عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-04-2021, 01:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي عنوسة الشباب والفتيات وتفاوت المستوى الاجتماعي

عنوسة الشباب والفتيات وتفاوت المستوى الاجتماعي
أ. عاهد الخطيب


أصبح تأخُّر سن زواج الشباب - أو ما صار متعارفًا عليه بـ(عنوسة الرجال) - أمرًا واقعًا في مجتمعاتنا، وهذا أسهم بدوره في تفاقم مشكلة العنوسة بين الفتيات، ولهذه الظاهرة الاجتماعية المقلقة أسبابٌ كثيرة، في مقدمتها عدمُ الاستطاعة المادية مع ارتفاع تكاليف الزواج ومتطلباته الكثيرة، وتفاقم مشكلة البطالة بين الجنسين على حد سواء.

إنْ كانت عنوسة الرجل غالبًا مرتبطةً بوضع مادي يزول متى تحسنت الأحوالُ أو تنازل عن بعض شروطه ومتطلَّباته، فإن عنوسة الفتاة مسألة أكثر صعوبة في مجتمعاتنا التي تحكمها عاداتٌ وتقاليدُ لا تتقبل الوضع المعاكس؛ بأن تبادر الفتاةُ بالتقدم لشاب، وحتى إن البعض لا يرضى بمجرد التلميح بذلك، ويعتبره عيبًا وانتقاصًا من كرامة المرأة، مع أن شريعتنا الإسلامية لا تعارض ذلك.

أحدُ الأسباب الأخرى المهمة التي تؤدي لارتفاع نسبة العنوسة بين الفتيات في مجتمعاتنا العربية هو رفضُ أولياء الأمور للخاطب مع علمهم بصلاح دينه وخُلقه؛ لكونه من فئة اجتماعية يرونها دونهم في المرتبة الاجتماعية أو النسَب، على الرغم من أن الرفض يأتي في أحيان كثيرة ضد رغبة الفتاة، التي لا تملك - غالبًا - سوى الإذعان لوليِّ أمرها، كارهةً كانت أم راضية.

يدرك المُطَّلع على طبيعة الأمور أن إحداث تغييرٍ جوهريٍّ ضمن هذا الواقع أمرٌ في غاية الصعوبة، ويحتاج لوقت طويل؛ فإن كانت بعض المجتمعات تتساهل نسبيًّا في هذه المسألة، إلا أن مجتمعاتٍ أخرى ما زالت تتشدَّد كثيرًا، وترى في مسألة الفوارق الاجتماعية خطأً لا يمكن عبورُه، خصوصًا في مسألة الزواج؛ فدعوة أولياء الأمور لتجاوز هذا الحاجز الذي فرضَتْه عليهم عادات وتقاليد اجتماعية، فحاصروا بها أنفسَهم بإرادتهم - تظل دعوة مفتوحة ومجدية، وقد تجد لها صدًى عند البعض إن ذكِّر بأنه بعدم إذعانه لرغبته الملحة بالرفض، وموافقتِه على الخاطب الصالح الذي يرضى دينه وخلقه، وإن كانت هناك بعضُ الفوارق - يُحقِّق أهدافًا ثلاثة؛ ليتمعن فيها كل أب جيدًا قبل اتخاذ قرارٍ مصيريٍّ يخصُّ ابنته:
1- يُرضي الله ورسوله، ويقدِّم رضاهما على كل اعتبار آخر.

2- يُرضي ابنته ويسعدها، ويُريحُ ضميرَه تجاهها إن كانت راغبة في زواجٍ كهذا، بأن أمن لها في حياته شريكَ العمر الصالح بإذن الله.

3- يُسهم في حل مُعضِلة اجتماعية كبيرة غير خافية، ويُخلِّص أسرته من جو التوتر والنكد الذي يسببه وجودُ فتاة عانس أو أكثر في البيت.

فهل تُضَحي أيها الأب بكل ذلك لتُرضي كبرياءك بعدم الارتباط بمن حكمْتَ عليه بأنه دونك مكانةً اجتماعيةً، ضاربًا بعرض الحائط مصلحة ابنتك ومستقبلها؟! وربما كنتَ أحيانًا تقومُ بذلك ليس بقناعتك بقدر ما هو لإرضاء مَن حولك من جماعتك، وخَشيةً من كلامهم، وامتثالًا لرغباتهم، وقَدَّمتَ ذلك على مستقبل ابنتك، فهل هذا سلوكٌ حكيم؟

لِتضعْ في حساباتك أن من قد تكون اجتهدتَ لإرضائهم ربما لا يفعلون مثلَك بالضرورة لو كان الأمر يخص بناتهم، فليس كل ما يُظهره البشر هو حقيقة ما بداخلهم، والله وحده العالمُ بالسرائر.


وقد يكون قرارُك بالرفض جائرًا بحق ابنتك فلذة كبدك؛ فالفرصة القادمة - التي هي مناسبة من وجهة نظرك - قد يطول انتظارُها، وقد لا تأتي أبدًا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.76 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.61%)]