عرض مشاركة واحدة
  #196  
قديم 08-10-2021, 09:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي ادعاءات اليهود الباطلة

ادعاءات اليهود الباطلة

د. أمير الحداد



في الحديث عن كعب بن عياض قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال» (الترمذي- صححه الألباني)، أصبحت الشهرة أقصر السبل لكسب المال وأسهلها في زمننا هذا، حتى صار سالكو هذا السبيل يتبجحون، فأحدهم يكسب في يوم واحد أكثر مما يكسب أهل الطب في شهر، بل وسئل أحد أساتذة الجامعة عن سبب إهماله في عمله فقال: «زوجتي تكسب في يوم واحد ما يعادل راتب شهرين من الجامعة»، ويفتخر أن زوجته من (مشاهير) السوشيال ميديا!

- نسأل الله العافية من هذه الفتنة.

- المصيبة أن هذه الظاهرة (ظاهرة المشاهير) تغلغلت في أوصال المجتمع، وتربى عليها جيل من النشء المسلم، بل وبعض الآباء والأمهات يحرص على أن يدخل ابنه أو ابنته هذا المستنقع منذ الصغر، والهدف الشهرة والمال السهل الكثير، نسأل الله العافية.

- كما ذكرت في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أن فتنة هذه الأمة المال، وكانت أول فتنة بني إسرائيل النساء كما في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون؟ فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء».

- أعوذ بالله، بئس القوم بنو إسرائيل! في عنادهم وأذاهم لموسى -عليه السلام-، ومدحهم أنفسهم، بأنهم أبناء الله وأحباؤه وأن الجنة لهم فقط دون الناس، حتى تحداهم الله وأعجزهم وأثبت صدق نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم .

{قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} (البقرة).

لما ادعت اليهود دعاوى باطلة حكاها الله -عز وجل- عنهم في كتابه، كقوله -تعالى-: {لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً}، وقوله: {وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى}، وقالوا: {نحن أبناء الله وأحباؤه}، أكذبهم الله -عز وجل- وألزمهم الحجة، فقال: قل لهم يا محمد: {إن كانت لكم الدار الآخرة} يعني الجنة. {فتمنوا الموت إن كنت صادقين} في أقوالكم؛ لأن من اعتقد أنه من أهل الجنة كان الموت أحب إليه من الحياة في الدنيا، لما يصير إليه من نعيم الجنة، ويزول عنه من أذى الدنيا، وذلك لأن الدار الآخرة لا يخلص أحد إليها إلا حين تفارق روحه جسده وهو الموت فإذا كان الموت هو سبب مصيرهم إلى الخيرات كان الشأن أن يتمنوا حلوله كما كان شأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال عمير بن الحمام - رضي الله عنه -:

جريا إلى الله بغير زاد إلا التقى وعمل المعاد

وارتجز جعفر بن أبي طالب يوم غزوة مؤتة حين اقتحم على المشركين بقوله:

يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها

وقال عبد الله بن رواحة عند خروجه إلى غزوة مؤتة ودعا المسلون له ولمن معه أن يردهم الله سالمين:

لكني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا

(ذات فرغ، أي واسعة، والزبد، أصله ما يعلو الماء إذا غلا، وأراد هنا ما يعلو الدم الذي ينفجر من الطعنة).

والكلام موجه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين إعلاما لهم ليزدادوا يقينا وليحصل منه تحد لليهود؛ إذ يسمعونه ويودون أن يخالفوه لئلا ينهض حجة على صدق المخبر به فيلزمهم أن الدار الآخرة ليست لهم.

فأحجموا عن تمني ذلك فرقا من الله لقبح أعمالهم ومعرفتهم بكفرهم في قولهم: {نحن أبناء الله وأحباؤه}، وحرصهم على الدنيا، ولهذا قال -تعالى- مخبرا عنهم بقوله الحق: {وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} تحقيقا لكذبهم، وأيضا لو تمنوا الموت لماتوا، كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقامهم من النار» (صححه الألباني)، وقيل: إن الله صرفهم عن إظهار التمني، وقصرهم على الإمساك لجيعل ذلك آية لنبيه - صلى الله عليه وسلم .

وقوله: {والله عليم بالظالمين} خبر مستعمل في التهديد؛ لأن القدير إذا علم بظلم الظالم لم يتأخر عن معاقبته.

وقد عدت هذه الآية في دلائل نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنها نفت صدور تمني الموت مع حرصهم على أن يظهروا تكذيب هذه الآية.

وهي أيضا من أعظم الدلائل عند أولئك اليهود على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنهم قد أيقن كل واحد منهم أنه لا يتمنى الموت، وأيقن أن بقية قومه لا يتمنونه؛ لأنه لو تمناه أحد لأعلن بذلك لعلمهم بحرص كل واحد منهم على إبطال حكم هذه الآية، ويفيد ذلك إعجازا عاما على تعاقب الأجيال، كما أفاد عجز العرب عن المعارضة علم جميع الباحثين بأن القرآن معجز وأنه من عند الله، على أن الظاهر أن الآية تشمل اليهود الذين يأتون بعد يهود عصر النزول؛ إذ لا يعرف أن يهوديا تمنى الموت إلى اليوم فهذا ارتقاء في دلائل النبوة.

وحكى عكرمة عن ابن عباس في قوله: {فتمنوا الموت} أن المراد ادعوا بالموت على أكذب الفريقين منا ومنكم: فما دعوا لعلمهم بكذبهم.

وقد يقال: ثبت النهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تمني الموت، فكيف أمره الله أن يأمرهم بما هو منهي عنه في شريعته.

ويجاب بأن المراد هنا إلزامهم الحجة، وإقامة البرهان على بطلان دعواهم. وقوله: {والله عليم بالظالمين} تهديدا لهم، وتسجيلا عليهم بأنهم كذلك.

وتنكير حياة: للتحقير، أي: أنهم أحرص الناس على أحقر حياة وأقل لبث في الدنيا، فكيف بحياة كثيرة ولبث متطاول؟

بلغوا في الحرص إلى هذا الحد الفاضل على حرص المشركين؛ لأنهم يعلمون بما يحل بهم من العذاب في الآخرة، بخلاف المشركين من العرب ونحوهم فإنهم لا يقرون بذلك، وكان حرصهم على الحياة دون حرص اليهود.

وخص الألف بالذكر لأن العرب كانت تذكر ذلك عند إرادة المبالغة.


وأصل سنة: سنهة، وقيل سنوة.

والتقدير: وما أحدهم بمزحزحه من العذاب أن يعمر، فهذه الآية تحدت اليهود كما تحدى القرآن مشركي العرب بقوله: {فأتوا بسورة من مثله} (البقرة:23).

والعندية عندية تشريف وادخار أي مدخرة لكم عند الله، وفي ذلك إيذان أن الدار الآخرة مراد بها الجنة. (خالصة) السالمة من مشاركة غيركم لكم فيها فهو يؤول إلى معنى خاصة بكم لدفع احتمال أن يكون المراد من الخلوص الصفاء من المشارك في درجاتهم مع كونه له حظ من النعيم، والمراد من الناس جميع الناس فاللام فيه للاستغراق لأنهم قالوا: {لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} (البقرة:111).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.38 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]