عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 01-12-2021, 04:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مقدمة لديوان " دمشق في عيون الأثري "


إذا وَرَّث الآباءُ أبناءَهم غِنىً

فإنِّيَ قد أغنيتُ بالمجدِ أنْساليِ










وإذا كان (شعر الأثريّ) يمتاز بجزالة اللفظ ومتانة الصيّاغة، فإنَّ من أهمّ ميزاته «الغنائيّة» فيه، فهو مطبوع بها وبجمال الصُّوَر، وببراعة انتقاء الألفاظ مع عذوبة جَرْسِها، وكيف لا تكون «الغنائيّة» طابعاً لشعر الأثريّ، وهو القائل في أحلكِ ليالي محنته من قصيدة، عُنْوانُها «سأغَنّي.. وأغَنِّي»[10]:





كيفَ تُعطِيك أمانِيَّكَ من صَفْوٍ وأمْنِ،




دولةٌ ضَاقَتْ بفردٍ واتّقَتْهُ بِمِجَنّ؟




أحَرامٌ أنْ يَطيرَ الطَّيْرُ من غُصْنٍ لغُصْنِ؟




عَجَباً.. والرَّوْضُ روضي زاهياً، والوَكْنُ وَكْنِي!




كيف لا تأخُذُ في أوْطانيَ النَّشْوَةُ مِنّي؟




أنا للحُرّيّة - الدَّهْرَ - أغَنِّي ما أغَنّي




ما لهم قد نَقَمُوا مِنّيَ تغريدِي ولَحنِي؟




وابتغوا ذُلّي وإسْكاتيِ بنَفْيِي وبِسَجْني




سَأغَنِّي.. كلّما يُنْكَأ جُرْحِي، وأغَنِّي




وَيْحَهُمْ! لم يَشْرَبُوا كَأسي، ولا طافُوا بدَنِّي




ليس بالحُرّ الّذي يَجْزَعُ، أو يبكي لِغَبْنِ!










والشَّاعر في ديوانه واضح الاتّجاه في الدعوة إلى التَّمَسُّك بمبادئ الإسلام، شديد الاعتزاز بقومه والفخر بعروبته. تراه في الكثير من شعره يتغنّى بمحبّة الأوطان، ويشيد بوحدة الأقطار العربيّة، وهو يستحثّ قومه على النِّضال في سبيل إنقاذ (بيت المقدس) واسترداد (فِلَسْطِين).







ويبرز، في زحمة الأغراض الّتي نظم فيها الشاعر، وَجْهُ (دمشق) مشرقاً متلألئاً، إذْ ينزلها من نفسه منزلةً خاصّةً، يتغنّى بمَفاتِنها، ويشيد بأبنائها وقد أصْفَوْهُ الوُدَّ، ومنحوه من حُبّهم وإجلالهم.







أتيحت للشاعر فرصة زيارة (دمشق) للمرة الأولى، وهو في عُنْفُوان شبابه لم يجاوز العشرين إلا قليلاً.. كان ذلك في صيف سنة 1343هـ (1925م)، وكان اسم (الأثريّ) قد سبقه إليها بفضل علمه وأدبه، وما قدَّمَهُ به أستاذه علاّمة العِّراق الكبير (محمود شُكْرِي الألُوسيّ) أحد أعضاء (المجمع العلميّ العربيّ) القُدامَى، فلقي الشّاعر الشّابّ من رئيس المجمع ومن أعضائه والشّبابِ من أدباء (دمشق) الُحبَّ والتّقدير.








كانت (دمشق) يومئذ حفيّة بأمير الشعراء (أحمد شوقي)، فَهُيّئَ (للأثريّ) أن يكونّ في عِداد المدعوّين إلى حفلات التّكريم، فإذا به يَلْفِت بأدبه وحسن روايته قلبَ أمير الشُّعَراء، فقَرَّبَهُ منه وجعله موضع رعايته، ممّا ترك أعظم الأثر في نفسه، حتّى إذا كانت سنة 1932 نُعِيَ (أحمد شوقي)، فجاشتِ الذّكْرَيات في نفس (الأثَرَيّ)، وذكر (دمشقَ) لأول مرّة في شعره المنشور، فقال من قصيدة يرثي بها أمير الشَعراء[11]:





وكُلُّ قَريضٍ غير ما أنتَ قائلٌ

أحِسُّ كأنّي منه في السَّبَراتِ




وما نَقَمُوا إلا غِناءَك بالهُدَى

حثيثاً، وإلا هَدْمَك الشُّبُهاتِ




وبعثَكَ أمجادَ (العُرُوبة) في ثَرَى

(دِمَشْقَ) وفي (الحمراءِ) مؤتلقاتِ




رَزَنْتَ حَصاةً، فاعتدلتَ مقالةً،

وأنصفتَ مجداً جَلَّ عن غَمَزاتِ











ثمَّ ذكر اجتماعه به على ضِفاف (بَرَدَى)، وما خَّلَفه في نفسه من أثر طيّب، فقال:





ألا، لستُ أنسى منك مجلِسَ حكمةٍ

على (بَرَدَى) قد مَرَّ مُذْ سَنَواتِ
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.07%)]