عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 22-04-2021, 03:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,529
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (12)
الشيخ جمال عبدالرحمن






81- العاقلة ورحمة أولادها والإحسان إليهم:

عن أنس بن مالك قال: جاءت امرأة إلى عائشة - رضي الله عنها - ومعها صبيان لها فأعطتها ثلاث تمرات فأعطت - المرأة - كل صبي لها تمرة، وأمسكت لنفسها تمرة، فأكل الصبيان التمرتين ونظرا إلى أمهما، فعمدت الأم إلى التمرة فشقتها فأعطت كل صبي نصف تمرة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة، فقالوما يعجبك من ذلك؟ لقد رحمها الله برحمتها صبييها)[1]. وفي رواية عن عائشة قالت: دخلت علي امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال: "من ابتلي [اختبر] من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار" [متفق عليه] وفي رواية مسلم: "إن الله قد أوجب لها بهما الجنة أو أعتقها بهما من النار".



82- العاقلة ورعاية الأبناء بعد أبيهم:

كانت أم سليم - رضي الله عنها - تقول: "لا أتزوج حتى يبلغ أنس ويجلس في المجالس". يعني يصير شاباً يافعاً يواجه الرجال، وهذا من عناية تلك الأم بولدها بعد فقد زوجها، فالمرأة راعية ومسئولة عن رعيتها، قال أنس رضي الله عنه: جزى الله أمي عني خيراً فقد أحسنت ولايتي (تربيته وهي ولية أمره)، ثم خطبها أبو طلحة وقال لها: "فقد جلس أنس في المجالس وتكلم"، فتزوجها[2]، حتى إنها جعلت أنساً وليها في الزواج فقالت له: يا أنس قم فزوج أبا طلحة. رحم الله أم سليم.



83- العاقلة ونصح ولدها وحثه على ترك المعصية:

قال عبدالله بن المبارك: قالت عائشة: يا بَنِي، لا تطلبوا ما عند الله؛ من عند غير الله مما يسخط الله[3].



وقال أبو القاسم عبدالرحمن بن يمن بن عطية التاهرتي: كانت والدتي تحفظ القرآن، وكتاب الجمل في النحو للزجاجي، وكتبت المدونة بخطها، وتقول لي: يا بني، لا تحتقر من الخير ولا من الشر شيئاً، فقد قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾، فانتفعت بكلامها ووصيتها[4].



وعن أبي إسحاق عن الأسود قال: قلت لعائشة: إن رجلاً من الطلقاء يبايع له - يعني معاوية - قالت: يا بني، لا تعجب، هو ملك الله يؤتيه من يشاء[5].



وعن أصبغ بن زيد الواسطي قال: كان لسعيد بن جبير ديك، كان يقوم من الليل بصياحه، قال: فلم يصح ليلة، فشق عليه، فقال: ما له قطع الله صوته، قال: فما سمع بعدها، فقالت أمه: يا بني، لا تدعو على شيء بعدها[6].



فالمرأة العاقلة تنصح بنيها وتعلمهم، وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر.



84- العاقلة وتربية ولدها وتدبير مستقبله:

عن حسن بن دحمان الأشقر قال: كنت بالمدينة، فخلا لي الطريق وسط النهار، فجعلت أتغنى:



ما بال أهلكِ يا رباب

خُزْراً كأنهمُ غضاب؟








قال: فإذا خوخة "نافذة" قد فتحت، وإذا وجه قد بدا تتبعه لحية حمراء، فقال: يا فاسق، أسأت التأدية، ومنعت القائلة، وأذعت الفاحشة، ثم اندفع يغنيه، فظننت أن طويساً قد نشر بعينه، فقلت له: أصلحك الله، من أين لك هذا الغناء؟ فقال: نشأت وأنا غلام حدث أتبع المغنين، وآخذ عنهم، فقالت لي أمي: يا بني، إن المغني إذا كان قبيح الوجه لم يلتفت إلى غنائه، فدع الغناء واطلب الفقه، فإنه لا يضر معه قبح الوجه، فتركت المغنين واتبعت الفقهاء، فبلغ الله بي عز وجل ما ترى، فقلت له: فأعد جعلت فداءك، قال: لا، ولا كرامة، أتريد أن تقول أخذته عن مالك بن أنس وإذا هو مالك بن أنس[7]. فترك الغناء وطلب الفقه رحمه الله، عملاً بنصيحة أمه، فناله أعظم ما يكون.



وأخرج البخاري رحمه الله عن أنس رضي الله عنه أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة - وكان حارثة قتل يوم بدر - أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ألا تحدثني عن حارثة، فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، فقال: "يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى". إن أم حارثة ربته وتعبت في تربيته وتريد أن تطمئن عليه، هل بعد تعبها يدخل النار؟ فما فائدة التربية! لكن الرسول صلى الله عليه وسلم بشرها بأن تعبها جاء بثمرته وفائدته، ونجح ابنها النجاح الأعلى وحصل على الدرجات العليا (الفردوس الأعلى).



فهل يا أختاه تتعبين في تربية أبنائك؟ وهل حسبت الحساب بالضبط وأن تعبك في تربيتهم هو طريق الجنة؟ إن المرأة الحنونة على أبنائها هي التي تشفق عليهم من عذاب الله، وليست التي تشفق أن توقظهم من النوم للصلاة.



وهذه الخنساء بنت عمرو السلمية رضي الله عنها، حضرت حرب القادسية ضد الفرس ومعها بنوها الأربعة، تعظهم وتحرضهم على القتال وعدم الفرار وتقول لهم: "إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين، وإنكم لابن - أي أبناء - أب واحد وأم واحدة، ما حَبَت آباؤكم (ما عجزت)، ولا فضحت أخوالكم، فلما أصبحوا باشروا القتال واحداً بعد واحد حتى قتلوا جميعاً، فبلغها الخبر فقالت: (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته"[8].



سبحان الله!! ما هؤلاء النسوة اللاتي شرفهن التاريخ والدنيا، وخلد ذكرهن في الصالحات، وأفضل المربيات؟! أربعة أبناء تقدمهم الخنساء وقوداً للحرب، لكن في سبيل الله، ولما علمت باستشهادهم عرفت أن ذلك شرفاً وذخراً عند الله فتمنت لقاءهم عنده جل وعلا، كانت منذ قليل تنوح على موت أخيها صخر وتشق الجيب وتقص الشَعر؛ لأنها لم تكن أسلمت بعد، وها هي الآن تفتخر وتتشرف بفقد أربعة هم فلذات كبدها. فما الذي غيرها؟ إنه الإسلام.



أختنا المسلمة: كم أضاع أولادك من الوقت مع الكرة ومع الغناء والمسارح والسينما والتلفزيون، والمجلات الهابطة والأفلام الخليعة؟!




هل علمت أحداً منهم القرآن؟ هل نال منك إعداداً ليكون فارساً في سبيل الله إذا اقتضى الأمر؟ الله المستعان.



85- العاقلة وعزة النفس تلقنها لابنها:

هذه أعرابية وأم عربية، عزيزة النفس توصي ابنها بأن يكون عزيز النفس محافظاً على كرامته، تقول: "يا بني، إن سؤالك الناس ما في أيديهم من أشد الافتقار إليهم، ومن افتقرت إليه هنت عليه، ولا تزال تُحفظ وتُكرم، حتى تسأل وترغب، فإذا ألحت عليك الحاجة، ولزمك سوء الحال، فاجعل سؤالك إلى من إليه حاجة السائل والمسئول [الله جل وعلا] فإنه يعطي السائل" [9].



إنها ترده إلى خالقه الذي يفرح بسؤال العبد، وترده عن المخلوقين الذي يضيقون بسؤال الناس لهم.





[1] أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) (1/45)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (ح4373) وقال: (صحيح).




[2] (الإصابة) لابن حجر (4/461).




[3] البيان والتبيين لأبي عثمان عمرو بن بحر، المولد سنة 159هـ. (1/517).




[4] معجم السفر (1/172) لأبي طاهر أحمد بن محمد السلفي المولود سنة 576.




[5] مصنف ابن أبي شيبة (6/186).




[6] كرامات الأولياء لهبة الله اللالكائي المتوفى سنة 418 (1/196)..




[7] الأغاني للأصفهاني (4/221).




[8] (الإصابة) لابن حجر (4/288)، والتعبير بلفظ: (مستقر رحمته) خطأ، والصواب: (في جنته)؛ لأن مستقر الرحمة هو الذات، انظر بالتفصيل، صحيح الأدب المفرد للألباني رحمه الله (1/768).




[9] (العقد الفريد) لابن عبد ربه (2/85).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.05 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.33%)]