عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 14-02-2022, 10:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,045
الدولة : Egypt
افتراضي رد: آبـاء وأبــناء في القــــــرآن الكـــريـــم

آباء وأبناء في القرآن الكريم لقمـان عليـه السـلام


الشيخ سعيد بن عماش السعيدي


قال تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة} (لقمان: 12).


ذكر أهل التفسير أن اسمه لقمان بن باعوراء بن ناحور بن تارح، وقيل غير ذلك في اسم والده.

قال سعيد بن المسيب: كان لقمان أسود من سودان مصر ذا مشافر، أعطاه الله تعالى الحكمة ومنعه النبوة، وقال القرطبي: وعلى هذا جمهور أهل التأويل إنه كان وليا ولم يكن نبياً، وقال بنبوته عكرمة والشعبي، وعلى هذا تكون الحكمة: النبوة، ورجحه القرطبي، قال: والصواب أنه كان رجلاً حكيماً بحكمة الله تعالى، وهي الصواب في المعتقدات والفقه في الدين والعقل.

وروي من حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله [ يقول: «لم يكن لقمان نبياً ولكن كان عبداً كثير التفكر حسن اليقين، أحب الله تعالى فأحبه، فمنّ عليه بالحكمة».

قوله تعالى: {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه} (لقمان: 13).

ذكر أهل التفسير أن اسم ابنه ثاران وأنه كان كافراً، فما زال يعظه حتى أسلم، قال القرطبي وغيره: دل على هذا قوله: {لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} (لقمان: 13)، وفي (صحيح مسلم) وغيره عن عبدالله بن مسعود قال: لما نزلت: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} (الأنعام: 82)، شق ذلك على أصحاب رسول الله [ وقالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله [ «ليس هو كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه: {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} (لقمان: 13).

واختلف في قوله: {إن الشرك لظلم عظيم} فقيل: إنه من كلام لقمان، وقيل: هو خبر من الله تعالى منقطع عن كلام لقمان، متصل به في تأكيد المعنى. قال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه} (لقمان: 14).

قال أهل التفسير: هاتان الآيتان اعتراض بين أثناء وصية لقمان، وقيل: إن هذا مما أوصى به لقمان ابنه وأخبر الله به عنه، قال لقمان لابنه: لا تشرك بالله ولا تطع في الشرك والديك؛ فإن الله وصى بهما في طاعتهما فيما لا يكون شركاً ومعصية لله تعالى. وقيل: أي فقلنا للقمان فيما آتيناه من الحكمة: ووصينا الإنسان بوالديه.

وقيل: وإذ قال لقمان لابنه لا تشرك ونحن وصينا الإنسان بوالديه حسناً وأمرنا الناس بهذا وأمر لقمان به ابنه. والصحيح أن هاتين الآيتين نزلتا في شأن سعد بن أبي وقاص. وعليه جماعة من المفسرين.

{حملته أمه وهناً على وهن} (لقمان: 14).

قال أهل التفسير: لما خص تعالى الأم بدرجة ذكر الحمل وبدرجة ذكر الرضاع حصل لها بذلك ثلاث مرات، وللأب واحدة. وأشبه ذلك قول الرسول [ حين قال له رجل: من أبر؟ قال: «أمك»، قال ثم من؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: أبوك».

قوله تعالى: {وهنا على وهن} (لقمان: 14)، أي حملته في بطنها وهي تزداد كل يوم ضعفا على ضعف.

قوله تعالى: {وفصاله في عامين} (لقمان: 14)، ذكر العلماء أن الناس مجمعون على العامين في مدة الرضاع في باب الأحكام والنفقات.

قوله تعالى: {أن اشكر لي} (لقمان: 14)، المعنى: ووصينا الإنسان بوالديه أن اشكر لي، وقيل: قلنا له أن اشكر لي ولوالديك، قيل: الشكر لله على نعمة الإيمان، وللوالدين على نعمة التربية.

قوله تعالى: {وصاحبهما في الدنيا معروفاً} (لقمان: 15)، فيه دليل على صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين، والرفق بهما في الدعوة لعل الله يهديهما فتقر عين الولد بذلك.

قال تعالى: {واتبع سبيل من أناب إلىّ} (لقمان: 15)، وصية لجميع العالمين كأن المأمور الإنسان، وأناب، معناه: مال ورجع إلى الشيء، وهذا سبيل الأنبياء والصالحين، وحكي أن المأمور سعد بن أبي وقاص لوجود القصة السابقة.

قال تعالى: {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل} (لقمان: 16).

المعنى: وقال لقمان لابنه: يا بني، وهذا القول من لقمان إنما قصد به إعلام ابنه بقدر قدرة الله تعالى، وهذه الغاية التي أمكنه أن يفهمه؛ لأن الخردلة يقال إن الحس لا يدرك لها ثقلاً إذ لا ترجح ميزانا، قال القرطبي: وقد نطقت هذه الآيه بأن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً سبحانه وتعالى.

وروي أن ابن لقمان قال لأبيه: يا أبت إن عملت الخطيئة حيث لا يراني أحد كيف يعلمها الله؟ فقال لقمان له: { يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل} (لقمان: 16).

فما زال ابنه يضطرب حتى مات، قاله مقاتل.

قوله تعالى: {فتكن في صخرة} (لقمان: 16)، قيل: معنى الكلام المبالغة والانتهاء في التفهيم أي أن قدرة الله تعالى تنال ما يكون في السماء والأرض.

قال تعالى: {يا بني أقم الصلاة وأمُر بالمعروف} (لقمان: 17).

قال تعالى: {يا بني أقم الصلاة...} (لقمان: 17)، وصى ابنه بأعظم الطاعات وهي الصلاة بعد التوحيد وأن يأمر بالمعروف ويزجر عن المنكر، فجمع بين الطاعات والفضائل كلها.

قوله تعالى: {واصبر على ما أصابك} (لقمان: 17)، يقتضي حضا على تغيير المنكر وإن نالك ضرر، فهو إشعار بأن المغير يؤذى أحيانا، وقيل أمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض وغيرها وألا يخرج من الجزع إلى معصية الله عز وجل.

قوله تعالى: {إن ذلك من عزم الأمور} (لقمان: 17)، قال ابن عباس: من حقيقة الإيمان الصبر على المكاره، وقيل: المنكر من عزم الأمور، أي مما عزمه الله وأمر به.

وقيل: إن ذلك من مكارم الأخلاق وعزائم أهل الحزم السالكين طريق النجاة.

قوله تعالى: {ولا تصعر خدك للناس} (لقمان: 18).

قال أهل التفسير: {ولا تصعر} أي لا تعرض عنهم تكبرا عليهم، يقال: أصاب البصير صعر وصيَد، إذا أصابه داء يلوي منه عنقه، ثم يقال للمتكبر: فيه صعر وصيد، فمعنى {لا تصعر} أي لا تلزم خدك الصعر، فمعنى الآية: ولا تمل خدك عن الناس كبرا عليهم وإعجابا بنفسك واحتقارا لهم). وهذا تأويل ابن عباس وجماعة.

قال تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحا} (لقمان: 18)، أي متبخترا متكبرا، وهو النشاط والمشي فرحا في غير شغل وفي غير حاجة. وأهل هذا الخُلُق ملازمون للفخر والخيلاء.

قوله تعالى: {واقصد في مشيك واغضض} (لقمان: 19).

قوله تعالى: {واقصد في مشيك} (لقمان: 19)، لما نهاه عن الخلق الذميم رسم له الخلق الكريم الذي ينبغي أن يستعمله. فقال تعالى: {واقصد في مشيك} (لقمان: 19)، أي توسط فيه والقصد ما بين الإسراع والبطء، أي لا تدب دبيب المتماوتين، ولا تثب وثب الشطار، وقد روي عن رسول الله [: «سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن».

وقال تعالى: {واغضض من صوتك} (لقمان: 19)، أي انقص منه، أي لا تتكلف رفع الصوت وخذ منه ما تحتاج إليه؛ فإن الجهر بأكثر من الحاجة تكلف يؤذي، والمراد بذلك كله التواضع.

قوله تعالى: {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} (لقمان: 19)، أي أقبحها وأوحشها، والحمار مثل في الذم البليغ والشتيمة وكذلك نهاقه، وفي الآية الكريمة دليل على تعريف قبيح رفع الصوت في المخاطبة وجاء في الصحيح عن النبي [: «وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان» وفي الآية أدب من الله تعالى بترك الصياح في وجوه الناس تهاونا بهم.

- مواقف تربوية من قصة لقمان عليه السلام:

1 - الله يهب لمن يشاء الحكمة البالغة «لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر حسن الظن، أحب الله تعالى فأحبه، فمنَّ عليه بالحكمة» رواه عبدالله ابن عمر.

2 - تقديم الموعظة للأقرب فالأقرب.

3 - توجيهات الوالد والمربي تتنوع، فمنها الموعظة ومنها الهجر ومنها أحيانا الضرب.

4 - التلطف والتودد في عرض الموعظة مطلب مهم له دوره في الإصلاح لأنه يحرك المشاعر والعواطف {يا بني لا تشرك بالله} (لقمان: 13).

5 - الشرك بالله خطر عظيم يخرج من الملة قال تعالى: {لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} (لقمان: 13)، {إن الله لا يغفر أن يشرك به} (النساء: 48)، {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء} (الحج: 31).

6 - رب العزة تعالى يوصي بالوالدين لما لهما من الفضل: {ووصينا الإنسان بوالديه} (لقمان: 14)، ويجعلهما بعد شكره.

7 - معاناة الوالدة (حملا - وإرضاعا - ورعاية) تستحق الشكر والعرفان.

8 - وجوب مصاحبة الوالدين بالمودة حتى إن كانا على غير الإسلام من الرعاية والنصح لهما.

9 - الحث على أن يسلك المرء طريق الصالحين وأن له العاقبة إن فعل ذلك {واتبع سبيل من أناب إليَّ} (لقمان: 15).

10 - المثال يقرب المعنى فلقمان يصور لابنه دقة علم الله تعالى، لعل ذلك يكون داعيا إلى المراقبة {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل} (لقمان: 16).

11 - لقمان يأمر ابنه بتلطف بإقامة الصلاة {يا بني أقم الصلاة} (لقمان: 17).

12 - لقمان يأمر ابنه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {وأمر بالمعروف وانْهَ عن المنكر}.

13 - من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قد يصاب بأذى فواجب عليه الاستعداد والتحمل.

14 - عدم التكبر من سمات الصالحين {ولا تصعر خدك للناس} (لقمان: 18).

15 - البطر والخيلاء من صفات قليل الإيمان.


16 - لقمان الحكيم يرشد إلى أن الله تعالى يمقت المختال الفخور بغير حق.

17 - السكينة في المشي وخفض الصوت من هدي الصالحين.

18 - لقمان يحذر ابنه من الأصوات المرتفعة القبيحة.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.11 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]