عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-12-2021, 10:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي رد: براءة دعوة الإمام محمد ابن عبد الوهاب من الإرهاب والتطرف

براءة دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب من الإرهاب والتطرف - الحلقة الأخيرة


مجلة الفرقان





استكمالاً لما بدأنا الحديث فيه عن الدفاع عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وبراءتها من التطرف والإرهاب، وبيان أهمية هذه الدعوة الإصلاحية التي عم خيرها أرجاء العالم الإسلامي، وحاول أعداؤها بين فينة وأخرى تشويها وصد الناس عن حقيقتها، وكذلك محاولة بعض المغرضين ومن يريد الاصطياد في الماء العكر نسبة بعض الأعمال الإرهابية لتلك لدعوة الإصلاحية في الجزيرة العربية، وكنا في الحلقة السابقة قد بدأنا الحديث عن الوسطية في عقيدة الشيخ ودعوته، وتناولنا وسطية الشيخ في باب الأسماء والأحكام وبراءة الشيخ وأتباعه من التكفير، ووسطيته في باب الولاء والبراء، واليوم نتناول موقف الشيخ من الجماعة والإمامة وموقفه في باب الجهاد.

موقف الشيخ من الجماعة والإمامة

مما جاءت به دعوة الشيخ تأكيده ولزومه جماعة المسلمين، والسمع والطاعة لأئمة المسلمين، يقول الشيخ محمد -رحمه الله- وتوضيح هذا في رسالته لأهل القصيم: «وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجب طاعته، وحرم الخروج عليه». ويقول الشيخ أيضا: «الأصل الثالث: أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا، ولو كان عبدا حبشيا، فبين الله لنا هذا بيانا كافيا، ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند كثير من يدعي العلم فكيف العمل به».

نصوص السمع والطاعة

ويقرر الشيخ: إن نصوص السمع والطاعة تتنزل على أئمة المسلمين مع تعدد أقطارهم فيقول: «الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا؛ لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا، ما اجتمعوا على إمام واحد ولا يعرفون أحدا من العلماء ذكر أن شيئا من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم».

فرية عظيمة

ولهذا لما أظهر الدعوة الإصلاحية رماه المناوئون له بأنه خرج عن الدولة العثمانية، وهذه فرية عظيمة، فإقليم نجد لم يكن تابعا لتلك الدولة في أي حقبة تاريخية، يقول الشيخ صالح العبود في بيان تلك الحقيقة التاريخية: «لم تشهد أحد على العموم نفوذا للدولة العثمانية، فما امتد إليها سلطانها، ولا أتى إليها ولاة عثمانيون، ولا جابت خلال ديارها حامية تركية في الزمان، الذي سبق ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، ومما يدل على هذه الحقيقة التاريخية استقراء تقسيمات الدولة العثمانية الإدارية، فمن خلال رسالة تركية عنوانها «قوانين آل عثمان در مضامين دفتر ديوان» يعني قوانين آل عثمان فيما يتضمنه دفتر الديوان، ألفها يمين علي أفندي الذي كان أمينا للدفتر الخاقاني سنة 1018هـ الموافقة لسنة 1609م، ونشرها ساطع الحصري ملحقا من ملاحق كتابه «البلاد العربية والدولة العثمانية» من خلال هذه الرسالة يتبين أنه منذ أوائل القرن الحادي عشر الهجري، كانت دولة آل عثمان تنقسم إلى اثنين وثلاثون ايالة، منها أربع عشر ايالة عربية، وبلاد نجد ليست منها..».

حقيقة تاريخية

ويؤكد هذه الحقيقة التاريخية حسين خزعل في بيان حال نجد زمن العصر العثماني فيقول: ولما حلت سنة 923هـ، وظهرت الدولة العثمانية على المسرح السياسي في جزيرة العرب، وإن كانت الجزيرة العربية لم تشتمل بالحكم العثماني المركزي المباشر، بل اكتفت الدولة العثمانية بالسلطة الاسمية عليها، كان كل قطر من أقطار الجزيرة العربية مستقلا بذاته، ولا سيما نجد، فقد كانت العصبيات فيها قائمة على قدم وساق، لكل عشيرة دولة، ولكل حاكم من أولئك الحكام حوزته الخاصة يحكمها حكما مطلقا».

جمع الكلمة والسمع والطاعة لولاة الأمر

فمن الكلام المتقدم يعلم بطلان فرية أن الشيخ -رحمه الله- خرج على الدولة العثمانية، بل دعوته جاءت بجمع الكلمة والسمع والطاعة لولاة الأمر، وعلى هذا المنهج السلفي سار تلامذة الشيخ وأحفاده في لزوم الجماعة والإمامة، يقول الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ والشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ في رسالتهم لأهل الجنوب: «وقد من الله علينا وعليكم بمعرفة هذا الدين والإقبال عليه، وأخرجكم من الظلمات إلى النور، بعد أن كنتم في جاهلية جهلاء وضلالة عمياء، وجمعكم على إمام يدعوكم إلى دين الله ودين رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه من أكبر النعم، لأنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بالسمع والطاعة، فاعرفوا حقوق الإمامة والزموها؛ لأن من خرج عن الجماعة قيد شبر فمات فميتته جاهلية..»، فكيف بعد هذه النصوص الصريحة من كلام الشيخ -رحمه الله- وتلامذته تنسب دعوى التطرف والعنف لهذه الدعوة، وهي من قيامها إلى يومنا هذا قامت على لزوم الجماعة والسمع والطاعة لولاة الأمر في العسر واليسر والمنشط والمكره.

موقف الشيخ في باب الجهاد

لم يخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله- عن منهج أهل السنة في باب الجهاد ويوضح الشيخ محمد -رحمه الله- عقيدته في باب الجهاد فيقول: «وأرى الجهاد ماضيا مع كل إمام برا كان أو فاجرا، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماض منذ بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل..».

الجهاد مرجعه إلى إمام المسلمين

وعلى نهج الشيخ -رحمه الله- سار تلامذته في التأكيد على أن الجهاد مرجعه إلى إمام المسلمين لا لآحاد الرعية، وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسنة الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم-، وما جرى عليه عمل الصحابة -رضي الله عنهم-، فإننا لا نعلم أن أحدا منهم خرج مجاهدا بغير إذن الإمام، إنما كانوا يجاهدون ويخرجون للجهاد تحت راية الإمام.

الاستخفاف بولاية المسلمين

يقول الشيخ سعد بن حمد بن عتيق «ت 1349هـ» في رسالة كتبها لبعض المتطرفين في عصره: «وما انتحله بعض هؤلاء الجهلة المغرورين الاستخفاف بولاية المسلمين والتساهل بمخالفة إمام المسلمين، والخروج عن طاعته، والافتيات عليه بالغزو وغيره، وهذا من الجهل والسعي في الأرض بالفساد بمكان، يعرف ذلك كل ذي عقل وإيمان، وقد علم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة، وإن الخروج عن طاعة ولي أمر المسلمين من أعظم أسباب الفساد في البلاد والعباد والعدول عن سبيل الهدى والرشاد، ثم قال: ومن ذلك ما وقع من غلاة هؤلاء من اتهام أهل العلم والدين، ونسبتهم إلى التقصير وترك القيام بما وجب عليهم من أمر الله -سبحانه وتعالى-، وكتمان ما يعلمون من الحق، ولم يدر هؤلاء أن اغتياب أهل العلم والدين والتفكه بأعراض المؤمنين سم قاتل وداء دفين وإثم واضح مبين، قال الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (الأحزاب:58).

من كيد الشيطان

وقال الشيخ عمر بن محمد بن سليم «ت: 1362هـ» في رسالة كتبها: «ومن كيد الشيطان إساءة الظن بولي الأمر وعدم الطاعة له، وهو من دين أهل الجاهلية الذين لا يرون السمع والطاعة دينا، بل كل منهم يستبد برأيه وهواه، وقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب السمع والطاعة لولي الأمر في العسر واليسر والمنشط والمكره، حتى قال «اسمع وأطع وإن أخذ مالك وضرب ظهرك» فتحرم معصية ولي الأمر، والاعتراض عليه في ولايته وفي معاملته وفي معاقدته ومعاهدته ومصالحته الكفار، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - حارب وسالم وصالح قريشا صلح الحديبية، وهادن اليهود وعاملهم على خيبر، وصالح نصاري نجران، وكذلك الخلفاء الراشدون من بعده، ولا يجوز الاعتراض على ولي الأمر في شيء من ذلك؛ لأنه نائب المسلمين والناظر في مصالحهم، ولا يجوز الافتيات عليه بالغزو وغيره وعقد الذمة والمعاهدة إلا بإذنه، فإنه لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة، فإن الخروج عن طاعة ولي الأمر من أعظم أسباب الفساد في البلاد والعباد».

لا يجوز غزو الجيش إلا بإذن الإمام

ويؤكد الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- هذا الأصل فيقول:«لا يجوز غزو الجيش إلا بإذن الإمام مهما كان الأمر؛ لأن المخاطب بالغزو والجهاد هم ولاة الأمور، وليس أفراد الناس، فأفراد الناس تبع لأهل الحل والعقد، فلا يجوز لأحد أن يغزو دون إذن الإمام إلا على سبيل الدفاع، وإذا فاجأهم عدو يخافون كلبه فحينئذ لهم أن يدافعوا عن أنفسهم لتعين القتال إذا، وإنما لم يجز ذلك؛ لأن الأمر منوط بالإمام، فالغزو بلا إذنه اقتيات وتعد على حدوده»









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.62 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.82%)]