عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-12-2021, 06:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أساليب المعلم الأول صلى الله عليه وسلم

أساليب المعلم الأول صلى الله عليه وسلم


عائشة بنت عبدالرحمن الطويرش



يتفقّد غائبهم:


عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله، أنا أعلم لك علمه، فأتاه، فوجده جالسًا في بيته منكسًا رأسه، فقال له: ما شأنك؟ فقال: شر كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم فقد حبط عمله وهو من أهل النار، فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنه قال كذا وكذا، فقال موسى: فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال: "اذهب إليه، فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكنك من أهل الجنة"[22].
ينبغي للمعلم والقائد أن يتفقد من هم تحته من طلاب ونحوهم، وقد كان هذا دأب الأنبياء فقد تفقّد سليمان عليه السلام الطير، وتفقد النبي صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس رضي الله عنه، فهم تحت رعايته ومسؤوليته، وكذلك يظهر هذا اهتمام المعلم بتلاميذه، ويشعرهم بقربه منهم، وبحرصه عليهم.

يتواضع لهم:
عن عمرو بن مرة رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "اقرأ علي"، قلت: أأقرأ عليك وعليك أنزل، قال: "فإني أحب أن أسمعه من غيري"، فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، قال: "أمسك"، فإذا عيناه تذرفان[23].
إن من الأخلاق المحمودة في الإسلام خلق التواضع، وهو أَحمد إذا كان في المعلم، وقد اتصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق، فكان يسمع من الصحابة القرآن ولو أنه نزل عليه، وكان يجلس مع الفقراء، ويشرب بعد أهل الصفّة، فإذا تخلّق المعلم بخلق التواضع لم يجد الطلاب حرجًا في سؤاله ومناقشته وإخباره بما في نفوسهم، ألا ترى المعلم المتكبر المتجبر لا يستطيع أحد مناقشته أو سؤاله، فإن اتصف بالكِبر فلن يعرف إشكالات الطلاب والمصاعب التي تواجههم ومدى تحقق الأهداف التعليمية، فتحقيق الأهداف له ارتباط بالتواضع.

يعدل بينهم:
عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة من بني مخزوم سرقت، فقالوا: من يكلم فيها النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجترئ أحد أن يكلمه، فكلمه أسامة بن زيد رضي الله عنهما، فقال: "إن بني إسرائيل كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، لو كانت فاطمة لقطعت يدها"[24].
هذا دليل عظيم في عدل النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن ليمنعه من إقامة الحد لو أن السارق قريب له، فعلى المعلم والمربي تقوى الله والعدل بين من هم تحته، فيعدل بينهم في التكليف، وفي توزيع المهام، والمعاملة، والدرجات، وهذا يحتاج مجاهدة، فلا ينبغي للمعلم أن يكرم قريبه أو صديقه ويقرّبه ويعطيه ما لا يعطي غيره، بل هذا من الظلم، قال مجاهد: (المعلم إذا لم يعدل كتب من الظلمة)، بل إن وجود حضوة عند المعلم لأحد الطلبة ينشر العداوة والبغضاء بين الطلاب الآخرين، ولن يساعد في حسن تلقي الطلاب عن معلمهم.

يستشيرهم:
قال الله تعالى: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159] وقد شاور النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أحد في المقام والخروج فرأوا له الخروج فلما لبس لأمته وعزم، قالوا: أقم فلم يمل إليهم بعد العزم، وقال: لا ينبغي لنبي يلبس لأمته فيضعها حتى يحكم الله، وشاور عليًّا وأسامة فيما رمى به أهل الإفك عائشة فسمع منهما حتى نزل القرآن فجلد الرامين، ولم يلتفت إلى تنازعهم ولكن حكم بما أمره الله.
الأمر بالاستشارة كان من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، فمن باب أولى غيره من البشر، فينبغي للمعلم إن واجه إشكالًا أن يستشير تلاميذه، فربما وجد عندهم حلًا، وهذا ليس عيبًا في المعلم ولا يكون فيه منقصة له، بل يزيدهم حبًا له واحترامًا لتقديره لهم بسماع آرائهم، وخاصة فيما يتعلق بشؤونهم، فلا يحدد اختبارًا بشكل مفاجئ ويرفض تغييره، أو يوجب تكليفًا كثيرًا، فقد يكون فوق طاقتهم، فهذا لا يساعد في العملية التعليمية، وله أن يستشيرهم بالشيء شكلًا، وهو قد حدد القرار لكن حتى يضمن ارتياحهم في اتخاذه، وإن اعترضوا بين لهم مصلحته ومنفعته لهم حتى يوافقوا عن طيب نفس.

يسمح لهم بالحديث بحضرته:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر رضي الله عنه فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "دعهما"، فلما غفل غمزتهما فخرجتا[25].
قال ابن حجر معلقًا على هذا الحديث: "فيه أن التلميذ إذا رأى عند شيخه ما يستكره مثله بادر إلى إنكاره، ولا يكون في ذلك افتئات على شيخه، بل هو أدب منه ورعاية لحرمته وإجلال لمنصبه، وفيه فتوى التلميذ بحضرة شيخه بما يعرف من طريقته"[26]، فحديث الطالب بحضرة المعلم ومشاركته لا تقدح في المعلم، بل قد يكون لدى الطالب علم ما بلغ معلمه، أو غفل المعلم عنه فيذكّره به.

يكنّي عن الأمور التي يستحيا من ذكرها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه"[27].
في الحديث تكنية النبي صلى الله عليه وسلم عن دعوة المرأة إلى الفاحشة بقوله: "طلبته امرأة ذات منصب وجمال"، فعلى المعلم أن يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا، وللأسف يحتج بعض المعلمين بقولهم: "لا حياء في العلم"، ولكن هناك علم لا بد من معرفته، وهناك ما يقبح شرعًا ذكره مما يتعلق بالعورات وما شابهها.

الأساليب التعليمية
إن تنوع الأساليب التعليمية من المعلم يجعل قبول المتعلم للتعليم أكثر، وإقباله وحرصه عليه أشد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينوّع لأصحابه في الأساليب، فمن الأساليب التي استعملها:
القصة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا لله عز وجل أن يبتليهم فبعث إليهم ملكًا فأتى الأبرص، فقال: أي شيء أحب إليك؟..."[28].

ضرب المثل:
عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثة"[29].

الترغيب والترهيب:
الترغيب:عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"[30].
الترهيب:عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عذبت امرأة في هرة، سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض"[31].

الإشارة:
عن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بإصبعيه هكذا بالوسطى والتي تلي الإبهام: "بعثت والساعة كهاتين"[32].

الرسم:
عن عبد الله رضي الله عنه قال: خطّ النبي صلى الله عليه وسلمخطًّا مربعًا، وخط خطًا في الوسط خارجًا منه، وخطّ خططًا صغارًا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال: "هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به، أو قد أحاط به، وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا"[33].

التكرار:
عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثًا؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئًا، فقال: ألا وقول الزور"، قال: فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت"[34].

الاستفهام:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذ، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه ثم طرح في النار"[35].

المحاورة والإقناع العقلي:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، ولد لي غلام أسود، فقال: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: ما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم، قال: فأنى ذلك؟ قال: لعله نزعه عرق، قال: فلعل ابنك هذا نزعه"[36].

عدم التصريح بالأسماء:
عن أنس رضي الله عنه أن نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، فحمد الله وأثنى عليه، فقال: "ما بال أقوام قالوا: كذا وكذا لكني أصلي، وأنام، وأصوم، وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"[37].
وروى أبو داود في سننه: عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء، لم يقل: ما بال فلان يقول، ولكن يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا".

بيان البديل عن المنهي عنه:
عن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتم أصاب كل عبد في السماء أو بين السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو"[38].

يتكلم بتأني ووضوح:
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدِّث حديثًا لو عده العاد لأحصاه"[39]، وقالت: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم"[40].


الأساليب التربوية للنبي صلى الله عليه وسلم مع النساء
فَطَر الله المرأة على الضعف وقلة الحيلة، وكان أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم معهن خاصٌ بهن، لعلمه بما فطرن عليه، وكانت له أساليب تربوية معهن كغيرهن من الناس، ومن ذلك:
تخصيص وقت لتعليمهنّ:
عن أبي سعيد رضي الله عنه جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يومًا نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال: "اجْتَمعْنَ في يَوْم كَذَا وَكَذَا في مَكَان كَذَا وَكَذَا"، فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله، ثم قال: " مَا منْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا منْ وَلَدهَا ثَلَاثَةً إلَّا كَانَ لَهَا حجَابًا منْ النَّار "، فقالت امرأة منهن: يا رسول الله، أو اثنين؟ قال: فأعادتها مرتين ثم قال: " وَاثْنَيْن وَاثْنَيْن وَاثْنَيْن "[41].

من رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء أن جعل لهن وقتًا للتعليم ومكانًا يجتمعن فيه بعيدًا عن مخالطة الرجال، ولم يجعل جلَّ وقته للرجال، واجتماعه كان بشروطه المعروفة من عدم الخلوة، والخضوع بالقول، وكشف العورات، وينبغي للعالم أن يخصص وقتًا ومكانًا للنساء يتعلمن منه العلم لا يخالطن فيه الرجال إذا لم يكن لهنّ من يعلمهنّ من النساء.

الحديث معهنّ في حدود ما شرع الله:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: "لَا إنَّمَا ذَلك عرْقٌ وَلَيْسَ بالْحَيْضَة فَإذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعي الصَّلَاةَ وَإذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسلي عَنْك الدَّمَ وَصَلّي"[42].
في هذا الحديث دليل على استفتاء المرأة للرجال فيما يتعلق بالطهارة وأحداث النساء وجواز استماع صوتها عند الحاجة، وأما إن لم تكن هناك حاجة، فلا ينبغي للمرأة محادثة الرجال، وقد تحدث النبي صلى الله عليه وسلم مع فاطمة في حدود حاجتها وما شرع الله، فلا ينبغي للمعلم أن يطيل في حديثه مع النساء فيما لا حاجة منه، أو يضحك معهنّ، فقد نهى الله الصحابة عن الحديث مع أمهات المؤمنين إلا من وراء حجاب، وهم خير الناس، فكيف بمن بعدهم، فلا تؤمن الفتنة في هذه الأحاديث، حتى الدعوة قد تؤثر، فمما أذكر أن إحدى الطالبات كانت تدعو للشيخ إذا أجابها –أُنسيت ربما تقول:"جزاك الله خيرًا" أو ما شابه- وذات يوم انقطع الصوت عن بقية القاعة وعَلِمَ عدم سماع غيرها له، فنهاها أن تدعو، فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ولو كان شيخًا أو عالمًا.

التيسير عليهن:
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث يسيرًا قبل أن يقوم، قال ابن شهاب: فأرى -والله أعلم- أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم"[43].
من رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء أنه لم يعجل في قيامه من الصلاة حتى يتيسر للنساء الخروج من المسجد دون التعرض للرجال، فعلى المربي أن يتخذ الأساليب اليسيرة مع النساء التي لا تضطرهن للتعرض الرجال ومخالطتهم، كأن يطلب منهن طلبًا يكون متوفرًا عند الغالب منهنّ، فلا تضطر للخروج من المنزل، أو أن تكون السلعة غير مكلفة فتجاوز قدرتهن المالية.

مراعاة أعمارهن:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي"[44].
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم شديدًا مع عائشة رضي الله عنها، بل يراعيها في عمرها، فمن في سنها تحب اللعب، فعلى المعلم أن يراعي أعمار من هم تحته، فلا يؤاخذ الصغار بما يؤاخذ عليه الكبار، وكذلك يراعي بين كون الطلاب ذكورًا أو إناثًا.

الحث على الرفق بهن:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء"[45].
لم يخلق الله المرأة كالرجل، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفهن بأنهن ناقصات عقل ودين، فينبغي الرفق بهن، وعدم التشديد عليهن، فلا ينبغي للرجل أن يرى المرأة كما يرى نفسه، فقدراتها وعاطفتها تختلف، وليرفق بها.

يستمع إليهن:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه - في قصة صلح الحديبية- قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فانحروا، ثم احلقوا، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك اخرج، ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًا..."[46].

إن بعض الناس يرى أن استماع الرجل للمرأة واستشارته لها فيه منقصة له، وقد نشروا مقولة: "شاوروهن وخالفوهن"، وهذا لم يأمر الإسلامبه، وقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلًا في استشارة المرأة كما في هذا الحديث عندما سمع لأم سلمة رضي الله عنها، فمن النساء من هي حكيمة تشير بالقول الصحيح، فقد يبدو لمرأة رأي لا يبدو لرجل كما في الحديث.

ختامًا، هذا ما تيسر إيراده من أساليب للنبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان من صواب فمن الله، وإن كان من خطأ فمني والشيطان.

ونسأل الله أن ينفعنا وينفع بنا ويجعلنا للمتقين أئمةً، ويرزقنا الاقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله تعالى أعلم وأحكم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


[1] سورة الأعراف (158).

[2] سورة الأحزاب (21).

[3] رواه البخاري.

[4] رواه البخاري.

[5] رواه البخاري.

[6] فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني.

[7] رواه البخاري.

[8] رواه البخاري ومسلم.

[9] المرجع السابق، 324

[10] متفق عليه.

[11] رواه البخاري ومسلم.

[12] رواه مسلم.

[13] رواه مسلم.

[14] رواه البخاري ومسلم.

[15] متفق عليه.

[16] متفق عليه.

[17] المفهم لما أشكل من كتاب تلخيص مسلم، لأبي العباس القرطبي.

[18] رواه البخاري.

[19] رواه مسلم

[20] رواه البخاري.

[21] رواه البخاري.

[22] رواه البخاري ومسلم.

[23] رواه البخاري ومسلم.

[24] رواه البخاري ومسلم.

[25] رواه البخاري.

[26] فتح الباري شرح صحيح البخاري.

[27] رواه البخاري ومسلم.

[28] رواه البخاري ومسلم.

[29] متفق عليه.

[30] متفق عليه.

[31] متفق عليه.

[32] رواه البخاري ومسلم.

[33] رواه البخاري.

[34] رواه البخاري.

[35] رواه مسلم.

[36] رواه البخاري ومسلم.

[37] رواه البخاري ومسلم.

[38] رواه البخاري ومسلم.

[39] رواه البخاري.

[40] رواه البخاري ومسلم.

[41] رواه البخاري.

[42] رواه البخاري ومسلم

[43] رواه البخاري

[44] رواه البخاري ومسلم.

[45] رواه البخاري ومسلم.

[46] رواه البخاري.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.13 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.71%)]