عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 11-11-2011, 03:03 PM
راغبة في رضا الله راغبة في رضا الله غير متصل
مشرفة ملتقى طب الاسنان
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
مكان الإقامة: سوريا الجريحة
الجنس :
المشاركات: 4,393
الدولة : Syria
افتراضي رد: بين الحزن والسعادة قصص وحكايات..متجدد ان شاء الله

سألت أختاي اللتان كانتا تجلسان معها ماذا حدث؟؟
فقالتا كانت مثل وضعها منذ الصباح تتنفس بصعوبة وتبدو نائمة وفجأة هدأ النفس قليلاً وبدا أنها ارتاحت ثمّ أمالت رأسها كأنما نامت دونما ان تتغير معالم وجهها او تنازع او تتضايق او أي شيء..
في لحظة واحدة فارقت الحياة
كان ملك الموت موجوداً في الغرفة لا أحد يحس ويعلم به ولا أحد يستطيع انقاذها
قال تعالى:
(فَلَوْلَآ إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُوْمَ * وَأَنْتُمْ حِيْنَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لاَ تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَآ إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِيْنِيْنَ * تَرْجِعُونَهَآ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِيْنَ ) سورة الواقعة 83-87
ماتت أمي في الساعة السابعة ليلاً من ذلك اليوم وخلال ساعة امتلأ البيت بمئات الناس وللأسف عادة النساء السيئة هي الصراخ والعويل ولكني مع بعض أخواتي وقفنا لهم بالمرصاد وقلنا أرجوكم لاتصرخوا فوق رأس أمنا ولا تخيفوها ..
كانت النساء يدخلن .الكل يريد ان يراها ,ويقلن تبدو كأنها نائمة وليس عليها معالم الموت وأكثر من ساعتين وسمها لايزال دافئاً
كانت قبل وفاتها تتفس من فمها بسبب ضيق التنفس وبعد ان توفيت بقي فمها مفتوحا فحاولنا انا وأختي اغلاقه ولكن دون جدوى تعود لفتحه
تركناها على هذا الحال ووهها مغطى وبقينا انا وبعض أخواتي جانبها ندعو لها كثيراً مراراً وتكراراً بينما ذهبت اخواتي الأخريات مع النساء الى الغرفة المجاورة
وكنت كل فترة أذهب لأرى وجهها وكأنني أريد ان أشبع من رؤيتها وأريد أيضا ان أطمئن على حالها ,بعد فترة كشفت وجهها فبكيتُ مما رأيت
رأيتها قد أغلقت فمها وابتسمت ابتسامة خفيفة حتى ظهر سنها من بين شفتيها ففرحت وناديت أختي وقلت لها تعالي وانظري الى وجه أمي ثم نادت اختي اخواتي جميعاً
خلال ساعات قليلة جدا اجتمع كل اخوتي واخواتي حتى الذين يسكنون في مدن بعيدة والجميع كان يتحلى بالصبر رغم قسوة الموقف الا واحدة من اخواتي التي كانت تبكي كطفلة صغيرة رغم ان عمرها تجاوز الأربعين ,جلسنا طوال الليل ندعو لها والبعض يقرأ القرآن والجميع لايستطيع ان يغادر الغرفة وكل فترة يلقي احدنا نظرة عليها
عند الفجر كان موعد التغسيل .المرأة التي تغسل جميع النساء في مدينتنا كانت موجودة وهي قريبة لنا ولكنني كنت اراها تصرخ وتنعي في العزاء فخفتُ ان لاتقوم بلتغسيل وفق الطريقة الصحيحة حسب السنة ,فأسرعت وقرأت طريقة التغسيل الصحيحة وقررتُ الدخول معها ,وفعلاً نبهتها على بعض الأمور وكنت حاضرة معها كل الوقت مع أخت لي وبعض خالاتي رغم ان الموقف في منتهى الصعوبة ومنتهى الألم ورغم ان ترتيبي بين اخواتي السادسة فقط أخت واحدة أصغر مني ولكن كان علي أن اكون حاضرة لأنهم يقولون انني أكثرهم التزاما ولأنني كنت خائفة وحريصة على أمي وأريد ان يكون كل شيء على مايرام وبالشكل الصحيح الذي يرضي الله عز وجل
انتهى التغسيل على خير ومن ثم التكفين ووضعت أمي في الغرفة الكبيرة وانا صليت الفجر وعدتُ وجلست قربها بجانب رأسها أدعو لها وألقنها الأسئلة التي يمكن ان تُسأل بها في القبر ولا أعلم ان كانت تسمعني ولكنني كنتُ أدعو الله بكل رجاء والحاح ان يسمعها صوتي وبينما كانت النساء تبكين بصوت مرتفع كنت أقول يارب لاتسمعها الا صوتي وصوت من يدعو لها ويقرأ القرآن وكنتُ أقول
يا أم لاتخافي أنتِ بين يدي الرحمن وكنتُ أشرح لأخواتي منذ البداية أقول
الآن صعدت روح أمي للسماء ان شاء الله تقول الملائكة ما هذه الروح الزكية فيجيب البعض هذه روح فلانة بأحب أسمائها
الآن يكتب كتابها ان شاء الله يكون في عليين
وآخر شيء كنت أقول أمي سيأخذون أمي بعد قليل لعلها تقول قدموني قدموني
ادعوا لأمي بالتثبيت وأوصيت اخوتي الرجال ان يجلسوا قربها عند القبر قليلاً ويدعوا لها بالتثبيت
كانت لحظات عصيبة لم أنم كل الليل لحظة واحدة ولم أفارق امي لحظة الا حينما صليت
وجاءت اللحظة الأخيرة وأخذوا أمي حملوها ورحلوا ,طوال ال15 ساعة الماضية لم أكن أفكر الا في كيف يمكن ان افيد امي وماذا يمكن ان ادعو لها وكنت افكر فقط في الموقف الصعب الذي ستتعرض له وهو السؤال هذا ما كنت افكر فيه وهو خوفي وحرصي عليها فقط
ولكن في تلك اللحظة وحينما أخذوها شعرتُ بمرارة الموقف ولوعة الفراق المر
حاولت النهوض والسير فأغمي علي وسقطت ,اعتقد الجميع انه انخفاض في ضغط الدم فأنا اعاني منه طوال عمري وبعد ان صحوت أخذوا يلومونني ويقولون
طوال الوقت تكابرين وتحصرين في قلبك ,لو بكيت او صرخت لكان اهون على نفسك وفي الحقيقة انا كنت ابكي ولكن دموع العين فقط ,اما قلبي فكان يصرخ بشدة ويتألم بشدة
كيف لا وانا افارق اعز الناس
كيف لا وانا اتخيل الملائكة تقول لي:
ماتت من كانت نكرمكِ لأجلها
قاست لي الطبيبة ضغط الدم وكانت المفاجأة انه كان مرتفعاً كثيراً فوق المئتين وقالت لي انا اسمع نبض قلبكِ من مكاني ودون سماعة
في لحظة اختل توازني وأحسست رأسي يتفجر من الضغط وقلت
يالله تعب قليل لا أستطيع احتمال ,فكم تحملت امي وكم صبرت خلال مرضها الطويل
وفي الفترة الأخيرة كانت لاتستطيع الكلام يعني حتى لو أرادت ان تقول يؤلمني كذا لا تستطيع
وفي تلك اللحظات انتابني شعور غريب شعرتُ به للمرة الأولى في حياتي كان شعورٌ صعب لا أستطيع التعبير عنه ابدا ولكن مفاده ان الحياة الدنيا لاتساوي قشرة بصلة وان هذه الحياة وهمية وكأنها حلمٌ فقط سنستيقظ منه حينما نموت وحينها فقط ستبدأ حياتنا الحقيقية
لا اعلم كيف اصف لكم ذلك الشعور يا اخوان ولكن في اللحظة التي غبت فيها عن الوعي او نمت لا اعلم ولكن كأنني كنتُ في نفس موضع امي وكأنني جربت الموت وكنتُ هناك وحيدة لا أحد ينفعني ولا يحمل عني شيئاً فقط انا ليس لي الا الله
يالله
وكنت اقول يارب ارحمني واغفر لي
استيقظت بعدها ولم يكن قد مر على هذا الشعور الا ثوانٍ معدودة ولكن أقول لكم بكل صدق انه يعادل الحياة ومافيها وتذكرتُ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
(لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً)

نعم يا اخوتي
حق لي ولكم ان نخاف وان نراجع حساباتنا وان نتيقن ان الموت سيداهمنا فجأة ولا مفر منه ولامهرب وحينها تبدأ حياتنا الحقيقية التي سنحاسب فيها على كل ما نفعله الآن
( فَأمَّا إِنْ كَانَ مِنَ المُقَرَّبِيْنَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيْمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَان مِنْ أَصْحَابِ اليَمِيْنِ (90) فَسَلاَمٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمِيْنِ (91)وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ المُكَذِّبِيْنَ الضَآلِّيْنَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيْمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيْمٍ ( 94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ اليَقِيْنِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيْمِ (96) ) سورة الواقعة.
أعتذر عن عدم تشكيل الآيات لضيق الوقت
السلام عليكم ورحمة الله
يتبع ان شاء الله
__________________
اللهم فرج همي ..
وارزقني حسن الخاتمة..
إن انقضى الأجل فسامحونا ولاتنسونا من صالح دعائكم ..
& أم ماسة &

التعديل الأخير تم بواسطة الفراشة المتألقة ; 12-11-2011 الساعة 09:00 PM. سبب آخر: تعديل أخطاء الآيات و تشكيلها
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.21 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (3.16%)]