد الأبناء ويموتون في سن مبكرة، وليس أدل على ذلك من أن مرنبتاح كان ترتيبه الـ 13 في الأمراء، وتوفي الـ 12 الذين كانوا قبله وأصبح هو ولي العهد.
وحدث بعد 6 سنوات من زواجه الثاني – أي كان عمره حوالي 30 عاماً – وكان قد بنى عاصمته الجديدة ورعمسيس وكانت تقع غير بعيد من بعض مساكن لبني إسرائيل، وكان قصر الفرعون يقع على بحيرة متصلة بفرع النيل وتصادف أن كانت ( إست نفرت ) تلهوا على شاطئ البحيرة فرأت تابوتاً طافياً على صفحة الماء لم يلبث إلا أن توقف عند حزمة من نبات الوادي على شاطئ البحرية فأمرت جواريها بالتقاطه وفتحته فوجدت فيه طفلاً جميلاً مال قلبها إليه بشدة فتعلقت به ورجت زوجها رمسيس الثاني إعفاءه من أمر الذبح الذي كان قد أصدره { لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } [القصص: 9]. وإكراماً لخاطر زوجته ولشعوره بأنه قد حرم الولد من زوجاته لم يمانع في تبني هذا الطفل – وإن كان على كره منه إذ كان يرجو الولد من صلبه – وكان الطفل الملتقط من الماء هو ( موسى) كما سيجيء فيما بعد.
وتمر السنون حتى إذا بلغ موسى من العمر 5 سنوات زالت ( اللعنة ) التي لازمت الفرعون في السنوات الأولى بعد زواجه، ويحدث ذلك طبياً إذ زادت الأجسام المضادة في الجسم فيموت الفيروس الذي كان يسبب وفاة الأطفال الرضع، وبدأ أبناء رمسيس الثاني يعيشون. وبارك الله في أرحام نسائه: زوجتيه – نفرتاري وإست نفرت – ومحظياته وسراريه فولدن له العشرات بنيناً وبنات حتى بلغ عدد أبنائه على ما ورد في التسجيلات 111 ولداً و76 بنتاً !
لقد اتخذ البعض من هذا العدد الهائل لأبناء رمسيس للقول بأنه ليس هو فرعون موسى. لأن فرعون موسى كان (عقيماً ) وقد اضطر إلى تبني موسى عند التقاطه من النهر، وقد أوضحنا خطأ ما ذهبوا إليه إذ لم يكن رمسيس الثاني عقيماً بل كان أبناؤه يموتون فور ولادتهم ثم – بعد أن تمت إرادة الله في إعفاء موسى من الذبح وتبنّيه رُزق الكثير من الأبناء، ولعلها من سخرية القدر أن قدّر أن يكون له هذا العدد الضخم من الأبناء يضطر في أوائل عمره أن يتبنى طفلاً – وأي طفل ؟ موسى ! الذي حذرت النبوة من أن هلاكه سيكون على يديه، وتتم مشيئة الله وينقذ قدره: { وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ } [القصص: 6].
العاصمة الجديدة، بررعمسيس:
في أول حكمه كانت العاصمة في (طيبة) ولكنه بعد سنوات قليلة بدأ في إنشاء عاصمة جديدة سماها ( بررعمسيس مرى آمون) أي ( بيت رمسيس محبوب آمون).
وقد اختلف علماء المصريات حول موقع المدينة رأي يقول إنها في تانيس (صان الحجر ) على الفرع التانيسي للنيل 20 كيلو متراً جنوب بحيرة المنزلة، وقد وجد العالم ( مونتييه ) عدداً من التماثيل واللوحات تحمل خراطيش رمسيس الثاني وخلفائه، ومنها وجود نقش على قطعة حجر من معبد تانيس الكبير جاء فيه ( صاحب بررعمسيس. مرى آمون. صاحب الانتصارات العظيمة )، ولكن استقرت آراء غالبية عملماء الآثار على الرأي الثاني وهو أن بي أو بررعمسيس تشمل قنتير الحالية وأفاريس القديمة على مبعدة 9 كيلو مترات شمال شرق فاقوس على مصرف بحر فاقوس الحالي والذي كان مكانه الفرع البيلوزي للنيل وهو آخر الفروع من ناحية الشرق، وقد وجدت أدلة كثيرة تساند هذا الرأي (محمد بيومي مهران. مصر والشرق الأدنى القديم جـ 3 ص 286) مثل وجود بقايا كثيرة في الحقول والمنازل عليها اسم رمسيس الثاني. كما توجد أجزاء لقصر جميل عليها اسمه أيضاً، كما يوجد بقايا معبد للآلهة أمون وبتاح ومسوتخ، كما توجد آثار تحمل بعض أسماء كبار موظفي رمسيس الثاني مما يدل على أن الإدارة الحكومية كانت هناك، كما أن المدينتين (بررعمسيس) و(تانيس) قد ذكرتا في بعض البرديات منفصلتين مما يدل على أن المصري القديم نفسه قد فرق بينهما، أما ما وجد من آثار في تانيس فقد سبق أن قلنا إن رمسيس الثاني لا تخلو مدينة من آثار له.
موقع مدينة ( بررعمسيس عاصمة الرعامسة ).
وفي وصف هذه العاصمة الجديدة وجد خطاب كتبه أحد الأشخاص يقول فيه: إنني وصلت (بررعمسيس) وقد ألفيتها غاية في الازدهار. حقاً إن موقعها جميل منقطع النظير، وقد أقامها (رع) نفسه، ومقر الملك، تحب الإقامة فيه، فحقوله مملوءة بكل شيء طريف ومجهز بالأغذية الوفيرة يومياً. ومياهه الخلفية تزخر بالسمك، وبركه مزدحمة بالطيور ومراعيه نضرة أعشابها. وطعم فاكهته المغروسة في حقوله كالشهد بعينه، ومخازن غلاله مكدسة بالقمح والشعير وتناهض عنان السماء في ارتفاعها والبصل والكرات في الحقول، وفيها الرمان والتفاح والزيتون والتين في البستان، ويستمر في الوصف ثم يقول حقاً إن الإنسان ليبتهج بالسكنى فيه.
ويوجد وصف ثان على بردية أخرى: لقد شيد جلالته لنفسه قلعة اسمها ( عظيم الانتصارات ) بررعمسيس وتقع بين زاهى ( صحراء شرق الدلتا ) وأرض الدميرة ( مصر ) وهي تزخر بالطعام والمؤن، والشمس تشرق في الأفق منها ثم تغرب ثانية فيها، وقد هجر كل إنسان بلدته وسكن في أرجائها، وحيها الغربي هو ( بيت آمون ) وحيها الجنوبي هو ( بيت سوتخ ) والإله (رع) في شرقها والإله ( بوتو) في حيها الشمالي أي أن المدينة كان بها أربعة أحياء وفي كل حي معبد لكل من الآلهة الأربعة السابق ذكرها وفي منتصف المدينة يوجد قصر الملك وبجوراه بحيرة تتصل بقناة تأخذ مياهها من الفرع البيلوزي للنيل وكانت البحيرة خاصة بعائلة الفرعون، وكان القصر الملكي يرتفع فوق ما حوله من أرض وله أعمدة حجرية وحوائطه مبنية بالطوب اللبن ولكنها مغطاة ببلاط من خزف عليه زخارف ورسومات وكانت الرسومات في قاعة العرش تصور الأسرى من الأعداء والوفود الأجنبية وهي تقدم الجزية وأسود تأكل المساجين كل ذلك مما يبعث الرهبة في نفوس الزائرين أما الجزء المخصص للحريم فكانت زخارفه مناظر مبهجة مثل الأزهار والأسماك الملونة وعذارى مسترخيات كل ذلك بألوان جميلة مثل التركواز واللازورد والقرمزي وحول القصر وإلى الشمال الغربي يوجد حي لعظماء القوم من الأفراد والكهنة والوزراء. وكان بالمدينة حديقة حيوان وقد وجدت عظام أسود وغزلان وزراف وفيلة، ثم خارج ذلك كله توجد ساحات لمران الجند وثكنات لإقامتهم ومباني الإداريين ومباني للمخطوطات والسجلات ومساحات للأسواق وميناء ومخازن للقمح ومستودعات للأغذية والنبيذ. كل ذلك يعكس النشاط والازدهار التي كانت عليه المدينة وقد بقيت فترة الازدهار مدة طويلة بعد رمسيس الثاني ولكن بعد ذلك بدأ فرع النيل البيلوزي يغيّر مجراه في اتجاه الشمال وبَعُد عن المدينة ففقدت بررعمسيس رونقها وأهميتها، واتخذ ملوك الأسرة 21 من تانيس عاصمة لهم وبدلاً من قطع أحجار جديدة من المحاجر البعيدة نسبياً فإنهم أخذوا أحجاراً لمبانيهم من المباني التي كانت مقامة في بررعمسيس واستعملوها في بناء معابد عاصمتهم الجديدة ولعل ذلك هو سبب الخلط بين المدينتين وأيهما بررعمسيس التي كانت عاصمة رمسيس الثاني، إذ أن الأحجار التي أخذت لبناء تانيس كان على كثير منها اسم رمسيس الثاني. بل إن فراعين الأسرة 21 نقلوا عدداً كبيراً من المسلات التي كان رمسيس الثاني قد أقامها في بررعمسيس وكانت تبلغ 24 مسلة أو تزيد وكذلك نقلوا عدداً كبيراً من تماثيله وتكسر بعضها أثناء نقله فتُرك مكانه. ولذلك فإن ما بقي من آثار في قنتير هو عبارة عن حطام معابد ومسلات وقصور ولكنه يشير إلى العز الذي رأته هذه المدينة في عهد رمسيس الثاني.



تخطيط لمدينة بر رعمسيس (نقلاً عن كتاب فرعون المنتصر ـ تأليف كتشن ـ مع بعض التعديلات)


وإلى الجنوب الشرقي من المدينة كانت تقع أفاريس القديمة وهي تقع على حافة أرض جوشن ( جاسان) التي كان يقطنها بنو إسرائيل، وكان في أفاريس بعض بيوت للعمال من بني إسرائيل الذين كانوا يعملون في المباني والإنشاءات في بررعمسيس.
وأفاريس القديمة هي المعروفة في التوراة باسم صوعن Zoan والمذكور ( عدد 12: 22) أن مدينة حبرون بنيت قبلها بسبع سنين وكانت من مراكز عبادة الإله ست ( مسوتخ ) وقد أقام سيتي الأول فيها معبداً للإله ست وسّه فيما بعد رمسيس الثاني ولما بنيت بررعمسيس لتشمل المنطقة من شمال قنتير إلى أفاريس أصبح معبد سوتخ في جنوب القصر الملكي.
وفي أسباب اختياره لهذا المكان للعاصمة الجديدة قالوا إنها تقع في موطن أسرته الأصلي، وفي موضع قريب من بقية أملاك الإمبراطورية في آسيا. ومنها البعد عن نفوذ كهنة آمون في طيبة بعد أن زاد سلطانهم، وأخذوا يتدخلون في شؤون الدولة السياسية والاقتصادية وقد أصاب ذلك طيبة بهزة عنيفة في مركزها السياسي وإن ظلت تحتفظ بمكانتها الدينية.
ولما كانت العاصمة الجديدة قريبة من أرض جوشن – مكان إقامة بني إسرائيل فقد كان من الطبيعي أن يستخدمهم في بناء المدينة، وهذا ما أشارت إليه التوراة ( إصحاح أول خروج: 11) إذ تقول: فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم فبنوا لفرعون مدينتي مخازن فيثوم ورعمسيس وجاء في تفسير الكتاب المقدس ( ص 406) عن بررعمسيس: هي مدينة في أخصب منطقة في البلاد، وهذه المنطقة اسمها أرض جاسان سكنها بنو إسرائيل بأمر من فرعون ( أيام يوسف عليه السلام ) وبنى رمسيس الثاني في حدود مصر الشرقية وسماها باسمه.
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.33 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]