عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-06-2021, 02:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القصة وأثرها على الطلاقة اللغوية عند أطفال ما قبل المرحلة الابتدائية

القصة وأثرها على الطلاقة اللغوية عند أطفال ما قبل المرحلة الابتدائية
دعاء بنت نافذ البشيتي





الإطار النظري:
نشأة قصص الأطفال وتطورها:
أ- نشأة قصص الأطفال:
تعتبر قصص الأطفال من أهم المصادر الثقافية، وذلك لما تتمتع به من قدرة على جذب انتباه القارئ الصغير، كما تمثل الجزء الأكبر من المادة الثقافية التي تقدم للطفل.

فقصص الأطفال لا تختلف في كثير من الخصائص والسمات عن قصص الكبار، ولكن نظراً لاختلاف خصائص الأطفال عن الكبار أصبحت قصص الأطفال لها قواعدها ومنهجها الخاص بها، لتتوافق مع نمو القاموس اللغوي عند الطفل، وتتلاءم مع المرحلة العمرية التي يمر بها.

وعلى الرغم من أهمية قصص الأطفال وتأثيرها، فإن الاهتمام كان منصباً على قصص الكبار، ولم يحظى الأطفال بعناية ظاهرة إلى العصر الحديث، حيث ازداد إيمان التربويين في مختلف البقاع بأهمية القصة للصغار، لما تحمله من أفكار وخيال وأسلوب ولغة. أحمد (1429: ص 122)، فالأمم السابقة لم تهتم بتسجيل أدب أطفالها.

إذاً، يمكننا القول إن قصص الأطفال وأدبهم كان موجوداً منذ العصور القديمة، ولكنها بدأت بالظهور في العصور الحديثة نظراً لاهتمام التربويين بالطفولة وإيمانهم بأهمية هذه المرحلة وإلمامهم بحاجات الأطفال وتطلعاتهم ولتتناسب مع النمو اللغوي والعقلي.

ب- تطور قصص الأطفال:
إن العناية بأدب الأطفال وقصصهم وثقافتهم يعد مؤشراً لتقدم الدول ورقيها وعاملاً في بناء مستقبلها، والقصة تأتي في المقام الأول من أدب الأطفال، لذلك وبعد أن أدركت المجتمعات أهمية القصة للطفل ودورها في الجوانب المختلفة للنمو، بدؤوا بالاهتمام بها وعكفوا على تطويرها لتتناسب مع المراحل العمرية التي يمر بها الطفل.

فبعد أن كانت القصة مجرد حكاية تلقيها الأمهات أو الجدات على أطفالهم وكان معظمها قصص خيالية، تطورت إلى مرحلة أخرى وهي مرحلة الكتابة، فبدؤوا بالكتابة على أوراق البردي.

وهذا العمل هو أول تسجيل في تاريخ البشرية لأدب الأطفال وقصصهم ولحياة الطفولة ومراحل نموها، ويرجع تاريخه إلى ثلاثة ألاف سنة قبل الميلاد مكتوباً على أوراق البردي ومصوراً على جدران المعابد والمقابر. الظهار (1424: ص 147).

ولم يقف أدب الأطفال وقصصهم عند هذا الحد، بل تعداه إلى الأدب المصور، حيث بدأت تظهر القصص التي تحتوي على الصور ليستطيع الطفل ربط الكلام المقروء بالصورة التي يراها.

وأول قصة مصورة وجدت مكتوبة للأطفال كانت في التراث العربي القديم. الظهار(1424: ص 148).

وعلى الرغم من هذا، يمكن القول بأن جميع الأمم قد عرفت أدب الأطفال لكن عن طريق الأدب الشفوي وعن طريق تبسيط رواية الكبار وجعلها تناسب سن الأطفال.

ورغم كل هذه الجهود، إلا أن تلك القصص لم تهتم بخصائص الأطفال وسماتهم ولم تبنى على أسس الطفولة وتطلعاتها، فكانت مجرد حكايات للتسلية والترفيه معظمها من نسج الخيال ولم تراعي الناحية التربوية.

والقول الذي لا يتطرق إليه شك، بأن أول أمة اهتمت بالطفل واحتياجاته وأدبه على أسس قوية وسليمة، هي الأمة الإسلامية متمثلة في التربية والتنشئة السليمة، التي هي أساس مصدر أدب الطفل.

مفهوم القصة وأنواعها:
أ - مفهوم القصة:
القصة لغة مأخوذة من "قص الأثر" وقد ورد هذا المعنى في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ فارتدا على آثارهما قصصا ﴾ [الكهف:64]. إسماعيل (1429: ص 117).

القصة هي: "مجموعة من الأحداث يرويها الكاتب، وهي تتناول حادثة واحدة أو حوادث عدة، تتعلق بشخصيات إنسانية مختلفة، تتباين أساليب عيشها وتصرفها في الحياة، على غرار ما تتباين حياة الناس على وجه الأرض، ويكون نصيبها في القصة متفاوتاً من حيث التأثر والتأثير". الظهار (1422: ص 139).

والقصة هي: " فن أدبي إنساني تتخذ من النثر أسلوباً لها تدور حول أحداث معينة يقوم بها أشخاص في زمان ما ومكان ما، في بناءٍ فني متكامل تهدف إلى بناء الشخصية المتكاملة ". الشيخ (1417: ص 112).

التعريف الإجرائي للقصة في نظر الباحثات: هي كل ما يكتب ويقال للأطفال لتسليتهم وتوجيههم وتنمية قدراتهم المختلفة وشغل أوقات فراغهم بما هو مفيد وممتع بالنسبة لهم.

ب- أنواع القصة:
تتعدد أنواع القصص التي تقدم للطفل إلى درجة يصعب حصرها، وسبب هذا التعدد هو الاختلاف التي يقوم التصنيف على أساسه.

في هذه الدراسة قامت الباحثات بتصنيف القصة بناءً على مضمونها:
1- القصص الدينية:
هي أهم أنواع قصص الأطفال وأكثرها انتشاراً وتأثيراً في وجدان الطفل، وإذا أحسن كتابتها فمن الممكن أن تسهم في التنشئة الدينية للطفل وإكسابه المفاهيم الدينية الصحيحة، وهي تتناول موضوعات دينية، كالعبادات والعقائد وسير الأنبياء وقصص القرآن الكريم، والأمم السابقة، وحياة الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه، والبطولات والأخلاق وما أعده الله لعباده من ثوابٍ وعقاب.

فهي تعطيهم المثل الأعلى والقدوة الصالحة التي يقتدون بها، وترسخ في نفوسهم العقيدة والوحدانية لله تبارك وتعالى.

2- القصص العلمية:
هي القصص التي تدور أحداثها حول حدثٍ علمي أو تتناول اختراعاً من المخترعات العلمية وتسمى أيضاً بقصص الخيال العلمي وهي قصص رائعة تجمع بين الخيال والأدب والعلم في إطارٍ قصصي مشوق وجذاب.

ويلاحظ أن هذه القصص تنتشر بشكلٍ واسع في البلدان الصناعية المتقدمة.

وتأتي أهمية هذه القصص للأطفال لأنها تنمي خيالاتهم وقدراتهم العقلية، فإثارة الخيال وتنميته يؤدي إلى تنمية التفكير لدى الأطفال.

3- القصص الخيالية:
حكاية تقوم على افتراض شخصيات وأعمال خارقة لا وجود لها في الواقع، والقصص الخيالية غالباً ما يأتي أبطالها بالمعجزات.

ومن الثابت أن قصص الخيال تنمي عند الأطفال المعرفة بالكون والكائنات الطبيعية ومفرداتها، ومن ثم يتحول الأطفال بالتدريج إلى الاقتراب من الحقيقة، من خلال الانغماس بين صراع الخير والشر، كما أنها تجعل الأطفال أكثر وعياً بالعالم. أحمد (1329: ص 141).

4- القصص الفكاهية:
القصة الفكاهية من أحب القصص إلى نفوس الأطفال، حيث إنهم يحبون المرح والسرور، وعادةً ما يطلب الأطفال إعادتها لأنها تدخل السرور والمرح على نفوسهم.

وتكمن أهميتها لأطفالنا في ظل ما يواجهونه من ضغوطٍ في شتى جوانب الحياة، كما أنها تحبب الأطفال في القراءة وتجعلهم يقبلون عليها. إسماعيل (1429هـ: ص 155 ـ 156).

5- القصص التاريخية:
هي نوع من أنواع القصص تعتمد على الأحداث التاريخية والغزوات، فهي تعد تسجيلاً لحياة الإنسان وانفعالاته في إطارٍ تاريخي.

وتعتبر القصة التاريخية مهمة للطفل لأنها تعمل على تنمية الشعور بالانتماء والكرامة الوطنية وأيضاً تنمي روح البطولة والفخر عن طريق ما يقرؤونه من سير الأبطال العظام.

6- القصص الاجتماعية:
وهي مهمة للأطفال حيث أنهم يعيشون في مجتمع ما ويتعاملون ويتفاعلون مع هذا المجتمع، ومن الضروري أن يتعرفوا على هذا المجتمع وخصائصه ومظاهر الحياة فيه وأنواع الحرف والمهن وعاداته وتقاليده، فهي تتناول الأسرة والروابط الأسرية، والمناسبات المختلفة ومظاهر الحياة في البيئات المختلفة.

7- القصص الواقعية:
هذا النوع من القصص يناسب الأطفال في نهاية مرحلة الطفولة، لأن الأطفال يبدؤون في التحرر من خيالهم نتيجةً لزيادة وكثرة اتصالهم بالمجتمع، فيميلون إلى معرفة حقيقة الحياة المحيطة بهم والطبيعة والحيوانات والرحلات والعلوم المختلفة، ويجب أن تقدم هذه القصص بشيءٍ بسيطٍ من الخيال لتتناسب مع قدرتهم على التفكير والاستيعاب في هذه المرحلة العمرية.

أهداف القصة وأهمية قراءتها للطفل:
أ - أهداف القصة:
تتضمن القصة عدة أهداف نسعى إلى تحقيقها:
1- تنمية لغة الطفل سماعاً وتحدثاً، وقراءةً وكتابة.
2- تزويد الطفل بالمعلومات العامة والحقائق المختلفة.
3- غرس حب الوطن في نفوس الأطفال.
4- تنمية القيم الأخلاقية لديهم.
5- تنمية ثقتهم بأنفسهم عند أدائهم لأدوار القصة وسردها.
6- إدخال المتعة والسرور إلى نفوسهم.
7- تنمية حب القراءة لديهم.
8- تنمية قدرتهم على حل المشكلات والتفكير السليم.
9- التفريق بين الصواب والخطأ.

ب- أهمية القصة:
للقصة أهمية كبرى في حياة الطفل لما تحمله من قدرة على شد انتباه الطفل وجذبه، وتقود إلى إثارة العواطف والانفعالات لدى الطفل، إضافةً إلى إثــارتها للعمليات العقلية المعرفية كالإدراك والتخيل والتمييز.

ومن هنا يتضح أن أهمية القصة ليست ثقافية فحسب بل تشتمل كل حياة الطفل بجميع جوانبها.

وتكمن أهمية القصة في:
1- تعطي الطفل فرصة لتحويل الكلام المنقول إلى صور ذهنية خيالية، أي أنها تنمي خيال الطفل.
2- أنها خبرة مباشرة يتعلم الطفل من خلالها ما في الحياة من خير وشر وتمييز بين الصواب والخطأ.
3- تساعد في تقريب المفاهيم المجردة إلى ذهن الطفل من خلال الصور.
4- مصدر عام لتعلم القيم والعادات السليمة.
5- تنمي عند الطفل التذوق الفني وحب القراءة لديه وتزيد من الثروة اللغوية.
6- تساعد الطفل على النمو الاجتماعي.
7- لها دور ثقافي كبير في حياة الطفل.
8- تساعد في بناء شخصية الطفل.
9- تقدم الحلول للعديد من المشكلات التي تواجه الطفل في حياته اليومية.
10- الطفل يتفاعل مع القصة ويتوحد مع شخصياتها فمن خلال تفاعله يكتسب العديد من الخبرات والقيم والاتجاهات وتنمي الجوانب المختلفة لديه:
1- الجانب العقلي:
تعمل القصة على إكساب الطفل الكثير من المعلومات وتساعده في غرس القيم والمبادئ الخلقية السليمة التي تساهم في تربيته وتوجيهه.

إن النمو العقلي يخضع لمظاهر تطور العمليات العقلية المختلفة والتي تبدأ بالمستوى الحسي الحركي وتنتهي بالذكاء العام الذي يعتمد على نمو الجهاز العصبي وذلك من خلال:
أ- ازديـاد القدرة على التذكر والحفظ والانتباه والتخيل.
ب- توسيع الخيال والتخيل.
جـ- نمو الوظائف العقلية مثل الذكاء العام والإدراك والتذوق والابتكار.الحميد(1426: ص97).

2- الجانب الاجتماعي:
تحتوي القصة على اتجاهات اجتماعية، فهي تعمل على غرس القيم النبيلة عند الطفل وترسيخ القيم الفاضلة وحب الخير، فالقصة من خلال كلماتها ومضمونها تحتوي على أهداف اجتماعية تبرز للطفل القيم الحميدة وتشعره بالانتماء لمجتمعه، كما أنها تنمي العادات الإجتماعية السليمة من كرم وتعاون وحب وإيثار وتضحية وصدق ووفاء، وتكسبه مهارات التواصل مع الآخرين.

3- الجانب النفسي:
للقصة دور فعال وإيجابي في النمو الانفعالي للطفل، فمن خلالها ينفس الطفل عن مشاعره المكبوتة وانفعالاته الضارة، ويخفف من حدة القلق والتوتر، و بها يدخل السرور والبهجة على نفسه ويتعلم المشاركة الوجدانية.

كما أنها تنمي مشاعر العطف والحنان عند الطفل من خلال التعاطف مع الضعفاء في أحداث القصة والإحساس بمعاناتهم.

جـ- أهمية قراءة القصة للطفل:
تنبع أهمية القصة للطفل من أهداف القصة ومهمتها التربوية، وتعد قراءة القصة للطفل في سن مبكرة من العوامل المساعدة في النمو اللغوي للطفل وفي تكوين شخصيته والوصول بها إلى درجة من النمو والنضج، وتسمح للطفل أن يعيش حياته مستمتعاً بها ومتفاعلاً مع البيئة التي يعيش فيها بمدخلاتها المتعددة. أحمد (1429: ص 152).

وقد أشارت عدة دراسات إلى أن نقص خبرات القراءة المبكرة قد أدى إلى صعوبات في التعلم بصفة عامة وتعلم القراءة والكتابة بصفة خاصة بالنسبة لبعض الأطفال وقد ظهرت فروق كبيرة بين الأطفال الذين يقرأ لهم باستمرار قبل المدرسة والأطفال الذين لا يقرأ لهم، فأطفال المجموعة الأولى لا يحتاجون إلى شرح طويل للصور والنصوص وأقل عرضة للتشتت أثناء القراءة، أما أطفال المجموعة الثانية فهم أقل قدرة على فهم القصص وأكثر عرضة للتشتت أثناء القراءة، وهم يحتاجون للمساعدة كي يفهموا القصص الجديدة.

كما أن القراءة للطفل تنمي قدرته على الانتباه والتركيز وتدربه على حسن الإصغاء وتنمي لديه التذوق الفني والنقد البناء.

كما أنها تلعب دوراً هاماً في تنمية خيال الطفل وحل المشكلات والحوار والمناقشة بشكل هادف وبناء.

أيضاً القراءة للطفل تنمي لديه القدرة على الربط من خلال سماعه للكلام المقروء وربطه بالصورة المناسبة، كما أنها تعزز ثقته بنفسه من خلال لعبه لأدوار القصة بعد الانتهاء من سماعها فيبدأ فوراً بتمثيل ما سمعه ومعايشة أحداثها بكل واقعية.

د- الحاجات التي تنميها القصة:
1- حاجة الطفل إلى الحب:
يحتاج الطفل إلى أن يشعر بالحب من جميع المحيطين به سواءً كانوا أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو غيرهم، وذلك من خلال قراءة القصة للطفل فإنه يشعر بالحب والإهتمام.

2- الحاجة للنجاح:
وهي من الحاجات التي تشبعها القصة عند الطفل، فقد تتضمن بعض المواقف التي تصف نجاح الطفل في أداء الأعمال التي تسند إليه، أو تقوم القصة على بعض الأعمال التي يقوم بها الطفل ويحقق بها النجاح.

3- الحاجة إلى الإستقلال:
وذلك عندما تقوم القصة بقديم مواقف تشجع الطفل على الاستقلال و الاعتماد على النفس عند أداء الأعمال.

4- الحاجة إلى التقدير الإجتماعي:
عندما تقدم القصة مواقف تعبر عن احترام الآخرين للطفل وإعجابهم بتصرفاته.

أثر القصة ودورها في تنمية الطلاقة اللغوية عند الأطفال:
تعمل القصة على تنمية ثروة الطفل اللغوية، وتساعد على نموه اللغوي، بما تحتويه من مفردات جديدة وعبارات جيدة، قد يحفظ بعضها، كما أنها تقوٍم أسلوبه وتصحح ما لديه من أخطاء لغوية، وتؤدي إلى اتساع معجمه اللغوي وتقوي قدرته على التعبير والتحدث، فالقصة من أهم مصادر الحصول على المفردات وزيادتها فهي تعرض الطفل للكلمة مباشرة من خلال رؤيتها وسماعها ونطقها، كما أنها تصحح ما علق بذهنه من كلمات عامية وتجعله يبدلها بكلمات فصيحة تناسب حصيلته اللغوية، وكلما ازداد تعلق الطفل بالقصة وتمسكه بها كلما أصبح لديه رصيد لغوي أكبر، لأن القصة تعود الطفل على القراءة وتحببه بها فيصبح الطفل شغوفاً بالقراءة يقرأ كل ما يقع بين يديه.

إن لغة الطفل تنمو من خلال التقليد، فإنا إذا قدمنا للطفل النماذج الجيدة من القصص فسوف يقلدها في حياته اليومية وتزداد الحصيلة اللغوية للطفل من خلال كلمات القصة وعبارات اللغة العربية وتعويده النطق السليم.

والكتاب الذي يقرؤه الطفل مصدر هام من مصادر اللغة، بالإضافة إلى المعلومات والخبرات والمتعة، وهو عالم جديد بالنسبة له، فاللغة كما هو معلوم أداة أو وسيلة تعبير واتصال وإدراك لكثير من الأشياء لهذا نرى الطفل يلتقط الكلمات الجديدة ويرددها، لذلك نرى غالبية المربين والنفسيين يعتقدون أنه من الأفضل للطفل أن نقدم في القصة المطبوعة مزيداً من الألفاظ الجديدة تفوق مستواه الفعلي، حتى يستطيع أن يثري حصيلته اللغوية وينميها. الكيلاني (1411: ص 145).

لذلك فإنه من الضروري عند كتابة قصص الأطفال أن تراعي سهولة الألفاظ، وقربها من مستواه العقلي، وليس معنى أن تفوق مستواه العقلي أن تكون صعبة لا يفهمها الطفل ولا تثري حصيلته اللغوية فيصاب بالإحباط فيحجب عن قراءة القصة.

فالطفل في البداية يريد ألفاظاً تحمل دلالات محسوسة يراها أو يسمعها أو يلمسها، ويصعب عليه فهم الألفاظ المجردة، فالقصة تخرج الألفاظ من صفتها المجردة إلى صفتها المحسوسة فهي تجسد الألفاظ في صورة حكايات وأحداث يفهمها الطفل فتصبح محببة إلى نفسه فتنال إعجابه ويتفاعل معها ويضيفها إلى محصوله اللغوي، فالقصة هي الحياة في شكلها اللغوي، واللغة والألفاظ في وجودها الاجتماعي.

لذلك فالقصة نص يضج بالمعنى بالنسبة للطفل فهي كالغذاء له الذي يمده بالمفردات والجمل التي يضيفها إلى قاموسه اللغوي فتزداد حصيلته وتتطور لغته، وبالتالي يزداد تواصله مع الآخرين ويتفاعل مع البيئة المحيطة به تفاعلاً إيجابياً يستطيع من خلاله أن يوظف تلك الكلمات والألفاظ التي اكتسبها، فتزداد ثقته بنفسه ويكبر مفهومه لذاته من خلال فهم الآخرين له وتلبية حاجاته ورغباته.

إن الطفل الذي يصبح صديقاً للكتب والقصص منذ نعومة أظفاره ينمي معارفه ويصقل لغته ويبرع في القراءة الصحيحة ويتمكن من تنمية مهاراتها المختلفة، فيصبح بارعاً في اللغة، ومتحدثاً ومستمعاً جيداً، فالقصة تنمي مهارتي الاستماع والتحدث عند الطفل، فيستمع الطفل للقصة وينصت إليها بكل شغفٍ واهتمام محاولة منه لفهم مضمونها والتقاط الألفاظ التي يستحسنها ليضيفها إلى محصوله اللغوي، ثم يبدأ بتركيب هذه الألفاظ والكلمات ليستخدمها في تفاعله مع الآخرين وبذلك تكون القصة قد طورت الطفل من جوانب متعددة ومهمة في حياته فنمت لغته وزادت حصيلته وتطورت مهارتي الاستماع والتحدث لديه وأصبح شغوفاً بالقراءة.

إن ازدياد حصيلة الطفل من الثروة اللغوية، يتناسب طردياً مع تحصيله الثقافي والعلمي ومع خبرته وإنماء الثروة اللغوية لديه. الكيلاني (1461: ص 147 ــ 148).

ومن المعروف أن القصة لا يقتصر دورها على تنمية اللغة عند الطفل، بل تتعدى ذلك إلى أن يصبح عند الطفل طلاقة لغوية من خلال شغفه بالقراءة وإقباله عليها، فالقصة بألفاظها السهلة وكلماتها البسيطة ومضامينها الرائعة ومخاطبتها لعقل الطفل تجعله يقبل عليها بكل شغف ويعتقد أن كل مايقع بين يديه يشبه القصة فيقرؤه بحماس، فتنمو لغته وتتطور لديه مهارات الكتابة لأنه يريد أن يوظف هذه العبارات والكلمات التي اكتسبها فيصبح كاتباً بارعاً في المستقبل.

لذلك يجب علينا كمربيين أن نحسن اختيار مضمون القصة أولاً، ونتحرى اختيار الألفاظ التي تناسب عقل الطفل والمرحلة العمرية التي يمر بها فمضمون القصة واللغة التي صيغت بها سواءً كانت بالفصحى أم العامية تؤثر على لغة الطفل، فمن الواضح أن اللغة العربية الفصحى إذا تم استخدامها بكثرة في قصص الأطفال فإنها تؤدي إلى أثر طيب وواضح على لغة الأطفال في اكتسابهم للغة وفي تركيبهم للعبارات والجمل فيصبح الطفل أكثر دقة وإتقاناً لمهارات اللغة، بعكس اللغة العامية أو المحلية فإنها تنمي مهارة الاستماع أكثر من تنميتها لمهارة التحدث، وهي لا تثري محصوله اللغوي ولا تزيد من مفرداته بالقدر الكافي الذي يؤهله لتكون لديه طلاقة لغوية، فالطفل العربي يعيش في ازدواجية لغوية وهي الفصحى والعامية وتختلف الآراء في معالجة هذه النقطة، ولكن أغلب الباحثين يتفقون على استخدام لغة مبسطة تجمع بين الفصحى والعامية ولا تطغى العامية عليها وإدخال المأثور الشعبي والطرائف في النص، الهرفي (1417: ص 52).



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.72%)]