عرض مشاركة واحدة
  #426  
قديم 28-12-2022, 10:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد السادس
الحلقة (424)
سُورَةُ الشُّعَرَاءِ .
صـ 91 إلى صـ 98



فقول الذبياني : فآب مضلوه ، يعني : فرجع دافنوه ، وقول السعدي : أضلت ، أي : دفنت ، ومن إطلاق الضلال أيضا على الغيبة والاضمحلال قول الأخطل : [ ص: 91 ]
كنت القذى في موج أكدر مزيد قذف الأتي به فضل ضلالا


وقول الآخر :
ألم تسأل فتخبرك الديار عن الحي المضلل أين ساروا


وزعم بعض أهل العلم أن للضلال إطلاقا رابعا ، قال : ويطلق أيضا على المحبة ، قال : ومنه قوله : قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم [ 12 \ 95 ] قال : أي في حبك القديم ليوسف ، قال : ومنه قول الشاعر :
هذا الضلال أشاب مني المفرقا والعارضين ولم أكن متحققا
عجبا لعزة في اختيار قطيعتي بعد الضلال فحبلها قد أخلقا

قوله تعالى : ففررت منكم لما خفتكم . خوفه منهم هذا الذي ذكر هنا أنه سبب لفراره منهم ، قد أوضحه تعالى وبين سببه في قوله : وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال ياموسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين [ 28 \ 20 - 21 ] وبين خوفه المذكور بقوله تعالى : فأصبح في المدينة خائفا يترقب الآية [ 28 \ 18 ] .

قوله تعالى : فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين . قد قدمنا الآيات الموضحة لابتداء رسالته المذكورة هنا في سورة " مريم " ، وغيرها .

وقوله : فوهب لي ربي حكما ، قال بعضهم : الحكم هنا هو النبوة ، وممن يروى عنه ذلك السدي .

والأظهر عندي : أن الحكم هو العلم الذي علمه الله إياه بالوحي ، والعلم عند الله تعالى .
قوله تعالى : قال فرعون وما رب العالمين .

[ ص: 92 ] ظاهر هذه الآية الكريمة أن فرعون لا يعلم شيئا عن رب العالمين ، وكذلك قوله تعالى عنه : قال فمن ربكما ياموسى [ 20 \ 49 ] وقوله : ما علمت لكم من إله غيري [ 28 \ 38 ] وقوله : لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين [ 26 \ 29 ] ولكن الله جل وعلا بين أن سؤال فرعون في قوله : وما رب العالمين ، وقوله : فمن ربكما ياموسى ، تجاهل عارف أنه عبد مربوب لرب العالمين ، بقوله تعالى : قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يافرعون مثبورا [ 17 \ 102 ] وقوله تعالى عن فرعون وقومه : وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا [ 27 \ 14 ] .

وقد أوضحنا هذا في سورة " بني إسرائيل " ، في الكلام على قوله تعالى : إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم [ 17 \ 9 ] وفي سورة " طه " ، في الكلام على قوله تعالى : قال فمن ربكما ياموسى [ 20 \ 49 ] .
قوله تعالى : قال أولو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه ، إلى آخر القصة .

قد قدمنا إيضاحه بالآيات القرآنية في سورة " طه " و " الأعراف " .

قوله تعالى : واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين ، - إلى قوله - إلا رب العالمين [ 26 \ 69 - 77 ] .

قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " مريم " ، في الكلام على قوله تعالى : واذكر في الكتاب إبراهيم الآيات [ 19 \ 41 ] .
قوله تعالى : فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون . قد قدمنا الآيات الموضحة له في مواضع من هذا الكتاب المبارك في سورة " بني إسرائيل " ، في الكلام على قوله تعالى : قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا [ 17 \ 63 ] وفي " الحجر " ، في الكلام على قوله تعالى : وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم [ 15 \ 43 - 44 ] .
[ ص: 93 ] قوله تعالى : قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين .

ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن أهل النار يختصمون فيها ، جاء موضحا في مواضع أخر من كتاب الله تعالى ; كقوله تعالى : هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم ، إلى قوله تعالى : إن ذلك لحق تخاصم أهل النار [ 38 \ 59 - 64 ] .

وقد قدمنا إيضاح هذا بالآيات القرآنية في سورة " الأعراف " ، في الكلام على قوله تعالى : حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار [ 7 \ 38 ] وفي سورة " البقرة " ، في الكلام على قوله تعالى : إذ تبرأ الذين اتبعوا الآية [ 2 \ 166 ] .

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ، قد قدمنا الآيات الموضحة له في أول سورة " الأنعام " ، في الكلام على قوله تعالى : ثم الذين كفروا بربهم يعدلون [ 6 \ 1 ] .
قوله تعالى : فما لنا من شافعين . قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " البقرة " ، في الكلام على قوله تعالى : ولا يقبل منها شفاعة [ 2 \ 48 ] وفي سورة " الأعراف " ، في الكلام على قوله تعالى : فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا الآية [ 7 \ 53 ] .
قوله تعالى فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين . دلت هذه الآية الكريمة على أمرين : الأول منهما : أن الكفار يوم القيامة ، يتمنون الرد إلى الدنيا ، لأن ( لو ) في قوله هنا : فلو أن لنا للتمني ، والكرة هنا : الرجعة إلى الدنيا ، وإنهم زعموا أنهم إن ردوا إلى الدنيا كانوا من المؤمنين المصدقين للرسل ، فيما جاءت به ، وهذان الأمران قد قدمنا الآيات الموضحة لكل واحد منهما .

أما تمنيهم الرجوع إلى الدنيا ، فقد أوضحناه بالآيات القرآنية في سورة " الأعراف " ، في الكلام على قوله تعالى : أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل [ 7 \ 53 ] . وأما زعمهم [ ص: 94 ] أنهم إن ردوا إلى الدنيا آمنوا ، فقد بينا الآيات الموضحة له في " الأعراف " ، في الكلام على الآية المذكورة ، وفي " الأنعام " ، في الكلام على قوله تعالى : ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون [ 6 \ 28 ] .

قوله تعالى : كذبت قوم نوح المرسلين الآيات .

قد قدمنا الكلام عليها في سورة " الحج " وفي غيرها ، وتكلمنا على قوله تعالى : وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين [ 26 \ 109 - 127 - 145 - 164 - 180 ] في قصة نوح ، وهود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب . وبينا الآيات الموضحة لذلك في سورة " هود " ، في الكلام على قوله تعالى : ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله الآية [ 11 \ 29 ] .
قوله تعالى : قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون .

قد قدمنا الكلام عليه في سورة " هود " ، في الكلام على قوله تعالى عن قوم نوح : وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا [ 11 \ 27 ] .
قوله تعالى : وما أنا بطارد المؤمنين . قد قدمنا ما يدل عليه من القرآن في سورة " هود " ، في الكلام على قوله تعالى عن نوح : وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم [ 11 \ 29 - 30 ] .

وأوضحناه بالآيات القرآنية في سورة " الأنعام " ، في الكلام على قوله تعالى : ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، إلى قوله : فتطردهم فتكون من الظالمين [ 6 \ 25 ] وفي سورة " الكهف " ، في الكلام على قوله تعالى : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه [ 18 \ 28 ] .
قوله تعالى : قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين . قوله تعالى هنا عن نوح : قال رب إن قومي كذبون ، أوضحه في غير هذا الموضع ; كقوله : قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا [ ص: 95 ] وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا [ 71 \ 5 - 7 ] وقوله هنا : فافتح بيني وبينهم فتحا ، أي : احكم بيني وبينهم حكما ، وهذا الحكم الذي سأل ربه إياه هو إهلاك الكفار ، وإنجاؤه هو ومن آمن معه ، كما أوضحه تعالى في آيات أخر ; كقوله تعالى : فدعا ربه أني مغلوب فانتصر [ 54 \ 10 ] وقوله تعالى : وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا [ 71 \ 26 ] إلى غير ذلك من الآيات . وقوله هنا عن نوح : ونجني ومن معي من المؤمنين ، قد بين في آيات كثيرة أنه أجاب دعاءه هذا ; كقوله هنا : فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ، وقوله تعالى : فأنجيناه وأصحاب السفينة الآية [ 29 \ 15 ] وقوله تعالى : ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم [ 37 \ 75 - 76 ] والآيات بمثل ذلك كثيرة .

وقوله هنا : ثم أغرقنا بعد الباقين ، جاء موضحا في آيات كثيرة ; كقوله تعالى : فأخذهم الطوفان وهم ظالمون [ 29 \ 14 ] وقوله تعالى : ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون [ 11 \ 37 ] إلى غير ذلك من الآيات .

والمشحون : المملوء ، ومنه قول عبيد بن الأبرص :
شحنا أرضهم بالخيل حتى تركناهم أذل من الصراط


والفلك : يطلق على الواحد والجمع ، فإن أطلق على الواحد جاز تذكيره ; كقوله هنا : في الفلك المشحون ، وإن جمع أنث ، والمراد بالفلك هنا السفينة ; كما صرح تعالى بذلك في قوله : فأنجيناه وأصحاب السفينة الآية [ 29 \ 15 ] .
قوله تعالى : كذب أصحاب الأيكة المرسلين . قال أكثر أهل العلم : إن أصحاب الأيكة هم مدين . قال ابن كثير : وهو الصحيح ، وعليه فتكون هذه الآية بينتها الآيات الموضحة قصة شعيب مع مدين ، ومما استدل به أهل هذا القول ، أنه قال هنا لأصحاب الأيكة : أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين [ 26 \ 181 - 183 ] وهذا الكلام ذكر الله عنه أنه قاله لمدين في مواضع متعددة ; كقوله في " هود " : وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا [ ص: 96 ] المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين [ 11 \ 84 - 86 ] إلى غير ذلك من الآيات .

وقد قدمنا في سورة " الأعراف " ، قولنا : فإن قيل الهلاك الذي أصاب قوم شعيب ذكر الله جل وعلا في " الأعراف " أنه رجفة ، وذكر في " هود " أنه صيحة ، وذكر في " الشعراء " ، أنه عذاب يوم الظلة .

فالجواب ما قاله ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره ، قال : وقد اجتمع عليهم ذلك كله ، أصابهم عذاب يوم الظلة ، وهي سحابة أظلتهم فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم ، ثم جاءتهم صيحة من السماء ، ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم فزهقت الأرواح ، وفاضت النفوس ، وخمدت الأجسام ، انتهى . وعلى القول بأن شعيبا أرسل إلى أمتين : مدين وأصحاب الأيكة ، وأن مدين ليسوا هم أصحاب الأيكة ، فلا إشكال . وقد جاء ذلك في حديث ضعيف عن عبد الله بن عمرو ، وممن روي عنه هذا القول : قتادة ، وعكرمة وإسحاق بن بشر .

وقد قدمنا بعض الآيات الموضحة لهذا في سورة " الحجر " ، في الكلام على قوله تعالى : وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم [ 25 \ 78 - 79 ] وأوضحنا هنالك أن نافعا ، وابن عامر ، وابن كثير قرأوا ليكة في سورة " الشعراء " ، وسورة " ص " ، بلام مفتوحة أول الكلمة ، وتاء مفتوحة آخرها من غير همز ، ولا تعريف على أن اسم القرية غير منصرف ، وأن الباقين قرأوا : ( الأيكة ) بالتعريف والهمز وكسر التاء ، وأن الجميع اتفقوا على ذلك في " ق " و " الحجر " ، وأوضحنا هنالك توجيه القراءتين في " الشعراء " و " ص " ، ومعنى ( الأيكة ) في اللغة مع بعض الشواهد العربية .
قوله تعالى : واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين . الجبلة : الخلق ، ومنه قوله تعالى : ولقد أضل منكم جبلا كثيرا [ 36 \ 62 ] وقد استدل بآية " يس " ، المذكورة على آية " الشعراء " هذه ابن زيد نقله عنه ابن كثير ، ومن ذلك قول الشاعر :
والموت أعظم حادث مما يمر على الجبله

[ ص: 97 ] قوله تعالى : وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين .

أكد جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن هذا القرآن العظيم تنزيل رب العالمين ، وأنه نزل به الروح الأمين ، الذي هو جبريل على قلب نبينا - صلى الله عليهما وسلم - ليكون من المنذرين به ، وأنه نزل عليه بلسان عربي مبين ، وما ذكره جل وعلا هنا أوضحه في غير هذا الموضع . أما كون هذا القرآن تنزيل رب العالمين ، فقد أوضحه جل وعلا في آيات من كتابه ; كقوله تعالى : إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين [ 56 \ 77 - 79 ] وقوله تعالى : وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين [ 69 \ 41 - 43 ] وقوله تعالى : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا [ 20 \ 1 - 4 ] وقوله تعالى : تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم [ 45 \ 2 ] وقوله : حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا الآية [ 41 \ 1 - 3 ] وقوله تعالى : يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون [ 36 \ 1 - 6 ] والآيات بمثل ذلك كثيرة .

وقوله : نزل به الروح الأمين ، بينه أيضا في غير هذا الموضع ; كقوله : قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله الآية [ 2 \ 97 ] وقوله : لتكون من المنذرين ، أي : نزل به عليك لأجل أن تكون من المنذرين به ، جاء مبينا في آيات أخر ; كقوله تعالى : المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به الآية [ 7 \ 1 - 2 ] أي : أنزل إليك لتنذر به ، وقوله تعالى : تنزيل العزيز الرحيم لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم الآية [ 36 \ 5 - 6 ] . وقوله : بلسان عربي مبين ، ذكره أيضا في غير هذا الموضع ; كقوله : لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين [ 16 \ 103 ] وقوله تعالى : كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا الآية [ 41 \ 3 ] .

وقد بينا معنى اللسان العربي بشواهده في سورة " النحل " ، في الكلام على قوله تعالى : وهذا لسان عربي مبين [ 16 \ 103 ] وقد أوضحنا معنى إنزال جبريل القرآن [ ص: 98 ] على قلبه - صلى الله عليه وسلم - بالآيات القرآنية في سورة " البقرة " ، في الكلام على قوله تعالى : قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله الآية [ 2 \ 97 ] .
قوله تعالى ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين . قد قدمنا هذه الآية الكريمة ، مع ما يوضحها من الآيات في " النحل " ، في الكلام على قوله تعالى : لسان الذي يلحدون إليه أعجمي الآية [ 16 \ 103 ] .

واعلم أن كل صوت غير عربي تسميه العرب أعجم ، ولو من غير عاقل ، ومنه قول حميد بن ثور يذكر صوت حمامة :
فلم أر مثلي شاقه صوت مثلها ولا عربيا شاقه صوت أعجما

قوله تعالى : كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم .

قوله : سلكناه ، أي : أدخلناه ، كما قدمنا إيضاحه بالآيات القرآنية والشواهد العربية في سورة " هود " ، في الكلام على قوله تعالى : قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين الآية [ 11 \ 40 ] والضمير في سلكناه ، قيل : للقرآن ، وهو الأظهر . وقيل : للتكذيب والكفر المذكور في قوله : ما كانوا به مؤمنين [ 26 \ 199 ] وهؤلاء الكفار الذين ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم ، هم الذين حقت عليهم كلمة العذاب ، وسبق في علم الله أنهم أشقياء ; كما يدل لذلك قوله تعالى : إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم [ 10 \ 96 - 97 ] وقد أوضحنا شدة تعنت هؤلاء ، وأنهم لا يؤمنون بالآيات في سورة " الفرقان " ، وفي سورة " بني إسرائيل " وغيرهما . وقوله : كذلك سلكناه نعت لمصدر محذوف ، أي : كذلك السلك ، أي : الإدخال ، سلكناه ، أي : أدخلناه في قلوب المجرمين ، وإيضاحه على أنه القرآن : أن الله أنزله على رجل عربي فصيح بلسان عربي مبين ، فسمعوه وفهموه لأنه بلغتهم ، ودخلت معانيه في قلوبهم ، ولكنهم لم يؤمنوا به ; لأن كلمة العذاب حقت عليهم ، وعلى أن الضمير في سلكناه للكفر والتكذيب ، فقوله عنهم : ما كانوا به مؤمنين ، يدل على إدخال الكفر والتكذيب في قلوبهم ، أي : كذلك السلك سلكناه ، إلخ .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.94 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.59%)]