عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 12-04-2019, 03:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (1-9)

فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (1-9)

إدارة الملتقى الفقهي



***
صالح سليمان الحيصي من النعيرية مركز الشرطة بعث لنا بهذه البرقية يقول إنني قد أجّرت إنسان لكي يحج عن والدتي التي قد توفيت منذ أمد بعيد لكن اختصار برقيته يقول إنني قد أجرت لها وإنني قد سمعت أن الإنسان لا يجوز له أن يُؤجِر أو لا يجوز أن يأخذ الإنسان من أجل الحج عن الآخر فما حكم الحج عن والدتي وهذه الحالة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نقول ينبغي لك إذا أردت الحج عن والدتك أن تحج بنفسك أو تتفق مع شخص بدون عقد الإجارة على أن يحج لك وهذا الحاج عنك أو عن أمك إذا كان نيته بحجه هي قضاء حاجتك وحل مشكلتك وكان يريد مع ذلك أيضاً أن يتزود من الأعمال الصالحة في مشاعر الحج فإن هذه نية طيبة ولا حرج عليه فيها أما إذا كان حج عنك أو عن والدتك من أجل الدراهم فقط فإن هذا حرام عليه ولا يجوز لأنه لا يجوز للإنسان أن يُريد بعمل الآخرة شيئاً من أمور الدنيا فهنا الكلام في مقامين:
أولاً: بالنسبة لك بالنسبة لمن أعطى غيره أن يحج عنه أو عن ميت من أمواته.
والثاني بالنسبة لهذا الحاج عن غيره فأما الأول فنقول إذا أعطيت غيرك شيئاً يحج به عن ميتك فإنه لا حرج عليك في هذا وأما إذا أعطيته يحج عنك فهذا إن كان فريضة فلا يجوز لك أن تقيم من يحج عنك إلا إذا كنت عاجزاً عنها عجزاً لا يرجى زواله وإن كانت نافلة فقد اختلف العلماء في جوازها والذي يظهر لي أنه لا يجوز للإنسان أن ينيب غيره يحج عنه نافلة لأن الأصل في العبادات أن يوقعها الإنسان بنفسه حتى يحصل له التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى وإنما أجزنا ذلك في الفريضة لورود الحديث به وإلا لكان الأصل المنع أيضاً وأما الثاني أي بالنسبة للحاج عن غيره فإن أراد بذلك الدنيا وما يأخذ عليه من أجر فهو حرام عليه وإن أراد بذلك قضاء حاجة أخيه وما يحصل له من الانتفاع بالدعاء في تلك المشاعر فإنه لا حرج عليه في ذلك.
***
المستمع يقول في رسالته امرأة أرادت أن توكل إنساناً ليحج لها لعلمه ولثقتها فيه بأن يؤدي المناسك كاملة ولقلة معرفتها بمناسك الحج ثم أنها تخاف على نفسها من ظروف العادة وغيرها ولكي تقوم بتربية أولادها ومراعاتهم في البيت هل يجوز ذلك شرعاً في نظركم يا فضيلة الشيخ؟
فأجاب رحمه الله تعالى: توكيل الإنسان من يحج عنه لا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يكون ذلك في فريضة.
والحال الثانية: أن يكون ذلك في نافلة فإن كان ذلك في فريضة فإنه لا يجوز أن يؤكل غيره ليحج عنه إلا إذا كان في حال لا يتمكن بنفسه من الوصول إلى البيت لمرض مستمر لا يرجى زواله أو لكبر ونحو ذلك فإن كان يرجى زوال هذا المرض فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ويؤدي الحج بنفسه وإن لم يكن لديه ما نع من الحج بل كان قادراً على أن يحج بنفسه فإنه لا يحل له أن يوكّل غيره في أداء النسك عنه لأنه هو المطالب به شخصياً قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) فالعبادات لابد أن يفعلها الإنسان بنفسه ليتم له التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى ومن المعلوم أن من وكَّل غيره فإنه لا يحصل على هذا المعنى العظيم الذي من أجله شرعت العبادات وأما إذا كان الموكِّل قد أدى الفريضة وأراد أن يؤكل عنه من يحج أو يعتمر فإن في ذلك خلافاً بين أهل العلم فمنهم من أجازه ومنهم من منعه والأقرب عندي المنع وأنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً يحج عنه أو يعتمر في نافلة الحج لأن الأصل في العبادات أن يقوم بها الإنسان بنفسه وكما أنه لا يوكل الإنسان أحداً يصوم عنه مع أنه لو مات وعليه صيام فرض صام عنه وليه فكذلك في الحج، والحج عبادة يقوم فيها الإنسان ببدنه وليست عبادة مالية يقصد بها نفع الغير وإذا كان عبادة بدنية يقوم بها الإنسان ببدنه فإنها لا تصح من غيره عنه إلا فيما وردت به السنة ولم ترد السنة في حج الإنسان عن غيره حتى نجوزه وهذه إحدى الروايتين عن أحمد أعني أن الإنسان لا يصح أن يوكل غيره في نفل حج أو عمرة سواء كان قادراً أم غير قادر ونحن إذا قلنا بهذا القول صار في ذلك حث للأغنياء القادرين على الحج بأنفسهم لأن بعض الناس تمضي عليه السنوات الكثيرة ما ذهب إلى مكة اعتماداً على أنه يوكل من يحج عنه كل عام فيفوته المعنى الذي من أجله شرع الحج على وذلك لأنه يوكل من يحج عنه.
***
هذه رسالة وردتنا من الحاج عمر محمد يقول خرجت حاجاً من بلدي وأرسل معي أخ قيمة حجتين عن شخصين وأعطيت المبلغ لشخصين من أهل المدينة وأنا لا أعرف الأشخاص معرفة جيدة وقلت لصاحب المال ما أعرف أحداً فقال أعطي أي شخص على ذمتي وذمتك بريئة أرجو التوضيح وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إن تصرف الوكيل بحسب ما أذن له موكله فيه إذا لم يكن مما يخالف الشرع نافذ ولا حرج عليه ولا ضمان عليه ولا تبعة إذا لم يتعدَ ما وكل له فيه فأنت بالنسبة لهاتين الحجتين ليس عليك تبعة ولكن قد تكون التبعة على هذا الذي قال لك مثل هذا الكلام المطلق إذا كانت الحجتان وصية لميت أو لحي ولهذا ينبغي للإنسان إذا كان يريد أن يعطي من يحج عنه أن يتحرى في أمانة الآخذ ودينه فإن بعض الناس قد لا يكون عنده تقوى لله عز وجل ولا رحمة لخلقه فيأخذ هذه الدراهم ليحج بها ولكنه لا يحج بها ويصرفها فيما يريد من متاع الدنيا فيكون بذلك خائناً لأمانته وواقعاً في الإثم.
***
بارك الله فيكم مستمع من الخبر م. ح. م. المملكة العربية يقول كلفت من يحج عن والدتي المتوفاة وسمعت أن الشخص الذي أعطيته مبلغاً من المال قد أخذ مبالغ أخرى ليحج عن أناسٍ آخرين ما حكم ذلك فضيلة الشيخ وهل تعد هذه حجة كاملة أم عليّ أن أحج بدلاً عنها أفتونا مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الذي ينبغي للإنسان أن يكون حازماً في تصرفه وأن لا يكل الأمر إلا إلى شخصٍ يطمئن إليه في دينه بأن يكون أميناً عالماً بما يحتاج إليه في مثل ذلك العمل الذي أوكل إليه فإذا أردت أن تعطي شخصاً ليحج عن أبيك المتوفى أو عن أمك فعليك أن تختار من الناس من تثق به في علمه ودينه وذلك لأن كثيراً من الناس عنده جهلٌ عظيم في أحكام الحج فلا يؤدون الحج على ما ينبغي وإن كانوا هم في أنفسهم أمناء ولكن يظنون أن هذا هو الواجب عليهم وهم مخطئون كثيراً ومثل هؤلاء لا ينبغي أن يعطوا إنابةً في الحج لقصور علمهم ومن الناس من يكون عنده علم لكن ليس عنده أمانة فتجده لا يهتم بما يقوله ويفعله في مناسك الحج لضعف أمانته ودينه ومثل هذا أيضاً لا ينبغي أن يعطى أو أن يوكل إليه أداء الحج فعلى من أراد أن ينيب شخصاً في الحج عنه أن يختار من أفضل من يجده علماً وأمانة حتى يؤدي ما طلب منه على الوجه الأكمل وهذا الرجل الذي ذكره السائل أن الذي أعطاه ليحج عن والدته وسمع فيما بعد أنه أخذ حجاتٍ أخرى لغيره ينظر فلعل هذا الرجل أخذ هذه الحجات من غيره وأقام أناساً يؤدونها وقام هو بأداء الحج عن الذي استنابه ولكن هل يجوز للإنسان أن يفعل هذا الفعل أي هل يجوز للإنسان أن يتوكل عن أشخاصٍ متعددين في الحج أو في العمرة ثم لا يباشر هو بنفسه ذلك بل يكله إلى أناسٍ آخرين نقول إن ذلك لا يجوز ولا يحل وهو من أكل المال بالباطل فإن كثيراً من الناس يتاجرون بهذا الأمر تجدهم يأخذون عدةً من الحجج والعمر على أنهم هم الذين سيقومون بها ولكنه يكلها إلى فلانٍ وفلانٍ من الناس بأقل مما أخذ هو فيكسب أموالاً بالباطل ويعطي أشخاصاً قد لا يرضونهم من أعطوه هذه الحجج أو العمر فعلى المرء أن يتقي الله عز وجل في إخوانه وفي نفسه لأنه إذا أخذ مثل هذا المال فقد أخذه بغير حق ولأنه إذا أؤتمن من قبل إخوانه على أنه هو الذي يؤدي الحج فإنه لا يجوز له أن يكل
ذلك إلى غيره لأن هذا الغير قد لا يرضاه من أعطاه هذه الحجج أو هذه العمر.
***
بارك الله فيكم هذا السائل من القصيم رمز لاسمه بالأحرف م. ج. هـ. يقول إذا أخذ شخص مالاً ليحج عن آخر وقدره سبعة آلاف ريال ثم استهلك في حجه ثلاثة آلاف ريال فقط وبقي الباقي معه فهل يجب عليه أن يرده على صاحبه أم ينتفع به وحلال عليه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أخذ دارهم ليحج بها وزادت هذه الدراهم على نفقته فإنه لا يلزمه أن يدفعها إلى من أعطاه هذه الدراهم إلا إذا كان الذي أعطاه قال له حج منها ولم يقل حج بها فإذا قال حج منها فإنه إذا زاد شيء عن النفقة يلزمه أن يرده إلى صاحبه فإن شاء عفا عنه وإن شاء أخذه وأما إذا قال حج بها فإنه لا يلزمه أن يرد شيئا إذا بقي اللهم إلا أن يكون الذي أعطاه رجل لا يدري عن الأمور ويظن أن الحج يتكلف مصاريف كثيرة فأعطاه بناءاً على غرته وعدم معرفته فحينئذ يجب عليه أن يبين له وأن يقول له إني حججت بكذا وكذا وأن الذي أعطيتني أكثر مما أستحق وحينئذٍ إذا رخص له فيه وسمح له فلا حرج.
يافضيلة الشيخ: لكن إذا لم يحدد أو لم يخصص في القول لم يقل يحج منها ولم يقل حج بها وترك الأمر مبهماً فهل يلزم هذا بإرجاع الزائد إلي صاحبه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أعطاه الدراهم ماذا يقول له؟
يافضيلة الشيخ: يقول هذا مبلغ ربما مقابل الحج أو تكلفة الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا قال تكلفة الحج فمعناه أنه أن ما زاد عن التكلفة يرد عليه.
يافضيلة الشيخ: وما نقص يطالب به؟
فأجاب رحمه الله تعالى: وما نقص يطالب به.
***
بارك الله فيكم من أسئلة المستمعة نورة من القصيم تقول ما حكم من حج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه ولمن يكون حجه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا حج الإنسان عن غيره قبل أن يحج عن نفسه فإن كان قد وجبت عليه الفريضة بإن كان مستطيعاً ولكنه لم يحج ثم حج عن غيره فإن ذلك غير صحيح قال أهل العلم وتكون الحجة لنفسه لا لمن نواها له وإذا كان قد أخذ شيئاً ممن نوى الحج عنه فإنه يرده إليه أما إذا كان لم يحج عن نفسه لعدم استطاعته وحج عن غيره فإن هذا لا بأس به وذلك لأنه إذا لم يكن مستطيعاً فالحج في حقه غير فريضة فيكون قد أدى عن غيره حجاً في محله فيجزئ عنه.
***
أحسن الله إليكم هذه السائلة أم عبد العزيز من الرياض تقول من باب المحبة للرسول صلى الله عليه وسلم أو أحد الصحابة هل يجوز للإنسان أن يحج عنهم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما الصحابة فلا بأس أن يحج عنهم الإنسان كما يحج عن أي مسلم لكن مع ذلك نرى أن الدعاء للأموات أفضل بكثير من الأعمال الصالحة حتى الأب والأم إذا دعوت الله لهما فهو أفضل من أن تحج عنهما إذا لم يكن فرضاً وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما تحدث عن عمل الإنسان بعد موته قال (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) يدعو له ،لم يقل ولد صالح يحج عنه ويتصدق عنه ويصوم عنه ويزكي قال ولد صالح يدعو له وهل تظن أيها المؤمن أحداً أنصح للأحياء والأموات من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا والله لا نظن بل نظن أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنصح الخلق للأحياء والأموات ومع ذلك قال (أو ولد صالح يدعو له) هذه واحدة ثانيا بالنسبة للصحابة قلنا إنهم كسائر الناس ولكن الدعاء أفضل لهم ولغيرهم أما النبي صلى الله عليه وسلم فإهداء القرب له من السفه من حيث العقل ومن البدعة من حيث الدين أما كونه بدعة في الدين فلأن الصحابة رضي الله عنهم الذين شاهدوا الرسول ولازموه وأحبوه أكثر منا ما كانوا يفعلون هذا هل أبو بكر حج عن الرسول وكذا عمر، وعثمان، وعلي، والعباس عمه كلهم لم يفعلوا هذا ثم نأتي نحن في آخر الزمان ونبرّ الرسول بالحج عنه أو بالصدقة عنه هذا غلط ، غلط من الناحية الشرعية ومن الناحية العقلية هو سفه لأن كل عمل صالح يقوم به العبد فللنبي صلى الله عليه وسلم مثله لأن من دل على خير فله مثل فاعله وإذا أهديت ثواب العمل الصالح للرسول هذا يعني أنك حرمت نفسك فقط لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم منتفع بعملك له مثل أجرك سواء أهديته أم لم تهده وأظن أن هذه البدعة لم تحدث إلا في القرن الرابع ومع ذلك أنكرها العلماء وقالوا لا وجه لها وإذا كنت صادقاً في محبة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأرجو أن تكون صادقاً فعليك باتباعه اتباع سنته وهديه كن وأنت تتوضأ كأنما تشعر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ أمامك وكذلك في الصلاة وغيرها حتى تحقق المتابعة ولست أقول أمامك أن الرسول عندك في البيت هذا لا يقوله أحد لكن المعنى من شدة اتباعك له كأنه أمامك يتوضأ ولهذا أنبه الآن على نقطة مهمة عندما نتوضأ للصلاة أكثر الأحيان وأكثر الناس لا يشعرون ألا أنهم يؤدون شرطاً من شروط الصلاة لكن ينبغي أن نشعر أولا بأننا نمتثل أمر الله عز وجل حيث قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) ...الآية، هذه واحدة.
ثانيا: أن نشعر باتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأننا توضأنا نحو وضوئه.
ثالثا: أن نحتسب الأجر لأن هذا الوضوء يكفر الله سبحانه وتعالى كل خطيئة حصلت من هذه الأعضاء الوجه إذا غسله آخر قطره يكفر بها عن الإنسان وكذلك بقية الأعضاء هذه ثلاثة أمور غالبا لا نشعر بها إنما نتوضأكأننا أدينا شرطاً من شروط الصلاة فأسأل الله أن يعينني وإخواني المسلمين على استحضارها حتى تكون العبادة طاعة لله وإتباعا لرسول الله واحتسابا لثواب الله.
***
أحسن الله إليكم يا شيخ ما حكم سفر المرأة مع غير محرم لها وهل يجوز أن تسافر امرأة مع ابن خالتها ومعه أخته مسافة ثلاثمائة كيلو متر؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز أن تسافر المرأة إلا مع محرم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك فقال (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فسأله رجل وقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (انطلق فحج مع امرأتك).
***
هذه سائلة رمزت لاسمها أ. أ تقول فضيلة الشيخ إذا كانت المرأة لا يوجد لها محرم ولم تؤدِ فريضة الحج ويوجد نساء يردن الحج فهل تحج معهن وهنّ ملتزمات وموثوقات جداً جداً أم يسقط عنها الحج في هذه الحالة ارجوا من فضيلة الشيخ إجابة مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الحج لا يجب على هذه المرأة التي لم تجد محرماً لقول الله تبارك وتعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) وهذه المرأة وإن كانت مستطيعة استطاعة حسية فإنها غير مستطيعة استطاعة شرعية وذلك أنه لا يحل للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم لقول ابن عباس رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فقام رجل قال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتب في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (انطلق فحج مع امرأتك) فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يدع الغزو وأن ينطلق فيحج مع امرأته ولم يستفصل النبي صلى الله عليه والله وسلم في هذه الحال هل المرأة معها نساء ملتزمات وهل هي آمنة أو غير آمنة وهل هي شابة أو عجوز فلما لم يستفصل بل أمر هذا الرجل أن يدع الغزو ويذهب ليحج مع امرأته دل ذلك على العموم وأنه لا يحل لامرأة أن تسافر للحج ولا لغيره أيضا إلا مع ذي محرم حتى وإن كانت آمنة على نفسها وإن كانت مع نساء وفي هذه الحال غير مستطيعة شرعاً فلو توفيت ولاقت الله عز وجل فإنها لا تكون مسئولة عن هذا الحج لأنها معذورة لكن من العلماء من قال إن المحرم شرط لوجوب الحج وعلى هذا فلا يلزمها أن تستنيب من يحج عنها إذا كانت قادرة بمالها لأن شرط الوجوب إذا انتفى يسقط ويسقط بانتفائه الوجوب ومن العلماء من قال إن المحْرم شرط للزوم الأداء أي للزوم حجها بنفسها وبناء على هذا يلزمها إذا كان عندها مال أن تقيم من يحج عنها و إذا توفيت فإنه يجب إخراج الحج عنها من تركتها على كل حال نقول لهذه السائلة اطمئني فأنتِ الآن لست آثمة إذا لم تحجي بل إذا حججت فأنت آثمة وإذا متِ فليس في ذمتك شيء لأنك غير مستطيعة شرعاً وكثير من الناس يكون مشتاقا إلى الحج ومحباً للحج فيرتكب بعض المحرمات من أجل تحقيق رغبته وإرادته ومحبته وهذا غير صحيح بل الصحيح والحق أن تتبع ما جاء من الشرع في هذه الأمور وغيرها فإذا كان الله تعالى لم يلزمك بالحج فلا ينبغي أن تلزمي نفسك بما لا يلزمك الله به ومثال ذلك أن بعض الناس يكون في ذمته دين لأحد كثمن مبيع أو قيمة مثله أو إيجاره أو غير ذلك فتجده يذهب للحج وذمته مشغولة بهذا الدين مع أن الحج في هذه الحال لا يجب عليه بل هو بمنزلة الفقير لا تجب عليه الزكاة فكذلك هذا الذي عليه الدين لا يجب عليه الحج ولا يكون آثما بتركه ولا مستحقا للعقاب إذا لاقى الله عز وجل لأنه معذور فوفاء الدين واجب والحج مع الدين ليس بواجب والعاقل لا يقوم بما ليس بواجب ويدع ما هو واجب لذلك نصيحتي لأخواني الذين عليهم ديون أن يدعوا الحج حتى يغنيهم الله عز وجل ويقضوا ديونهم ثم يحجوا نعم لو كان الدين مؤجلا وكان عند الإنسان مال وافر بحيث يضمن لنفسه أنه كلما حل قسط من هذا الدين فإنه يقضيه فهذا إذا كان بيده مال عند حلول وقت الحج فإنه يحج به ولا بأس بذلك.
***
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ محمد نحن عندما نتحدث عن سفر المرأة يتعلل الكثير من الناس بقصر المدة فمثلا من الرياض إلى الطائف ساعة وأيضا هذه الطائرة موجود فيها كثير من النساء وكثير من الرجال فيقول أنها مأمونة الفتنة ما تعليقكم على ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: التعليق على ذلك ليس المقصود الأمن وعدم الأمن بدليل أن النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يستفصل في الحديث (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) ولو كان المدار على الأمن لاستفصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا ثم إن الأمن ليس في سفر الطائرة.
أولاً: لأن الطائرة ربما تقلع في الموعد المقرر وربما تتأخر لأسباب فنية أو جوية فتبقى المرأة في المطار هائمة تائهة لأن محرمها قد رجع إلى بيته بناء على أنها دخلت الصالة أو أذن لهم بركوب الطائرة ثم تأخرت الطائرة وإذا قدر أن هذا المحظور زال وأن الطائرة أقلعت متجهة إلى محل هبوطها فلا يؤمن أن تهبط في غير المكان الذي تقرر فيه الهبوط لأنه يجوز أنه قد يتغير الجو فلا يمكنها الهبوط في المكان المقرر ثم تذهب الطائرة إلى مكان أخر لتهبط فيه وحينئذٍ تبقى هذه المرأة هائمة تائهة أو تتعلق بمن لا يؤمن فتنته وإذا قدرنا إنها وصلت إلى المطار التي قرر هبوطها فيه فإن محرمها الذي سيستقبلها قد يعوقه عائق عن وصوله للمطار إما زحام في السيارات وإما عطل في سيارته وإما نوم وإما غير ذلك فلا يأتي في موعد هبوط الطائرة وتبقى هذه المرأة هائمة تائهة وإذا كان الحج ليس واجباً لمن ليس عندها محرم فالأمر والحمد لله واسع وليس فيه إثم ولا ينبغي للمرأة أن تتعب نفسياً من أجل هذا لأنها في هذه الحال غير مكلفة به فإذا كان الفقير العادم للمال ليس عليه زكاة وقلبه مطمئن بكونه لا يزكي فكذلك هذه المرأة التي ليس عندها محرم ينبغي أن يكون قلبها مطمئنا لعدم حجها.
***
بارك الله فيكم هذه مستمعة أختكم في الله من المغرب مقيمة في المملكة العربية السعودية تقول أطلب منكم أن تجيبوا على سؤالي تقول أنا أخت ملتزمة بدين الله ومتحجبة وأريد الحج إلى بيت الله الحرام وأعرف أنه لا يجوز لي الحج بدون محرم وأنا لا يوجد معي محرم فهل أذهب إلى الحج وحدي فأنا متشوقة إلى مكة المكرمة ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم لا للحج ولا لغير الحج وهي إذا تخلفت عن الحج لعدم وجود محرم لها فليس عليها إثم ويدل لهذا أي لكون المرأة لا تسافر بدون محرم لا للحج ولا غيره ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم انطلق فحجّ مع امرأتك) مع أن هذه المرأة خرجت للحج ومع ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجها أن يحج معها وأنت لا تتعبي نفسك وضميرك أقول ذلك للسائلة فإنك إذا بقيت من أجل عدم المحرم فقد تركت الحج بأمر الله عز وجل لأن السفر بدون محرم قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فالإقامة من أجل عدم المحرم تكون استجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
***
أختكم في الله من المغرب تقول في رسالتها والدتي في المغرب وأنا أعمل في السعودية وأنا أريد أن أرسل لها حتى تحضر لي لتقوم بأداء فريضة الحج وليس معها محرم لأن والدي متوفى وإخواني وأخوالي ليس عندهم القدرة على الذهاب إلى فريضة الحج هل يجوز أن تحضر لوحدها وتحج لوحدها أفيدونا بهذا مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز لها أن تأتي إلى الحج وحدها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) قاله النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم (انطلق فحج مع امرأتك) والمرأة إذا لم يكن لها محرم فإن الحج لا يجب عليها ثم إن الفريضة سقطت عنها لعدم القدرة على الوصول إلى البيت وعدم القدرة هنا عجز شرعي أي أنه لا يجب عليها أداء بمعنى أنها لو ماتت حج عنها من تركتها على كل حال إني أقول لهذا السائل لا تضيق المرأة ذرعاً بعدم قدرتها على الحج لعدم وجود المحرم فإن ذلك لا يضرها ولا يلحقها إثم إذا ماتت وهي لم تحج لأنها معذورة شرعاً غير مستطيعة شرعاً وقد قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً).
***
بارك الله فيكم سائل من مصر يقول أنا أعمل هنا بالمملكة وأريد أن أحضر الوالدة لكي تحج معي وهي تبلغ من العمر الخامسة والخمسين ولا يوجد محرم لها يحضرها من مصر وأريد بهذا العمل أن أبرها فما حكم الشرع في نظركم في هذا العمل؟
فأجاب رحمه الله تعالى: حكم الشرع في هذا أن أمه ليس عليها فريضة مادامت لا تجد محرما ولا يضيق صدره ولا صدرها فإن الله تعالى قد يسر للعباد ولهذا نص الله تبارك وتعالى على شرط الاستطاعة في الحج فقال (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) والمرأة إذا لم يكن لها محرم فإنها لا تستطيع الحج إذ أنه لا يجوز لها أن تسافر إلا مع ذي محرم فإن تيسر له أن يذهب إلى مصر يأتي بها أو أن تأتي أمه مع محرم لها من هناك فهذا خير وإن لم يتيسر فلا حرج على الجميع.
***
السؤال يقول امرأةٌ حجت وكان محرمها ولدها البالغ من العمر ثمان سنوات فهل حجها صحيحٌ وماذا يشترط للمحرم أي ما هي الشروط التي يجب توفرها فيه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما حجها فصحيح لكن فعلها وسفرها بدون محرم هذا محرم ومعصيةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه عليه الصلاة والسلام قال (لا تسافر امرأةٌ إلا مع ذي محرم) والصغير الذي لم يبلغ ليس بذي محرم لأنه هو نفسه يحتاج إلى ولاية وإلى نظر ومن كان كذلك لا يمكن أن يكون ناظراً أو ولياً لغيره والذي يشترط في المحرم أن يكون مسلماً ذكراً بالغاً عاقلاً فإذا لم يكن كذلك فإنه ليس بمحرم وها هنا أمرٌ نأسف له كثيراً وهو تهاون بعض النساء في السفر بالطائرة بدون محرم فإنهن يتهاون بذلك تجد المرأة تسافر في الطائرة وحدها وتعليلهم لهذا الأمر يقولون إن محرمها يشيعها في المطار التي أقلعت منه الطائرة والمحرم الآخر يستقبلها في المطار الذي تهبط فيه الطائرة وهذه العلة عليلة في الواقع فإن محرمها الذي شيعها ليس يدخلها في الطائرة بل إنه يدخلها في صالة الانتظار وربما تتأخر الطائرة عن الإقلاع فتبقى هذه المرأة ضائعة وربما تطير الطائرة ولا تتمكن من الهبوط في المطار الذي تريد لسببٍ من الأسباب وتهبط في مكانٍ آخر فتضيع هذه المرأة وربما تهبط في المطار الذي قصدته ولكن لا يأتي محرمها لسببٍ من الأسباب إما نوم أو مرض أو زحام سيارات أو حادثٍ بسيارته منعه من الوصول أو غير ذلك وإذا انتفت كل هذه الموانع ووصلت الطائرة في وقت وصولها وَوُجِد المحرم الذي يستقبلها فإنه من الذي يكون إلى جانبها في الطائرة قد يكون بجانبها رجلٌ لا يخشى الله تعالى ولا يرحم عباد الله فيغريها وتغتر به فيحصل بذلك الفتنة والمحظور كما هو معلوم فالواجب على المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن لا تسافر إلا مع ذي محرم والواجب أيضاً على أوليائها من الرجال الذين جعلهم الله قوامين على النساء أن يتقوا الله عز وجل وأن
لا يفرطوا في محارمهم وأن لا تذهب غيرتهم ودينهم فإن الإنسان مسئولٌ عن أهله لأن الله تعالى جعلهم أمانةً عنده فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
***
بارك الله فيكم تقول السائلة ما هى المسافة التى إذا سافرتها المرأة تحتاج فيها إلى محرم وهل يعتبر مسافة نصف ساعة بالسيارة سفر؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تسافر إمرأة إلا مع ذي محرم) فما عده الناس سفرا فهو سفر سواء طالت المسافة أم قصرت وما لم يعده الناس سفرا فليس بسفر وعلى هذا فلو قدر أن المرأة تعمل فى بلد قريب من بلدها وتذهب فى الصباح وترجع بعد الظهر فإن هذا ليس بسفر لأن الناس لا يعدونه سفراً اللهم إلا أن تكون المسافة بعيدة كما لو سافرت من مكة إلى المدينة أو من مكة إلى الرياض أو ما أشبه ذلك ولو رجعت فى يومها وذلك لبعد المسافة عرفاً وقال بعض أهل العلم إن المرأة لا يحل لها أن تسافر بلا محرم سواء كان السفر قصيراً أم طويلاً والاحتياط أن لا تسافر إلا مع محرم سواء كان السفر طويلاً أو قصيراً أما اللزوم فإنه لا يلزم أعني المحرم إلا إذا عُدّ خروجها من بلدها سفرا.
***
جزاكم الله خيراً السائل يقول امرأة عزمت على أداء فريضة الحج ودفعت تذكرة الطائرة ثم مات زوجها فهل يجوز لها أن تذهب إلى الحج في أثناء عدتها؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل لها أن تذهب إلى الحج في أثناء عدتها بل يجب عليها أن تبقى في البيت الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه ثم تحج من العام القادم أما لو مات في أثناء الطريق فلا حرج عليها أن تكمل المشوار وأن تكمل حجها ثم تعود إلى بلدها فور انتهاء الحج لتؤدي العدة في بيتها.
***
جزاكم الله خيراً هل يجوز للزوج أن يمنع زوجته من أداء فريضة الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للزوج أن يمنع زوجته من أداء فريضة الحج لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فإذا كانت الزوجة عندها مال ولها محرم مستعد لأن يحج بها وهي لم تؤدِ الفريضة فطلبت من زوجها أن تحج فأبى فإنه لا طاعة له في ذلك ولها أن تحج من غير رضاه لكن إن خافت أن يطلقها فلها أن تتأخر لأن طلاقها ضرر عليها وقد قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً).
***
أحسن الله إليكم وبارك فيكم السائل أبو عبد الله من الكويت يقول من مات ولم يحج وهو في الأربعين وكان مقتدراً على الحج مع أنه محافظ على الصلوات الخمس وكان يسوف في كل سنة يقول سوف أحج هذه السنة ومات وله ورث هل يحج عنه وهل عليه شيء؟
فأجاب رحمه الله تعالى: اختلف العلماء في هذا فمنهم من قال إنه يحج عنه وأن ذلك ينفعه ويكون كمن حج بنفسه ومنهم من قال لا يحج عنه وأنه لو حج عنه ألف مرة لم تقبل يعني لم تبرأ بها ذمته وهذا القول هو الحق لأن هذا الرجل ترك عبادة واجبة عليه مفروضة على الفور بدون عذر فكيف يرغب عنها ثم نلزمها إياه بعد الموت ثم التركة الآن تعلق بها حق الورثة كيف نحرمهم من ثمن هذه الحجة وهي لا تجزئ صاحبها وهذا هو ما ذكره بن القيم رحمه الله في تهذيب السنن وبه أقول إن من ترك الحج تهاوناً مع قدرته عليه لا يجزئ عنه الحج أبدا لو حج عنه أولياؤه ألف مرة أما الزكاة فمن العلماء من قال إذا مات وأديت الزكاة عنه أبرأت الذمة ولكن القاعدة التي ذكرتها تقتضي ألا تبرأ ذمته من الزكاة وأنه سيُكْوى بها جنبه وجبينه وظهره يوم القيامة لكني أرى أن تخرج الزكاة من التركة لأنه تعلق بها حق الفقراء والمستحقين للزكاة بخلاف الحج، الحج لا يؤخذ من التركة لأنه لا يتعلق به حق آدمي والزكاة يتعلق بها حق لآدمي فتخرج الزكاة لمستحقيها ولكنها لا تجزئ عن صاحبها سوف يعذب بها عذاب من لم يزك نسأل الله العافية كذلك الصوم إذا علمنا أن هذا الرجل ترك الصيام وتهاون في قضائه فإنه لا يقضى عنه لأنه تهاون وترك هذه العبادة التي هي ركن من أركان الإسلام بدون عذر فلو قضي عنه لم ينفعه وأما قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) فهذا فيمن لم يفرط وأما من ترك القضاء جهاراً بدون عذر شرعي فما الفائدة أن نقضي عنه.
***
أحسن الله إليكم السائل رضا عمر يقول في هذا السؤال امرأة توفيت قبل أن تؤدي فريضة الحج ولقد رزقت والحمد لله بأولاد ورزق هؤلاء الأولاد بمال ويريدون الحج لوالدتهم المتوفية ولكنهم لم يؤدوا فريضة الحج فهل يجوز أن يوكلوا من يحج عن والدتهم مع إعطائه جميع مصاريف الحج أم يجوز لهم الحج عن والدتهم قبل أن يؤدوا الفريضة هم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً العبارة الصواب أن يقال المتوفاة لأن الله يتوفى الأنفس وليست الأنفس متوفيه وإن كان لها وجه في اللغة العربية لكن الأفصح المتوفاة فيقال فلان متوفى وفلانة متوفاة أما بالنسبة للجواب على السؤال فإن أمهم إن كانت لم تستطع الحج في حياتها فليس عليها حج لأن الله اشترط لوجوب الحج الاستطاعة فقال (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) والغالب على الناس فيما مضى هو الفقر وعدم الاستطاعة وحينئذٍ يكون حجهم عن أمهم نفلاً لا فريضة وأما إذا كانت قد وجب عليها الحج ولكنها أخرت وفرطت فهنا يؤدون عنها الحج على أنه فريضة ولكن لا يحجون بأنفسهم عنها حتى يحجوا عن أنفسهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يلبي يقول لبيك عن شبرمة فقال (من شبرمة) قال أخ لي أو قريب لي قال (حججت عن نفسك) قال لا قال (هذه عنك ثم حج عن شبرمة) أما إذا أرادوا أن يعطوا غيرهم يحج عنها وهم لم يؤدوا الحج عن أنفسهم فإن كانت الدراهم التي يعطونها غيرهم ليحج عن أمهم تكفيهم لو حجوا هم عن أنفسهم وليس عندهم غيرها وجب عليهم أن يحجوا عن أنفسهم ولا يجوز أن يعطوا أحداً يحج عن أمهم فإن كان عندهم مال واسع لكنهم لم يحصل لهم أن يحجوا هذا العام وأعطوا أحداً يحج عن أمهم فلا حرج في ذلك.
***
بارك الله فيكم السائل أخوكم أبو مصعب من اليمن عدن يقول فضيلة الشيخ لي أخ متوفى عمره حوالي واحد وعشرين سنة لم يحج ولكنه اعتمر فهل تجب عليه حجة الإسلام فهل يلزم على الوالد أو أحد الأقارب أن يحج عنه أم ليس بالضرورة أفيدونا وجزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: حجة الإسلام لا تجب إلا على من استطاع إليه سبيلا أي إلى البيت فمن لم يكن عنده مال فإنه لا يستطيع إليه سبيلاً فهذا الأخ الذي مات وله إحدى وعشرون سنة إذا لم يكن له مال فليس عليه حج لأنه لا يمكن أن يصل إلى البيت ماشياً وإذا لم يكن عنده مال فلا حج عليه وعلى هذا فاطمئنوا ولا تقلقوا من كونه لم يحج لأنه لا حج عليه ونظير ذلك الرجل الفقير هل عليه زكاة والجواب ليس عليه زكاة فإذا مات وهو لم يزكِ فإننا لا نقلق من أجل ذلك فمن ليس عنده مال فلا زكاة عليه ويلقى ربه وهو غير آثم ومن لم يستطيع أن يصل البيت لعجز مالي فلا حج عليه فيلقى ربه وهو غير آثم لكن إذا أراد أحدٌ منكم أن يتطوع ويحج عن هذا الميت فلا حرج لأن امرأةً جاءت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت يا رسول الله (إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت أفأحج عنها قال نعم).
***
هذا المستمع عادل عبد الله عمر يقول بأن والدتي توفيت قبل ثلاث سنوات ولم تؤدِ فريضة الحج وأريد أن أؤدي فريضة الحج عنها وأنا لم أتزوج ولم أحج عن نفسي فهل يصح أن أحج لها والأمر كذلك أفتونا بذلك جزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً لا بد أن نسأل عن هذه الوالدة هل الحج فريضة عليها أم لا؟ لأنه ليس كل من لم يحج يكون الحج فريضة عليه إذ أن من شرط الحج أن يتوفر عند الإنسان مال يستطيع به أن يحج بعد قضاء الواجبات والنفقات الأصلىة فنسأل هل أمك كان عندها مال يمكنها أن تحج به؟ إذا لم يكن عندها مال يمكنها أن تحج به فليس عليها حج فالذي ليس عنده مالٌ يحج به ليس عليه حج كالفقير الذي ليس عنده مال ليس عليه زكاة وقد ظن بعض الناس أن الحج فريضة على كل حال ورأوا أن الإنسان إذا مات ولم يحج فإن الحج باقٍ في ذمته فريضة وهذا ظنٌ خطأ، الفقير لا حج عليه ولو مات لم نقل إنه مات وترك فريضة كما أن الفقير لو مات لا نقول إنه مات ولم يزكِ بل نقول من ليس عنده مال فلا زكاة عليه فنحن نسأل أولاً هل أمك كانت قادرة على الحج ولم تحج حتى ماتت أو أنها عاجزة ليس عندها مال فالحج ليس فريضة عليها وحينئذٍ لا تكون في قلق ولا تكن منزعجاً من ذلك لأنها ماتت وكأنها حجت ما دامت لا تستطيع الحج وعلى الاحتمال الأول أن عندها مالاً تستطيع أن تحج به ولكنها لم تحج يحج عنها من تركتها لأن ذلك دينٌ عليها وإذا لم يمكن كما هو ظاهر السؤال فإنه لا يحل لك أن تحج عنها حتى تحج عن نفسك لحديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن رجلاً كان يقول لبيك عن شبرمة فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من شبرمة) قال أخٌ لي أو قريبٌ لي قال له (أحججت عن نفسك قال لا قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة) ولأن النبي صلى الله عليه وعلى وسلم قال (ابدأ بنفسك) فلا يحل لك أن تحج عن أمك حتى تؤدي الفريضة عن نفسك ثم إذا أديت الفريضة عن نفسك فإن كنت في حاجةٍ شديدة إلى النكاح فقدم النكاح لأن النكاح من الضروريات أحياناً ثم إن تيسر لك أن تحج عن أمك بعد ذلك فحج.
***
بارك الله فيكم يا شيخ محمد هذه رسالة وصلت من المستمع أ. أ. ع. من العراق بعث برسالة يقول فيها توفي والدي منذ ما يقارب من عشرين عاما ولم يؤدِ فريضة الحج وخلف تركة بسيطة تضاءلت كثيراً عندما قسمت بين الورثة وأخي يريد أن يحج عنه مع أن الإمكانيات المادية له ضعيفة جداً ولديه بيت وزوجة وأولاد وقلت له لا يجب عليك أن تحج عنه لأنك غير قادر فهل كلامي هذا صحيح أم أن علي إثما في ذلك علماً بأنني أنوي أن أحج عنه عندما تتحسن ظروفي المادية؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم إذا كان أبوك في حياته لا يستطيع الحج لكون المال الذي في يده لا يكفيه أو لا يزيد على مؤنته وقضاء ديونه فإن الحج لا يجب عليه وذمته بريئةٌ منه قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) وأما إذا كان أبوك يمكنه أن يحج في حال حياته لأن عنده دراهم زائدة عن حاجاته وقضاء ديونه فإن الواجب عليكم أن تحجوا عنه من تركته لأن الحج يكون ديناً في ذمته مقدماً على الوصية والإرث لقول الله تعالى في آية المواريث (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ)وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه قضى بالدين قبل الوصية) وأما إذا أراد أحدٌ منكم أن يحج عنه تطوعاً فلا حرج في ذلك لكن لا يكون هذا على حساب نفقته ونفقة أولاده فإذا كان المال الذي بيده قليلاً لا يزيد عن حاجاته فإنه لا ينبغي له أن يحج عن والده لأنه لو كان هو نفسه لم يجب عليه حج فكيف يحج عن غيره ويمكنكم إذا أردتم نفع أبيكم أن تستغفروا له وأن تدعوا له بالرحمة والرضوان فإن ذلك ينفعه إذا تقبل الله منكم.
***
الشيخ محمد هذه رسالة وردتنا من محمد شلبي موسى الشهري من الدمام يقول لي والدة توفيت وكان عندها مال وليس لها أولاد غيري وليس لها ورثة غيري أنا ابنها وقصدي لها حجة هل تجوز الحجة من مالها الخاص أو أحج عنها من مالي أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء إن أحيانا الله إلي الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا المال الذي ورثته من أمك وليس لها وراث سواك هو مالك ورثك الله إياه ولك أن تفعل فيه ما تفعل في مالك ولكن إن كانت أمك قد وجبت عليها حجة الإسلام في حياتها ولم تحج وجب عليك أن تحج عنها وأما إن كانت قد أدت الفريضة أو لم تجب عليها في حياتها لكون هذا المال الذي ورثته منها ثمناً لحوائجها الأصلىة التي بعتها بعد موتها فإن الحج هنا لا يجب عليك ولكن إن حججت عنها فنرجو أن يكون في ذلك خير وسواء حججت عنها من مالك الخاص أو من هذا المال الذي ورثته منها لأن المال الذي ورثته منها بمجرد موتها صار داخلا في ملكك فلا فرق بينه وبين الذي كان عندك سابقاً.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.41 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]